فصل: 6- الرهن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.حكم الأموال الربوية بعد التوبة:

إذا منَّ الله عز وجل على المرابي، وتاب إلى الله عز وجل، وله وعنده أموال مجتمعة من الربا، ويريد التخلص مها فلا يخلو من حالين:
1- أن يكون الربا له في ذمم الناس لم يقبضه، فهذا يأخذ رأس ماله، ويترك ما زاد عليه من الربا.
2- أن تكون أموال الربا مقبوضة عنده، فهذا ينقسم إلى قسمين:
الأول: بالنسبة لمن دفع له الربا من مصرف ربوي أو غيره، فهذا لا يرد إليه المال، ولا يأكله؛ لأنه كسب خبيث، ولكن يتخلص منه بالتبرع به، أو جَعْله في مشاريع عامة نافعة كتعبيد الطرق، وبناء السدود، وحفر الآبار ونحو ذلك.
الثاني: بالنسبة لمن قبض الأموال الربوية، فهذا له حالتان:
1- أن يكون جاهلاً بأن هذه المعاملة محرمة، فتكون الأموال له، ولا شيء عليه كحديث عهد بالإسلام، ومن عاش في بادية بعيدة.
قال الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [275]} [البقرة:275].
2- أن يكون عالماً بحرمة المعاملة الربوية، ثم تاب منها صادقاً فهي له؛ لأن الله لم يأمر برد الربا، وإنما أمر بعدم أخذه مستقبلاً.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [278] فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ [279]} [البقرة:278- 279].

.عقوبة آكل الربا:

الربا من الذنوب العظيمة التي حذرنا الله ورسوله منها، وقد أعلن جل جلاله الحرب على آكله وموكله من بين سائر الذنوب.
فالمرابي جان على نفسه وعلى الأمة، فعقوبته غليظة في الدنيا والآخرة فهو معاقب بحرب من الله ورسوله.. ولعنِ الله له.. ومحق أمواله الربوية.. ونقصان أمواله.. والعذاب في الآخرة.
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [278] فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ [279]} [البقرة:278- 279].
2- وقال الله تعالى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [276]} [البقرة:276].
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ». قالوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا هُنَّ؟ قال: «الشِّرْكُ بِالله، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالحَقِّ، وَأكْلُ الرِّبَا، وَأكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلاتِ». متفق عليه.
4- وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ». أخرجه مسلم.

.فضل التوبة إلى الله:

1- قال الله تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [53] وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ [54] وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ [55]} [الزُّمَر:53- 55].
2- وقال الله تعالى: {فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [39]} [المائدة:39].
3- وقال الله تعالى: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [17] وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [18]} [النساء:17- 18].
4- وعَنْ أنَسٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «اللهُ أفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أحَدِكُمْ، سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَقَدْ أضَلَّهُ فِي أرْضِ فَلاةٍ». متفق عليه.

.5- القرض:

القرض: هو دَفْع مال لمن ينتفع به ويرد بدله؛ ابتغاء وجه الله.
أو يقرضه مالاً، ولا يطلب منه رده؛ ابتغاء وجه الله تعالى.

.حكمة مشروعية القرض:

القرض الحسن قربة يتقرب بها المسلم إلى ربه؛ لما فيه من الرفق بالناس، ومواساة المحتاجين، وتيسير أمور الناس، وتفريج كُرَبهم، وكلما كانت الحاجة أشد كان الثواب أعظم.

.فضل القرض:

1- قال الله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [245]} [البقرة:245].
2- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ القِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِماً، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ مَا كَانَ العَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ». أخرجه مسلم.

.حكم القرض:

1- القرض مستحب للمقرِض، ومباح للمقترض.
وإذا كان الإسلام قد رغَّب فيه المقرِض، وندبه إليه، فإنه أباحه للمقترض، ولم يجعله من باب المسألة المكروهة؛ لأنه يأخذ المال لينتفع به في قضاء حوائجه، ثم يرد بدله.
2- كل قرض جر نفعاً فهو من الربا المحرم كأن يقرضه مالاً، ويشترط عليه أن يسكن داره، أو يقرضه مالاً بفائدة، كأن يقرضه ألف ريال بألف ومائتين بعد سنة.
عَنْ أَبِي برْدَة قَالَ: أَتَيْتُ المَدِينَةَ فَلَقِيتُ عَبْدالله بن سَلامٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ، فَقال: ألا تَجِيءُ فَأطْعِمَكَ سَوِيقاً وَتَمْراً وَتَدْخُلَ فِي بَيْتٍ، ثُمَّ قال: إِنَّكَ بِأرْضٍ الرِّبَا بِهَا فَاشٍ، إِذَا كَانَ لَكَ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ، فَأهْدَى إِلَيْكَ حِمْلَ تِبْنٍ، أوْ حِمْلَ شَعِيرٍ، أوْ حِمْلَ قَتٍّ، فَلا تَأْخُذْهُ فَإِنَّهُ رِباً. أخرجه البخاري.

