فصل: الْمُؤْتَلِفُ والْمُخْتَلِفُ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: ‏فتح المغيث شرح ألفية الحديث ***


الْمُؤْتَلِفُ والْمُخْتَلِفُ

876- واعْنَ بما صُورَتُهُ مُؤْتَلِفُ *** خَطًّا ولكِنْ لَفْظُهُ مُخْتَلِفُ

877- نحوَ سَلامٍ كُلَّهُ فثَقِّلِ *** لا ابْنَ سَلامِ الْحَبْرَ والْمُعْتَزِلِي

878- أبا عَلِيٍّ فَهْوَ خِفُّ الْجَدِّ *** وَهْوَ الأَصَحُّ في أَبِي الْبِيكَنْدِي

879- وابنَ أبي الْحُقَيقِ وابنَ مِشْكَمِ *** والأشهَرُ التشديدُ فيهِ فاعْلَمِ

880- وابنُ مُحَمَّدِ بنِ ناهِضٍ فخِفْ *** أو زِدْهُ هاءً فكَذَا فيهِ اخْتُلِفْ

881- قلْتُ وللْحَبْرِ ابنُ أُخْتٍ خَفِّفِ *** كذاكَ جَدُّ السيِّدِي والنَّسَفِي

882- عَيْنَ أُبَيِّ بنِ عِمارةَ اكْسِرِ *** وفي خُزاعةٍ كَرِيزٌ كَبِّرِ

883- وفي قُريشٍ ابَداً حِزَامُ *** وافتَحْ في الانصارِ بِرَا حَرَامُ

884- في الشامِ عَنْسِيٌّ بنونٍ وبِبَا *** في كُوفةٍ والشينُ واليا غَلَبَا

885- في بَصرةٍ وما لهم مَن اكْتَنَى *** أبا عَبيدةٍ بفتْحٍ والْكُنَى

886- في السَّفْرِ بالفتْحِ وما لهم عَسَلْ *** إلاَّ ابنُ ذَكوانَ وعِسْلٌ فجُمَلْ

887- والعامِرِيُّ بنُ علِي عَثَّامُ *** وغيرُهُ فالنونُ والإعْجَامُ

888- وزوجٌ مَسروقٍ قَمِيرٌ صَغَّرُوا *** سِوَاهُ ضَمًّا ولهم مُسَوَّرُ

889- ابنُ يَزيدَ وابنُ عبدِ الْمَلِكِ *** وما سِوَى ذَيْنِ فمِسْوَرٌ حُكِي

890- ووَصَفُوا الْحَمَّالَ في الرُّواةِ *** هارونَ والغيرُ بجِيمٍ يَاتِي

891- ووَصَفُوا حَنَّاطاً او خَبَّاطَا *** عِيسَى ومُسْلِماً كَذَا خَيَّاطَا

892- والسَّلَمِيَّ افْتَحْ في الانصارِ ومَنْ *** يَكْسِرُ لامَهُ كأَصْلِهِ لَحَنْ

893- ومِنْ هنا لِمَالِكٍ ولَهُمَا *** بَشَّاراً افْرِدْ أبَ بُنْدَارِهِمَا

894- ولهما سَيَّارٌ ايْ أَبُو الْحَكَمْ *** وابنُ سَلامَةٍ وبِالْيَا قَبْلُ جَمّْ

895- وابنُ سعيدٍ بُسْرُ مِثْلُ الْمَازِنِي *** وابنُ عُبيدِ اللَّهِ وابنُ مِحْجَنِ

896- وفيهِ خُلْفٌ وبُشَيْراً أَعْجِمِ *** في ابنِ يَسَارٍ وابنِ كعبٍ واضْمُمِ

897- يُسَيْرٌ بنُ عَمْرٍو اوْ أُسَيْرُ *** والنونُ في أَبِي قَطَنْ نُسَيْرُ

898- جَدُّ عَلِي بنِ هاشمٍ بَرِيدُ *** وابنُ حَفِيدِ الأَشْعَرِي بُرَيْدُ

899- ولهما مُحَمَّدُ بنُ عَرْعَرَهْ *** ابنِ الْبِرِنْدِ فالأَمِيرُ كَسَرَهْ

900- ذو كُنيَةٍ بِمَعْشَرٍ والعالِيَهْ *** بَرَّاءٌ اشْدُدْ وبجِيمٍ جارِيَهْ

901- ابنُ قدامةٍ كذاكَ والِدُ *** يَزيدَ قُلتُ وكذاكَ الأسوَدُ

902- ابنُ العَلا وابنُ أبي سُفيانِ *** عَمْرٌو فجَدُّ ذا وذا سِيَّانِ

903- محمَّدُ بنُ خازِمٍ لا تُهْمِلِ *** والِدُ رِبْعِيٍّ حِرَاشٌ أَهْمِلِ

904- كذا حَرِيزُ الرَّجبِي وكُنْيَهْ *** قدْ عُلِّقَتْ وابنُ حُدَيْرٍ عِدَّهْ

905- حُضَيْنٌ اعْجِمْهُ أبو سَاسَانَا *** وافْتَحْ أبا حَصِينٍ ايْ عُثْمَانَا

906- كذاكَ حَبَّانُ بنُ مُنْقِذٍ ومِنْ *** وَلَدِهِ وابنُ هِلالٍ واكْسِرَنْ

907- ابنَ عَطِيَّةٍ معَ ابنِ مُوسَى *** ومَنْ رَمَى سَعْداً فنالَ بُوسَا

908- خُبَيْباً اعْجِمْ في ابنِ عبدِ الرحْمَنْ *** وابنِ عَدِيٍّ وهوَ كُنْيَةٌ كانْ

909- لابنِ الزُّبَيْرِ ورِيَاحَ اكْسِرْ بِيَا *** أبا زِيادٍ بخِلافٍ حُكِيَا

910- واضْمُمْ حُكَيْماً في ابنِ عبدِ اللَّهِ قَدْ *** كذا رُزَيْقُ بنُ حُكَيْمٍ وانْفَرَدْ

911- زُيَيْدٌ بنُ الصلْتِ واضْمُمْ واكْسِرِ *** وفي ابنِ حَيَّانَ سَلِيمٍ كَبِّرِ

912- وابنُ أبِي سُرَيْجٍ احْمَدُ ائْتَسَا *** بولَدِ النُّعمانِ وابنُ يُونُسَا

913- عمرٌو معَ القَبيلةِ ابنُ سَلِمَهْ *** واختَرْ بعبْدِ الخالِقِ بنِ سَلِمَهْ

914- والدُ عامِرٍ كذا السَّلْمَانِي *** وابنُ حُمَيْدٍ ووَلَدْ سُفيانِ

915- كلُّهُمُ عَبيدةٌ مُكَبَّرُ *** لكنْ عُبَيْدٌ عِنْدَهم مُصَغَّرُ

916- وافتَحْ عَبَادَةً أبا مُحَمَّدِ *** واضْمُمْ أبا قَيْسٍ عُبَاداً أفْرِدِ

917- وعامِرٌ بَجَالَةُ ابنُ عَبَدَهْ *** كلٌّ وبعضٌ بالسكونِ قَيَّدَهْ

918- عُقَيْلٌ القَبيلُ وابنُ خالِدِ *** كذا أبو يَحْيَى وقافُ واقِدِ

919- لهم كذا الأَيْلِيُّ لا الأُبُلِّي *** قالَ سِوَى شَيْبَانَ والرَّا فاجْعَلِ

920- بزَّاراً انْسُبِ ابنَ صَبَّاحٍ حَسَنْ *** وابنَ هِشامٍ خَلَفاً ثمَّ انْسُبَنْ

921- بالنونِ سالِماً وعبدَ الواحِدْ *** ومالِكَ بنَ الأَوْسِ نَصْرِيًّا يَرِدْ

922- والتَّوَّزِي مُحَمَّدُ بنُ الصَّلْتِ *** وفي الْجُرَيرِي ضَمُّ جِيمٍ يَأْتِي

923- في اثنينِ عَبَّاسٍ سَعِيدٍ وبِحَا *** يَحيى بنُ بِشْرِ بنِ الْحَريرِي فُتِحَا

924- وانْسُبْ حِزَامِيًّا سِوَى مَنْ أَبْهَمَا *** فاخْتَلَفُوا والحارِثِيُّ لَهُمَا

925- وسَعْدٌ الجارِي فقطْ وفي النَّسَبْ *** هَمْدَانُ وَهْوَ مُطْلَقاً قِدْماً غَلَبْ

‏(‏واعْنَ‏)‏؛ أي‏:‏ اجْعَلْ أيُّها الطالِبُ منْ عِنايَتِكَ الاهتمامَ ‏(‏بـ‏)‏ معرفةِ ‏(‏ما صُورَتُه‏)‏ من الأسماءِ والأنسابِ والألقابِ ونحوِها ‏(‏مُؤْتَلِفُ خَطًّا‏)‏؛ أيْ‏:‏ مُتَّفِقٌ في الخَطِّ، ‏(‏ولكنْ لَفْظُهُ مُخْتَلِفُ‏)‏، فهوَ فنٌّ واسِعٌ منْ فُنونِ الحديثِ المُهِمَّةِ، الذى يُحتاجُ إليهِ في دَفْعِ مَعَرَّةِ التصحيفِ، ويَفْتضِحُ العاطِلُ منهُ؛ حيثُ لَمْ يَعْدَمْ مخجلاً، ويَكْثُرُ عِثارُهُ، ومنْ ثَمَّ قالَ عَلِيُّ بنُ المَدِينِيِّ‏:‏ أشَدُّ التصحيفِ ما يقَعُ في الأسماءِ، ووَجَّهَهُ بعضُهم- كما تَقدَّمَ في ضبطِ الحديثِ- بأنَّهُ شيءٌ لا يدخُلُهُ القياسُ، ولا قبلَهُ شيءٌ يدُلُّ عليهِ ولا بعدَهُ‏.‏

والتصانيفُ فيهِ كثيرةٌ، فصَنَّفَ فيهِ أبو أحمدَ العسكريُّ، لكنَّهُ أضَافَهُ إلى كتابِ التصحيفِ لهُ، ثمَّ أفرَدَهُ بالتأليفِ عبدُ الغَنِيِّ بنُ سَعيدٍ؛ ولذا كانَ أولُ مَنْ صَنَّفَ فيهِ، ولهُ فيهِ كتابانِ‏:‏ أحَدُهما‏:‏ في مُشتَبِهِ الأسماءِ، والآخرُ‏:‏ في مُشتَبِهِ الأنسابِ، ثمَّ شيخُهُ الدارَّقُطْنِيُّ، وهوَ حافِلٌ، واستدرَكَ عليهما الخطيبُ في ذَيْلٍ مُفْرَدٍ، وجَمَعَها معَ زياداتِ الأميرِ أبو نَصْرِ بنِ ماكولا، بحيثُ كانَ كتابُهُ ـ وهوَ في مُجلَّدَيْنِ كما تَقدَّمَ في آدابِ طالبِ الحديثِ ـ أكملَ التصانيفِ فيهِ بالنسبةِ لمَنْ قبلَهُ، وكتابُهُ في ذلكَ عُمْدَةُ كلِّ مُحدِّثٍ بعدَهُ، بلْ واستدرَكَ عليهم في كتابٍ آخرَ جَمَعَ فيهِ أوهامَهم وبيَّنَها، وقدْ ذَيَّلَ عليهِ ما فَاتَهُ أوْ تَجَدَّدَ بعدَهُ المعينُ أبو بكرِ ابنِ نُقْطَةَ بذيلٍ مُفيدٍ في قَدْرِ ثُلُثَيِ الأصلِ، ثمَّ ذَيَّلَ على ابنِ نُقْطةَ كلٌّ من الجمالِ أبي حَامِدِ بنِ الصابونيِّ، ومنصورِ بنِ سَلِيمٍ بالفتحِ، وثانيهما أكبرُهما، وتَوارَدَا في بعضِ ما ذَكَرَاهُ، وكذا ذَيَّلَ على ابنِ نُقْطةَ العَلاءُ مُغْلطايٌ جَامِعاً بينَ الذيليْنِ المذكوريْنِ معَ زياداتٍ منْ أسماءِ الشعراءِ وأنسابِ العربِ وغيرِ ذلكَ، ولكنْ فيهِ أوهامٌ وتَكْرِيرٌ، حيثُ يذكُرُ ما هوَ صَالِحٌ لإدخالِهِ في الباءِ والتاءِ أو السينِ والشينِ مَثَلاً في أحَدِهما، ويكونُ مَنْ قبلَهُ ذِكْرَهُ في الآخِرِ، ومِمَّن ذَيَّلَ على عبدِ الغَنِيِّ، المُسْتغفرِيُّ، وصَنَّفَ فيهِ أيضاً الآمِدِيُّ وأبو الفضلِ بنُ نَاصِرٍ، وعبدُ الرزاقِ بنُ الفوطيِّ، فيما أفادَهُ ابنُ الجَزَرِيِّ، وقالَ‏:‏ إنَّهُ أجْمَعُها‏.‏ وأبو العلاءِ محمودٌ الفَرَضِيُّ البُخارِيُّ ولتلميذِهِ ابنِ رافعٍ عليهِ ذيلٌ في أوراقٍ يَسِيرةٍ لا يُرَدُّ أكثرُهُ، وكذا لأبي سعدِ المالينيِّ المُؤْتَلِفُ والمُخْتَلِفُ، لكنْ في الأنسابِ خَاصَّةً، وللزَّمَخْشريِّ ‏(‏المُشْتَبِهُ‏)‏، وللذَّهبيِّ مختصرٌ جِدًّا جَامِعٌ لَخَّصَهُ منْ عبدِ الغَنِيِّ وابنِ ما كولا، وابنِ نُقْطَةَ وشيخِهِ الفَرَضِيِّ، ولكنَّهُ أجْحَفَ في الاختصارِ، بحيثُ لم يَسْتَوعِبْ غَالِباً أحدَ القسميْنِ مثلاً، بلْ يذُكُرُ مِنْ كلٍّ منهما جَماعةً ثمَّ يقولُ‏:‏ وغَيْرُهم‏.‏ فيصيرُ مَنْ يقَعُ لهُ راوٍ مِمَّن لم يُذْكَرْ، في حَيْرَةٍ؛ لأنَّهُ لا يَدرِي بأيِّ القسميْنِ يَلْتَحِقُ، ونحوُ ذلكَ، واكتفَى فيهِ بضبطِ القلمِ، فلا يَعْتمِدُ لذلكَ على كثيرٍ منْ نُسَخِهِ، وصارَ كتابُهُ لذلكَ مُبائِناً لموضوعِهِ؛ لعدمِ الأمنِ من التصحيفِ فيهِ، وفَاتَهُ منْ أُصولِهِ أشياءَ، وقد اختَصَرَهُ شيخُنا فضَبَطَهُ بالحروفِ على الطريقةِ المَرْضِيَّةِ، وزادَ ما يُتعَجَّبُ منْ كثرتِهِ معَ شِدَّةِ تحريرِهِ واختصارِهِ؛ فإِنَّهُ في مُجَلَّدٍ وَاحِدٍ، ومَيَّزَ في كلِّ حرفٍ منهُ الأسماءَ عن الأنسابِ، وهوَ فيما أخَذْتُهُ عنهُ وحَقَّقْتُ فيهِ مواضِعُ نافِعَةٌ، وقدْ كانَ شيخُهُ المُصنِّفُ اجتمَعَ لهُ من الزياداتِ في هذا النوعِ جملةٌ كثيرةٌ، بحيثُ عَزَمَ على إفرادِ تصنيفٍ فيهِ فما تَيَسَّرَ، نعم لحافظِ الشامِ ابنِ ناصرِ الدينِ عَصْرِيِّ شيخِنا مُصَنَّفٌ حَافِلٌ مَبْسوطٌ فى توضيحِ المُشْتَبِهِ، وجَرَّدَ منهُ الأعلامَ بما وقَعَ في مُشْتَبِهِ الذهبيِّ من الأوهامِ، ثمَّ هوَ على قسميْنِ‏:‏

أحَدُهما‏:‏ ما ليسَ لهُ ضَابِطٌ يُرْجَعُ إليهِ؛ لكثرةِ كلٍّ من القسميْنِ كأُسَيْدٍ وأَسِيدٍ مَثَلاً، أو الأقسامِ؛ كحِبَّانَ وحَبَّانَ وحَيَّانَ مثلاً، وذلكَ إنما يُعْرَفُ بالنقلِ والحفظِ، وثانيهما‏:‏ ما يَنضبِطُ لقِلَّةِ أحدِ القسميْنِ، ثمَّ تارةً يُرادُ فيهِ التعميمُ بأنْ يُقالَ‏:‏ ليسَ لهم كذا إلاَّ كذا‏.‏ أو التخصيصُ بالصحيحيْنِ و‏(‏المُوَطَّأِ‏)‏ بأنْ يُقالَ‏:‏ ليسَ في الكتبِ الثلاثةِ كذا إلاَّ كذا‏.‏ وقدْ ذكَرَ ابنُ الصلاحِ منْ أمثلةِ كِلَيْهما عُيوناً مفيدةً وتراجِمَ عديدةً، فمِن الأولِ رُبَّما أُدرِجَ فيهِ ما هوَ كُلِّيٌّ بالنسبةِ لقُرَيشٍ والأنصارِ‏.‏

‏(‏نَحْوَ سَلامٍ كُلَّهُ فثَقِّلِ‏)‏؛ أيْ‏:‏ شَدِّدِ اللامَ منْ كُلِّهِ، ‏(‏لا‏)‏؛ أيْ‏:‏ إِلاَّ ‏(‏ابنَ سَلامِ‏)‏ الصحابيَّ الاسرائيليَّ ثمَّ الأنصاريَّ ‏(‏الحَبْرَ‏)‏ بفتحِ المهملةِ وكسرِها، وهوَ أفْصَحُ؛ أي‏:‏ العالِمُ، فقدْ كانَ أَوَّلاً منْ أحبارِ أهلِ الكتابِ؛ بحيثُ نزَلَ فيهِ بعدَ إسلامِهِ‏:‏ ‏(‏قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنِكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ‏)‏ ‏[‏الرعد‏:‏ 43‏]‏، وقولُهُ‏:‏ ‏(‏وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ‏)‏ ‏[‏الأحقاف‏:‏ 10‏]‏‏.‏ واسمُهُ أوَّلاً الحُصَينُ، فغَيَّرَهُ النبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عبدَ اللَّهِ، فهوَ بالتخفيفِ ‏(‏و‏)‏ إِلاَّ ‏(‏المُعْتَزِلِي أَبَا عَلِيٍّ‏)‏ الجُبَّائِيَّ محمدَ بنَ عبدِ الوَهَّابِ بنِ سَلامٍ، ‏(‏فَهْوَ‏)‏ أيضاً ‏(‏خِفُّ‏)‏ أيْ مُخَفَّفُ ‏(‏الجَدِّ وَهْوَ‏)‏؛ أي‏:‏ التخفيفُ، ‏(‏الأصَحُّ‏)‏، وقالَ ابنُ الصلاحِ‏:‏ إنَّهُ الأثْبَتُ ‏(‏في‏)‏ سلامٍ ‏(‏أَبِي‏)‏؛ أيْ‏:‏ والدِ محمدِ بنِ سَلامِ بنِ الفَرَجِ ‏(‏البِيكَنْدِي‏)‏ بكسرِ المُوحَّدَةِ- كما لأبي عليٍّ الجِيانيِّ- وسكونِ المُثنَّاةِ التحتانِيَّةِ، ثمَّ كافٍ مفتوحةٍ ونونٍ، ساكنةٍ بعدَها دالٌ مُهْمَلَةٌ، البخاريِّ الحافظِ أحَدِ شيوخ البخاريِّ صَاحِبِ ‏(‏الصحيحِ‏)‏، فهوَ الذي نقَلَهُ غُنْجارٌ في ‏(‏تاريخِ بُخارَى‏)‏ عنْ أبي عصمةَ سَهْلِ بنِ المُتوَكِّلِ أحدِ الآخِذِينَ عنْ محمدٍ، وأنَّهُ بالتخفيفِ لا بالتشديدِ وأقَرَّهُ غُنْجارٌ، وإليهِ المَفْزَعُ والمَرْجِعُ، فهوَ أعلَمُ بأهلِ بلادِهِ، ولم يذكُرِ الخطيبُ وابنُ ماكولا غيرَهُ، وقالَ ابنُ زيدانَ المِسْكِيُّ‏:‏ سألتُ عبدَ الغنيِّ المَقْدِسِيَّ عنهُ فقالَ‏:‏ إنَّهُ بالتخفيفِ لا غيرُ‏.‏ كذلكَ قرَأْتُهُ على أبي الفضلِ أحمدَ بنِ صَالِحٍ الجِيلِيِّ، والذي قالَهُ أبو عَلِيٍّ الجِيانِيُّ في تَقْيِيدِ المُهْمَلِ التشديدُ خَاصَّةً،

