فصل: باب التيمم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


باب التيمم

‏(‏قوله‏:‏ على الصعيد الطاهر‏)‏ كان عليه أن يقول المطهر كما سينبه عليه نفسه عند قول المصنف بطاهر من جنس الأرض

‏(‏قوله‏:‏ كما في مسألة اللمعة‏)‏ أي لو اغتسل الجنب وفرغ ماؤه ثم علم أنه بقيت منه لمعة من جسده لم يصبها الماء، فإنه يتيمم لها؛ لأنه لم يخرج عن الجنابة ولو أحدث قبل أن يتيمم لها، فإنه يتيمم تيمما واحدا لها للحدث، وإذا أحدث بعد التيمم ثم وجد ماء يكفي لكل واحد منهما على الانفراد غسل به اللمعة؛ لأن الجنابة أغلظ ثم يتيمم للحدث ولو بدأ بالتيمم ثم غسلها في رواية لا يجوز ويعيد التيمم وفي رواية له أن يبدأ بأيهما شاء قيل الأولى قول محمد والثانية قول أبي يوسف وفي المسألة تفاصيل بينها في السراج وقد ذكر في السراج مسألة النجاسة بعد هذه وقال لو بدأ بالتيمم أولا ثم غسل النجاسة أعاد التيمم إجماعا بخلاف المسألة الأولى أي مسألة اللمعة على قول أبي يوسف؛ لأنه تيمم هنا، وهو قادر على ماء لو توضأ به جاز وهناك أي في مسألة اللمعة لو توضأ بذلك الماء لم يجز؛ لأنه عاد جنبا برؤية الماء ا هـ‏.‏ وبه يندفع النظر فتدبر

‏(‏قوله‏:‏ والفرسخ اثنا عشر ألف خطوة إلخ‏)‏ قال الرملي هذا مخالف لما في الزيلعي والجوهرة أن قدر الميل أربعة آلاف ذراع والذي هنا ستة آلاف ذراع ورأيت في القلادة الجوهرية ما صورته قال صاحبنا أبو العباس أحمد شهاب الدين بن الهائم رحمه الله وإليه يرجع في هذا الباب البريد أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال والميل ألف باع والباع أربعة أذرع والذراع أربعة وعشرون أصبعا والأصبع ست شعيرات مرصوصة بالعرض والشعير ست شعرات بشعر البرذون ا هـ كلامه، وهو موافق لما في الزيلعي‏.‏ قد نظم ذلك بعضهم فقال إن البريد من الفراسخ أربع ولفرسخ فثلاث أميال ضعوا والميل ألف أي من الباعات قل والباع أربع أذرع تتتبع ثم الذراع من الأصابع أربع من بعدها العشرون ثم الأصبع ست شعيرات فظهر شعيرة منها إلى بطن لأخرى توضع ثم الشعيرة ست شعرات فقل من شعر بغل ليس فيها مدفع أقول‏:‏ فتحصل من هذا كله أن ما نقله الزيلعي هو المعول فتأمل ا هـ‏.‏ كلام الرملي ملخصا وفي الشرنبلالية قال بعد نقله ما ذكره الزيلعي عن البرهان عن ابن شجاع قلت يمكن أن يقال لا خلاف لحمل كلام ابن شجاع على أن مراده بالذراع ما فيه أصبع قائمة عند كل قبضة فيبلغ ذراعا ونصفا بذراع العامة ويؤيده ما قاله الزيلعي مقتصرا عليه، وهو أي الميل ثلث الفرسخ أربعة آلاف ذراع بذراع محمد بن فرج بن الشاشي طولها أربعة وعشرون أصبعا وعرض كل أصبع ست حبات شعير ملصقة ظهر البطن ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن ما ادعاه من تأييد عبارة الزيلعي لما قاله من التوفيق غير ظاهر بعد تحديده الذراع وكذا ما مر عن ابن الهائم تأمل

‏(‏قوله‏:‏ ومن كان في كلة‏)‏ قال في القاموس هي الستر الرقيق وغشاء رقيق يتوقى به من البعوض‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ كما نقله في المحيط‏)‏ عبارته على ما في التتارخانية، وأما إذا وجد أحدا يوضئه فهذا على وجهين‏:‏ الأول‏:‏ أن يكون الذي يوضئه حرا في هذا الوجه قال أبو حنيفة رحمه الله يجزئه التيمم وقالا لا يجزئه الثاني إذا كان الذي يوضئه مملوكا له بأن كان عبدا أو أمة لا شك أن على قولهما لا يجوز له التيمم، وأما على قول أبي حنيفة رحمه الله فقد اختلف المشايخ والصحيح أنه لا يجوز له التيمم وذكر في الوجه الأول عن فتاوى الحجة سئل أبو حنيفة رحمه الله عمن عجز بنفسه عن الوضوء قال يجوز له التيمم، وإن كان يجد من يوضئه ثم قال في الذخيرة قال الفضلي‏:‏ هو الصحيح من مذهبه، فإن من أصله أن لا يعتبر المكلف قادرا بقدرة غيره

‏(‏قوله‏:‏ لا يفترض عليه ذلك عنده‏)‏ قيده في الخلاصة بما إذا كان المعين حرا ثم الفرق بين الحر والمملوك بما سيأتي وذكر قبله إن كان معه أحد يعينه على استعمال الماء إن كان المعين حرا أو أجنبيا جاز له التيمم وعندهما لا يجوز، فإن كان المعين مملوكا اختلفت المشايخ فيه على قول أبي حنيفة رحمه الله أي والصحيح أنه لا يجوز كما مر قلت ويفهم من هذا أن قوله لا يعتبر قادرا بقدرة غيره المراد بالغير غير الخادم وكأنه لوجوبه على الخادم اعتبر قادرا به كما يأتي في الفرق تأمل

‏(‏قوله‏:‏ والفرق بين الزوجة والمملوك إلخ‏)‏ لا يحتاج إلى الفرق على ظاهر المذهب؛ لأنه لا يجوز له التيمم إذا وجد الزوجة أو المملوك

