فصل: فصل إن قتل محرم صيدا أو دل عليه من قتله فعليه الجزاء

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


فصل إن قتل محرم صيدا أو دل عليه من قتله فعليه الجزاء

‏(‏قوله‏:‏ فألحقت بالقتل استحسانا‏)‏ الضمير يعود على الدلالة المفهومة من قوله أو دل، وليس في الحديث ذكر الدلالة كما صرح به في الفتح، وقدمنا الكلام عليه في باب الإحرام، وأن مسلما أخرجه بلفظ‏:‏ «هل أشرتم أو أعنتم قالوا لا قال‏:‏ فكلوا»، وقد استدل في الهداية بالحديث ووجهه في الفتح بأنه عليه السلام علق الحل على عدم الإشارة، وهي تحصيل الدلالة بغير اللسان فأحرى أن لا يحل إذا دله باللفظ فقال‏:‏ هناك صيد ونحوه‏.‏ ا هـ‏.‏ وحاصله أن إلحاق المنع عن الدلالة بالإشارة ثابت بدلالة النص؛ لأنه لما ذكر أن الحل ثابت مع عدم الإشارة فيثبت مع عدم الدلالة بالأولى؛ لأنه لما علق على عدم الإشارة التي هي أضعف من الدلالة، وكانت الإشارة ممنوعا عنها علم المنع عن الدلالة التي هي أقوى بالأولى فافهم بقي أن الحديث دل على حرمة اللحم بالدلالة لكن يلزمها أن تكون الدلالة محظورة فهي جناية على الإحرام، ولما فوتت الأمن على الصيد على وجه اتصل القتل بها كان فيها الجزاء قياسا على القتل كما أوضحه في الفتح، وقد ظهر أن الحديث لم يثبت به الحكم، وهو الجزاء بل ثبت بالقياس خلاف ما يوهمه كلام الهداية حيث عطف على الحديث قوله؛ ولأن الدلالة من محظورات، وأنه تفويت الأمن فصار كالإتلاف فإن ظاهره أن كلا من الحديث والقياس مثبت له، وليس كذلك كما نبه عليه في الفتح‏.‏ وعن هذا استدل المؤلف على وجوب الجزاء بقوله فألحقت بالقتل إلخ نعم‏.‏ قوله‏:‏ ولحديث أبي قتادة الدال على التحريم فيه نظر لما علمت

‏(‏قوله‏:‏ وحقيقة الصيد حيوان ممتنع إلخ‏)‏، وقد يوجد من الحيوانات أن يكون في بعض البلاد وحشية الخلقة، وفي بعضها مستأنسة كالجموس فإنه في بلاد السودان مستوحش، ولا يعرف منه مستأنس عندهم كذا في شرح اللباب، ولم يبين حكمه صريحا، وظاهره أنه يعتبر في بلاد السودان صيدا حتى يحرم على المحرم صيده ما دام في بلادهم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ للآية‏)‏ قال‏:‏ في شرح اللباب والظاهر أن ماء البحر لو وجد في أرض الحرم يحل صيده أيضا لعموم الآية ولشمول قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «هو الطهور ماؤه والحل ميتته»، وقد صرح به الشافعية حيث قالوا لا فرق بين أن يكون البحر في الحل أو الحرم‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفيه‏)‏ أي المحيط طير البحر إلخ مخالف لما مر من أن المعتبر التوالد لا المثوى لكن رأيت في اللباب ما نصه، وأما طيور البحر فلا يحل اصطيادها؛ لأن توالدها في البر قال شارحه كذا في البدائع والمحيط

‏(‏قوله‏:‏ وأطلق في القتل إلخ‏)‏ قال في اللباب ويستوي في وجوب الجزاء الرجل والمرأة والعامد والناسي والخاطئ والساهي والطائع والمكره والمبتدئ والعائد والحاج والمعتمر والنائم واليقظان والصاحي والسكران والمفيق والمغمى عليه والمباشرة بالنفس أو بالغير فلو ألبسه أحد أو طيبه أو حلق رأسه، وهو نائم أو لا فعلى المفعول الجزاء سواء كان بأمره أو لا‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيه أيضا‏:‏ وشرائط وجوب الكفارة منها الإسلام فلا تجب على كافر، والعقل والبلوغ فلا تجب على صبي، ومجنون إلا إذا جن بعد الإحرام، ولو بعد سنين فيجب عليه جزاء ما ارتكبه في الإحرام، ولا على كافر، وأما الحرية فليست بشرط فيجب على المملوك الصوم في الحال، وأما الدم والصدقة فيجب عليه أداؤه بعد العتق، ومنها القدرة على أداء الواجب، وهي أن يكون في ملكه فضل مال على كفايته فحينئذ يؤخذ منه الطعام أو الدم أو لم يكن له فضل مال، ولكن في ملكه عين الواجب من طعام أو دم صالح للتكفير فإذا كان في ملكه ذلك وجب عليه أداؤه والمعتبر في القدرة وقت الأداء لا وقت الوجوب‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأراد بالدلالة الإعانة على قتله‏)‏ لعل الحامل له على هذا ما مر في الحديث من قوله‏:‏ «أو أعنتم»، وإلا لو أريد بالدلالة حقيقتها لم يشمل غيرها وسيأتي ترجيح وجوب الجزاء بإعارة سكين ونحوها بناء على ذلك ودخل في الدلالة الإشارة أيضا وسيأتي تمامه

‏(‏قوله‏:‏ على الدال المحرم‏)‏ قيد بالمحرم؛ لأنه لو كان الدال حلالا في صيد الحرم والحل فلا شيء عليه إلا أنه يحرم عليه ذلك لباب قال في شرحه‏:‏ وفي الغاية عن الخزانة لو دل حلال حلالا على صيد الحرم فقتله فعليه قيمته، وعلى الدال نصفها، وقال‏:‏ أبو يوسف لا شيء على الدال‏.‏ ا هـ‏.‏ والمذكور في المشاهير من الكتب عدم لزوم شيء على الدال مطلقا عند أصحابنا الثلاثة خلافا لزفر‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم قال في اللباب، ولا يشترط كون المدلول محرما فلو دل محرم حلالا في الحل فقتله فعلى الدال الجزاء، ولا شيء على المدلول

‏(‏قوله‏:‏ وإن كان آثما مطلقا‏)‏ سيأتي عن النهر أن الأصح عدم الإثم فيما إذا علم المحرم به يعني المدلول

‏(‏قوله‏:‏ أن يتصل القتل بدلالته‏)‏ أي يتحصل بسببها شرح اللباب

‏(‏قوله‏:‏ وأن لا ينفلت الصيد‏)‏ فلو انفلت ثم أخذه لا شيء على الدال إلا أنه يكره له ذلك لباب

‏(‏قوله‏:‏ فتفرع على الشرط الثالث ما في المحيط إلخ‏)‏ ظهر من هذا التفريع أنه ليس معنى التصديق أن يقول له صدقت بل أن لا يكذبه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإن لم يكذبه، ولم يصدقه‏)‏ بأن أخبره فلم يره كذا في اللباب قال‏:‏ شارحه أي فإنه حينئذ يحتمل إخباره الصدق والكذب بخلاف ما إذا كان مشاهدا ظاهرا فإنه لا يحتمل أن لا يصدقه، ولا أن يكذبه