وصَنِيعُ ابنِ أبي حاتمٍ في الجرحِ والتعديلِ يَقتضِيهِ، وقالَ كُلٌّ مِنْ صاحبِ ‏(‏المشارقِ والمَطالِعِ‏)‏‏:‏ إنَّهُ الأكثرُ‏.‏ قالَ شيخُنا‏:‏ ولم يُتابَعْ‏.‏ وقالَ المُصَنِّفُ‏:‏ وكأنَّهُ اشتَبَهَ بآخرَ شَارَكَهُ في الاسمِ واسمِ الأبِ والنِّسْبَةِ، حدَّثَ عن الحسنِ بنِ سَوَّارٍ الخُرَاسانِيِّ، وعَلِيِّ بنِ الجَعْدِ الجَوْهريِّ، روَى عنهُ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ واصِلٍ البُخارِيُّ، وهوَ منْ أقرانِهِ، فإنَّ ذاكَ بالتشديدِ فيما ذكَرَهُ الخطيبُ في ‏(‏التلخيصِ‏)‏ وغيرِهِ، واسْمُ جَدِّهِ السَّكَنُ، وكانَ يقالُ لهُ‏:‏ البِيكَنْدِيُّ الصغيرُ‏.‏ وإلاَّ فشيخُ البخاريِّ قدْ رُوِّينا منْ طريقِ أبي عصمةَ الماضي قريباً أنَّهُ سَمِعَهُ يَقولُ‏:‏ أنا مُحمدُ بنُ سَلامٍ‏.‏ بالتخفيفِ، وهذا قاطِعٌ للنِّزاعِ؛ ولذا صَنَّفَ فيهِ المُنذرِيُّ، وقدْ قرَأَهُ بعضُهم بالتشديدِ، فقالَ لهُ المسمعُ‏:‏ سَلامٌ عليكم‏.‏

‏(‏و‏)‏ إِلاَّ ‏(‏ابنَ أَبِي الحُقَيْقِ‏)‏ بمهملةٍ وقَافٍ، مُصَغَّرٌ، أبا رافِعٍ اليَهوديَّ الذي بعَثَ إليهِ النبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مَنْ قتَلَهُ، وهوَ في حصْنٍ لهُ منْ أرضِ الحجازِ، فهوَ سَلامٌ بالتخفيفِ؛ لقولِ المُبَرِّدِ في ‏(‏الكاملِ‏)‏‏:‏ إنَّهُ ليسَ في العربِ بالتخفيفِ إِلاَّ هوَ، ووالِدُ عبدِ اللَّهِ الماضي أوَّلاً، ولكنَّ الذى في النسخةِ المعتمدةِ منْ سيرةِ ابنِ هشامٍ في هذا التشديدُ؛ ولذا قالَ شيخُنا في ‏(‏الفتحِ‏)‏‏:‏ وقالَ ابنُ إسحاقَ‏:‏ هوَ سَلاَّمٌ‏.‏ بتشديدِ اللامِ، ولم يَحْكِ غيرَهُ، كما أنَّ ابنَ الصلاحِ ومَنْ تَبِعَهُ لم يَحْكِ غيرَ التخفيفِ، وصَرَّحَ شَيْخُنا في المُشْتَبِهِ بأنَّهُ مِمَّن اختُلِفَ فيهِ، وعلى هذا فيَصِحُّ في ابنِ أبي الحُقَيقِ الجَرُّ أيضاً، على أنَّهُ قدْ قِيلَ في اسمِهِ أيضاً‏:‏ إنَّهُ عبدُ اللَّهِ، ولهُ أخوانِ؛ كِنَانَةُ الذي كانَ أولاً على أمِّ المؤمنينَ صَفِيَّةَ ابنةِ حُيَيٍّ، والرَّبِيعُ الذي كانَ بعدَ وَقْعةِ بعاثِ رئيسِ بني قُرَيْظَةَ، وقَتَلَهما النبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ جميعاً بعدَ فتحِ خَيْبَرَ‏.‏

‏(‏و‏)‏ إِلاَّ ‏(‏ابنَ مِشْكَمِ‏)‏ بتثليثِ الميمِ ثمَّ شِينٍ مُعْجمةٍ سَاكِنَةٍ، وفتحِ الكافِ ثمَّ مِيمٍ؛ لقولِ ابنِ الصلاحِ عَقِبَ حِكايَةِ قولِ المُبَرِّدِ الماضي، وزادَ آخَرُونَ سَلاَّمَ بنَ مِشْكَمٍ خَمَّارا كانَ في الجاهليَّةِ، قالَ ‏(‏والأشْهَرُ‏)‏ المعروفُ ‏(‏التشديدُ فيهِ فاعْلَمِ‏)‏ ذلكَ، قالَ شيخُنا تَبَعاً لغيرِهِ‏:‏ وفيهِ نَظَرٌ؛ لأنَّهُ ورَدَ في الشعرِ الذي هوَ دِيوانُ العَرَبِ مُخَفَّفاً‏.‏ فقالَ ابنُ إسحاقَ في ‏(‏السيرةِ‏)‏‏:‏ وقالَ سِمَاكٌ اليَهُودِيُّ‏:‏

فَلا تَحْسَبَنِّي كُنْتُ مَوْلَى ابنِ مِشْكَمٍ *** سَلامٍ وَلا مَوْلَى حُيَيِّ بنِ أخْطَبَا

وقالَ كعبُ بنُ مالكٍ منْ قصيدةٍ‏:‏

فطَاحَ سَلامٌ وابنُ سَعْيَةَ عَنْوَةً *** وقِيدَ ذَلِيلاً للمَنايَا ابنُ أخْطَبَا

وقالَ أبو سُفْيانَ بنُ حَرْبٍ‏:‏

سَقَانِي فَرَوَّانِي كُمَيْتاً مُدَامَةً *** عَلَى ظَمَأٍ مِنِّي سَلامُ بنُ مِشْكِمِ

وكلُّ هذا دالٌّ للتخفيفِ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ وهوَ الذى في الأصْلِ المُعْتَمَدِ منْ ‏(‏سيرةِ ابنِ هشامٍ‏)‏، قالَ شيخُنا‏:‏ وكأنَّ قولَ أبي سفيانَ هوَ السَّبَبُ في تعريفِ ابنِ الصلاحِ لهُ بكونِهِ كانَ خَمَّاراً، لكنْ قَد عَرَّفَهُ ابنُ إسحاقَ في السيرةِ بأنَّهُ كانَ سيِّدَ بني النَّضِيرِ‏.‏ قُلْتُ‏:‏ وذلكَ في قِصَّةٍ أورَدَها ابنُ هشامٍ في غَزْوةِ السَّوِيقِ منْ سيرتِهِ، فقالَ‏:‏ وكانَ أبو سُفْيانَ بنُ حَرْبٍ- كما حَدَّثَنِي محمدُ بنُ جعفرِ بنِ الزبيرِ ويَزِيدُ بنُ رُومانَ، ومَنْ لا أتَّهِمُ، عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ كَعْبِ بنِ مالكٍ، وكانَ منْ أعلَمِ الأنصارِ- حِينَ رجَعَ إلى مَكَّةَ نذَرَ أنْ لا يَمَسَّ رَأْسَهُ ماءٌ منْ جَنابَةٍ حَتَّى يَغْزُوَ محمدٌ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فخرَجَ في مائتَيْ راكبٍ إلى أنْ قالَ حتَّى أتَى بَنِي النضيرِ تَحْتَ الليلِ، فأتَى حُيَيَّ بنَ أخْطَبَ، فضَرَبَ عليهِ بابَهُ؛ فأبَى أنْ يَفْتَحَ لهُ وخَافَهُ، فانصَرَفَ عنهُ إلى سَلامِ بنِ مِشْكَمٍ، وكانَ سَيِّدَ بني النضيرِ في زمانِهِ ذلكَ،

وصَاحِبَ خَبَرِهم، فاستأذَنَ عليهِ فأذِنَ لهُ، فقَرَاهُ وسَقَاهُ وبَطَّنَ لهُ منْ أخبارِ الناسِ إلى أنْ ذكَرَ خروجَ النبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ في طَلَبِهم، وذكَرَ القصيدةَ التي قَالَها أبو سفيانَ لَمَّا صنَعَ لهُ سَلامٌ، وفيها‏:‏

سَقَانِي فَروَّانِي‏.‏‏.‏‏.‏ البيتَ

وقبلَهُ وهوَ أولُ الأبياتِ‏:‏

إِنِّي تَخَيَّرْتُ المَدِينَةَ وَاحِداً *** لحِلْفٍ فلَمْ أنْدَمْ وَلَمْ أتَلَوَّمِ

وكذا قالَ أبو الفَرَجِ الأصبهانيُّ صاحِبُ ‏(‏الأغاني‏)‏‏:‏ إنَّهُ كانَ رَئِيسَ بني النضيرِ‏.‏ قالَ شيخُنا وأبو سفيانَ لا يَمْدَحُ مَنْ يكونُ خَمَّاراً، بلى إنَّما كانَ أضافَهُ فمَدَحَهُ، وقالَ غيرُهُ‏:‏ بلْ ذلكَ لا يُخْرِجُهُ عنْ أنْ يَكُونَ خَمَّاراً، ثمَّ إنَّهُ لا يُقالُ‏:‏ لَعلَّ تخفيفَهُ في الشِّعْرِ للضرورةِ، فذاكَ خِلافُ الأصلِ، سِيَّما معَ تَكرُّرِ وقوعِهِ‏.‏

‏(‏و‏)‏ أمَّا ‏(‏ابنُ مُحمدِ بنِ ناهِضٍ‏)‏ بالنونِ والهاءِ والضادِ المعجمة المَقْدِسِيُّ ‏(‏فخِفّْ‏)‏؛ أيْ‏:‏ فمُخَفَّفُ اللامِ مَنْ سَلامٌ اسمُهُ أيضاً بلا خلافٍ، واقتُصِرَ في اسمِهِ على سَلامٍ، أوْ ‏(‏زِدْهُ هاءً فكَذَا فِيهِ اخْتُلِفْ‏)‏ بينَ الآخذِينَ عنهُ، فقالَهُ بدونِها أبو طَالِبٍ أحمدُ بنُ نَصْرٍ الحافِظُ، وبإِثْباتِها أبو القاسِمِ الطَّبَرانِيُّ‏.‏

‏(‏قُلْتُ‏)‏‏:‏ وعلى هؤلاءِ الستَّةِ- أعني الصحابِيَّ الحَبْرَ، وجَدَّ أبي عَلِيٍّ الجُبَّائِيِّ، والبِيكَنْدِيِّ، وابنَ أبي الحُقَيْقِ، وابنَ مِشْكَمٍ، وابنَ نَاهِضٍ- اقتصَرَ ابنُ الصلاحِ، ‏(‏وللحَبْرِ‏)‏ أوَّلُهم ‏(‏ابنُ أُخْتٍ‏)‏ اسمُهُ سَلامٌ، عَدَّهُ في الصحابةِ ابنُ فَتْحونَ في ذيلِهِ على ‏(‏الاستعيابِ‏)‏، ولم نَقِفْ على اسمِ أبيهِ، ‏(‏خَفِّفِ‏)‏؛ أيْ‏:‏ لامَهُ أيضاً، ‏(‏كذاكَ جَدُّ‏)‏ سعدِ بنِ جعفرِ بنِ سَلامٍ أبي الخيرِ البغداديِّ، ‏(‏السِّيدِي‏)‏ بفتحِ المهملةِ وياءٍ تَحْتانِيَّةٍ ثَقِيلَةٍ مكسورةٍ؛ لكونِهِ كانَ وَكِيلَ السيدِ أختِ المُسْتَنجِدِ، روَى سعدٌ عن ابنِ البَطِّيِّ ومَعْمَرِ بنِ الفاخرِ، ويَحْيَى بنِ ثَابِتِ بنِ بُندارٍ وماتَ سنَةَ أربعَ عَشْرَةَ وسِتٍّ مائةِ ‏(‏614هـ‏)‏، ذكَرَهُ ابنُ نُقْطَةَ في ‏(‏التكملةِ‏)‏ فيما وُجِدَ بخَطِّهِ ‏(‏و‏)‏ جَدُّ أبي نصرِ محمدِ بنِ يَعْقوبَ بنِ إسحاقَ بنِ محمدِ بنِ مُوسَى بنِ سَلامٍ ‏(‏النَّسَفِي‏)‏ بفتحِ النونِ والسينِ المهملةِ، قَيَّدَهُ ابنُ السَّمْعَانِيِّ وغيرُهُ، نِسْبَةً لنِسَفٍ بكسرِ النونِ، وفُتِحَتْ للنسبِ، كالنَّمَرِيِّ، ويُنْسَبُ أيضاً السلاميُّ لجَدِّهِ المذكورِ يَرْوِي عنْ زاهرِ بنِ أحمدَ وأبي سَعِيدٍ عبدِ اللَّهِ بنِ محمدٍ الرازيِّ، ماتَ بعدَ الثلاثِينَ وأربعِ مائةٍ، ذكَرَهُ الذَّهَبِيُّ، وكذا عمُّ سَلَمَةَ بنِ سَلامٍ أخو الحَبْرِ صَحَابِيٌّ أيضاً، ذكَرَهُ ابنُ مَنْدَهْ، وكذا ابنُ فَتْحونَ في الذَّيْلِ، لكنْ قالَ‏:‏ إِنَّهُ ابنُ أخي الحَبْرِ، ومعَ ذلكَ فلَم يُسَمِّ أباهُ، وكذا للحبرِ ولدانِ؛ يُوسُفَ، لهُ رؤيَةٌ، بلْ وحَفِظَ عن النبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، ومحمدٌ، ذُكِرَ في الصحابةِ أيضاً‏.‏

ولأوَّلِهما ابنٌ اسمُهُ حَمْزَةُ رَوَى عنْ أبيهِ، وحَفِيدٌ اسمُهُ محمدُ بنُ حَمْزَةَ، رَوَى عنهُ الوليدُ بنُ مُسلمٍ وغيرُهُ، وإبراهيمُ وعبدُ اللَّهِ ابنا البِيكَنْدِيِّ الكبيرِ الماضي، ولكنْ أغْنَى عنْ ضبطِ الأخيرَيْنِ ذِكْرُ أبيهما، وعن الخمسةِ قبلَهما ذكرُ الحَبْرِ، نعم لهم عليُّ بنُ يوسُفَ بنِ سلامِ بنِ أبي دُلَفٍ البغداديُّ شيخٌ للدِّمياطِيِّ، وهوَ الذى ضَبَطَهُ، وكانَ اسمُ سَلامٍ عبدَ السلامِ، فخُفِّفَ‏.‏

ومن ذلكَ عُمارَةُ فـ‏(‏عَيْنَ أُبَيِّ‏)‏ بالضمِّ مُصغَّرٌ، ‏(‏ابنِ عِمَارةَ‏)‏ الصحابيِّ المُخَرَّجِ حديثُهُ في أبي دَاوُدَ وابنِ مَاجَهْ والحاكِمِ، وقيلَ‏:‏ إنَّهُ صَلَّى للقبلتيْنِ، ‏(‏اكْسِرِ‏)‏ خَاصَّةً على المشهورِ، قالَ ابنُ الصلاحِ‏:‏ ومنهم منْ ضَمَّها، ومَنْ عَدَاهُ فبالضمِّ جَزْماً، وفاتَهُ عَمَّارَةُ بالفتحِ ثمَّ التثقيلِ، وهم رِجالٌ ونِساءٌ، فالرجالُ جعفرُ بنُ أحمدَ بنِ عَمَّارَةَ الحَرْبِيُّ، عنْ سعيدِ بنِ البنا، وابناهُ‏:‏ قاسِمٌ وأحمدُ، ومُدْرِكُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ القَمْقَامِ بنِ عَمَّارَةَ بنِ مَالِكٍ القُضاعِيُّ، وَلِيَ لعمرَ بنِ عبدِ العزيزِ الجزيرةَ، وبركةُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ أحمدَ بنِ عَمَّارَةَ سَمِعَ أبا المُظَفَّرِ بنَ أبي البَرَكاتِ قَيَّدَهُ الشريفُ عِزُّ الدِّينِ في الوَفِيَّاتِ، وأبو عُمَرَ محمدُ بنُ عُمَرَ بنِ عليِّ بنِ عَمَّارَةَ الحَرْبِيِّ، وأبو القاسمِ محمدُ بنُ عَمَّارَةَ الحَرْبِيُّ النجَّارُ، روَى عنْ عبدِ اللَّهِ بن أبي المجدِ وغيرِهِ، وبنو عَمَّارَةَ بطنٌ منهم المُجَذَّرُ بالذَّالِ المُعْجمةِ، واسمُهُ عبدُ اللَّهِ بنُ زيادِ بنِ عَمْرو بنِ أخزَمَ بنِ عمرِو بنِ عَمَّارَةَ بنِ مالكٍ البلويُّ، وقريبُهُ يَزِيدُ بنُ ثَعْلَبَةَ بنِ خَزَمةَ بنِ أصْرَمَ بنِ عَمْرِو، وأخواهُ‏:‏ بحاثٌ وعبدُ اللَّهِ صحابةٌ، والنساءُ عَمَّارَةُ ابنةُ عبدِ الوَهَّابِ الحِمْصِيَّةُ، روَى عنها ابنُها أحمدُ بنُ نَصْرٍ، وعَمَّارَةُ ابنةُ نافعِ بنِ عُمَرَ الجُمَحِيِّ، وهيَ أُمُّ محمدِ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ عبدِ الرزاقِ بنِ عُمَرَ بنِ عبدِ اللَّهِ بنِ جَمِيلٍ، الذي كانَ على بيتِ المالِ ببغدادَ لأميرِ المؤمِنِينَ المأمونِ، وعَمَّارَةُ عنْ أبي ظلالٍ، وعنها أبو يُوسُفَ محمدُ بنُ أحمدَ الصيدلانيِّ الرقيِّ وهيَ جَدَّتُهُ، وعَمَّارَةُ الثَّقَفيَّةُ زَوْجُ محمدِ بنِ عبدِ الوهَّابِ الثَّقَفِيِّ، يقولُ فيها ابنُ مناذرٍ منْ أبياتٍ‏:‏ محمدٌ زَوْجُ عَمَّارَة‏.‏

