فصل: حكم تبديل الوصية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.26- الوصية:

الوصية: هي التبرع بالمال بعد الموت، أو الأمر بالتصرف بعد الموت.

.الفرق بين الوصية والهبة:

الوصية: تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع.
والهبة: تمليك المال لغيره في الحال.
وكلاهما يصح من مسلم وكافر.

.حكمة مشروعية الوصية:

قد يغفل الإنسان في حياته عن أعمال البر والخير، ومن رحمة الله بعباده أن شرع لهم الوصية؛ زيادة في القربات والحسنات، وتداركاً لما فرط فيه الإنسان في حياته من أعمال البر.
فجعل سبحانه للمسلم نصيباً من ماله يفرضه قبل مماته في أعمال البر التي تعود على الفقراء والمحتاجين بالخير والفضل، وتعود على الموصي بالثواب والأجر، والاستزادة من العمل الصالح، ومكافأة من أسدى للمرء معروفاً، وصلة للرحم والأقارب غير الوارثين، وسد خَلّة المحتاجين.

.حكم الوصية:

الوصية لها خمسة أحكام:
1- واجبة: كالوصية برد الودائع والديون التي لا يعلمها إلا الموصي، والوصية بقضاء الحقوق الشرعية، سواء كانت لله كالزكاة والكفارات، أو كانت لآدمي كالديون والودائع ونحوهما، والوصية برد المغصوب أو المسروق ونحوهما.
2- مستحبة: كالوصية للأقارب غير الوارثين، والفقراء والمساكين، وجهات البر والخير.
3- محرمة: كالوصية بمعصية كبناء كنيسة، أو مصنع خمر، أو دار لهو، أو نشر كتب الضلال، والوصية لأهل الفسوق والعصيان، أو كان فيها إضرار بالورثة، أو الوصية لوارث محاباة له.
4- مكروهة: كالوصية من فقير وارثه محتاج.
5- مباحة: كالوصية من غني للأغنياء من الأقارب والأجانب.
1- قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [180] فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [181] فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [182]} [البقرة:180- 182].
2- وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ». متفق عليه.

.حكم تعجيل الوصية:

تنفيذ الوصية يكون بعد الموت، والأفضل تعجيل الوصايا لجهات البر في الحياة، وعدم تأخيرها لما بعد الموت؛ لأنه لا يأمن الموصي أن يُفرَّط بها بعد موته.
فالصدقة في حال الحياة أفضل من الوصية؛ لأن المتصدق يجد ثواب عمله أمامه، ويصرفه حال حياته.
1- قال الله تعالى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ [10]} [المنافقون:10].
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقالَ: يَا رَسُولَ الله، أيُّ الصَّدَقَةِ أعْظَمُ أجْرًا؟ قال: «أنْ تَصَدَّقَ وَأنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَخْشَى الفَقْرَ وَتَأمُلُ الغِنَى، وَلا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ، قُلْتَ: لِفُلانٍ كَذَا، وَلِفُلانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلانٍ». متفق عليه.

.أركان الوصية:

أركان الوصية أربعة:
الموصي: وهو من صدرت منه الوصية.
الموصى إليه: وهو محل الوصية.
والموصى فيه: وهو المال أو التصرف.
والصيغة: وهي الإيجاب من الموصي، والقبول من الموصى إليه.

.شروط الوصية:

يشترط لصحة الوصية ما يلي:
أن يكون الموصي أهلاً للتبرع.. وأن يكون راضياً مختاراً.. وأن يكون مالكاً لما يوصي فيه.
ويشترط في الموصى له: أن يكون موجوداً.. وأن يكون معلوماً بنفسه أو صفته.. وأن تكون الجهة الموصى لها جهة بر لا جهة معصية.. وأن يكون الموصى إليه في التصرف حسن التصرف.. وأن يكون الموصى له بالمال غير وارث.
ويشترط في الموصى به: أن يكون مالاً يباح الانتفاع به شرعاً.. وأن يكون مملوكاً للموصي.. وأن يكون مما يصح تملّكه شرعاً.. وألا يكون الموصى به معصية أو محرم شرعاً.. وألا يكون بأكثر من ثلث ماله إن كان له وارث.. حصول الإيجاب من الموصي بقول أو فعل أو كتابة قبل موته.. وقبول الموصى له.

.أنواع الوصايا:

الوصية المشروعة أنواع، ومنها:
الوصية بالدين.. والوصية بالمال.. والوصية على الأهل.. والوصية على الأولاد.. والوصية على الأيتام.. والوصية على الأموال.. والوصية على الإنفاق.

.أعظم الوصايا:

أعظم الوصايا وأعلاها وأهمها هي الوصية بالدِّين والإيمان والتقوى، وهي وصية الله للأولين والآخرين.. ووصية الأنبياء لأبنائهم وأتباعهم إلى يوم الدين.
1- قال الله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا [131]} [النساء:131].
2- وقال الله تعالى: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [132] أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [133]} [البقرة:132- 133].
3- وَعَنْ طَلْحَة بن مُصَرِّفٍ قَالَ: سَألْتُ عَبْدَالله بْنَ أبِي أوْفَى رَضيَ اللهُ عَنهُ، هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أوْصَى؟ فَقال: لا، فَقُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الوَصِيَّةُ، أوْ أُمِرُوا بِالوَصِيَّةِ، قال: أوْصَى بِكِتَابِ الله. متفق عليه.

