فصل: الجزء الأول

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **


 الجزء الأول

 مقدمة ‏نصب الراية لأحاديث الهداية‏

بسم اللّه الرحمن الرحيم

سبحانك اللّهم، لك الحمد، كما أنت أهله، وكما يليق بجلال وجهك، وعظيم سلطانك، صل على صفوة خلقك، رسول الرحمة محمد، وآله، أهل بيته وعترته وصحبه، صلاة ترضيك، وترضيه عنا، يا رب العالمين‏.‏

وبعد‏:‏ خطر بالبال أن يكون ‏"‏نصب الراية - لأحاديث الهداية‏"‏ مسبوقًا بمقدمة، تحوي أمورًا، يجب علمها، وحقائق ثابتة، تجب معرفتها‏.‏

ووقعت هذه الخطرة بالبال موقعًا‏.‏ ولم تلبث حتى أصبحت فكرة، ولم تزل الفكرة، حتى دعت طلوعًا على هذه الصفحات‏.‏

فرافقتني الخطرة، وأعجبتني الفكرة، فاحتفلت بها احتفالًا، ورحبت دعوتها ترحابًا ‏.‏ وحاولت أن أصدّرها بكلمة في تعريف ‏"‏المجلس العلمي‏"‏ - بالهند، فإنه أضحى سببًا لطبع الكتاب، وعلى إثرها لمعة من ترجمة - المؤلف - ورشحة من ترجمة صاحب ‏"‏الهداية‏"‏‏.‏

ثم أعقبها بمقالة حافلة في أهم مواضيع الفقه، والحديث، ما يرتاح له قلب العالم، ويبتهج له عقل الفقيه، بقلم نظار محقق، وبحاثة متبحر، وأختمها بكلمة في تصحيح الكتاب، وما لاقينا فيه من كبد وعناء، واللّه سبحانه خير موفق ومعين‏.‏

 المجلس العلمي

المجلس العلمي - إدارة تأليفية، فعلت في سن طفولتها، ما لو فعلته في عهد شبابها، لكفاها فخرًا وشرفًا‏.‏

رجل سعيد الحظ، ميمون الطلعة، طيب الأرومة، رحيب الصدر، من أهل ‏"‏سملك‏"‏ في - الكجرات - بالهند، أصبح إفريقيًا منذ برهة من الدهر، من مشاهير تجار أفريقيا الجنوبية‏.‏

التحق بدار العلوم في ‏"‏ديوبند‏"‏ - مركز الثقافة الدينية، والعلمية بالهند - وتخرج منها بعد سنوات، عالمًا فاضلًا‏.‏

في عهد تحصيله‏:‏ ساعد طلبة العلم، أعان دار العلوم - مهد تربيته العلمية - بآلاف جنيه، وخدم أكبر شيوخه، إمام العصر المحدث، الشيخ ‏"‏محمد أنور الكشميري‏"‏ ثم ‏"‏الديوبندي‏"‏، بما فيه أسوة لمن يأتي بعده‏.‏

فارق مهده العلمي‏!‏ فخلّف صيتًا حسنًا، وذكرًا جميلًا، على الألسنة، وقدرًا في القلوب‏.‏

بأعماله الخالدة، أصبحت مدرسة ‏"‏تعليم الدين‏"‏ في - دابهيل - ‏(‏من الكجرات‏)‏ - جامعة إسلامية - ينثال إليها طلبة العلم من كل صوب وناحية‏.‏ يتبرع إليها بعطية، تربو على ألف جنيه كل عام‏.‏

ثم فتح إدارة علمية لإحياء المآثر العلمية، غرامًا بإبقاء آثار العلم الخالدة، تحت إشراف إمام العصر السالف ذكره، ومحقق العصر الشيخ ‏"‏شبير أحمد العثماني الديوبندي‏"‏ - طال بقاءه - فوفق لأن يقدم لأهل العلم ما يربو على عشرين كتابًا‏:‏ في علوم الحديث‏.‏ والقرآن‏.‏ والحقائق وغيرها، قبل أن يبلغ المجلس إلى ثماني حجج، من عمره الميمون‏.‏

وكذا الكريم إذا أقام ببلدة * سال النضار بها وقام الماء

وإليك ذكر شيء من مآثره‏:‏

فمن القرآن‏:‏ -

- 1 - ‏"‏مشكلات القرآن ‏"‏ - لإمام العصر، محمد أنور الكشميري رحمه اللّه‏.‏

- 2 - ‏"‏تحية الإسلام ‏.‏ في حياة عيسى عليه السلام‏"‏ - أيضًا له‏.‏

- 3 - ‏"‏خاتم النبيين‏"‏ - أيضًا له‏.‏

ومن الحديث‏:‏ -

- 1 - ‏"‏نصب الراية - لأحاديث الهداية‏"‏ تأليف الإمام الحافظ العلامة ‏.‏ جمال الدين الزيلعي، في - خمسة أجزاء كبيرة - ‏.‏