‏(‏قوله‏:‏ فالحاصل أن الإشارة والدلالة إلخ‏)‏ قال في النهر قدمنا في الإحرام أن كلا من الإشارة والدلالة إنما يحرم إذا لم يعلم المحرم لا إن علم، هو الأصح، وقيل يحرم مطلقا، وعلم منه ثبوت حرمة الإشارة مع عدم العلم اتفاقا فيلزمه الجزاء بها بل هي أقوى من الدلالة ثم رأيته في البدائع قال‏:‏ لو دل عليه أو أشار إليه فإن كان المدلول يرى الصيد أو يعلم به من غير دلالة، وإشارة فلا شيء على الدال، وإن رآه بدلالته فقتله فعليه الجزاء عند أصحابنا، وفي السراج لو أشار المحرم لرجل إلى صيد فقال‏:‏ خذ ذلك الصيد فأخذه وصيدا كان معه في الوكر فعلى الآمر الجزاء في الأول دون الثاني فقوله إن الإشارة لا شيء فيها، وأنهم لم يذكروها ممنوع، ولا تلازم بين الإشارة، وعلم المشار إليه قبلها كما هو واضح‏.‏ والشروط المتقدمة في الدلالة ينبغي أنها ثابتة فيها بالأولى إذ لا معنى لتكذيبه مع رؤيته له، وهذا وإن لم أره في كلامهم صريحا إلا أن النظر الصحيح يقتضيه‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ يدل عليه ما ذكره المؤلف من قوله، وأراد بالدلالة الإعانة على قتله سواء كان دلالة حقيقة بالإعلام بمكانه، وهو غائب أو لا فإنه ظاهر في أن المراد بالدلالة ما يعم الإشارة فإن أصل الدلالة في الغائب والإشارة في الحاضر كما مر في باب الإحرام على أنه ذكر الشيخ إسماعيل هناك عن البرجندي ما نصه، ولا يخفى أن ذكر الدلالة يغني عن الإشارة، وقد تخص الإشارة بالحضرة والدلالة بالغيبة‏.‏ ا هـ‏.‏ ومقتضاه أن الدلالة بالحضرة حقيقة أيضا، وأما ما ذكره صاحب النهر أولا من الاستدلال بالحرمة على لزوم الجزاء ففيه نظر؛ لأنه لو فقد أحد الشروط السابقة يبقى الإثم مع عدم الجزاء، وكذا الرفث محظور مع عدم الجزاء فيه ثم قال في النهر، وقوله اللهم إلا أن يقال‏:‏ إلخ ممنوع بل الأمر من قبيل الدلالة فقد علل في السراج ما في الفتح من كون الجزاء في الأمر على الثاني فقط بأنه أمره بالقتل، ولم يأمره بالدلالة فلم يكن ممتثلا ما أمر به‏.‏ ا هـ‏.‏ فجعل الأمر الثاني دلالة، ولا فرق بينه وبين الأول، غاية الأمر أنه لما لم يمتثل أمره فكأنه كذبه، وإنما تعدد الجزاء في الثانية باعتبار الدلالة لا الأمر لعدم امتثاله إياه فلم يبق ثمة إلا دلالة تعددت والأمر بعدها ليس تكذيبا لها فما في الفتح لا دلالة فيه

‏(‏قوله‏:‏ إذا فقد شرط منها إلخ‏)‏ أي لو فقد شرط من شروط الدلالة السابقة ووجدت الإعانة لا يمتنع الجزاء بسبب الإعانة كما هنا فوجوب الجزاء للإعانة لا للدلالة وجعل في النهر ما ذكره في المحيط مما ألحق بالدلالة قال‏:‏ لا حاجة لما في البحر؛ لأن تعليله في المحيط يأباه‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ تفسيره الدلالة فيما مر بالإعانة يغني عما ذكره هنا كما أشرنا إليه

‏(‏قوله‏:‏ فحمله أكثر المشايخ إلخ‏)‏ قال‏:‏ في البدائع ونظير هذا ما قالوا لو أن محرما رأى صيدا، وله قوس أو سلاح يقتل به، ولم يعرف ذلك في أي موضع فدله محرم على سكينه أو على قوسه فأخذ فقتله به إن كان يجد غير ما دله عليه مما يقتل به لا يضمن الدال، وإن لم يجد غيره ضمن‏.‏ ا هـ‏.‏ وتمامه في شرح اللباب

‏(‏قوله‏:‏ وقد يقال لا يصح القياس إلخ‏)‏ قدم في تعليل عدم لزوم الدم فيما إذا نوى بالجماع الثاني رفض الحج الفاسد أنه استند إلى قصد واحد، وهو تعجيل الإحلال، وإن أخطأ في تأويله، وهو مذكور في الفتح، وقدمنا عن الكافي أن التأويل الفاسد معتبر في رفع الضمان كالباغي إذا أتلف مال العادل قال في الشرنبلالية بعد التعليل السابق، وعلى هذا سائر محظورات الإحرام‏.‏ ا هـ‏.‏ فالظاهر أنه ليس المراد القياس على المحصر بل مجرد التشبيه تأمل‏.‏ وقول المؤلف فوجوده، وعدمه سواء ممنوع لما علمت، وقدمنا عن اللباب تعميم المسألة في سائر المحظورات، وأن نية الرفض إنما تعتبر ممن زعم أنه خرج منه بهذا القصد لجهله‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وكذلك في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فاعتدوا عليه‏}‏ إلخ‏)‏ اعترضه في الحواشي السعدية بأن الآية دلت على إيجاب الضمان بالمثل صورة، ومعنى في غصب المثليات كما سيجيء في كتاب الغصب، وعلى إيجاب الضمان بالمثل معنى في غصب القيميات إذا هلك العين المغصوب كما اعترف به هنا فانتظم لفظ المثل كليهما فورد الاعتراض، ورد العين أمر آخر ليس من إيجاب ضمان المثل فتأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أو لما في حملنا‏)‏ معطوف على قوله لعدم

‏(‏قوله‏:‏ ورجح في البدائع اعتبارها‏)‏ لما سيذكره من الاتفاق على اعتبار الحسن والملاحة فإنها أمر خلقي، وهذا يشكل على الرواية الثانية

‏(‏قوله‏:‏ بدليل أن ما لا يؤكل لحمه لا يصح أن يقوم لحمه إلخ‏)‏؛ ولأنه يلزم عليه أن الجلد لا يقوم، وعن هذا اختار في النهر ما في العناية من أن المراد بالقيمة من حيث إنه صيد لا من حيث ما زاد بالصنعة فيه

‏(‏قوله‏:‏ وصححه في شرح الدرر‏)‏ تابعه على ذلك في النهر، وفيه إن عبارته كعبارة المصنف هنا فإنه قال‏:‏ وهو ما قومه عدلان، وأنت ترى أن لا تصحيح فيها نبه عليه في الشرنبلالية، وقد يقال جعله إياه متنا واقتصاره عليه يفيد تصحيحه إذ لو اعتقد ضعفه لذكر مقابله تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وينبغي أن يكتفي إلخ‏)‏ قال أقول‏:‏ في اللباب ويشترط للتقويم عدلان غير الجاني قال‏:‏ شارحه على ما نسبه ابن جماعة إلى الحنفية، ولعله لعلة التهمة‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأن يحمل ذكر الحكمين على الأولوية‏)‏ الأولى حذفه كما لا يخفى، وقوله على قول من يكتفي متعلقا بقوله يكتفي والضمير في قوله، ولم أره للاكتفاء بالقاتل أما حمل ذكر الحكمين على الأولوية فهو منقول ذكره قريبا

