فصل: فصل في النذر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


فصل في النذر

‏(‏قوله‏:‏ وهو القعدة الأخيرة في الصلاة‏)‏ قال في المعراج في باب الاعتكاف قلنا بل من جنسه واجب لله تعالى وهو اللبث بعرفة يوم عرفة وهو الوقوف أو النذر بالمشي إنما يصح إذا كان من جنسه واجب لله تعالى أو مشتمل على الواجب وهذا كذلك؛ لأن الاعتكاف يشتمل على الصوم ومن جنس الصوم واجب فيكون النذر به مشتملا على اللبث والصوم ومن جنس الصوم واجب وإن لم يكن من جنس اللبث واجب فيصح النذر ثم ذكر عن جامع فخر الإسلام النذر بالاعتكاف صحيح وإن كان ليس لله تعالى من جنسه إيجاب؛ لأن الاعتكاف إنما شرع لدوام الصلاة؛ ولذلك صار قربة فصار التزامه بمنزلة الصلاة والصلاة عبادة مقصودة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وهذه مسألة‏)‏ أي مسألة النذر سواء كانت بصيغة صوم يوم النحر أو غيره

‏(‏قوله‏:‏ وقد عينه إلخ‏)‏ أي فيجب بالفطر كفارة اليمين لا القضاء لعدم التزامه والكفارة موجب الحنث في هذا المقام

‏(‏قوله‏:‏ نذرا ويمينا إلخ‏)‏ أي فيجب القضاء تحصيلا لما وجب بالالتزام وتجب الكفارة إن أفطر للحنث بترك الصيام ا هـ‏.‏ در منتقى

‏(‏قوله‏:‏ إنه أريد بلفظ اليمين لله‏)‏ فيه تقديم وتأخير والأصل أن يقال إنه أريد اليمين بلفظ لله‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ منقولة في الخلاصة وفتاوى قاضي خان إلخ‏)‏ حيث قال رجل قال لله علي صوم هذه السنة فإنه يفطر يوم الفطر ويوم النحر وأيام التشريق ويقضي تلك الأيام ولو قال لله علي صوم سنة ولم يعين يصوم سنة بالأهلة ويقضي خمسا وثلاثين يوما ولو قال لله علي أن أصوم هذا الشهر فعليه صوم بقية الشهر الذي هو فيه وكذا لو قال لله علي صوم هذه السنة يلزمه الصوم من حين حلف إلى أن تمضي السنة وليس عليه قضاء ما مضى قبل اليمين

‏(‏قوله‏:‏ وبهذا ظهر أن ما ذكره في فتح القدير إلخ‏)‏ قال في النهر هذا وهم إذ الذي يلزم بنيته سنة أولها ابتداء النذر على ما مر لا ما مضى منها والمحكوم عليه باللغو إلزام ما مضى وحينئذ فتشبيهه بصوم الأمس صحيح فتدبر

‏(‏قوله‏:‏ وكذلك لو قال لله علي أن أصوم يوم الاثنين سنة‏)‏ كذا في بعض النسخ وفي بعضها ولو قال بدون كذلك وبعد قوله سنة بياض والذي رأيته في الظهيرية ولو كهذه النسخة وبعد قوله سنة ما نصه وعن الكرخي أنه قال يصوم ثلاثين مثل ذلك اليوم ا هـ‏.‏ ورأيت في هامش البحر نسخة بخط بعضهم أنه راجع نسختين من الظهيرية فوجد فيهما ما ذكرنا والذي رأيته في الخانية بلفظ وكذا لو قال لله علي أن أصوم يوم الاثنين سنة كان عليه أن يصوم كل اثنين يمر به إلى سنة وعن الكرخي إلخ

‏(‏قوله ولو قال لله علي يوما‏)‏ أي أن أصوم يوما وقوله ويوما لا أي لا أصومه وقوله إلا أن ينوي الأبد أي فيلزمه صيام داود عليه السلام كما في التتارخانية

‏(‏قوله‏:‏ بنى بعد رمضان‏)‏ كذا في الظهيرية وفي نسخة الرملي يتابع بدل بنى فقال أي لا يعد رمضان قاطعا للتتابع كما أن الحيض لا يقطع التتابع فتتابع بعده فيلتحق بما قبله تأمل ا هـ‏.‏ ونسخة بنى أظهر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فتقدم حرمة القطع‏)‏ قال في النهر هذا يقتضي حرمة القطع بعد التقييد بالسجدة وليس كذلك ا هـ‏.‏ وقال الرملي قوله فتعارض محرمان إلخ قدم الشارح في شرحه قوله ومنع عن الصلاة إلخ أنه يجب قطعه وقضاؤه في غير مكروه في ظاهر الرواية ولو أتمه خرج عن عهدة ما لزمه بذلك الشروع وفي المبسوط القطع أفضل والأول هو مقتضى الدليل فقوله هنا ومع أحدهما وجوب فتقدم حرمة القطع يعني ارتكابا فيجب القطع كما هو ظاهر الرواية هذا ولقائل أن يقول في كل منهما وجوب فكما يجب الإتمام يجب القطع وكما يحرم الإتمام يحرم القطع وقد فهم صاحب النهر من قوله فتقدم حرمة القطع أنه يحرم القطع فلا يقطع وليس كذلك وهو غير متعين في الفهم بل يعيد مع قوله فلما قيدها بسجدة حرم عليه المضي وما فهمناه منه متعين واللفظ قابل له إذ معنى قوله فتقدم حرمة القطع يعني ارتكابا لوجوبه لا حقيقة حرمته على حرمة الإتمام تأمل‏.‏

باب الاعتكاف

‏(‏قوله‏:‏ وأما الطهارة من الجنابة فينبغي إلخ‏)‏ ذكر في النهر أنه ينبغي أن يكون اشتراط الطهارة فيه عن الحيض والنفاس على رواية اشتراط الصوم في نفله أما على عدمه فينبغي أن يكون من شرائط الحل فقط كالطهارة عن الجنابة قال ولم أر من تعرض لهذا ا هـ‏.‏ والحاصل أنه ينبغي أن تشترط للصحة الطهارة عن الحيض والنفاس في المنذور؛ لأن الصوم لا يكون معهما وكذلك في النفل على رواية اشتراط الصوم فيه وأما على عدمه فينبغي اشتراطها للحل لا للصحة كما لا تشترط الطهارة من الجنابة لشيء من المنذور وغيره كما في الإمداد أي للصحة أما للحل فينبغي اشتراطها كما ذكره المؤلف

‏(‏قوله‏:‏ كالصوم‏)‏ فيه أن الصوم شرط للصحة لا الحل وهذا في المنذور والنفل على رواية أما على ظاهر الرواية فليس بشرط أصلا وإن أراد أن الطهارة من الجنابة شرط لحل الصوم ففيه نظر تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأطلق عليها الاستحباب إلخ‏)‏ قال في النهر هو ظاهر في أن القدوري أطلق اسم الاستحباب على المؤكدة وغيرها؛ لأنها بمعناه لكن لا يخفى ما في إطلاق المستحب على المؤكدة من المؤاخذة فالأقرب أن يقال إنه اقتصر على نوع منه وهو غير المؤكدة وكلام المصنف لا غبار عليه لأن المشكك حقيقة في أفراده ا هـ‏.‏ وقد يقال ما جعله الأقرب هو مراد المؤلف بإرجاع ضمير عليها لأقرب مذكور وهو غير المؤكدة كما أفاده الشيخ إسماعيل

‏(‏قوله‏:‏ لتصريحهم بأن الصوم إنما هو شرط في المنذور‏)‏ قلت تصريحهم بذلك إنما هو بالنسبة إلى النفل يعني أنه ليس بشرط في النفل؛ لأنه المحتاج إلى البيان أما المسنون فلا يكون إلا بالصوم عادة فلا حاجة إلى التنبيه عليه وإمكان تصور عدم الصوم فيه لمرض أو سفر نادر جدا ويدل على ما قلنا أنه في متن الدرر قسم الاعتكاف إلى الأقسام الثلاثة ثم قال والصوم شرط لصحة الأول يعني الواجب لا الثالث يعني المستحب ولم يتعرض للثاني وهو المسنون بنفي ولا إثبات للعلم بأنه لا يكون بدون صوم عادة وسيأتي قريبا بيان اختلاف الرواية في وجوب الصوم في الاعتكاف النفل بناء على اختلاف الرواية في أنه مقدر بيوم أم لا ومقتضاه أن التقدير مستلزم لإيجاب الصوم فيه ولا يخفى أن اعتكاف العشر الأخير مقدر فيكون الصوم شرطا فيه فتأمل

