فصل: بَابُ: ما يحصل به الإقرار

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح منتهى الإرادات ***


فصل‏:‏ َمَنْ تَزَوَّجَ مَنْ جَهِلَ نَسَبَهَا فَأَقَرَّتْ بِرِقٍّ

وَمَنْ تَزَوَّجَ مَنْ جَهِلَ نَسَبَهَا فَأَقَرَّتْ بِرِقٍّ لَمْ يُقْبَلْ مُطْلَقًا أَيْ لَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا وَلَا فِي حَقِّ زَوْجِهَا وَأَوْلَادِهَا لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تَرْتَفِعُ بِقَوْلِ أَحَدٍ كَالْإِقْرَارِ عَلَى حَقِّ الْغَيْرِ‏.‏

‏(‏وَمَنْ أَقَرَّ بِوَلَدِ أَمَتِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ حَمَلَتْ بِهِ فِي مِلْكِهِ أَوْ غَيْرِهِ‏)‏ أَيْ غَيْرِ مِلْكِهِ ‏(‏لَمْ تَضُرَّ بِهِ‏)‏ أَيْ بِإِقْرَارِهِ كَذَلِكَ ‏(‏أُمُّ وَلَدٍ‏)‏ فَلَا تُعْتَقُ بِمَوْتِهِ لِاحْتِمَالِ حَمْلِهَا بِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ‏(‏إلَّا بِقَرِينَةٍ‏)‏ تَدُلُّ عَلَى حَمْلِهَا بِهِ فِي مِلْكِهِ كَأَنْ مَلَكَهَا صَغِيرَةً وَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِأُبُوَّةِ صَغِيرٍ أَوْ‏)‏ بِأُبُوَّةِ ‏(‏مَجْنُونٍ أَوْ‏)‏ أَقَرَّ شَخْصٌ ‏(‏بِأَبٍ أَوْ‏)‏ أَقَرَّتْ امْرَأَةٌ بِ ‏(‏زَوْجٍ أَوْ‏)‏ أَقَرَّ مَجْهُولٌ نَسَبُهُ بِ ‏(‏مَوْلًى أَعْتَقَهُ قَبْلَ إقْرَارِهِ وَلَوْ أَسْقَطَ بِهِ وَارِثًا مَعْرُوفًا‏)‏ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِابْنٍ وَلَهُ أَخٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِي إقْرَارِهِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْوَارِثِ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ الْإِرْثَ بَعْدَ الْمَوْتِ بِشَرْطِ عَدَمِ الْمُسْقِطِ وَيُشْتَرَطُ لِلْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ أَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ ‏(‏إنْ أَمْكَنَ صِدْقُهُ‏)‏ أَيْ الْمُقِرِّ بِأَنْ لَا يُكَذِّبَهُ الْحِسُّ وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ كَإِقْرَارِهِ بِأُبُوَّةٍ أَوْ بُنُوَّةٍ بِمَنْ فِي سِنِّهِ أَوْ أَكْبَرَ مِنْهُ الثَّانِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ‏(‏وَلَمْ يَدْفَعْ بِهِ نَسَبًا لِغَيْرِهِ‏)‏ بِأَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ مَجْهُولَ النَّسَبِ الثَّالِثُ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ‏(‏وَصَدَّقَهُ‏)‏ أَيْ الْمُقِرَّ ‏(‏مُقَرٌّ بِهِ‏)‏ مُكَلَّفٌ لِأَنَّ لَهُ قَوْلًا صَحِيحًا وَكَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ ‏(‏أَوْ كَانَ‏)‏ الْمُقِرُّ بِهِ ‏(‏مَيِّتًا‏)‏ وَيَرِثُهُ الْمُقِرُّ ‏(‏وَلَا يُعْتَبَرُ تَصْدِيقُ وَلَدٍ‏)‏ مُقَرٍّ بِهِ ‏(‏مَعَ صِغَرِ‏)‏ الْوَلَدِ ‏(‏أَوْ جُنُونِهِ وَلَوْ بَلَغَ‏)‏ صَغِيرٌ ‏(‏وَعَقَلَ‏)‏ مَجْنُونٌ ‏(‏وَأَنْكَرَ‏)‏ كَوْنَهُ ابْنًا لِمُقِرٍّ ‏(‏لَمْ يُسْمَعْ إنْكَارُهُ‏)‏ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْإِقْرَارِ ‏(‏وَيَكْفِي فِي تَصْدِيقِ وَالِدٍ بِوَلَدٍ وَعَكْسِهِ‏)‏ أَيْ تَصْدِيقِ وَلَدٍ بِوَالِدٍ ‏(‏سُكُوتُهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ‏)‏ لِأَنَّهُ يَغْلِبُ فِي ذَلِكَ ظَنُّ التَّصْدِيقِ‏.‏

وَ‏(‏لَا يُعْتَبَرُ فِي تَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا‏)‏ بِالْآخَرِ ‏(‏تَكْرَارُهُ‏)‏ أَيْ التَّصْدِيقِ بِالسُّكُوتِ نَصًّا ‏(‏وَيَشْهَدُ الشَّاهِدُ بِنَسَبِهِمَا بِدُونِهِ‏)‏ أَيْ تَكْرَارِ التَّصْدِيقِ بِالسُّكُوتِ ‏(‏وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ مَنْ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ بِغَيْرِ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ‏)‏ أَيْ الْأَبِ وَالِابْنِ وَالزَّوْجِ وَالْمَوْلَى كَإِقْرَارِ جَدٍّ بِابْنِ ابْنٍ أَوْ ابْنِ ابْنٍ بِجَدٍّ وَكَأَخٍ يُقِرُّ بِأَخٍ أَوْ عَمٍّ بِابْنِ أَخٍ ‏(‏الْوَرَثَةِ أَقَرُّوا بِمَنْ لَوْ أَقَرَّ‏.‏

بِهِ مُوَرِّثُهُمْ ثَبَتَ نَسَبُهُ‏)‏ كَبَنِينَ أَقَرُّوا بِابْنٍ وَإِخْوَةٍ بِأَخٍ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ فِي حَقِّهِمْ إذْ الْإِنْسَانُ لَا يُقِرُّ بِمَنْ يُشَارِكُهُ فِي الْمِيرَاثِ بِلَا حَقٍّ وَلِقِيَامِ الْوَرَثَةِ مَقَامَ الْمَيِّتِ فِي مَالِهِ وَدُيُونِهِ الَّتِي لَهُ وَعَلَيْهِ وَدَعَاوِيهِ وَغَيْرِهَا فَكَذَا فِي النَّسَبِ‏.‏

‏(‏وَمَنْ ثَبَتَ نَسَبُهُ فَجَاءَتْ أُمُّهُ بَعْدَ مَوْتِ مُقِرٍّ فَادَّعَتْ زَوْجِيَّتَهُ‏)‏ أَيْ الْمُقِرِّ ‏(‏أَوْ‏)‏ جَاءَتْ ‏(‏أُخْتُهُ غَيْرَ تَوْأَمَتِهِ‏)‏ فَادَّعَتْ ‏(‏الْبُنُوَّةَ لَمْ تَثْبُتْ بِذَلِكَ‏)‏ لِأَنَّهَا مُجَرَّدُ دَعْوَى كَمَا لَوْ كَانَ حَيًّا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ بِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ بَعْضَ الْوَرَثَةِ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ بِإِلْحَاقِ نَسَبِهِ بِهِمْ لَكِنْ يُعْطَى الْمُقَرُّ لَهُ مَا فَضَلَ بِيَدِ مُقِرٍّ وَتَقَدَّمَ وَيَأْتِي‏.‏

‏(‏وَمَنْ أَقَرَّ بِأَخٍ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ أَوْ‏)‏ أَقَرَّ ‏(‏بِعَمٍّ فِي حَيَاةِ جَدِّهِ لَمْ يُقْبَلْ‏)‏ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَيْهِ نَسَبًا لَا يُقِرُّ بِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ أَقَرَّ بِأَخٍ أَوْ عَمٍّ ‏(‏بَعْدَ مَوْتِهِمَا‏)‏ أَيْ أَبِيهِ وَجَدِّهِ ‏(‏وَمَعَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ وَلِلْمُقِرِّ لَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ مَا فَضَلَ بِيَدِ مُقِرٍّ أَوْ كُلِّهِ‏)‏ أَيْ كُلِّ مَا بِيَدِهِ ‏(‏إنْ أَسْقَطَهُ‏)‏ مُقِرٌّ بِهِ كَأَخٍ أَقَرَّ بِابْنٍ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يَكُنْ مَعَ مُقِرٍّ وَارِثٌ غَيْرُهُ كَابْنٍ أَوْ بِنْتٍ لَا وَارِثَ غَيْرَهَا أَقَرَّتْ بِأَخٍ ‏(‏ثَبَتَ‏)‏ نَسَبُهُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَوَرِثَ‏.‏