.حكم من اقترض المال وهو لا يريد رده:

يجب على من اقترض مالاً من غيره أن يعزم على أدائه.
ويحرم على الإنسان أن يأخذ أموال الناس وهو لا ينوي ردها إليهم، ومن فعل ذلك أتلفه الله عز وجل.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أخَذَ أمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أدَاءَهَا أدَّى اللهُ عَنْهُ، وَمَنْ أخَذَ يُرِيدُ إِتْلافَهَا أتْلَفَهُ اللهُ». أخرجه البخاري.

.حكم كتابة عقد القرض:

يستحب توثيق القرض بالكتابة له، والإشهاد عليه.
فيكتب مقداره، ونوعه، وأجله؛ لأجل حفظ القرض، وليطمئن المقرض، حتى لا يضيع حقه إما بموت المقترض، أو نسيانه، أو جحده ونحو ذلك، فيكتبه صغيراً كان أو كبيراً.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة:282].

.صفة كتابة العقود:

العقود سواء كانت بيعاً، أو قرضاً، أو إجارة أو غيرها فتكتب كما يلي:
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [282]} [البقرة:282].

.شروط صحة القرض:

يشترط لصحة القرض ما يلي:
1- أن يتم القرض بالصيغة، وهي الإيجاب والقبول، أو ما يقوم مقامهما.
2- أن يكون العاقد-مقرضاً أو مقترضاً- بالغاً، عاقلاً، رشيداً، مختاراً، أهلاً للتبرع.
3- أن يكون مال القرض مباحاً في الشرع.
4- أن يكون مال القرض معلوم المقدار، ليتمكن المقترض من رده.

.حكم عقد القرض:

القرض عقد جائز بشرطين:
الأول: ألا يجر نفعاً لدافع المال.
الثاني: ألا ينضم إلى القرض عقد آخر كالبيع وغيره، فلا يحل سلف وبيع.

.حكم السّفْتَجة:

السفتجة: معاملة مالية يعطي فيها الإنسان غيره مالاً في بلد ليوفيه ذلك الغير مثل ماله في بلد آخر معين، فيستفيد أمن الطريق، وهي جائزة؛ لما فيها من منفعة الطرفين، ولا بأس من أخذ مبلغ يسير مقابل تلك الخدمة.

.ما يصح فيه القرض:

يجوز قرض كل شيء مباح كالحيوان، والآلات، والثياب ونحو ذلك من الأموال، غير محرم كخمر وخنزير ونحوهما، وكل ما صح بيعه صح قرضه.

.ما يجب على المقترض رده:

يجب على المقترض أن يرد إلى المقرض مثل المال الذي اقترضه نقداً أو عيناً، المثل في المثليات، والقيمة في غيرها.

.حكم أداء الدين:

يجب على المدين أداء الدين وقت حلوله.
وللمدين أربع حالات:
1- ألا يكون عنده شيء مطلقاً، فهذا يجب إنظاره لإعساره.
2- أن يكون ماله أكثر من دينه، فهذا يلزمه قضاء دينه.
3- أن يكون ماله بقدر دينه، فهذا يلزمه وفاء الدين.
4- أن يكون ماله أقل من دينه، فهذا مفلس يُحجر عليه بطلب الغرماء أو بعضهم، ويقسم ماله بينهم حسب دينه.
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا [58]} [النساء:58].

.فضل الإحسان عند رد القرض:

الإحسان في أداء القرض مستحب إن لم يكن شرطاً؛ لأن هذا من حسن القضاء، ومكارم الأخلاق، فإن كان مشروطاً فهو رباً محرم، كأن يقرضه شيئاً فيرد أحسن منه، أو أكبر منه، أو أكثر منه.
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَسُولِ الله؟ حَقٌّ، فَأَغْلَظَ لَهُ، فَهَمَّ بِهِ أَصْحَابُ رَسُولِ الله؟، فَقَالَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: «إنّ لِصَاحِبِ الحَقِّ مَقَالا»، فَقَالَ لَهُمُ: «اشْتَرُوا لَهُ سِنّاً فَأَعْطُوهُ إيّاهُ» فَقَالُوا: إنّا لاَ نَجِدُ إِلاّ سِنّاً هُوَ خَيْرٌ مِنْ سِنّهِ، قَالَ: «فَاشْتَرُوهُ فَأَعْطُوهُ إيّاهُ، فَإنّ مِنْ خَيْرِكُمْ-أَوْ خَيْرَكُمْ- أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً». متفق عليه.
2- وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْراً فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصّدَقَةِ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرّجُلَ بَكْرَهُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ فَقَالَ: لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلاّ خِيَاراً رَبَاعِياً، فَقَالَ: «أَعْطِهِ إيّاهُ، إنّ خِيَارَ النّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً». أخرجه مسلم.
3- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله رَضيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: أتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي المَسْجِدِ. قال مِسْعَرٌ: أرَاهُ قال: ضُحىً، فَقال: «صَلِّ رَكْعَتَيْنِ». وَكَانَ لِي عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَقَضَانِي وَزَادَنِي. متفق عليه.

