فصل: تفسير الآية رقم (283):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نيل المرام من تفسير آيات الأحكام



.تفسير الآية رقم (283):

الآية الثامنة والخمسون:
{وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (283)}.
لما ذكر سبحانه مشروعية الكتاب والإشهاد لحفظ الأموال ودفع الريب عقب ذلك بذكر حالة العذر عن وجود الكاتب ونص على حالة السفر فإنها من جملة أصحاب العذر ويلحق بذلك كل عذر يقوم مقام السفر وجعل البرهان المقبوضة قائمة مقام الكتابة: أي فإن كنتم مسافرين {وَلَمْ تَجِدُوا كاتبا} في سفركم {فَرِهانٌ}: قال أهل العلم: الرهن في السفر ثابت بنص التنزيل، وفي الحضر بفعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كما ثبت في الصحيحين أنه رهن درعا له عند يهودي وذهب الجمهور إلى اعتبار القبض، كما أفاده قوله: {مَقْبُوضَةٌ}. وذهب مالك إلى أنه يصح الارتهان بالإيجاب والقبول من دون قبض.
{وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ}: نهي للشهود أن يكتموا ما تحملوه من الشهادة إذا دعوا لإقامتها وهو في حكم التفسير لقوله: {وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ} أي لا يضار بكسر الراء الأولى على أحد التفسيرين المتقدمين {وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} خص القلب بالذكر لأن الكتم من أفعاله، ولكونه رئيس الأعضاء وهو المضغة التي إن صلحت صلح الجسد كله، وإن فسدت فسد كله.
وإسناد الفعل إلى الجارحة التي تعمله أبلغ، وهو صريح في مؤاخذة الشخص بأعمال قلبه وارتفاع القلب على أنه فاعل أو مبتدأ وآثم خبره- على ما تقرر في علم النحو- ويجوز أن يكون قلبه بدلا من آثم بدل البعض من الكل. ويجوز أيضا أن يكون بدلا من الضمير الذي في آثم الراجع إلى من. وقرئ قلبه بالنصب كما في قوله: {إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ}.
وأخرج البخاري في تاريخه وأبو داود وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن ماجة وأبو نعيم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري أنه قرأ هذه الآية: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ}- حتى بلغ {أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً} قال هذه نسخت ما قبله.
قال الشوكاني في فتح القدير أقول: رضي اللّه عن هذا الصحابي الجليل ليس هذا من باب النسخ فهذا مقيد بالائتمان وما قبله مع عدمه. فعلى هذا هو ثابت محكم لم ينسخ. انتهى.
أقول: الأحق هو التطبيق والتأويل مهما أمكن دون القول بالنسخ وإلغاء أحد الحكمين كما حققت ذلك في إفادة الشيوخ بمقدار الناسخ والمنسوخ. أخرج ابن جرير بإسناد صحيح عن سعيد بن المسيب أنه بلغه أن أحدث القرآن بالعرش آية الدين.
تمت آيات البقرة الشرعية غير المنسوخة بالضرورة.

.سورة آل عمران:

مائتا آية.
وهي مدنية. قال القرطبي بالإجماع، ووردت الأحاديث الدالة على فضلها مشتركة بينها وبين سورة البقرة.

.تفسير الآية رقم (28):

الآية الأولى:
{لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28)}.
فيه النهي للمؤمنين عن موالاة الكفار بسبب من الأسباب ومثله قوله تعالى: {لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ} [آل عمران: 118]، وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51]، وقوله: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [المجادلة: 22]، وقوله: {لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ} [المائدة: 51] وقوله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ} [الممتحنة: 1].
{وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ}: أي الاتخاذ المدلول عليه بقوله: {لا يَتَّخِذِ} {فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} أي من ولايته في شيء من الأشياء، بل هو منسلخ عنه بكل حال {إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً} على صيغة الخطاب بطريق الالتفات: إي إلا أن تخافوا منهم أمرا يجب اتقاؤه، وهو استثناء مفرغ من أعم الأحوال. وفي ذلك دليل على جواز الموالاة لهم مع الخوف منهم، ولكنها تكون ظاهرا لا باطنا وخالف في ذلك قوم من السلف فقالوا: لا تقية بعد أن أعز اللّه الإسلام.

