فصل: عقوبة الزاني:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.عقوبة الزاني:

1- عقوبة الزاني المحصن: هي أن يُرجم بالحجارة حتى يموت، رجلاً كان أو امرأة، مسلماً كان أو كافراً، ولا جلد مع الرجم؛ لأنه منسوخ.
2- عقوبة الزاني غير المحصن: هي أن يُجلد الحر مائة جلدة، ويغرَّب سنة، رجلاً كان أو امرأة، ولا تغرَّب المرأة إلا إذا وُجِد لها مَحْرم متبرع بالسفر معها، فإذا لم يوجد حُبست سنة في مكان آمن في بلدها.
3- الرقيق حده أن يجلد خمسين جلدة، رجلاً كان أو امرأة، ويغرَّب نصف سنة.
1- قال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [2]} [النور: 2].
2- وقال الله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25].
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أتَى رَجُلٌ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي المَسْجِدِ، فَنَادَاهُ فقال: يَا رَسُولَ الله إِنِّي زَنَيْتُ، فَأعْرَضَ عَنْهُ حَتَّى رَدَّدَ عَلَيْهِ أرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أرْبَعَ شَهَادَاتٍ، دَعَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: «أبِكَ جُنُونٌ». قال: لا، قال: «فَهَل أحْصَنْتَ». قال: نَعَمْ، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ». متفق عليه.
4- وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «خُذُوا عَنّي، خُذُوا عَنّي، قَدْ جَعَلَ الله لَهُنّ سَبِيلاً، البِكْرُ بِالبِكْرِ جَلدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ وَالثّيِّبُ بِالثّيِّبِ، جَلدُ مِائَةٍ وَالرّجْمُ». أخرجه مسلم.
4- إذا مات الزاني ولم يتب حشر في جهنم في تنور الزناة مع أمثاله.
عَنْ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ –في حديث الرؤيا مع الملكين، وفيه فقال الملكان-: «وَأمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ العُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ، فَإِنَّهُمُ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي». متفق عليه.

.شروط ثبوت حد الزنا:

يشترط لثبوت حد الزنا ما يلي:
1- أن يكون الزاني بالمرأة بالغاً، عاقلاً، حراً، مختاراً، عالماً بالتحريم، مع انتفاء الشبهة.
2- تغييب حشفته الأصلية كلها في قبل امرأة.
3- انتفاء الشبهة، فلا حد على من وطئ امرأة ظنها زوجته.
4- ثبوت الزنا، ويثبت الزنا بما يلي:
1- الإقرار: بأن يقر بالزنا من عُرف بالعقل مرة واحدة، ويقرّ به أربع مرات مَنْ كان متَّهماً في ضعف عقله.
وفي كليهما يصرح بحقيقة الوطء، ويستمر في إقراره إلى إقامة الحد عليه.
2- الشهادة: بأن يشهد عليه بالزنا أربعة رجال مسلمين عدول.
3- الحمل: بأن تحمل من لا زوج لها ولا سيد.
1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قالَ: قالَ عُمَرُ: لَقَدْ خَشِيتُ أنْ يَطُولَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ، حَتَّى يَقُولَ قَائِلٌ: لا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كتاب الله، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أنْزَلَهَا اللهُ، ألا وَإِنَّ الرَّجْمَ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى وَقَدْ أحْصَنَ، إِذَا قَامَتِ البَيِّنَةُ، أوْ كَانَ الحَبَلُ أوِ الاعْتِرَافُ ألا وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ. متفق عليه.
2- وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَجُلا مِنْ أسْلَمَ جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا، فَأعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أرْبَعَ مَرَّاتٍ، قالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أبِكَ جُنُونٌ». قال: لا، قال: «آحْصَنْتَ». قال: نَعَمْ، فَأمَرَ بِهِ فَرُجِمَ بِالمُصَلَّى، فَلَمَّا أذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ فَرَّ، فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ. فقال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْراً، وَصَلَّى عَلَيْهِ. أخرجه البخاري.

.حكم الرجوع عن الإقرار:

إذا اعترف الزاني بالزنا عند القاضي، ثم رجع عن إقراره بعد الحكم بالحد، أو بعد إقامة بعض الحد، أو هرب، فإنه يسقط عنه الحد؛ لأن الرجوع شبهة، والحدود تُدرأ بالشبهات.

