فصل: حكم الربا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.ما يجوز فيه السلم:

يجوز السلم في أربعة أشياء:
المكيلات.. والموزونات.. والمعدودات.. والمذروعات.
فالمكيلات: كالحبوب من بر وأرز ونحوهما.
والموزونات: هي كل ما يُضبط بالوزن كالثمار والزيوت ونحوها.
والمعدودات: هي كل سلعة تضبط بالعدد مع التساوي، كالسيارات، والآلات، والمصنوعات، والحيوانات، والجوز ونحو ذلك.
والمذروعات: كالأقمشة، والأراضي ونحو ذلك.
1- عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَدِمَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ، وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثّمَارِ، السّنَةَ وَالسّنَتَيْنِ فَقَالَ: «مَنْ أسْلَفَ فِي تَمْرٍ، فَليُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ». متفق عليه.
2- وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْراً فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصّدَقَةِ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرّجُلَ بَكْرَهُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ فَقَالَ: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلاّ خِيَاراً رَبَاعِياً، فَقَالَ: «أَعْطِهِ إيّاهُ، إنّ خِيَارَ النّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً». أخرجه مسلم.

.4- الربا:

.أصول البيوع المحرمة:

أصول البيوع التي حرمها الله ورسوله هي:
1- أن يكون المبيع محرم العين كالخمر، والخنزير، والأصنام.
2- أن يكون البيع من بيوع الربا.
3- أن يكون البيع من بيوع الغرر.
4- أن يشتمل البيع على شرط يؤول إلى الربا، أو إلى الغرر، أو إليهما معاً.
5- أن يكون الشرط مناقضاً لمقتضى العقد.
فهذه الأصول تجمع البيوع المحرمة.
الربا: هو الزيادة في بيع شيئين يجري فيهما الربا.

.أحكام المعاملات المالية:

المعاملات المالية لها ثلاثة أحكام:
عدل.. وفضل.. وظلم.
فالعدل هو البيع، والفضل هو الإحسان والصدقة، والظلم هو الربا ونحوه.
1- قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة:275].
2- وقال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [261]} [البقرة:261].

.أقسام المحرمات:

المحرمات في الشرع قسمان:
الأول: محرم لعينه كالنجاسات من الدم، والميتة، والخنزير ونحوها.
الثاني: محرم لحق الغير: وهو ما جنسه مباح من المطاعم والمشارب، والمساكن والملابس، والمراكب والأموال ونحوها.
وهذه إنما تَحْرم لأمرين:
أحدهما: أَخْذها بغير طيب نفس صاحبها، ولا إذن الشارع فيها، بطريق السرقة أو الغضب أو الخيانة، وهذا هو الظلم المحض.
الثاني: أَخْذها بغير إذن الشارع-وإنْ أذن صاحبها-، وهي العقود والقبوض المحرمة كالربا والميسر ونحوهما.
والواجب على من حصلت بيده هذه الأموال ردها إلى أصحابها.
فإن لم يعلم صاحبها فإتلافها إضاعة لها، وهو محرم، وحبسها مع أنه لا يرجى معرفة صاحبها أشد حرمة من إتلافها.
فتعين إنفاقها في جهات البر والخير التي تنفع الناس، فإن الله خلق الخلق لعبادته، وخلق الأموال ليستعينوا بها على طاعته.

.حكم الربا:

الربا من كبائر الذنوب، وهو محرم في جميع الأديان السماوية؛ لما فيه من عظيم الأضرار، وكثير الأخطار.
1- قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة:275].
2- وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [130]} [آل عمران:130].
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ». قالوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا هُنَّ؟ قال: «الشِّرْكُ بِالله، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالحَقِّ، وَأكْلُ الرِّبَا، وَأكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاتِ». متفق عليه.

.أنواع الربا:

الربا المحرم في الإسلام نوعان:
الأول: ربا النسيئة: وهو أصل الربا، ولم تكن العرب في الجاهلية تعرف سواه، وهو الذي كانوا يأخذونه بسبب تأخير قضاء دين مستحَق إلى أجل جديد، وقد ثبت تحريمه بالقرآن والسنة.
وهو الذي حذرهم الله منه بقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [130]} [آل عمران:130].
الثاني: ربا البيوع: ويسمى ربا الفضل، وقد حُرِّم سداً للذرائع؛ لأنه ذريعة إلى ربا النسيئة، لاشتماله على زيادة بدون عوض.
وهو بيع النقود بالنقود مع الزيادة، أو الطعام بالطعام مع الزيادة، وقد ثبت تحريمه بالسنة.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَبِيعُوا الذّهَبَ بِالذّهَبِ وَلاَ الوَرِقَ بِالوَرِقِ، إلاّ وَزْناً بِوَزْنٍ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ». متفق عليه.

.حكم عقد الربا:

عقد الربا سواء كان ربا النسيئة، أو ربا الفضل، كل ذلك محرم وباطل، وكل ما بني على الباطل فهو باطل.
فيجب على المسلم الحذر منه؛ لئلا يتعرض لسخط الله ولعنته وعقوبته، وتتعرض أمواله للمحق والدمار.
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [278] فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ [279]} [البقرة:278- 279].
2- وقال الله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [276]} [البقرة:276].
3- وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ». أخرجه مسلم.