.فضل حسن المطالبة:

1- قال الله تعالى: {وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [22]} [النور:22].
2- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رَحِمَ اللهُ رَجُلاً سَمْحاً إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى، وَإِذَا اقْتَضَى». أخرجه البخاري.

.حكم مطل الغني:

يحرم على الغني المدين تأخير السداد عن وقت حلوله.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلمٌ». متفق عليه.

.فضل إنظار المعسر والتجاوز عنه:

إنظار المعسر من مكارم الأخلاق، وأفضل منه التجاوز عنه.
1- قال الله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [280]} [البقرة:280].
2- وَعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَاتَ رَجُلٌ، فَقِيلَ لَهُ، قال: كُنْتُ أبَايِعُ النَّاسَ، فَأتَجَوَّزُ عَنِ المُوسِرِ، وَأخَفِّفُ عَنِ المُعْسِرِ، فَغُفِرَ لَهُ». متفق عليه.
3- وَعَنْ أَبِي اليَسَرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً أَوْ وَضَعَ عَنْهُ، أَظَلَّهُ اللهُ فِي ظِلِّهِ». أخرجه مسلم.

.حكم من مات وعليه دين:

يجب على المسلم قضاء الديون التي عليه متى حل أجلها، ومن أخر حقوق العباد ثم مات أُخذت من حسناته.
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا المُفْلِسُ؟» قَالُوا: المُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ، فَقَالَ: «إِنَّ المُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي، يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ، قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ». أخرجه مسلم.
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأحد مِنْ عِرْضِهِ أوْ شَيْءٍ فَليَتَحَلَّلهُ مِنْهُ اليَوْمَ، قَبْلَ أنْ لا يَكُونَ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ». أخرجه البخاري.

.حكم الحط من الدين من أجل تعجيله:

يجوز الحط من الدين المؤجل من أجل تعجيله، سواء كان بطلبٍ من صاحب الدين أو المدين؛ لما فيه من مصلحة الطرفين.
ومن أدى عن غيره واجباً عليه من دين، أو نفقة، رجع عليه به إن شاء.

.حكم الودائع في المصارف:

إذا أودع الإنسان ماله في المصرف فله حالتان:
1- إما أن يودع ماله في المصرف لحفظه والاستفادة منه وقت الحاجة بلا فائدة، فهذا جائز.
2- أن يودعه في المصرف ويأخذ عليه فائدة، فهذا هو القرض الربوي المحرم.
وإذا تأخر المدين عن السداد في الوقت المحدد فليس للمصرف الحق أن يفرض على المدين غرامة مالية بسبب التأخير، بل هذا شرط باطل، لا يجوز الوفاء به؛ لأن هذا هو الربا المضاعف المحرم.

.فضل الشفاعة في وضع الدين:

1- قال الله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا [85]} [النساء:85].
2- وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أصِيبَ عَبْدُالله وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْناً، فَطَلَبْتُ إِلَى أصْحَابِ الدَّيْنِ أنْ يَضَعُوا بَعْضاً مِنْ دَيْنِهِ فَأبَوْا، فَأتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَشْفَعْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ فَأبَوْا، فَقال: «صَنِّفْ تَمْرَكَ كُلَّ شَيْءٍ مِنْهُ عَلَى حِدَتِهِ، عِذْقَ ابْنِ زَيْدٍ عَلَى حِدَةٍ، وَاللِّينَ عَلَى حِدَةٍ، وَالعَجْوَةَ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ أحْضِرْهُمْ حَتَّى آتِيَكَ». فَفَعَلتُ، ثُمَّ جَاءَ؟ فَقَعَدَ عَلَيْهِ، وَكَالَ لِكُلِّ رَجُلٍ حَتَّى اسْتَوْفَى، وَبَقِيَ التَّمْرُ كَمَا هُوَ، كَأنَّهُ لَمْ يُمَسَّ. أخرجه البخاري.

.6- الرهن:

الرهن: هو توثقة دين بعين، يمكن استيفاؤه منها أو من ثمنها، إن تعذر الاستيفاء من المدين.
مثاله: أن يبيعه سيارة بمائة ألف إلى نهاية العام، ويرهن داره.

.أقسام العقود:

العقود ثلاثة أقسام:
1- عقود لازمة من الطرفين كالبيع والإجارة ونحوهما.
2- عقود جائزة من الطرفين، ولكل منهما فسخها كالوكالة ونحوها.
3- عقود جائزة من أحدهما دون الآخر كالرهن، جائز من قبل المرتهن، لازم من قبل الراهن، ونحو ذلك مما يكون فيه الحق لواحد على الآخر.

.حكمة مشروعية الرهن:

قد يبيع الإنسان على غيره شيئاً ثميناً، ويكون محتاجاً إليه، لكنه لا يتمكن من دفع قيمته نقداً، فأباح الله البيع إلى أجل، وأجاز للبائع أن يتوثق لدينه برهن عين من قِبل المشتري، يستوفي منها إن عجز المدين عن السداد في وقته.
فالرهن مشروع لحفظ المال، لئلا يضيع حق الدائن.