وعُمَّارَةُ امرأةُ يَزِيدَ بنِ ضَبَّةَ يقولُ فيهِ عَنْترةُ بنُ عروسٍ مِمَّا أنشَدَهُ الآمديُّ‏:‏

تَقُولُ عَمَّارَةُ لِي يَاعَنتَرَهْ‏.‏

ومنْ ذلكَ كُرَيْزٌ كُلُّهُ بالضمِّ، مُصَغَّرٌ، وليسَ في عبدِ شمسِ بنِ عبدِ مَنافٍ، كما نقَلَهُ الجَيَّانِيُّ في تقييدِ المُهْمَلِ عنْ محمدِ بنِ وَضَّاحٍ غَيْرَهُ، ‏(‏وفِي خَزاعَةٍ كَرِيزٌ‏)‏ يعني فقَطْ ‏(‏كَبِّرِ‏)‏، ومنهم طَلْحَةُ بنُ عُبَيدِ اللَّهِ بنُ كَرِيزٍ تَابِعِيٌّ، وابنُهُ عُبَيدُ اللَّهِ عن الحَسَنِ والزُّهْرِيِّ، قالَ ابنُ الصلاحِ‏:‏ ولا يُسْتدرَكُ- يعني على الحَصْرِ في خُزاعةَ- أيُّوبُ بنُ كَرِيزٍ الراوي عنْ عبدِ الرحمنِ بنِ غُنْمٍ؛ لكونِ عبدِ الغنيِّ ضبَطَهُ بالفتحِ؛ فإنَّهُ بالضمِّ عندَ الدارقطنيِّ وغيرِهِ؛ أيْ‏:‏ كابنِ مَاكولا‏.‏

‏(‏و‏)‏ منْ ذلكَ حِزَامٌ فقُلْ ‏(‏فِي قَرَيْشٍ ابَداً حِزَامُ‏)‏ بكسرِ الحاءِ المهملةِ وبالزاءِ المَنْقُوطَةِ ‏(‏وافْتَح‏)‏ الحاءَ أبداً ‏(‏فِي الانْصَارِ‏)‏ بالنقْلِ معَ الإتيانِ ‏(‏بِرَا‏)‏ مهملةٍ بدَلَ المنقوطةِ وبالقصرِ، فقُلْ‏:‏ ‏(‏حَرَامُ‏)‏‏.‏ وليسَ المرادُ بهذا إلاَّ ضبطَ ما في هاتيْنِ القبيلتيْنِ خَاصَّةً، فلا يُعْترَضُ بأنَّهُ وقَعَ حِزَامٌ بالزاءِ في خُزَاعَةَ وبني عَامِرِ بنِ صَعْصَعَةَ وغيرِهما، وحَرامٌ بالراءِ في بلًى وخَثْعَمٍ، وجُذَامٍ وتَمِيمِ بنِ مربلٍ، وفي خُزَاعَةَ أيضاً‏.‏

وفي عذرةَ وبني فَزَارَةَ وهُذَيلٍ وغيرِهم؛ فَضْلاً عنْ أنْ يُقالَ‏:‏ لهم خَرَامٌ‏.‏ بخاءٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمومةٍ ورَاءٍ ثَقِيلَةٍ، وخَزَامٌ بفتحِ المعجمةِ ثمَّ زاءٍ ثقيلةٍ، وخُزَامٌ بضَمِّ المعجمةِ ثمَّ زَاءٍ خَفِيفَةٍ، كما بُيِّنَ كلُّ ذلكَ في مَحالِّهِ، نعم إدخالُ هذهِ الترجمةِ في أثناءِ ما هوَ كُلِّيٌّ مُلْبِسٌ لا سِيَّمَا والاشتباهُ فيها لغيرِ البارعِ بَاقٍ أيضاً، فإِنَّهُ قدْ يَمُرُّ الراوي غيرَ منسوبٍ، فلا يَدْرِي الطالِبُ منْ أيِّ القبيلتيْنِ هوَ‏.‏

ومنْ ذلكَ عَنْسِيٌّ، فالذي ‏(‏في الشامِ‏)‏ بالهمزةِ الساكنةِ، وتَرْكِها منْ لغاتِهِ كما سبَقَ مثلُهُ في آخرِ الصحابةِ، لا سِيَّما دَاريا منها، ‏(‏عَنْسِيٌّ بنونٍ‏)‏ ثمَّ سينٍ مهملةٍ، نِسْبَةً لعَنْسٍ حَيٌّ منْ مُذَحَّجٍ في اليَمَنِ، كعُمَيْرِ بنِ هانئٍ تَابِعِيٌّ، ومحمدُ بنُ الأسودِ روَى عنْ عُمَرَ ‏(‏و‏)‏ عَبْسِيٌّ ‏(‏بِبَا‏)‏ بمُوحَّدَةٍ بدَلَ النونِ وبالقَصْرِ للضرورةِ، ‏(‏في كُوفةٍ‏)‏ بالصرفِ للضرورةِ نسبةً في الأكثرِ لعَبْسِ غَطَفانَ، كرَبْعِيِّ بنِ حِرَاشٍ وعُبَيْدِ اللَّهِ بنُ مُوسَى، ‏(‏و‏)‏ عَيْشِيٌّ ‏(‏بالشينِ‏)‏ المعجمةِ ‏(‏وَالْيَا‏)‏ المُثنَّاةِ التحتانيَّةِ وبالقصرِ للضرورةِ أيضاً، نسبةً لعائشةَ ابنةِ أحدِ العَشَرةِ طَلْحَةَ؛ كعُبَيدِ اللَّهِ بنِ مُحمدِ بنِ حفصٍ، ولبني عائشةَ ابنةُ تَيْمِ اللَّهِ، كمحمدِ بنِ بَكَّارِ بنِ الريانِ، ‏(‏غَلَبَا‏)‏ الذي بالمعجمةِ والتحتانيَّةِ؛ أيْ‏:‏ هوَ الأغلَبُ، ‏(‏في بَصْرَةٍ‏)‏ بتثليثِ المُوحَّدَةِ، والكسرُ أصَحُّها، كما تَقدَّمَ في معرفةِ الصحابةِ، وبالصرفِ أيضاً لا جميعُهم، بل المذكورُ في كلٍّ من الشامِ والكوفةِ هوَ الغالِبُ أيضاً، كما هوَ مُقْتَضَى صَنيعِ ابنِ الصلاحِ؛ فإنَّهُ قالَ‏:‏ ذَكَرَ أبو عليٍّ البَرَدانيُّ أنَّهُ سَمِعَ الخطيبَ الحافظَ يقولُ‏:‏ العَيْشِيُّونَ- يعني بالمعجمةِ- بَصْرِيُّونَ، والعَبْسِيُّونَ- يعني بالمُوحَّدَةِ- كُوفِيُّونَ، والعَنْسِيُّونَ- يعنى بالنونِ- شَامِيُّونَ‏.‏ ثمَّ قالَ‏:‏ وقَدْ قَالَهُ قبلَهُ الحاكِمُ‏.‏ قالَ- أعني ابنَ الصلاحِ-‏:‏ وهذا يعني في الجميعِ على الغالِبِ‏.‏ انتهَى‏.‏

ثم إنَّهُ لا يُنْتقَدُ هذا الضابِطُ بقولِ ابنِ سعدٍ عن الكلبيِّ‏:‏ إنَّهُ ليسَ بالكوفةِ والبصرةِ رَهَاوِيٌّ ولا عَنْسِيٌّ، وهم باليَمَنِ والشامِ كَثِيرٌ، حيثُ اقْتَضَى أنَّهُ بالنونِ في اليَمَنِ أيضاً‏.‏ ونحوُهُ قولُ ابنِ ماكولا، وابنِ السمعانيِّ في العَنْسِيِّينَ‏:‏ وعَظُمَ عنسٌ في الشامِ‏.‏ وابنِ ماكولا في العَيْشِيِّينَ‏:‏ إنَّهم جَماعةٌ كَثِيرةٌ، عَامَّتُهم بالبصرةِ‏.‏ فالضابطُ إِنَّما هوَ لخصوصِ الثلاثةِ، كما أنَّهُ لا يُنْتَقَدُ بالعَيْشيِّ كالثالِثِ، لكنْ بكسرِ أوَّلِهِ، والعَيْسِيُّ بالكسرِ أيضاً، لكنْ سِينُهُ مهملةٌ، أو الغَشْتِيُّ بفتحِ المعجمةِ وسكونِ الشينِ المعجمةِ بعدَها مُثنَّاةٌ أوالغِيشِيُّ، بكسرِ المعجمةِ ثمَّ تَحتانيَّةٍ ساكنةٍ ثمَّ مُعْجمةٍ، كَمْ بُيِّنَ في مَحالِّهِ‏.‏

نعم يُنْتقَدُ بمَنْ يَكونُ من الكوفةِ، وهوَ عَيْشِيٌّ بالمُثنَّاةِ التحتانيَّةِ والمُعْجَمَةِ، أوْ عَنْسِيٌّ بالنونِ، كعَمَّارِ بنِ يَاسِرٍ الصحابِيِّ؛ فإنَّهُ- معَ كونِهِ مَعْدوداً في الكُوفِيِّينَ- عَنْسِيٌّ بالنونِ، والظاهِرُ أنَّها نِسْبَةٌ لعَنْسٍ الذي انتسَبَ إليهِ الشامِيُّونَ، فيَاسِرٌ وَالِدُ عَمَّارٍ، وكانَ صَحابِيًّا أيضاً، كانَ مِمَّن قدِمَ اليمنَ، أوْ بمِنْ يكونُ من الشامِ، وهوَ عَبْسِيٌّ بالمُوحَّدَةِ، أوْ عَيْشِيٌّ بالتحتانِيَّةِ والمعجمةِ، أوْ من البصرةِ، وهوَ عَنْسِيٌّ بالنونِ أوْ عَبْسِيٌّ بالمُوحَّدَةِ، ويأتي في كونِ هذهِ الترجمةِ ليسَتْ كُلِّيَّةً، وكذا فيمَنْ جاءَ غيرَ منسوبٍ، ما قُلْنا في الترجمةِ قبلَها‏.‏

ومن ذلكَ أبو عُبَيدَةَ، وكُلُّهُ بالضمِّ والتصغيرِ، ‏(‏وما لَهُمْ‏)‏؛ أي‏:‏ الرواةِ، كما قالَهُ الدارَقُطْنِيُّ ‏(‏مَن اكْتَنَى أبَا عَبِيدةٍ بفتحٍ‏)‏ في أوَّلِهِ ثمَّ كسرٍ لثانيهِ وبالصرفِ للضرورةِ، وهوَ كذلكَ كما قالَ شيخُنا في المُتقَدِّمِينَ فمَنْ بعدَهم من المشارقةِ، ووُجِدَ في المائةِ الخامسةِ من المغاربةِ أحمدُ بنُ عبدِ الصمدِ بنِ أبي عَبِيدَةَ منْ شيوخِ القاضي أبي القاسمِ بنِ بَقِيٍّ، ضبَطَهُ ابنُ عبدِ الملكِ في التكملةِ بفَتْحِ العَيْنِ، وأرَّخَهُ سنَةَ سِتٍّ وثَمَانِينَ وخَمْسِ مائةٍ ‏(‏586هـ‏)‏‏.‏

ومن ذلكَ السَّفْرُ بالفاءِ، فالأسماءُ كُلُّها بالسكونِ، السَّفْرُ بنُ نُسَيرٍ عنْ أبي هريرةَ، وأبو الفيضِ يُوسُفُ بنُ السَّفْرِ، ‏(‏وَالكُنَْى فِي السَّفْرِ بالفَتْحِ‏)‏، قالَ ابنُ الصلاحِ‏:‏ ومن المغاربةِ مَنْ يُسَكِّنُ الفاءَ أيْ‏:‏ منْ أَبِي السَّفْرِ سَعِيدِ بنِ يحمدَ التابعيِّ، يعني والِدَ عبدِ اللَّهِ، قالَ‏:‏ وذلكَ خلافُ ما حكاهُ الدارَقُطْنِيُّ عنْ أصحابِ الحديثِ، ووَافَقَهُ المِزِّيُّ في هذا الضابطِ فقالَ‏:‏ الأسماءُ بالسكونِ، والكُنَى بالحَرَكةِ‏.‏ وأمَّا السَّقْرُ بالقافِ الساكنةِ، فلهم جَماعةٌ مُسَمُّونَ بذلكَ، وهم سَقْرُ بنُ عبدِ الرحيمِ، عنْ عَمِّهِ شُعْبَةَ، وسَقْرُ بنُ عبدِ الرحمنِ أبو بَهْزٍ الكُوفيُّ سِبْطُ مَالِكِ بنِ مغولٍ، شيخٌ لأبي يَعْلَى المَوْصِلِيِّ، عنْ شَرِيكٍ والكُوفِيِّينَ، وسَقْرُ بنُ حُسَينٍ الحَذَّاءُ عن العقديِّ، وسَقْرُ بنُ عَدَّاسٍ، عنْ سُلَيْمانَ بنِ حَرْبٍ، وسَقْرُ بنُ حَبِيبٍ اثنانِ، روَى أحَدُهما عنْ عُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ، والآخرُ عنْ أبي رَجَاءٍ العُطاردِيِّ، وسَقْرُ بنُ عبدِ اللَّهِ، عنْ عُرْوَةَ، وكذا لهم في الكُنَى منْ ذلكَ أيضاً أبو السَّقْرِ يَحْيَى بنُ يَزْدادَ،

عنْ حُسَينِ بنِ محمدِ المَروَزِيِّ، لكنْ نُقِلَ عنْ شيخِنا أنَّ كلَّ مَنْ بالقافِ يعني من الأسماءِ والكُنَى الأشهَرُ فيهِ الصادُ بدَلَ السينِ، واقتصَرَ في المُشْتَبِهِ على حِكايَتِهِ بدونِ تَرْجِيحٍ فقالَ‏:‏ ويُقالُ في هؤلاءِ بالصادِ‏.‏ وكذا ذكَرَ ابنُ حِبَّانَ سَقْرَ بنَ عبدِ الرحمنِ الماضي في كُلٍّ مِن الحرفيْنِ، ولهم أيضاً شَقَرٌ بفتحِ الشينِ المعجمةِ والقافِ، حَيٌّ منْ تميمٍ يُنْسَبُ إليهم الشَّقَرِيُّونَ، قالَ الدارقُطْنيُّ‏:‏ ومعاويَةُ بنُ الحارثِ بنِ تَميمٍ سُمِّيَ الشَّقِرَ يعني بفتحِ الشينِ وكسرِ القافِ؛ لقولِهِ‏:‏

وقدْ أحْمِلُ الرُّمْحَ الأصَمَّ كُعُوبُه *** بهِ مِنْ دِماءِ القَوْمِ كالشَّقِرَاتِ

وقالَ وهوَ أبو حَيٍّ منْ تَميمٍ، والشَّقِرُ هوَ شَقَائِقُ النعمانِ، وفيهِ نَظَرٌ، فمُعاويَةُ إِنَّمَا هوَ الشَّقِرَهُ بهاءٍ في آخرِهِ، كما صَرَّحَ بهِ غيرُ واحدٍ، وشُقْرٌ بضَمٍّ ثمَّ سكونٍ مَدِينَةٌ بالأندَلُسِ، وحينَئذٍ فما حصَلَ بهذا الضابطِ تَمْيِيزٌ إلاَّ في خصوصِ الفاءِ‏.‏

ومن ذلكَ عَسَلٌ ‏(‏ومَا لَهُم‏)‏؛ أي‏:‏ الرواةِ ‏(‏عَسَلْ‏)‏ بفتحِ المهملتيْنِ ‏(‏إِلاَّ ابنُ ذَكْوانَ‏)‏ بذالٍ معجمةٍ، الأخباريُّ البصريُّ أحدُ مَنْ لَقِيَ الأصمعيَّ، ذكَرَهُ الدارقطنيُّ وغيرُهُ، ‏(‏و‏)‏ أمَّا ‏(‏عِسْلٌ‏)‏ بكسرِ أوَّلِهِ وسكونِ ثانيهِ ‏(‏فجُمَلْ‏)‏ بضَمِّ الجيمِ وفتحِ الميمِ، جمعُ جُملةٍ؛ أيْ‏:‏ فكثيرٌ، وهم عِسْلُ بنُ سُفْيانَ، عنْ عَطَاءٍ، وصَبِيغُ بنُ شَرِيكِ بنِ المُنذِرِ بنِ قَطَنِ بنِ قشعِ بنِ عِسْلِ بنِ عَمْرِو بنِ يَرْبُوعَ التَّمِيمِيُّ، ورُبَّما نُسِبَ لجَدِّهِ الأعْلَى فقِيلَ‏:‏ صَبِيغُ بنُ عِسْلٍ، وأخوهُ رَبِيعةُ، شَهِدَ الجَمَلَ، وابنُ أخيهما عِسْلُ بنُ عبدِ اللَّهِ حَدَّثَ عنْ عَمِّهِ صَبِيغٍ، بلْ قالَ ابنُ الصلاحِ‏:‏ إِنَّهُ وُجِدَ ابنُ ذَكوانَ- بخَطِّ الإمامِ منصورٍ الأزهريِّ في تهذيبِ اللغةِ له- كذلكَ، قالَ‏:‏ ولا أراهُ ضَبَطَهُ‏.‏ وزعَمَ مُغْلطايٌ أنَّهُ رَاجَعَ نسختيْنِ منْ ‏(‏المُحْكَمِ‏)‏ فلم يَرَ ذلكَ فيهِ، فاللَّهُ أعْلَمُ‏.‏

ومن ذلكَ عَثَّامٌ ‏(‏والعَامِريُّ‏)‏ الكوفيُّ ‏(‏ابنُ عَلِي‏)‏ بالسكونِ، ابنُ هُجَيْرٍ، بهاءٍ ثمَّ جِيمٍ وآخرَهُ راءٌ، مُصغَّرٌ، اسمُهُ ‏(‏عَثَّامُ‏)‏ بمهملةٍ مَفْتُوحَةٍ ثمَّ مُثَلَّثَةٍ مُشدَّدَةٍ، يَرْوِي عنْ هشامِ بنِ عُرْوَةَ والأعمشِ وغيرِهما، وكذا حَفِيدُهُ المُشارِكُ لهُ في اسمِهِ واسمِ أبيهِ عَثَّامِ بنِ عَلِيٍّ، ‏(‏و‏)‏ أمَّا ‏(‏غيرُه‏)‏؛ أيْ‏:‏ غيرُ مَنْ ذُكِرَ كغَنَّامِ بنِ أَوْسٍ الصحابيِّ، وعُبَيدِ بنِ غَنَّامٍ الكُوفِيِّ راويَةِ أبي بكرِ بنِ أبي شَيْبَةَ، ‏(‏فالنونُ والإعْجامُ‏)‏؛ أيْ‏:‏ فهوَ غَنَّامٌ بالغينِ المعجمةِ والنونِ‏.‏