‏(‏وَإِنْ أَقَرَّ مَجْهُولٌ نَسَبُهُ وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ بِنَسَبِ وَارِثٍ حَتَّى‏)‏ بِنَسَبِ ‏(‏أَخٍ وَعَمٍّ فَصَدَّقَهُ‏)‏ الْمُقَرُّ بِهِ ‏(‏وَأَمْكَنَ‏)‏ صِدْقُهُ ‏(‏قُبِلَ‏)‏ إقْرَارهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحَقِّ غَيْرِهِ و‏(‏لَا‏)‏ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِنَسَبِ وَارِثٍ ‏(‏مَعَ وَلَاءٍ حَتَّى يُصَدِّقَهُ مَوْلَاهُ‏)‏ نَصًّا لِأَنَّهُ إقْرَارٌ يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ مَوْلَاهُ مِنْ إرْثِهِ فَلَا يُقْبَلُ بِلَا تَصْدِيقِهِ لِلتُّهْمَةِ‏.‏

‏(‏وَمَنْ عِنْده أَمَةٌ لَهُ مِنْهَا أَوْلَادٌ فَأَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِهِ قُبِلَ‏)‏ إقْرَارَهُ ‏(‏عَلَيْهَا‏)‏ أَيْ الْأَمَةِ فَيَأْخُذُهَا مُقَرٌّ لَهُ بِهَا و‏(‏لَا‏)‏ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ ‏(‏عَلَى الْأَوْلَادِ‏)‏ نَصًّا لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَحَمَلَ الْقَاضِي الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّهُ وَطِئَ يَعْتَقِدُهَا مِلْكَهُ ثُمَّ عَلِمَهَا مِلْكَ غَيْرِهِ‏.‏

‏(‏وَمَنْ أَقَرَّتْ بِنِكَاحٍ عَلَى نَفْسِهَا لَوْ‏)‏ كَانَتْ ‏(‏سَفِيهَةً أَوْ‏)‏ كَانَ إقْرَارُهَا بِالنِّكَاحِ ‏(‏لِاثْنَيْنِ قُبِلَ‏)‏ إقْرَارُهَا لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقٌّ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ بِمَالٍ وَلِزَوَالِ التُّهْمَةِ بِإِضَافَةِ الْإِقْرَارِ إلَى شَرَائِطِهِ كَمَا لَوْ أَقَرَّتْ بَيْعَ وَلِيِّهَا مَالَهَا قَبْلَ رُشْدِهَا ‏(‏فَلَوْ أَقَامَا‏)‏ أَيْ الِاثْنَانِ الْمُقَرُّ لَهُمَا بِالنِّكَاحِ ‏(‏بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا‏)‏ تَارِيخًا ‏(‏فَإِنْ جُهِلَ‏)‏ التَّارِيخُ ‏(‏فَقَوْلُ وَلِيٍّ‏)‏ أَيْ مَنْ صَدَّقَهُ الْوَلِيُّ عَلَى سَبْقِ تَارِيخِ نِكَاحِهِ ‏(‏فَإِنْ جَهِلَهُ‏)‏ الْوَلِيُّ أَيْ الْأَسْبَقُ ‏(‏فُسِخَا‏)‏ أَيْ النِّكَاحَانِ كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ وَجُهِلَ الْأَسْبَقُ ‏(‏وَلَا تَرَجُّحَ‏)‏ لَاحِدِهِمَا بِكَوْنِهِمَا ‏(‏بِيَدِهِ‏)‏ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا تَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ‏.‏

‏(‏وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ‏)‏ أَيْ النِّكَاحِ ‏(‏وَلِيُّهَا‏)‏ أَيْ الْمَرْأَةِ ‏(‏عَلَيْهَا وَهِيَ مُجْبَرَةٌ‏)‏ قِيلَ لِأَنَّهَا لَا قَوْلَ لَهَا إذَنْ وَلِأَنَّهُ يَمْلِكُ إنْشَاءَ الْعَقْدِ فَمَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ ‏(‏أَوْ‏)‏ لَمْ تَكُنْ مُجْبَرَةً وَلَكِنَّهَا ‏(‏مُقِرَّةٌ بِالْإِذْنِ قُبِلَ‏)‏ إقْرَارُهُ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ نَصًّا لِأَنَّهُ يَمْلِكُ عَقْدَ النِّكَاحِ عَلَيْهَا بِالْإِذْنِ فَمَلَكَ الْإِقْرَارَ بِهِ كَالْوَكِيلِ‏.‏

‏(‏وَمَنْ ادَّعَى نِكَاحَ صَغِيرَةٍ بِيَدِهِ‏)‏ وَلَا بَيِّنَةَ بِهِ ‏(‏فَسَخَهُ حَاكِمٌ‏)‏ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ ‏(‏ثُمَّ إنْ صَدَّقَتْهُ إذَا بَلَغَتْ قُبِلَ‏)‏ تَصْدِيقُهَا لَهُ‏.‏

قَالَ فِي الْفُرُوعِ ‏(‏فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ ادَّعَتْ أَنَّ فُلَانًا زَوْجُهَا فَأَنْكَرَ فَطَلَبَتْ الْفُرْقَةَ يُحْكَمُ عَلَيْهِ‏)‏ بِالْفُرْقَةِ دَفْعًا لِضَرَرِهَا، وَسُئِلَ عَنْهَا الْمُوَفَّقُ فَلَمْ يُجِبْ فِيهَا بِشَيْءٍ‏.‏

‏(‏وَإِنْ أَقَرَّ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ بِزَوْجِيَّةِ الْآخَرِ‏)‏ بِأَنْ أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَقَرَّتْ هِيَ بِذَلِكَ ‏(‏فَسَكَتَ‏)‏، صَحَّ وَوَرِثَهُ بِالزَّوْجِيَّةِ لِقِيَامِهَا بَيْنَهُمَا بِالْإِقْرَارِ ‏(‏أَوْ‏)‏ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِزَوْجِيَّةِ الْآخَرِ فَ ‏(‏جَحَدَهُ ثُمَّ صَدَّقَهُ صَحَّ‏)‏ الْإِقْرَارُ ‏(‏وَوَرِثَهُ‏)‏ لِحُصُولِ الْإِقْرَارِ وَالتَّصْدِيقِ، وَلَا أَثَرَ لِجَحْدِهِ قَبْلُ كَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِجَحْدٍ ثُمَّ يُقِرُّ، و‏(‏لَا‏)‏ يَرِثُ جَاحِدٌ ‏(‏إنْ بَقِيَ عَلَى تَكْذِيبِهِ‏)‏ لِمُقِرٍّ ‏(‏حَتَّى مَاتَ‏)‏ الْمُقِرُّ لِلتُّهْمَةِ فِي تَصْدِيقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ أَقَرَّ وَرَثَةٌ بِدَيْنٍ عَلَى مُوَرِّثِهِمْ قَضَوْهُ‏)‏ وُجُوبًا ‏(‏مِنْ تَرِكَتِهِ‏)‏ لِتَعَلُّقِهِ بِهَا كَتَعَلُّقِ أَرْشِ جِنَايَةٍ بِرَقَبَةِ عَبْدٍ جَانٍ فَلَهُ تَسْلِيمُهَا وَبَيْعُهَا فِيهِ وَالْوَفَاءُ مِنْ مَالٍ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ الدَّيْنُ‏.‏