- 2 - ‏"‏نيل الفرقدين‏"‏، في مسألة رفع اليدين - لإمام العصر‏.‏

- 3 - ‏"‏كشف الستر‏"‏‏.‏ في مسألة الوتر - أيضًا له‏.‏

ومن الحقائق‏:‏ -

- 1 - ‏"‏البدور البازغة‏"‏ - للإمام الشاه، ولي اللّه الدهلوي، صاحب ‏"‏حجة اللّه البالغة‏"‏

- 2 - ‏"‏الخير الكثير‏"‏ - أيضًا له‏.‏

- 3 - ‏"‏التفهيمات الإلهية‏"‏ في جزءين - أيضًا له‏.‏

- 4 - ‏"‏المعارف اللدنيّة‏"‏ - للإمام الرباني - المجدد للألف الثاني - الشيخ ‏"‏أحمد السرهندي‏"‏‏.‏

- 5 - ‏"‏مرقاة الطارم - لحدوث العالم‏"‏ - لإمام العصر‏.‏

فهذه وأمثالها مآثر ناصعة ‏"‏للمجلس العلمي‏"‏ ألا وإن بانيه المشار إليه، هو ‏"‏الحاج محمد ابن موسى‏"‏ السِّملكي، ثم الإفريقي‏.‏ أسسه على عماد التقوى والإخلاص ‏!‏ نجاره شرف الخلق، وشعاره سيما العلم، ودثاره رحابة الصدر‏.‏

بَيْدَ أني ألاقى منه متضايق الصدر عند التنويه بشأن من شؤونه، غيابًا، أو شفاهًا‏!‏

اكتب هذه السطور، وأنا في القاهرة، وهو في إفريقيا الجنوبية، والقلب يستشعر بخوف الكدر على قلبه مني، مع صفاء‏.‏ ولولا هذه الخطرة لبثثت طرفًا من مفاخره التي هو يطويها، ومناقبه التي هو يستنكف عن إفشائها، كأنها مثالب نقص، وصمات عار، وحاشاه عن ذلك‏.‏ واصدق ما يحكي حاله وحالي، ما قال أبو الطيب‏:‏ -

أنا بالوشاة إذا ذكرتك أشبه *** تأتي الندى، ويذاع عنك فتكره

لكن أبى المسك إلا أن تتم به نفحاته‏.‏ وأبت الشمس إلا أن تلمع في الأنحاء سطعاتها المتشعشعة الحمراء‏.‏

أرجو عن سماحة شيمته، ورحابة صدره، أن لا يؤاخذني بهذه الكلمات، حيث جذبها القلم من جذر القلب‏.‏ وحاشاها أن يشوبها نغص من الإطراء، وكدر من الرياء، وكأنها تناثرت من سنىّ القلم، من غير أن يتجشمها إرادة‏!‏ ومن شيمة الكرماء حسن الظن، وقبول المعاذير‏.‏

وقصارى القول‏:‏ إن المجلس قام في طفولته بأعباء، لو قام بها في فتوّته لكفاه براعة، وصاحب المجلس انتهض لمهمة دينية في ريعان شبيبته، لو انتهض لها في أوان شيبته لكفاه فضلًا ونباهة في الدنيا، وذخرًا في الآخرة، ووجاهة عند اللّه جل ذكره، وعظم برهانه، وأرجو له التوفيق من اللّه سبحانه بما تقرّ به عينه، وعيون آهل العلم في أنحاء الأرض، إنه سميع مجيب‏.‏

ثم أرى لزامًا عليَّ أن أشكر حُسن قيام صديقنا الفاضل الأستاذ السيد ‏"‏أحمد رضا بن السيد شبير علي البجنوري‏"‏، بأعباء خدمة هذا المجلس العلمي من كل جهة بحنكة، وبصيرة، وصدق وإخلاص، وهو الذي أصبح هذا المجلس بحسن شؤونه الإدارية، ودأب جهده البالغ في تنميته وترشيحه، يرتقي معارج كماله، بما تطمئن به القلوب، وتثلج به الصدور‏.‏

أدعو اللّه سبحانه أن لا يزال موفقًا لما فيه سكينة لقلبه في الدارين، وراحة لقلوب أهل المجلس، وما ذلك على اللّه بعزيز‏.‏

إلمامة

 ترجمة الإمام الحافظ جمال الدين الزيلعي الحنفي‏ ‏صاحب ‏نصب الراية لتخريج أحاديث الهداية‏ ولمعة من مزايا كتابه الجليل‏‏

- هو الإمام - الفاضل البارع، المحدث المفيد، الحافظ المتقن، جمال الدِّين أبو محمد عبد اللّه بن يوسف بن محمد بن أيوب بن موسى الحنفي الزيلعي رحمه اللّه‏.‏

