فصل: أهل الملل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.أهل الملل:

الكفار ملل شتى:
فاليهود ملة.. والنصارى ملة.. والمجوس ملة.. وهكذا.


.ميراث أهل الملل:

لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم؛ لاختلاف دينهما، والكفار يرث بعضهم بعضاً مع اتفاق أديانهم لا مع اختلافها.
فيتوارث اليهود فيما بينهم، والنصارى فيما بينهم، والمجوس فيما بينهم، وبقية الملل فيما بينهم، ولا يرث اليهودي النصراني؛ لاختلاف الملة وهكذا بقية الملل..
عَنْ أسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ وَلا الكَافِرُ المُسْلِمَ». متفق عليه.

.ميراث المرتد:

المرتد عن دين الإسلام كافر لا يرث من غيره، ولا يرثه غيره من المسلمين، فيكون ماله إذا مات لبيت مال المسلمين.

.ميراث من لا يُعلم أبوه:

ابن الزنا، وابن الملاعنة، لا توارث بينهما وبين أبويهما؛ لانتفاء النسب الشرعي بينهما، وإنما يكون التوارث بينهما وبين أمَّيهما فقط وقرابتها؛
لأن نسبه من جهة الأب منقطع، فلا يرث به، ونسبه من جهة الأم ثابت، فنسبه لأمه قطعاً.
فيرث ابن الزنا من أمه وقرابتها، وترث منه أمه وإخوته من أمه، وابن الملاعنة كذلك.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لاعَنَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأتِهِ، فَانْتَفَى مِنْ وَلَدِهَا، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَألحَقَ الوَلَدَ بِالمَرْأةِ. متفق عليه.

الأمثلة:
1- توفي شخص عن أم وابن غير شرعي التركة للأم فرضاً ورداً، ولا شيء للابن.
2- توفي ابن زنا أو ابن ملاعنة عن أمه، وأبيها، وأخيها التركة كلها لأمه، ولا شيء للأب والأخ، لأنهما من ذوي الأرحام.

.اللقيط:

ميراثه إن لم يُخلِّف وارثاً لبيت مال المسلمين.

.15- ميراث القاتل:

.حكم ميراث القاتل:

القاتل له حالتان:
الأولى: من قتل مورِّثه بغير حق لم يرثه.
والقتل بغير حق: هو المضمون بقود، أو دية، أو كفارة كالعمد، وشبه العمد، والخطأ وما جرى مجرى الخطأ كالقتل بالسبب، وقتل الصبي، والنائم، والمجنون.
فالقاتل عمداً لا يرث؛ لأنه استعجل الميراث، ومن تعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه.
وإن كان القتل غير عمد، فَمَنْعه من الإرث سداً للذرائع، صيانة للدماء؛ لئلا يكون الطمع سبباً لسفكها.
الثانية: إذا كان القتل دفاعاً عن النفس، أو كان قصاصاً، أو حداً ونحو ذلك، فهذا لا يمنع الإرث.

.16- ميراث المرأة:

.أحوال ميراث المرأة:

أكرم الإسلام المرأة، وأعطاها ما يناسب حالها من الميراث كما يلي:
1- تارة تأخذ مثل نصيب الذكر كما في الإخوة لأم والأخوات لأم إذا اجتمعوا ورثوا بالسوية الذكر كالأنثى.
2- تارة يكون نصيبها مثل الرجل، أو أقل منه كما في الأم مع الأب.
إن كان معهما أولاد ذكور، أو ذكور وإناث، فلكل من الأب والأم السدس.
وإن كان معهما أولاد إناث فللأم السدس، وللأب السدس والباقي إن لم يكن عصبة.
3- تارة تأخذ المرأة نصف ما يأخذ الرجل، وهذا هو الأغلب.
فالمرأة تناصف الرجل في خمسة أشياء:
الميراث.. والشهادة.. والدية.. والعقيقة.. والعتق.
قال الله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا [7]} [النساء:7].

.حكمة إعطاء الذكر من الميراث أكثر من الأنثى:

الإسلام يُلزِم الرجل بأعباء ونفقات مالية لا تُلزَم بمثلها المرأة كالمهر، والسكن، والنفقات على الزوجة والأولاد، والديات في العاقلة ونحو ذلك.
أما المرأة فليس عليها شيء من ذلك، لا النفقة على نفسها، ولا النفقة على زوجها، ولا النفقة على أولادها.
وبذلك أكرمها الإسلام حين طرح عنها تلك الأعباء، وألقاها على الرجل.
ثم أعطاها نصف ما يأخذ الرجل، فمالها يزداد، ومال الرجل ينقص بالنفقة عليه وعلى زوجته وأولاده.
فهذا هو العدل والإنصاف بين الجنسين، وما ربك بظلام للعبيد، والله عليم حكيم، والله يعلم وأنتم لا تعلمون.
1- قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء:34].
2- وقال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [90]} [النحل:90].

.17- التخارج من الميراث:

التخارج: هو أن يتصالح الورثة على إخراج بعضهم من الميراث مقابل شيء معلوم من التركة أو من غيرها وهذا التصرف جائر عند التراضي.