.تفسير الآية رقم (97):

الآية الثانية:
{فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (97)}.
اللام في قوله: {وَلِلَّهِ} هي التي يقال لها لام الإيجاب والإلزام، ثم زاد هذا المعنى تأكيدا حرف {عَلَى} فإنه من أوضح الدلالات على الوجوب عند العرب كما قال القائل: لفلان عليّ كذا فذكر اللّه سبحانه الحج بأبلغ ما يدل على الوجوب تأكيدا لحقه وتعظيما لحرمته. وهذا الخطاب شامل لجميع الناس لا يخرج عنه إلا من خصصه الدليل كالصبي والعبد. {مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}: وقد اختلف أهل العلم في الاستطاعة ماذا هي؟ فقيل: الزاد والراحلة، وبهما فسرها النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم على ما رواه الحاكم وغيره. وإليه ذهب جماعة من الصحابة والتابعين وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم، وهو الحق.
وقال مالك: إن الرجل إذا وثق بقوّته لزمه الحج، وإن لم يكن له زاد وراحلة إذا كان يقدر على التكسب، وبه قال عبد اللّه بن الزبير والشعبي وعكرمة.
وقال الضحاك: إن كان شابا قويا وليس له مال فعليه أن يؤجر نفسه حتى يقضي حجه.
ومن جملة ما يدخل في الاستطاعة دخولا أوليا أن تكون الطريق إلى الحج آمنة بحيث يأمن الحاج على نفسه وماله الذي لا يجد زادا غيره.
أما لو كانت غير آمنة فلا استطاعة، لأن اللّه سبحانه وتعالى يقول: {مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} وهذا الخائف على نفسه أو ماله لم يستطع إليه سبيلا بلا شك ولا شبهة.
وقد اختلف أهل العلم إذا كان في الطريق من الظلمة من يأخذ بعض المال على وجه لا يجحف بزاد الحاج؟ فقال الشافعي: لا يعطي حبة، ويسقط عليه فرض الحج ووافقه جماعة وخالفه آخرون.
والظاهر أن من تمكن من الزاد والراحلة وكانت الطريق آمنة بحيث يتمكن من مرورها- ولو بمصانعة بعض الظلمة بدفع شيء من المال يتمكن منه الحاج ولا ينقص من زاده ولا يجحف به- فالحج غير ساقط عنه بل واجب عليه لأنه قد استطاع السبيل إليه بدفع شيء من المال ولكنه يكون هذا المال المدفوع في الطريق من جملة ما يتوقف عليه الاستطاعة: فلو وجد الرجل زادا وراحلة ولم يجد ما يدفعه لمن يأخذ المكس في الطريق لم يجب عليه الحج لأنه لم يستطع إليه سبيلا، وهذا لابد منه، ولا ينافي تفسير الاستطاعة بالزاد والراحلة، فإنه قد تعذر المرور في طريق الحج لمن وجد الزاد والراحلة إلا بذلك القدر الذي يأخذه المكاسون.
ولعل وجه قول الشافعي إنه يسقط الحج أن أخذ هذا المكس منكر، فلا يجب على الحاج أن يدخل في منكر، وأنه بذلك غير مستطيع.
ومن جملة ما يدخل في الاستطاعة أن يكون الحاج صحيح البدن على وجه يمكنه الركوب، فلو كان زمنا بحيث لا يقدر على المشي ولا على الركوب فهذا- وإن وجد الزاد والراحلة- لم يستطع السبيل. وقد وردت أحاديث في تشديد الوعيد على من ملك زادا أو راحلة ولم يحج ذكرها الشوكاني في فتح القدير وتكلم عليها.