وَكَذَا إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِ مَيِّتٍ ‏(‏وَإِنْ أَقَرَّ‏)‏ بِدَيْنٍ عَلَى مَيِّتٍ ‏(‏بَعْضُهُمْ‏)‏ أَيْ الْوَرَثَةِ ‏(‏بِلَا شَهَادَةٍ‏)‏ بِالدَّيْنِ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ غَيْرِهِمْ ‏(‏فَ‏)‏ الْمَقَرُّ عَلَيْهِ مِنْهُ ‏(‏بِقَدْرِ إرْثِهِ‏)‏ مِنْ التَّرِكَةِ فَ ‏(‏إنْ وَرِثَ النِّصْفَ‏)‏ مِنْ التَّرِكَةِ ‏(‏فَ‏)‏ عَلَيْهِ ‏(‏نِصْفُ الدَّيْنِ‏)‏ وَإِنْ وَرِثَ الرُّبْعَ فَرُبْعُ الدَّيْنِ وَهَكَذَا ‏(‏كَإِقْرَارِهِ‏)‏ أَيْ بَعْضِ الْوَرَثَةِ ‏(‏بِوَصِيَّةٍ بِلَا شَهَادَةٍ‏)‏ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ تَعَلَّقَ بِمِثْلِهِ مِنْ التَّرِكَةِ فَوَجَبَ أَنْ يُوَزَّعَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ ‏(‏وَإِنْ شَهِدَ مِنْهُمْ‏)‏ أَيْ الْوَرَثَةِ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ ‏(‏عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٌ وَحَلَفَ مَعَهُ‏)‏ رَبُّ الدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ ‏(‏ثَبَتَ‏)‏ الْحَقُّ لِكَمَالِ نِصَابِهِ كَمَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى غَيْرِ مُوَرِّثِهِمْ ‏(‏وَيُقَدَّمُ‏)‏ مِنْ دُيُونٍ تَعَلَّقَتْ بِتَرِكَةِ مَيِّتٍ دَيْنٌ ‏(‏ثَابِتٌ بِبَيِّنَةٍ‏)‏ نَصًّا ‏(‏فَ‏)‏ دَيْنٌ ‏(‏بِإِقْرَارِ مَيِّتٍ عَلَى مَا‏)‏ أَيْ دَيْنٍ ‏(‏أَقَرَّ بِهِ وَرَثَةٌ‏)‏ لِأَنَّ إقْرَارَهُمْ فِي حَقِّهِمْ وَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّونَ التَّرِكَةَ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ الثَّابِتِ عَلَيْهَا فَوَجَبَ أَدَاءُ مَا ثَبَتَ بِغَيْرِ إقْرَارِهِمْ‏.‏

بَابُ‏:‏ ما يحصل به الإقرار

مَا أَيُّ اللَّفْظِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْإِقْرَارُ وَمَا إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُغَيِّرُهُ أَيْ الْإِقْرَارَ ‏(‏مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفٍ‏)‏ مَثَلًا ‏(‏فَقَالَ‏)‏ فِي جَوَابِهِ ‏(‏نَعَمْ أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏أَجَلْ‏)‏ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْجِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ فَقَدْ أَقَرَّ وَهُوَ حَرْفُ تَصْدِيقٍ كَنَعَمْ‏.‏

قَالَ الْأَخْفَشُ إلَّا أَنَّهُ أَحْسَنُ مِنْ نَعَمْ فِي التَّصْدِيقِ وَنَعَمْ أَحْسَنُ مِنْهُ فِي الِاسْتِفْهَامِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا‏؟‏ قَالُوا نَعَمْ‏}‏ وَقِيلَ لِسَلْمَانَ ‏"‏ عَلَّمَكُمْ نَبِيُّكُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى الْخَرَأَةَ‏؟‏ قَالَ أَجَلْ ‏"‏‏.‏

‏(‏أَوْ‏)‏ ادَّعَى بِأَلْفٍ فَقَالَ ‏(‏صَدَقْتَ أَوْ‏)‏ قَالَ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ أَوْ قَالَ ‏(‏إنِّي مُقِرٌّ بِهِ‏)‏ قَالَ إنِّي مُقِرٌّ ‏(‏بِدَعْوَاكَ أَوْ‏)‏ قَالَ أَنَا أَوْ إنِّي ‏(‏مُقِرٌّ فَقَطْ‏)‏ فَقَدْ أَقَرَّ، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تَدُلُّ عَلَى تَصْدِيقِ الْمُدَّعِي‏.‏

‏(‏أَوْ‏)‏ ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفٍ مَثَلًا فَقَالَ ‏(‏خُذْهَا أَوْ اتَّزِنْهَا أَوْ اقْبِضْهَا أَوْ اُحْرُزْهَا أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏هِيَ صِحَاحٌ أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏كَأَنِّي جَاحِدٌ لَك أَوْ كَأَنِّي جَحَدْتُك حَقَّكَ فَقَدْ أَقَرَّ‏)‏ لِانْصِرَافِهِ إلَى الدَّعْوَى لِوُقُوعِهِ عَقِبَهَا أَوْ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ لِمَا تَقَدَّمَ وَكَذَا إنْ قَالَ أَقْرَرْتُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏قَالُوا أَقْرَرْنَا‏}‏ فَكَانَ مِنْهُمْ إقْرَارٌ وَلَمْ يَقُولُوا أَقْرَرْنَا بِذَلِكَ ‏(‏لَا إنْ قَالَ‏)‏ مُدَّعًى عَلَيْهِ فِي جَوَابِهِ ‏(‏أَنَا أُقِرُّ‏)‏ فَلَيْسَ إقْرَارًا بَلْ وَعْدٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏لَا أُنْكِرُ‏)‏ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْإِنْكَارِ الْإِقْرَارُ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا قِسْمًا آخَرَ وَهُوَ السُّكُوتُ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مُحِقًّا‏)‏ لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكُونَ مُحِقًّا ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏عَسَى أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏لَعَلَّ‏)‏ لِأَنَّهُمَا لِلشَّكِّ‏.‏

‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏أَظُنُّ أَوْ أَحْسِبُ أَوْ أُقْدِرُ‏)‏ لِاسْتِعْمَالِهِمَا فِي الشَّكِّ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏خُذْ‏)‏ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ خُذْ الْجَوَابَ مِنِّي ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏اتَّزِنْ أَوْ احْرُزْ أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏افْتَحْ كُمَّكَ‏)‏ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ غَيْرَ الْمُدَّعَى بِهِ ‏(‏وَ‏)‏ قَوْلُ مُدَّعًى عَلَيْهِ ‏(‏بَلْ فِي جَوَابِ أَلَيْسَ لِي عَلَيْكَ كَذَا إقْرَارٌ‏)‏ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّ نَفْيَ النَّفْيِ إثْبَاتٌ ‏(‏وَلَا‏)‏ قَوْلَ ‏(‏نَعَمْ إلَّا مِنْ عَامِّيٍّ‏)‏ فَيَكُونُ إقْرَارًا لِقَوْلِهِ عَشَرَةٌ غَيْرُ دِرْهَمٍ بِضَمِّ الرَّاءِ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ إذْ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْحُذَّاقُ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَمِثْلُهُ عَشَرَةٌ إلَّا دِرْهَمٌ بِرَفْعِ دِرْهَمٍ إذْ لَا فِيهِ بِمَعْنَى غَيْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا‏}‏ لَكِنْ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا حُذَّاقُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ‏.‏

وَفِي مُخْتَصَرِ أَبِي رَزِينٍ إذَا قَالَ لِي عَلَيْكَ كَذَا فَقَالَ نَعَمْ أَوْ بَلَى فَمُقِرٌّ‏.‏

وَفِي إسْلَامِ عَمْرِو بْنِ عَنْبَسَةَ ‏"‏ فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتَعْرِفُنِي‏؟‏ فَقَالَ نَعَمْ أَنْتَ الَّذِي‏.‏

لَقِيتَنِي بِمَكَّةَ قَالَ فَقُلْتُ بِلَى ‏"‏ قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِيهِ صِحَّةُ الْجَوَابِ بِبَلَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهَا نَفْيٌ وَصِحَّةُ الْإِقْرَارِ بِهَا قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا أَيْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيَّةِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ شَخْصٌ لِآخَرَ ‏(‏اقْضِنِي دَيْنِي عَلَيْكَ أَلْفًا‏)‏ فَقَالَ نَعَمْ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ ‏(‏اشْتَرِ‏)‏ ثَوْبِي هَذَا فَقَالَ نَعَمْ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ ‏(‏سَلِّمْ إلَيَّ ثَوْبِي هَذَا‏)‏ فَقَالَ نَعَمْ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ سَلِّمْ إلَيَّ ‏(‏فَرَسِي هَذِهِ‏)‏ فَقَالَ نَعَمْ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ أَعْطِنِي أَوْ سَلِّمْ إلَيَّ ‏(‏أَلْفًا مِنْ الَّذِي عَلَيْكَ‏)‏ فَقَالَ نَعَمْ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ ‏(‏هَلْ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ‏؟‏ فَقَالَ نَعَمْ‏)‏ فَقَدْ أَقَرَّ لِأَنَّهَا صَرِيحَةٌ فِيهِ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏أَمْهِلْنِي يَوْمًا أَوْ‏)‏ أَمْهِلْنِي ‏(‏حَتَّى أَفْتَحَ الصُّنْدُوقَ‏)‏ فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ لِأَنَّ طَلَبَ الْمُهْلَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَقَّ عَلَيْهِ‏.‏

‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ‏)‏ فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ نَصًّا لِأَنَّهُ وَصَلَ إقْرَارُهُ بِمَا يَرْفَعُهُ كُلَّهُ وَيَصْرِفُهُ إلَى غَيْرِ الْإِقْرَارِ فَلَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ وَبَطَلَ مَا وَصَلَهُ بِهِ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَلْفًا وَكَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ‏(‏لَا تَلْزَمُنِي إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ‏)‏ فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِالْأَلْفِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ رَفْعَ الْإِقْرَارِ عَلَى أَمْرٍ لَا يُعْلَمُ فَلَمْ يَرْتَفِعْ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا تَلْزَمُنِي ‏(‏إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ‏)‏ فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ لِمَا تَقَدَّمَ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ ‏(‏عَلَيَّ إلَّا‏)‏ أَنْ أَقُومَ ‏(‏فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ‏)‏ لِمَا تَقَدَّمَ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ‏(‏فِي عِلْمِي أَوْ‏)‏ قَالَ فِي ‏(‏عِلْمِ اللَّهِ أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏فِيمَا أَعْلَمُ، لَا‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏فِيمَا أَظُنُّ فَقَدْ أَقَرَّ‏)‏ لَهُ بِالْأَلْفِ لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ لِإِقْرَارِهِ بِالْعِلْمِ بِهِ إذْ مَا فِي عِلْمِهِ لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الظَّنِّ‏.‏

‏(‏وَإِنْ عَلَّقَ‏)‏ الْإِقْرَارَ ‏(‏بِشَرْطٍ قُدِّمَ‏)‏ عَلَيْهِ ‏(‏كَ‏)‏ قَوْلِهِ ‏(‏إنْ قَدِمَ زَيْدٌ‏)‏ فَلِعَمْرٍو عَلَيَّ كَذَا ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ إنْ ‏(‏شَاءَ‏)‏ زَيْدٌ فَلَكَ عَلَيَّ كَذَا ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ إنْ ‏(‏جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَلَهُ عَلَيَّ كَذَا‏)‏ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا لِأَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا فِي الْحَالِ، وَإِنَّمَا عَلَّقَ ثُبُوتَهُ عَلَى شَرْطٍ، وَالْإِقْرَارُ إخْبَارٌ سَابِقٌ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِشَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ بَلْ يَكُونُ وَعْدًا لَا إقْرَارًا، بِخِلَافِ تَعْلِيقِهِ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ فَإِنَّهَا تُذْكَرُ فِي الْكَلَامِ تَبَرُّكًا وَتَفْوِيضًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إنْ شَاءَ اللَّهُ آمَنِينَ‏}‏ وَقَدْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمْ سَيَدْخُلُونَهُ بِلَا شَكٍّ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏إنْ شَهِدَ بِهِ‏)‏ أَيْ الْأَلْفِ مَثَلًا عَلَى ‏(‏زَيْدٍ فَهُوَ صَادِقٌ‏)‏ أَوْ صَدَّقَتْهُ ‏(‏لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا‏)‏ لِأَنَّهُ وَعْدٌ بِتَصْدِيقِهِ لَهُ فِي شَهَادَتِهِ لَا تَصْدِيقٌ ‏(‏وَكَذَا‏)‏ أَيْ كَتَقْدِيمِ الشَّرْطِ فِيمَا ذُكِرَ ‏(‏إنْ أَخَّرَ كَ‏)‏ قَوْلِهِ ‏(‏لَهُ عَلَيَّ كَذَا إنْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ‏)‏ إنْ ‏(‏شَاءَ‏)‏ زَيْدٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ إنْ ‏(‏شَهِدَ بِهِ‏)‏ زَيْدٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ إنْ ‏(‏جَاءَ الْمَطَرُ أَوْ‏)‏ إنْ ‏(‏قُمْتُ‏)‏ فَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لِمَا بَيْنَ الْإِخْبَارِ وَالتَّعْلِيقِ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ مِنْ التَّنَافِي ‏(‏لَا إذَا قَالَ‏)‏ لَهُ عَلَيَّ كَذَا ‏(‏إذَا جَاءَ وَقْتُ كَذَا‏)‏ فَإِقْرَارٌ لِأَنَّهُ بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ فَعَمَل بِهِ، وَقَوْلُهُ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ الْمَحَلَّ فَلَا يَبْطُلُ الْإِقْرَارُ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ ‏(‏وَمَتَى فَسَّرَهُ‏)‏ أَيْ قَوْلَهُ إذَا جَاءَ وَقْتُ كَذَا ‏(‏بِأَجَلٍ أَوْ وَصِيَّةٍ قُبِلَ‏)‏ مِنْهُ ذَلِكَ ‏(‏بِيَمِينِهِ‏)‏ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ ‏(‏كَمَنْ أَقَرَّ‏)‏ بِحَقٍّ ‏(‏بِغَيْرِ لِسَانِهِ‏)‏ أَيْ لُغَتِهِ بِأَنْ أَقَرَّ عَرَبِيٌّ بِالْعَجَمِيَّةِ أَوْ عَكْسُهُ ‏(‏وَقَالَ لَمْ أَدْرِ مَا قُلْت فَ‏)‏ يُقْبَلُ ‏(‏قَوْلُهُ‏)‏ بِيَمِينِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إذَا أَقَرَّ عَامِّيٌّ بِمَضْمُونِ‏.‏

مَحْضَرٍ وَادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ فَكَذَلِكَ‏.‏

قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ‏.‏

‏(‏وَإِنْ رَجَعَ مُقِرٌّ بِحَقِّ آدَمِيٍّ أَوْ‏)‏ رَجَعَ مُقِرٌّ بِ ‏(‏زَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ لَمْ يُقْبَلْ‏)‏ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْآدَمِيِّ الْمُعَيَّنِ أَوْ أَهْلِ الزَّكَاةِ بِهِ‏.‏

فصل‏:‏ فِيمَا إذَا وَصَلَ بِإِقْرَارِهِ مَا يُغَيِّرُهُ

إذَا وَصَلَ بِهِ أَيْ بِإِقْرَارِهِ ‏(‏مَا يُغَيِّرُهُ إذَا قَالَ‏)‏ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ ‏(‏لَهُ‏)‏ أَيْ فُلَانٍ ‏(‏عَلَيَّ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَلْفٌ لَمْ يَلْزَمْهُ‏)‏ شَيْءٌ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِثَمَنِ خَمْرٍ وَقَدَّرَ بِأَلْفٍ وَثَمَنُ الْخَمْرِ لَا يَجِبُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَوْ قَالَ ‏(‏لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ مُضَارَبَةٍ أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ‏(‏وَدِيعَةٍ أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ‏(‏لَا تَلْزَمُنِي أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ‏(‏قَبَضَهُ أَوْ اسْتَوْفَاهُ أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ‏(‏مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ‏(‏مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ أَوْ‏)‏ قَالَ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ بِنَحْوِ وَكِيلٍ ‏(‏تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ‏(‏مُضَارَبَةٍ تَلِفَتْ وَشَرَطَ عَلَى ضَمَانِهَا أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ‏(‏بِكَفَالَةٍ‏)‏ تَكَفَّلْتُ بِهَا ‏(‏عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ‏)‏ فِيهَا ‏(‏لَزِمَهُ‏)‏ الْأَلْفُ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ عَلَيَّ أَلْفٌ رَفْعٌ لِجَمِيعِ مَا أَقَرَّ بِهِ فَلَا يُقْبَلُ كَاسْتِثْنَاءِ الْكُلِّ، وَتَنَاقُضُ كَلَامِهِ غَيْرُ خَافٍ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهِ إقْرَارٌ بِثُبُوتِهِ، وَثُبُوتُهُ فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ لَا يُتَصَوَّرُ وَلِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَلْفٍ وَادَّعَى مَا لَمْ يَثْبُتْ مَعَهُ، وَلِأَنَّهُ فِي صُورَةِ مَا إذَا قَالَ قَبَضَهُ أَوْ اسْتَوْفَاهُ أَقَرَّ عَلَى الْمُقِرِّ لَهُ بِالْقَبْضِ وَالِاسْتِيفَاءِ وَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُ الْإِنْسَانِ عَلَى غَيْرِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ قَوْلُهُ ‏(‏لَهُ‏)‏ عَلَيَّ كَذَا وَيَسْكُتُ ‏(‏أَوْ كَانَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَيَسْكُتُ إقْرَارٌ‏)‏ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْوُجُوبِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا يَرْفَعُهُ فَبَقِيَ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَلِهَذَا لَوْ تَنَازَعَا دَارًا فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا كَانَتْ مِلْكَ الْآخَرِ حُكِمَ لَهُ بِهَا قَالَ فِي الشَّرْحِ إلَّا أَنَّهُ هَاهُنَا أَيْ فِي مَسْأَلَةٍ كَانَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا إنْ عَادَ فَادَّعَى الْقَضَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ لِأَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَبَيْنَ مَا يَدَّعِيهِ وَهَذَا عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ ‏(‏وَإِنْ وَصَلَهُ‏)‏ أَيْ قَوْلَهُ‏:‏ كَانَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا ‏(‏بِقَوْلِهِ أَبْرَأَنِي‏)‏ مِنْهُ ‏(‏أَوْ بَرِئْتَ مِنْهُ أَوْ‏)‏ بِقَوْلِهِ و‏(‏قَضَيْتُهُ أَوْ‏)‏ بِقَوْلِهِ وَقَضَيْتُهُ ‏(‏بَعْضَهُ‏)‏ وَلَمْ يَعْزُهُ لِسَبَبٍ فَمُنْكِرٌ‏.‏