الزيلعي - نسبة إلى - ‏"‏زيلع‏"‏ - بلدة على ساحل الحبشة، قاله السيوطي في ‏"‏اللباب‏"‏‏.‏

وإليها نسبة شيخه فخر الدِّين الزيلعي، الفقيه، صاحب ‏"‏تبين الحقائق - في شرح كنز الدقائق‏"‏ في ست مجلدات كبيرة، ونسب إليها عدة رجال من علماء زيلع الحنفيين، وترجم لبعضهم في كتاب ‏"‏ قلادة النحر‏"‏ - في وفيات أعيان الدهر‏"‏ ‏[‏نسخته الفوتوغرافية في - ست مجلدات كبيرة - في دار الكتب المصرية تحت رقم 167 من التاريخ‏.‏‏]‏ للشيخ أبي محمد محمد الطيب بن عبد اللّه من علماء القرن العاشر للّهجرة‏.‏

قال تقي الدين بن فهد الملكي في ذيل ‏"‏تذكرة الحفاظ‏"‏ - للذهبي‏:‏ تفقه، وبرع، وأدام النظر والاشتغال، وطلب الحديث، واعتنى به، فانتقى، وخرَّج، وألف، وجمع، وسمع على جماعة من أصحاب النجيب الحراني، ومن بعدهم‏:‏ كالشهاب أحمد بن محمد بن فتوح التجيبي ‏"‏مسند الإسكندرية‏"‏‏.‏

والشهاب أحمد بن محمد بن قيس الأنصاري ‏"‏فقيه القاهرة والإسكندرية‏"‏‏.‏ والشمس محمد بن أحمد بن عثمان بن عدلان ‏"‏شيخ الشافعية‏"‏ وجلال الدِّين أبي الفتوح علي بن عبد الوهاب بن حسن بن إسماعيل بن مظفر بن الفرات الجريري - بضم الجيم - وتقي الدين بن عبد الرزاق بن عبد العزيز بن موسى اللخمي الأسكندري، وتاج الدِّين محمد بن عثمان بن عمر بن كامل البلبيسي، الكارمي الأسكندري، وجمال الدِّين عبد اللّه بن أحمد بن هبة اللّه بن البوري، الأسكندري، اهـ‏.‏

وقال تقي الدين أبو بكر التميمي في ‏"‏الطبقات السنية‏"‏‏:‏ ‏[‏نسخته المحفوظة في التيمورية، من دار الكتب المصرية تحت رقم 540 من التاريخ في أربع مجلدات‏]‏ اشتغل وسمع من أصحاب النجيب، وأخذ عن الفخر الزيلعي - شارح الكنز - وعن القاضي علاء الدين التركماني، وغيرهما، ولازم مطالعة كتب الحديث، إلى أن خرَّج أحاديث الهداية، وأحاديث الكشاف، فاستوعب ذلك استيعابًا بالغًا‏.‏

قال في الدرر ‏"‏يعني به الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة‏"‏‏:‏ ذكر لي - شيخنا العراقي - أنه كان يرافقه في مطالعة الكتب الحديثية، لتخريج الكتب التي كانا قد اعتنيا بتخريجها، فالعراقي لتخريج أحاديث الإحياء، والأحاديث التي يشير إليها الترمذي في الأبواب، والزيلعي لتخريج أحاديث الهداية، والكشاف، فكان كل منهما يعين الآخر، ومن كتاب الزيلعي في تخريج أحاديث الهداية استمد ‏"‏الزركشي‏"‏ في كثير مما كتبه من تخريج أحاديث الرافعي‏.‏