‏(‏قوله‏:‏ ولو نوى اليوم معها لم يصح‏)‏ قال الرملي سيأتي الكلام على ذلك في شرح قوله وليلتان بنذر يومين فراجعه تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولا يخفى أن ما ادعاه أمر عقلي مسلم إلخ‏)‏ قال في النهر بعد ذكر كلام الفتح ولا يخفى أن هذا التجويز العقلي مما لا قائل به فيما نعلم فلا يصح حمل كلام محمد عليه ثم ذكر عبارة البدائع الآتية ثم قال وبهذا عرف أن ما في البحر أن الثقات مصرحون بأن ظاهر الرواية عدم اشتراطه فجاز أن يكون مستندهم صريحا آخر بل هو الظاهر من ضيق العطن ا هـ‏.‏ والعطن مربض الغنم حول الماء قال الشيخ إسماعيل وفيه بحث؛ لأن ما بسطه في البحر يحتاج إليه نظر الظاهر المبسوط الجازم بالاستنباط الذي لا يقوى كلام البدائع وحده على دفعه كما لا يخفى ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ منع المحقق مبني على استنباط عدم اشتراط الصوم من كلام الإمام محمد في الأصل فإنه قال واعلم أن المنقول من مستند إثبات هذه الرواية الظاهرة هو قول في الأصل إذا دخل المسجد إلخ ولا يخفى أن ما ذكره المحقق من التجويز العقلي وارد على هذا الاستدلال وليس مراده حمل كلام الأصل عليه حتى يرد ما أورده في النهر ولا منع أنهم مصرحون بأن ذلك ظاهر الرواية حتى يرد ما ذكره المؤلف بل هو يقول إن المنقول أن ما صرحوا به من أنه ظاهر الرواية مبني على ما مر فلا يمكن دفعه إلا بمنع أن المنقول ذلك ودعوى جواز أن يكون مستندهم صريحا آخر خارج عما البحث فيه وإن كان هو الظاهر فتدبر

‏(‏قوله‏:‏ وأطلق في المسجد إلخ‏)‏ كان الأولى ذكره قبل قوله وأقله نفلا ساعة وقوله فأفاد أن الاعتكاف إلخ قال في النهر فيه نظر ففي الخلاصة والخانية ويصح في كل مسجد له أذان وإقامة هو الصحيح وهذا هو مسجد الجماعة كما في العناية ونقل بعضهم أن صحته في كل مسجد‏.‏ قولهما وهذا الكتاب لم يوضع إلا لبيان أقوال الإمام نعم اختار الطحاوي قولهما ا هـ‏.‏ قال الرملي ما اختاره الطحاوي أيسر خصوصا في زماننا فينبغي أن يعول عليه والله تعالى أعلم

‏(‏قوله وظاهره أن المجاورة بمكة غير مكروهة إلخ‏)‏ قال في النهر لا يخفى أنه لا دلالة في الكلام على ما ادعى أما أولا فلأنه لا يلزم من الاعتكاف في غير أيام الموسم المجاورة بل قد يكون خاليا عنها فيمن كان حول مكة وأما ثانيا فلأنه لا يلزم أيضا من كراهة المجاورة كون اعتكافه في المسجد ليس أفضل ألا ترى إلى أن الصلوات ونحوها من المجاور أفضل من غيرها ا هـ‏.‏ واستظهره الشيخ إسماعيل‏.‏

‏(‏قوله وهو مكروه‏)‏ أي تنزيها كما هو ظاهر قوله قبله أفضل وهو ظاهر كلام البدائع الآتي أيضا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وركعتان تحية المسجد‏)‏ قال في الفتح صرحوا بأنه إذا شرع في الفريضة حين دخل المسجد أجزأه؛ لأن التحية تحصل بذلك فلا حاجة إلى غيرها في تحقيقها وكذا السنة فهذه الرواية وهي رواية الحسن إما ضعيفة أو مبنية على أن كون الوقت مما يسع فيه السنة وأداء الفرض بعد قطع المسافة مما يعرف تخمينا فقد يدخل قبل الزوال لعدم مطابقة ظنه ولا يمكنه أن يبدأ بالسنة فيبدأ بالتحية فينبغي أن يتحرى على هذا التقدير؛ لأنه قلما يصدق الحزر ا هـ‏.‏ وظاهر كلام المجتبى تضعيف هذه الرواية حيث قال ويصلي قبلها أربعا قيل وركعتان أيضا تحية المسجد وفي حاشية الرملي عن خط المقدسي لا شك أن صلاة تحية المسجد والسنة بالاستقلال أفضل من الإتيان بها في ضمن فرض يؤدى ولا يخفى أن من يعتكف ويلازم باب الكريم إنما يروم ما يوجب له مزيد التفضيل والتكريم

‏(‏قوله‏:‏ وقد ظهر بما ذكروه إلخ‏)‏ في هذا الظهور خفاء أما أولا فلأن التعدد للجمعة في مصر غير لازم فليكن ما ذكروه مبنيا على ما هو الأصل من عدم التعدد وأما ثانيا فلأنه لا يلزم أن يأتي بها في مسجد الجمعة بل له أن يأتي بها في معتكفه بل هو أولى وكون الصحيح من المذهب جواز تعدد الجمعة لا ينافي استحباب تلك الأربع بعدها لمراعاة الخلاف وقد قدمنا عن النهر وغيره التصريح باستحبابها وأنه مما لا شك فيه فراجعه في الجمعة وكون الأولى عدم الإفتاء بها في زماننا لما يلزم عليه من الضرر لا يلزم منه عدم الإتيان بها ممن لا يخشى منه ذلك كما مر مبسوطا عن المقدسي وغيره ثم رأيت العلامة المقدسي اعترضه في شرحه بوجهين أحدهما أنه ليس باب تلك الأربع المعقود لبيان أحكامها الثاني أن عدم ذكرهم بناء على وقوع الجمعة صحيحة مستجمعة لشرائطها بيقين كما هو الأصل إذا صليت والإتيان لأربع عند وقوع شك واحتمال ا هـ‏.‏ وهذا ما قدمناه أولا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإنه يكره له التوضؤ في المسجد ولو في إناء‏)‏ قال الرملي قدم الشارح في بحث الماء المستعمل نقلا عن قاضي خان أن الوضوء فيه في إناء جائز عندهم فراجعه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ودل تعليلهم إلخ‏)‏ قال في النهر مقتضى التعليل الأول الكراهة وإن لم يشغل وقوله وأفاد إطلاقه ظاهر في أن كلامه متناول لغير ما يأكله بناء على ما مر من إطلاق المبايعة وقد علمت أنها مقيدة بما لا بد منه وفي هذه الحالة يكره له إحضار السلعة فيه

‏(‏قوله‏:‏ والأولى تفسيره بما فيه ثواب‏)‏ قال في العناية ما ليس بمأثم فهو خير عند الحاجة إليه؛ لأن الخير عبارة عن المشي الحاصل لما من شأنه أن يكون حاصلا له إذا كان مؤثرا والتكلم بالمباح عند الحاجة إليه كذلك استظهره في النهر وقال إنه ليس بخير عند عدمها وهو محمل ما في الفتح أنه مكروه في المسجد يأكل الحسنات إلخ قال وبه اندفع ما في البحر ا هـ‏.‏ على أنه قد ذكر المؤلف قبيل الوتر عن الظهيرية تقييد الكراهة بأن يجلس لأجله وقال ينبغي تقييد ما في الفتح به وفي المعراج عن شرح الإرشاد لا بأس في الحديث في المسجد إذا كان قليلا فأما أن يقصد المسجد للحديث فيه فلا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏؛ لأن حرمة الوطء لم تثبت بصريح النهي‏)‏ تبع في ذلك الفتح وفيه نظر بالنسبة إلى الحيض فإنه صريح في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تقربوهن حتى يطهرن‏}‏ وفي النهر عن العناية أنه قصدي قال وفي الغاية وصريح النهي في الحيض كالاعتكاف فكان ينبغي أن تحرم الدواعي ا هـ‏.‏ فالأولى الاقتصار على ما بعده‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ كما قدمناه عن الظهيرية‏)‏ أي قبيل قوله وأقله نفلا ساعة قال الرملي تقدم قريبا أنه لو نوى اعتكاف يوم ونوى الليلة معه لزماه فما الفرق والظاهر أن الفرق وهو كون اليوم عرفا قد يستتبع الليلة لا عكسه والذي يظهر أن في المسألة اختلاف الرواية يدل عليه قول الذخيرة ولو نوى اعتكاف ليلة لا يلزمه شيء وإن نوى اليوم معها لا تصح نيته وعن أبي يوسف أنه يلزم ويصير تقدير المسألة كأنه قال لله تعالى علي أن أعتكف ليلة بيومها ا هـ‏.‏ قلت والظاهر أن الفرق غير ما قاله وهو أنه لو نذر اليوم وحده صح نذره بخلاف ما لو نذر الليلة وحدها فإنه لا يصح من أصله فلا يصح فيما يتبعها أيضا تدبر