تنبيهٌ‏:‏ وقَعَ في بعضِ النسْخِ من النظمِ هنا‏.‏ ‏(‏قُلْتُ‏:‏ ابنُ عَثَّامٍ صَحَابِيٌّ، ولهُ في الذِّكْرِ ثلاثةٌ، وأُعْجِمَ أوَّلُه‏)‏ والصوابُ- فيهِ كما ضَبَطَهُ الأميرُ- الإعجامُ والنونُ، وبهِ جزَمَ شيخُنا؛ ولذلكَ لم يَثْبُتْ في جميعِ النسخِ، واللَّهُ أعلَمُ‏.‏

ومن ذلكَ قُمَيْرٌ ‏(‏وزَوْجُ مَسْرُوقٍ‏)‏ هوَ ابنُ الأجْدَعِ، اسمُها ‏(‏قُمَيْرٌ‏)‏ بفتحِ القافِ ثمَّ ميمٍ مكسورةٍ ابنةُ عَمْرٍو، تَرْوِي عنْ عائشةَ وعنها الشَّعْبِيُّ، و‏(‏صَغَّرُوا‏)‏؛ أيْ‏:‏ أهلُ الحديثِ ‏(‏سِوَاهُ‏)‏؛ أي‏:‏ الاسمِ المذكورِ حالَ كونِهِ ‏(‏ضَمًّا‏)‏؛ أيْ‏:‏ مضموماً أولُهُ؛ كزُهَيْرِ بنِ مُحمدِ بنُ قُمَيْرٍ الشاشِيِّ عنْ عبدِ الرزاقِ، ومَكِّيِّ بنِ قُمَيْرٍ عنْ جعفرِ بنِ سُلَيْمانِ‏.‏

ومنْ ذلكَ مُسَوَّرٌ، ‏(‏ولهم مُسَوَّرُ‏)‏ بضَمِّ الميمِ ثمَّ مهملةٍ مفتوحةٍ بعدَها واوٌ مُشَدَّدَةٌ وآخرَهُ راءٌ اثنانِ‏:‏ أحدُهما ‏(‏ابنُ يَزِيدَ‏)‏ الكاهلِيُّ الأسَدِيُّ ثمَّ المالكِيُّ، صَحَابِيٌّ، حديثُهُ عندَ أبي دَاوُدَ، روَى عنهُ يحيى بنُ كَثِيرٍ، ‏(‏و‏)‏ ثانيهما ‏(‏ابنُ عبدِ المَلِكِ‏)‏ اليَرْبُوعِيُّ حَدَّثَ عنهُ معنٌ القزَّازُ، هكذا ذَكَرَهما ابنُ الصلاحِ ثمَّ الذَّهَبِيُّ، واقتصَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ ثمَّ ابنُ ماكولا على أَوَّلِهما ولم يستدرِكِ ابنُ نُقْطةَ ولا غَيْرُهُ عليهما أحداً، وصَنِيعُ البخاريِّ في تاريخِهِ الكبيرِ، حيثُ ذكَرَ ابنُ عبدِ الملكِ في بابٍ مُسَوَرَ بنَ مَخْرَمَةَ المُخَفَّفِ، يشهَدُ لهم لكنَّهُ أعادَ ذِكْرَهُ في المُشدَّدِ معَ ابنِ يَزِيدَ ولم يَذْكُرْ غَيْرَهما، وقولُ المُصَنِّفِ‏:‏ إنَّهُ ذكَرَ معَ ابنِ يَزِيدَ في المُشَدَّدِ مُسَوَّرَ بنَ مَرْزوقٍ، لم أَرَهُ في النسخةِ التي عندي بتاريخِ البخاريِّ، بلْ لم أَرَ ابنَ مَرْزوقٍ فيهِ أَصْلاً معَ قولِ شَيْخِنا في المُشْتَبِهِ‏:‏ إِنَّهُ هوَ وابنُ عبدِ المَلِكِ اختَلَفَتْ نُسَخُ التاريخِ فيهما تَشْديداً وتَخْفيفاً، بلْ قالَ في ‏(‏الإصابةِ‏)‏‏:‏ إنَّهُ أوْرَدَ بنَ يَزِيدَ معَ ابنِ مَخْرَمَةَ فاقْتَضَى تَخِفيفَهُ، ‏(‏ومَا سِوَى ذَيْنِ‏)‏؛ أي‏:‏ ابنِ يَزِيدَ وابنِ عبدِ المَلِكِ، ‏(‏فمِسْوَرٌ‏)‏ بكسرِ الميمِ ثمَّ مُهْمَلَةٍ ساكنةٍ فيما ‏(‏حُكِي‏)‏ عندَ ابنِ الصلاحِ ثمَّ الذَّهَبِيِّ كما تَقدَّمَ‏.‏

ومنْ ذلكَ الحَمَّالُ ‏(‏ووَصَفُوا‏)‏؛ أيْ‏:‏ أهلُ الحديثِ ‏(‏الحَمَّالَ‏)‏ بالحاءِ المهملةِ ثمَّ المِيمِ المُشدَّدَةِ أيْ‏:‏ وُصِفُوا بالحَمَّالِ، ‏(‏فِي الرُّواةِ‏)‏ للحديثِ خَاصَّةً أوْ فيمَنْ ذُكِرَ منهم في الكتبِ المُتداوَلَةِ، ‏(‏هَارُونَ‏)‏ بنَ عبدِ اللَّهِ بنِ مَرْوانَ البَغْداديَّ البَزَّازِ الحافِظُ والِدُ مُوسَى ‏(‏والغَيْرُ‏)‏؛ أيْ‏:‏ وغيرُ هَارُونَ ‏(‏بجِيمٍ‏)‏ بدَلَ الحاءِ ‏(‏يَاتِي‏)‏ بالإبدالِ، كمحمدِ بنِ مِهْرانَ أبي جَعْفَرٍ الرازيِّ، شيخٌ للشيخيْنِ، وأُسَيْدِ بنِ زَيْدِ بنِ نَجِيحٍ الهاشِمِيِّ الكوفيِّ، شيخٌ للبخاريِّ، وأَيُّوبَ الجَمَّالِ كانَ يعتقدْ بدِمَشْقَ، قالَ الذَّهَبِيُّ‏:‏ كنتُ أرَى أبي يُسَلِّمُ عليهِ، ونُوزِعَ ابنُ الصلاحِ في الحصرِ؛ فإنَّهُ وإنْ قُيِّدَ بالوصفِ، ليخرُجَ مَنْ تَسَمَّى بذلكَ كحَمَّالِ بنِ مَالِكٍ، أخي مسعودٍ اللذَيْنِ شَهِدا القَادِسِيَّةَ معَ سعدٍ وقَتَلا الفِيلَ، وأبيضَ بنِ حَمَّالٍ المأربيِّ الصحابيِّ، معَ كونِ هَارُونَ مُخْتَصًّا عنهم صاحبة التعريفِ والاستغناءِ بذلكَ عن التقييدِ، فلهم مِمَّن وُصِفَ بالحَمَّالِ بالمهملةِ والتشديدِ، رافعُ بنُ نَصْرٍ الحَمَّالُ الفَقِيهُ صَاحِبُ أبي إسحاقَ، سَمِعَ أبا عُمَرَ بنَ مَهْدِيٍّ، وأبو القَاسِمُ مَكِّيُّ بنُ عَلِيِّ بنِ بنانٍ الحَمَّالُ أحَدُ الرواةِ، وأبو العَبَّاسِ أحمدُ بنُ مُحمدِ بنِ الدَّبْسِ الحَمَّالُ أحدُ شُيوخِ أبي النُّرْسِيِّ، وزَاهِدُ مِصْرَ أبو الحسنِ الحَمَّالُ، واسْمُهُ بنانُ بنُ محمدِ بنِ حمدانَ البغداديُّ، قيلَ‏:‏ أصلُهُ مِنْ وَاسِطَ، ماتَ بعدَ الثلاثِ مِائةٍ، كانَ فَاضِلاً وَلِيًّا، لهُ روايَةٌ عن الحسنِ بنِ عَرَفَةَ وغيرِهِ، وأيُّوبُ الحَمَّالُ الزَّاهِدُ ببغدادَ، وأكثرُهم وَارِدٌ على الحَصْرِ؛ ولذا قالَ شيخُنا في المُشْتَبِهِ تبعاً لأصلِهِ فيمَنْ بالمهملةِ بعدَ تسميَةِ هَارُونَ، وآخَرُونَ، ويُمْكِنُ أنْ يُقالَ‏:‏ ليسَ لهؤلاءِ ذِكْرٌ في الكتبِ المُتداوَلَةِ، كما أنَّ في غيرِها أيضاً جَماعةٌ يُلَقَّبُونَ الجَمَالَ بالجيمِ والميمِ المُخفَّفةِ، وفيهم كثرةٌ، وأبو الجَمَّالِ جَدُّ أبي عليٍّ يَحْيَى بنُ عَلِيِّ بنِ يَحْيَى بنِ أَبِي الجَمَّالِ الحَرَّانِيُّ، ذكَرَهُ أبو عروبةَ الحَرَّانِيُّ في تاريخِهِ، وقالَ‏:‏ إنَّهُ ماتَ سنَةَ تِسْعٍ وثَمانِينَ ومائتيْنِ ‏(‏289هـ‏)‏، وأبو الجَمَّالِ الحُسَينُ بنُ القاسمِ بنِ عُبَيدِ اللَّهِ وَزِيرُ المُقتدِرِ، وجَمَّالُ ابنةُ قيسِ بنِ مَخْرمَةَ، وجَمَّالُ ابنةُ عَوْنِ بنِ مُسلمٍ، وجَمَّالُ ابنةُ النعمانِ بنِ أبي حَزْمِ بنِ كَعْبِ بنِ عَتِيكٍ الأنصاريِّ، تَزَوَّجَها عبدُ اللَّهِ بنُ الحارثِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ، فهيَ أمُّ أولادِهِ، غيرَ أنَّهُ لذلكَ لا يكونُ ضَابِطاً كُلِّيًّا‏.‏

ثم إنَّهُ قد اختُلِفَ في سببِ وَصْفِ هارونَ بالحَمَّالِ، فقِيلَ‏:‏ إِنَّهُ كانَ بَزَّازاً، ثمَّ تَزَهَّدَ وصارَ يَحْمِلُ الشيءَ بالأُجْرَةِ ويأكُلُ منها، حَكاهُ عبدُ الغنيِّ بنُ سَعيدٍ عن القاضي أبي الطاهرِ الذهليِّ، وقيلَ‏:‏ بلْ عَكْسُهُ كانَ حَمَّالاً، ثمَّ تَحوَّلَ إلى البَزِّ، حكاهُ ابنُ الجارودِ في كتابِهِ ‏(‏الكُنَى‏)‏ عنْ وَلَدِهِ مُوسَى بنِ هَارُونَ، وزعَمَ الخليليُّ وابنُ الفَلَكِيِّ أنَّهُ لكثرةِ ما حَمَلَ من العلمِ، قالَ ابنُ الصلاحِ‏:‏ ولا أرَى ما قالاهُ يَصِحُّ، وكأنَّهُ لأنَّ القَاضِيَ أبا الطاهرِ كانَ صَاحِبَ مُوسَى وَلَدِ هارونَ، فهوَ أخبَرُ وقولُهُ أنْسَبُ بالزهدِ، ولا يُنافِيهِ قولُ غيرِهِ‏:‏ إِنَّهُ حَمَلَ رَجُلاً في طريقِ مَكَّةَ على ظَهْرِهِ فانقطَعَ فيما يُقالُ بهِ‏.‏

ومن ذلكَ الخَيَّاطُ ‏(‏ووَصَفُوا‏)‏؛ أيْ‏:‏ أهلُ الحديثِ ‏(‏حَنَّاطاً‏)‏ بالمهملةِ ثمَّ النونِ ‏(‏او‏)‏ بالنقلِ ‏(‏خَبَّاطاً‏)‏ بالمعجمةِ ثمَّ المُوحَّدَةِ أيْ‏:‏ بكلٍّ من الحَنَّاطِ والخَبَّاطِ ‏(‏عِيسَى‏)‏ بنَ أَبِي عِيسَى مَيْسَرَةَ، ‏(‏ومسلماً‏)‏ هوَ ابنُ أبي مسلمٍ، و‏(‏كَذَا‏)‏ وَصَفوا كُلاًّ منهما ‏(‏خَيَّاطاً‏)‏ بالمعجمةِ ثمَّ التحتانيَّةِ أيْ‏:‏ بالخَيَّاطِ، فبأيِّ وصفٍ منْ هذهِ الثلاثةِ وُصِفَ بهِ واحدٌ منْ هذيْنِ- كانَ صحيحاً، والغَلَطُ لذلكَ مأمونٌ فيهما، قالَهُ الدَّارقُطْنِيُّ‏.‏

ثمَّ ابنُ مَاكولا لقولِ ابنِ مَعِينٍ كما نقَلَهُ الدارقُطنيُّ في مسلمٍ‏:‏ إنَّهُ كانَ يَبِيعُ الخَبَطَ والحِنْطَةَ وكانَ خَيَّاطاً‏.‏ وقولِهِ أيضاً في عِيسَى‏:‏ إِنَّهُ كانَ كُوِفيًّا وانتقَلَ إلى المدينةِ وكانَ خَيَّاطاً، ثمَّ تَرَكَ ذلكَ وصارَ حَنَّاطاً ثمَّ ترَكَ ذلكَ وصارَ يَبِيعُ الخَبَطَ‏.‏ بلْ قالَ هوَ عنْ نَفْسِهِ فيما حكاهُ ابنُ سعدٍ‏:‏ أنا خَيَّاطٌ وحَنَّاطٌ وخَبَّاطٌ، كُلاًّ قَدْ عَالَجْتُ‏.‏ ولكن معَ هذا فاشتهارُهُ إِنَّما هوَ بالمهملةِ والنونِ، واشتهارُ الآخرِ بالمعجمةِ والمُوحَّدَةِ؛ ولذا رَجَّحَ الذَّهَبِيُّ في كلِّ واحدٍ ما اشتهَرَ بهِ‏.‏

ومن ذلكَ مِمَّا أدخَلَهُ ابنُ الصلاحِ في القِسْمِ بعدَهُ، السَّلَمِيُّ، ‏(‏والسَّلَمِيَّ‏)‏ بالنصبِ مفعولٌ مُقدَّمٌ ‏(‏افْتَحْ‏)‏؛ أي‏:‏ افتَحِ السينَ واللامَ من السَّلَمِيِّ، ‏(‏في الانصارِ‏)‏ بالنقْلِ خاصَّةً، كأبي قتادَةَ فَارسِ رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، وجابرِ بنِ عبدِ اللَّهِ، نِسْبَةً إلى بني سَلَمَةَ بنِ سَعْدِ بنِ عَلِيِّ بنِ أسَدِ بنِ شَارِدَةَ بنِ تَزِيدَ بنِ جُشَمِ بنِ الخزرجِ، بفتحِ السينِ وكَسْرِ اللامِ، ولَكِنَّها فُتِحَتْ في النسبِ كالنَّمَرِيِّ والصَّدَفِيِّ وبابِهما، قالَ السَّمعانِيُّ‏:‏ وهذه النسبةُ عندَ النحْويِّينَ‏.‏ قالَ‏:‏ وأصحابُ الحديثِ يَكْسِرونَ اللامَ، وعليهِ اقتصَرَ ابنُ بَاطِيشَ في ‏(‏مُشْتَبِهِ النسبةِ‏)‏، وجعَلَ المفتوحَ اللامِ نسبةً إلى سَلِيمِيَّةَ منْ عَمَلِ حَماةَ، ‏(‏ومَنْ يَكْسِرُ لامَه‏)‏؛ أيْ‏:‏ لفظَ السَّلِمِيِّ، وهم أكثرُ المُحدِّثِينَ ‏(‏كأصْلِهِ‏)‏ فقَدْ ‏(‏لحَنْ‏)‏، وهذا ضابِطٌ لِمَا في الأنصارِ خاصَّةً، وإلاَّ فلهم في غيرِها بالفتحِ أيضاً جماعةٌ مِمَّن انتَسَبَ إلى أجدادِهِ؛ كبَنِي سَلَمَةَ بطنٌ منْ لَخْمٍ وغيرِهم، ويَشْتَبِهُ ذلكَ كُلُّهُ بالسُّلَمِيِّ بضمِّ السينِ وفتحِ اللامِ نِسْبَةً إلى بَنِي سُلَيْمٍ، وهم خَلْقٌ كعَبَّاسِ بنِ مِرْدَاسٍ‏.‏

‏(‏ومن هنا‏)‏ وهوَ القسمُ الثاني، ‏(‏لمَالِكٍ وَلَهُما‏)‏؛ أي‏:‏ البخاريِّ ومُسلمٍ، واشتمَلَ على تَرَاجِمَ، فمنها يَسَارٌ، و‏(‏بَشَّاراً‏)‏ بالنصْبِ مفعولٌ مُقدَّمٌ، بمُوحَّدَةٍ ثمَّ مُعْجمةٍ مُشدَّدَةٍ، ‏(‏افْرِدْ‏)‏؛ أي‏:‏ افرِضْ أيُّها الطالِبُ بهذا الضبطِ بَشَّاراً، ‏(‏أبَ‏)‏؛ أيْ‏:‏ والِدَ ‏(‏بُنْدَارِهِما‏)‏؛ أي‏:‏ البخاريِّ ومسلمٍ، فبُندارٌ وهوَ لَقَبٌ لمحمدِ بنِ بَشَّارِ بنِ عُثْمانَ شَيْخِهما، بلْ شَيْخِ الأئمَّةِ الستَّةِ وإنَّما أضافَهُ لهما؛ لاختصاصِ الترجمةِ بهما دونَ مَالِكٍ‏.‏

قالَ الذَّهَبِيُّ‏:‏ وبَشَّارٌ- أيْ‏:‏ بالمُوحَّدَةِ ثمَّ المعجمةِ- قَلِيلٌ في التابعِينَ مَعْدومٌ في الصحابةِ، ‏(‏ولَهُما‏)‏؛ أي‏:‏ البخاريِّ ومسلمٍ خاصَّةً أيضاً مِمَّا قالَ ابنُ الصلاحِ‏:‏ إنَّهُ ليسَ على الصورةِ المُتقدِّمَةِ وإنْ قَارَبَها‏.‏ بلْ قالَ شَيْخُنا‏:‏ إنَّهُ لا يَلْتَبِسُ؛ لتَمَيُّزِ ذاكَ عن الذي بعدُ بطولِ رأسِ الحرفِ الأولِ‏.‏ وجَعَلهُ معَ سِنَانٍ، لكنْ قَدْ أدخَلَهُ الذهبيُّ في هذهِ الترجمةِ

‏(‏سَيَّارٌ‏)‏ بفتحِ السينِ المهملةِ ثمَّ تَحْتانِيَّةٍ مُشدَّدَةٍ اثنانِ‏:‏ هما ابنُ أبي سَيَّارٍ ‏(‏اي‏)‏ بالنقلِ، وكُنيَةُ سَيَّارٍ ‏(‏أبو الحَكَمِ‏)‏ الواسطِيُّ، يَرْوِي عن التابعِينَ وفي اسمِ أبيهِ اختلافٌ، فقِيلَ‏:‏ وَرْدَانُ أوْ وَرْدٌ أوْ دِينارٌ‏.‏ ‏(‏و‏)‏ سَيَّارٌ هوَ ‏(‏ابنُ سَلامَةٍ‏)‏ بالصرفِ للضرورةِ، أبو المنهالِ الرياحِيُّ البَصْرِيُّ، تابعيٌّ، ‏(‏و‏)‏ ما عَدا هؤلاءِ الثلاثةَ فهوَ يَسَارٌ ‏(‏بالْيَا‏)‏ التحتانِيَّةِ ‏(‏قَبْلُ‏)‏؛ أيْ‏:‏ قبلَ السينِ المُخفَّفةِ وهوَ ‏(‏جَمّْ‏)‏؛ أيْ‏:‏ كثيرٌ في الكتبِ الثلاثةِ؛ كسُلَيْمانَ وعطاءِ ابْنَيْ يَسَارٍ، وسعيدِ بنِ يَسَارٍ‏.‏