‏(‏قوله‏:‏ والظاهر عدم الجواز إذا كان قليلا إلخ‏)‏ قال في النهر وكلامه يعطي أن القليل ثمن المثل والكثير ما زاد عليه وينبغي أن يقيد بذلك إطلاق ما في التجنيس فلا يلزم الاستئجار حال وجود الماء إذا طلب أكثر من أجرة المثل ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وهذا الذي استظهره شارح المنية العلامة ابن أمير حاج أخذا مما اتفقت عليه كلمتهم في ماء الوضوء إذا كان يباع ولا يوجد مجانا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ تيمم سواء كان إلخ‏)‏ لأبي حنيفة ما روي عن‏:‏ «رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية وأمر عليهم عمرو بن العاص، وكان ذلك في غزوة ذات السلاسل فلما رجعوا شكوا منه أشياء من جملتها أنهم قالوا صلى بنا، وهو جنب فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أجنبت في ليلة باردة فخفت على نفسي الهلاك لو اغتسلت فذكرت ما قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما‏}‏ فتيممت وصليت بهم فقال لهم رسول الله ألا ترون صاحبكم كيف نظر لنفسه ولكم ولم يأمره بالإعادة» ولم يستفسر أنه كان في مفازة أو مصر وعلل بعلة عامة، وهو خوف الهلاك ورسول الله صلى الله عليه وسلم استصوب رأيه والحكم يتعمم بعموم العلة ا هـ حلية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وجوازه للمحدث قول بعض المشايخ‏)‏ قال الرملي أي جواز التيمم عند خوف البرد له قوله بعض المشايخ واختاره في الأسرار كما نص عليه في النهر وأقول‏:‏ يشكل على تصحيح عدم الجواز مسألة المسح الآتية في بابه، وهي جواز التيمم بعد مضي المدة إذا خاف سقوط رجله من البرد كما حققه الشيخ كمال الدين بن الهمام واختاره الحلبي في شرح المنية وليس هو إلا تيمم المحدث لخوفه على عضوه فحينئذ يتجه اختيار قول بعض المشايخ وقد ظهر بقوله كأنه والله تعالى أعلم لعدم اعتبار ذلك إلخ أنه لو تحقق أو غلب على الظن يجوز اتفاقا وذلك؛ لأن مثله مدفوع عنا بالنص الشريف تأمل ا هـ‏.‏ ولكن سيأتي منه في محله تضعيف هذا التصحيح الذي نقله عن ابن الهمام وأن ظاهر المتون أن الواجب عند خوف سقوط رجله من البرد هو المسح لا التيمم وستطلع إن شاء الله تعالى على تأييدنا له بالنقول الصريحة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ يتيمم ويصلي بالإيماء‏)‏ أقول‏:‏ إن كان المنع من الوضوء فقط كما هو ظاهر كلام الدرر يتيمم ويصلي بالركوع والسجود، وإن كان من الوضوء والصلاة معا يتيمم ويصلي بالإيماء ثم يعيد الصلاة في الصورتين إذا زال المانع كذا في حاشية الدرر للعلامة نوح

‏(‏قوله‏:‏ فلا تجب الإعادة‏)‏ وبه جزم الشرنبلالي في شرح نور الإيضاح

‏(‏قوله‏:‏ معراج الدراية إلى الأول‏)‏ أي إلى كونه من قبل الله تعالى

‏(‏قوله‏:‏ صاحب النهاية إلى الثاني‏)‏ أي إلى كونه من قبل العباد

‏(‏قوله‏:‏ وتحرر أن المراد بالخوف من العدو إلخ‏)‏ ويلحق بخوف العدو والسبع ما هو مثله كخوف الحية أو النار لكن بعد زوال العذر يجب الإعادة بالوضوء فيما إذا كان خائفا من عدو لما أن العذر جاء من قبل العباد، وذلك لا يؤثر في إسقاط فرض الوضوء كذا ذكر صاحب الهداية في التجنيس، وكذا المحبوس في السجن والأسير والمقيد خلافا لأبي يوسف في الإعادة وفي منية المصلي لو صلى بالإيماء لخوف عدو أو سبع أو مرض أو طين لا يعيد بالإجماع والقيد إذا صلى قاعدا يعيد عند أبي حنيفة ومحمد خلافا لأبي يوسف‏.‏ ا هـ‏.‏ ابن ملك على التحفة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وهذا كله موافق لقواعدنا‏)‏ أقول‏:‏ هو كذلك ولكن في التتارخانية ما يخالفه حيث قال بعد ما مر عن الخلاصة قال القاضي الإمام فخر الدين‏:‏ إن كان نقصان قيمة المنديل قدر درهم يتيمم وليس عليه أن يرسل المنديل فأما إذا كان النقصان أقل من قيمة درهم لا يتيمم كما لو كان في الصلاة فرأى من يسرق ماله، فإن كان مقدار درهم يقطع الصلاة، وإن كان أقل لا يقطع كذا هنا ا هـ‏.‏ وأنت خبير بأن ما ذكره عن الشافعية قرب إلى القواعد؛ لأنه لو وجد الماء يباع يلزمه شراؤه بثمن المثل ولو كانت قيمته أكثر من درهم ولكن الرجوع إلى المنقول في المذهب أولى فتأمل وقد ظهر لي في الفرق بين هذا وبين الشراء أن الشراء وإن كثرت القيمة مبادلة بعوض فليس فيه إتلاف مال بخلاف إدلاء المنديل وشقه، فإن فيه إتلاف مال بلا عوض ولا ضرورة داعية؛ لأنه حيث عدم الماء يعدل إلى بدله، وهو التيمم فلا يرتكب المنهي لأجله تأمل وقد عللوا عدم لزوم الشراء بالغبن الفاحش بأن الزيادة لم يقابلها عوض فلا يلزمه لانتفاء الضرر شرعا ومما يقر به أنه لو كان معه ثوب نجس ولا ماء عنده، فإنه يصلي به ولا يلزمه قطع محل النجاسة منه كما سيأتي ولم يفصلوا بين كونه إذا قطع ينتقص بقدر قيمة الماء أن لو كان موجودا أو بأكثر وما ذاك إلا للزوم الضرر بلا عوض