‏(‏قوله‏:‏ ولا معارضة لما في الكتابين إلخ‏)‏ بيانه أنه في الأولى لما جعل اليوم تبعا لليلة وقد بطل نذره في المتبوع وهو الليلة بطل في التابع وهو اليوم وفي الثانية أطلق الليلة وأراد اليوم مجازا مرسلا بمرتين حيث استعمل المقيد وهو الليلة في مطلق الزمن ثم استعمل هذا المطلق في المقيد وهو اليوم فكان اليوم مقصودا قاله بعض الفضلاء

‏(‏قوله‏:‏ إلا في أيام الأضحى إلخ‏)‏ قال في الولوالجية من كتاب الحج عند ذكر رمي الجمار ولو ترك رمي جمرة العقبة حتى دخل الليل رماها في الليل ولا دم عليه؛ لأن الليل في باب المناسك تبع للنهار الذي تقدم ولهذا لو وقف بعرفة ليلة النحر قبل طلوع الفجر أجزأه ذلك

‏(‏قوله‏:‏ فليلة عرفة تابعة ليوم التروية‏)‏ وعليه فليوم التروية ليلتان واحدة قبله وواحدة بعده واليوم الثالث من أيام النحر لا ليلة له ولذا لو أخر طواف الركن إلى الغروب من اليوم الثالث وجب دم كما يأتي، تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ إلا إذا ذكر له عددا معينا‏)‏ مخالف لما في الخانية أيضا حيث قال ولو قال لله علي أن أعتكف يومين لزمه الاعتكاف بليلتهما يدخل المسجد قبل غروب الشمس ويمكث تلك الليلة ويومها والليلة الثانية ويومها ويخرج بعد غروب الشمس وكذا هذا في الأيام الكثيرة يدخل قبل غروب الشمس؛ لأن ليلة كل يوم تتقدم عليه ا هـ‏.‏ فكان عليه أن يقول إذا ذكر ما يدل على العدد وقد يقال إن قوله وكذا هذا في الأيام الكثيرة المراد به ما كان جمعا كثلاثة أيام مثلا لا لفظ أيام كثيرة، تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي الفتاوى الظهيرية ولو نذر اعتكاف شهر‏)‏ أي وهو صحيح كما في الولوالجية

‏(‏قوله‏:‏ لكنها تتقدم وتتأخر‏)‏ أي فيه

‏(‏قوله‏:‏ عتق إذا انسلخ الشهر‏)‏ قال الرملي لتحقق وجودها فيه

‏(‏قوله‏:‏ لم يعتق حتى ينسلخ رمضان إلخ‏)‏ قال الرملي لاحتمال أنها تقدمت قبل حلفه في هذا وتأخرت إلى آخر ليلة في ذاك فلا يتحقق الشرط إلا بانسلاخه

‏(‏قوله‏:‏ لأنها لا تتقدم ولا تتأخر‏)‏ قال الرملي يعني إن كانت هي الليلة الأولى فقد عتق بأول ليلة من القابل وإن كانت الثانية أو الثالثة أو الرابعة إلخ فقد وجدت في الماضي فتحقق وجودها قطعا بأول ليلة من القابل‏.‏

كتاب الحج

‏(‏قوله‏:‏ لما كان مركبا إلخ‏)‏ قال الرملي فيه نظر بل هو عبادة بدنية محضة والمال إنما هو شرط في وجوبه لا أنه جزء مفهومه وأخره عن الصوم؛ لأنه منع النفس شهواتها والحج قد يكون مشتهى لاشتماله على السفر وفيه تفريج الهموم ارجع إلى النهر

‏(‏قوله لا مطلق القصد إلخ‏)‏ قال في النهر هو لغة القصد كذا في غير كتاب من اللغة وقيده في الفتح بكونه إلى معظم لا مطلقه مستشهدا بقوله وأشهد من عوف حؤولا كثيرة يحجون سب الزبرقان المزعفرا أي يقصدونه معظمين إياه قال ابن السكيت هذا معناه الأصلي ثم تعورف استعماله في القصد إلى مكة للنسك تقول حججت البيت أحجه حجا فأنا حاج ا هـ‏.‏ قلت حيث أطلقه أهل اللغة فتقييده بما في الفتح لا بد له من نقل وما استشهد به من البيت لا يدل على أنه لا يستعمل في مطلق القصد؛ لأن غاية ما أفاد أنه استعمل في بعض مدلولاته، تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وبهذا التقرير ظهر أن الحج اسم إلخ‏)‏ هذا ما استظهره في الفتح في تعريفه عادلا عن تعريفهم إياه بالقصد الخاص لما سيأتي من البحث ولموافقته تعريف بقية العبادات لكن قال في النهر تخريج كلام المصنف عليه فيه بحث إذ بتقديره يكون قوله بفعل مخصوص حشوا إذ المراد به كما قالوا هو الطواف والوقوف على أن الجار والمجرور متعلق بزيارة وإذا فسرت بالفعل آل المعنى إلى أنه فعل بفعل وفساده لا يخفى ويمكن أن يقال المراد به الإحرام وبه يصير الثاني غير الأول وفسروا الزمان المخصوص بأشهر الحج وهو الذي ينبغي إذ الوقوف الذي هو أقوى أركانه مقيد به

‏(‏قوله‏:‏ على أنه في الشريعة‏)‏ أي حاملا له أي لكلام المصنف على أنه إلخ

‏(‏قوله‏:‏ وليوافق‏)‏ كأنه عطف على معنى ما تقدم أي قررت كلام المصنف بكذا لما مر وليوافق

‏(‏قوله‏:‏ فليكن الحج إلخ‏)‏ أقول‏:‏ قد يقال إن المشايخ ذكروا لفظ القصد الخاص وقالوا مع زيادة وصف؛ لأن الحج في اللغة القصد ولا بد في الغالب أن يكون المعنى اللغوي موجودا في المعاني الاصطلاحية، والاصطلاحي أخص؛ فلذا ذكروا اللفظ اللغوي وقيدوه بالشروط الشرعية ليكون أخص وليس غيره من العبادات المذكورة مأخوذا في معناه النية أو القصد ولذا عرفوا التيمم بأنه القصد إلى صعيد مطهر فتأمل

‏(‏قوله‏:‏ ويشكل عليه ما قالوا إلخ‏)‏ يمكن الجواب بأن الموت من قبل من له الحق وقد أتى بوسعه من ركن أو ركنين إن عد الإحرام ركنا وقد ورد «الحج عرفة» بخلاف من رجع كذا في شرح المقدسي

‏(‏قوله‏:‏ وشرائطه ثلاثة إلخ‏)‏ زاد العلامة السندي تلميذ العلامة ابن الهمام في منسكه المتوسط المسمى لباب المناسك قسما رابعا وهو شرائط وقوع الحج عن الفرض وهي تسعة الإسلام وبقاؤه إلى الموت والعقل والحرية والبلوغ والأداء بنفسه إن قدر وعدم نية النفل وعدم الإفساد وعدم النية عن الغير فلا يقع حج الكافر عن الفرض ولا عن النفل إذا أسلم ولا المسلم إذا ارتد بعد الحج وإن تاب ولا المجنون والصبي والعبد وإن أفاق وبلغ وعتق بعده ولا بأداء الغير قبل العذر ولا بنية النفل أو عن الغير أو مع الفساد فهؤلاء لو حجوا ولو بعد الاستطاعة لا يسقط عنهم الفرض ويجب عليهم ثانيا إذا استطاعوا ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والوقت‏)‏ قال الرملي سيذكره أيضا في شرائط الصحة ولا شك أن من لم يدرك وقت الحج لم يجب عليه وأنه لا يصح إلا في وقته المخصوص فكان شرطا للوجوب وشرطا للصحة تأمل ا هـ‏.‏ وفي لباب المناسك السابع الوقت وهو أشهر الحج أو وقت خروج أهل بلده إن كانوا يخرجون قبلها فلا يجب إلا على القادر فيها أو في وقت خروجهم فإن ملكه أي المال قبل الوقت فله صرفه حيث شاء ولا حج عليه وإن ملكه فيه فليس له صرفه إلى غير الحج فلو صرفه لم يسقط الوجوب عنه ولو أسلم كافر وبلغ صبي أو أفاق مجنون أو عتق عبد قبل الوقت فخافوا الموت وهم موسرون قيل ليس عليهم الإيصاء بالحج وقيل يجب فإن أوصوا به فعلى الأول لا يصح وصح على الثاني والخلاف مبني على أن الوقت شرط الوجوب أو الأداء قولان ا هـ‏.‏ قال شارحه منلا علي هما روايتان عن أبي حنيفة وأبي يوسف وزفر ورجح ابن الهمام القول بأنه شرط الوجوب ونسب صاحب المجمع صحة الإيصاء إلى الإمام وصاحبه وخلافها إلى زفر معللا بأنهم كانوا أهل الوجوب وقت الوصية فيصح إيصاؤهم بأن يحج عنهم في وقته لعجزهم عنه ويؤيده ما في الخانية لو بلغ الصبي فحضره الوفاة وأوصى بأن يحج عنه حجة الإسلام جازت وصيته عندنا ويحج فجعل المذهب الجواز وهو لا ينافي جعل الوقت من شرائط الوجوب على المشهور المرجح خلاف ما فهم المصنف ويبني عليه صحة الإيصاء وعدمها ا هـ‏.‏ قلت فعلى هذا فثمرة الخلاف في أن الوقت شرط للوجوب أو للأداء لا تظهر في صحة الوصية وعدمها وإنما تظهر في وجوب الإيصاء أو الإحجاج عنه وعدم ذلك فلا يجب على المشهور ويجب على خلافه، تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقد يقال كذلك العقل والبلوغ‏)‏ أي أنهما شرطان لكل عبادة