‏(‏قوله‏:‏ ولا خيار للحكمين‏)‏ نفي لقول محمد والشافعي أن الخيار إلى الحكمين في ذلك فإن حكما بالهدي يجب النظير، وإن حكما بالطعام أو بالصيام فعلى ما قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله من اعتبار القيمة من حيث المعنى كذا في العناية

‏(‏قوله‏:‏ أو؛ لأن ‏{‏هديا‏}‏ حال إلخ‏)‏ اقتصر من إعراب الآية على موضع الاستدلال، وأعربها في الفتح بتمامها فنذكر حاصله أيضا حالا هنا وذلك أنه قرئ بتنوين جزاء ورفع مثل وبدونه على الإضافة البيانية، والمعنى واحد أي فجزاء هو مثل ما قتل، ومضمون الآية شرط وجزاء حذف منه المبتدأ بعد فاء الجزاء أو الخبر أي فالواجب جزاء أو فعليه جزاء، ومن النعم بيان لما أو للعائد إليها أي ما قتله من النعم، وهو في موضع الحال وجملة يحكم به صفة فجزاء الذي هو القيمة أو صفة مثل الذي هو هي؛ لأن مثلا لا تتعرف بالإضافة فجاز وصفها ووصف ما أضيف إليها بالجملة و ‏{‏هديا‏}‏ حال مقدرة من ضمير به الراجع إلى موصوف الجملة و ‏{‏بالغ الكعبة‏}‏ صفة ‏{‏هديا‏}‏ النكرة؛ لأن الإضافة لفظية أو كفارة أو عدل معطوفان على جزاء والمعنى على هذا فالواجب عليه جزاء هو قيمة ما قتله من النعم الوحشي يحكم بذلك الجزاء الذي هو القيمة عدلان حال كونه صائرا هديا بواسطة القيمة أو كفارة إلخ أي الواجب أحد الأمرين من القيمة الصائرة هديا، ومن الإطعام والصيام المبنيين على تعرف القيمة‏.‏ ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ ولا يخفى أن مقتضى كلامه أخيرا أن يكون أو عدل معطوفا على طعام الذي هو بدل من كفارة أو عطف بيان أو خبر لمحذوف لا على جزاء

‏(‏قوله‏:‏ أي صائرا هديا به‏)‏ الظاهر أن ضمير به يعود على الحكم المفهوم من يحكم في الآية، وأن ضمير بها يعود على القيمة المفسر بها الجزاء أو المثل، وأن المناسب إسقاط الباء الجارة من قوله أو بغير ذلك كما في الفتح ليكون عطفا على الشراء لا على بواسطة، والمراد بغير الشراء ما يحصل به ملك الهدي من هبة، وإرث ونحوهما

‏(‏قوله‏:‏ وهو وإن لم يلزم‏)‏ كأنه جواب سؤال مقدر تقديره سلمنا أن كونها مقدرة كثير لكنه خلاف الأكثر فالأولى كونها مقارنة فيثبت أنه يصير هديا باختيارهما كما هو قول محمد والشافعي فأجاب بأن كونها مقدرة في الآية، وإن لم يلزمهما على ما قرراه فيها لكنه لازم في وصفها، وهو ‏{‏بالغ الكعبة‏}‏ لظهور أن بلوغه الكعبة متراخ عن الحكم بكونه هديا

‏(‏قوله‏:‏ يقوم بالإطعام إلخ‏)‏ قال في اللباب، ولا يجوز الصغار كالجفرة والعناق والحمل إلا على وجه الإطعام بأن يعطي كل فقير ما يساوي قيمة نصف صاع من بر

‏(‏قوله‏:‏ كما قدمناه‏)‏ أي قريبا من مسألة الثوب والغزل

‏(‏قوله‏:‏ وأشار بقوله، وكالفطرة إلخ‏)‏ قال في شرح اللباب، وهل يشترط عدد المساكين صورة في الإطعام تمليكا، وإباحة قال‏:‏ أصحابنا ليس بشرط حتى لو دفع طعام ستة مساكين، وهو ثلاثة آصع إلى مسكين واحد في ستة أيام كل يوم نصف صاع أو غدى مسكينا واحدا أو عشاه ستة أيام أجزأه عندنا أما لو دفع طعام ستة مساكين إلى مسكين واحد في يوم دفعة واحدة أو دفعات فلا رواية فيه واختلف مشايخنا فقال بعضهم يجوز، وقال عامتهم لا يجوز إلا عن واحد، وعليه الفتوى‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فينبغي أن يكون كذلك هنا‏)‏ تابعه عليه في النهر، ولا يخفى أنه بحث مع المنقول

‏(‏قوله‏:‏ كما هو الحكم في المشبه به‏)‏ تقدم في المصرف أن فيه خلاف أبي يوسف وذكرنا عن الحاوي أنه قال‏:‏ وبه نأخذ

‏(‏قوله‏:‏ وما ذكرناه أولى‏)‏ كان وجه الأولوية أنه يلزم على ما قالوه أن لا يجوز التصدق به على شريكه؛ لأنه لا تقبل شهادته له فيما هو من شركتهما لكن نفي القبول ينصرف إلى الكامل، وهو عدم القبول مطلقا والشريك ليس كذلك بل تقبل في الجملة

‏(‏قوله‏:‏ لكن يرد على المصنف إلخ‏)‏ قال في النهر قد عرف أن المشبه لا يلزم أن يعطى حكم المشبه به من كل وجه على أن الظاهر أن التشبيه إنما هو في المقدار كما جرى عليه الشارح وغيره‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم الإباحة بالوضع والعرض للفقير، وهذا عند أبي يوسف خلافا لمحمد، وعن أبي حنيفة روايتان والأصح أنه مع الأول لكن هذا الخلاف في كفارة الحلق من الأذى، وأما كفارة الصيد فيجوز الإطعام على وجه الإباحة بلا خلاف فيضع لهم طعاما ويمكنهم منه حتى يستوفوا أكلتين مشبعتين غداء، وعشاء أو سحورا، وعشاء أو غداءين أو عشاءين لكن الأول أولى فإن غداهم لا غير أو عشاهم فقط لا يجزئه لكن إن غداهم، وأعطاهم قيمة العشاء أو بالعكس جاز والمستحب أن يكون مأدوما، وفي الهداية لا بد من الإدام في خبز الشعير، وفي المصفى غير البر لا يجوز إلا بإدام، وفي البدائع يستوي كون الطعام مأدوما أو غير مأدوم حتى لو غداهم، وعشاهم خبزا بلا إدام أجزأه، وكذا لو أطعم خبز الشعير أو سويقا أو تمرا؛ لأن ذلك قد يؤكل وحده ثم المعتبر هو الشبع التام لا مقدار الطعام حتى لو قدم أربعة أرغفة أو ثلاثة بين يدي ستة مساكين وشبعوا أجزأه، وإن لم يبلغ ذلك صاعا أو نصف صاع، ولو كان أحدهم شبعان قيل لا يجوز، وإليه مال شمس الأئمة الحلواني كذا في اللباب وشرحه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والظاهر الأول‏)‏ قال في الشرنبلالية يعني الظاهر بالنسبة لما حصل عنده لا أنه ظاهر الرواية ولذا قال في النهر إن كلام البدائع هو المناسب للإطلاق