وقال ابن العديم، ومن خطه نقلت‏:‏ شاهدت بخط شيخ الإسلام حافظ الوقت، شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن حجر العسقلاني ما صورته - بعد أن ذكر غالب ما نقلناه هنا من الدرر منه - ‏:‏ جمع تخريج أحاديث الهداية، فاستوعب فيه ما ذكره صاحب الهداية من الأحاديث، والآثار في الأصل، وما أشار إليه إشارة، ثم اعتمد في كل باب أن يذكر أدلة المخالفين، ثم هو في ذلك كثير الإنصاف، يحكي ما وجده من غير اعتراض، ولا تعقب غالبًا، فكثر إقبال الطوائف عليه، واستوعب أيضًا في تخريج أحاديث الكشاف ‏[‏وقد أخطأ النواب، صديق حسن خان في كتابه الأكسير - في أصول التفسير‏"‏ حيث جعل تخريج أحاديث ‏"‏الكشاف‏"‏ للحافظ ابن حجر، وتلخيصه للحافظ الزيلعي، وذكر هذه الأوصاف - التي ذكرها ابن حجر لتخريج الزيلعي - لتخريج ابن حجر، فعكس الأمر، ونبه عليه، الفاضل الشيخ اللكنوي في ‏"‏تعليقات الفوائد البهية‏"‏ والعجب أنه كيف خفي عليه هذا ‏!‏ مع أن ابن حجر ولد بعد وفاة الزيلعي بأحد عشر عامًا، فكيف يمكن أن يلخص الزيلعي كتاب ابن حجر ‏؟‏‏!‏ ولم يكن هو عند ذاك في عالم الوجود، وكثير له في تراجمه أمثال هذه الأوهام‏]‏ ما فيه من الأحاديث المرفوعة خاصة، فأكثر من تبين طرقها، وتسمية مخرجيها على نمط ما في أحاديث الهداية، لكنه فاته كثير من الأحاديث المرفوعة التي يذكرها الزمخشري بطريق الإشارة، ولم يتعرض غالبًا لشيء من الآثار الموقوفة، ورأيت بخطه كثيرًا من الفوائد، مفرقًا رحمه اللّه، وعفا عنه بمنه وكرمه‏.‏ اهـ انتهى ما حكاه التميمي في ‏"‏طبقاته‏"‏‏.‏

وقال الشيخ جلال الدين السيوطي في ذيل ‏"‏تذكرة الحفاظ‏"‏ - الذهبي سمع من أصحاب النجيب، وأخذ عن الفخر الزيلعي، شارح الكنز، والقاضي علاء الدين بن التركماني، وابن عقيل، وغير واحد، ولازم مطالعة كتب الحديث إلى أن خرَّج ‏"‏أحاديث الهداية، - وأحاديث الكشاف‏"‏، واستوعب ذلك استيعابًا بالغًا، اهـ، ومثله قال في ‏"‏حسن المحاضرة‏"‏ عند ذكر حفاظ الحديث، ونقاده بمصر ص 151 - ج 1‏.‏

قال البحاثة الكبير الأستاذ المحقق الشيخ ‏"‏محمد زاهد الكوثري‏"‏ طال بقاؤه في ‏"‏حواشيه‏"‏ على ‏"‏ذيل ابن فهد‏"‏‏:‏ واستمد ابن حجر نفسه في تخاريجه كذلك، وقال الفاضل المحقق الشيخ ‏"‏عبد الحي اللكنوي‏"‏ في ‏"‏الفوائد البهية‏"‏‏:‏ به استمد من جاء بعده من شراح الهداية، بل به استمد كثيرًا الحافظ ابن حجر في تخاريجه‏:‏ كتخريج أحاديث ‏"‏شرح الوجيز‏"‏ - للرافعي‏.‏ وغيره‏.‏ اهـ‏.‏ وقال الأستاذ الكوثري‏:‏ والزيلعي أعلى طبقة من العراقي، وعمله هذا معه - أي مرافقته في التخاريج - يدل على ما كان عليه من الأخلاق الجميلة والتواضع، وتخاريجه شهود صدق على تبحره وسعة إطلاعه في علوم الحديث، من‏:‏ معانيه، وأسماء رجاله، ومتونه، وطرقه، وقد رزقها اللّه الانتفاع بها، والتداول بأيدي أهل العلم بالحديث على مدى القرون، وكان بعيدًا عن التعصب المذهبي، يحشد الروايات، وقد لا يتكلم فيما له كبير مجال، انتهى كلامه‏.‏

قال الراقم‏:‏ وكان الأستاذ الكوثري يعّرض إلى كثير من الحفاظ الشافعية، ولا سيما حامل لواءهم في المتأخرين، الحافظ ابن جحر، فإنه بضد الحافظ الزيلعي، يبخس الحنفية حقهم في أمثال هذه المواضع، ويتكلم فيما لا يكون للكلام فيه مجال، ومن دأبه في كتبه - ولا سيما ‏"‏فتح الباري‏"‏ - أنه يغادر حديثًا في بابه مؤيدًا للحنفية، مع علمه، ثم يذكره في غير مظانه، لئلا ينتفع به الحنفية‏.‏

قال شيخنا إمام العصر، الشيخ ‏"‏محمد أنور الكشميري، ثم الديوبندي‏"‏ رحمه اللّه تعالى‏:‏

كان الحافظ جمال الدين الزيلعي، من المشائخ الصوفية، الذين ارتاضت نفوسهم بالمجاهدات والخلوات، وتزكت قلوبهم عن الرذائل والشهوات، كما كان من أكابر المحدثين الحفاظ، بحور العلم والحديث، وترى من آثار تزكية نفسه أنه لا يتعصب لمذهبه شيئًا، بل يمشي مع الخصوم، ويسايرهم بغاية الإنصاف‏.‏