‏(‏أَوْ قَالَ مُدَّعٍ لِي عَلَيْك مِائَةٌ فَقَالَ‏)‏ مُدَّعًى عَلَيْهِ ‏(‏قَضَيْتُك مِنْهَا‏)‏ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ الْمِائَةِ الَّتِي لَك عَلَيَّ ‏(‏عَشَرَةً وَلَمْ يَعْزُهُ‏)‏ أَيْ الْمُقِرَّ بِهِ ‏(‏لِسَبَبٍ‏)‏ بِأَنْ لَمْ يَقُلْ لَهُ أَوْ كَانَ عَلَيَّ كَذَا مِنْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ ‏(‏فَ‏)‏ هُوَ ‏(‏مُنْكِرٌ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ‏)‏ نَصًّا طِبْقَ جَوَابِهِ وَيُخْلَى سَبِيلُهُ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ، هَذَا الْمَذْهَبُ، قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ‏:‏ لِأَنَّهُ رَفَعَ مَا أَثْبَتَهُ بِدَعْوَى الْقَضَاءِ مُتَّصِلًا‏.‏

وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ‏:‏ يَكُونُ مُقِرًّا مُدَّعِيًا لِلْقَضَاءِ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ‏.‏

فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ وَلَمْ يُبْرِئْ وَاسْتَحَقَّ وَقَالَ‏:‏ هَذَا رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ ذَكَرَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْوَفَا وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمَذْهَبِ وَالرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ انْتَهَى‏.‏

قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ‏:‏ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي الْحَنْبَلِيِّ أَنْ يَحْكُمَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَيَجِبُ الْعَمَلُ بِقَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ فَإِنْ ذَكَرَ السَّبَبَ فَقَدْ اعْتَرَفَ بِمَا يُوجِبُ الْحَقَّ مِنْ عَقْدٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا‏.‏

فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ‏:‏ أَنَّهُ بَرِئَ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ‏.‏

‏(‏وَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ فَأَقَلَّ‏)‏ لَا أَكْثَرَ مِنْهُ، قَالَ الزَّجَّاجُ‏:‏ وَلَمْ يَأْتِ الِاسْتِثْنَاءُ إلَّا فِي الْقَلِيلِ مِنْ الْكَثِيرِ، وَلَوْ قَالَ مِائَةٌ إلَّا تِسْعَةً وَتِسْعِينَ‏.‏

لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا بِالْعَرَبِيَّةِ وَمَعْنَاهُ قَوْلُ الْمُغْنِي‏.‏

وَتَقَدَّمَ مُوَضَّحًا فِي الطَّلَاقِ ‏(‏فَيَلْزَمُهُ‏)‏ أَيْ الْمُقِرَّ ‏(‏أَلْفٌ فِي‏)‏ قَوْلِهِ ‏(‏لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا أَلْفًا أَوْ‏)‏ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ‏(‏إلَّا سِتِّمِائَةٍ‏)‏ لِبُطْلَانِ الِاسْتِثْنَاءِ ‏(‏وَ‏)‏ يَلْزَمُهُ ‏(‏خَمْسَةٌ فِي‏)‏ قَوْلِهِ ‏(‏لَيْسَ لَكَ عَلَيَّ إلَّا عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةٌ‏)‏ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى النِّصْفَ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ ‏(‏بِشَرْطٍ‏)‏ مُتَعَلِّقٍ بِيَصِحُّ ‏(‏أَنْ لَا يَسْكُتَ‏)‏ الْمُسْتَثْنَى بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَالْمُسْتَثْنَى ‏(‏مَا‏)‏ أَيْ زَمَنًا ‏(‏يُمْكِنُهُ كَلَامٌ فِيهِ‏)‏ وَأَنْ لَا يَأْتِيَ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا سَكَتَ بَيْنَهُمَا أَوْ فَصَلَ بِكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ‏.‏

فَقَدْ اسْتَقَرَّ حُكْمُ مَا أَقَرَّ بِهِ فَلَمْ يَرْفَعْ، بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّصَلَ بِهِ‏.‏

فَإِنَّهُ كَلَامٌ وَاحِدٌ ‏(‏وَ‏)‏ بِشَرْطِ ‏(‏أَنْ يَكُونَ‏)‏ الْمُسْتَثْنَى ‏(‏مِنْ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ‏)‏ أَيْ جِنْسِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَنَوْعِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إخْرَاجُ بَعْضِ مَا يَتَنَاوَلُ اللَّفْظُ بِمَوْضُوعِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ لَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ بِمَوْضُوعِهِ ‏(‏فَ‏)‏ مَنْ قَالَ عَنْ آخَرَ ‏(‏لَهُ عَلَيَّ هَؤُلَاءِ الْعَبِيدُ الْعَشَرَةُ إلَّا وَاحِدًا ف‏)‏ اسْتِثْنَاؤُهُ ‏(‏صَحِيحٌ‏)‏ لِوُجُودِ شَرَائِطِهِ ‏(‏وَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ تِسْعَةٍ‏)‏ وَيَرْجِعُ إلَيْهِ فِي تَسْلِيمِ الْمُسْتَثْنَى؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ ‏(‏فَإِنْ مَاتُوا‏)‏ إلَّا وَاحِدًا ‏(‏أَوْ قُتِلُوا‏)‏ إلَّا وَاحِدًا ‏(‏أَوْ غُصِبُوا إلَّا وَاحِدًا‏.‏

فَقَالَ هُوَ الْمُسْتَثْنَى قُبِلَ‏)‏ مِنْهُ ذَلِكَ ‏(‏بِيَمِينِهِ‏)‏ لِمَا تَقَدَّمَ، وَسَائِرُ أَدَوَاتِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي ذَلِكَ كَإِلَّا، فَقَوْلُ‏:‏ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ سِوَى دِرْهَمٍ أَوْ غَيْرَ دِرْهَمٍ بِالنَّصْبِ أَوْ لَيْسَ دِرْهَمًا أَوْ خَلَا أَوْ عَدَا أَوْ حَاشَا دِرْهَمًا‏.‏

وَنَحْوَهُ‏.‏

فَهُوَ مُقِرٌّ بِتِسْعَةٍ وَإِنْ قَالَ غَيْرُ دِرْهَمٍ‏:‏ بِضَمِّ الرَّاءِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ كَانَ مُقِرًّا بِعَشَرَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ صِفَةً لِلْعَشْرَةِ الْمُقَرِّ بِهَا وَلَوْ كَانَتْ اسْتِثْنَائِيَّةً كَانَتْ مَنْصُوبَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُرِيدُ الِاسْتِثْنَاءَ وَضَمُّهَا جَهْلٌ مِنْهُ بِالْعَرَبِيَّةِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏لَهُ‏)‏ أَيْ فُلَانٍ ‏(‏هَذِهِ الدَّارُ وَلِي نِصْفُهَا أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏إلَّا نِصْفُهَا أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏إلَّا هَذَا الْبَيْتُ أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏هَذِهِ الدَّارُ لَهُ وَهَذَا الْبَيْتُ لِي قُبِلَ‏)‏ مِنْهُ ذَلِكَ‏.‏

حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ بِمَا يُخَالِفُهُ‏.‏

‏(‏وَلَوْ كَانَ‏)‏ الْبَيْتُ ‏(‏أَكْثَرُهَا‏)‏ أَيْ الدَّارِ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ جَعَلَتْ الْإِقْرَارَ فِيمَا عَدَا الِاسْتِثْنَاءَ‏.‏