.حكم العقود الفاسدة والمحرمة:

جميع العقود الباطلة والفاسدة منهي عنها، ويحرم تعاطيها والتعامل بها، ولا ينتقل المُلك فيها ولو تراضيا؛ لأن ما بني على الباطل فهو باطل.
ومن فعل ذلك فهو آثم؛ لأنه فَعَل ما لا يجوز له فعله، ويجب رد كل مال إلى مالكه ولو قبض، ولا ينفذ تصرف المشتري فيه، وعليه رده بنمائه، وللمشتري أجرة مثله مدة مكثه عنده، ويضمنه إن تلف أو نقص كغيره.
وإن باع السلعة المملوكة بعقد فاسد لم يصح البيع؛ لأنه باع ملك غيره بغير إذنه، وعلى المشتري رده.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [29]} [النساء:29].

.حكم عقود الجاهلية:

كل عقد وافق الشرع فهو صحيح، والعقود الفاسدة والمحرمة لها حالتان:
1- ما مضى منها في حال الكفر، وقَبَضه المتعاقدان قبل الإسلام.
فهذا يُقرّان على ما مضى منه؛ لأن الإسلام يهدم ما قبله.
قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [275]} [البقرة:275].
2- ما مضى من الربا حال الكفر ولم يقبضه، فلا يحل له أخذه بعد الإسلام.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [278] فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ [279]} [البقرة:278- 279].

.حكمة تحريم الربا:

الربا من كبائر الذنوب، وقد حرمه الله ورسوله لما فيه من الأضرار العظيمة على الناس، فهو يسبب العداوة بين الناس.. ويقتل مشاعر الشفقة والرحمة في الإنسان.. وينزع فضيلة التعاون والتناصر بين الناس.. ويؤدي إلى تضخم أموال الأغنياء على حساب سلب مال الفقير.
وفيه ظلم للمحتاج.. واستغلال لحاجته، وتسلط الغني على الفقير.. وإغلاق باب الصدقة والإحسان بين الناس.
والربا أكل لأموال الناس بالباطل.. ونصب وظلم واحتيال على الخلق.
وفيه تعطيل للمكاسب، والتجارة، والصناعة، وما يحتاجه الناس.
فالمرابي بالربا يزيد ماله بدون تعب، فيترك التجارة والمصالح التي ينتفع بها الناس، فتفسد الحياة، ويضطرب الأمن، وترتفع الأسعار، وما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة.
1- قال الله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ [39]} [الروم:39].
2- وقال الله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [276]} [البقرة:276].

.أقسام الربا:

الربا ينقسم إلى قسمين:
ربا النسيئة.. وربا الفضل.

.القسم الأول: ربا النسيئة:

وهو الزيادة التي يأخذها البائع من المشتري مقابل التأجيل.
كأن يعطيه مائة ألف جنيه نقداً، على أن يردها عليه مائة وعشرة آلاف بعد سنة.
ومن صور ربا النسيئة:

.1- قلب الدين على المعسر:

بأن يكون له مال مؤجل على رجل ببيع أو قرض، فإذا حل الأجل قال له: أتقضي أم تربي؟
فإن وفّاه ماله، وإلا زاد هذا في الأجل، وزاد ذاك في المال، فيتضاعف المال على المدين، ويتراكم حتى يرهقه.
وهذا هو أصل الربا في الجاهلية، فحرمه الله عز وجل، وأوجب إنظار المعسر، ورغَّب في الإحسان إليه، وهو أخطر أنواع الربا؛ لعظيم ضرره، وشدة عقوبته.
وقد اجتمع فيه الربا بأنواعه:
ربا النسيئة.. وربا القرض.. وربا الفضل.
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [278] فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ [279] وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [280]} [البقرة:278- 280].
2- وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [130]} [آل عمران:130].

.2- ربا القرض:

وهو أن يقرض البنك أو الشخص أحداً مبلغاً من المال بزيادة معلومة مقابل التأجيل، كأن يقرضه ألف ريال على أن يرده عليه بعد سنة ألفاً ومائة ريال مثلاً، أو على أقساط شهرية بفائدة معلومة.
وهذا النوع هو الشائع الآن في العالم، وهو حرام، وعقد باطل، وفاعله آثم.

.حكم القروض المصرفية:

أهم العمليات التي تجري في المصارف عمليتان، كلاهما محرم:
الأولى: الإقراض بفائدة: بأن يعطي الإنسان ماله للمصرف ليأخذ عليه فائدة سنوية 5% مثلاً.
وتسمى هذه العملية الإيداع إلى أجل وهي عملية ربوية محرمة.
الثانية: الاقتراض بفائدة: بأن يقترض الشخص أو الشركة من المصرف مبلغاً من المال، على أن يرده بعد سنة بفائدة مقدارها 7% مثلاً.
وهذه كذلك عملية ربوية محرمة.
قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [275] يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [276]} [البقرة:275- 276].