وبمثل هذه الميزة امتاز الشيخ الحافظ، تقي الدِّين بن دقيق العيد، رحمه اللّه، بين علماء عصره، وكان هو أيضًا من أكابر الصوفية، صاحب كرامات، لا يتعصب لأهل مذهبه، وربما يقصد في تحقيقه إفادة الحنفية وتأييدهم، وحاشاه أن يبخس حقهم، ومثله منا - في الجمع بين طريقة القوم، وبين علوم الشريعة، ثم النَّصَفة والعدل - الشيخ المحقق ابن الهمام، صاحب ‏"‏فتح القدير‏"‏، وهذا بخلاف الحافظ ابن حجر، فيتطلب دائمًا مواقع العلل، ويتوخى مواضع الوهن من الحنفية، ولا يأتي في أبحاثه ما يفيد الحنفية، ويقول شيئًا، وهو يعلم خلاف ذلك، ولا يليق بجلالة قدره ذلك الصنيع، وحاشاي أن أغض من قدر الحافظ ابن حجر الذي يستحقه، وإنما هي حقائق ناصعة، ووقائع ثابتة، يجب على الباحث الناقد أن يعرفها، عفا اللّه عنه، وبدل سيئاته حسنات‏.‏

وسمعت منه رحمه اللّه‏:‏ أن الشيخ ابن الهمام كل ما ذكره في ‏"‏فتحه‏"‏ من أدلة مذهبنا، مستفاد من تخريج الإمام الزيلعي، ولم يزد عليه دليلًا، إلا في ثلاثة مواضع‏:‏ منها مسألة المهر، وقدر ما يجب‏.‏

وأفادني الأستاذ الكوثري‏:‏ أن من مؤلفات الإمام الزيلعي مختصر ‏"‏معاني الآثار‏"‏ للطحاوي، وهو من محفوظات مكتبة - رواق الأتراك - بالأزهر، والكوبريلي - بالآستانة - اهـ‏.‏

أما وفاة هذا الإمام الجليل، فقد اتفقت كلمتهم، ممن ترجم له - كابن ابن حجر‏.‏ وابن فهد‏.‏ والسيوطي‏.‏ والتميمي‏.‏ والكفوي - على وفاته في ‏"‏المحرم سنة اثنتين، وستين، وسبعمائة‏"‏ - 726 - هجرية، وزاد ابن فهد تعيينه‏:‏ ‏"‏بالحادي عشر من المحرم‏"‏، ولم يتعرض أحد منهم، لذكر تاريخ ولادته، ولم أظفر بها، مع تتبع، ودفن بالقاهرة، واتفقت به كلمة من تعرض لوفاته، والعجب أنه لم يعين أحد قبره، ولا جهته، من أصحاب التراجم، ورجال الطبقات، والمؤلفين، في خطط القاهرة، وآثار مصر‏:‏ كالمقريزي‏.‏ وغيره، والمتصدين لذكر مزارات الأولياء، وقبور الصالحين بالقاهرة، كالسخاوي‏.‏ وغيره، إلا أن علي باشا مبارك في ‏"‏الخطط ‏"‏التوفيقية‏"‏ ذكر عند ذكر، شارع باب الوزير، في‏:‏ ص 103 - ج 2، عطفة الزيلعي، وقال‏:‏ عرفت بضريح الشيخ الزيلعي المدفون بها، اهـ‏.‏ ولم يعينه من هو، فوصلت إلى العطفة المذكورة الواقعة في - شارع المحجر - برفاقة صديقي المحترم، الشيخ عبد المجيد الدسوقي عطية، وبمساعدة الأستاذ الفاضل إبراهيم بن مختار الزيلعي، فألقينا في آخر العطفة بيتًا مغلقًا، واطلعنا إلى شباكه، فإذا هو مكتوب على غلاف المرقد الشريف‏:‏

هذا مقام الإمام عبد اللّه الزيلعي، وكان خارج البيت فوق الباب، كتابة في حجر منحوتة، فقرأنا فيه كلمة‏:‏ عبد اللّه، وكلمة ‏"‏الزيلعي‏"‏، ولكن كان في القلب شيء، فاستظهرت بالأستاذ ‏"‏حسن قاسم‏"‏ عالم هذه الآثار فذهب وقرأ اللوح، بعد أن أتعب نفسه، فإذا هو ‏"‏أبو عبد اللّه، فاتضح أنه غيره، ثم الأستاذ ‏"‏حسن قاسم‏"‏ يجزم بأن ضريحه بقرافة القاهرة، بباب النصر، بَيْدَ أنه اندثرت المقبرة هنا، فلا يعرف اليوم قبر أحد، واللّه أعلم‏.‏

