فصل: أقسام البيع:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.حكمة مشروعية الخيار:

الخيار في البيع من محاسن الإسلام، إذ قد يقع البيع بغتة من غير تفكير ولا تأمل، ولا نظر في القيمة والسلعة، فيندم أحد المتبايعين أو كلاهما.
من أجل ذلك أعطى الإسلام فرصة للتروِّي تسمى الخيار، يتمكن المتبايعان أثناءها من اختيار ما يصلح وما يناسب من إمضاء البيع أو فسخه.
عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «البَيِّعَانِ بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أوْ قال: حَتَّى يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا». متفق عليه.

.أقسام الخيار:

ينقسم الخيار إلى أقسام كثيرة وأشهرها عشرة وهي:
خيار المجلس.. والشرط.. والغبن.. والتدليس.. والعيب.. والخيانة.. وخيار الاختلاف في الثمن.. وخيار تفرق الصفقة.. وخيار الإعسار.. وخيار الرؤية.

.1- خيار المجلس:

وهو حق للمتبايعين معاً، فإذا تفرقا لزم البيع، وإن أسقطاه سقط، وإن أسقطه أحدهما بقي خيار الآخر.
ومدته: من حين العقد إلى التفرق بالأبدان، وتحرم الفرقة من المجلس خشية أن يستقيله.
ويثبت خيار المجلس في البيع، والصلح، والإجارة، وغيرها من العقود التي يُقصد منها المال، أما العقود اللازمة التي لا يُقصد منها المال مثل عقد الزواج والخلع فلا يثبت فيها خيار المجلس، وكذلك لا يثبت في العقود غير اللازمة كالوكالة، والشركة، والمضاربة.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ: «إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، وَكَانَا جَمِيعاً، أوْ يُخَيِّرُ أحَدُهُمَا الآخر، فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ، فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ، وَإِنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أنْ يَتَبَايَعَا وَلَمْ يَتْرُكْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا البَيْعَ، فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ». متفق عليه.

.2- خيار الشرط:

وهو أن يشترط المتبايعان أو أحدهما الخيار إلى مدة معلومة.
فيصح هذا الخيار ولو طالت.
ومدته: من حين العقد إلى أن تنتهي المدة المشروطة، ومتى انقضت المدة المعلومة ولم يفسخ العقد لزم البيع.
ويسقط الخيار بإسقاطهما له بعد العقد، وإن أسقطه أحدهما بقي خيار الآخر، وينقطع بموت أحدهما، ويسقط الخيار بالقول، كما يسقط بتصرف المشتري في المبيع ببيع، أو وقف، أو هبة؛ لأن ذلك دليل رضاه.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ المُتَبَايِعَيْنِ بِالخِيَارِ فِي بَيْعِهِمَا مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، أوْ يَكُونُ البَيْعُ خِيَاراً». متفق عليه.

.3- خيار الغبن:

وهو أن يُغبن البائع أو المشتري في السلعة غبناً يخرج عن العادة، وهذا الغبن محرم؛ لما فيه من الغش والجشع والظلم.
فإذا غُبن أحدهما فهو بالخيار بين الإمساك أو الفسخ، كمن انخدع بمن يتلقى الركبان، أو بزيادة الناجش الذي لا يريد الشراء، أو كان يجهل القيمة، أو لا يحسن المماكسة في البيع.
فيثبت الخيار لكل مغبون في مثل هذه الصور، وهو مخير بين أن يُمضي البيع ويفوض أمره إلى الله، وأن يرد المبيع ويأخذ قيمته، وأن يأخذ قدر ما غُبن به.

.4- خيار التدليس:

وهو أن يُظهر البائع السلعة بمظهر مرغوب فيه وهي خالية منه، مثل إبقاء اللبن في الضرع عند البيع ليوهم المشتري بكثرة اللبن ونحو ذلك.
وهذا الفعل محرم؛ لما فيه من الغش والكذب والخداع، فإذا وقع ذلك فهو بالخيار بين الإمساك أو الفسخ، وإذا حلبها ثم ردها، رد معها صاعاً من تمر عوضاً عن اللبن.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلا تَنَاجَشُوا، وَلا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلا تُصَرُّوا الغَنَمَ، وَمَنِ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أنْ يَحْتَلِبَهَا: إِنْ رَضِيَهَا أمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ». متفق عليه.