‏(‏قوله‏:‏ ودفعه في فتح القدير إلخ‏)‏ قال العلامة المقدسي فيما نقل عنه أقول‏:‏ يمكن أن يقال إنما يكون الرجوع محذورا إذا كان عقد الهبة حقيقيا أما إذا كان على وجه الحيلة فلا، إذ الموهوب له لا يتأدى من الرجوع هنا أصلا تأمل‏.‏ ا هـ‏.‏ قلت على أنه سيأتي عن الوافي عند قول المتن ويطلبه من رفيقه أنه إذا كان مع رفيقه ماء فظن أنه إن سأله أعطاه لم يجز التيمم، وإن كان عنده أنه لا يعطيه يتيمم، وإن شك في الإعطاء وتيمم وصلى فسأله فأعطاه يعيد وهنا إن لم يرجع بهبته يجب عليه أن يسأله لوجود الظن بإعطائه اللهم إلا أن يتعاهدا على أنه إن سأله بعد الهبة لا يعطيه تتميما للحيلة تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولعل وجهه إلخ‏)‏ قال في النهر، فإن قلت قد وقع في عبارة بعض علمائنا المتقدمين أنه شرط وبه صرح الشارح وعليه فلا يتجه التوجيه قلت حمله في عقد الفوائد على ما لا بد منه، وإلا فهو ركن قطعا وفي البدائع هل هو من تمام الركن لم يذكر في الأصل ولكنه ذكر ما يدل عليه قال‏:‏ وهو ظاهر الرواية على أن مجيء اسم الفاعل صفة أكثر من مجيئه حالا إذا عرف هذا فما جرى عليه العيني من أنه حال وكونه صفة احتمال فيه نظر لا يخفى

‏(‏قوله‏:‏ وفي فتح القدير معزيا إلى الحلية‏)‏ أقول‏:‏ في حفظي أن الحلية التي ينقل عنها في معراج الدراية من كتب الشافعية وحينئذ فلا ينافي ما في السراج

‏(‏قوله‏:‏ وتعقب ما في المستصفى إلخ‏)‏ قال في النهر هذا لا يصلح دفعا كما لا يخفى

‏(‏قوله‏:‏ والمقصود، وهو التخليل لا يتوقف عليه‏)‏ أي على الضرب الثالث ولكن سيأتي أن محمدا يشترط الغبار فلو لم يدخل بين أصابعه يحتاج إلى الثالثة ليخلل بالغبار على قوله

‏(‏قوله‏:‏ فيمسح بهما كفيه وذراعيه‏)‏ أي ويمر بباطن إبهامه اليسرى على ظاهر إبهامه اليمنى قال العارف في شرح الهداية وقال والدي رحمه الله بعد نقله هذه الكيفية وهذه الصورة حكاية ابن عمر رضي الله تعالى عنهما‏:‏ «تيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم» وكذا روى جابر أيضا

‏(‏قوله‏:‏ فإن التراب الذي على يده يصير مستعملا بالمسح‏)‏ فيه نظر؛ لأنه إن استعمل بأول الوضع يلزم أن لا يجزئ في باقي العضو، وإلا يستعمل بأول الوضع كالماء لا يلزم ما ذكره، وهو كذلك يؤيده ما قاله العارف في شرح هدية ابن العماد عن جامع الفتاوى وقيل يمسح بجميع الكف والأصابع؛ لأن التراب لا يصير مستعملا في محله كالماء ا هـ‏.‏ ولذا عبر بعضهم في هذه الكيفية بقوله والأحسن إشارة إلى تجويز خلافه إلا أن يقال المراد أنه يصير مستعملا صورة لا حقيقة ولكن الفرق ظاهر بين هذا وبين قوله حتى لو ضرب يديه مرة إلخ تأمل

‏(‏قوله‏:‏ إذ لا جمع بينهما كما لا يخفى‏)‏ قال في النهر وغير خاف أن الجواز حاصل بأيهما كان نعم الضرب بالباطن سنة

‏(‏قوله‏:‏ وهذا النقل عن الذخيرة إلخ‏)‏ أقول‏:‏ راجعت الذخيرة فرأيته ذكر العبارتين، فإنه بعد ما ذكر العبارة التي نقلها ابن أمير حاج قال بعد أسطر والأصح أنه يضرب بباطن كفه وظاهره على الأرض، وهذا يصير رواية أخرى بخلاف ما أشار إليه محمد ا هـ ما رأيته في الذخيرة أقول‏:‏ وهذا يعين أن المراد بالواو وحقيقتها تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وسنن التيمم سبعة إلخ‏)‏ زاد العارف في شرح الهداية ثلاثة أخرى، وهي التيامن كما في جامع الفتاوى والمجتبى وخصوص الضرب على الصعيد لموافقة الحديث قال في الخانية والضرب أولى ليدخل التراب في أثناء الأصابع وأن يكون بالكيفية المخصوصة، وهي المتقدمة على الخلاف فيها فهي عشرة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ إلا أن الشمني إلخ‏)‏ أقول‏:‏ نص عبارة الظهيرية هكذا وكما يجوز التيمم للجنب لصلاة الجنازة وصلاة العيد فكذلك يجوز للحائض إذا طهرت من الحيض إذا كان أيام حيضها عشرة، وإن كان أقل من عشرة لا يجوز ا هـ بحروفه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والذي يظهر أن هذا التفصيل غير صحيح‏)‏ قال في النهر ما في الظهيرية يجب حمله على ما إذا انقطع لأقل من عادتها لما سيأتي في الحيض اتفاقا من أنه لا يحل قربانها، وإن اغتسلت والحالة هذه فضلا عن التيمم وإليه يشير ما قاله الإسبيجابي ا هـ‏.‏ أي قوله الآتي إذا كانت أيامها دون العشرة أي عادتها ذلك أقول‏:‏ ولا يخفى أن قول الظهيرية إذا كان أيام حيضها عشرة إلخ يفيد أن المراد الانقطاع للعادة لا للأقل فهذا الحمل بعيد من عبارة الظهيرية التي نقلناها فتعين ما قاله المؤلف‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فيجوز للتراب الذي عليها‏)‏ قال في النهر قيده الإسبيجابي بأن يستبين أثر التراب بمده عليه، وإن كان لا يستبين لا يجوز وعلى هذا كل ما لا يجوز عليه التيمم، وهو حسن فليحفظ‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي في كلام المؤلف‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فكان الأول سهوا‏)‏ أقول‏:‏ الذي حرره صاحب المنح عدم الجواز بالمرجان لشبهه بالنبات لكونه أشجارا نابتة في قعر البحر قال فلا سهو في كلام الكمال بل الصواب ما ذهب إليه وأطال في هذا المحل وأرجع العلامة المقدسي فيما نقل عند كلام الكمال إلى كلامهم قال؛ لأنه قال لا اللؤلؤ والمرجان فالمراد صغار اللؤلؤ كما فسر به في الآية في سورة الرحمن، وهو غير ما أراده في التوشيح وغاية البيان