‏(‏قوله‏:‏ لزمه كفارة بالقتل ونقصان بالجراحة‏)‏ قال في شرح اللباب بعد نقله ذلك عن منسك الطرابلسي، وفي الفتح، ولو جرح صيدا، ولم يكفر حتى قتله وجب كفارة واحدة، وما نقصته الجراحة الأولى ساقط، وكذا قال في البدائع، وليس عليه للجراحة شيء؛ لأنه لما قتله قبل أن يكفر عن الجراحة صار كأنه قتله دفعة واحدة وذكر الحاكم في مختصره إلا ما نقصته الجراحة الأولى أي يلزمه ضمان صيد مجروح؛ لأن ذلك الزمان قد وجب عليه مرة فلا يجب عليه مرة أخرى‏.‏ ا هـ‏.‏ وحاصله تداخل الجنايتين، ومآله إلى جناية واحدة كما حققه ابن الهمام تبعا لما في البدائع فهو المعول فتدبر وتأمل‏.‏ ا هـ‏.‏ وكذا مشى عليه في متن اللباب لكن ما ذكره الحاكم يفيد التوفيق بأن من أوجب نقصان الجراحة أوجب قيمته في القتل مجروحا، ومن لم يوجبها أوجب قيمته في القتل سالما والمآل فيهما واحد فتأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ثم كفر عنه‏)‏ أي كفارة الموت كما في النهر

‏(‏قوله‏:‏ وانتقصت قيمته أو ازدادت‏)‏ أي قيمة جنسه لا خصوص هذا المضروب إذ لا يمكن زيادة قيمته بعد الضرب تأمل أو المراد زادت قيمة شعره أو بدنه كما يأتي عن المحيط عند قوله وبذبح الحلال صيد الحرم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وهو قيمة اللبن‏)‏ هذا على ما في البحر الزاخر، وفي البدائع عليه ما نقصه الحلب كما لو أتلف جزءا من أجزائه، وقد جمع الطرابلسي بين الروايتين حيث قال‏:‏ وإذا حلب صيدا فعليه ما نقصه، وقيمة اللبن‏.‏ ا هـ‏.‏ ولعله محمول على ما إذا شربه بنفسه بخلاف ما إذا أطعمه الفقراء كذا في شرح اللباب

‏(‏قوله‏:‏ وأما إذا خرج فرخ ميت إلخ‏)‏ قال في العناية هذه المسألة لا تخلو من أن علم أنه كان حيا، ومات بالكسر أو علم أنه كان ميتا أو لم يعلم أن موته بسبب الكسر أو لا فإن كان الأول ضمن قيمته، وإن كان الثاني فلا شيء عليه، وإن كان الثالث فالقياس أن لا يغرم سوى قيمة البيضة إلخ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي البدائع، ولو شوى بيضا أو جرادا إلخ‏)‏ قال في الشرنبلالية ينبغي أن يكون كذلك اللبن المحلوب من الصيد‏.‏ ا هـ‏.‏ ثم رأيته مصرحا به في اللباب فقال‏:‏ ولو شوى محرم بيضا أو جرادا أو حلب صيدا، وأدى جزاءه ثم أكله فلا شيء عليه للأكل ويجوز له مع الكراهة ويجوز لغيره من غير كراهة

‏(‏قوله‏:‏ بخلاف جنين المرأة‏)‏ أي حرة أو أمة إذا خرج ميتا أي، وماتت الأم بعده ولهذا عبر في المعراج بقوله ثم ماتت الأم، وقوله لا يلزم الضارب شيئا صوابه شيء، ومعناه لا يلزمه الدية كما يلزمه دية الأم أو قيمتها لو أمة، وإلا فالغرة لازمة واحترز بقوله إذا خرج ميتا عما إذا خرج حيا فمات فإن فيه الدية كاملة، وأما إن ماتت فألقته ميتا فدية الأم فقط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فلذا ذكر المصنف سبعة‏)‏، وإنما لم يذكر السبع مع أنه مذكور في رواية أبي داود؛ لأنه صيد عندنا فيجب فيه الجزاء أو؛ لأنه قيده بالعادي وسيذكره بقوله، وإن صال لا شيء بقتله بقي الكلام في عدم عده منها وجعله من الصيود على ما هو ظاهر الرواية وللمحقق في الفتح كلام أطال البحث فيه‏.‏ وقال في آخره‏:‏ ولعل لعدم قوة وجهه كان في السباع روايتان‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ففيه نظر‏)‏ رده في النهر بما في البدائع، وقال‏:‏ أبو يوسف الغراب المذكور في الحديث الذي يأكل الجيف أو يخلط؛ لأن هذا النوع هو الذي يبتدئ بالأذى‏.‏ ا هـ‏.‏ وأشار في المعراج إلى دفع ما في غاية البيان بأنه لا يفعل ذلك غالبا وبه اندفع دعوى الديمومة فيه، ولما كان المطرد هو ابتداؤه بالأذى اقتصر الإمام الثاني في التعليل عليه ثم رأيته في الظهيرية قال‏:‏ وفي العقعق روايتان والظاهر أنه من الصيود‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وبه ظهر أن ما في الهداية هو ظاهر الرواية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأن غير العقور‏)‏ المناسب؛ ولأن بالواو عطفا على قوله اتباعا

‏(‏قوله‏:‏ لأن الأمر بقتل الكلاب نسخ‏)‏ كذا قاله في الفتح قال في النهر لكن رأيت في الملتقط ما لفظه، وإذا كثرت الكلاب في قرية، وأضر بأهل القرية أمر أربابها بقتلها، وإن أبوا رفع الأمر إلى القاضي حتى يأمر بذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ فيحمل ما في الفتح على ما إذا لم يكن ثمة ضرر

‏(‏قوله‏:‏ والسلحفاة بضم الحاء، وفتح الفاء‏)‏ كذا في بعض النسخ، وكأنها من تحريف النساخ والأصل، وفتح اللام، وفي بعضها بضم الفاء، وفتح العين أي فاء الكلمة، وهي السين، وعينها وهي اللام‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فعليه الجزاء لو وضع ثيابه في الشمس ليقتل إلخ‏)‏ قال‏:‏ في الشرنبلالية، وفي شرح النقاية للبرجندي مثله ثم نقل خلافه عن المنصورية، وهو نفي الجزاء

‏(‏قوله‏:‏ فلو أشار إلخ‏)‏، وكذا لو قال‏:‏ لحلال ادفع عني هذا القمل أو أمره بقتلها لباب قال شارحه‏:‏ وكذا لو دفع ثوبه ليقتل ما فيه ففعل

‏(‏قوله‏:‏ وأراد بالقملة إلخ‏)‏ قال في اللباب إن قتل محرم قملة تصدق بكسرة، وإن كانت ثنتين أو ثلاثا فقبضة من طعام، وفي الزائد على الثلاث بالغا ما بلغ نصف صاع‏.‏ ا هـ‏.‏ قال شارحه كذا في البدائع والفتح، وهو الذي روى الحسن عن أبي حنيفة، وفي الجامع الصغير في قملة أطعم شيئا، وهذا يدل على شيء يسير قال في الذخيرة، وهو الأصح‏.‏ ا هـ‏.‏ ورواية الحسن سيذكرها المؤلف قريبا