فَالْمُقِرُّ بِهِ مُعَيَّنٌ فَوَجَبَ أَنْ يَصِحَّ و‏(‏لَا‏)‏ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ ‏(‏إنْ قَالَ‏)‏ لَهُ الدَّارُ ‏(‏إلَّا ثُلُثَيْهَا وَنَحْوَهُ‏)‏ كَإِلَّا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا أَوْ خَمْسَةَ أَسْدَاسِهَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى شَائِعٌ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ عَنْ آخَرَ ‏(‏لَهُ‏)‏ عَلَيَّ ‏(‏دِرْهَمَانِ وَثَلَاثَةٌ إلَّا دِرْهَمَيْنِ أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ ‏(‏عَلَيَّ خَمْسَةُ‏)‏ دَرَاهِمَ ‏(‏إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَدِرْهَمًا أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا يَلْزَمُهُ‏)‏ أَيْ الْمُقِرَّ ‏(‏فِي الْأَوَّلَيْنِ خَمْسَةٌ خَمْسَةٌ‏)‏ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِعَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى أَقْرَبِ الْمَذْكُورَيْنِ وَهُوَ الثَّلَاثَةُ لِأَنَّ عَوْدَهُ إلَى مَا يَلِيهِ مُتَيَقَّنٌ وَمَا زَادَ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَاسْتِثْنَاءُ الدِّرْهَمَيْنِ مِنْ الثَّلَاثَةِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ اسْتَثْنَى ثَلَاثَةً مِنْ خَمْسَةٍ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يَلْزَمُهُ ‏(‏فِي الثَّالِثَةِ‏)‏ وَهُوَ قَوْلُهُ لَهُ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا ‏(‏دِرْهَمَانِ‏)‏ لِعَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ لِمَا يَلِيهِ وَتَقَدَّمَ‏.‏

فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءً لِلْكُلِّ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا أَوْ‏)‏ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ ‏(‏إلَّا دِينَارًا تَلْزَمُهُ الْمِائَةُ‏)‏ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ صَرَفَ اللَّفْظَ عَمَّا كَانَ يَقْتَضِيهِ لَوْلَاهُ وَغَيْرُ الْجِنْسِ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي الْكَلَامِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ اسْتِثْنَاءً تَجَوُّزًا، وَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاكٌ وَلَا دَخْلَ لَهُ فِي الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتٌ لِلْمُقِرِّ بِهِ، فَإِذَا ذُكِرَ الِاسْتِدْرَاكُ بَعْدَهُ كَانَ بَاطِلًا وَإِنْ ذُكِرَ بَعْدَهُ جُمْلَةٌ‏.‏

كَقَوْلِهِ‏:‏ لَهُ عِنْدِي مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا عَلَيْهِ كَانَ مُقِرًّا بِشَيْءٍ مُدَّعِيًا لِشَيْءٍ سِوَاهُ فَقُبِلَ إقْرَارُهُ وَتَبْطُلُ دَعْوَاهُ، وَإِنْ قَالَ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً وَإِلَّا دِرْهَمَيْنِ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ‏.‏

‏(‏وَيَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ‏)‏ كَقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏إنَّا أُرْسِلْنَا إلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إلَّا آلَ لُوطٍ إنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إلَّا امْرَأَتَهُ‏}‏ وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إبْطَالٌ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْهُ رُجُوعٌ إلَى مُوجِبِ الْإِقْرَارِ ‏(‏فَ‏)‏ مَنْ قَالَ عَنْ آخَرَ ‏(‏لَهُ عَلَيَّ سَبْعَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمًا‏.‏

يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ‏)‏ لِعَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ لِمَا قَبْلَهُ‏.‏

فَقَدْ اسْتَثْنَى دِرْهَمًا مِنْ الثَّلَاثَةِ فَبَقِيَ اثْنَانِ اسْتَثْنَاهُمَا مِنْ السَّبْعَةِ فَبَقِيَ خَمْسَةٌ فَهِيَ الْمُقَرُّ بِهَا ‏(‏وَكَذَا‏)‏ يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏عَشْرَةٌ إلَّا خَمْسَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا دِرْهَمَيْنِ إلَّا دِرْهَمًا‏)‏ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْخَمْسَةِ اسْتِثْنَاءٌ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ فَيَبْطُلُ هُوَ وَمَا بَعْدَهُ وَفِيهَا أَوْجُهٌ أُخَرُ مِنْهَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى دِرْهَمًا مِنْ دِرْهَمَيْنِ فَبَقِيَ دِرْهَمٌ اسْتَثْنَاهُ مِنْ ثَلَاثَةٍ بَقِيَ دِرْهَمَانِ اسْتَثْنَاهُمَا مِنْ خَمْسَةٍ بَقِيَ ثَلَاثَةٌ اسْتَثْنَاهُمَا مِنْ عَشْرَةٍ بَقِيَ سَبْعَةٌ وَهَذَا مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ‏.‏

فصل‏:‏ إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ مُؤَجَّلَةً

إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مَثَلًا مُؤَجَّلَةً إلَى كَذَا ‏(‏قُبِلَ قَوْلُهُ فِي تَأْجِيلِهِ‏)‏ نَصًّا لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِهَا بِصِفَةِ التَّأْجِيلِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا كَذَلِكَ كَقَوْلِهِ‏:‏ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ سَوْدَاءَ ‏(‏حَتَّى لَوْ عَزَاهُ‏)‏ أَيْ الْأَلْفُ ‏(‏إلَى سَبَبٍ قَابِلٍ لِلْأَمْرَيْنِ‏)‏ أَيْ الْحُلُولِ وَالتَّأْجِيلِ كَالْأُجْرَةِ وَالصَّدَاقِ وَالثَّمَنِ وَالضَّمَانِ ‏(‏وَإِنْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ و‏(‏سَكَتَ مَا‏)‏ أَيْ زَمَنًا ‏(‏يُمْكِنُهُ كَلَامٌ فِيهِ ثُمَّ قَالَ مُؤَجَّلَةٌ أَوْ زُيُوفٌ‏)‏ أَيْ رَدِيئَةٌ ‏(‏أَوْ صِغَارٌ لَزِمَتْهُ‏)‏ الْأَلْفُ ‏(‏حَالَّةً جِيَادًا وَافِيَةً‏)‏ لِحُصُولِ الْإِقْرَارِ بِهَا مُطْلَقًا فَيَنْصَرِفُ إلَى الْجَيِّدِ الْحَالِّ الْوَافِي وَمَا أَتَى بِهِ بَعْدَ سُكُوتِهِ دَعْوَى لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا ‏(‏إلَّا مِنْ بَلَدٍ أَوْزَانُهُمْ‏)‏ أَيْ أَهْلِهَا ‏(‏نَاقِصَةٌ أَوْ نَقْدُهُمْ مَغْشُوشٌ فَيَلْزَمُهُ مِنْ دَرَاهِمِهَا‏)‏ أَيْ تِلْكَ الْبَلَدِ لِانْصِرَافِ الْإِطْلَاقِ إلَيْهِ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ بِعْتُك أَوْ أَجَّرْتُك وَنَحْوَهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ انْصَرَفَ إلَيْهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَوْ قَالَ ‏(‏لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ زُيُوفٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ‏)‏ أَيْ الزُّيُوفِ ‏(‏بِمَغْشُوشَةٍ‏)‏ لِأَنَّهَا تُسَمَّى زُيُوفًا و‏(‏لَا‏)‏ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ الزُّيُوفَ ‏(‏بِمَا لَا فِضَّةَ فِيهِ‏)‏ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دَرَاهِمَ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ ‏(‏صِغَارٍ قُبِلَ‏)‏ تَفْسِيرُهَا ‏(‏بِنَاقِصَةٍ‏)‏ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَهِيَ دَرَاهِمُ طَبَرِيَّةٌ كُلُّ دِرْهَمٍ مِنْهَا أَرْبَعَةُ دَوَانِقَ وَذَلِكَ ثُلُثَا دِرْهَمٍ‏.‏

قُلْت‏:‏ وَلَعَلَّهُ إذَا كَانَ بِالشَّامِ وَإِلَّا فَمَا الْمَانِعُ مِنْ إرَادَةِ الْيَمَنِيَّةِ أَوْ الْخُرَاسَانِيَّةِ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ مَثَلًا ‏(‏نَاقِصَةً فَ‏)‏ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ ‏(‏نَاقِصَةٌ‏)‏ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ تَكُونُ وَازِنَةً وَنَاقِصَةً وَزُيُوفًا وَجَيِّدَةً‏.‏