‏(‏قوله‏:‏ بخلاف المشوي لاحتراق ما فيه من أجزاء الأرض‏)‏ كذا فيما رأينا من النسخ، وهو مشكل لاقتضائه أن لا يجوز بالآجر المشوي ثم راجعت فتح القدير فإذا فيه لاحتراق ما فيه مما ليس من أجزاء الأرض فظهر أن في عبارة المؤلف سقطا بسببه اختل الكلام

‏(‏قوله‏:‏ وقيد الجواز بالطين الولوالجي إلخ‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ في استفادة تقييد الجواز بما ذكر نظر إذ عبارة الولوالجي المسافر إذا كان في ردغة طين ولم يجد الصعيد فنفض لبده أو ثوبه وتيمم بغباره جاز؛ لأنه من أجزاء الأرض، وإن لم يكن فيه غبار لطخ ثوبه من الطين حتى إذا جف تيمم؛ لأن هذا تحصيل التراب فيجب عليه ذلك كما يجب عليه تحصيل الماء لو قدر عليه، وإن ذهب الوقت قبل أن يجف لا يتيمم بالطين ما لم يجف لكن مشايخنا قالوا هذا قول أبي يوسف رحمه الله، فإن عنده لا يجوز التيمم إلا بالتراب أو بالرمل فأما عند أبي حنيفة، فإن خاف ذهاب الوقت تيمم بالطين؛ لأن التيمم بالطين عنده جائز؛ لأنه من أجزاء الأرض إلا أنه لا يتيمم قبل خوف ذهاب الوقت كي لا يتلطخ بوجهه فيصير بمعنى المثلة هذا إذا لم يقدر على الصعيد أما إذا قدر عليه مع هذا كما لو نفض ثوبه وتيمم بغباره جاز في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وقال أبو يوسف رحمه الله لا يجوز؛ لأن الجواز عنده متعلق بالتراب أو بالرمل ولم يوجد ا هـ‏.‏ كلامه فقوله؛ لأن التيمم عنده بالطين جائز إلخ صريح في عدم اشتراط خروج الوقت له كان في معنى المثلة وجب تأخير فعله إلى ذلك الوقت لئلا يباشر ما هو في معنى المثلة لغير ضرورة لا أنه لو فعله لم يجز، وهذا مستفاد من إطلاق المتون جوازه من جنس الأرض وبما سبق ظهر لك صحة ما بحثته في التيمم على الجوخة وأنه على التفصيل بحصول الغبار وعدمه تأمل ثم إني رأيت الشيخ عمر بن نجيم رحمه الله في النهر ذكر عين ما ذكرته حيث قال ثم إني راجعت الفتاوى الولوالجية فإذا الذي فيها ونقل عبارته المتقدمة ثم قال فتوهم رحمه الله أن معناه لا يصح التيمم وليس كذلك بل معناه لا ينبغي له فعل ذلك بلا ضرورة ولو فعل جاز؛ لأنه تيمم بما هو من أجزاء الأرض ولا جائز أن يكون من أجزائها في حال دون حال

‏(‏قوله‏:‏ فالظاهر عدم الجواز‏)‏ قال الرملي بل الظاهر التفصيل إن استبان أثره جاز، وإلا لا لوجود الشرط خصوصا في ثياب ذوي الأشغال تأمل

‏(‏قوله‏:‏ وقال أبو يوسف لا يجوز إلخ‏)‏ قال الرملي قال في الحاوي القدسي والمختار قول أبي يوسف وقال في شرح المنظومة المسمى بالحقائق والصحيح قول الشيخين ا هـ‏.‏ وأقول‏:‏ قول الشيخين هو الذي اعتمده أصحاب المتون فلا يخفى أن ما في الحاوي غريب والله تعالى أعلم قوله «وجعل تربتها لنا طهورا» ما سيأتي من قوله، وأما رواية وترابها طهورا إلخ يقتضي أن يكون المذكور هنا ترابها لا تربتها تأمل

‏(‏قوله‏:‏ وقولهم إن مفهوم اللقب حجة‏)‏ بجر قول عطفا على المصدر المسبوك الواقع مضاف إلى تسليم أي وتسليم قولهم أن مفهوم اللقب حجة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ومثله توضأت من النهر‏)‏ أي مثل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فامسحوا بوجوهكم‏}‏ الآية في كون من للابتداء في المكان

‏(‏قوله‏:‏ الأول أن الصعيد المذكور في الآية ظرف مكان إلخ‏)‏ أقول‏:‏ تقدم أن الصعيد اسم لوجه الأرض ترابا كان أو غيره وحينئذ لا يخلو إما أن يراد بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فتيمموا‏}‏ المعنى اللغوي أو الشرعي، فإن كان الأول يكون المعنى اقصدوا وجه الأرض فهو مفعول به لا ظرف نظير قولك قصدت دار زيد، وإن كان الثاني فهو مفعول به على تقدير الباء كما نسبه إلى الشافعي رحمه الله ولا يجوز أن يكون ظرف مكان؛ لأنه مختص بل هو اسم مكان نعم يجوز في اسم المكان النصب ولكن يكون نصبه نصب المفعول به على التوسع في الكلام لا نصب الظرف؛ لأن الظرف غير المشتق من اسم الحدث يتعدى إليه كل فعل والبيت والدار مثلا في قولك دخلت البيت أو الدار ليسا كذلك فلا يقال نمت البيت ولا قرأت الدار مثلا كما يقال نمت أمامك وقرأت عندك فهو حينئذ منصوب على التوسع بإجراء اللازم مجرى المتعدي لا على الظرفية ومثله وجه الأرض كما لا يخفى

‏(‏قوله‏:‏ إن التيمم على التيمم ليس بقربة‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ وكذا الغسل على الغسل كما في القنية أيضا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أو الطهارة أو استباحة الصلاة أو رفع الحدث‏)‏ منصوبات بالعطف على خبر يكون

‏(‏قوله‏:‏ أو الإسلام‏)‏ قال في النهر لا ينبغي عد الإسلام هنا كما وقع في فتح القدير وغيره؛ لأنه يوهم أنه يصح معه لكن لا يصلي به كغيره وليس مراد العدم أهليته للنية ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ سيأتي أنه يصح عند أبي يوسف، وإن لم تصح الصلاة به فعده هنا مبني على قوله