.5- خيار العيب:

والعيب كل ما يُنقص قيمة المبيع، فإذا اشترى الإنسان سلعة، ثم وجد بها عيباً فهو بالخيار:
إما أن يردها ويأخذ الثمن، أو يمسكها ويأخذ أرش العيب، فتقوَّم السلعة سليمة، ثم تقوَّم معيبة، ثم يأخذ الفرق بينهما.
وإن اختلفا عند من حدث العيب كعرج وفساد طعام ونحوهما، فقول بائع مع يمينه إن لم تكن بينة لأحدهما.
ويحرم على البائع أن يبيع سلعة بها عيب دون بيانه للمشتري؛ لما في ذلك من الغش لأخيه المسلم.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا». أخرجه مسلم.

.6- خيار الخيانة:

وهو أن يخبر بالثمن بخلاف الواقع، أو ظهر أنه أقل مما أخبر به، كما لو باعه ساعة بمائة، فجاءه رجل وقال: بعنيه برأس ماله، فقال له: رأس ماله مائة وخمسون، فباعه عليه بذلك، ثم تبين كذب البائع، فللمشتري الخيار بين الإمساك وأخذ الفرق، أو الفسخ وأخذ القيمة.
ويثبت هذا الخيار في بيع التولية، والشركة، والمرابحة، والمواضعة.
ولابد في جميعها من معرفة البائع والمشتري رأس المال.
وهذا البيع محرم؛ لما فيه من الخيانة والكذب.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [27] وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [28]} [الأنفال:27- 28].

.7- خيار الخلاف في السلعة أو الثمن:

وهو أن يختلف المتبايعان في قدر الثمن، أو عين المبيع، أو صفته، أو مقداره، ولم تكن بينة لأحدهما، فالقول قول البائع مع يمينه، ويخير المشتري بين القبول أو الفسخ.

.8- خيار تفرق الصفقة:

كأن يبيع مشاعاً بينه وبين غيره بغير إذن شريكه، فيصح البيع في نصيبه بقسطه، وللمشتري الخيار إن جهل الحال.

.9- خيار الإعسار:

وهو أن يظهر للبائع أن المشتري معسر أو مماطل، فللبائع الخيار بين إمضاء البيع، أو الفسخ حفاظاً على ماله.

.10- خيار الرؤية:

وهو أن يشتري شيئاً لم يره وله الخيار إذا رآه، فإذا رآه فهو بالخيار إن شاء أخذ المبيع بجميع الثمن، وإن شاء رده.
وكذا لو باع البائع ما لم يره، ووصفه للبائع، فله الخيار إذا رآه، إن شاء أمضى البيع، وإن شاء فسخ البيع.

.خطر الغش:

الغش محرم في كل شيء، ومع كل أحد، وفي كل معاملة.
فهو محرم في المعاملات كلها، ومحرم في الأعمال المهنية، ومحرم في الصناعات، ومحرم في العقود والبيوع وغير ذلك؛ وذلك لما فيه من الكذب والخداع، ولما يسببه من الخصام والعداوة والبغضاء، فلا يليق بالإنسان فضلاً عن المسلم فعله.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاحَ فَلَيْسَ مِنَّا، وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا». أخرجه مسلم.

.أنواع العيوب في البيع:

العيوب في البيع تنقسم إلى قسمين:
عيوب مؤثرة في ذات المبيع، وعيوب مؤثرة في كمال المبيع.

.1- العيوب المؤثرة في ذات المبيع:

هي العيوب التي تمنع من المنافع الموجودة في السلعة كأن يبيعه بقرة مريضة، أو سيارة بها عطل، ولا يخبره بالعيب، أو يبيعه أرضاً على أن لها وثيقة معتبرة، ثم يظهر أن الوثيقة مزورة، فللمشتري في مثل هذه الصور الحق في إبطال البيع، ورد السلعة، وأخذ الثمن؛ لأنه عيب يمنع الانتفاع.

.2- عيوب الكمالات:

فالكمالات هي الأوصاف التي تزيد في قيمة السلعة وجمالها كأن يشترط عليه سيارة على صفة كذا، أو لونها كذا، فإذا لم توجد المواصفات، فللمشتري الخيار في إمضاء البيع، أو فسخه ورد السلعة، وأخذ الثمن.