‏(‏و‏)‏ مِنهم بِشْرٌ ‏(‏وابنُ سَعِيدٍ‏)‏ المَدَنِيُّ مَوْلَى ابنِ الحَضْرَمِيِّ، وهوَ تابعيٌّ اسمُهُ ‏(‏بُسْرُ‏)‏ بضمِّ أوَّلِهِ ثمَّ سِينٍ مهملةٍ وبدونِ تنوينٍ للضرورةِ، ‏(‏مثلُ‏)‏ بُسْرِ بنِ أَبِي بُسْرٍ ‏(‏المَازِنِي‏)‏، نسبةً لمازِنَ بنِ منصورِ بنِ عِكْرِمَةَ بنِ حَفْصةَ بنِ قَيْسِ غَيْلانَ، فهوَ أيضاً بالمُوحَّدَةِ ثمَّ المهملةِ، صَحَابِيٌّ، وهوَ والِدُ عبدِ اللَّهِ الصحابيِّ أيضاً، ولم يذكُرْهُ ابنُ الصلاحِ فأصابَ؛ لأنَّهُ لا ذكْرَ لهُ في شيءٍ من الكتبِ الثلاثةِ، وإنْ رَقَّمَ عليهِ المِزِّيُّ علامةَ مسلمٍ، بحيثُ قَلَّدَهُ المُؤَلِّفُ فهوَ سَهْوٌ نَبَّهَ عليهِ المُصَنِّفُ في تَقْيِيدِهِ، وشيخُنا في ‏(‏مُخْتَصَرِ التهذيبِ‏)‏، بلْ ذكَرَ ابنُ الصلاحِ ولَدَهُ عبدَ اللَّهِ، وحديثُهُ في الصحيحيْنِ، ‏(‏و‏)‏ مثلُ بُسْرٍ ‏(‏ابنُ عَبَيدِ اللَّهِ‏)‏ الحَضْرَمِيُّ الشاميُّ، فهوَ أيضاً بالمُوحَّدَةِ والمهملةِ، تَابِعِيٌّ، ‏(‏و‏)‏ مثلُ بُسْرٍ ‏(‏ابنُ مِحْجَنِ‏)‏ بكسرِ الميمِ بعدَها حاءٌ مهملةٌ ثمَّ جيمٌ، ابنُ مِحْجَنٍ الدِّيلِيُّ، فهوَ أيضاً بالمُوحَّدَةِ والمهملةِ، تَابِعِيٌّ، وحَدِيثُهُ في ‏(‏المُوَطَّأِ‏)‏ خَاصَّةً دونَ الصحيحيْنِ، ‏(‏وفِيهِ خُلْفٌ‏)‏ فقالَ الثَّوْرِيُّ‏:‏ إنَّهُ بالشينِ المعجمةِ‏.‏ وكذا قالَ ابنُ عبدِ البرِّ‏:‏ إنَّ عبدَ اللَّهِ بنَ جَعْفَرٍ والِدَ عليِّ بنِ المَدِينِيِّ رواهُ بالمعجمةِ عنْ زَيدِ بنِ أسْلَمَ الراوي عنهُ، وقالَ الطَّحَاوِيُّ‏:‏ سَمِعْتُ إبراهيمَ البُرُلُّسِيَّ يقولُ‏:‏ أحمدُ بنُ صالحٍ بجامِعِ مِصْرَ يقولُ‏:‏ سَمِعْتُ جَماعةً مِنْ وَلَدِهِ ورَهْطِهِ لا يَخْتَلِفُ اثنانِ أنَّهُ بالمُعْجَمَةِ، لكنْ قالَ ابنُ الصلاحِ‏:‏ إِنَّ مالكاً والأكثرَ على الأولِ، بلْ قالَ الدَّارقُطْنِيُّ‏:‏ إنَّ الثَّوْرِيَّ رجَعَ عن الإعجامِ‏.‏ وذكَرَهُ ابنُ حِبَّانَ في الثقاتِ بالمهملةِ، وقالَ‏:‏ مَنْ قالَهُ بالمعجمةِ فقَدْ وَهِمَ‏.‏ ومَنْ عدا هؤلاء الثلاثةَ أو الأربعةَ مِمَّا في الكتبِ الثلاثةِ فهوَ بكسرِ المُوحَّدَةِ ثمَّ شينٍ مُعْجَمَةٍ، ولا تَشْتَبِهُ هذهِ الترجمةُ بأبي اليَسَرِ بمثنَّاةٍ تحتانيَّةٍ ثمَّ سِينٍ مُهْمَلَةٍ مَفتوحتيْنِ، المُخَرَّجِ حديثُهُ في مسلمٍ، واسمُهُ كعبُ بنُ عمرٍو الأنصاريُّ؛ لملازمةِ أداةِ التعريفِ لهُ غالباً، بخلافِ أهلِ القسميْنِ المذكوريْنِ‏.‏

ومنها بُشَيْرٌ ‏(‏وبُشَيْراً اعْجِمِ‏)‏ بالنقلِ أيْ‏:‏ أعْجِمْ بُشَيْراً ‏(‏في‏)‏ راويَيْنِ فَقَطْ‏:‏ بُشَيْرِ ‏(‏ابنِ يَسَارٍ‏)‏ فهوَ بمُوحَّدَةٍ ثمَّ مُعْجَمَةٍ الحارثيِّ المدنيِّ التابعيِّ، حَدِيثُهُ في الكتبِ الثلاثةِ، ‏(‏و‏)‏ بُشَيَرِ ‏(‏بنِ كَعْبٍ‏)‏ العدويِّ، وقيلَ‏:‏ العامريُّ البصريُّ التابعيُّ، المُخرَّجُ لهُ في الصحيحيْنِ جَزْماً فأعْجِمْ هذيْنِ، ‏(‏واضْمُمِ‏)‏ المُوحَّدَةَ منهما، بحيثُ يكونانِ مُصغَّرَيْنِ، وأمَّا مقاتلُ بنُ بُشَيْرٍ فهوَ وإنْ كانَ مِثْلَهما فلم يُخَرِّجْ لهُ أصحابُ الكتبِ الثلاثةِ، وإنْ زعَمَ صاحبُ ‏(‏الكمالِ‏)‏ أنَّ مسلماً أخرَجَ لهُ فهوَ وَهْمٌ، و‏(‏يُسَيْرٌ‏)‏ بالتحتانيَّةِ ثمَّ المهملةِ مُصغَّرٌ تابعِيٌّ، بلْ يُقالُ‏:‏ إِنَّ لهُ رُؤْيَةً‏.‏ حديثُهُ في الصحيحيْنِ، وهوَ مُخْتلَفٌ في اسمِ أبيهِ، فقيلَ‏:‏ إنَّهُ ‏(‏ابنُ عَمْرٍو‏)‏‏.‏ وهوَ الأكثرُ، أو ابنُ جابِرٍ، كما اختُلِفَ في اسمِهِ فقِيلَ كما تَقدَّمَ ‏(‏او‏)‏ بالنقْلِ، ‏(‏أُسَيْرُ‏)‏ بهمزةٍ بَدَلَ التحتانِيَّةِ، قالَ ابنُ المَدِينِيِّ‏:‏ أهلُ البصرةِ يقولونَ‏:‏ أُسَيْرُ بنُ جَابِرٍ‏.‏ وأهلُ الُكوفةِ يقولونَ‏:‏ أُسَيْرُ بنُ عَمرٍو‏.‏ وقالَ بَعْضُهم‏:‏ يُسِيرُ بنُ عَمْرٍو‏.‏ ورَجَّحَ البخاريُّ كونَهُ أُسَيْرَ بنَ عَمْرٍو، وأشارَ إلى تَلْيِينِ قولِ مَنْ قالَ فيهِ‏:‏ ابنُ جَابِرٍ‏.‏ ‏(‏والنونُ‏)‏ بدَلَ التحتانيَّةِ ‏(‏في أَبِي‏)‏؛ أيْ‏:‏ والدِ ‏(‏قَطَنْ‏)‏ بفتحِ القافِ والطاءِ المهملةِ وآخرَهُ نونٌ ساكنةٌ للوزنِ، فاسمُهُ ‏(‏نُسَيْرُ‏)‏،

وهوَ قَطَنُ بنُ نُسَيْرٍ بَصْرِيٌّ، يُكَنَّى أبا عَبَّادٍ، حَدِيثُهُ عندَ مسلمٍ، وما عدا هؤلاءِ الأربعةَ مِمَّا في الكتبِ الثلاثةِ فبَشِيرٌ بفَتْحِ المُوَحَّدَةِ ثمَّ مُعْجَمَةٍ مكسورةٍ وهوَ الجادةُ، كبَشِيرِ بنِ أبي مَسْعودٍ الأنصاريِّ، وابنِ نَهِيكٍ السَّدُوسِيِّ، وابنِ المُهاجِرِ الغَنَويِّ وابنِ عُقْبةَ الناجي وابنِ سُلَيمانَ الكِنْدِيِّ‏.‏

‏(‏و‏)‏ مِنْهَا يَزِيدُ و ‏(‏جَدُّ عَلِي‏)‏ بسكونِ آخرِه للضرورةِ‏,‏ ‏(‏ابنِ هَاشِمٍ بَرِيدُ‏)‏ بفتحِ المُوَحَّدةِ ثم راءٍ مكسورةٍ وآخرَه دالٌ مهملةٌ، ويُنْسَبُ عَلِيٌّ لذلك البَرِيديِّ، يَرْوِي عن هِشَامِ بنِ عُروةَ‏,‏ وحديثُه في مسلمٍ‏,‏ ‏(‏وابنُ‏)‏ عبدِ اللهِ ‏(‏حَفِيدُ‏)‏ أبي مُوسَى ‏(‏الأشْعَرِي‏)‏ بالسكونِ للضرورةِ‏,‏ أي‏:‏ وَلَدُ وَلَدِه اسمُه ‏(‏بُرَيْدُ‏)‏ مُصغَّرٌ‏,‏ وهو بُرَيدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ أبي بُرْدَةَ بنِ أبي موسَى روَى له الشيخانِ، وأمَّا ما وقَعَ في البخاريِّ من حديثِ مَالِكِ بنِ الحُوَيرثِ في صفةِ صلاةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ من قولِه‏:‏ كصلاةِ شيخِنا أبي بُرَيْدِ عمرِو بنِ سَلِمَةَ- بكسرِ اللامِ- كما سيأتي‏,‏ فقد اختُلِفَ فيهِ‏,‏ فالأكثرُ بُرَيْدُ بالتصغيرِ؛ كحفيدِ أبي مُوسَى‏,‏ وهو الذي رواه أبو ذَرٍّ عن الحَمَويِّ‏,‏ عن الفَرَبْرِيِّ عن البخاريِّ، وكذلك ذكَرَه مسلمٌ في الكُنَى، ولكنَّ عامَّةَ رواةِ البخاريِّ قالوا‏:‏ يَزِيدُ كالجادةِ‏.‏ وقالَ عبدُ الغَنِيِّ‏:‏ إنَّه لم يَسْمَعْه من أحدٍ‏.‏ كذلك قالَ‏:‏ ومُسلِمٌ أعلَمُ‏,‏ ‏(‏ولهما‏)‏ أي‏:‏ للبخاريِّ ومسلمٍ فيمَن خَرَّجا له مِمَّا هو مُصاحبٌ للتعريفِ‏,‏ ‏(‏مُحمَّدُ بنُ عَرْعَرَهْ بنِ البِرِنْدِ‏)‏ الساميِّ‏,‏ بالمهملةِ نسبةً لسامةَ بنِ لُؤَيٍّ البَصْرِيِّ‏,‏ يَرْوِي عن شُعْبةَ ‏(‏فالأميرُ‏)‏ أبو نَصْرِ بنِ مَاكولا ‏(‏كَسَرَهْ‏)‏ أي‏:‏ قالَ فيه‏:‏ البِرِنْدُ‏.‏ بكسرِ المُوحَّدةِ والراءِ‏,‏ يعني وبعدَها نونٌ ثم دالٌ، ولم يَحْكِ غيرُه، لكنْ في كتابِ عُمدةِ المُحدِّثيِنَ وغيرِه أنَّه يَفْتَحُهما، وحَكَاهما أبو عَلِيِّ الجَيَّانِيُّ عن ابنِ الفَرَضِيِّ فقالَ‏:‏ إنَّه يقالُ بالفتحِ والكسرِ‏.‏ قال‏:‏ والأشهرُ الكسرُ‏.‏ وكذا قالَ القاضي عِياضٌ ثم ابنُ الصلاحِ‏:‏ إنَّه أشهرُ‏.‏ واقتصَرَ عليه الذَّهَبِيُّ ثم شيخُنا‏,‏ وما عدا مَن ذُكِرَ مِمَّا في الثلاثةِ فيَزِيدُ بفتحِ المُثنَّاةِ التحتانيَّةِ ثم زاءٍ مكسورةٍ‏,‏ وهو الجادةُ؛ كيَزِيدَ بنِ هارونَ‏.‏

‏(‏و‏)‏ منها البَرَاءُ و ‏(‏ذو كُنْيَةٍ بمَعْشَرٍ وبالعَالِيَهْ‏)‏ أي‏:‏ فأبو مَعْشَرٍ يوسُفُ بنُ يَزِيدَ، وأبو العاليةِ زيادُ بنُ فَيْرُوزَ أو كُلْثُومٌ أو غيرُ ذلك‏,‏ المُخَرَّجُ حَدِيثُهما في الصحيحيْنِ، كُلٌّ منها ‏(‏بِرَّاءٌ اشْدُدِ‏)‏ الراءَ منهما، قالَ ابنُ الصلاحِ‏:‏ والبَرَّاءُ الذي يَبْرِي العودَ‏,‏ يعني النُّشَّابَ وغيرَه‏,‏ ومَن عداهما مِمَّا في الثلاثةِ فالبَرَاءُ بالتخفيفِ‏.‏

‏(‏و‏)‏ منها حَارِثَةُ و ‏(‏بجِيمٍ‏)‏ وتَحتانيَّةٍ ‏(‏جَارِيَهْ ابنُ قُدَامَةٍ‏)‏ بالصرفِ للضرورةِ التَّميمِيُّ السعديُّ البَصْرِيُّ، صَحَابِيٌّ على ما حَقَّقَه شَيْخُنا، روَى عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ حديثَ‏:‏ ‏(‏لا تَغْضَبْ‏)‏، ولم تقَعْ روايتُه في شيءٍ من الكتبِ الثلاثةِ، نَعَمْ وقَعَ ذكْرُه في الفتنِ من البخاريِّ في أثناءِ قِصَّةٍ قالَ فيها‏:‏ فَلَمَّا كانَ يومُ حَرْقِ ابنِ الحَضْرَمِيِّ حِينَ حَرَقَه جَارِيَةُ بنُ قُدامَةَ ‏(‏كَذَاكَ وَالِدُ يَزِيدَ‏)‏ بنِ جَارِيَةَ الأنصاريُّ المَدَنِيُّ، مذكورٌ في ‏(‏المُوطَّأِ‏)‏‏,‏ بل عندَه‏,‏ وكذا البخاريُّ أيضاً من روايةِ القاسمِ بنِ محمدٍ عن عبدِ الرحمنِ ومُجَمِّعِ ابنَيْ يَزِيدَ بنِ جَارِيَةَ عن خَنْسَاءَ ابنةِ خُذَامٍ‏.‏

‏(‏قُلْتُ‏)‏‏:‏ كذا اقتصَرَ ابنُ الصلاحِ على هذيْنِ ‏(‏و‏)‏ فاتَه مِمَّن ضُبِطَ ‏(‏كَذَاكَ‏)‏ اثنانِ ‏(‏الأسودُ ابنُ العَلا‏)‏ بنُ جَارِيَةَ الثَّقفيُّ‏,‏ روَى له مسلمٌ في الحدودِ‏,‏ عن أبي سَلَمَةَ‏,‏ عن أبي هُرَيرةَ حَدِيثَ‏:‏ ‏(‏البِئْرُ جُبَارٌ‏)‏‏.‏ ‏(‏وابنُ أبي سُفْيانِ‏)‏ بنِ أَسِيدٍ، ككَبِيرٍ، ابنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ المَدَنِيُّ، حليفُ بَنِي زهرةَ، واسمُه ‏(‏عَمْرٌو‏)‏‏,‏ روَى له البخاريُّ ومسلمٌ عن أبي هريرةَ‏,‏ فالأوَّلُ‏:‏ قِصَّةُ قَتْلِ خُبَيْبٍ، والثاني‏:‏ حَدِيثُ‏:‏ ‏(‏لِكُلِّ نَبِيٍّ دعْوَةٌ يَدْعُو بِهَا‏)‏‏,‏ ‏(‏فجَدُّ ذا وذَا‏)‏ أي‏:‏ المذكورَيْنِ كما عُلِمَ ‏(‏سِيَّانِ‏)‏ بكسرِ السينِ المهملةِ وتشديدِ المُثنَّاةِ التحتانيَّةِ ثم نونٍ، تَثْنيةُ سِيّ أي‏:‏ مِثْلانِ؛ فإنَّ اسمَ كُلٍّ منهما جاريةُ‏,‏ غيرَ أنَّه لثانيهما خاصَّةً الجَدُّ الأعْلَى، على أنَّه وقَعَ في موضِعٍ آخرَ من البخاريِّ عمرُو بنُ أَسِيدِ بنِ جاريةَ، وما عَدَا المَذْكُورِينَ مِمَّا في الثلاثةِ فحَارِثةُ بالحاءِ المهملةِ والمُثلَّثَةِ‏.‏

‏(‏و‏)‏ منها حازِمٌ و ‏(‏مُحمَّدَ بنَ خَازِمٍ‏)‏ أبا مُعاويةَ الضَّرِيرِ ‏(‏لا تُهْمِلِ‏)‏ أي‏:‏ لا تُهْمِلِ ابنِ خَازِمٍ معَ إعجامِ خَائِه وهو فَرْدٌ في الكُتُبِ الثلاثةِ، وما عَداهُ مِمَّا فيها كأبِي حَازِمٍ الأعرجِ وجريرِ بنِ حَازِمٍ فالحاءُ فيه مُهملةٌ‏.‏

ومنها وهو عكسُ الترجمةِ قبلَها خِرَاشٌ و ‏(‏والدُ رِبْعِيٍّ‏)‏ بكسرِ المهملةِ ثم مُوحَّدَةٍ ساكنةٍ بعدَها عينٌ مهملةٌ‏,‏ وهو ‏(‏حِرَاشٌ اهْمِلِ‏)‏- بالنقلِ- الحاءَ منه‏,‏ وهو أيضاً فرْدٌ في الثلاثةِ‏,‏ وما عداه مِمَّا فيها كشِهَابِ بنِ خِرَاشٍ‏,‏ فالخاءُ فيه معجمةٌ، ولهم خِدَاشٌ بالمعجمةِ أيضاً، لكنْ بالدالِ المهملةِ بدَلَ الراءِ أدخَلَه ابنُ ماكولا في هذه الترجمةِ فقالَ الذَّهَبِيُّ‏:‏ إنَّه لا يُلْتَبَسُ‏.‏