.كيفية قسمة التركة عند التخارج:

قسمة التركة عند التخارج لها صور كما يلي:
1- أن يَخرج أحد الورثة عن نصيبه لآخر مقابل شيء يأخذه من مال الوارث الخاص، فيحل الثاني محل الأول في نصيبه من التركة.
المثال: زوج، وأخوان شقيقان أخرج أحد الشقيقين الزوج من نصيبه بمال دفعه إليه من ماله الخاص.
المسألة من أربعة: للزوج النصف 2 والباقي للأخوين 2 فيضم نصيب الزوج 2 إلى نصيب الأخ 1 فيكون له 3 وهكذا.
2- أن يَخرج أحد الورثة عن نصيبه لبقية الورثة مقابل مال من غير التركة، يدفعونه إليه بنسبة أنصبائهم، فتكون التركة لبقية الورثة، ويجعل المخرج غير وارث.
3- أن يَخرج أحد الورثة مقابل مال يدفعه إليه الورثة من غير التركة بالتساوي، فتقسم الحصة المصالَح عليها بالتساوي.
المثال: زوج، ابن، بنت فإذا أخرج الابن والبنت الزوج بمبلغ من المال مناصفة، استحقا نصيب الزوج وهو الربع مناصفة.
4- أن يَخرج أحد الورثة عن نصيبه لبقية الورثة مقابل مال يدفعونه إليه من التركة، فتقسم حصة الخارج على الورثة حسب نسبة أنصبائهم وهكذا.

.الباب الخامس عشر: كتاب نواقض الإسلام:

ويشتمل على ما يلي:
1- الكفر.
2- الشرك.
3- النفاق.
4- الردة.
5- البدعة.
1- الكفر:

.أصول نواقض الإسلام:

نواقض الإسلام كثيرة ويجمعها خمسة:
الأول: الكفر.. ويزول بالإسلام.
الثاني: الشرك.. ويزول بالتوحيد.
الثالث: النفاق.. ويزول بالإيمان.
الرابع: الردة.. وتزول بالتوبة.
الخامس: البدعة.. وتزول بالسنة.
وإليك تفصيل هذه النواقض..

.1- الكفر:

هو إنكار الخالق سبحانه.

.الفرق بين الكفر والشرك:

الإسلام والإيمان.. والنبي والرسول.. والكفر والشرك.
هذه ألفاظ مترادفة، يطلق كل واحد منهما على الآخر إذا انفرد، وإذا اجتمعا في جملة صار لكل واحد معنى خاصاً به.
وقد أطلق الله الكفر على الشرك وعكسه في عامة آيات القرآن.
وإذا اجتمع الكفر والشرك في آية أو جملة، فالمراد بالكفر: جحود الخالق سبحانه، وهو أعم وأعظم من الشرك.
والمراد بالشرك: جَعْل شريك لله في ربوبيته، أو ألوهيته، أو أسمائه وصفاته.
1- قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [6]} [البيِّنة: 6].
2- وقال الله تعالى: {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [6]} [المُلك: 6].
3- وقال الله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [72]} [المائدة: 72].

.أركان الكفر:

أركان الكفر أربعة:
الكبر.. والحسد.. والغضب.. والشهوة.
فالكبر يمنع الإنسان من الانقياد للحق.
والحسد يمنعه من قبول النصيحة وبذلها.
والغضب يمنعه من العدل.
والشهوة تمنعه من التفرغ للعبادة.
فإذا انهدم ركن الكبر سهل على الإنسان الانقياد للحق.. وإذا انهدم ركن الحسد سهل عليه قبول النصح وبذله.. وإذا انهدم ركن الغضب سهل عليه العدل والتواضع.. وإذا انهدم ركن الشهوة سهل عليه الصبر والعفاف والتفرغ للعبادة.
1- قال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [34]} [البقرة: 34].
2- وقال الله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا [54] فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا [55]} [النساء: 54- 55].
3- وقال الله تعالى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [59]} [مريم: 59].

.أقسام الكفر:

الكفر قسمان:

.القسم الأول: كفر أكبر مخرج من الملة:

وهو خمسة أقسام:
1- كفر التكذيب:
قال الله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ [68]} [العنكبوت: 68].

2- كفر الإباء والاستكبار مع التصديق:
قال الله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [34]} [البقرة: 34].

3- كفر الظن والشك:
قال الله تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا [35] وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا [36] قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا [37] لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا [38]} [الكهف: 35- 38].

4- كفر الإعراض:
قال الله تعالى: {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ [3]} [الأحقاف: 3].

5- كفر النفاق:
1- قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ [3]} [المنافقون: 3].