.من يقام عليه حد الزنا:

1- يقام حد الزنا على الزاني إذا كان مكلفاً، مختاراً، عالماً بالتحريم، بعد ثبوته عند الحاكم بإقرار، أو شهادة، أو حمل، مع انتفاء الشبهة.
2- إذا زنا المحصن بغير المحصنة فلكلٍ حده من رجم، أو جلد وتغريب.
3- إذا زنا الحر بأمة، أو عكسه بأن زنت حرة بعبد فلكل واحد حكمه في الحد.
4- يقام حد الزنا على الزاني، سواء كان مسلماً أو كافراً؛ لأنه حد ترتب على وصف، فثبت على من قام به.
1- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قالَ: لَمَّا أتَى مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال لَهُ: «لَعَلَّكَ قَبَّلتَ، أو ْغَمَزْتَ، أوْ نَظَرْتَ». قال: لا يَا رَسُولَ الله، قال: «أنِكْتَهَا». لا يَكْنِي، قال: فَعِنْدَ ذَلِكَ أمَرَ بِرَجْمِهِ. متفق عليه.
2- وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَنَّ اليَهُودَ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا، قَرِيبًا مِنْ مَوْضِعِ الجَنَائِزِ عِنْدَ المَسْجِدِ. متفق عليه.

.حكم الزوجية بعد الزنا:

إذا زنا رجل متزوج فلا تَحرُم عليه زوجته، وإذا زنت امرأة متزوجة فلا تَحرُم على زوجها، لكنهما ارتكبا إثماً عظيماً، فعليهما التوبة والاستغفار.
قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا [68] يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا [69] إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [70]} [الفرقان: 68- 70].

.أشد أنواع الزنا:

مفسدة الزنا تتضاعف بتضاعف ما انتهكه الزاني من الحق.
فالزنا بالمرأة التي لها زوج أعظم إثماً وعقوبة من التي لا زوج لها؛ لما فيه من انتهاك حرمة الزوج، وإفساد فراشه، وتعليق نسبٍ إليه لم يكن منه.
فإن كان زوجها جاراً له فذلك أشد وأعظم البوائق.
فإن كان الجار أخاً أو قريباً من أقاربه اجتمع مع ذلك قطيعة الرحم، فيتضاعف الإثم عليه.
فإن كان الجار غائباً في طاعة الله كطلب العلم، أو الحج، أو الدعوة، أو الجهاد، تضاعف له الإثم.
فإن اتفق أن تكون المرأة رحماً منه، انضاف إلى ذلك قطيعة رحمها.
فإن كانت خالته أو عمته، أو أخته أو بنته، فذلك أشد وأعظم وأقبح، نسأل الله السلامة والعافية.
فإن اتفق أن يكون الزاني محصناً كان الإثم والعقوبة أعظم.
فإن كان الزاني شيخاً كبيراً كان أعظم إثماً.
فإن اقترن بذلك أن يكون الزنا في شهر حرام، أو بلد حرام، أو وقت حرام كالصيام والحج، أو وقت معظم كأوقات الصلوات الخمس والجمعة تضاعف الإثم.
ولهذه المفاسد الكبرى وأمثالها حرَّم الله الزنا، وأغلق جميع الأبواب الموصلة إليه، ونفى كمال الإيمان عمن فعله.
1- قال الله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [3]} [النور: 3].
2- وقال الله تعالى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [32]} [الإسراء: 32].
3- وَعَنْ عَبْدِالله بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلتُ يَا رَسُولَ الله، أيُّ الذَّنْبِ أعْظَمُ؟ قال: «أنْ تَجْعَلَ؟ نِدّاً وَهُوَ خَلَقَكَ». قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قال: «أنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مِنْ أجْلِ أنْ يَطْعَمَ مَعَكَ». قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قال: «أنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ».. متفق عليه.
4- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ». متفق عليه.

.حكم من زنا بذات محرم:

من زنا بذات محرم كأخته، وبنته، وامرأة أبيه، وهو عالم بتحريم ذلك، وجب قتله محصناً كان أو غير محصن.
عَن البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إِلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ أَنْ يَقْتُلَهُ. أخرجه أحمد وأبو داود.

.حكم من أُكره على الزنا:

من أَكره امرأة على الزنا فزنا بها وجب عليه الحد، والمرأة ليس عليها حد؛ لأنها مكرهة.
ومن أَكره رجلاً على الزنا بامرأة فزنا بها فلا حد عليه؛ لأنه مكره، لكن يعزَّر من أكرهه ولا يُحد؛ لأنه لم يزن.