ومنها جَرِيرٌ‏,‏ و ‏(‏كذا‏)‏ أي‏:‏ كوالدِ رِبْعِيٍّ في إهمالِ الحاءِ‏,‏ ‏(‏حَرِيزُ‏)‏ بدونِ تنوينٍ للوزنِ ككثيرٍ‏,‏ هو ابنُ عُثْمَانَ ‏(‏الرَّحَبِي‏)‏ بفتحِ المهملتيْنِ ثم مُوحَّدَةٍ، نِسْبةً إلى رَحَبةَ، بطْنٌ من حِمْيَرَ الحِمْصِيُّ‏,‏ روَى له البخاريُّ ‏(‏و‏)‏ أبو حَرِيزٍ ‏(‏كُنْيَهْ‏)‏ لعبدِ اللهِ بنِ الحُسَينِ الأزْدَيِّ البَصْرِيِّ قاضي سِجِسْتَانَ‏,‏ ‏(‏قَدْ عُلِّقَتْ‏)‏ روايتُه في البخاريِّ، وما عَدَاهما مِمَّا في الثلاثةِ فجَرِيرٌ بالجيمِ والرَّائيْنِ المُهملتيْنِ‏,‏ ‏(‏و‏)‏ لَهُمْ ‏(‏ابنُ حُدَيْرٍ‏)‏ بالحاءِ والدالِ المهملتيْنِ، مُصَغَّرٌ‏,‏ ‏(‏عِدَّهْ‏)‏ كعمرانَ روَى له مسلمٌ‏,‏ وزيدِ وزيادِ ابْنَيْ حُدَيرٍ‏,‏ لهما ذكرٌ خَاصَّةً في المغازي من صحيحِ البخاريِّ، ولكنَّه بعيدُ الاشتباهِ‏,‏ بل لا يُلْتَبَسُ‏,‏ كما قالَه الذَّهَبِيُّ في التي قبلَها؛ ولذا لم يَذْكُرْه في هذهِ أصلاً‏.‏

ومنها حُصَيْنٌ و ‏(‏حُضَيْنٌ اعْجِمَهُ‏)‏ معَ التصغيرِ وإهمالِ الحاءِ‏,‏ وهو ابنُ المُنذِرِ بنِ الحارثِ بنِ وعلةَ البصريُّ الرَّقاشِيُّ، يُكَنَّى أبا مُحمدٍ‏,‏ ولَقَبُه ‏(‏أبو سَاسَانَا‏)‏ بمهملتيْنِ وآخرَه نونٌ‏,‏ وهو تَابِعِيٌّ صَاحِبُ عَلِيٍّ، روَى له مسلمٌ، وقالَ أبو أحمدَ العسكريُّ‏:‏ لا أعرِفُ بالمعجمةِ غيرَه‏.‏ وغيرُ مَن ينتسِبُ إليه مِن وَلَدِه يعني كيحيَى بنِ حُضَيْنٍ الذي له خَبَرٌ معَ الفرزدقِ، وذكَرَه في شعرِه، وكذا قالَ المِزِّيُّ‏:‏ إنَّه لا يُعْرَفُ في رواةِ العلمِ من ضَادٍ معجمةٍ سِواهُ، فهو بلا خلافٍ بينَ أهلِ العلمِ فَرْدٌ، وما زعَمَه الأصيليُّ والقابسيُّ من حُفَّاظِ المغربِ مِمَّا حكاهُ صَاحِبُ ‏(‏المشارقِ‏)‏ وغيرُه مِن أنَّ الحُصَيْنَ بنَ محمدٍ الأنصاريَّ الذي في الصحيحيْنِ في قِصَّةِ عِتْبانَ بنِ مالكٍ من طريقِ ابنِ شهابٍ أنَّه سَألَه عن حديثِ محمودِ بنِ الربيعِ فصَدَّقَه بالضادِ المعجمةِ، زادَ القابِسِيُّ‏:‏ وليسَ في البخاريِّ كذلك غيرُه‏.‏ قالَ المِزِّيُّ‏:‏ إنَّه وَهْمٌ فاحِشٌ‏.‏ وكذا قالَ عِياضٌ‏:‏ إنَّ صوابَه كما للجماعةِ كالجادةِ‏.‏ ومِمَّن ردَّ على القابسيِّ من المغاربةِ أبو عليٍّ الجَيَّانِيُّ، وأبو الوليدِ الفَرَضِيُّ، وأبو القاسمِ السُّهَيلِيُّ وقالوا كلُّهم‏:‏ كانَ القابسيُّ يَهِمُ في هذا‏,‏ ‏(‏وافتَحْ أبَا حُصَيْنٍ‏)‏ معَ الإهمالِ لحرفَيْهِ‏,‏ ‏(‏اي‏)‏ بالنقْلِ المُسَمَّى

‏(‏عُثْمانَا‏)‏ ابنَ عَاصِمٍ الأسَدِيَّ‏,‏ بل قالَ أبو عَلِيٍّ الجَيَّانِيُّ‏:‏ لا أعلَمُ في الكتابيْنِ بفتحِ الحاءِ غيرَه، وحديثُه في الصحيحيْنِ، وما عَداهما فحُصَيْنٌ بالإهمالِ مُصغَّرٌ، وأمَّا وَالدُ أسيدِ بنِ حُضَيْنٍ وهو بالمهملةِ ثم المُعْجمةِ مُصَغَّرٌ، المُخرَّجُ له في الكتبِ الثلاثةِ فلا يُلْتَبَسُ في الغالبِ‏,‏ كأشباهِه مِما تقدَّمَ‏.‏

ومنها حَيَّانُ و ‏(‏كَذَاكَ‏)‏ أي‏:‏ افتَحْ معَ المُوحَّدَةِ المُشدَّدَةِ حَاءً‏,‏ ‏(‏حَبَّانُ بنُ مُنْقِذٍ‏)‏ بضمِّ الميمِ ثم نونٍ ساكنةٍ بعدَها قافٌ مكسورةٌ ثم دالٌ مُهْملَةٌ، ابنُ عَمْرٍو الأنصاريُّ الصحابيُّ المذكورُ في ‏(‏المُوطَّأِ‏)‏‏,‏ وأنَّه كانتْ عندَه امرأتانِ ‏(‏و‏)‏ افتَحْ أيضاً ‏(‏مِن وَلَدِهِ‏)‏ وهم ابنُه واسِعٌ المُخرَّجُ حَدِيثُه في الثلاثةِ، وحفيدُه حَبَّانُ بنُ وَاسِعٍ المُخرَّجُ له في مسلمٍ‏,‏ وابنُ عَمِّه محمدُ بنُ يَحْيَى بنُ حَبَّانَ بنِ مُنْقِذٍ المخرَّجُ له في الثلاثةِ‏,‏ ‏(‏و‏)‏ افتَحْ من غيرِ المذكورِينَ ‏(‏ابنُ هِلالٍ‏)‏ حَبَّانَ الباهِلِيُّ البصريُّ المُخَرَّجُ له في الصحيحيْنِ، ويقَعُ كثيراً غيرَ مَنْسوبٍ، وضابِطُ ذلك أنه كُلُّ ما كانَ في شيوخِ شيوخِهما حَبَّانُ غيرُ منسوبٍ فهو ابنُ هِلالٍ‏,‏ ‏(‏وَاكْسِرَنْ‏)‏ بالنونِ الخفيفةِ أيُّها الطالبُ ‏(‏ابنَ عَطِيَّةٍ‏)‏ بالتنوينِ‏,‏ فهو حِبَّانُ بكسرِ الحاءِ السلميُّ العلويُّ؛ لكونِه كانَ يُفَضِّلُ عَلِيًّا على عُثْمَانَ رضي اللهُ عنهما، المذكورُ في البخاريِّ في حديثِ سعدِ بنِ عُبَيدةَ قالَ‏:‏ تَنازَعَ أبو عبدِ الرحمنِ- يعني السلميَّ- وحِبَّانُ بنُ عَطِيَّةَ فقالَ أبو عبدِ الرحمنِ- وكانَ عُثْمانِيًّا يُفَضِّلُ عثمانَ على عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما- لحِبَّانَ‏:‏ لقد عَلِمْتُ الذي جَرَّأَ صَاحِبَكَ يعني عَلِيًّا على الدماءِ‏.‏ قالَ‏:‏ ما هو لا أبَا لَكَ‏؟‏ قالَ‏:‏ شيءٌ سَمِعْتُه يقولُه‏.‏ قالَ‏:‏ ما هو‏؟‏ قالَ‏:‏ بَعَثَنِي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فذكَرَ قِصَّةَ حَاطِبِ بنِ أَبِي بَلْتَعَةَ التي وافَقَه مسلمٌ على تخريجِها خَاصَّةً دونَ ما ذَكَرْناه، فالكسرُ فيه هو المُعْتَمَدُ الذي جزَمَ به ابنُ ماكولا والمَشارِقَةُ، وصَوَّبَه صاحِبَا المشارقِ والمطالعِ والجَيَّانِيُّ وحَكَوْا أنَّ بعضَ رواةِ أبي ذَرٍّ ضَبَطَه بفتحِ أوَّلِه ووهَّمُوه، وبالفتحِ ضَبَطَه ابنُ الفَرَضِيُّ‏,‏ بل قالَ المِزِّيُّ‏:‏ إنَّ الجَيَّانيَّ تَبِعَه‏.‏ لكنَّ الذي في تَقْيِيدِ المُهْمَلِ للجَيَّانِيِّ ما قَدَّمْتُه ‏(‏معَ ابنِ مُوسَى‏)‏ بنِ سَوَّارٍ‏,‏ فهو حِبَّانُ أبو محمدٍ السلميُّ المَرْوَزِيُّ أحَدُ شيوخِ الشيخيْنِ في صحيحَيْهما‏,‏ فالكسرُ فيه بالإجماعِ‏,‏ وهو حِبَّانُ الآتي غيرَ منسوبٍ عن عبدِ اللهِ بنِ المبُارَكِ‏,‏ ‏(‏و‏)‏ معَ ‏(‏مَن رمَى سَعْداً‏)‏ هو ابنُ معاذٍ الأنصاريُّ الأشْهَلِيُّ سَيِّدُ الأوسِ‏,‏ الذي اهتَزَّ عرشُ الرحمنِ له‏,‏ فهو حِبَّانُ بالكسرِ على المشهورِ‏,‏ بل الأصَحُّ ابنُ العَرِقَةِ‏,‏ كما وقَعَ في الصحيحَيْنِ من حديثِ عبدِ اللهِ بنِ نُمَيْرٍ‏,‏ عن هشامِ بنِ عُرْوةَ‏,‏ عن أبيهِ‏,‏ عن عائشةَ قالَتْ‏:‏ أُصِيبَ سعدٌ يومَ الخندقِ رَمَاهُ رجُلٌ من قريشٍ يُقالُ له‏:‏ حِبَّانُ بنُ العَرِقَةِ‏.‏ الحديثَ‏.‏ وقيلَ كما لابنِ عُقْبَةَ في ‏(‏المَغازِي‏)‏‏:‏ جبارٌ‏.‏ بالجيمِ‏,‏ وآخرَه رَاءٌ، والعَرِقَةُ أمُّه فيما قالَه أبو عُبَيدٍ القاسِمِ بنُ سَلاَّمٍ‏,‏ وهو بفتحِ العينِ وكسرِ الراءِ المهملتيْنِ ثم قافٍ على المشهورِ وهاءِ تَأْنِيثٍ، وحكَى ابنُ ماكولا عن الواقديِّ فتحَ الراءِ‏,‏ وأنَّ أهْلَ مكَّةَ يقولونَ ذلك، وصَحَّحَ ابنُ ماكولا الكسرَ، وقيلَ لها ذلك؛ لطيبِ رَائِحَتِها، واختُلِفَ في اسمِها‏,‏ فقِيلَ كما لابنِ الكلْبِيِّ‏:‏ قِلابَةُ- بكسرِ القافِ- ابنةُ سُعَيْدٍ، مُصَغَّرٌ ابنُ سَهْمٍ، وتُكَنَّى أمَّ فَاطمةَ، واسمُ وَالِدِ حِبَّانَ قَيْسٌ أو أبو قَيْسِ بنُ عَلْقَمةَ بنِ عبدِ مَنافِ بنِ الحارثِ بنِ مُنْقذِ بنِ عمرِو بنِ مَعِيصٍ بفتحِ الميمِ وكسرِ المهملةِ ثم تَحْتانِيَّةٍ سَاكِنَةٍ ثم مهملةٍ، ابنِ عَامِرِ بنِ لُؤَيٍّ، بل قيلَ‏:‏ إنَّ الذي رمَى سعداً هو أُبو أسامةَ الجُشَمِيُّ‏,‏ والصحيحُ أنَّه ابنُ العَرِقَةِ‏,‏ ‏(‏فـ‏)‏ بسببِ ذلك ‏(‏نَالَ بُؤْساً‏)‏ بضَمِّ المُوحَّدَةِ ثم واوٍ‏,‏ مهموزٌ‏,‏ وسينٍ مهملةٍ أي‏:‏ عذاباً شديداً، ولقَدْ قالَ له المرميُّ حينَ قالَ له الرامي‏:‏ خُذْها وأنا ابنُ العَرِقَةِ‏:‏ عَرَّقَ اللهُ وَجْهَكَ في النارِ‏.‏ وما عدَا مَن ذُكِرَ مِمَّا في الثلاثةِ فحَيَّانُ بفتحِ المهملةِ بعدَها مُثنَّاةٌ تَحْتانِيَّةٌ، وأما جَبَّارٌ بفتحِ الجيمِ وتشديدِ المُوحَّدَةِ وآخرَه راءٌ‏,‏ وهو ابنُ صَخْرٍ المذكورُ في صحيحِ مسلمٍ‏,‏ وخِيَارٌ بكسرِ المعجمةِ ثم مُثنَّاةٍ تَحتانيَّةٍ وآخرَه راءٌ‏,‏ وهو جَدُّ عُبَيدِ اللهِ بنِ عَدِيِّ بنِ الخِيَارِ المُخرَّجُ له في الصحيحيْنِ‏,‏ فقَدْ لا يَلْتَبِسُ أحدُهما بالآخرِ؛ لمصاحبةِ التعريفِ لثانيهما؛ ولأنَّ آخرَهما راءٌ‏,‏ والأولِ نونٌ‏.‏

ومنها حَبِيبٌ و ‏(‏خُبَيْباً اعْجِمْ‏)‏ أي‏:‏ أعْجَمْ خَاءَه ‏(‏في ابنِ عبدِ الرحمنْ‏)‏‏,‏ الأنصاريَّ المُخَرَّجَ حديثُه في الثلاثةِ‏,‏ فهو وَجَدُّه خُبَيبُ بنُ يَسَافٍ بالمعجمةِ والتصغيرِ، ويَرِدُ خُبَيْبٌ غيرَ مَنْسوبٍ في الصحيحيْنِ‏,‏ عن حفصِ بنِ عاصمٍ، وفي صحيحِ مسلمٍ وحْدَه عن عبدِ اللهِ بنِ محمدِ بنِ معنٍ‏,‏ وهو هذا ‏(‏و‏)‏ كذا الإعجامُ في ‏(‏ابنِ عَدِيٍّ‏)‏ خُبَيبٍ المذكورِ في البخاريِّ في حديثِ أبي هُرَيرةَ في سريةَ عاصمِ بنِ ثابتٍ الأنصاريِّ وقُتِلَ خُبَيْبٌ وهو القَائِلُ‏:‏

ولَسْتُ أُبالِي حِينَ أَقْتُلُ مُسْلِماً *** عَلَى أيِّ جَنْبٍ كَانَ للهِ مَصْرَعِي‏.‏

‏(‏وهْوَ‏)‏ أي‏:‏ خُبَيبٌ بالإعجامِ والتصغيرِ ‏(‏كُنْيَةٌ كانْ‏)‏ أي‏:‏ كانَ أبو خُبَيْبٍ كُنْيَةً ‏(‏لابنِ الزُّبَيْرِ‏)‏ عبدِ اللهِ‏,‏ كُنِّيَ باسمِ وَلَدِه خُبَيبٍ الذي لا ذكْرَ له في الثلاثةِ، وما عدا هؤلاءِ الثلاثةَ في الكتبِ الثلاثةِ فحَبِيبٌ بفتحِ المُهْملةِ ككَبِيرٍ‏.‏

ومنها رَبَاحُ ‏(‏ورِيَاحَ‏)‏ بالنصبِ مفعولٌ مُقدَّمٌ ‏(‏اكْسِرْ‏)‏ معَ الإتيانِ ‏(‏بيَا‏)‏ مُثنَّاهٍ تحتانيَّةٍ وبالقصرِ‏,‏ ‏(‏أبَا زِيَادٍ‏)‏ أي‏:‏ اكْسِرِ الراءَ من رِياحِ وَالِدِ زيادٍ القيسيِّ البصريِّ‏,‏ ويقالُ‏:‏ المَدَنِيُّ التابِعِيُّ المرويُّ له في مُسْلِمٍ حديثانِ، والمُكَنَّى عندَ الشيخيْنِ وابنِ أبي حَاتِمٍ والنسائيِّ وأبي أحمدَ الحاكمِ والدارقُطْنِيِّ وابنِ حِبَّانَ والخطيبِ وابنِ ماكولا وغيرِهم- بأبي قَيْسٍ‏,‏ بل وقَعَ مُكَنَّياً بها في المَغازِي من أصلِ صحيحِ مسلمٍ، وشَذَّ صاحِبُ الكمالِ‏,‏ وتَبِعَه المِزِّيُّ في تهذيبِه فكَنَّاه أبا رِياحٍ كاسمِ أبيهِ‏,‏ بل هو المُصَدَّرُ بهِ عندَ المِزِّيِّ‏,‏ ثم قالَ‏:‏ ويُقالُ‏:‏ أبو قَيْسٍ‏.‏ وهو مِمَّا أُخِذَ عليهما، والظاهرُ أنَّ صاحبَ ‏(‏الكمالِ‏)‏ انتقَلَ بَصَرُه إلى الراوي الآخرِ المشارِكِ له في اسمِه واسمِ أبيهِ‏,‏ فذاك هو المُكَنَّى بأبي رِيَاحٍ كاسمِ أبيهِ‏,‏ ولكنَّ القيسيَّ أقدَمُ وإنِ اندرَجَ الثاني في التابعِينَ؛ لرؤيتِه أنساً، ثم إنَّ ما تَقدَّمَ في ضبطِ وَالِدِ زيادٍ ‏(‏بخلافٍ‏)‏ فيه ‏(‏حُكِيَا‏)‏ عن تاريخِ البخاريِّ‏,‏ حيثُ ذكَرَ فيه معَ ما تَقدَّمَ فتحَ الراءِ والمُوحَّدَةِ أيضاً كالجادةِ، وحَكَى ثانيهما صاحِبُ المشارقِ عن ابنِ الجارودِ، ولكنَّ الأولَ هو قولُ الأكثرِينَ، وبهِ جزَمَ عبدُ الغنيِّ ثم ابنُ ماكولا، وما عَدَاهُ في الثلاثةِ فهو رَبَاحٌ بالفتحِ والمُوحَّدَةِ جزماً‏.‏