 خصائص هذا الكتاب الجليل

قد سمعت أقوال علماء الأمة، وحفاظ الحديث في حق المؤلف، الإمام الحافظ الجهبذ، وأغنتنا كلماتهم الموجزة عن الإطناب في مدحه، بَيْدَ أني أحاول أن أشير إلى لمعة من خصائص مؤلفه هذا، ‏"‏نصب الراية - لتخريج أحاديث الهداية‏"‏، ليكون من بدء الأمر، بصيرةً لأولي الأبصار، وبصرًا لأرباب البصائر، فيقع الكتاب في جذر قلوبهم، بانبلاج وانشراح‏.‏ فمن خصائص هذا الكتاب، أنه - كما أصبح ذخيرة نادرة للمذهب الحنفي - كذلك أصبح ذخيرة ثمينة لأرباب المذاهب الأخرى، من المالكي‏.‏ والشافعي‏.‏ والحنبلي، فكما أن الحنفية يفتقرون إليه في التمسك بعراها الوثيقة، كذلك أصحاب سائر المذاهب لا يستغنون عنه أبدًا‏.‏

ولا بدع لو قلت‏:‏ إنه دائرة المعارف العامة، لأدلة فقهاء الأمصار، حيث أحاط بأدلتها، فلا يرى الباحث فيها بخسًا ولا رهقًا‏.‏

ومنها‏:‏ - أن هذا الكتاب الفذّ، خدمة جليلة للأحاديث النبوية - على صاحبها الصلوات والتحيات - أكثر مما هو خدمة للمذهب الحنفي، فليكن أمام الباحث الحثيث، أنه كما يحتاج إليه الفقيه المتمسك بالمذهب، كذلك يحتاج إليه المحدث، فأصبح مقياسًا ونبراسًا للفقهاء، والمحدثين‏.‏

ومنها - أنه نفع الأمة في الأحاديث، بتعقبها بجرح وتعديل، مع سرد الأسانيد، ثم ذكر فقه الحديث وفوائده، فالفقيه البارع، يفوز بأربه من فقه الحديث، والمحدث الجهبذ، يقضي وطره من أحوال الرواة، ولطائف الأخبار، والتحديث‏.‏

ومنها - أنه وصل إلينا - بواسطة هذا العلق النفيس - نقول‏:‏ من الكتب القيِّمة في الحديث، التي أصبحت بعيدة شاسعة عن متناول أيدي أهل العلم، وأبحاث سامية فيما يتعلق بالرجال، من كتب أضاعتها يد الحدثان، و لا نرى لها عينًا، غير أثر في الكتب الأثرية، وكتب الطبقات والتراجم، من ذكر أسمائها‏:‏ ‏"‏كصحيح‏"‏ - أبي عوانة‏.‏ و ‏"‏صحيح‏"‏ - ابن خزيمة‏.‏ و ‏"‏صحيح‏"‏ - ابن حيان‏.‏ و ‏"‏صحيح‏"‏ - ابن السكن‏.‏ و‏"‏مصنف‏"‏ - ابن أبي شيبة‏.‏ و ‏"‏مصنف‏"‏ - عبد الرزاق‏.‏ وكثير من المسانيد‏.‏ والسنن‏.‏ والمعاجم، وككتاب ‏"‏الاستذكار، والتمهيد‏"‏ - لابن عبد البر، و ‏"‏كتاب المعرفة، والخلافيات‏"‏ - للبيهقي، وعدة كتب من تصانيف أبي بكر الخطيب البغدادي، وكتب ابن عدي، وكتب ابن أبي حاتم‏.‏ وغيرهم‏.‏

ومن كتب المتأخرين، ككتاب ‏"‏الإلمام‏"‏، و ‏"‏الإمام‏"‏ - للحافظ تقي الدين بن دقيق العيد، وكتب ابن الجوزي ‏"‏كجامع المسانيد‏"‏، ‏"‏والعلل المتناهية‏"‏، و ‏"‏كتاب التحقيق‏"‏، وغيرها من كتب أعلام الأمة، ومعالم الإسلام‏.‏

ومنها - أنه نرى فيه كلمات في موضوع الجرح والتعديل، من أئمة الفن، وجهابذة الحديث، ونقدة الرجال، ما لا نشاهده في الذخيرة التي بين أيدينا، من كتب أسماء الرجال المطبوعة المتداولة، بحيث لو أفردت منه جزء مجموع، لأصبح كتابًا ضخمًا في الموضوع‏.‏

فهذه خصائص عندي، كلها على حيالها، مزايا على حدة، واليك فائدة من فوائد كتابه، تمثيلًا لما قلته‏.‏