‏(‏قوله‏:‏ وخروج الزوج والمحرم معها‏)‏ قال الرملي وفي البدائع والأصح أنه أي المحرم شرط الوجوب ا هـ‏.‏ فقد اختلف التصحيح كما ترى

‏(‏قوله‏:‏ لاستلزامه النية وغيرها‏)‏؛ لأن الإحرام هو النية والتلبية أو ما يقوم مقامها أي من الذكر أو تقليد البدنة مع السوق كما في اللباب وشرحه للقاري‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والحلق أو التقصير‏)‏ فيه أن أحد هذين شرط للخروج من الإحرام وأجيب بأن له اعتبارات فاعتبار شرطيته بصحته بعد طلوع الفجر في الحج وبعد أكثر الطواف في العمرة واعتبار وجوبه كونه بعد الرمي في الحج وبعد السعي في العمرة واعتبار جوازه كون وقته طول العمر كما أفاده في شرح اللباب أقول‏:‏ فعلى هذا فقول المؤلف الآتي والترتيب بين الرمي والحلق ليس واجبا آخر؛ لأنه المراد من قوله هنا والحلق أو التقصير، تأمل‏.‏

‏(‏قوله أنه دفع إليه مطالعة‏)‏ الذي في النهر بطاقة وهي الرقعة الصغيرة المربوطة بالثوب التي فيها رقم ثمنه كما في القاموس والمراد بها هنا المكتوب

‏(‏قوله‏:‏ وفي إجارة الخلاصة إلخ‏)‏ قال الرملي نقله فيها عن الفتاوى الصغرى وأقول‏:‏ لعمري هذا إجحاف على الحمار وإنصاف في حق الجمل فتأمل وذكر في الجوهرة أن المن ستة وعشرون أوقية والأوقية سبعة مثاقيل وهي عشرة دراهم والمائتان وأربعون منا هي الوسق فيكون حمل الجمل وسقا وهو بالأرطال الرملية تسعة وستون رطلا وثلث رطل وهو قنطار دمشقي تقريبا على أن الرطل الرملي تسعمائة درهم ويلائم تفسير الوسق بحمل البعير مائتان وأربعون منا ولا يلائم التفسير بغيره تأمل

‏(‏قوله‏:‏ وإلا وشارك فالاستحلال من الشركاء مخلص‏)‏ كذا في بعض النسخ وفي بعضها وإلا فلا يشارك وفي بعضها وإلا لا ولو شارك فالاستحلال مخلص وهي أحسن

‏(‏قوله‏:‏ خوفا مما ذكرنا‏)‏ من الرياء والسمعة والفخر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وهو البيت كذلك‏)‏ أي لا يتعدد

‏(‏قوله ارتفع الإثم اتفاقا‏)‏ كذا في التبيين وقال نوح أفندي الظاهر أن مراده بالإثم إثم تفويت الحج لا إثم تأخيره فإنه لا يرتفع عند أبي يوسف كما مر ويدل عليه قوله ولو مات ولم يحج أثم بالإجماع أي إثم تفويته؛ لأنه بتأخيره عرضه على الفوات ا هـ‏.‏ وفيما استدل به نظر يدل عليه بحث المؤلف في كلام الزيلعي ونقل الأقوال الثلاثة وما ذاك إلا في التأخير إذ لا شك في إثم تارك فرض قطعي وإلا لم يكن فرضا ولا واجبا فالمراد في الموضعين إثم التأخير يدل عليه ما قال في الفتح ثم على ما أورده المصنف يأثم بالتأخير عن أول سني الإمكان فلو حج بعده ارتفع الإثم ا هـ‏.‏ وفي القهستاني فيأثم عند الشيخين بالتأخير إلى غيره بلا عذر إلا إذا أدى ولو في آخر عمره فإنه رافع للإثم بلا خلاف وحينئذ فهو مخالف لما نقله عن صدر الشريعة من عدم ارتفاع الإثم عند الثاني

‏(‏قوله‏:‏ فقيل يأثم مطلقا‏)‏ قال في النهر لم أر عن محمد القول بالإثم مطلقا إذ بتقديره يرتفع الخلاف فالظاهر أن هذا سهو نعم المنقول عنه كما في الفتح أنه على التراخي فلا يأثم إذا حج قبل موته فإذا مات بعد الإمكان ولم يحج ظهر أنه أثم ونقل القولين الآخرين ثم قال وصحة الأول غنية عن الوجه وعلى اعتباره قيل يظهر الإثم من السنة الأولى وقيل من الأخيرة من سنة رأى في نفسه الضعف وقيل يأثم في الجملة غير محكوم بمعين بل علمه إلى الله تعالى ا هـ‏.‏ ولا يخفى عليك ما فيه فإن ما ادعى عدم رؤيته نقله بيده وتلفظه بفيه وهو قول الفتح فإذا مات بعد الإمكان ولم يحج ظهر أنه أثم وهو معنى قول المؤلف يأثم مطلقا أي سواء فجأه الموت أو لا وقوله إذ بتقديره يرتفع الخلاف ممنوع فإنه على قول الإمامين يأثم بالتأخير عن أول سني الإمكان كما مر وعلى قول محمد يظهر بالموت إثمه وكلام المؤلف فيما إذا مات فالفرق واضح تدبر

‏(‏قوله‏:‏ فقالوا حج النفل أفضل من الصدقة‏)‏ قال الرملي قال المرحوم الشيخ عبد الرحمن العمادي مفتي الشام في مناسكه وإذا حج حجة الإسلام فصدقة التطوع بعد ذلك أفضل من حج التطوع عند محمد والحج أفضل عند أبي يوسف وكان أبو حنيفة رحمه الله يقول بقول محمد فلما حج ورأى ما فيه من أنواع المشقات الموجبة لتضاعف الحسنات رجع إلى قول أبي يوسف ا هـ‏.‏ قلت قد يقال إن صدقة التطوع في زماننا أفضل لما يلزم الحاج غالبا من ارتكاب المحظورات ومشاهدته لفواحش المنكرات وشح عامة الناس بالصدقات وتركهم الفقراء والأيتام في حسرات ولا سيما في أيام الغلاء وضيق الأوقات وبتعدي النفع تتضاعف الحسنات ثم رأيت في متفرقات اللباب الجزم بأن الصدقة أفضل منه وقال شارحه القاري أي على ما هو المختار كما في التجنيس ومنية المفتي وغيرهما ولعل تلك الصدقة محمولة على إعطاء الفقير الموصوف بغاية الفاقة أو في حال المجاعة وإلا فالحج مشتمل على النفقة بل وزاد إن الدرهم الذي ينفق في الحج بسبعمائة إلخ قلت قد يقال ما ورد محمول على الحج الفرض على أنه لا مانع من كون الصدقة للمحتاج أعظم أجرا من سبعمائة

‏(‏قوله‏:‏ ولا يخفى إلخ‏)‏ قال منلا علي في شرح المنسك المتوسط نعم قد يفرض لعارض كنذر أو قضاء بعد فساد أو إحصار أو الشروع فيه بمباشرة إحرام إلخ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فلا حج على عبد إلخ‏)‏ أي لا يجب عليه لكنه يصح منه ويقع نفلا