.حكم الزيادة على القرض:

إذا أقرض الإنسان غيره شيئاً، واشترط عليه أن يرد أفضل منه، أو اشترط نفعاً على المستقرض كأن يسكنه داره شهراً مثلاً.
فهذا الفعل محرم؛ لأنه قرض جر نفعاً فهو ربا، فإن لم يشترط المقرض، وبذل المستقرض النفع أو الزيادة بنفسه جاز وأُجِر على شكره المعروف من أخيه.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سِنٌّ مِنَ الإِبِلِ، فَجَاءَهُ يَتَقَاضَاهُ، فَقال: «أعْطُوهُ». فَطَلَبُوا سِنَّهُ فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ إِلا سِنّاً فَوْقَهَا، فَقال: «أعْطُوهُ». فَقال: أوْفَيْتَنِي أوْفَى اللهُ بِكَ. قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ خِيَارَكُمْ أحْسَنُكُمْ قَضَاءً». متفق عليه.

.3- ربا التأجيل:

وهو بيع كل جنسين اتفقا في علة ربا الفضل، مع تأخير قبضهما، أو قبض أحدهما، كبيع الذهب بالذهب مؤجلاً، والبر بالبر مؤجلاً.
وكذا بيع جنس بآخر من هذه الأجناس مؤجلاً كالذهب بالفضة، أو البر بالشعير مؤجلاً.
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الذّهَبُ بِالذّهَبِ، وَالفِضّةُ بِالفِضّةِ، وَالبُرّ بِالبُرّ، وَالشّعِيرُ بِالشّعِيرِ، وَالتّمْرُ بِالتّمْرِ، وَالمِلحُ بِالمِلحِ، مِثْلاً بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَداً بِيَدٍ، فَإذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ، فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إذَا كَانَ يَداً بِيَدٍ». أخرجه مسلم.

.القسم الثاني: ربا الفضل:

وهو بيع النقود بالنقود مع الزيادة، أو الطعام بالطعام مع الزيادة.
فهو بيع ربوي بمثله مع زيادة في أحد المثلين.
وربا الفضل محرم؛ لأنه وسيلة إلى ربا النسيئة، بل هو رباً حقيقي بقول الرسول صلى الله عليه وسلم، ولأنه يعتمد تارة على جهل الناس بأصناف الأنواع، وتارة يعتمد على استغلال حاجتهم إلى نوع معين.
عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: جَاءَ بِلالٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِتَمْرٍ بَرْنِيٍّ، فَقال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مِنْ أيْنَ هَذَا». قال بِلالٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيٌّ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ، لِنُطْعِمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ: «أوَّهْ أوَّهْ، عَيْنُ الرِّبَا عَيْنُ الرِّبَا، لا تَفْعَل، وَلَكِنْ إِذَا أرَدْتَ أنْ تَشْتَرِيَ فَبِعِ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِهِ به». متفق عليه.

.ما يقع فيه الربا:

الربا نوعان:
الربا في الديون.. والربا في البيوع.

.1- الربا في الديون:

له صورتان:
الأولى: أن يكون للإنسان مال مؤجل على آخر، فإذا حل الأجل ولم يتمكن من السداد، قلب الدين على المعسر مقابل زيادة الأجل.
وهذا هو ربا النسيئة، وهو أصل ربا الجاهلية، وهو أخطر أنواع الربا؛ لعظيم ضرره، حيث اجتمع فيه الربا بأنواعه: ربا النسيئة، وربا الفضل، وربا القرض.
ولهذا حرمه الله عز وجل، وأعلن الحرب على آكله.

الثانية: أن يقرض الإنسان غيره مبلغاً من المال إلى أجل، على أن يرد عليه أكثر منه بعد حلول الأجل، كأن يقرضه ألف ريال على أن يرده عليه بعد سنة ألفاً وخمسمائة مثلاً.
فهذا القرض محرم؛ لأن كل قرض جر منفعة فهو محرم، وإن بذل له المقترض زيادة بدون شرط فذلك مشروع؛ لأنه من حسن القضاء.

.2- الربا في البيوع:

وهو قسمان:
1- ربا الفضل: وهو بيع المال الربوي بجنسه متفاضلاً كأن يبيعه جراماً من الذهب بجرامين منه مع التسليم في الحال.
وهذا البيع محرم؛ لأنه وسيلة إلى ربا النسيئة.
2- ربا النسيئة: وهو الزيادة التي يأخذها البائع من المشتري مقابل التأجيل.
كأن يعطيه ألفاً نقداً على أن يرده بعد سنة ألفاً وخمسمائة مثلاً، أو يقلب الدين على المعسر مقابل التأجيل.
وهذا أخطر وأعظم أنواع الربا.
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [130]} [آل عمران:130].
2- وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [278] فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ [279]} [البقرة:278- 279].
3- وَعَنْ أسَامَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا رِباً إِلا فِي النَّسِيئَةِ». متفق عليه.