‏(‏قوله‏:‏ أو خرأها‏)‏ قال في النهر زاده في الضابط لإدخال القراءة ولا حاجة إليه إذ وقوع القراءة جزء عبادة من وجه لا ينافي وقوعها عبارة مقصودة من وجه آخر ألا ترى أنهم أدخلوا سجود التلاوة في قولهم عبادة مقصودة مع أن السجود جزء من العبادة التي هي الصلاة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولقائل أن يمنع إلخ‏)‏ قال في النهر هذا ساقط جدا وأنى يتخيل ما ذكر مع قوله ذكرت إلخ والذي ذكره أنه لو تيمم للسلام لا تجوز الصلاة به عند عامة المشايخ وحينئذ فيتعين أن يكون لا تصححه أي الصلاة بدليل قوله في ظاهر المذهب؛ لأنه الذي فيه الخلاف ا هـ أقول‏:‏ ولا يخفى بعد هذا على أنه لا يناسبه الجواب الذي ذكره في الفتح بعد السؤال تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ بل عندنا ما هو أعم من ذلك‏)‏ أي أعم من ذلك أي أعم من وجه كما ذكره بعض الفضلاء لاجتماع القاعدتين في رد السلام مثلا، فإنه يحل بدون طهارة ويفوت لا إلى خلف وانفراد الأولى في مثل صلاة الجنازة، فإنها تفوت لا إلى خلف ولا تحل بدون طهارة وانفراد الثانية في مثل دخول المسجد للمحدث، فإنه يحل بدون طهارة من الحدث الأصغر ولا يصدق عليه أن يفوت لا إلى خلف

‏(‏قوله‏:‏ ولهذا قال في المبتغى إلخ‏)‏ قال في النهر أنت خبير بأن ما في المبتغى إن كان معناه للجنب كما هو ظاهر امتنع هذا التعليل ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وأنت خبير بأن قول المبتغى مع وجود الماء يعين حمله على المحدث ثم رأيت بعض الفضلاء اعترض على النهر فقال إن قول المبتغى مع وجود الماء لا يخلو إما أن يكون المراد به أن الماء خارج المسجد أو داخله، فإن كان الأول فهو باطل، وإن كان الثاني فهو صحيح ولكنه بعيد من عبارته بدليل قوله وكذا للنوم فيه‏.‏ ا هـ‏.‏ وهو يؤيد ما قلنا وقد يقال إن قوله وكذا للنوم فيه معناه إذا احتلم في المسجد ولم يمكنه الخروج يتيمم للنوم فيه فتكون المسألة الأولى فيما إذا كان الماء داخل المسجد والثانية فيما إذا كان خارجه وقد مرت المسألتان عن المحيط في شرح قول المصنف ولو جنبا أو حائضا إلخ وحينئذ فما ادعاه المؤلف من جواز التيمم مع وجود الماء في كل ما لا تشترط له الطهارة، وإن لم يكن مما يفوت إلى خلف دعوى بلا دليل؛ لأن عبارة المبتغى محتملة كما علمت وكيف وأصل مشروعية التيمم إنما هي عند فقد الماء بالنص وما يخاف فوته لا إلى بدل فيه معنى فقد الماء حكما أما ما سواه فلا فقد فيه أصلا فلا يجوز فعله قال في المنية ولو تيمم لمس المصحف أو لدخول المسجد عند وجود الماء والقدرة على استعماله فذلك التيمم ليس بشيء قال البرهان إبراهيم الحلبي في شرحها‏:‏ لأن التيمم إنما يجوز ويعتبر في الشرع عند عدم الماء حقيقة أو حكما ولم يوجد واحد منهما فلا يجوز ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وتحقيقه‏)‏ أي تحقيق ما قرره في البدائع، وهذا التقرير أحسن مما أجاب به بعضهم من أن الردة تحبط ثواب العمل، وذلك لا يمنع زوال الحدث كمن توضأ رياء، فإن الحدث يزول به، وإن كان لا يثاب على وضوئه‏.‏ ا هـ‏.‏ لأنه اعترض عليه بأن من صلى ثم ارتد ثم أسلم في الوقت يعيدها ولو حبط الثواب لا العمل لما أعاد الصلاة إذ لا فرق حينئذ بين صلاته ووضوئه قال بعضهم ويمكن الجواب بأن الردة تحبط ما هو عبادة لا غير والصلاة عبادة محضة فحبطت ثوابا وعملا فيلزم إعادتها، وأما الوضوء فطهارة مخصوصة شرطت لاستباحة الصلاة وليس بعبادة محضة لكنه يصير عبادة بالنية فالردة تحبط كون الوضوء عبادة لا كونه طهارة فيبقى الوضوء والتيمم من حيث إنهما طهارتان تصح بهما الصلاة كما لا يخفى‏.‏ ا هـ‏.‏

فوائد‏:‏

‏(‏قوله‏:‏ فالعبارتان على السواء‏)‏ فيه كلام؛ لأنه، وإن نقض الوضوء كل شيء نقض الغسل لكن لا ينقض الغسل كل ما نقض الوضوء، فإن الوضوء ينقضه الحدث، وهو لا ينقض الغسل يدل عليه ما ذكره بنفسه بعد ما ذكر من قوله‏.‏ واعلم أنه إذا تيمم عن جنابة إلخ فقد نقض الوضوء ما لم ينقض الجنابة فلم يقع قوله وينقضه أي التيمم ناقض الوضوء كليا والله تعالى أعلم فظهر بهذا أولوية التعبير بالأصل بدلا عن الوضوء لشموله التيمم عن الحدث والجنابة كذا في المنح ونحوه في النهر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فلو قالوا وينقضه زوال ما أباح التيمم‏)‏ أي بدل قولهم وقدرة ماء لكان أظهر إلخ

‏(‏قوله‏:‏ لكان أظهر في المراد‏)‏ قال في الدرر وعليه لو تيمم لبعده ميلا فسار فانتقص انتقض‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فكيف يصح أن يقال إلخ‏)‏ إذ لو كان كذلك لم يكن فرق بينه وبين طهارة المستحاضة ولم يجز أداء فرضين بالتيمم الواحد؛ لأنها طهارة ضرورية حينئذ بل يناسب قول الشافعي ومحمد رحمهما الله إن كان معه، وإن كان معهما فلا يناسبه أيضا

‏(‏قوله‏:‏؛ لأن انتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط‏)‏، فإن قيل هذا مخالف لما ذكر في الأصول من أنه لا يلزم من عدم الشرط عدم ولا من وجوده وجود ولا عدم فكيف يصح هذا أجيب بأن الشرط إذا كان مساويا للمشروط استلزمه، وهو هنا كذلك لما أن كل واحد من عدم الماء وجواز التيمم مساو للآخر تأمل وسيأتي هذا البحث في كلامه مع زيادة وقد يقال ما أجاب به هذا الفاضل يفيد أنه عند وجود القدرة على الماء تنتفي مشروعية التيمم بعد وجود الماء بمعنى أنه لا يباح له التيمم ولا يلزم من ذلك انتفاء الطهارة الحاصلة بالتيمم السابق وحينئذ فيلزم منه صحة الصلاة بتلك الطهارة بعد وجود الماء، وهو غير المطلوب تأمل