.القسم الثاني: كفر أصغر لا يخرج من الملة:

وهو الكفر العملي كالذنوب التي سميت في القرآن والسنة كفراً وهي لا تصل إلى حد الكفر الأكبر.
مثل كفر النعمة، والحلف بغير الله، وقتال المسلم ونحو ذلك.
1- قال الله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ [112]} [النحل: 112].
2- وَعَنْ ابنِ مَسْعُود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ». متفق عليه.
3- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ سَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ لاَ وَالكَعْبَةِ، فَقَالََ ابْنُ عُمَرَ: لاَ يُحْلَفُ بغَيْرِ الله، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ حَلَفَ بغَيْرِ الله فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ». أخرجه أبو داود والترمذي.
وقد جعل الله مرتكب الكبيرة مؤمناً، وجعلهم إخوة جميعاً، فقال سبحانه: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [9] إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [10]} [الحُجُرات: 9- 10].

.الفرق بين الكفر الأكبر والأصغر:

1- الكفر الأكبر يخرج من الملة.. ويحبط الأعمال.. وصاحبه مخلد في النار.. مباح الدم والمال.. ولا يجوز للمؤمن محبته وموالاته.
2- والكفر الأصغر لا يخرج من الملة.. ولا يحبط الأعمال.. لكن ينقصها بحسبه.. ويعرِّض صاحبها للوعيد.. ولا يخلد صاحبه في النار فيعذب ثم يخرج منها.. وقد يتوب الله عليه فلا يدخله النار أصلاً.
والكفر الأصغر لا يبيح الدم والمال.. ولا يمنع الموالاة مطلقاً.
فيوالى بقدر ما فيه من الإيمان.. ويُبغض بقدر ما فيه من العصيان.

.أسباب الكفر:

للكفر أسباب كثيرة أهمها:
1- الجهل والضلال، وتقليد الأسلاف، وهذا كُفْر أكثر الأتباع والعوام.
1- قال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ [170]} [البقرة: 170].
2- وقال الله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ [24]} [الجاثية: 24].
2- الجحود والعناد، والحسد والكبر.
وأغلب ما يقع هذا النوع فيمن له رئاسة علمية في قومه كالأحبار، والرهبان، من اليهود والنصارى.
أو له رئاسة سلطانية كفرعون وكسرى وقيصر، أوله تجارة في قومه كقارون.
فيخاف هذا على ماله.. وهذا على سلطانه.. وهذا على مكانته.. فيؤْثِر الكفر على الإيمان عمداً.
1- قال الله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ [89]} [البقرة: 89].
2- وقال الله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ [75]} [يونس: 75].
3- وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: 34].
4- وقال الله تعالى: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [14]} [النمل: 14].
3- الإعراض المحض عن الحق، فلا ينظر فيه، ولا يحبه، ولا يبغضه، ولا يواليه، ولا يعاديه؛ لأن قلبه متعلق بغيره.
كمحبة المال والشهوات، ومحبة الدار والوطن، والأهل والعشيرة والعادة.
1- قال الله تعالى: {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ [3]} [الأحقاف: 3].
2- وقال الله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ [21]} [لقمان: 21].

.جزاء الكفار:

كل كافر يعيش في الدنيا في ظلمة وحيرة، وقلق وظنك، وشقاء ونكد؛ لأنه حُرِم نور الإيمان، وضل عن الصراط المستقيم.
قال الله تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ [1]} [إبراهيم: 1].
والكفار في النار متفاوتون في العذاب بحسب غلظ كفرهم.
وغلظ الكفر الموجب للعذاب ثلاث درجات:
الأولى: من جحد وجود رب العالمين بالكلية، وعطل العالم عن الرب الخالق المدبر له، وهؤلاء هم الدهرية الذين جحدوا الرب، وإمامهم فرعون.
وهذا أغلظ أنواع الكفر، وعذابه أشد العذاب يوم القيامة.
1- قال الله تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ [24]} [الجاثية: 24].
2- وقال الله تعالى: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ [45] النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [46]} [غافر: 45- 46].
الثانية: من كفر عناداً عمداً على بصيرة.
مثل من شهد قلبه أن الرسول حق لِمَا رآه من آيات صدقه، ثم كفر عناداً وبغياً كالمنافقين وأمثالهم.
1- قال الله تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [86] أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [87] خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ [88]} [آل عمران: 86- 88].
2- وقال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا [145]} [النساء: 145].
الثالثة: مَنْ سعى من الكفار في إطفاء نور الله، وصد عباده عن دينه بما تصل إليه قدرته.
قال الله تعالى: {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ [88]} [النحل: 88].
فهؤلاء أشد الكفار عذاباً يوم القيامة، وعذابهم بحسب غلظ كفرهم وعنادهم وأذاهم.
الرابعة: مَنْ دون هؤلاء في الكفر من جهلة الكفار وعامتهم الذين لم يغلظ كفرهم، ولم يؤذوا المسلمين، فهؤلاء مع أولئك في النار، لكن عذابهم أقل منهم.
1- قال الله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [257]} [البقرة: 257].
2- وَعَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ أدْنَى أهْلِ النَّارِ عَذَاباً، يَنْتَعِلُ بِنَعْلَيْنِ مِنْ نَارٍ، يَغْلِي دِمَاغُهُ مِنْ حَرَارَةِ نَعْلَيْهِ». أخرجه مسلم.