.وجوه الوصية:

1- تكون الوصية بالتبرع بالمال بعد الموت، كأن يوصي بخُمس ماله لمعين كفلان، أو لموصوف كالفقراء، أو طلبة العلم، أو المجاهدين في سبيل الله، أو لجهة كبناء مسجد، أو حفر بئر، أو جمعية خيرية ونحو ذلك.
2- تكون الوصية بالتصرف المعلوم بعد الموت، كأن يوصيه بأن يزوج بناته، أو ينظر لصغاره، أو يفرق ثلثه ونحو ذلك، وهذه قربة يثاب عليها من قدر عليها.
ويصح قبول الموصى إليه الوصية في حياة الموصي وبعد موته، فإن ردها بطلت.

.حكم كتابة الوصية:

تصح الوصية بلفظ مسموع من الموصي أو خطه، ويستحب للإنسان أن يكتب وصيته قبل موته، ويُشهد عليها شاهدين؛ قطعاً للنزاع.
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} [المائدة:106].
2- وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ». متفق عليه.

.وقت ثبوت الوصية:

يستحق الموصى له الوصية بعد موت الموصي، وبعد سداد ديونه، فإذا استغرقت الديون التركة كلها فليس للموصى له شيء؛ لأن الإنسان إذا مات أُخرج من تركته الدَّين، ثم الوصية، ثم الميراث.
والاعتبار بصحة الوصية وعدم صحتها بحال الموت، فلو أوصى لوارث فصار عند الموت غير وارث، كأخ حُجب بابن تجدد صحت الوصية، ولو أوصى لغير وارث فصار عند الموت وارثاً، كما لو أوصى لأخيه مع وجود ابنه حال الوصية، ثم مات ابنه، فإنها تبطل الوصية إن لم تجزها الورثة.
قال الله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء:12].

.ما يترتب على الوصية:

يترتب على ثبوت الوصية ثبوت الملك للموصى له من وقت وفاة الموصي.
وإن لم يقبل الموصى له لم يتملك الموصى به، وعاد الملك إلى الورثة.
وتنفذ وصية من لا دَيْن عليه ولا وارث له بكل ماله، من غير توقف على إجازة أحد.

.الحكم إذا تزاحمت الوصايا:

إذا تزاحمت الوصايا، وضاق عنها الثلث، ولم يُجز الورثة، أو أجازوها ولم تتسع التركة لتنفيذ جميع الوصايا فنعمل ما يلي:
1- إن كان التزاحم في الوصايا بين الأشخاص، كما لو أوصى لزيد بخمسين، ولعمر بعشرين، ولخالد بثلاثين، فيُقسم الثلث بينهم حسب ما فرض لهم الموصي بحسب نسبته.
2- إن كان التزاحم في حقوق الله تعالى كفرض الحج، والزكاة، وصدقة التطوع، فيقدم الفرض على التطوع، فينفِّذ الوصية بأداء الحج عنه، وإخراج الزكاة الواجبة عنه، فإن بقي من الثلث شيء أدى التطوع من صدقات، وحج تطوع ونحوهما.
3- إذا تزاحمت في الوصية حقوق الله وحقوق العباد قُدِّم حق الله على غيره؛ لأن دَيْن الله أحق بالوفاء.

.أقسام الأوصياء:

ينقسم الأوصياء إلى ثلاثة أقسام:
1- وصي الخليفة: وهو من يوصي له الخليفة بالبيعة من بعده.
2- وصي القاضي: وهو الذي يعينه القاضي مشرفاً على أمور القصر والصغار المالية.
3- الوصي المختار: وهو من يوصي إليه الإنسان في حياته للنظر في شئون أولاده أو أمواله بعد موته.
وقبول هذه الوصية للقادر قربة إلى الله؛ لأنها تعاون على البر والتقوى، ومن لا يقدر عليها فتركها أولى.
قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [220]} [البقرة:220].

.أنواع تصرفات الوصي:

البيع والشراء لمصلحة الموصى عليه.. التوكيل.. والإيصاء لغيره بإذن الموصي.. المضاربة بمال الموصى عليه.. وقضاء الدين.. والقسمة عن الموصى له.. دفع المال للمحجور عليه عند رشده.. الأكل من مال اليتيم وركوب دوابه بقدر الحاجة.. وإذا امتنع عن القيام بالوصية إلا بأجره.. فيجعل له القاضي أُجرة المثل.
قال الله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا [6]} [النساء:6].