‏(‏قوله‏:‏ وأثبت الخلاف إلخ‏)‏ قال في الشرنبلالية نقلا عن البرهان تبعا للكمال إذا قال أبو حنيفة رحمه الله بجوازه لمستيقظ على شاطئ نهر لا يعلم به فكيف يقول بانتقاض تيمم المار به مع تحقق غفلته ا هـ‏.‏ وأجاب الشرنبلالي بقوله لكن ربما يفرق للإمام بينهما بأن النوم في حالة السفر على وجه لا يشعر بالماء نادر خصوصا على وجه لا يتخلله اليقظة المشعرة بالماء فلم يعتبر نومه فجعل كاليقظان حكما أو؛ لأن التقصير منه ولا كذلك الذي لم يعلم بالماء، وهو قريب منه يؤيده قول الهداية والنائم قادر تقديرا عند أبي حنيفة رحمه الله‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ في خمس وعشرين‏)‏ المذكور هنا سبع وعشرون، وهي كذلك في معراج الدراية

‏(‏قوله الأصح حنثه‏)‏ هو خلاف ظاهر ما مشى عليه المصنف في المختصر كما سيأتي

‏(‏قوله‏:‏ ولا يخفى أنه، وإن كان مملوكا لا يحل التصرف فيه‏)‏ قال في النهر عدم حل التصرف إن كان للموهوب لهم فمسلم ولا يضرنا، وإن كان للمأذون له فممنوع ا هـ‏.‏ ولا يخفى ما فيه

‏(‏قوله‏:‏ وقد يقال إنه ليس بتكرار محض‏)‏ قال في النهر أنت خبير بأن هذا بعد تسليمه إنما يصلح جوابا عن قوله تمنع التيمم وكأن التكرار مسلم عنده في قوله وترفعه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأجاب عنه في السراج الوهاج إلخ‏)‏ أقول‏:‏ يؤيده أن المواضع التي صرح أئمتنا فيها باستحباب التأخير كلها متضمنة فضيلة منها تأخير الفجر إلى الإسفار لما فيه من تكثير الجماعة وتوسيع الحال على النائم والضعيف في إدراك فضل الجماعة ومنها الإبراد في ظهر الصيف لما في التعجيل من تقليل الجماعة والإضرار بالناس، فإن الحر يؤذيهم؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ «أبردوا بالظهر، فإن شدة الحر من فيح جهنم» ومنها تأخير العصر لما فيه من توسعة الوقت لصلاة النوافل ومنها تأخير العشاء إلى ما قبل ثلث الليل لما فيه من قطع السمر المنهي عنه بعدها وقيل في الصيف يعجل كي لا تتقلل الجماعة فهذه العلل كلها مصرح بها في الهداية وغيرها، وهي مفقودة في المسافر، فإن الغالب عليه صلاته منفردا وعدم التنفل بعد العصر ويباح له السمر بعد العشاء فلم يكن في تأخيره فضيلة فكان الأفضل له المسارعة إلى الصلاة وقول الشراح كتكثير الجماعة ليس فيه حصر الفضيلة فيها بل هو تمثيل لها وذكر لبعض أفرادها فليس ذلك مخالفا لما ذكروه من استحباب تأخير بعض الصلوات هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم

‏(‏قوله‏:‏ والحق ما في غاية البيان إلخ‏)‏ حاصله تحقيق أن غير راجي الماء يؤخر أيضا ولكن إلى أول النصف الثاني من الوقت خلاف ما يفهم من كلامهم من عدم تأخيره أصلا لتصريحهم باستحباب تأخير بعض الصلوات كالفجر إلى الأسفار وظهر الصيف والعصر ما لم تتغير الشمس والعشاء إلى ثلث الليل فهو مقدم على المفهوم على أن محمدا رحمه الله لم يقيد استحباب التأخير بالراجي فشمل غيره أيضا لكن الراجي يؤخر عن الوقت المستحب وغيره لا يؤخر عنه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أي عن وقت الاستحباب‏)‏ ظاهر إتيانه بأي التفسيرية أنه تفسير من عنده لا من كلام المبسوط، وإذا كان كذلك فللخصم أن يقول ليس المراد بالوقت المعهود ذلك بل هو أول الوقت ما لم يتضمن التأخير فضيلة بل المتبادر من قوله المعهود أن يكون مراده أول الوقت

‏(‏قوله‏:‏ ويدل على ما ذكرناه إلخ‏)‏ لا يخفى ما في هذه الدلالة من الخفاء؛ لأن قوله ويصلي في وقت مستحب يحتمل أيضا أن يراد به أول الوقت؛ لأن الخصم قائل بأنه والمستحب إلا إذا تضمن التأخير فضيلة؛ ولذا قال في النهر ولا يخفى أن ما في الإسبيجابي مشترك الإلزام ا هـ أي أنه محتمل فللخصم أن يقول إنه دليل لي أيضا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لأن المندوب التطهر قبل الوقت‏)‏ قال الرملي‏:‏ هذا صريح في أن التيمم قبل الوقت مندوب وقل من صرح به

‏(‏قوله‏:‏ من عدم الماء‏)‏ هو الشرط وقوله وجواز التيمم، وهو المشروط

‏(‏قوله‏:‏ لجوازه‏)‏ أي التيمم وقوله مع وجوده أي الماء‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ كصلاة الجنازة والعيد‏)‏ فيه أنهم صرحوا بأن صلاة العيد تؤخر بعذر إلى اليوم الثاني في الفطر وتكون قضاء فإذا كان كذلك كانت مما يخلفها القضاء تأمل

‏(‏قوله‏:‏ وفيه ما تقدم من الاحتمال‏)‏، وهو ما مر عن الكمال من أنه يجوز أن يكون نوى معه ما يصح معه التيمم