ومنها حكيمٌ ‏(‏واضْمُمْ حُكَيْماً في ابنِ عبدِ اللهِ‏)‏ بنِ قيسِ بنِ مَخْرَمَةَ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ بنِ عبدِ منافِ المُطَّلِبِيَّ القُرَشِيَّ التابعيَّ المُخرَّجَ له ثلاثةُ أحاديثَ في مسلمٍ‏,‏ فهو حُكَيمٌ بالضمِّ‏,‏ ‏(‏قد‏)‏ أي‏:‏ ليسَ في ضبطِه إِلاَّ الضمُّ حَسْبُ‏,‏ وهي بمعنى قَطُّ أيضاً، ويُسَمَّى الحُكَيْمُ بالتعريفِ أيضاً‏,‏ كما في بعضِ طُرُقِ حديثِه‏,‏ و ‏(‏كذا‏)‏ بالضمِّ ‏(‏رُزَيْقُ بنُ حُكَيمٍ‏)‏ أبو حُكَيْمٍ بالضمِّ أيضاً الأيْلِيُّ واليها لعُمَرَ بنِ عبدِ العزيزِ الذي روَى مَالِكٌ في الحدودِ من ‏(‏المُوطَّأ‏)‏ عنه أنَّ رَجُلاً يقالُ له‏:‏ مِصْباحُ‏.‏ فذكَرَ شيئاً، وله ذِكْرٌ في البخاريِّ في بابِ الجمعةِ في القُرَى والمُدنِ، قالَ يونُسُ ـ هو ابنُ يَزِيدَ الأيْلِيُّ ـ‏:‏ كَتَبَ رُزَيْقُ بنُ حُكَيْمٍ إلى ابنِ شِهَابٍ وأنا معَه يومَئذٍ بوادي القُرَى‏:‏ هل تَرَى أنْ أجمَعَ‏؟‏ ورُزَيْقُ يومَئذٍ على أَيْلَةَ‏.‏‏.‏‏.‏ فذكَرَ القِصَّةَ، وهو- أعني تصغيرَه وتصغيرَ أبيهِ- وكُنْيَتُه معَ تقديمِ الراءِ على الزاءِ فيه هو المشهورُ‏,‏ بل الصوابُ ‏,‏

كما قالَ عليُّ بنُ المَدِينِيِّ، وحكَى صَاحِبُ ‏(‏تَقْيِيدِ المُهْمَلِ‏)‏ عنه‏:‏ أنَّ ابنَ عُيَيْنَةَ كثيراً ما كانَ يقولُه بفتحِ الحاءِ، وكذا قيلَ في رُزَيْقٍ تقديم الزاءِ، وذكَرَه ابنُ حِبَّانَ كذلك‏,‏ ولكنَّه وَهِمَ‏,‏ ‏(‏و‏)‏ على المُعْتَمَدِ فيه وفي أبيهِ وكُنْيتِه فقَد ‏(‏انفرَدْ‏)‏؛ لأنَّه ليسَ في الرواةِ على هذه الهيئةِ سواه، بل لرُزَيْقِ ابنٌ اسمُه حُكَيْمٌ أيضاً كجَدِّه، وما عَداهما في الثلاثةِ فحَكِيمٌ بفتحِ المهملةِ وكَسْرِ الكافِ‏.‏

ومنها زُبَيْدُ ‏(‏وزُيَيْدٌ‏)‏ وهو بالمُثنَّاتيْنِ التحتانِيَّتيْنِ‏,‏ وآخرَه مهملةٌ ‏(‏ابنُ الصَّلْتِ‏)‏ بنِ مَعْدِيَكْرِبَ الكِنْدِيُّ التابعيُّ، والِدُ الصلتِ‏,‏ شيخُ مَالِكٍ المنفردُ عن الصحيحيْنِ بوقوعِ ذلك عندَه‏,‏ ‏(‏واضْمُمْ وَاكْسِرِ‏)‏ الزاءَ منه‏,‏ ففيهِ الوجهانِ، وزعَمَ ابنُ الحَذَّاءِ أنَّه كانَ قاضِيَ المدينةِ في زمنِ هشامِ بنِ عبدِ الملكِ‏,‏ وهو بعيدٌ، قالَ شيخُنا‏:‏ وأظُنُّ ذلك وَلَدَه الصَّلْتَ‏.‏ وجَزَمَ شيخُه المُصَنِّفُ بتوهيمِ ابنِ الحَذَّاءِ في ذلك‏,‏ وبكونِ الصَّلْتِ هو القَاضِيَ‏,‏ وما عداه في الثلاثةِ فزُبَيْدٌ بالضمِّ والمُوحَّدَةِ‏.‏

ومنها سَلِيمٌ ‏(‏وفي ابنِ حَيَّانَ‏)‏ بفتحِ المهملةِ وتشديدِ المثنَّاةِ التحتانيَّةِ ابنِ بِسْطامَ الهَدْلِيِّ البصريِّ ‏(‏سَلِيمٍ‏)‏ المُخرَّجِ له في الصحيحيْنِ ‏(‏كَبِّرِ‏)‏ خَاصَّةً‏,‏ وصَغِّرْ ما عَداهُ مِمَّا فيها‏.‏

ومنها شُرَيْحٌ ‏(‏وابنُ أَبِي سُرَيْجٍ‏)‏ واسمُه ‏(‏احْمَدُ‏)‏ بنُ عمرَ بنِ أبي سُرَيْجٍ الصبَّاحُ‏,‏ مِمَّنَ روَى عنه البخاريُّ في صحيحِه ‏(‏ائْتَسَا‏)‏ أي‏:‏ له أُسوةٌ ‏(‏بـ‏)‏ سُريج ٍ‏(‏وَلَدِ النُّعْمانِ‏)‏ بنِ مرْوانَ الجَوْهريِّ اللُّؤْلؤيِّ البغداديِّ الذي روَى عنه البخاريُّ أيضاً‏,‏ بل ذكَرَ الجَيَّانيُّ مما انفرَدَ به أنَّ مسلماً روَى عن رَجُلٍ عنه ‏(‏و‏)‏ بسُرَيجٍ ‏(‏ابنِ يُونُسَا‏)‏ بتثليثِ النونِ معَ الهمزِ وتَرْكِه‏,‏ والفصيحُ الضمُّ بلا هَمْزٍ‏,‏ ابنِ إبراهيمَ البغداديِّ المُخَرَّجِ حديثُه في الصحيحيْنِ، واختُصَّ مسلمٌ عن البخاريِّ بالسماعِ منه في كونِه مضبوطاً كهما بضَمِّ السينِ المهملةِ وآخرَه جيمٌ، وما عدا الثلاثةَ مِمَّا في الثلاثةِ فشُرَيْحٌ بالمعجمةِ‏,‏ أوَّلَه وآخرَه مهملةٌ‏.‏

ومنها سَلِمَةُ و ‏(‏عَمْرٌو‏)‏ الجَرْمِيُّ إمامُ قومِه حالَ صِغَرِه في عهدِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ والمُخْتَلَفُ في صُحبتِه ‏(‏معَ القبيلةِ‏)‏‏,‏ التي هو الواحدةُ من قبائلِ العربِ الذينَ هم بَنُو أبٍ واحدٍ في الأنصارِ‏,‏ ‏(‏ابنُ سَلِمهْ‏)‏ أي‏:‏ أنَّ أبا كُلٍّ من عمرٍو والقبيلةِ سَلِمَةُ بكسرِ اللامِ‏,‏ ‏(‏واخْتَرْ‏)‏ كُلاًّ من الكسرِ والفتحِ ‏(‏بعبدِ‏)‏ أي‏:‏ في عبدِ ‏(‏الخالقِ بنِ سَلِمَهْ‏)‏ الشَّيبانيِّ المصريِّ أحدِ مَن أخرَجَ له مسلمٌ حديثَ قُدومِ وفْدِ عبدِ القيسِ فيهما‏,‏ ضَبَطَه ابنُ ماكولا؛ لأنَّ يَزِيدَ بنَ هارونَ قالَه بالفتحِ‏,‏ وابنُ عُلَيَّةَ بالكسرِ‏,‏ وهما ضَابطانِ، وما عَدا ذلكَ في الثلاثةِ فبالفتحِ خاصة‏.‏

ومنها عُبَيْدَةُ و ‏(‏وَالِدُ عَامِرٍ‏)‏ الباهليُّ البصْرِيُّ قَاضِيها‏,‏ التابعيُّ المذكورُ في البخاريِّ في جملةِ مَن شَاهَدَه مُعاويةُ بنُ عبدِ الكريمِ‏,‏ القُرَشِيُّ الضالُّ يُجِيزُ كُتُبَ القضاةِ بغيرِ مَحْضَرٍ من الشهودِ‏,‏ و‏(‏كذا‏)‏ ابنُ عمرٍو أو ابنُ قَيْسِ بنِ عَمْرٍو ‏(‏السَّلْمَانِي‏)‏ بسكونِ اللامِ أو فتحِها‏,‏ وهو الذي لأصحابِ الحديثِ‏,‏ نسبةً إلى سَلْمانَ، بَطْنٌ من مُرادٍ‏,‏ وهو ابنُ يَشْكُرَ بنِ نَاجِيَةَ بنِ مُرادٍ التابعيُّ المُخَضْرَمُ المخرَّجُ له في الصحيحيْنِ‏,‏ ‏(‏و‏)‏ كذا ‏(‏ابنُ حُمَيْدٍ‏)‏ هو ابنُ صُهَيبٍ الكوفيُّ المعروفُ بالحَذَّاءِ، المُخرَّجُ له في البخاريِّ ‏(‏و‏)‏ كذا ‏(‏وَلَدْ‏)‏ بإسكانِ الدالِ للوزنِ‏,‏ ‏(‏سُفْيَانِ‏)‏ بنِ الحارثِ بنِ الحَضْرَمِيُّ المَدَنِيُّ التابِعِيُّ المُخَرَّجُ له في ‏(‏المُوَطَّأِ‏)‏ ومسلمٍ حديثُ أبي هُرَيرةَ في تحريمِ كلِّ ذِي نابٍ من السِّباعِ‏,‏ ‏(‏كُلُّهمُ‏)‏ بضمِّ الميمِ ‏(‏عَبِيدةٌ‏)‏ بالتنوينِ للضرورةِ وبالفتحِ ‏(‏مُكَبَّرٌ‏)‏‏,‏ وما عدا هؤلاءِ الأربعةَ في الثلاثةِ فبالتصغيرِ، وما حكاه الحُمَيديُّ عن البخاريِّ من كونِ عَبِيدةَ بنِ سعيدِ بنِ العاصِ الواقِعِ ببدرٍ في المغازي مِن صحيحِ البخاريِّ مِن حديثِ هشامِ بنِ عُروةَ‏,‏ عن أبيهِ قالَ‏:‏ قالَ الزُّبَيرُ‏:‏ لَقِيتُ يومَ بدرٍ عَبِيدَةَ‏.‏ بالفتحِ؛ فوَهِمَ، فالذي ذكَرَه صاحبُ ‏(‏المشارقِ‏)‏ عن البخاريِّ الضمَّ كالجادة‏,‏ وهو المعروفُ‏.‏

ومنها عُبَيْدٌ بدونِ هاءِ تأنيثٍ فبالفتحِ جماعةٌ في الجملةِ ‏(‏لكنْ عُبَيْدٌ عندَهم‏)‏ أي الثلاثةِ حيثُ ما وقَعَ بالضمِّ ‏(‏مُصَغَّرُ‏)‏ كما قالَه صاحِبُ ‏(‏المشارقِ‏)‏ ثم ابنُ الصلاحِ‏,‏ وليسَ عندَهم مِمَّن هو بالفتحِ أحَدٌ‏.‏

ومنها عَبادَةٌ ‏(‏وافتَحْ عَبَادَةً‏)‏ بالتنوينِ للضرورةِ‏,‏ ‏(‏أبا‏)‏ أي‏:‏ والِدَ ‏(‏محمَّدِ‏)‏ الواسطيَّ شيخَ البخاريِّ، وما عَداهَ في الثلاثةِ فبالضَمِّ‏.‏

ومنها وهو عكسُه عُبادٌ ‏(‏واضْمُمْ‏)‏ معَ التخفيفِ ‏(‏أبَا‏)‏ أي‏:‏ والِدَ ‏(‏قَيسٍ‏)‏ القَيْسِيَّ الضُّبَعيَّ البَصْرِيَّ المُخرَّجَ حديثُه في الصحيحيْنِ ‏(‏عَبَاداً‏)‏ و ‏(‏أفْرِدِ‏)‏ المذكورَ عن سائرِ مَن في الكتبِ الثلاثةِ بذلك؛ إذْ ما عَداهُ فيها فبالفتحِ والتشديدِ، وأمَّا ما وقَعَ عندَ أبي عبدِ اللهِ محمدِ بنِ مُطَرِّفِ بنِ المرابطِ في ‏(‏المُوَطَّأِ‏)‏ من عُبادِ بنِ الوليدِ بنِ عُبادَةَ فقالَ صَاحِبُ ‏(‏المشارقِ‏)‏ بعدَ حكايتِه‏:‏ إنَّه خَطَأٌ‏,‏ وإنَّما هو عُبَادَةُ بهاءِ التأنيثِ كجَدِّه‏.‏

ومنها عَبَدَةَ ‏(‏وعَامِرٌ‏)‏ أبو إياسٍ الكوفيُّ البَجَلِيُّ، نسبةً إلى بَجِيلةَ، حَيٌّ من اليَمَنِ المُخَرَّجُ له في مُقدِّمةِ مسلمٍ‏,‏ عن ابنِ مَسْعودٍ قولُه‏:‏ ‏(‏إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَتَمَثَّلُ فِي صُورَةِ الرَّجُلِ فيَأْتِي الْقَوْمُ فيُحَدِّثُهُمْ‏)‏ الحديثَ‏.‏

و‏(‏بَجَالةُ‏)‏ بفتحِ المُوحَّدَةِ والجيمِ التميميُّ العنبريُّ البصْرِيُّ المَرْوِيُّ له في الجِزْيةِ من البخاريِّ قولُه‏:‏ ‏(‏كُنْتُ كَاتِباً لجزءِ بنِ مُعاويةَ‏,‏ فجَاءَنَا كتابُ عُمَرَ قَبْلَ موتِه بسنةٍ‏)‏ الحديثَ‏.‏

‏(‏ابنُ عَبَدهْ كُلٌّ‏)‏ أي‏:‏ كلٌّ من المذكورِينَ اسمُ أبيهِ عَبَدَةُ بفتحتيْنِ‏,‏ كما ذَكَرَه في الأولِ ابنُ المدينيِّ وأحمدُ والجَيَّانِيُّ والتَّمِيمِيُّ والصَّدَفِيُّ وابنُ الحَذَّاءِ وبهِ صَدَّرَ الدارقطنيُّ وابنُ ماكولا كلامَهما، وفي الثاني الدارقطنيُّ وابنُ ماكولا والجَيَّانِيُّ‏,‏ وحكاه صاحبُ ‏(‏المشارقِ‏)‏ عن تاريخِ البخاريِّ وأصحابِ الضبْطِ‏,‏ ‏(‏وبَعْضٌ‏)‏ من المُحدِّثِينَ ‏(‏بالسكونِ‏)‏ في كلِّ واحدٍ من الاسميْنِ ‏(‏قَيَّدَهْ‏)‏‏,‏ فحكاه في الأولِ عَبَّاسٌ الدوريُّ عن ابنِ مَعِينٍ، وكذا حَكَاهُ فيه بعدَ البداءةِ بما تقدَّمَ كلٌّ من الدَّارَقُطْنِيُّ وابنُ ماكولا، بل حَكَى صاحِبُ ‏(‏المشارقِ‏)‏ عن بعضِ شيوخِه ‏"‏عَبْدٌ‏"‏ بدونِ هاءٍ، قالَ‏:‏ وهو وَهْمٌ‏.‏ وكذا وقَعَ في بعضِ النسخِ من الكُنَى للنَّسائيِّ عبدُ اللهِ، والذي في عِدَّةِ نُسَخٍ على الصوابِ، وحَكَاهُ في الثاني صاحِبُ ‏(‏المشارقِ‏)‏ عن البخاريِّ أيضاً‏,‏ وأنَّه يُقالُ فيه أيضاً‏:‏ عَبْدٌ‏.‏ بدونِ هاءٍ، ولكنْ لم يَتعرَّضْ شيخُنا في المُشْتَبِه تَبَعاً لأصلِه لحكايةِ الخلافِ في الثاني‏,‏ وما عَدَاهما في الكتبِ الثلاثةِ فعَبْدَةُ بالسكونِ ويَشْتَبِهُ مِمَّنْ بالسكونِ عامِرُ بنُ عَبْدَةَ شَيْخٌ لأبي أسامةَ؛ لموافقتِه لأولِ المفتوحيْنِ في الاسمِ، وصورةُ اسمِ الأبِ، ولكنْ لا روايةَ لهذا في الثلاثةِ‏,‏ بل ولا في سائرِ السِّتَّةِ، قالَ المُصنِّفُ‏:‏ وقولُ الذَّهَبِيِّ في المُشْتَبِه عنه‏:‏ إنَّه يَشْتَبِهُ بعامرِ بنِ عَبْدَةَ الباهليِّ‏.‏ وَهْمٌ، فالباهليُّ إنَّما هو ابنُ عُبَيدةَ بزيادةِ مُثنَّاةٍ تحتانيَّةٍ بعدَ المُوحَّدَةِ كما تَقدَّمَ في أثناءِ هذه الضوابطِ‏.‏ انتهَى‏.‏ والذي في المُشْتَبِه لشيخِنا تبعاً لأصلِه، وأمَّا الباهِلِيُّ عامرُ بنُ عبيدةَ الذي في طَبَقَةِ مسعرٍ‏,‏ فهو بالكسرِ وزيادةِ يَاءٍ‏.‏

ومنها عُقَيْلٌ و ‏(‏عُقَيْلٌ‏)‏ بضَمِّ العينِ مُصَغَّراً ‏(‏القَبِيلُ‏)‏ أي‏:‏ القبيلةُ المعروفةُ المذكورةُ في حديثِ عِمْرانَ بنِ حُصَيْنٍ عندَ مسلمٍ حَيْثُ‏:‏ ‏(‏كانَتْ ثَقِيفُ حِلْفاً لبَنِي عُقَيْلٍ‏)‏ ثم ذكَرَ حديثَ العَضْبَاءِ وأنَّها كانتْ لرجُلٍ من بَنِي عُقَيلٍ‏,‏ ‏(‏و‏)‏ كذا عُقَيْلُ ‏(‏ابنُ خَالِدِ‏)‏ الأيْلِيُّ المُخرَّجُ له في الصحيحيْنِ، و‏(‏كذا أبو‏)‏ أي‏:‏ والِدُ ‏(‏يَحْيَى‏)‏ الخزاعيُّ البصْرِيُّ المُخرَّجُ له في مسلمٍ، ومَن عَدَا الثلاثةَ في الثلاثةِ فعَقِيلٌ بالفتحِ مُكَبَّرٌ‏.‏