‏(‏قوله‏:‏ وأما وجوبها بقتل الجرادة إلخ‏)‏ قال‏:‏ في اللباب، ولو وطئ جرادا عامدا أو جاهلا فعليه الجزاء إلا أن يكون كثيرا قد سد الطريق فلا يضمن، ولو شوى جرادا فأكله بعدما ضمنه لا شيء عليه للأكل ويكره بيعه قبل الضمان‏.‏ ا هـ‏.‏ قال شارحه وذكر قاضي خان في شرح الجامع الصغير محرم قطع شجرة من الحرم أو شوى بيض صيد في الحرم أو غيره أو حلب صيدا أو شوى جرادا فعليه الجزاء في جميع ذلك يعني القيمة ويكره له بيع هذه الأشياء فإن باع جاز، ويملك ثمنه بخلاف الصيد الذي قتله المحرم؛ لأنه ميتة فلا يجوز بيعها، وإذا ملك الثمن إن شاء جعله في القيمة التي يؤديها، وإن شاء جعله في غيرها وللمشتري أن ينتفع بذلك من حيث التناول؛ لأن البيض والجراد لا يحتاج فيه إلى الذكاة والحلال والمحرم فيما لا يحتاج إلى الذكاة سواء، وإنما لا يباح للأول؛ لأنه كان صيدا في حقه، وليس بصيد في حق الثاني‏.‏ ا هـ‏.‏ وتبين الفرق بين الآخذ والمشتري في إباحة التناول كما لا يخفى‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ رجل من جراد‏)‏ قوله‏:‏ في القاموس الرجل بالكسر الطائفة من الشيء أو القطعة العظيمة من الجراد

‏(‏قوله‏:‏ ولم أر من تكلم على الفرق إلخ‏)‏ استدرك عليه في النهر بما سيذكره عن المحيط أي فإنه صريح في الفرق بين قليل الجراد، وكثيره والظاهر أن فرض المسألة في المملوك ليس للاحتراز عن الحر ثم رأيت في التتارخانية قال‏:‏ وذكر هشام عن محمد رحمه الله في محرم أشار في جراد، ولم يكونوا رأوها إلا من دلالته فأخذوها فعلى الدال بكل جرادة تمرة إلا إن بلغ ذلك دما فعليه دم‏.‏ ا هـ‏.‏ وهذا صريح في الفرق أيضا والظاهر أن مراد المؤلف أنه لم ير الفرق بين قليله الواجب فيه التصدق بما شاء وبين كثيره الواجب فيه نصف صاع هل ما فوق الثلاثة كما في القمل أو لا ويدل على هذا قوله‏:‏ فينبغي إلخ فلا استدراك، وقد راجعته فلم أره‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأراد بالسبع كل حيوان لا يؤكل لحمه إلخ‏)‏ قال في النهر فكان عدم التخصيص أولى إذ المفهوم معتبر في الروايات اتفاقا، ومنه أقوال الصحابة كما في الحواشي السعدية وينبغي تقييده بما يدرك بالرأي لا ما لا يدرك به

‏(‏قوله‏:‏ عاد‏)‏ اسم فاعل من العدوان على وزن قاض والذي في النسخ عادي بإثبات الياء والأصوب حذفها

‏(‏قوله‏:‏ وأورد عليه العبد إذا صال إلخ‏)‏ قال الرملي يحترز به عن الحر العاقل البالغ فإنه لا يضمنه، وقولنا العاقل نحترز به عن المجنون فإن المجنون الحر إذا صال فقتله المصول عليه تجب ديته، وإذا كان عبدا تجب قيمته كالبعير، وقولنا البالغ نحترز به عن الصبي فإذا كان الصائل صبيا حرا تجب ديته، وإن كان عبدا تجب قيمته، ولا يسقط الضمان لانتفاء التكليف عنه كالمجنون قال في البزازية المجنون أو البعير المغتلم صال على إنسان ليقتله فقتله المصول عليه يضمن قيمة البعير ودية المجنون‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي الكنز وغيره، وإن شهر المجنون على غيره سلاحا فقتله المشهور عليه عمدا تجب الدية في ماله، وعلى هذا الصبي والدابة‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ يعني عليه قيمتان‏)‏ أقول‏:‏ هذا إذا كان غير صائل أما الصائل فقد علمت أنه ليس عليه جزاء لله تعالى تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولا يعرف منه مستأنس عندهم‏)‏ أي فإذا أحرم أحدهم فما دام في بلاده فهو صيد في حقه فإذا خرج إلى بلاد يستأنس فيها حل له، تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أي فهو ميتة‏)‏ ذكر في النهر أنه ليس ميتة حقيقة بل حكما مستدلا بما يأتي من تقدير الصيد على أكل الميتة وجعل لذلك كلام المصنف أولى من قول القدوري فهو ميتة لا يحل أكله

‏(‏قوله‏:‏ وأطلقه فشمل ما إذا كان المحرم الذابح مضطرا أو لا‏)‏، وكذا شمل ما لو كان مكرها أو مكرها قال في اللباب إذا أكره محرم محرما على قتل صيد فعلى كل واحد منهما جزاء كامل، وإن أكره حلال محرما فالجزاء على المحرم، ولا شيء على الحلال، ولو في صيد الحرم، وإن أكره محرم حلالا على صيد إن كان في صيد الحرم فعلى المحرم جزاء كامل، وعلى الحلال نصفه، وإن كان في صيد الحل فالجزاء على المحرم، وإن كانا حلالين في صيد الحرم إن توعده بقتل كان الجزاء على الآمر، وإن توعده بحبس كانت الكفارة على المأمور القاتل خاصة‏.‏ ا هـ‏.‏ وبيانه في شرحه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والذي يظهر ترجيح ما في الفتاوى‏)‏ أي ترجيح ما ذكره عن الفتاوى الخانية على ما قدمه عن المبسوط من أن الصيد أولى من الميتة

‏(‏قوله‏:‏ ويجيزه له مكفرا‏)‏ يعني قال أبو يوسف يجوز للمحرم المضطر أن يصيد ويأكل ويكفر، وهذا أهون؛ لأن الكفارة تجبره، ولا جابر لأكل الميتة كذا في شرح ابن الملك‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فأدى جزاءه ثم أكل منه‏)‏ التقييد بأداء الجزاء كما وقع في الفتح اتفاقي نبه عليه في النهر، ومقتضى هذا أنه ليس بميتة، وهو خلاف ما مر عن غاية البيان، وفي شرح اللباب اعلم أنه صرح غير واحد كصاحب الإيضاح والبحر الزاخر والبدائع وغيرهم بأن ذبح الحلال صيد الحرم يجعله ميتة لا يحل أكله، وإن أدى جزاءه من غير تعرض لخلاف وذكر قاضي خان أنه يكره أكله تنزيها، وفي اختلاف المسائل اختلفوا فيما إذا ذبح الحلال صيدا في الحرم فقال‏:‏ مالك والشافعي وأحمد لا يحل أكله واختلف أصحاب أبي حنيفة فقال‏:‏ الكرخي هو ميتة، وقال غيره هو مباح‏.‏ ا هـ‏.‏ وعبارة متن اللباب إذا ذبح محرم أو حلال في الحرم صيدا فذبيحته ميتة عندنا لا يحل أكلها له، ولا لغيره من محرم أو حلال سواء اصطاده هو أي ذابحه أو غيره محرم أو حلال، ولو في الحل فلو أكل المحرم الذابح منه شيئا قبل أداء الضمان أو بعده فعليه قيمة ما أكل، ولو أكل منه غير الذابح فلا شيء عليه، ولو أكل الحلال مما ذبحه في الحرم بعد الضمان لا شيء عليه للأكل، ولو اصطاد حلال فذبح له محرم أو اصطاد محرم فذبح له حلال فهو ميتة‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقد قدمناه‏)‏ أي تحت قول المتن، وهو قيمة الصيد في مقتله