.صفة إقامة حد الرجم على الزاني:

يقيم حد الرجم على الزاني الإمام أو نائبه في أي مكان عام إلا المسجد، بحضور طائفة من المؤمنين.
أما الحفر للمرجوم فهو راجع إلى الإمام، إن شاء حفر له، وإن شاء ترك، لكن المرأة تشد عليها ثيابها؛ لئلا تنكشف، ومن وجب عليه حد الرجم فلا جلد عليه.
يرجم الرجل قائماً، وترجم المرأة قاعدة، المسلم والكافر في ذلك سواء.
1- عَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّهُ قالَ: إِنَّ اليَهُودَ جَاؤُوا إِلَى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرُوا لَهُ أنَّ رَجُلاً مِنْهُمْ وَامْرَأةً زَنَيَا، فقال لَهُمْ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ». فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ، قال عَبْدُالله ابْنُ سَلامٍ: كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ، فَأتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا، فَوَضَعَ أحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَرَأ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا، فقال لَهُ عَبْدُالله بْنُ سَلامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، قَالُوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَرَ بِهِمَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَرُجِمَا، فَرَأيْتُ الرَّجُلَ يَحْنِي عَلَى المَرْأةِ، يَقِيهَا الحِجَارَةَ. متفق عليه.
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالا: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: أنْشُدُكَ اللهَ إِلا قَضَيْتَ بَيْنَنَا بِكِتَابِ الله، فَقَامَ خَصْمُهُ، وَكَانَ أفْقَهَ مِنْهُ، فقال: صَدَقَ، اقْضِ بَيْنَنَا بِكِتَابِ الله، وَأْذَنْ لِي يَا رَسُولَ الله، فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «قُل». فقال: إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفًا فِي أهْلِ هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأتِهِ، فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَخَادِمٍ، وَإِنِّي سَألتُ رِجَالاً مِنْ أهْلِ العِلمِ، فَأخْبَرُونِي أنَّ عَلَى ابْنِي جَلدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ، وَأنَّ عَلَى امْرَأةِ هَذَا الرَّجْمَ، فقال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لأقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ الله، المِائَةُ وَالخَادِمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَيَا أنَيْسُ اغْدُ عَلَى امْرَأةِ هَذَا فَسَلهَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» فَاعْتَرَفَتْ فَرَجَمَهَا. متفق عليه.

.ما يُرجم به الزاني:

يقام حد الرجم على الزاني المحصن بالضرب بالحجارة المعتدلة بملء الكف، لا بحصيات خفيفة؛ لئلا يطول تعذيبه، ولا بصخرات كبيرة تقضي عليه بسرعة؛ لئلا يفوت التنكيل المقصود.
عَنْ شَدّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ الله؟، قَالَ: «إنّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ، فَإذَا قَتَلتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذّبْحَ، وَليُحِدّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَليُرِحْ ذَبِيحَتَهُ». أخرجه مسلم.

.ما يُفعل بالمرجوم إذا مات:

إذا مات المرجوم بعد الرجم: فإن كان مسلماً يغسل، ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن مع المسلمين.
وإن كان كافراً يلف في ثيابه، ويوارى بالتراب في مكان من الأرض.
عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَجُلا مِنْ أسْلَمَ، جَاءَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاعْتَرَفَ بِالزِّنَا، فَأعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ أرْبَعَ مَرَّاتٍ، قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أبِكَ جُنُونٌ». قال: لا، قال: «آحْصَنْتَ». قال: نَعَمْ، فَأمَرَ بِهِ فَرُجِمَ بِالمُصَلَّى، فَلَمَّا أذْلَقَتْهُ الحِجَارَةُ فَرَّ، فَأُدْرِكَ فَرُجِمَ حَتَّى مَاتَ. فقال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْرًا، وَصَلَّى عَلَيْهِ. متفق عليه.

.حكم تشبه الرجال بالنساء وعكسه:

المخنثون من الرجال هم الذين يتشبهون بالنساء في حركاتهم ومشيهم ولباسهم وكلامهم ونحو ذلك.
والمترجلات من النساء هن المتشبهات بالرجال في كلامهن وحركاتهن ولباسهن ونحو ذلك.
وقد برزت هذه الظاهرة من مزاحمة النساء للرجال في المكاتب والشركات.
وهذا التشبه من المحرمات، ومن كبائر الذنوب؛ لأن اللعنة لا تلحق إلا صاحب كبيرة.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَعَنَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المُخَنَّثِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالمُتَرَجِّلاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَقَالَ: «أخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ». أخرجه البخاري.