فَمَتَى وَصَفَهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ تَقَيَّدَتْ بِهِ كَالثَّمَنِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ ‏(‏وَازِنَةٍ لَزِمَهُ الْعَدُّ وَالْوَزْنُ‏)‏ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى لَفْظِهِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ ‏(‏عَدَدًا وَلَيْسَ‏)‏ الْمُقِرُّ ‏(‏بِبَلَدٍ يَتَعَامَلُونَ‏)‏ أَيْ أَهْلُ الْبَلَدِ ‏(‏بِهَا‏)‏ أَيْ الدَّرَاهِمِ ‏(‏عَدَدًا لَزِمَاهُ‏)‏ أَيْ الْعَدَدَ وَالْوَزْنَ، الْعَدَدُ لِقَوْلِهِ‏:‏ مِائَةٌ، وَالْوَزْنُ لِلْعُرْفِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ‏)‏ وَأَطْلَقَ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏دِرْهَمٌ كَبِيرٌ أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏دُرَيْهِمٌ فَ‏)‏ عَلَيْهِ ‏(‏دِرْهَمٌ إسْلَامِيٌّ وَازِنٌ‏)‏ لِأَنَّهُ كَبِيرٌ عُرْفًا وَالتَّصْغِيرُ قَدْ يَكُونُ لِصِغَرٍ فِي ذَاتِهِ، وَقَدْ يَكُونُ لِقِلَّةِ قَدْرِهِ عِنْدَهُ أَوْ مَحَبَّتِهِ‏.‏

‏(‏وَلَهُ عِنْدِي أَلْفٌ وَفَسَّرَهُ بِدَيْنٍ أَوْ‏)‏ بِ ‏(‏وَدِيعَةٍ قُبِلَ‏)‏ قَالَ فِي الشَّرْحِ لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ سَوَاءٌ فَسَّرَهُ بِكَلَامٍ مُتَّصِلٍ أَوْ مُنْفَصِلٍ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ لَفْظَهُ بِمَا يَقْتَضِيه ‏(‏فَلَوْ‏)‏ فَسَّرَهُ بِوَدِيعَةٍ ثُمَّ ‏(‏قَالَ قَبَضْتُهُ أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏تَلِفَ قَبْلَ ذَلِكَ أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏ظَنَنْتُهُ‏)‏ أَيْ أَلْفَ الْوَدِيعَة ‏(‏بَاقِيًا ثُمَّ عَلِمْت تَلَفَهُ قُبِلَ‏)‏ مِنْهُ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ لِثُبُوتِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ بِتَفْسِيرِهِ الْوَدِيعَةِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفٍ هُوَ ‏(‏رَهْنٌ فَقَالَ الْمُدَّعِي‏)‏ بَلْ ‏(‏وَدِيعَةٌ‏)‏ فَقَوْلُ مُدَّعٍ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ بِهِ تَعَلُّقًا فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ بِكَلَامٍ مُنْفَصِلٍ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِدَارٍ وَقَالَ‏:‏ اسْتَأْجَرْتُهَا سَنَةً أَوْ بِثَوْبٍ وَقَالَ قَصَّرْتُهُ لَهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ خِطْتُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ‏(‏أَوْ قَالَ‏)‏ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ ‏(‏مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ أَقْبِضْهُ فَقَالَ‏)‏ مُقِرٌّ لَهُ ‏(‏بَلْ‏)‏ هُوَ ‏(‏دَيْنٌ فِي ذِمَّتِك فَقَوْلُ مُدَّعٍ‏)‏ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ دَيْنٌ، لِأَنَّهُ اعْتَرَفَ لَهُ بِدَيْنٍ وَادَّعَى عَلَيْهِ مَبِيعًا‏.‏

أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَعِنْدَهُ مَبِيعٌ لَمْ أَقْبِضْهُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَوْ قَالَ ‏(‏لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ‏)‏ وَفَسَّرَهُ مُتَّصِلًا بِوَدِيعَةٍ قُبِلَ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لِزَيْدٍ ‏(‏فِي ذِمَّتِي أَلْفٌ وَفَسَّرَهُ مُتَّصِلًا بِوَدِيعَةٍ قُبِلَ‏)‏ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ عَلَيْهِ حِفْظُهَا وَرَدُّهَا ‏(‏وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَى تَلَفِهَا‏)‏ لِلتَّنَاقُضِ ‏(‏إلَّا إذَا انْفَصَلَتْ عَنْ تَفْسِيرِهِ‏)‏ فَتَقِلُّ لِأَنَّ إقْرَارَهُ تَضَمَّنَ الْأَمَانَةَ وَلَا مَانِعَ‏.‏

‏(‏وَإِنْ‏)‏ قَالَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ و‏(‏أَحْضَرَهُ‏)‏ أَيْ الْأَلْفَ ‏(‏وَقَالَ هُوَ‏)‏ أَيْ الْأَلْفُ الَّذِي أَقْرَرْت بِهِ ‏(‏هَذَا وَدِيعَةٌ فَقَالَ مُقَرٌّ لَهُ‏:‏ هَذَا وَدِيعَةٌ وَمَا أَقْرَرْت بِهِ دَيْنٌ صُدِّقَ‏)‏ مُقَرٌّ لَهُ بِيَمِينِهِ صَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏لَهُ فِي هَذَا الْمَالِ أَلْفٌ أَوْ‏)‏ لَهُ ‏(‏فِي هَذِهِ الدَّارِ نِصْفُهَا‏)‏ فَهُوَ إقْرَارٌ و‏(‏يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ‏)‏ أَيْ الْأَلْفِ أَوْ نِصْفَ الدَّارِ إلَى مُقَرٍّ لَهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ ‏(‏وَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِإِنْشَاءِ هِبَةٍ‏)‏ أَيْ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَهَبَهُ إيَّاهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ ‏(‏وَكَذَا‏)‏ قَوْلُهُ ‏(‏لَهُ فِي مِيرَاثٍ أَلْفٌ‏)‏ فَهُوَ إقْرَارٌ ‏(‏وَهُوَ دَيْنٌ عَلَى التَّرِكَةِ‏)‏ لِإِضَافَتِهِ إلَى مِيرَاثِ أَبِيهِ، وَمَا لِلْمَيِّتِ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْإِرْثِ أَوْ الدَّيْنِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْمُقَرُّ لَهُ وَارِثًا تَعَيَّنَ الدَّيْنُ ‏(‏وَيَصِحُّ‏)‏ قَوْلُ جَائِزِ التَّصَرُّفِ ‏(‏دَيْنِي الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو‏)‏ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ وَكِيلًا لِعَمْرٍو أَوْ عَامِلًا لَهُ فِي مُضَارَبَةٍ أَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ يَدٌ أَوْ وِلَايَةٌ وَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ قَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا‏}‏ وَقَالَ فِي النِّسَاءِ ‏{‏لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ‏}‏ ‏(‏كَ‏)‏ قَوْلِهِ ‏(‏لَهُ‏)‏ أَيْ زَيْدٍ ‏(‏مِنْ مَالِي‏)‏ أَلْفٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ لَهُ فِيهِ أَلْفٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ لَهُ ‏(‏فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي أَلْفٌ أَوْ‏)‏ لَهُ فِيهِ ‏(‏نِصْفُهُ أَوْ‏)‏ لَهُ ‏(‏مِنْهَا‏)‏ نِصْفُهَا ‏(‏أَوْ‏)‏ لَهُ ‏(‏فِيهَا نِصْفُهَا‏)‏ فَيَصِحُّ كُلُّهُ إقْرَارًا ‏(‏وَلَوْ لَمْ يَقُلْ بِحَقٍّ لَزِمَنِي‏)‏ لِجَوَازِ إضَافَةِ الْإِنْسَانِ إلَى نَفْسِهِ مَالَ غَيْرِهِ لِاخْتِصَاصٍ لَهُ بِهِ لِمَا تَقَدَّمَ ‏(‏فَإِنْ فَسَّرَهُ‏)‏ أَيْ إقْرَارَهُ بِذَلِكَ ‏(‏بِهِبَةٍ وَقَالَ‏:‏ بَدَا لِي مِنْ تَقْبِيضِهِ قُبِلَ‏)‏ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى تَقْبِيضِهِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَلْزَمُ قَبْلَ الْقَبْضِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏لَهُ الدَّارُ ثُلُثَاهَا أَوْ‏)‏ لَهُ الدَّارُ ‏(‏عَارِيَّةً أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ الدَّارُ ‏(‏هِبَةُ سُكْنَى أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ الدَّارُ ‏(‏هِبَةٌ عَارِيَّةٌ عُمِلَ بِالْبَدَلِ‏)‏ وَهُوَ قَوْلُهُ ثُلُثَاهَا أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ هِبَةٌ وَلَا يَكُونُ إقْرَارًا لِأَنَّهُ دَفَعَ بِآخِرِ كَلَامِهِ مَا دَخَلَ عَلَى أَوَّلِهِ وَهُوَ بَدَلُ بَعْضٍ فِي الْأَوَّلِ وَاشْتِمَالٍ فِيمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ‏:‏ لَهُ الدَّارُ يَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ وَالْهِبَةِ بَعْدَ مَا يَشْتَمِلُ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ قَالَ‏:‏ لَهُ مِلْكُ الدَّارِ هِبَةً‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إذَنْ ‏(‏يُعْتَبَرُ شَرْطُ هِبَةٍ‏)‏ مِنْ الْعِلْمِ بِالْمَوْهُوبِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَنَحْوِهِ‏.‏