ومنها وَاقِدٌ ‏(‏وقافُ وَاقِدِ لهم‏)‏ أي‏:‏ للثلاثةِ‏:‏ ليسَ عندَهم أحَدٌ مِمَّن هو بالفاءِ كما قالَه صاحِبُ ‏(‏المشارقِ‏)‏ وتَبِعَه ابنُ الصلاحِ‏.‏

ومنها الأيْلِيُّ و ‏(‏كذا‏)‏ لهم ‏(‏الأيْلِيُّ‏)‏ بفتحِ الهمزةِ وسُكونِ المُثنَّاةِ التحتانيَّةِ، نسبةً إلى أيْلَةَ التي على بَحْرِ القُلْزُمِ ‏(‏لا الأُبُلِّي‏)‏ بضمِّ الهمزةِ والمُوحَّدَةِ ثم لامٍ مشدَّدةٍ نسبةً إلى الأُبُلَّةِ بالقربِ من البصرةِ فليسَ فيها- كما قالَ صاحِبُ ‏(‏المشارقِ‏)‏- أحَدٌ وقَعَ منسوباً كذلك، ولكنْ ‏(‏قالَ‏)‏ ابنُ الصلاحِ‏:‏ ‏(‏سِوَى شَيْبانَ‏)‏ بنِ فَرَّوخٍ شَيْخِ مسلمٍ‏,‏

فهو أُبُلِّيٌّ، قالَ‏:‏ لكنْ إذا لم يَكُنْ في شيءٍ من ذلك مَنْسوباً لم يَلْحَقْ صاحِبَ ‏(‏المشارقِ‏)‏ منه تَخْطِئَةٌ‏.‏

ومنها البَزَّارُ ‏(‏والرَّا‏)‏ المهملةَ التاليةَ للزاءِ المعجمةِ وبالقصرِ للوزنِ ‏(‏فاجْعَلِ بَزَّاراً‏)‏ بها، اسمٌ لمَن يُخْرِجُ الدُّهْنَ من البَزْرِ ويَبِيعُه‏,‏ ‏(‏وانْسُبْ‏)‏ كذلك ‏(‏ابنَ صَبَّاحٍ‏)‏ المُسَمَّى ‏(‏حَسَنْ‏)‏ أحدَ شيوخِ البخاريِّ‏,‏ ‏(‏و‏)‏ كذا انسُبْ ‏(‏ابنَ هِشَامٍ‏)‏ المقرئَ المُسَمَّى ‏(‏خَلَفاً‏)‏ بفتحِ المعجمةِ واللامِ‏,‏ بعدَها فاءٌ‏,‏ من شيوخِ مسلمٍ، قالَ ابنُ الصلاحِ‏:‏ ولا نعلَمُ في الصحيحيْنِ بالراءِ المهملةِ غيرَهما‏,‏ يعني مِمَّن يقَعُ منسوباً‏,‏ وإلاَّ فيحيى بنُ مُحمدِ بنِ السَّكَنِ أحَدُ شيوخِ البخاريِّ، وبشرُ بنُ ثابتٍ الذي استشهَدَ به البخاريُّ، قد نُسِبَا كذلك، ولكنْ لم يَقَعا في البخاريِّ مَنسوبَيْنِ، وما عدا المَذْكورِينَ في الصحيحيْنِ فبالزَّائَيْنِ المنقوطتَيْنِ‏.‏

ومنها في الأنسابِ البصريُّ ‏(‏ثم انْسُبَنْ‏)‏ بتخفيفِ النونِ ‏(‏بالنونِ‏)‏ معَ الصادِ المهملةِ ‏(‏سَالِماً‏)‏ هو ابنُ عبدِ اللهِ أبو عبدِ اللهِ أحدُ التابعِينَ المُخرَّجُ له في مُسلمٍ‏,‏ ‏(‏وعبدَ الواحدِ‏)‏ هو ابنُ عبدِ اللهِ بنِ كعبٍ المُخَرَّجُ له في البخاريِّ حديثُه عن واثلةَ في أعظمِ الفِرَى‏,‏ ‏(‏ومَالِكَ بنَ الأَوْسِ‏)‏ بنَ الحدثانِ بنِ سعدِ بنِ يَرْبوعَ‏,‏ المُخَضْرَمَ المُختلَفَ في صُحبتِه والمُخَرَّجَ حديثُه في الثلاثةِ‏,‏ فكلٌّ منهم انسُبْه ‏(‏نَصْرِيًّا‏)‏ نسبةً إلى أبي القَبيلةِ نصرِ بنِ مُعاويةَ بنِ بَكْرِ بنِ هَوزانَ، حَسْبَما ‏(‏يَرِدْ‏)‏ في الروايةِ، وأوسُ بنُ الحدثانِ الصحابيُّ والِدُ مَالِكٍ المذكورُ وإنْ كانَ نَصْرِيًّا‏,‏ ووقَعَ ذِكْرُه في الصيامِ من ‏(‏صحيحِ مسلمٍ‏)‏ فهو غيرُ منسوبٍ‏,‏ والأولُ من هؤلاءِ الثلاثةِ مولًى للثالثِ، وما عَداَهم في الثلاثةِ فبَصْرِيٌّ بالمُوحَّدَةِ المثلثَّةِ، والكسرُ أصَحُّها‏,‏ كما تَقدَّمَ في معرفةِ الصحابةِ‏.‏

ومنها الثوريُّ و ‏(‏التَّوْزِيُّ‏)‏ بفتحِ المثنَّاةِ الفوقانيَّةِ والواوِ المشدَّدةِ على المعتمدِ ثم زاءٍ مكسورةٍ نسبةً إلى تَوْزٍ، ويقالُ بجِيمٍ بدَلَ الزاءِ، بَلْدَةٌ بفارسَ هو ‏(‏محمدُ بنُ الصلتِ‏)‏ أبو يَعْلَى البصريُّ المشهورُ الذي رَوَى عنه البخاريُّ في الرِّدَّةِ حديثَ العُرَنِيِّينَ؛ لكونِ أصلِه منها وما عَدَاهُ فبالمثلثَّةِ والواوِ الساكنةِ ثم راءٍ، ومنهم مِمَّا هو في الصحيحيْنِ أبو يَعْلَى، مُنْذِرُ بنُ يَعْلَى‏,‏ ويَشتَدُّ التباسُه بالأولِ؛ لاشتراكِهما في الكُنيةِ، وفي صورةِ النسبةِ‏,‏ لا سِيَّما إن جاءَ غيرَ مُسَمًّى‏.‏

ومنها الحريرِيُّ ‏(‏وفي الجُرَيْرِي‏)‏ بسكونِ آخرِه ‏(‏ضَمُّ جيمٍ‏)‏ منه‏,‏ مُصغَّرٌ، نسبةً لجُرَيْرِ بنِ عُبَادٍ بضمِّ العينِ، وتخفيفِ الموحَّدَةِ‏,‏ ‏(‏يأتي‏)‏ في الصحيحيْنِ ‏(‏في اثنيْنِ‏)‏ فقَطْ من البَصْرِيِّينَ في ‏(‏عَبَّاسٍ‏)‏ هو ابنُ فَرَّوخٍ أبو مُحمَّدٍ، وفي ‏(‏سعيدٍ‏)‏ هو ابنُ إِيَاسٍ أبو مسعودٍ المُخرَّجُ حديثُ كُلٍّ منهما في الصحيحيْنِ، ويرد ثانيهما مقتصراً على النسبة منه في مسلم من روايته عن أبي نضرة عن حَيَّانَ بنِ عُمَيرٍ وغيرِهما، وأمَّا حَيَّانُ هذا وأبانُ بنُ تَغْلِبَ فهما وإنْ نُسِبَا كذلك‏,‏ وخَرَّجَ لهما مسلمٌ فلم يَرِدْ واحدٌ منهما فيه مَنْسوباً‏,‏ ‏(‏وبِحَا‏)‏ مهملةٍ معَ القصرِ ‏(‏يَحْيَى بنِ بِشْرِ‏)‏ هو ابنُ كثيرٍ أبو زَكَرِيَّا الأسَدِيُّ الكُوفِيُّ ‏(‏الحَرِيرِي‏)‏ بكسونِ آخرِه أيضاً‏,‏ ‏(‏فُتِحَا‏)‏ أي‏:‏ الحاءُ منه‏,‏ وهو مِمَّن انفَرَدَ مسلمٌ بالروايةِ عنه، وقولُ ابنِ الصلاحِ‏:‏ إِنَّه شيخُ البخاريِّ‏.‏ أيضاً قَلَّدَ فيه عِياضاً،

وهو قَلَّدَ شيخَه الجَيَّانِيَّ في تقييدِه، وسَبَقَهم الحاكمُ والكلاباذيُّ خَطَّأَ، فشيخُ البخاريِّ إنَّما هو البَلْخِيُّ الفلاسُ الزاهدُ، وقد فرَّقَ بينَهما ابنُ أبي حاتمٍ والخطيبُ ثم المِزِّيُّ وشيخُنا وآخَرُونَ، ولهم يَحْيَى بنُ أيُّوبَ الجَرِيرِيُّ بفتحِ الجيمِ وكسرِ الراءِ نسبةً لجَدِّه جَرِيرٍ البَجَلِيِّ‏,‏ وهو إنْ استشهَدَ به البخاريُّ في أولِ كتابِ الأدبِ من صحيحِه‏,‏ فلم يقَعْ مَنْسوباً‏.‏

ومنها الحِزَامِيُّ ‏(‏وانسُبْ حِزَامِيًّا‏)‏ بكسرِ الحاءِ المهملةِ وبالزاءِ المنقوطةِ‏,‏ كُلُّ مَن في الكتبِ الثلاثةِ وهو إنْ عَمَّمَه، ابنُ الصلاحِ فذَاكَ‏,‏ ‏(‏سِوَى مَن أبْهَمَا‏)‏ اسمُه في حديثِ أبي اليُسْرِ من صحيحِ مسلمٍ‏,‏ واقتَصَرَ فيه على قولِه‏:‏ ‏(‏كانَ لي علَى فلانِ بنِ فلانٍ الحَرَاميِّ‏)‏‏,‏ ‏(‏فاخْتَلَفوا‏)‏ في ضَبْطِه، فالأكثرُ- كما قالَ عياضٌ- ضَبَطوه بفتحِ الحاءِ والراءِ المهملتيْنِ، والطَّبَرِيُّ بكسرِها وبالزايِ، وابنُ ماهانَ بجيمٍ مَضْمومةٍ وذَالٍ معجمةٍ، ولكن اعتذَرَ ابنُ الصلاحِ في حاشيةٍ أملاها على كتابِه عن عَدَمِ ذكْرِه‏,‏ بأنَّه إنَّما ذكَرَ في هذا الفصلِ مَن وقَعَ في أنسابِ الرواةِ دونَ مَن ليسَ له إلاَّ مُجرَّدُ ذِكْرٍ، وليسَ كذلك، وإنْ تَبِعَه النوويُّ عليه في ‏(‏الإرشادِ‏)‏، معَ أنَّه قد استثناهُ في مُقدِّمةِ شرحِ مسلمٍ، نعم عَدَّ الجَيَّانِيُّ في هذا القسمِ مَن يُنْسَبُ إلى بَنِي حَرَامٍ من الأنصارِ، وتَوَقَّفَ المُصنِّفُ في ذلك؛ لأنَّه لا يُعْلَمُ في الصحيحيْنِ وُرُودُ أحدٍ منهم منسوباً، وكذا ذكَرَ عياضٌ- فيمَن يَشْتَبِهِ بهذه الترجمةِ- فَرْوَةَ بنَ نَعامَةَ الجُذامِيَّ بضمِّ الجيمِ وبالذالِ المعجمةِ، الذي أهْدَى للنبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بغلةً‏,‏ وهو بعيدُ الالتباسِ‏.‏

ومنها الحَارِثِيُّ ‏(‏والحَارِثِيُّ‏)‏ بالحاءِ وكسرِ الراءِ المهملتيْنِ بعدَها مُثلَّثَةٌ‏,‏ ‏(‏لهما‏)‏ أي‏:‏ للبخاريِّ ومسلمٍ‏,‏ ليسَ فيهما غيرُ ذلك‏,‏ ‏(‏وسعدٌ‏)‏ هو ابنُ نَوْفلٍ أبو عَبْدِ اللهِ ‏(‏الجارِي‏)‏ بجيمٍ ثم ياءِ نِسْبَةٍ بعدَ الراءِ مَوْلَى عمرَ بنِ الخَطَّابِ وعَامِلُه على الجارِ مَرْفَأِ السفُنِ بساحلِ المدينةِ النبويَّةِ فيما قالَه ابنُ الصلاحِ، ونحوُه قولُ شيخِنا‏:‏ هو ساحلٌ المدينةِ‏.‏ وسبَقَه ابنُ الأثيرِ تبعاً لأصلِه فقالَ‏:‏ بُلَيْدَةٌ على الساحلِ بقُرْبِ المدينةِ، وحِينَئذٍ فيُحْمَلُ قولِ الذَّهَبِيِّ‏:‏ إنَّه مَوْضِعٌ بالمدينةِ‏.‏ عليه للمَوْطَّأِ ‏(‏فقط‏)‏ من روايةِ مالكٍ عن زيدِ بنِ أسلَمَ عنه‏.‏

ومنها هَمْدانُ ‏(‏وفي النَّسَبْ‏)‏ إلى القبيلةِ ‏(‏هَمْدَانُ‏)‏ بإسكانِ الميمِ وإهمالِ الدالِ‏,‏ ومنهم أبو أحمدَ مَرَّارٌ بمهملتيْنِ كعَبَّادٍ، ابنُ حَمُّويَةَ الثَّقَفِيُّ الذي روَى عنه البخاريُّ مُقْتصِراً على كُنيتِه لم يَنْسُبْه في جميعِ الرواياتِ‏,‏ بل ولا سَمَّاه في أكثرِها، إنَّما قالَ في الشروطِ‏:‏ ثَنَا أبو أحمدَ، ثنا أبو غَسَّانَ محمدُ بنُ يَحْيَى‏.‏ ولذا اختُلِفَ في تعيينِه‏,‏ ورجَّحَ كونَه المَرَّارَ بروايةِ مُوسَى بنِ هارونَ الحَمَّالِ عن المَرَّارِ‏,‏ عن أبي غَسَّانَ‏,‏ للحديثِ المُخَرَّجِ عندَ البخاريِّ‏,‏ كما نَبَّه عليهِ المِزِّيُّ، وعلى كلِّ حالٍ فالذي بالسكونِ والإهمالِ هو جميعُ ما في الثلاثةِ‏,‏ كما صَرَّحَ به ابنُ الصلاحِ، وإنْ كانَ فيها- كما لعِياضٍ- مَن هو من مدينةِ هَمَذَانَ بالتحريكِ والإعجامِ ببلادِ الجبلِ‏,‏ فلم يُنْسَبْ كذلك في شيءٍ منها، نعم في البخاريِّ عندَ ذكْرِ إبراهيمَ من كتابِ الأنبياءِ أبو فَرْوَةُ مسلمُ بنُ سالمٍ الهَمَذَانِيُّ وجَدْتُه في بعضِ النسخِ للنسفيِّ مَضبوطاً كذلك‏,‏

وهو وَهْمٌ، والصحيحُ- أي‏:‏ من حيثُ الروايةُ عن البخاريِّ كما كَتَبَه الأصيليُّ بخَطِّه، بل وفي نفسِ الأمرِ- الإهمالُ والسكونُ‏.‏ انْتَهَى بمعناه‏.‏

وأبو فروةَ الهَمْدانِيُّ إنَّما اسمُه عُرْوةُ بنُ الحارثِ، وأمَّا أبو فَرْوَةَ المُسَمَّى مُسْلِمَ بنَ سَالِمٍ فهو نَهْدِيٌّ‏,‏ قالَه الإمامُ أحمدُ، قالَ‏:‏ وكانَ ابنُ مَهْدِيٍّ لا يَفْصِلُ بينَهما، وإلى ذلك أشارَ الجَيَّانِيُّ فنَبَّه على أنَّ أبا فَرْوةَ الواقعَ في الصحيحِ اسمُه عُرْوةُ‏,‏ لا مُسْلِمٌ‏,‏ وإنْ وقَعَ كذلك مُسَمَّى فيهِ؛ إذْ مسلمٌ إنَّما هو نَهْدِيٌّ يُعْرَفُ بالجُهَنِيِّ‏,‏ لا هَمْدَانِيٌّ، وقد ذكَرَه ابنُ أبي خَيْثَمَةَ على الصوابِ‏.‏

وبالجملةِ فهذه النسبةُ وقعَتْ في البخاريِّ فضَبْطُها مُتعَيِّنٌ وإنْ تَبَيَّنَ الوَهْمُ فيها وهي بالمهملةِ والسكونِ‏,‏ ‏(‏وهْوَ‏)‏ في سائرِ الرواةِ ‏(‏مُطْلقاً‏)‏ لا بقيدِ الكتبِ الثلاثةِ ‏(‏قِدْماً‏)‏ أي قَدِيماً ‏(‏غَلَبْ‏)‏‏,‏ كما قالَه ابنُ ماكولا، وعِبارَتُه‏:‏ والهَمْدَانِيُّ في المُتقدِّمِينَ بسكونِ الميمِ أكثرُ‏,‏ وبفتحِها في المتأخِّرِينَ أكثرُ‏.‏ قالَ ابنُ الصلاحِ‏:‏ وهو كما قالَ‏.‏ ونحوُه قالُ الذَّهَبِيِّ في المُشْتَبِهِ‏:‏ والصحابةُ والتابعونَ وتابعوهم من القبيلةِ‏,‏ وأكثرُ المُتأخِّرِينَ من المدينةِ‏.‏ قالَ‏:‏ ولا يُمْكِنُ استيعابُ واحدٍ من الفريقيْنِ‏.‏ انتهى‏.‏

وسيأتي في آخرِ النوعِ بعدَه أنَّ ابنَ شهردارَ، خَلَّطَ فأدخَلَ في تاريخِ هَمَذانَ جمعاً من الهَمْدَانِيِّنَ‏.‏

ومِمَّن خرَجَ عن الغالبِ، وسُكِّنَ مِن المتأخِّرِينَ أبو إسحاقَ إبراهيمُ بنُ أبي الدَّمِ الفقيهُ قاضي حَمَاةَ، وأبو العبَّاسِ أحمدُ بنُ محمدِ بنِ سعيدِ بنِ عُقْدَةَ الحافِظُ‏,‏ وجعفرُ بنُ عليٍّ‏,‏ وعبدُ الحَكَمِ بنُ حَاتِمٍ، وعبدُ المُعْطِي بنُ فَتُّوحٍ، وعَلِيُّ بنُ عبدِ الصمدِ السخاويُّ‏,‏ والأربعةُ من أصحابِ السلفِيِّ، وأبو الفَضْلِ محمدُ بنُ محمدِ بنِ عطافٍ‏,‏ ومنصورُ بنُ سُلَيْمٍ الحافِظُ‏,‏ وآخَرُونَ‏,‏ فكُلُّهم هَمْدَانِيُّونَ بالسكونِ والإهمالِ‏,‏ ومِمَّا ذَكَرَه ابنُ الصلاحِ من الأسماءِ في هذا النوعِ وأعْرَضَ المُصَنِّفُ عن ذِكْرِه لعَدَمِ الاشتباهِ سلمٌ معَ سَالِمٍ‏,‏ وسَلْمانُ معَ سُلَيْمانَ‏,‏ وسِنَانُ معَ شَيْبانَ‏.‏