‏(‏قوله‏:‏ ولا على صبي إلخ‏)‏ أي لا يجب عليه أيضا فلو حج وهو مميز بنفسه أو غير مميز بإحرام وليه فهو نفل وأما غير العاقل فاختلف فيه ففي البدائع ولا يجوز أداء الحج من المجنون والصبي الذي لا يعقل كما لا يجب عليهما وقال ابن أمير حاج قال مشايخنا وغيرهم بصحة حج الصبي ولو كان غير مميز وكذا بصحة حج المجنون ا هـ‏.‏ وينبغي الجمع بينهما بحمل الأول على مجنون ليس له قابلية النية في الإحرام كالصبي الذي لا يعقل والثاني على الذي له بعض الإدراكات الشرعية وعلى صحة حج الصبي الغير المميز إذا ناب عنه وليه في النية كذا في شرح لباب المناسك لمنلا علي القاري أقول‏:‏ المتعين حمل ما في البدائع على أداء المجنون والصبي بنفسهما بلا ولي وحمل ما نقله ابن أمير حاج على ما إذا أحرم عنهما وليهما فإن المجنون كالصبي في ذلك كما سنذكره قريبا عن الذخيرة والولوالجية وغيرهما

‏(‏قوله والمراد بالصحة صحة الجوارح‏)‏ قال في النهر قال بعض المتأخرين يرد عليه المريض إذا كان صحيح الجوارح فإنه لا يجب عليه الحج أيضا ومن ثم فسرها بعضهم بصحة البدن ويرد عليه أن الأعمى كذلك بدليل أن تصرفه ينفذ من كل المال مع أنه لا يجب عليه الحج فالأولى أن يفسر بسلامة البدن من الآفات المانعة عن القيام بما لا بد منه في السفر

‏(‏قوله‏:‏ فلا يجب أداء الحج على مقعد إلخ‏)‏ الأصوب أن يقول فلا يجب الحج إلخ ويسقط لفظة أداء ليوافق قوله بعده لا يجب عليهم الحج بأنفسهم ولا الإحجاج عنهم؛ لأن هذا بناء على أن الصحة من شرائط الوجوب فينافيه التعبير بالأداء، تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولا مقطوع الرجلين‏)‏ الظاهر أن مقطوع الرجل الواحدة ومقطوع اليدين كذلك لظهور الحرج عليهما إن وقع التكليف للحج بأنفسهما ثم رأيت الكرماني نص على مقطوع اليدين أيضا فمقطوع الرجل الواحدة بالأولى كذا في شرح اللباب لمنلا علي القاري

‏(‏قوله‏:‏ والمحبوس‏)‏ قال العلامة منلا علي القاري في شرحه على لباب المناسك نقل عن شمس الإسلام أن السلطان ومن بمعناه من الأمراء ذوي الشأن ملحق بالمحبوس في هذا الحكم فيجب الحج في ماله يعني إذا كان له مال غير مستغرق لحقوق الناس في ذمته دون نفسه؛ لأنه متى خرج من مملكته تخرب البلاد وتقع الفتنة بين العباد وربما يقتل في تلك الحالة وربما لا يمكنه ملك آخر من الدخول في حد مملكته فتقع فتنة عظيمة تفضي إلى مضرة بليغة لعامة المسلمين في أمر الدنيا والدين ا هـ‏.‏ والظاهر أن هذا بالنسبة إلى من تكون سلطنته ثابتة بالشرائط الشرعية وإلا فيجب عليه خلع نفسه وإقامة من يستحق الخلافة مقامه في أمره إن لم يتفرع عليه فساد عسكره ا هـ‏.‏ مما في شرح اللباب

‏(‏قوله‏:‏ وظاهر ما في التحفة اختياره‏)‏ قال الرملي تقدم في تعداد الشرائط أن من شرائط الوجوب الصحة على الأصح تأمل ا هـ‏.‏ وذكر منلا علي في شرح اللباب أنه مشى عليه في النهاية وأنه قال في البحر العميق هو المذهب الصحيح وأن الثاني صححه قاضي خان في شرح الجامع واختاره كثير من المشايخ ومنهم ابن همام ا هـ‏.‏ فقد اختلف الترجيح

‏(‏قوله‏:‏ كالفقير إذا حج‏)‏ أي فإنه يسقط عنه الفرض حتى لو استغنى لا يجب عليه أن يحج قال في فتح القدير وهو معلل بأمرين الأول أن عدمه عليه ليس لعدم الأهلية كالعبد بل للترفيه ودفع الحرج عنه فإذا تحمله وجب ثم يسقط كالمسافر إذا صام رمضان والثاني أن الفقير إذا وصل إلى المواقيت صار حكمه حكم أهل مكة فيجب عليه وإن لم يقدر على الراحلة ا هـ‏.‏ وتمامه فيه

‏(‏قوله‏:‏ والفقير لا يتأتى فيه ذلك‏)‏ أي؛ لأنه لو كان له مال يوصي به لوجب عليه الأداء بنفسه؛ لأنه واجد للزاد والراحلة وفيه نظر؛ لأنه قد يحدث له ملك ذلك في وقت لا يمكنه فيه الخروج والمعتبر ملكه ذلك وقت الإمكان كما يأتي ولأنه قد يكون له ما يحتاج إليه من مسكن وخادم فيمكنه الإيصاء من ثمنه؛ لأنه يستغنى عنه بعد موته وعلى جعل القدرة المذكورة شرط وجوب لا شرط وجوب الأداء لا يلزمه شيء من ذلك لعدم أصل الوجوب عليه بخلاف ما إذا جعلت شرط وجوب الأداء؛ لأنه يتأتى فيه لزوم الإيصاء مما ذكرنا فقد ظهر الفرق بينهما، تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأطلق في الزاد إلخ‏)‏ قال ابن العمادي في منسكه وهاهنا فائدة ينبغي للعامة التنبه لها وهي أن عدم القدرة على ما جرت به العادة المحدثة لكثير من أهل الثروة برسم الهدية للأقارب والأصحاب ليس بعذر مرخص لتأخير الحج فإن هذا ليس من الحوائج الشرعية فمن امتنع من الحج بمجرد ذلك حتى مات فقد مات عاصيا فالحذر من ذلك ا هـ قال بعض الفضلاء ونحوه لابن أمير حاج ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والناس متفاوتون في ذلك‏)‏ قال في الفتح فليس كل من قدر على ما تيسر من خبز وجبن دون لحم قادرا على الزاد بل ربما يهلك بمداومته ثلاث أيام مرضا إذا كان مترفها معتاد اللحم والأطعمة المترفهة

‏(‏قوله‏:‏ لو قدر على غير الراحلة إلخ‏)‏ قال العلامة الشيخ رحمه الله السندي تلميذ المحقق ابن الهمام في منسكه الكبير واعلم أن مراد الفقهاء من الراحلة المركب من الإبل ذكرا كان أو أنثى كما قاله الجوهري ثم هل هو شرط بخصوصه أو غيره من الدواب داخل في حكمه لم أر تعرض الأصحاب لذلك وتعرض له بعض العلماء من الشافعية فقال المحب الطبري وفي معنى الراحلة كل حمولة اعتيد الحمل عليها في طريقه أي الحج من برذون أو بغل أو حمار وقال الأذرعي منهم هو صحيح فيمن بينه وبين مكة مراحل يسيرة جرت العادة بالسفر عليها في مثل تلك المسافة دون المراحل البعيدة كأهل المشرق والمغرب مثلا؛ لأن غير الإبل لا يقوى على قطع المسافات الشاسعة غالبا ا هـ‏.‏ وهو تفصيل حسن جدا ولم أر في كلام أصحابنا ما يخالفه بل ينبغي أن يكون هذا التفصيل مرادهم ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولم أره صريحا‏)‏ قال الشيخ إسماعيل قد رأيت ولله تعالى الحمد في المجتبى برمز شرح الصباغي ما هو صريح فيه ولفظه ولو ملك كراء حمار أو كراء بعير عقبة فهو عاجز عن الراحلة ا هـ‏.‏ لكن في ذخيرة العقبي والراحلة قيل الناقة التي تصلح لأن ترحل والمراد هاهنا المركب مطلقا ا هـ‏.‏ وقال الرملي الفقه يقتضي الوجوب في البغل والحمار والفرس إذ هو منوط بالاستطاعة وهي أعم واشتراط ذكر الإبل أو أنثاه لا دليل عليه تأمل ا هـ‏.‏ وينبغي التفصيل كما بحثه السندي في منسكه الكبير وهو الوجوب عند قرب المسافة بخلاف المشرقي والمغربي