‏(‏قوله‏:‏ وفي الولوالجية وعليه الفتوى‏)‏ لم أجد هذا اللفظ في الولوالجية نعم جزم في الخانية بهذا الشرط وقال كما لو صلى وللمكتوبة صلى كان له أن يصلي به مكتوبة أخرى‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو كان الخوف بناء‏)‏ الظاهر ما قدره في النهر بقوله ولو كان يبني بناء فأشار إلى أنه مفعول مطلق لفعل محذوف ويمكن أن يكون حالا أي ولو صلى به بانيا على ما صلاه بالوضوء قبل سبق الحدث ويمكن أن يكون مفعولا لأجله على القول بأنه لا يشترط فيه أن يكون فعله قلبيا أي ولو كان تيممه لأجل البناء

‏(‏قوله‏:‏ لا إلى بدل‏)‏ قدمنا أنها تقضى إذا أخرت بعذر ومفاده أن الإمام لو حضر بلا وضوء قبيل الزوال وخاف إن توضأ تزول الشمس أنها تؤخر كما بحثه بعض الفضلاء لكن قد يقال إنها لما كانت تصلى بجمع حافل فلو أخرت لهذا العذر ربما يؤدي إلى فوتها بالكلية بخلاف ما إذا أخرت لعذر فتنة أو عدم ثبوت رؤية الهلال إلا بعد الزوال، فإن كل الناس يستعدون لصلاتها في اليوم الثاني، وعدم تصريحهم بأن ذلك من الأعذار التي تؤخر لأجلها دليل على أنه ليس منها تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإن خاف فوتها وحدها إلخ‏)‏ توقف بعض الفضلاء في صورة ذلك ويمكن تصوير المسألة بما إذا وعده شخص بالماء وعلم أنه لو انتظره لا يدرك سوى الفرض لضيق الوقت عن صلاة السنة معها فهنا خاف فوت السنة وحدها ويمكن تصويرها أيضا بما إذا فاتت مع الفرض وأراد قضاءهما فخاف زوال الشمس إن صلى السنة بالوضوء، فإنه يتيمم ويصليها ثم يتوضأ ويصلي الفرض بعد الزوال، ولكن الصورة الأولى هنا أنسب‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لكن قد يقال قولهم لو كان الماء إلخ‏)‏ قال في النهر الظاهر أن المراد به ما يوضع فيه الماء عادة وإلى ذلك أشار المصنف، وهذا؛ لأن رحله مفرد مضاف يعم كل رحل سواء كان منزلا أو رحل بعير

‏(‏قوله‏:‏؛ لأن في الظن لا يجوز التيمم إجماعا‏)‏ أقول‏:‏ وكذا في الشك كما في السراج خلافا لما في النهر من عزوه إليه الجواز وعبارة السراج هكذا قيد بالنسيان احترازا عما إذا شك أو ظن أن ماءه قد فني فصلى ثم وجده، فإنه يعيد إجماعا ا هـ‏.‏ فتنبه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لكن يرد عليه لو صلى إلخ‏)‏ أقول‏:‏ فيه نظر ظاهر؛ لأنه إذا كانت هذه المسألة كمسألة الصلاة عاريا في لزوم الإعادة بالإجماع فوجهها ظاهر؛ لأن الثوب في رحله والرحل معد للثوب على أنه لا يناسبه ما بعده مع أن ذلك ليس في فتح القدير ونص ما فيه لكنه يشكل بمسألة الصلاة مع النجاسة، فإنه قد اعتبر الرحل فيها دليل ماء الاستعمال ا هـ‏.‏ وهذا لا غبار عليه ولعل لفظة الطاهر في عبارة المؤلف من تحريف النساخ والأصل المطهر أو أراد بالطاهر الماء الطاهر تأمل

‏(‏قوله‏:‏ لا يجوز الخلف مع فقد شرطه‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ بل شرطه موجود لا مفقود؛ لأن النسيان جعله في حكم المعدوم فانثلج الخاطر

‏(‏قوله‏:‏ ولقائل أن يقول إلخ‏)‏ حاصله أن في كلامه تدافعا؛ لأن فقد شرط التيمم هو القدرة ومعها لا يفوت الأصل وفي النهر أقول‏:‏ لا خفاء أن من شرائط التيمم طهارة المتيمم عليه فإذا فقد هذا مع فوات الأصل، وهو القدرة على الماء صار فاقد الطهورين، وهذا، وإن كان عدولا عن الظاهر إلا أنه يرتكب تصحيحا لكلام هذا الإمام‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أي يجب على المسافر طلب الماء‏)‏ يعني يفترض كما في الشرنبلالية مستدلا بقول قاضي خان يشترط

‏(‏قوله‏:‏ وظاهره أنه لا يلزمه المشي‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ معنى ما في الحقائق أنه يقسم المشي مقدار الغلوة على هذه الجهات فيمشي على أنها أربعمائة ذراع من كل جانب مائة ذراع إذ الطلب لا يتم بمجرد النظر ويدل على ذلك ما مر عن الإمام، وما في منية المصلي لو بعث من يطلب له كفاه عن الطلب بنفسه وكذا لو أخبره مكلف عدل من غير إرسال إذ على ما فهمه لا يحتاج إلى البعث أصلا ا هـ‏.‏ واعلم أن ما نقله هنا عن الحقائق هو مذهب الشافعي رحمه الله وذلك؛ لأنه قال في الشافي عند قول النسفي ولا لفرضين وقبل الوقت ولا بغير طلب وفوت ما نصه المسألة الثالثة لا يجوز لعادم الماء أن يتيمم إلا بعد الطلب عند توهم وجود الماء حواليه ولا يصح الطلب إلا بعد دخول الوقت والطلب أن ينظر يمينه وشماله وأمامه ووراءه غلوة وعندنا لا يجب الطلب وعند تحقق عدم الماء حواليه يتيمم من غير طلب إجماعا ا هـ كلامه‏.‏ وكان المؤلف حمل كلامه على أن ذلك التفسير للطلب ليس خاصا بقول الشافعي هذا وفي شرح المنية الصغير فيطل يمينا ويسارا قدر غلوة من كل جانب، وهي ثلثمائة خطوة إلى أربعمائة وقيل قدر رمية سهم ا هـ‏.‏ وظاهره أن الطلب غلوة من جانبي اليمين واليسار؛ ولذا قال في الشرح الكبير ولا يلزمه أن يطلبه مقدار ميل من كل جانب للزوم الضرر ا هـ‏.‏ ويؤيده ما مر من سؤال أبي يوسف لأبي حنيفة وجوابه له وكذا نقل بعضهم عن البرجندي وخزانة المفتين أنه يجب في جانب اليمين واليسار وكذا في الشرنبلالية عن قاضي خان لكن فيها عن البرهان أن قدر الطلب بغلوة من جانب ظنه ا هـ‏.‏ والظاهر حمل عباراتهم على هذا توفيقا بينهم فتأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فاندفع بهذا ما وقع في الهداية إلخ‏)‏ قد يوفق بين ما في المبسوط وما في الهداية بأن الحسن رواه عن أبي حنيفة رحمه الله في غير ظاهر الرواية وأخذ هو به فاعتمد في المبسوط ظاهر الرواية واعتمد صاحب الهداية رواية الحسن لكونها أنسب بمذهب أبي حنيفة رحمه الله في عدم اعتبار القدرة بالغير وفي اعتبار العجز للحال والله سبحانه أعلم كذا في شرح المنية للعلامة البرهان إبراهيم الحلبي وذكر قبله أن الوجه هو التفصيل كما قال أبو نصر الصفار أنه إنما يجب السؤال في غير موضع عزة الماء، فإنه حينئذ بتحقق ما قالا من أنه مبذول عادة في كل موضع ظاهر المنع على ما يشهد به كل من عانى في الأسفار فينبغي أن يجب الطلب ولا تصح الصلاة بدونه فيما إذا ظن الإعطاء لظهور دليلهما دون ما إذا ظن عدمه لكونه في موضع عزة الماء أما إذا شك في موضع عزة الماء أو ظن المنع في غيره فالاحتياط في قولهما والتوسعة في قوله؛ لأن في السؤال ذلا وقول من قال لا ذل في سؤال ما يحتاج إليه ممنوع واستدلاله بأنه عليه الصلاة والسلام سأل ثم بعض حوائجه من غيره مستدرك؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان أولى بالمؤمنين من أنفسهم فلا يقاس غيره عليه؛ لأنه إذا سأل افترض على المسئول البذل ولا كذلك غيره ا هـ‏.‏ ونحوه في شرح المنية للمحقق ابن أمير حاج الحلبي، وهو كلام حسن