 فائدة: مجرد الكلام في الرجل لا يسقط حديثه‏‏

ولو اعتبرنا ذلك لذهب معظم السنة، إذ لم يسلم من كلام الناس، إلا من عصمه اللّه، بل خرج في ‏"‏الصحيح‏"‏ لخلق ممن تكلم فيهم، ومنهم جعفر بن سليمان الضبعي‏.‏ والحارث بن عبد الأيادي‏.‏ وأيمن بن نابل الحبشي‏.‏ وخالد بن مخلد القطواني‏.‏ وسويد بن سعيد الحرثاني‏.‏ ويونس بن أبي إسحاق السبيعي‏.‏ وغيرهم، ولكن صاحبا الصحيح رحمهما اللّه إذا أخرجا لمن تكلم فيه، فإنهم ينتقون من حديثه ما توبع عليه، وظهرت شواهده، وعلم أن له أصلًا، ولا يروون ما تفرد به، سيما إذا خالفه الثقات، كما أخرج مسلم لأبي أويس حديث‏:‏ ‏"‏قسمت الصلاة بيني وبين عبدي‏"‏‏:‏ لأنه لم يتفرد به، بل رواه غيره من الأثبات، كمالك، وشعبة، وابن عيينة، فصار حديثه متابعة، وهذه العلة راحت على كثير ممن استدرك على ‏"‏الصحيحين‏"‏ فتتساهلوا في استدراكهم، ومن أكثرهم تساهلًا، الحاكم أبو عبد اللّه في ‏"‏كتابه المستدرك‏"‏، فإنه يقول‏:‏ هذا حديث على شرط الشيخين، أو أحدهما، وفيه هذه العلة، إذ لا يلزم من كون الراوي محتجًا به في الصحيح أنه إذا وجد فبي أي حديث، كان ذلك الحديث على شرطه لما بيناه، بل الحاكم كثيرًا ما يجيء إلى حديث لم يخرج لغالب رواته في الصحيح، كحديث روي عن عكرمة عن ابن عباس، فيقول فيه‏:‏ هذا حديث على شرط البخاري ‏"‏يعني لكون البخاري أخرج لعكرمة‏"‏، وهذا أيضًا تساهل، وكثيرًا ما يخرج حديثًا بعض رجاله للبخاري، وبعضهم لمسلم، فيقول‏:‏ هذا على شرط الشيخين، وهذا أيضًا تساهل، وربما جاء إلى حديث فيه رجل قد أخرج له صاحبا ‏"‏الصحيح‏"‏ عن شيخ معين لضبطه حديثه وخصوصيته به، ولم يخرجا حديثه عن غيره لضعفه فيه، أو لعدم ضبطه حديثه، أو لكونه غير مشهور بالرواية عنه، أو لغير ذلك، فيخرجه هو عن غير ذلك الشيخ، ثم يقول‏:‏ هذا على شرط الشيخين، أو البخاري‏.‏ أو مسلم، وهذا أيضًا تساهل، لأن صاحبي ‏"‏الصحيح‏"‏ لم يحتجا به إلا في شيخ معين، لا في غيره، فلا يكون على شرطهما، وهذا كما أخرج البخاري‏.‏ ومسلم حديث خالد بن مخلد القطواني عن سليمان بن بلال‏.‏ وغيره، ولم يخرجا حديثه عن عبد اللّه بن المثنى، فإن خالدًا غير معروف بالرواية عن ابن المثنى، فإذا قال قائل في حديث يرويه خالد بن مخلد عن ابن المثنى‏:‏ هذا على شرط البخاري‏.‏ ومسلم، كان متساهلًا، وكثيرًا ما يجيء إلى حديث فيه رجل ضعيف، أو متهم بالكذب، وغالب رجاله رجال الصحيح، فيقول‏:‏ هذا على شرط الشيخين‏.‏ أو البخاري، أو مسلم، وهذا أيضًا تساهل فاحش، ومن تأمل كتابه ‏"‏المستدرك‏"‏ تبين له ما ذكرناه، قال ابن دحية في كتابه ‏"‏العلم‏"‏ المشهور‏:‏ ويجب على أهل الحديث أن يتحفظوا من قول الحاكم أبي عبد اللّه، فإنه كثير الغلط، ظاهر السقط، وقد غفل عن ذلك كثير ممن جاء بعده، وقلده في ذلك‏.‏

ثم ذلك إلماع إلى أمهات الخصائص، لا حاجة بنا إلى استيفاء الأطراف، بعد الإِيماض إلى اللباب، فقد أبدى الصريح عن الرغوة، وما يوم حليمة بسر، فنرجو اللّه سبحانه التوفيق، وإصابة الغرض، ونجاح العمل، واللّه الموفق‏.‏

تلخيص الكتاب، وتذييله

ثم ليُعْلم أن الحافظ ابن حجر قد لخص هذا الكتاب، وسماه ‏"‏الدراية - في تلخيص نصب الراية‏"‏ وسمعت من شيخنا إمام العصر مولانا ‏"‏محمد أنور‏"‏ رحمه اللّه‏:‏ أن الحافظ ما أجاد في تلخيصه، كما كان يرجى من براعته في التنقيح والتحرير، وعلو كعبه في التلخيص، وغادر كثيرأ من غرر النقول التي ما كان يحرى تركها، وقد طبع هذا التلخيص مرتين - بالهند - ، وسموه في طبعة ‏"‏نصب الراية‏"‏‏.‏ وطبع أيضًا على هوامش ‏"‏الهداية‏"‏‏.‏