.تفسير الآية رقم (161):

الآية الثالثة:
{وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (161)}.
أي يأتي به حاملا له على ظهره، كما صح ذلك عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فيفضحه بين الخلائق.
وهذه الجملة تتضمن تأكيد تحريم الغلول والتنفير منه بأنه ذنب يختص فاعله بعقوبة على رؤوس الأشهاد ويطلع عليها أهل المحشر وهي مجيئه يوم القيامة بما غله حاملا له قبل أن يحاسب عليه ويعاقب.

.سورة النساء:

مائة وست وسبعون آية.
وهي كلها مدنية. قال القرطبي: إلا آية واحدة نزلت بمكة عام الفتح في عثمان بن طلحة الحجبي وهي قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها}.

.تفسير الآية رقم (3):

الآية الأولى:
{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا (3)}.
وجه ارتباط الجزاء بالشرط أن الرجل كان يكفل اليتيمة لكونه وليا لها ويريد أن يتزوجها فلا يقسط لها في مهرها: أي لا يعدل فيه ولا يعطيها ما يعطيها غيره من الأزواج، فنهاهم اللّه أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن أعلى ما هو لهنّ من الصداق وأمروا أن ينكحوا {ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ} سواهنّ. فهذا سبب نزول الآية. فهو نهي يخص هذه الصورة.
وقال جماعة من السلف: إن هذه الآية ناسخة لما كان في الجاهلية وفي أوّل الإسلام من أن للرجل أن يتزوج من الحرائر ما شاء، فقصرهم بهذه الآية على أربع، فيكون وجه ارتباط الجزاء بالشرط أنهم إذا خافوا أن لا يقسطوا في اليتامى فكذلك يخافون ألا يقسطوا في النساء لأنهم كانوا يتحرجون في اليتامى ولا يتحرجون في النساء. والخوف من الأضداد فإن المخوف منه قد يكون معلوما، وقد يكون مظنونا ولهذا اختلف الأئمة في معناه في الآية: فقال أبو عبيد: خفتم بمعنى أيقنتم.
وقال آخرون: خفتم بمعنى ظننتم.
قال ابن عطية: والمعنى: من غلب على ظنه التقصير في العدل لليتيمة فليتركها وينكح غيرها و{ما} في قوله: {ما طابَ} موصولة. فالمعنى: فانكحوا النوع الطيب من النساء: أي الحلال وما حرمه اللّه فليس بطيب.
وقيل: {ما} هنا ظرفية أي ما دمتم مستحسنين للنكاح وضعفه ابن عطية، وقال الفراء: مصدرية، قال النحاس: وهذا بعيد جدا.
وقد اتفق أهل العلم على أن هذا الشرط المذكور في الآية لا مفهوم له وأنه يجوز لمن لم يخف أن يقسط في اليتامى أن ينكح أكثر من واحدة، و{مِنَ} في قوله: {مِنَ النِّساءِ} إما بيانية أو تبعيضية، لأن المراد غير اليتامى.
{مَثْنى} أي اثنتين اثنتين.
{وَثُلاثَ} أي ثلاثا ثلاثا.
{وَرُباعَ} أي أربعا أربعا.
وقد استدل بالآية على تحريم ما زاد على الأربع وبينوا ذلك بأنه خطاب لجميع الأمة وأن كل ناكح له أن يختار ما أراد من هذا العدد، كما يقال لجماعة: اقتسموا هذا المال وهو ألف درهم، أو هذا المال الذي في البدرة درهمين درهمين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة، وهذا مسلم إذا كان المقسوم قد ذكرت جملته أو عين مكانه.
أما لو كان مطلقا كما يقال: أقسموا الدراهم ويراد به ما كسبوه فليس المعنى هكذا. والآية من الباب الآخر لا من الباب الأول. على أن من قال لقوم يقتسمون مالا معينا كثيرا اقتسموه مثنى مثنى وثلاث ورباع فقسموا بعضه بينهم درهمين درهمين وبعضه ثلاثة ثلاثة وبعضه أربعة أربعة كان هذا هو المعنى العربي.