‏(‏قوله‏:‏ لأن الهبة كانت فاسدة‏)‏ رأيت بخط بعض الفضلاء هذا مبني على أن الهبة الفاسدة لا تفيد الملك، وأما على مقابله فلا شيء عليه كما نقله العلائي فراجعه‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وفيه أن الهبة هنا باطلة لا يملكها الموهوب له؛ لأن العين خرجت عن المحلية لسائر التصرفات كما يأتي عند قوله وبطل بيع المحرم صيدا أو شراؤه تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ كحكم الحلال‏)‏ أي في وجوب القيمة، وإن كان بينهما فرق من جهة أن المحرم يجوز له الصوم كما يصرح به قريبا

‏(‏قوله‏:‏ والظاهر أنه قيد احترازي‏)‏ أي التقييد بالحلال للاحتراز عن المحرم فإن المحرم مخير كما مر متنا في أول هذا الفصل بخلاف الحلال فإنه لا يجزئه الصوم كما علمت، وفي عزوه المسألة إلى الهداية إيهام أنها لم تذكر هنا، وفي اللباب، وأما الصوم في صيد الحرم فلا يجوز للحلال ويجوز للمحرم‏.‏ ا هـ‏.‏ نعم عبارة المصنف أول الفصل مطلقة يمكن تقييدها بصيد المحرم في غير الحرم فلذا لم يعز إليها، وفي شرح اللباب قال في شرح القدوري‏:‏ إن الإطعام يجزئ في صيد الحرم، ولا يجوز الصوم عند علمائنا الثلاثة، وعند زفر يجزئ، وفي المختلف لا يجوز الصوم بالإجماع قال صاحب المجمع فيجوز أن يكون في الصوم عن زفر روايتان فنقل كل واحد رواية ثم هذا في الحلال أما المحرم فظاهر كلامهم أنه يجوز له الصوم والهدي بلا خلاف؛ لأنه لما اجتمع حرمة الإحرام والحرم وتعذر الجمع بينهما وجب اعتبار أقواهما، وهو الإحرام فأضيف إليه ورتب عليه أحكامه ضرورة وبه صرح في شرح القدوري فقال‏:‏ أما المحرم إذا قتل في الحرم فإنه تتأدى كفارته بالصوم‏.‏ ا هـ‏.‏ وتمامه فيه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وليس مقصوده تقييد الضمان بالذبح إلخ‏)‏ نظر فيه في النهر بأن بتقديره يستغنى عما سيذكره بعد‏.‏ ا هـ‏.‏ أي فالمراد التقييد بقرينة ما يصرح به بعد، وإلا تكرر

‏(‏قوله‏:‏ ولم أر من صرح بحكم جزء صيد الحرم إلخ‏)‏ أي بالنسبة للحلال قال في حواشي مسكين عن الحموي هذا عجيب منه فقد صرح به في متن النقاية حيث قال‏:‏ وكذا ذبح الحلال صيد الحرم أو حلبه قال‏:‏ الشراح أي حلب الصيد فإنه يجب عليه قيمة اللبن‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وكذا في متن الملتقى‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإنه يعتبر في حل التناول حالة الإصابة‏)‏ تقييده بحل التناول يقتضي أن الاستثناء المذكور بالنسبة إليه لا بالنسبة إلى وجوب الجزاء، وعدمه مع أن عبارة البدائع مصرحة بأن وجوب الجزاء استحسان وسيذكر المؤلف التوفيق بالحمل على الاستحسان فيكون الاستثناء مبنيا على الاستحسان، وهو وجوب الجزاء لا حل التناول فتدبر‏.‏ وعبارة البدائع هكذا، ولو أرسل كلبا في الحل على صيد في الحل فأتبعه الكلب فأخذه في الحرم فقتله لا شيء على المرسل، ولا يؤكل الصيد أما الأول فلأن العبرة في وجوب الضمان لحالة الإرسال إذ هو السبب للضمان والإرسال وقع مباحا فلا يتعلق به الضمان، وأما الثاني فلأن فعل الكلب ذبح للصيد، وإنه حصل في الحرم فلا يحل أكله كما لو ذبحه آدمي إذ فعل الكلب لا يكون أعلى من فعل الآدمي‏.‏ ولو رمى صيدا في الحل فنفر الصيد فوقع السهم به في الحرم فعليه الجزاء قال محمد في الأصل، وهو قول أبي حنيفة فيما أعلم، وكان القياس أن لا يجب عليه الجزاء كما في إرسال الكلب وخاصة على أصل أبي حنيفة فإنه يعتبر حالة الرمي في المسائل حتى قال فيمن رمى إلى مسلم فارتد المرمي إليه ثم أصابه السهم فقتله أنه يجب عليه الدية اعتبارا بحالة الرمي إلا أنهم استحسنوا فأوجبوا الجزاء في الرمي دون الإرسال؛ لأن الرمي هو المؤثر في الإصابة بمجرى العادة إن لم يتخلل بين الرمي والإصابة فعل فاعل مختار يقطع نسبة الأثر إليه شرعا فبقيت الإصابة مضافة إليه شرعا في الأحكام فصار كأنه ابتدأ الرمي بعد ما حصل الصيد في الحرم، وقد تخلل بين الإرسال والأخذ فعل فاعل مختار، وهو الكلب فمنع إضافة الأخذ إلى المرسل‏.‏ ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ منها لو نفر صيد إلخ‏)‏ صرح بهذا وبالثالث في اللباب في أوائل بحث الجناية على الصيد مع فروع أخر فراجعه ثم قال بعده‏:‏ ولو أرسل بازيا في الحل فدخل من غير قصد مرسله الحرم فقتل صيدا لا شيء عليه، ولو أرسل كلبا على ذئب في الحرم أو نصب له شبكة فأصاب الكلب صيدا أو وقع في الشبكة صيد فلا جزاء عليه أي؛ لأن قصده قتل الذئب الذي هو حلال له فلم يكن متعديا‏.‏ ا هـ‏.‏ شارح، ولو نصبها للصيد فعليه الجزاء، ولو نصب خيمة فتعلق به صيد أو حفر للماء فوقع فيه صيد لا ضمان عليه، ولو أمسك حلال صيدا في الحل، وله فرخ في الحرم فماتا ضمن الفرخ لا الأم‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ومنها إذا حفر بئرا فهلك فيها صيد الحرم‏)‏ كذا في بعض النسخ، وفي بعضها زيادة، وهي وينبغي أنه إن كان في ملكه أو موات لا ضمان، وإلا ضمن

‏(‏قوله‏:‏ ثم دخل الصيد الحرم فجرحه فمات منها‏)‏ كذا في هذه النسخة موافقا لما في النهر، وفي عدة نسخ غيرها بدون فجرحه والظاهر ما هنا تأمل

‏(‏قوله‏:‏ ومنها لو أمسك صيدا في الحل إلخ‏)‏ قال في النهر هذه المسألة تعرف مما مر فيما لو غلقا الباب على صيد فمات عطشا‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وكذا من مسألة ما لو نفر صيدا عن بيضه ثم رأيت المسألة مصرحا بها في متن اللباب فقال‏:‏ لو ماتا ضمن الفرخ لا الأم

‏(‏قوله‏:‏ إن قلنا إن إمساكه عن فرخه معصية‏)‏ في بعض النسخ عن الحل بدل قوله عن فرخه، ولم يظهر لي معناه، وإنما قيد بذلك لما قدمه أن السبب كالمباشرة بشرط كونه عدوانا