‏(‏قوله‏:‏ ويعتبر في حق كل إنسان ما يبلغه إلخ‏)‏ قال منلا علي القاري في شرحه على لباب المناسك فهو إما بركوب زاملة أو شق محمل، وأما المحفة فمن مبتدعات المترفهة فليس لها عبرة ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ الظاهر أن المراد بالمحفة التخت المعروف في زماننا الذي يحمل على جملين أو بغلين لا المحارة؛ لأنها شق المحمل كما فسره المؤلف، تأمل‏.‏ ثم رأيت بعض الفضلاء نقل عن الشيخ عبد الله العفيف في شرح منسكه أنه اعترض كلام منلا علي فقال لا يخفى منابذته لما قرروه من أنه يعتبر في حق كل ما يليق بحاله عادة وعرفا إذ كثير من المترفهين لا يقدر على الركوب إلا في المحفة لا سيما عند بعد المسافة فمن كان كذلك ينبغي أن يعتبر في حقه بلا ارتياب وأما لو قدر على غيرها من محمل أو رأس زاملة فلا يعذر ولو كان شريفا أو وجيها أو ذا ثروة ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ على رأس زاملة‏)‏ قال في السراج الزاملة البعير يحمل عليه المسافر متاعه وطعامه

‏(‏قوله ولم أره لأئمتنا‏)‏ قال الرملي بل قواعدنا موافقة لهم وأنت عالم بأن من لم يجد معادلا غير قادر وما ذكره من وضع زاده وقربته إلخ فاسد إذ المسألة مصورة فيمن يقدر على الشق فقط وحيث قدر على المحمل فلا كلام في الوجوب، تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ومن حولها كأهلها‏)‏ قال في المنسك المتوسط المسمى لباب المناسك ومن كان داخل المواقيت فهو كالمكي في عدم اشتراط الراحلة وقيل بل من كان دون مدة السفر فمن كان من مكة على ثلاثة أيام فصاعدا فهو كالآفاقي في حق الراحلة وهو اختيار جماعة ا هـ‏.‏ وقوى الثاني شارحه منلا علي القاري

‏(‏قوله‏:‏ وفي قوله وما لا بد منه إشارة إلخ‏)‏ وجه الإشارة أن المراد به كما في الفتح غير المسكن كفرسه وسلاحه وثيابه وعبد خدمته وآلات حرفته وقضاء ديونه، والمسكن مثلها؛ لأن الجميع من الحوائج الأصلية فاشتراط الحاجة في غير المسكن يشير إلى اشتراطها فيه أيضا وجعل في النهر الإشارة من العدول عن التعبير بالدار إلى المسكن وما فعله المؤلف أحسن لئلا يرد عليه ما إذا كان ساكنا فيه ويستغني عنه بسكناه في غيره أيضا

‏(‏قوله‏:‏ بخلاف ما إذا كان سكنه‏)‏ الضمير في كان يعود إلى الدار على تأويل المسكن أو المكان أي بخلاف ما إذا كان سكنا له وهو كبير إلخ فقوله سكنه بالحركات الثلاث خبر كان وهو اسم بمعنى المسكن لا فعل وقوله وهو كبير جملة حالية

‏(‏قوله ولو لم يكن له مسكن إلخ‏)‏ هذا محمول على ما قبل حضور الوقت الذي يخرج فيه أهل بلده فلو حضر تعين أداء النسك عليه فليس له أن يدفعه عنه إليه كما ذكره منلا علي القاري في شرحه على لباب المناسك وصرح به في اللباب حيث قال ومن له مال يبلغه ولا مسكن له ولا خادم فليس له صرفه إليه إن حضر الوقت بخلاف من له مسكن يسكنه لا يلزمه بيعه قال منلا علي في شرحه والفرق بينهما ما في البدائع وغيره عن أبي يوسف أنه قال إذا لم يكن له مسكن ولا خادم وله مال يكفيه لقوت عياله من وقت ذهابه إلى حين إيابه وعنده دراهم تبلغه إلى الحج لا ينبغي أن يجعل ذلك في غير الحج فإن فعل أثم؛ لأنه مستطيع بملك الدراهم فلا يعذر في الترك ولا يتضرر بترك شراء المسكن والخادم بخلاف بيع المسكن والخادم فإنه يتضرر ببيعهما ا هـ‏.‏ على أنه قال بعض الفضلاء إن عبارة الخلاصة خلاف ما نقله المؤلف عنها ونص عبارتها ناقلا عن التجريد إن كان له دار لا يسكنها وعبد لا يستخدمه فعليه أن يبيعه ويحج به وإن لم يكن له مسكن ولا شيء من ذلك وعنده دراهم يبلغ بها الحج ويبلغ ثمن مسكن وخادم وطعام وثوب فعليه الحج وإن جعلها في غير الحج أثم ا هـ‏.‏ فتعين ما قدمناه عن اللباب وبه صرح في التتارخانية أيضا

‏(‏قوله‏:‏ إليه أشار في الخلاصة‏)‏ أقول‏:‏ الذي رأيته في الخلاصة خلافه ونصها وإن لم يكن له مسكن ولا شيء من ذلك وعنده دراهم تبلغ به الحج وتبلغ ثمن مسكن وخادم وطعام وقوت عليه الحج وإن جعلها في غيره أثم ا هـ بحروفه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقد يقال اعتبار الوسط إلخ‏)‏ قال الرملي ليس هذا المقصود بل المقصود اعتبار الوسط من حاله المعهود ولذا أعقبه بقوله من غير تبذير ولا تقتير، تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ كان في سعة من صرفها إلى غيره‏)‏ أي من شراء مسكن وخادم وتزوج ونحو ذلك لكن إن صرفه على قصد حيلة إسقاط الحج عنه فمكروه عند محمد ولا بأس به عند أبي يوسف شرح اللباب لمنلا علي‏.‏

‏(‏قول المصنف وأمن طريق‏)‏ اختلف هل هو من شرائط الوجوب أو الأداء والراجح الثاني كما سيأتي

‏(‏قوله‏:‏ وعلى تقدير أخذهم الرشوة إلخ‏)‏ كذا في الفتح قال في النهر ورده بعض المتأخرين بأن ما ذكر في القضاء ليس على إطلاقه بل فيما إذا كان المعطي مضطرا بأن لزمه الإعطاء ضرورة عن نفسه أو ماله أما إذا كان بالالتزام منه فبالإعطاء أيضا يأثم وما نحن فيه من هذا القبيل ا هـ‏.‏ وأراد ببعض المتأخرين ابن كمال باشا في شرحه على الهداية وفي حاشية الرملي وإن كان الإثم على الآخذ، لكن وجود الضرر العائد على المعطي في ماله صيره عذرا في ترك الحج لا كون الإثم لذلك ولو صح هذا للزم الحج مع تحقيق القتل والنهب ا هـ‏.‏ وأجيب عما في النهر بأنه قد يقال إن المعطي مضطر لإسقاط الفرض عن نفسه ولهذا والله تعالى أعلم جزم في الدر المختار بما في الفتح ثم قال وسيجيء آخر الكتاب أن قتل بعض الحجاج عذر، وهل ما يؤخذ في الطريق من المكس والخفارة عذر ‏؟‏ قولان والمعتمد لا، كما في القنية والمجتبى وعليه فيحتسب في الفاضل عما لا بد منه القدرة على المكس ونحوه كما في مناسك الطرابلسي ا هـ‏.‏ وأما ما قاله الرملي فلا يخفى ما فيه إذ القتل والنهب المؤدي إلى الهلاك ليس كهذا بلا شبهة تدبر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ على التأبيد إلخ‏)‏ مخرج لأخت زوجته وعمتها وخالتها فإن حرمتها مقيدة بالنكاح لكنه مخرج للزوج أيضا ولو عرف بما حل الوطء وحرم النكاح أبدا لدخل فيه الزوج وإن لم يكن محتاجا إليه في هذا المقام كذا في القهستاني بعد عزوه تفسير المحرم بما ذكره المؤلف للمشاهير وفي النهر قال بعض المتأخرين قوله أو زوج لامرأة مما لا حاجة إليه؛ لأن المحرم هنا يعمه قال في الذخيرة والمحرم الزوج ومن لا يجوز له مناكحتها على التأبيد بنسب أو رضاع أو صهرية ومثله في التحفة ا هـ‏.‏ وبه استغني عما في الحواشي السعدية من أن ظاهر الاستثناء في قوله صلى الله تعالى عليه وسلم‏:‏ «لا تحجن امرأة إلا ومعها محرم» يفيد عدم جواز الحج بهن مع أزواجهن وجوابه أنه يعلم جوازه معه بالدلالة ا هـ‏.‏ لكن المذكور في البدائع والعناية وغيرهما تفسير المحرم بما مر وهو المناسب وحينئذ فيحتاج إلى ذكر الزوج