ومعلوم أنه إذا قال القائل: جاءني القوم ثلاث ورباع. والخطاب للجميع بمنزلة الخطاب لكل فرد فرد كما في قوله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5]، {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ} [البقرة: 43]، ونحوها.
فقوله: {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ}: لينكح كل فرد منكم ما طاب له من النساء إثنتين اثنتين، وثلاثا ثلاثا، وأربعا أربعا هذا ما تقتضيه لغة العرب فالآية تدل على خلاف ما استدلوا به عليه. ويؤيد هذا قوله تعالى في آخر الآية: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً} فإنه وإن كان خطابا للجميع فهو بمنزلة الخطاب لكل فرد فرد، فالأولى أن يستدل على تحريم الزيادة على الأربع بالسنة لا بالقرآن.
وأما استدلال من استدل بالآية على جواز نكاح التسع باعتبار الواو الجامعة وكأنه قال: انكحوا مجموع هذا العدد المذكور فهذا جهل بالمعنى العربي! ولو قال: انكحوا اثنتين وثلاثا وأربعا لكان هذا القول له وجه. وأما مع المجيء بصيغة العدل فلا وإنما جاء سبحانه بالواو الجامعة دون أو لأن التخيير يشعر بأنه لا يجوز إلا أحد الأعداد المذكورة دون غيره وذلك ليس بمراد من النظم القرآني.
{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً}: أي فانكحوا واحدة، كما يدل على ذلك قوله: {فَانْكِحُوا ما طابَ}.
وقيل التقدير: فالزموا أو فاختاروا واحدة، والأول أولى. والمعنى فإن خفتم ألا تعدلوا بين الزوجات في القسم ونحوه فانكحوا واحدة، وفيه المنع من الزيادة على الواحدة لمن خاف ذلك.
{أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ} من السراري وإن كثر عددهنّ كما يفيده الموصول إذ ليس لهنّ من الحقوق ما للزوجات الحرائر.
والمراد نكاحهن بطرق الملك لا بطريق النكاح.
وفيه دليل على أن لا حق للمملوكات في القسم كما يدل على ذلك جعله قسيما للواحدة في الأمن من عدم العدل، وإسناد الملك إلى اليمين لكونها المباشرة لقبض الأموال وإقباضها ولسائر الأمور التي تنسب إلى الشخص في الغالب {ذلِكَ} أي نكاح الأربع أو الواحدة أو التسري فقط {أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا (3)}: أي أقرب إلى أن تجوروا: من عال الرجل يعول إذا مال وجار.
والمعنى إن خفتم عدم العدل بين الزوجات فهذه التي أمرتم بها أقرب إلى عدم الجور.
وهو قول أكثر المفسرين. وقال الشافعي: {أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا (3)} أي لا يكثر عيالكم.
قال الثعلبي: وما قال هذا غيره!! وذكر ابن العربي أنه يقال أعال الرجل إذا كثر عياله وأما عال بمعنى كثر فلا يصلح. ويجاب عنه بأنه قد سبق الشافعي إلى القول به زيد بن أسلم وجابر بن زيد وهما إمامان من أئمة المسلمين لا يفسران القرآن هما والإمام الشافعي بما لا وجه له في العربية. وقد حكاه القرطبي عن الكسائي وأبي عمرو الدوري وابن الأعرابي. وقال أبو حاتم كان الشافعي أعلم بلغة العرب منا ولعله لغة.
قال الدوري: هي لغة حمير وأنشد:
وإن الموت يأخذ كل حيّ ** بلا شك وإن أمشى وعالا

أي وإن كثرت ماشيته وعياله.