.مقدار الوصية المسنونة:

1- من كان ماله يسيراً فالأفضل أن يتركه لورثته.
2- من كان له مال كثير وله وارث فالأفضل أن يوصي بالخمس أو الربع، ويجوز له أن يوصي بالثلث من ماله، ولا تنفذ وصيته بأكثر من الثلث إلا بإجازة الورثة لها بعد موت الموصي، ومن كان له مال كثير، وليس له وارث، وليس عليه دين, فيجوز له أن يوصي بجميع ماله في كل ما فيه منفعة ومصلحة؛ لأن المنع بأكثر من الثلث لحق الورثة، ولا وارث هنا.
عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الوَدَاعِ، مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ بَلَغَ بِي مِنَ الوَجَعِ، وَأَنَا ذُو مَالٍ، وَلاَ يَرِثُنِي إِلاَّ ابْنَةٌ، أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: «لاَ». فَقُلْتُ: بِالشَّطْرِ؟ فَقَالَ: «لاَ». ثُمَّ قَالَ: «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَبِيرٌ، أَوْ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ الله إِلاَّ أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ». متفق عليه.

.حكم الوصية بأكثر من الثلث:

من كان له وارث فلا تجوز له الوصية لغير وارث بأكثر من الثلث، فإن أوصى له بالزيادة على الثلث فلابد من إجازة الورثة لها بعد الموت وإلا بطلت.
ولا يجوز له الوصية لوارث بشيء إلا بإجازة الورثة، فإن لم يجيزوا بطلت، وإن أجاز بعضهم دون بعض نَفَذَت في حق المجيز فقط، ولا تكون الإجازة مقبولة ولا ملزمة إلا بعد موت الموصي.
ويشترط فيمن يجيز أن يكون من أهل التبرع، وأن يكون عالماً بما يجيزه.

.نص الوصية:

يستحب للموصي إن كان له مال أن يبادر لكتابة وصيته، وأن يُشهد عليها شاهدين، وأن يبينها حتى يسهل تنفيذها والعمل بها، وأن يكتب في صدرها الوصية العظمى، وهي الوصية بتقوى الله، ثم يذكر ما يريد.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانُوا يَكْتُبُونَ في صُدُورِ وَصَايَاهُمْ: هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ فُلاَنُ ابْنُ فُلاَنٍ، أَوْصَى أَنَّهُ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لاَ رَيْبَ فِيهَا، وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ في القُبُورِ، وَأَوْصَى مَنْ تَرَكَ بَعْدَهُ مِنْ أَهْلِهِ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ، وَأَنْ يُصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِهِمْ، وَيُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ، وَأَوْصَاهُمْ بِمَا وَصَّى بِهِ إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبَ: {يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}. أخرجه البيهقي والدارقطني.

.حكم تبديل الوصية:

يجب أن تكون الوصية بالمعروف، فإن قصد الموصي مضارة الوارث حرم عليه ذلك، وهو آثم، ويحرم على الموصى إليه وغيره تبديل الوصية العادلة.
وينبغي لمن علم أن في الوصية جَنَفاً أو إثماً أن ينصح الموصي ويشير عليه بالأحسن والأعدل، وينهاه عن الجور والظلم.
فإن لم يستجب أصلح بين الموصى إليهم؛ ليحصل العدل والتراضي، وبراءة ذمة الميت.
قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [180] فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [181] فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [182]} [البقرة:180- 182].

.حكم الوصية لغير وارث:

تستحب الوصية للوالدين الَّذَين لا يرثان كالوالدين من الرضاع، وللأقارب الفقراء الذين لا يرثون؛ لأنها عليهم صدقة وصلة.
قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [180]} [البقرة:180].

.حكم الرجوع في الوصية:

يجوز للموصي الرجوع في الوصية، ونقضها، وزيادتها، سواء كتبت أم لا، فإذا مات الموصي استقرت.

.ما تبطل به الوصية:

تبطل الوصية بأسباب:
إما من الموصي كرجوعه عن الوصية، وإما من الموصى له، وهو رد الوصية، أو موته قبل الموصي، أو قتل الموصي، أو جنون الموصي له بالتصرف، وإما من الموصى به، وهو هلاك العين الموصى بها، أو استحقاقها وإما بانتهاء مدة الوصية.

.حكم الوصية للوالدين بأعمال البر:

يستحب للمسلم أن يوصي لوالديه، أو أقاربه بحَجَّة أو أضحية ونحوها، وينفذها لهم في حياته؛ لأنه من باب البر والإحسان إليهم بالثواب، لا من باب الوصية التي يُقصد بها التمليك بعد الموت.

.27- الوقف:

الوقف: هو حبس أصل المال، وتسبيل منافعه، طلباً للثواب من الله عز وجل.

.حكمة مشروعية الوقف:

يرغب من وسَّع الله عليهم من أهل الغنى واليسار أن يتزودوا من الطاعات، ويُكثروا من القربات، وذلك بوقف شيء من أموالهم العينية مما يبقى أصله، وتستمر منفعته، خشية أن يؤول بعد الموت إلى من لا يحفظه ولا يصونه.
لذا شرع الله الوقف لما فيه من مصالح الدين والدنيا والآخرة، فالعبد يعظم أجره بتوقيف ماله ابتغاء وجه الله، والموقوف عليه ينتفع بذلك المال، ويدعو لصاحب الوقف.