‏(‏قوله‏:‏ ومنها لو وقف على غصن في الحل إلخ‏)‏ قال في النهر في السراج لو كان الرامي في الحرم والصيد في الحل أو على العكس فهو من صيد الحرم، ولو رمى إلى صيد في الحل فنفر فأصابه في الحرم فعليه الجزاء، ولو أصابه في الحل، ومات في الحرم يحل أكله قياسا ويكره استحسانا‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ومنها لو رأى حلال جالس في الحرم إلخ‏)‏ قال‏:‏ في النهر لا ينبغي أن يتوقف في الجواز إذ لا منع ثمة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ومن يمن سبع إلى آخر البيت‏)‏ قال في الشرنبلالية ولو قيل، ومن يمن سبع عراق وطائف وجدة عشر ثم تسع جعرانة لاستغنى عن البيت الثالث‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ بل يطلقه على وجه لا يضيع‏)‏ سيأتي تفسيره بأن يرسله في بيت أو يودعه عند إنسان‏.‏

‏(‏قول المصنف فإن باعه إلخ‏)‏ قال في اللباب لا يجوز بيع المحرم صيدا في الحل والحرم أي سواء كان في يده أو قفصه أو منزله، ولا بيع الحلال في الحرم، ولا شراؤهما من محرم، ولا حلال فإن باعه أو ابتاعه فهو باطل سواء كان حيا أو مذبوحا في الإحرام أو الحرم، ولو هلك الصيد في يد المشتري فإن كانا محرمين أو حلالين في الحرم لزمهما الجزاء، وإن كانا في الحل فعلى المحرم منهما، ولو وهبه لمحرم فهلك عنده فعلى الموهوب له جزاء الصيد وضمان لصاحبه أي لفساد الهبة، ولو أكله فعليه جزاء ثالث، وعلى الواهب جزاء واحد، ولو أخرج صيدا من الحرم فباعه في الحل من محرم أو حلال فالبيع باطل، وكذا لو أدخل صيد الحل الحرم ثم أخرجه، وباعه ولو وكل محرم حلالا ببيع صيد جاز، ولو وكل حلال حلالا ثم أحرم الموكل قبل القبض جاز أيضا، ولو باع صيدا له في الحل، وهو في الحرم جاز، ولكن يسلمه بعد الخروج إلى الحل، ولو تبايعا صيدا في الحل ثم أحرما فوجد المشتري به عيبا رجع بالنقصان، وليس له الرد، ولو باع حلالان صيدا فأحرم أحدهما قبل القبض انفسخ البيع وتمامه فيه وسيأتي بعض هذا

‏(‏قوله‏:‏ إلى أنه فاسد لا باطل‏)‏ نقل التصريح بالفساد في الشرنبلالية عن الكافي والتبيين

‏(‏قوله‏:‏ وفي المحيط خلافه إلخ‏)‏ جزم في النهر بأن ما في المحيط ضعيف موافقة لرواية ابن سماعة قال في البدائع روى ابن سماعة عن محمد في رجل أخرج صيدا من الحرم إلى الحل أن ذبحه والانتفاع بلحمه ليس بمحرم سواء أدى جزاءه أو لم يؤد غير أني أكره هذا الصنع فإن باعه واستعان بقيمته في جزائه جاز‏.‏ ا هـ‏.‏ وانظر من أين يستفاد ضعفه من كلام البدائع مع أنه جزم به في الخانية فقال‏:‏ ولو ذبح هذا الصيد قبل التكفير أو بعده كره أكله تنزيها، ولو استعان بثمنه في الجزاء كان له ذلك ويجوز به الانتفاع للمشتري‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإن باعه‏)‏ أي الصيد، وهو في الحرم ضمير، وهو راجع إلى الصيد أيضا، وقوله لا مطلقا أي ليس المراد الإطلاق أي سواء كان في الحرم أو بعد إخراجه إلى الحل، وهذا حمل لكلام المتن على ما في المحيط‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقيل يلزمه إرساله إلخ‏)‏ أشار إلى ضعفه قال في النهر، وعبارة فخر الإسلام تؤذن بترجيح الأول حيث قال‏:‏ ويستوي إن كان القفص في يده أو في رحله، وقال بعض مشايخنا‏:‏ إن في يده يلزمه إرساله‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ بأن يرسله في بيت إلخ‏)‏ اعترضه ابن الكمال فقال‏:‏ ومن قال‏:‏ بأن يخليه في بيته فكأنه غافل عن شمول المسألة للمحرم المسافر الذي لا بيت له، ومن قال‏:‏ أو يودعه فكأنه غافل عن أن يد المودع كيد المودع كذا في حواشي مسكين عن الحموي قلت‏:‏ دفعه في النهر فقال‏:‏ وأفاد في فوائد الظهيرية أن يد خادمه كرحله وبه اندفع منع بعض المتأخرين إيداعه على القول بإرساله فإن يد المودع كيده فهلا كانت يد خادمه كيده

‏(‏قوله‏:‏ فالمراد بالصيد نحو الصقر إلخ‏)‏ حمل في النهر الصيود على الصيود الوحشيات والدواجن على المستأنسة ثم قال‏:‏ ومن خص الصيود بالطيور والدواجن بغيرها لا كالغزالة فقد أبعد‏.‏ ا هـ‏.‏ ومراده التعريض بصاحب غاية البيان فإن ما ذكره المؤلف مأخوذ منه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وهو يقتضي أن يفتي بقولهما‏)‏، وهو مقتضى ما في البرهان أيضا قال في الشرنبلالية، وفي البرهان قول أبي حنيفة رحمه الله هو القياس، وقولهما استحسان، وهذا نظير اختلافهم فيمن أتلف المعازف‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأما السبب الجبري إلخ‏)‏ قال‏:‏ في النهر لكن في السراج أنه لا يملكه بالميراث، وهو الظاهر لما سيأتي

‏(‏قوله‏:‏ في الصورة الأولى‏)‏ وهي قول المتن، ولو أخذ حلال والمراد بالثانية قوله‏:‏ ولو أخذه محرم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقد تعذر إظهاره‏)‏ أي إظهار الملك في المضمون لما مر أنه لا يملكه بسبب من الأسباب‏.‏

‏(‏قول المصنف فإن قطع حشيش الحرم‏)‏ قال في اللباب، ولو حش الحشيش فإن خرج مكانه مثله سقط الضمان، وإلا فلا‏.‏ ا هـ‏.‏ أي، وإن لم يعد مكانه مثله بل أخلف دون الأول لا يسقط الضمان بل كان عليه ما نقص، وإن جف أصله كان عليه قيمته شرح

‏(‏قوله‏:‏ لأنه لو قطع ما أنبته الناس إلخ‏)‏ فيه أن هذا خارج بقول المصنف، ولا مما ينبته الناس فيلزم عليه التكرار، وإغناء أحد القيدين عن الآخر فإن الثاني يشمل النابت بنفسه والمستنبت تأمل

‏(‏قوله‏:‏ وهي واردة على المصنف‏)‏ قال في النهر والحق أن هذا القيد يعني قوله غير مملوك إنما هو لإخراج ما لو أنبته إنسان فلا شيء بقطعه لملكه إياه، ولا يرد ما مر أي عن المحيط؛ لأن المتون إنما هي على قول الإمام، وإن رجح خلافه، وقد علمت أن تملك أرض الحرم على قول الإمام غير متحقق فوجوب القيمتين غير متصور، وهذا مما خفي على كثير من الناظرين في هذا المقام وبهذا التقرير استغنى عن قوله في البحر المراد بغير المملوك الذي لم ينبته أحد سواء كان مملوكا أو لا‏.‏ ا هـ‏.‏ وفيما يأتي من كلام الفتح إشارة إلى هذا الجواب لكن لا يخفى ما فيه على المتأمل النبيه؛ لأن الاحتراز عما لو أنبته إنسان إنما يتأتى على قولهما بتحقق ملك الحرم، وما يستنبت فيه لا على قول الإمام