.حكم البيع المطلق:

إذا أعطى أحد سلعة لرجل وقال له: بعها بألف مثلاً، والزائد لك، فباعها بألفين، فهذا بيع محرم؛ لأنه إجارة بالمجهول، وإضرار بالسوق.
ولو قال لصاحبها: أُصَرِّفها لك بما تيسر وآخذ مائة ريال جاز؛ لأن الأجرة معلومة، وكذا لو قال له صاحبها: بع هذه السلعة بألف ولك مائة ريال جاز.

.حكم البيع بعد التفرق:

يقع البيع لازماً بالتفرق بالأبدان إلا في حالتين:
الأولى: أن يقول: بعتك هذه الدار بمائة ألف ريال، وليس لك خيار، ثم يقبل ذلك المشتري، فحينئذ يلزم البيع، ويسقط خيار المجلس.
الثانية: أن يقول المشتري: قَبلت شراء هذه الدار بكذا على أن لي الخيار ثلاثة أيام، ويقبل ذلك البائع، فيبقى البيع معلقاً، فإذا تمت المدة فللمشتري أن يمضي البيع أو يفسخه.

.حكم تلف المبيع في مدة الخيار:

إذا تلف المبيع في مدة الخيار فإن كان التلف قبل القبض انفسخ البيع، وضمنه البائع، وإن أتلفه المشتري كان من ضمانه، وإن تلف المبيع بعد القبض في مدة الخيار فهو من ضمان المشتري.

.طرق إسقاط الخيار:

طرق إسقاط الخيار ثلاثة:
1- الإسقاط الصريح: وهو أن يقول أحدهما: أسقطت الخيار أو أبطلته، أو رضيت بالبيع وقبلته، فهذا يُبطل الخيار، ويلزم البيع.
2- الإسقاط دلالة: وهو أن يوجد ممن له الخيار تصرف يدل على إجازة البيع، وإثبات الملك. كالتصرف فيه بالبيع أو الهبة، أو الوقف، أو يسكن المشتري الدار المبيعة، أو يُحدث فيها بناءً؛ لأن هذه التصرفات دليل اختيار الملك.
3- إسقاط الخيار بطريق الضرورة:
فيسقط الخيار، ويصبح البيع لازماً بأمور:
1- مضي مدة الخيار المتفق عليها، ولم يفسخ أحدهما العقد.
2- هلاك المبيع في مدة الخيار قبل القبض يُبطل البيع، ويُسقط الخيار، وإن هلك بعد القبض لزم البيع، وضمنه المشتري.
3- إذا أصاب من له الخيار جنون أو إغماء ونحوهما مما يزول به العقل.

.شروط ثبوت خيار العيب:

يشترط لثبوت خيار العيب ما يلي:
ثبوت العيب قبل التسليم.. جهل المشتري بوجود العيب عند العقد والقبض.. عدم اشتراط البراءة من العيب في البيع.. ألا يزول العيب قبل الفسخ.. ألا يكون العيب طفيفاً تمكن إزالته دون مشقة.

.أوجه الرد بالعيب:

الرد بالعيب على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يرد المشتري السلعة على البائع، ويأخذ الثمن كله.
وهذا إذا كانت السلعة على حالها، ولم يحدث بها عيب عند المشتري، ولم يعلم بالعيب، ولم يرض به، فهذا له الخيار بأخذها أو ردها.
الثاني: ليس له أن يردها، ولكن له أن يرجع بنقصان العيب، وهذا فيما إذا حدث فيها عيب آخر عنده.
الثالث: ليس له أن يردها، ولا يرجع بنقصان العيب، وهذا إذا كان قد علم بالعيب وقت الشراء، أو رضي به بعده.
وإذا أراد المشتري رد السلعة على البائع بسبب العيب حلف بالله أنه لم يعلم بالعيب وقت الشراء، ولم يرض به حين علم.

.الفرق بين السلم والاستصناع:

السلم أو السلف: هو بيع آجل بعاجل، يُقدّم فيه الثمن، ويؤخر المبيع.
وعقد الاستصناع: عقد مع ذي صنعة على عمل شيء معين.
وتكون مادة الصنع من الصانع كالاتفاق على صنع أواني، أو أحذية ونحوهما.
فإن كانت العين من المستصنع لا من الصانع، فإن العقد يكون إجارة لا استصناعاً.
وينعقد الاستصناع بالإيجاب والقبول بين الطرفين.
وهو عقد لازم يشبه السلم؛ لأنه بيع معدوم، لكن أجيز للحاجة إليه، ويفترق عنه من حيث أنه لا يجب فيه تعجيل الثمن، فيكفي فيه العربون.
والباعث على عقد السلم شدة حاجة البائع إلى نقود، والباعث على عقد الاستصناع رغبة وحاجة المستصنع.