.حكم عمل قوم لوط:

عمل قوم لوط: هو فعل الفاحشة في الدبر، والاستغناء بالرجال عن النساء.
وعمل قوم لوط من أكبر الجرائم المفسدة للخُلُق والفطرة، وعقوبته أغلظ من عقوبة الزنا؛ لغلظ حرمته، وشناعته، وقبحه.
وهو شذوذ جنسي خطير، حرمه الإسلام لما يسببه من الأمراض والأضرار النفسية والبدنية الخطيرة.
وقد خسف الله بمن فعله وهم قوم لوط، وأمطر عليهم حجارة من سجيل، وطمس أعينهم، ولهم النار يوم القيامة.
1- قال الله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ [80] إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ [81]} [الأعراف: 80- 81].
2- وقال الله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ [82] مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ [83]} [هود: 82- 83].
3- وقال الله تعالى: {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ [37]} [القمر: 37].

.عقوبة عمل قوم لوط:

عمل قوم لوط من كبائر الذنوب.
وعقوبته: أن يُقتل الفاعل والمفعول به، محصناً كان أو غير محصن، مسلماً كان أو كافراً، إذا كان بالغاً، عاقلاً، مختاراً، عالماً بالتحريم.
فيقتله الإمام بما يراه رادعاً له ولغيره من قتلٍ بالسيف، أو رجم بالحجارة، بمحضر من المؤمنين.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الفَاعِلَ وَالمَفْعُولَ بهِ». أخرجه أبو داود والترمذي.

.مفاسد فاحشة عمل قوم لوط:

فاحشة عمل قوم لوط لها آثار سيئة على الأمة كلها.
فهو من أكبر أسباب زوال النعم، وحلول النقم.
وهو موجب للعنة الله ومقته وعقوبته، وجناية شنيعة على المفعول به وأسرته، بل على المجتمع كله.
وهو يُحدث الهم والغم وسواد الوجه في الفاعل والمفعول به، ومُذهب للغيرة والحياء، مولِّد للنفرة والبغض الشديد بين الفاعل والمفعول به، مسبب لنفرة الناس منهما.
وعمل قوم لوط يحيل الطباع عما ركبها الله إلى طبع منكوس لا يشتهيه حتى الحيوان، وإذا انتكس الطبع انتكس القلب، فاستطاب كل شر وخبيث، ويورث من المهانة والحقارة والسفال ما لا يورثه غيره، ويكسو العبد حلة المقت والبغضاء، واحتقار الناس له.
وهذا الفعل القبيح يفسد حال الفاعل والمفعول به، ويَذهب بمحاسنهما ومودتهما، ويبدلها تباغضاً وتلاعناً.
وعمل قوم لوط يسبب الإصابة بالأمراض الخطيرة كالإيدز المهلك، ويقطع النسل، ويفوِّت حق المرأة في الوطء الحلال.
وإذا كان الله قد حرم الوطء في الفرج من أجل الحيض العارض، فكيف بالحش الذي هو محل الأذى اللازم.
فالدبر محل الأذى والقذر والنجو، فكيف يشتهيه الإنسان مع نفرة الحيوان منه.
فليس من المعاصي أعظم من هذه المفسدة التي تلي مفسدة الكفر.
ولم يسبق قوم لوط في فعلها أحد من العالمين.
قال الله تعالى: {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ [80] إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ [81]} [الأعراف: 80- 81].

.حكم الاستمناء:

الاستمناء: هو إنزال المني بشهوة من غير جماع، بيد أو نحوها، من رجل أو امرأة.
والاستمناء محرم؛ لما فيه من التعدي، وصرف الشيء في غير موضعه، وفي الصوم وقاية منه لمن لم يستطع الزواج.
وقد أمر الله بحفظ الفروج إلا في الزواج وملك اليمين، فبقي ما سواهما محرماً.
1- قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ [5] إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [6] فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [7]} [المؤمنون: 5- 7].
2- وَعَنْ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَليَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أغَضُّ لِلبَصَرِ، وَأحْصَنُ لِلفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ». متفق عليه.