‏(‏قوله‏:‏ ولو كان مع رفيقه لو لم يجب أن يسأله‏)‏ الذي رأيته في معراج الدراية يجب بدون لم

‏(‏قوله‏:‏ له أن يتيمم قبل أن يسأله عنه‏)‏ هذا مخالف لما في المعراج وفي السراج قيل يجب الطلب وقيل لا يجب قال في النهر وينبغي أن يكون الأول بناء على الظاهر والثاني على ما في الهداية

‏(‏قوله‏:‏ قيد بالماء؛ لأن العاري إذا قدر على شراء الثوب‏)‏ يوجد في بعض النسخ بياض بعد قوله الثوب وفي بعضها لفظة لا يجب وفي بعضها لا يصلي عريانا وهاتان النسختان مختلفتان حكما؛ لأن معنى الثانية منهما يجب وفي المسألة قولان حكاهما في السراج فقال ولو ملك ثمن الثوب هل يكلف شراءه قال إسماعيل الإمام لا ولو ملك ثمن الماء يكلف شراءه وقال عبد الله بن الفضل وأبو علي النسفي يجب أن يكونا سواء ويكلف شراء الثوب كما يكلف شراء الماء ا هـ‏.‏ والمتبادر من قول المؤلف قيد بالماء إلخ المشي على القول الأول فالأنسب نسخة لا يجب وسنذكر المسألة أيضا في شروط الصلاة والنسخ هناك مختلفة أيضا ففي بعضها الترديد وفي بعضها الجزم بعدم الوجوب، وكان صاحب النهر لم ير عبارة السراج فقال في شروط الصلاة ولو قدر عليه بثمن مثله لم يذكروه وينبغي أن يلزمه قياسا على شراء الماء ا هـ وما بحثه مخالف لما يفيده كلام أخيه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وإذا كان الصحيح أكثر من المجروح يغسل‏)‏ أي إذا كان يمكنه غسل الصحيح بدون إصابة الموضع الجريح بالماء أما إذا كان لا يمكنه غسله إلا بإصابة الماء للجريح على وجه يضره، فإنه يتيمم ففي الخانية وغيرها الجنب إذا كان به جراحات في عامة جسده، وهو لا يستطيع غسل الجراحة ويستطيع غسل ما بقي، فإنه يتيمم ويصلي؛ لأنه لو غسل غير موضع الجراحة ربما يصل الماء إليها فيضره لا جرم لو أمكنه أن يغسل غير موضع الجراحة ويمسح على الجراحة بالماء إن كان لا يضره المسح أو يعصبها بخرقة ويمسح على الخرقة فعل، وإن كان أكثر أعضائه صحيحا بأن كانت الجراحة على رأسه وسائر جسده صحيح، فإنه يدع الرأس ويغسل سائر الأعضاء ا هـ‏.‏ كذا في شرح المنية لابن أمير حاج فأفاد أن الجراحة لو كانت بظهره مثلا بحيث لو غسل ما فوقها أصابها الماء لا يلزمه غسله وأفاد أيضا أنه لو كان لا يمكنه مسح الجراحة إلا إذا عصبها لزمه تعصيبها ومسح العصابة

‏(‏قوله‏:‏ أما في الغسل إلخ‏)‏ نقله العلامة نوح أفندي عن حواشي العلامة قاسم على شرح المجمع‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وبه اندفع ما كان قد توهم قبل الوقوف على هذا النقل إلخ‏)‏ الذي قد كان توهم ذلك العلامة عبد البر بن الشحنة، فإنه ذكر عبارة الجلابي في شرحه على الوهبانية ونظمها بقوله ويسقط مسح الرأس عمن برأسه من الداء ما إن بله يتضرر ثم قال، وكان يقع في نفسي قبل وقوفي على هذا النقل أنه يتيمم لعجزه عن استعمال الماء وليس بعد النقل إلا الرجوع ولعل الوجه فيه أنه يجعل عادما لذلك العضو حكما فتسقط وظيفته كما في المعدوم حقيقة والله تعالى أعلم

‏(‏قوله‏:‏ وليس بعد النقل إلخ‏)‏ يوهم أن التيمم غير منقول مع أنه منقول أيضا ففي الفيض للكركي عن غريب الرواية من برأسه صداع من النزلة ويضره المسح في الوضوء أو الغسل في الجنابة يتيمم والمرأة لو ضرها غسل رأسها في الجنابة أو الحيض تمسح على شعرها ثلاث مسحات بمياه مختلفة وتغسل باقي جسدها ا هـ قال في الفيض‏:‏ وهو عجيب‏.‏