‏(‏قوله‏:‏ فما فيه الجزاء هو ما نبت بنفسه إلخ‏)‏ أي كأم غيلان سواء كان مملوكا بأن يكون في أرض مملوكة لأحد أو غير مملوك لباب وشرحه

‏(‏قوله‏:‏ كصيد الحرم‏)‏ أي في حق الحلال؛ لأن المحرم تلزمه قيمة يخير فيها بين الهدي والإطعام والصوم كما قدمه عن الهداية عند قول المتن وبذبح الحلال صيد الحرم قيمة يتصدق بها لا صوم، وقدمناه أيضا عن اللباب وشرحه

‏(‏قوله‏:‏ فإن بيعه لا يجوز‏)‏ أي لا يصح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأجابا بمنع الحرج إلخ‏)‏ قال في البرهان ولقائل أن يقول إن احتياج أهل مكة إلى حشيش الحرم لدوابهم فوق احتياجهم إلى الإذخر لعدم انفكاكها منه، وأمرهم برعيها خارج الحرم في غاية المشقة إذ أقرب حد الحرم جهة التنعيم، وهو فوق أربعة أميال والجهات الأخر سبعة وثمانية، وعشرة فلو حرم رعيه لحرج الرعاة كل يوم مانعين لها منه إلى إحدى الجهات في زمن ثم عادوا في مثله، وقد لا يبقى من النهار وقت ترعى فيه الدواب إلى أن تشبع على أن أصل جعل الحرم إنما كان ليأمن أهله على أنفسهم، وأموالهم فلو لم يجز لهم رعي حشيشه لخطفوا كغيرهم قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم‏}‏ ذكره في معرض الامتنان عليهم حيث كانت العرب حول مكة يغزو بعضهم بعضا يتغاورون ويتناهبون، وأهل مكة قارون آمنون فيها لا يغزون، ولا يغار عليهم مع قلتهم، وفي قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا يختلى خلاها» وقوله، «ولا يعضد شوكها» وسكوته عن نفي الرعي إشارة في جوازه، ولو كان الرعي مثله لبينه، ولا مساواة بينهما ليلحق به دلالة إذ القطع فعل من يعقل والرعي فعل العجماء، وهو جبار، وعليه عمل الناس، وليس في النص دلالة على نفي الرعي ليلزم من اعتبار البلوى معارضته بخلاف الاحتشاش الذي قال به ابن أبي ليلى والله أعلم كذا في حاشية المدني عن حاشية شيخه على اللباب‏.‏ أقول‏:‏ وفي اللباب ولا يجوز رعي الحشيش، ولو ارتعته دابته حالة المشي لا شيء عليه، ولا يجوز اتخاذ المساويك من أراك الحرم وسائر أشجاره إذا كان أخضر ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وليس إحرام الحج أقوى إلخ‏)‏ قال في النهر لكن يرد عليه ما مر من أنه لو جامع بعد ما طاف لها أربعة أشواط تجب شاة، ولو كان ذلك بعد الوقوف فبدنة فقالوا في الفرق إظهارا للتفاوت بينهما، ولو تساويا لم يتفاوت

‏(‏قوله‏:‏ قارنا كان أو متمتعا ساق الهدي‏)‏ قد مر أن المتمتع الذي لم يسق الهدي مخير بين الحلق وبين بقائه محرما إلى أن يدخل إحرام الحج والظاهر أن الذي اختار البقاء مثل من ساق الهدي كما يدل عليه التحقيق السابق، ومسألة من جمع بين حجتين الآتية ثم رأيته في اللباب حيث قال‏:‏ وما ذكرناه من لزوم الجزاءين على القارن هو حكم كل من جمع بين الإحرامين كالمتمتع الذي ساق الهدي أو لم يسقه، ولكن لم يحل من العمرة حتى أحرم بالحج، وكذا من جمع بين الحجتين أو العمرتين على هذا لو أحرم بمائة حجة أو عمرة ثم جن قبل رفضها فعليه مائة جزاء‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقد قدمنا أن المذهب إلخ‏)‏ أي عند قول المتن فإذا حلق يوم النحر حل من إحراميه

‏(‏قوله‏:‏ فلا حاجة إلى استثنائه‏)‏ قال في الشرنبلالية لكن ذكر لبيان قول زفر‏.‏ ا هـ‏.‏ أي للتنصيص على مخالفته

‏(‏قوله‏:‏ وأورد في غاية البيان إلخ‏)‏ أقول‏:‏ أوصل في اللباب المستثنيات إلى اثني عشر، وفي شرحه كلام طويل فراجعهما‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأما مسألة الحلق قبل الذبح إلخ‏)‏ ما أجاب به هنا قد عزاه فيما سبق إلى العناية، وقدمنا عن السعدية ما فيه فالأوجه ذكر ما قدمه هناك عن غاية البيان من أنه لم يجن إلا على إحرام الحج لفراغه من أفعال العمرة فيلزمه دم واحد، وهو الذي مشى عليه في السعدية، وقدمنا ما فيه أيضا فراجعه عند قوله ودمان لو حلق القارن قبل الذبح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإن كان قد اصطاده، وهو حلال إلخ‏)‏ قال الرملي فيه دلالة على أن البيع في هذه الصورة فاسد وبه صرح في النهر مع أنه داخل في عموم كلام المصنف، وكلامه صريح في أن المشتري محرم أيضا فيكون مخرجا لكلام المصنف عن الإطلاق فقوله سواء كانا محرمين أو أحدهما إلخ مستدرك فتأمله، وقوله وإن كان قد اصطاده، وهو حلال إلى قوله يضمن له قيمته، وأما الجزاء فعلى كل واحد يصلح جوابا لما ألغز به بعضهم بقوله عندي سؤال حسن مستظرف فرع على أصلين قد تفرعا أتلف شيئا برضا مالكه ويضمن القيمة والمثل معا، ولم أر من نظم الجواب فنظمته بقولي هذا حلال باع صيدا محرما فما حمى إحرامه وما رعى وأتلف الصيد المبيع جانيا فضمن القيمة والمثل معا‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن فيه أن المبيع فاسدا يملكه المشتري بالقبض فالمالك هذا هو المشتري لا البائع

‏(‏قوله‏:‏ فلو لم يفعل ودفعه إلى المغصوب منه إلخ‏)‏‏.‏ أقول‏:‏ وجوب الجزاء في هذه الصورة مشكل لما مر عند قول المتن، ولو أخذ حلال صيدا فأحرم ضمن مرسله من أنه قد أتلفه المرسل فيضمنه والواجب عليه ترك التعرض ويمكنه ذلك بأن يخليه في بيته فإذا قطع يده عنه كان متعديا‏.‏ ا هـ‏.‏ فقوله والواجب عليه ترك التعرض إلخ صريح في أنه لا يلزمه إرساله من يده لإمكان تخليته في بيته فهلا كان دفع الغاصب مثل تخلية المالك فليتأمل

‏(‏قوله‏:‏ ولو أخرجها من الحرم فباعها أو ذبحها إلخ‏)‏ تقدم عن النهر أنه ضعيف تأمل‏.‏