.شروط عقد الاستصناع:

1- العلم بالثمن جنساً، ونوعاً، وقدراً، وصفة.
2- العلم بالمصنوع جنسه، ونوعه، وقدره، وصفته.
والاستصناع كالسلم في ذلك؛ لأن كلاًّ منهما مبيع، والمبيع يشترط كونه معلوماً غير مجهول.
3- أن يكون المصنوع مباحاً مما يجري فيه تعامل الناس كالثياب والأحذية والآلات؛ لأن العبرة في العقود المقاصد النافعة.

.3- السَّلَم:

السلم: هو عقد على موصوف في الذمة مؤجل بثمن مقبوض بمجلس العقد.
فهو بيع عُجِّل ثمنه، وأُجِّل مثمنه، وبيع آجل بعاجل.
كأن يعطيه ألف ريال على أن يسلمه مائة كيلو من تمر العجوة بعد سنة.
ويسمى السلف تارة.. والسلم تارة.

.أحوال البيع والشراء:

البيع له ثلاثة أحوال:
الأولى: أن يدفع البائع السلعة للمشتري، ويأخذ الثمن، وهو البيع الحال.
الثانية: أن يقدم البائع السلعة، ويؤخر المشتري الثمن، وهو بيع الأجل.
الثالثة: أن يقدم المشتري الثمن، ويؤخر البائع السلعة، وهو بيع السلم.
وقد أباح الله عز وجل هذه الصور الثلاث رفقاً بالناس، وتيسيراً عليهم في معاملاتهم، البائع والمشتري على حد سواء.

.حكم السلم:

السلم عقد جائز، وإذا تم بشروطه لزم البائع والمشتري.
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} [البقرة:282].
2- وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلاثَ، فَقال: «مَنْ أسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أجَلٍ مَعْلُومٍ». متفق عليه.

.حكمة مشروعية السلم:

أباح الله السلم رحمة بالناس، وتيسيراً على المحتاجين، فكما يجوز تأجيل الثمن في البيع، يجوز تأجيل المبيع في السلم، ومتى كان المبيع معلوماً وموصوفاً ومضموناً، وكان المشتري على ثقة من توفية البائع المبيع عند حلول الأجل، كان المبيع ديناً من الديون التي يجوز تأجيلها؛ لانتفاء الغرر والجهالة.

.أقسام البيع:

ينقسم البيع بالنسبة للبدلين إلى أربعة أقسام:
الأول: البيع المطلق: وهو بيع السلع بالدراهم والدنانير ونحوهما.
الثاني: بيع المقايضة: وهو بيع العين بالعين نحو بيع الجمل بالسيارة، وبيع الثوب بالحنطة.
الثالث: بيع الصرف: وهو بيع النقد بالنقد، وهو بيع الثمن المطلق بالثمن المطلق، وهو الدراهم والدنانير، والريالات والدولارات ونحو ذلك من العملات المتداولة.
الرابع: بيع السلم: وهو بيع الدين بالعين.
فإن المُسْلَم فيه بمثابة المبيع وهو دين، ورأس المال بمثابة الثمن المسلم فهو عين.
ولا يشترط القبض في النوعين الأولين، ويشترط القبض في النوعين الأخيرين.
ففي الصرف يشترط قبض البدلين، وفي السلم يشترط قبض أحد البدلين وهو ثمن السلعة المؤجلة.

.شروط صحة السلم:

يشترط في صحة السلم ما يشترط في البيع.
ويشترط للسلم شروط زائدة على شروط البيع لضبطه، وهي نوعان:
شروط في الثمن.. وشروط في المسلم فيه.
أما شروط الثمن فهي:
أن يكون معلوم الجنس.. معلوم المقدار.. وأن يسلم في مجلس العقد.
وأما شروط المسلم فيه فهي:
أن يكون المبيع في الذمة.. وأن تُعلم صفته ومقداره.. وأن يكون الأجل معلوماً.
ولا يشترط في السلم أن يكون المسلم إليه مالكاً للمسلم فيه، بل يراعي وجوده عند حلول الأجل.
ويجوز أخذ غير المسلم فيه عوضاً عنه مع بقاء عقد السلم؛ لأنه عوض مستقر في الذمة، فجازت المعاوضة عنه كسائر الديون من قرض وغيره.