‏(‏قوله بقرابة أو رضاع أو مصاهرة‏)‏ في البزازية ولا تسافر مع عبدها ولو خصيا ولا مع أبيها المجوسي ولا بأخيها رضاعا في زماننا ذكره قبيل التاسع عشر في النفقات وفي النهر قال الحدادي والمراهق كالبالغ وأدخل في الظهيرية بنت موطوءته من الزنا حيث يكون محرما لها وفيه دليل على ثبوت المحرمية بالوطء الحرام وبما تثبت به حرمة المصاهرة كذا في الخانية ا هـ‏.‏ وفي شرح اللباب هو كل رجل مأمون عاقل بالغ مناكحتها عليه حرام بالتأبيد سواء كان بالقرابة أو الرضاعة أو الصهرية بنكاح أو سفاح في الأصح كذا ذكره الكرخي وصاحب الهداية في باب الكراهية وذكر قوام الدين شارح الهداية أنه إذا كان محرما بالزنا فلا تسافر معه عند بعضهم وإليه ذهب القدوري وبه نأخذ ا هـ‏.‏ وهو الأحوط في الدين وأبعد عن التهمة لا سيما وفي المسألة خلاف الشافعية في ثبوت المحرمية ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏؛ لأنه يباح لها الخروج إلخ‏)‏ أي إذا لم تكن معتدة وروي عن أبي حنيفة وأبي يوسف كراهة الخروج لها مسيرة يوم بلا محرم فينبغي أن تكون الفتوى عليه لفساد الزمان شرح اللباب

‏(‏قوله‏:‏ وهو أحد قولين‏)‏ قال في شرح اللباب وقد اختلف في أمن الطريق فمنهم من قال إنه شرط الوجوب وهو رواية ابن شجاع عن أبي حنيفة ومنهم من قال شرط وجوب الأداء على ما ذكره جماعة من أصحابنا كصاحب البدائع والمجمع والكرماني وصاحب الهداية وغيرهم فمن خاف من ظالم أو عدو أو سبع أو غرق أو غير ذلك لم يلزمه أداء الحج بنفسه بل بماله والعبرة بالغالب برا وبحرا فإن كان الغالب السلامة يجب عليه أن يؤدي بنفسه وإلا فلا كذا قاله أبو الليث وعليه الفتوى وفي القنية وعليه الاعتماد والمراد أنه لا يجب عليه أن يؤدي بنفسه بل إما أن يحج غيره أو يوصي به ا هـ‏.‏ ثم قال في شرح اللباب ثم اختلفوا في أن المحرم أو الزوج شرط الوجوب أو الأداء كما اختلفوا في أمن الطريق فصحح قاضي خان وغيره أنه من شرائط الأداء وصحح صاحب البدائع والسروجي أنه من شرائط الوجوب وصنيع المصنف أي صاحب اللباب يشعر بأنه من شرائط الأداء على الأرجح

‏(‏قوله‏:‏ وفي وجوب نفقة المحرم إلخ‏)‏ صحح في السراج الوجوب وحكى في اللباب القولين بلا ترجيح لكن قدم الأول فقال قيل نعم وقيل لا ا هـ‏.‏ أي لا يلزمه ولا تجب عليها ما لم يخرج المحرم بنفقته على ما ذكره الطحاوي وهو قول أبي حفص البخاري وفي منسك ابن أمير حاج وهل يجب عليها نفقة المحرم والقيام براحلته اختلفوا فيه وصححوا عدم الوجوب وفي السراج الوهاج التوفيق بين القولين أن المحرم إذا قال لا أخرج إلا بالنفقة وجب عليها وإذا خرج من غير اشتراط ذلك لم يجب ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي وجوب التزوج عليها إلخ‏)‏ جزم في اللباب بأنه لا يجب عليها أن تتزوج بمن يحج بها وعزاه شارحه إلى البدائع وقاضي خان وغيرهما ثم قال وعن ابن شجاع عن أبي حنيفة أن من لا محرم لها يجب عليها أن تتزوج زوجا يحج بها إذا كانت موسرة ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو جدده بعد بلوغه قبل الوقوف إلخ‏)‏ كذا عبارة أغلب كتب المذهب بصيغة قبل الوقوف وهي محتملة لأن يراد قبل أن يقف أو قبل فوات وقت الوقوف وعلى الثاني مشى منلا علي في شرح المناسك وشرح النقاية ويؤيد الأول قول الإمام السرخسي في مبسوطه في آخر باب المواقيت ولو أن الصبي أهل بالحج قبل أن يحتلم ثم احتلم قبل أن يطوف بالبيت أو قبل أن يقف بعرفة لم يجزه عن حجة الإسلام عندنا إلا أن يجدد إحرامه قبل أن يقف بعرفة فحينئذ يجزئه عن حجة الإسلام ا هـ‏.‏ فلو وقف بعد الزوال ولو لحظة ثم بلغ ليس له التجديد وإن بقي وقت الوقوف لتمام حجه إذ الحج بعد التمام لا يقبل النقض ولا يصح أداء حجتين في عام واحد بالإجماع كذا ذكره القاضي محمد عيد في شرحه خلاصة الناسك على لباب المناسك المختصر من شرحه الكبير عباب المسالك عن شيخه العلامة الشيخ حسن العجيمي وذكر مثله الشيخ عبد الله العفيف في شرح منسكه مستدلا بقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه» فمن من صيغ العموم فيشمل الصبي وقد قلنا بأن حجه نفلا صحيح ويمتنع أداء حجتين نفل وفرض في سنة واحدة ثم قال وقد وقع الاختلاف في الإفتاء في هذه المسألة في زماننا فمن العصريين من أفتى بعدم صحة تجديد الصبي الإحرام بعد أن دخل عليه وقت الوقوف وهو بأرض عرفة محرم بالحج النفل ومنهم من أفتى بصحة ذلك وقد بسطت الكلام عليها في التذكرة العفيفية في فقه الحنفية ا هـ‏.‏ ملخصا من حاشية المدني على الدر المختار

‏(‏قوله‏:‏ وكون وليه أحرم عنه يحتاج إلى نقل صريح‏)‏ قال في النهر ظاهر أن مقتضى صحة إحرام الولي عن الصبي الذي لا يعقل صحته عن المجنون بجامع عدم العقل في كل ا هـ‏.‏ وقال المقدسي في شرحه أقول‏:‏ وفي البحر العميق لا حج على مجنون مسلم ولا يصح منه إذا حج بنفسه ولكن يحرم عنه وليه كما سيأتي إن شاء الله تعالى ا هـ‏.‏ قلت وفي الذخيرة قال في الأصل وكل جواب عرفته في الصبي يحرم عنه الأب فهو الجواب في المجنون ا هـ‏.‏ وفي الولوالجية قبيل الإحصار وكذا الصبي يحج به أبوه وكذا المجنون يقضي المناسك ويرمي الجمار؛ لأن إحرام الأب عنهما وهما عاجزان كإحرامهما بنفسهما ا هـ‏.‏ فهذه النقول صريحة في أن المجنون كالصبي

‏(‏قوله فالحاصل أنه لا يكون مسلما إلخ‏)‏ قال في النهر جزمه بإسلامه إذا أتى بسائر الأفعال ضعيف كما مر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فالميقات مشترك إلخ‏)‏ قال في النهر المواقيت جمع ميقات بمعنى الوقت المحدود استعير للمكان أعني مكان الإحرام كما استعير المكان للوقت في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏هنالك ابتلي المؤمنون‏}‏ قال بعض المتأخرين ومنه قولهم ووقته البستان وهو سهو ظاهر إذ المعنى كما في المغرب وغيره ميقاته بستان بني عامر ولا ينافيه قول الجوهري الميقات موضع الإحرام؛ لأنه ليس من رأيه التفرقة بين الحقيقة والمجاز وكأنه في البحر استند إلى ظاهر ما في الصحاح فزعم أنه مشترك بين الوقت والمكان المعين والمراد هنا الثاني وأعرض عن كلامهم السابق وقد علمت ما هو الواقع

‏(‏قوله‏:‏ الحلبي‏)‏ أي العلامة محمد بن أمير حاج الحلبي تلميذ المحقق ابن الهمام وشارح تحريره الأصولي وشارح منية المصلي وهو أقدم من الحلبي صاحب الملتقى وشارح المنية أيضا واسمه إبراهيم