هذا، وللشيخ المحدث ‏"‏قاسم بن قطلوبغا‏"‏ الحنفي، ذيل على هذا التخريج، سماه‏:‏ ‏"‏ منية الألمعي فيما فات من تخريج أحاديث الهداية - للزيلعي‏"‏، والأسف أننا مع شدة الاستقراء، لم نظفر بوجوده في مكتبة، والا فكان ‏"‏المجلس العلمي‏"‏ يريد أن يستوفي فائدة الكتاب بهذا الذيل، ليكون درة التاج لهام التخريج، ولعل اللّه يحدث بعد ذلك أمرًا‏.‏

 رواية الكتاب

يرويه غالب أصحاب الاثبات، بطرق أمين الدِّين الاقصرائي، عن الحافظ شمس الدَّين محمد بن الجزري المقرئ، عن المؤلف الزيلعي، راجع ‏"‏الأمم، لإِيقاظ الهمم‏"‏‏.‏

 نتفة من ترجمة صاحب ‏الهداية‏

بعد أن ذكرت ترجمة صاحب ‏"‏تخريج الهداية سنح لي أن ألحق بها ترجمة صاحب الهداية، ليعرف منزلة هذا الإمام علماء غير المذهب الحنفي، فإن الكثرة الغامرة من علماء العصر بحظ ضئيل من معرفة رجال العلم، من غير مذهبهم، وأما أهل مذهبه، ولا سيما علماء الأفغان، والهند، فهو أشهر عندهم من نار على عَلَم‏.‏

قال الحافظ بن عبد القادر القرشي في ‏"‏الجواهر المضيئة‏"‏‏:‏ علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني، شبخ الإسلام، برهان الدِّين المرغيناني، العلامة المحقق ‏"‏صاحب الهداية‏"‏، اهـ‏.‏

ولفظ الفاضل اللكنوي في ‏"‏الفوائد البهية‏"‏‏:‏ كان إمامًا فقيهًا، حافظًا، محدثًا، مفسرًا، جامعًا للعلوم، ضابطًا للفنون، متقنًا، محققًا، نظارًا، مدققًا، زاهدًا، ورعًا، فاضلًا، ماهرًا، أصوليًا، أديبًا، شاعرًا، لم تر العيون مثله، في العلم والأدب‏.‏ وله اليد الباسطة في الخلاف، والباع الممتد في المذهب، اهـ‏.‏

‏"‏مرغينان‏"‏ - بفتح الميم - مدينة من بلاد - فرغانة - ، ‏"‏فرغانة‏"‏ - بفتح الفاء - ، وراء الشاش، وراء جيحون، وسيحون‏.‏ وأيضًا، فهي قرية من قرى فارس‏.‏ قاله اللقرشي‏.‏

تفقه على أئمة عصره، كمفتي الثقلين، نجم الدين ‏"‏أبي حفص عمر النسفي‏"‏‏.‏ وابنه أبي الليث ‏"‏أحمد النسفي‏"‏ ‏.‏ والصدر الشهيد ‏"‏حسام الدين عمر‏"‏‏.‏ والصدر السعيد ‏"‏تاج الدين أحمد‏"‏‏.‏ ‏"‏وأبي عمرو عثمان البيكندي‏"‏ تلميذ، شمس الأئمة ‏"‏السرخسي‏"‏‏.‏ وغيرهم‏.‏

وأقرّ له بالفضل، والتقدم، أهل عصره، كالإمام فخر الدِّين - قاضي خان - وصاحب المحيط، وصاحب الذخيرة‏.‏ والشيخ زين الدِّين العتابي‏.‏ وظهير الدِّين البخاري، صاحب ‏"‏الفتاوى الظهيرية‏"‏، وغيرهم‏.‏

فاق شيوخه، وأقرانه، وأذعنوا له كلهم، ولا سيما بعد تصنيفه لكتاب ‏"‏الهداية‏"‏‏.‏ و‏"‏كفاية المنهى‏"‏‏.‏ و‏"‏نشر المذهب‏"‏‏.‏

ومن مؤلفاته أيضًا كتاب ‏"‏المنتقى‏"‏‏.‏ ‏"‏والتجنيس والمزيد‏"‏‏.‏ ‏"‏ومناسك الحج‏"‏‏.‏ ‏"‏ومختارات النوازل‏"‏‏.‏ وكتاب في ‏"‏الفرائض‏"‏‏.‏ انتهى ملخصًا، وملتقطًا من ‏"‏الجواهر‏"‏‏.‏ و‏"‏الفوائد‏"‏‏.‏