‏(‏قوله‏:‏ وإن كان هو الأفضل‏)‏ ذكر منلا علي القاري في شرح اللباب أنه يكره وفاقا بين علمائنا خلافا لابن أمير حاج حيث قال هو الأفضل ا هـ‏.‏ أي الأفضل تأخير المدني إحرامه إلى الجحفة وعبارة متن اللباب والمدني إذا جاوز وقته غير محرم كره وفي لزوم الدم خلاف وصحح سقوطه ا هـ‏.‏ وقال شارحه ولعله أشار إلى ما في النخبة أن من كان في طريقه ميقاتان لا يجوز أن يتعدى إلى الثاني على الأصح فالدم يكون متفرعا على القول المقابل للأصح لكن الأظهر أن يقال وصحح عدم وجوبه؛ لأن من في طريقه ميقاتان مخير في أن يحرم من الأول وهو الأفضل عند الجمهور خروجا عن الخلاف فإنه متعين عند الشافعي أو يحرم من الثاني فإنه رخصة له وقيل إنه فضل بالنسبة إلى أكثر أرباب النسك فإنهم إذا أحرموا من الميقات الأول ارتكبوا كثيرا من المحظورات بعذر وبغيره قبل وصولهم إلى الميقات الثاني فيكون الأفضل في حقهم التأخير وهذا لا ينافي ما في البدائع من جاوز ميقاتا من هذه المواقيت من غير إحرام إلى ميقات آخر جاز إلا أن المستحب أن يحرم من الميقات الأول كذا روي عن أبي حنيفة أنه قال في غير أهل المدينة إذا مروا على المدينة فجاوزوها إلى الجحفة فلا بأس بذلك وأحب إلي أن يحرموا من ذي الحليفة؛ لأنهم لما وصلوا إلى الميقات الأول لزمهم محافظة حرمتهم فيكره لهم تركها ا هـ‏.‏ ومثله ذكره القدوري في شرحه وبه قال عطاء وبعض المالكية والحنابلة ووجه عدم التنافي أن حكم الاستحباب المذكور نظرا إلى الأحوط خروجا عن الخلاف وللمسارعة والمبادرة إلى الطاعة وأن قوله الأفضل التأخير بناء على فساد الزمان ومكاثرة مباشرة العصيان ومثله قولهم التقديم على الميقات أفضل حتى قال بعض السلف من إتمام الحج الإحرام من دويرة أهله لكنه مقيد بمن يكون مأمونا عن الوقوع في محظورات إحرامه إلا أن في قول أبي حنيفة في غير أهل المدينة إشارة إلى أن أهل المدينة ليس لهم أن يجاوزوا عن ميقاتهم المعين لهم على لسان الشرع وبه يجمع بين الروايتين المختلفتين عن أبي حنيفة فعنه أنه لو لم يحرم من ذي الحليفة وأحرم من الجحفة أن عليه دما وبه قال مالك والشافعي وأحمد وعنه ما سبق من قوله لا بأس فتحمل رواية وجوب الدم على المدنيين وعدمه على غيرهم والله أعلم ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإلا فآخر المواقيت إلخ‏)‏ أي وإلا نقل بأن المراد بالمحاذاة المحاذاة القريبة يلزم عليه أن لا يجب على الشامي كالمصري الإحرام من الجحفة بل يجوز له مجاوزتها والإحرام بعدها حين يحاذي قرن المنازل؛ لأنه آخر المواقيت باعتبار المحاذاة فينافي ما مر من وجوب الإحرام من الجحفة وقوله ذكر لي إلخ بيان لذلك مع زيادة

‏(‏قوله‏:‏ ذكر لي بعض أهل العلم من الشافعية‏)‏ يعني به الشيخ شهاب الدين بن حجر شارح المنهاج والشمائل وغيرهما وكان من أجلائهم وقد أدركته في آخر عمره كذا في النهر ثم قال وأقول‏:‏ في الجواب الثاني ما لا يخفى؛ لأن من لا يمر على المواقيت يحرم إذا حاذى آخرها قربت المحاذاة أو بعدت

‏(‏قوله‏:‏ عند عدم المرور على المواقيت‏)‏ أخذ التقييد به من قولهم المنقول سابقا ومن كان في بحر أو بر لا يمر بواحد من هذه المواقيت إلخ

‏(‏قوله‏:‏؛ لأنه حينئذ لم يكن سفره للحج‏)‏ هذا التعليل يفيد أنه لا ترتفع المخالفة بخروجه بعد إلى أحد المواقيت وإحرامه منه ونقل كلام المؤلف هنا الشيخ حنيف الدين المرشدي في شرح منسكه وأقره ونقله عنه القاضي محمد عيد في شرح منسكه كما في حاشية المدني على الدر المختار ثم قال فيها ونقل المنلا علي القاري في رسالته المسماة بيان فعل الخير إذا دخل مكة من حج عن الغير أنه وقعت مسألة اضطرب فيها فقهاء العصر وهي أن الآفاقي الحاج عن الغير إذا انفصل عن الميقات بغير إحرام للحج هل هو مخالف أم لا فقيل نعم فيبطل حجه عن الآمر وإن عاد إلى الميقات وأحرم وقيل لا بل عليه أن يرجع إلى الميقات ويحرم عن الآمر واعتمد الأولون على ظاهر ما في المنسك الكبير للسندي أن من شروط صحة الحج عن الآمر أن يحرم من الميقات فلو اعتمر وقد أمره بالحج ثم حج من مكة يضمن في قولهم جميعا ولا يجوز ذلك عن حجة الإسلام؛ لأنه مأمور بحجة ميقاتية ا هـ‏.‏ ولا يصح الاعتماد عليه؛ لأن الشرط فرض لا يثبت إلا بدليل قطعي، فمجرد قوله من غير نقله عن مجتهد أو إسناده إلى دليل غير مقبول، وأطال إلى أن قال وبما ذكرناه أفتى الشيخ قطب الدين وشيخنا سنان الرومي في منسكه وأفتى به أيضا الشيخ علي المقدسي ونقل فتواه فراجعها ا هـ‏.‏ ما في الحاشية ملخصا أقول‏:‏ وفي رده ما ذكره السندي نظر؛ لأن المسألة منقولة والمقلد متبع للمجتهد وإن لم يظهر دليله ففي التتارخانية عن المحيط ولو أمره بالحج فاعتمر ثم حج من مكة فهو مخالف في قولهم وفي الخانية ولا يجوز ذلك عن حجة الإسلام عن نفسه وكذا لو حج ثم اعتمر كان مخالفا عند العامة وفي المحيط ولو أمره بالعمرة فاعتمر أولا ثم حج عن نفسه لم يكن مخالفا وإن حج أولا ثم اعتمر فهو مخالف ا هـ‏.‏ فليتأمل فقد يقال إنه جعل مخالفا لكونه أحرم أولا بغير ما أمر به فقد جعل سفره لنفسه فلا يدل على اشتراط إحرام المأمور من الميقات وأنه لا يقع عن الآمر وإن عاد إلى الميقات إذا لم يفعل أولا نسكا لم يؤمر به فينبغي التفصيل وهو أنه إن جاوز الميقات بلا إحرام قاصدا البستان ثم دخل مكة ثم خرج إلى الحل وقت الإحرام فأحرم من الميقات عن الآمر يجوز؛ لأنه صار آفاقيا كما يأتي وإن فعل نسكا غير ما أمر به قبل إحرامه عن الآمر يكون مخالفا وإن عاد إلى الميقات وأحرم عنه من الميقات فتأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أجمعوا على أنه مكروه إلخ‏)‏ كذا نقل القهستاني الإجماع عن التحفة ثم قال وفي المحيط إن أمن من الوقوع في محظور الإحرام لا يكره وفي النظم عنه أنه يكره إلا عند أبي يوسف‏.‏

‏(‏قوله فلا يدخل الحرم عند قصد النسك إلا محرما‏)‏ قال العلامة الشيخ قطب الدين في منسكه ومما يجب التيقظ له سكان جدة بالجيم وأهل حدة بالمهملة وأهل الأودية القريبة من مكة فإنهم في الأغلب يأتون إلى مكة في سادس ذي الحجة أو في السابع بغير إحرام ويحرمون من مكة للحج فعلى من كان حنفيا منهم أن يحرم بالحج قبل أن يدخل الحرم وإلا فعليه دم لمجاوزة الميقات بغير إحرام لكن للنظر هنا مجال إذا أحرم هؤلاء من مكة كما هو معتادهم وتوجهوا إلى عرفة ينبغي أن يسقط عنهم دم المجاوزة بوصولهم إلى أول الحل ملبين؛ لأنه عود منهم إلى ميقاتهم مع الإحرام والتلبية وذلك مسقط لدم المجاوزة اللهم إلا أن يقال لا يعد هذا عودا منهم إلى الميقات؛ لأنهم لم يقصدوا العود إليه لتلافي ما لزمهم بالمجاوزة بل قصدوا التوجه إلى عرفة ولم أجد من تعرض لذلك والله أعلم بالصواب ا هـ‏.‏ وقد نقله الشيخ عبد الله العفيف في شرحه وأقره وقال القاضي محمد عيد في شرح منسكه والظاهر السقوط؛ لأن العود إلى الميقات مع التلبية مسقط سواء نوى العود أو لم ينو لحصول المقصود وهو التعظيم ا هـ‏.‏ كذا في حاشية المدني على الدر المختار‏.‏

‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والمراد بالمكي إلخ‏)‏ فسر في النهر المكي بساكن مكة وقال أما القار في حرمها فليس بمكي وإن أعطي حكمه واعترض المؤلف بأن ما قاله من التعميم عدول عن المعنى الحقيقي بلا دليل‏.‏