فَإِنْ وُجِدَتْ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

‏(‏وَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ‏)‏ زَيْدًا كَذَا ‏(‏وَأَقْبَضَهُ‏)‏ إيَّاهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ أَقَرَّ أَنَّهُ ‏(‏رَهَنَ‏)‏ زَيْدًا كَذَا ‏(‏وَأَقْبَضَهُ أَوْ أَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنٍ أَوْ غَيْرِهِ‏)‏ كَأُجْرَةٍ وَمَبِيعٍ ‏(‏ثُمَّ قَالَ مَا قَبَضْت‏)‏ الْهِبَةَ وَلَا الرَّهْنَ ‏(‏وَلَا قَبَضْت‏)‏ الثَّمَنَ أَوْ نَحْوَهُ ‏(‏وَهُوَ غَيْرُ جَاحِدٍ لِإِقْرَارِهِ‏)‏ بِالْإِقْبَاضِ أَوْ الْقَبْضِ وَلَا بَيِّنَةَ وَسَأَلَ إحْلَافَهُ خَصْمُهُ لَزِمَهُ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْإِقْرَارِ بِذَلِكَ قَبْلَهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ بَاعَ أَوْ وَهَبَ وَنَحْوَهُ وَادَّعَى ‏(‏أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ تَلْجِئَةً وَنَحْوَهُ‏)‏ كَعِينَةٍ ‏(‏وَلَا بَيِّنَةَ‏)‏ بِذَلِكَ ‏(‏وَسَأَلَهُ إحْلَافَ خَصْمِهِ‏)‏ عَلَى ذَلِكَ ‏(‏لَزِمَهُ‏)‏ الْحَلِفُ لِاحْتِمَالِ صِحَّةِ قَوْلِ خَصْمِهِ فَإِنْ نَكَلَ قَضَى عَلَيْهِ‏.‏

‏(‏وَلَوْ أَقَرَّ‏)‏ جَائِزُ التَّصَرُّفِ ‏(‏بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إقْبَاضِ‏)‏ رَهْنٍ وَنَحْوَهُ ‏(‏ثُمَّ ادَّعَى فَسَادَهُ‏)‏ أَيْ الْمُقَرَّ بِهِ ‏(‏وَأَنَّهُ أَقَرَّ يَظُنُّ الصِّحَّةَ لَمْ يُقْبَلْ‏)‏ مِنْهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ ‏(‏وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ‏)‏ لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْمُقِرِّ ‏(‏فَإِنْ نَكَلَ‏)‏ الْمُقَرُّ لَهُ عَنْ الْيَمِينِ ‏(‏حَلَفَ هُوَ‏)‏ أَيْ مُدَّعِي الْفَسَادِ ‏(‏بِبُطْلَانِهِ‏)‏ وَبَرِئَ مِنْهُ‏.‏

‏(‏وَمَنْ بَاعَ‏)‏ شَيْئًا ‏(‏أَوْ وَهَبَ‏)‏ شَيْئًا ‏(‏أَوْ عَتَقَ عَبْدًا ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ‏)‏ أَيْ بِمَا بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ ‏(‏لِغَيْرِهِ لَمْ يُقْبَلْ‏)‏ إقْرَارُهُ عَلَى مُشْتَرٍ أَوْ مُتَّهِبٍ أَوْ عَتِيقٍ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ وَتَصَرُّفُهُ نَافِذٌ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى بَعْدَ الْبَيْعِ وَنَحْوَهُ أَنَّ الْمَبِيعَ رَهْنٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَمْنَعُ صِحَّةً‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يَلْزَمُهُ أَنْ ‏(‏يَغْرَمَهُ‏)‏ أَيْ بَدَلَهُ ‏(‏لِلْمُقَرِّ لَهُ‏)‏ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ عَلَيْهِ بِتَصَرُّفِهِ فِيهِ ‏(‏وَإِنْ قَالَ لَمْ يَكُنْ‏)‏ التَّصَرُّفُ مَا بِعْتُهُ أَوْ وَهَبْتُهُ وَنَحْوِهِ ‏(‏مِلْكِي ثُمَّ مَلَكْتُهُ بَعْدَ‏)‏ الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ وَنَحْوِهِمَا ‏(‏قُبِلَ‏)‏ مِنْهُ ذَلِكَ ‏(‏بِبَيِّنَةٍ‏)‏ تَشْهَدُ بِهِ ‏(‏مَا لَمْ يُكَذِّبْهَا‏)‏ أَيْ الْبَيِّنَةَ ‏(‏بِأَنْ كَانَ أَقَرَّ أَنَّهُ‏)‏ أَيْ الْمَبِيعَ أَوْ الْمَوْهُوبَ وَنَحْوَهُ ‏(‏مِلْكُهُ أَوْ قَالَ قَبَضْت ثَمَنَ مِلْكِي وَنَحْوِهِ‏)‏ كَأَنْ قَالَ بِعْتُك أَوْ وَهَبْتُك مِلْكِي هَذَا فَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّهَا تَشْهَدُ بِخِلَافِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّهُ إنَّمَا تَصَرَّفَ فِيمَا لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيمَا إذَا ادَّعَى بَائِعٌ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقْفًا عَلَيْهِ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ مَلَكَهُ الْآنَ‏.‏

‏(‏وَمَنْ قَالَ قَبَضْت مِنْهُ‏)‏ أَيْ فُلَانٍ ‏(‏أَلْفًا وَدِيعَةً فَتَلِفَتْ فَقَالَ‏)‏ مُقَرٌّ لَهُ بَلْ أَخَذْت الْأَلْفَ ‏(‏ثَمَنَ مَبِيعٍ لَمْ تُقْبِضْنِيهِ لَمْ يَضْمَنْ‏)‏ الْمُقِرُّ الْأَلْفَ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عَدَمِ ضَمَانِهِمَا وَحَلَفَ عَلَى مَا يُنْكِرُهُ ‏(‏وَيَضْمَنُ‏)‏ الْمُقِرُّ الْأَلْفَ ‏(‏إنْ قَالَ‏)‏ قَبَضْت مِنْهُ أَلْفًا وَدِيعَةً فَقَالَ بَلْ ‏(‏غَصْبًا‏)‏ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِكُلِّ حَالٍ ‏(‏وَعَكْسُهُ‏)‏ أَيْ مَا تَقَدَّمَ ‏(‏أَعْطَيْتنِي أَلْفًا وَدِيعَةً فَتَلِفَتْ فَقَالَ‏)‏ مُقَرٌّ لَهُ بَلْ أَخَذْت مِنِّي الْأَلْفَ ‏(‏غَصْبًا‏)‏ فَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهُ غَصَبَهُ الْأَلْفَ وَضَمِنَهُ الْمُقِرُّ‏.‏

قَالَ فِي شَرْحِهِ‏:‏ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِفِعْلِ الدَّافِعِ بِقَوْلِهِ‏:‏ أَعْطَيْتنِي‏.‏

فصل‏:‏ مَنْ قَالَ غَصَبْت هَذَا الْعَبْدَ مِنْ زَيْدٍ

وَمَنْ قَالَ غَصَبْت هَذَا الْعَبْدَ مِنْ زَيْدٍ لَا بَلْ مِنْ عَمْرٍو فَهُوَ لِزَيْدٍ لِإِقْرَارِهِ لَهُ بِهِ وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏غَصَبْتُهُ مِنْهُ‏)‏ أَيْ مِنْ زَيْدٍ ‏(‏وَغَصَبَهُ هُوَ مِنْ عَمْرٍو‏)‏ فَهُوَ لِزَيْدٍ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْغَصْبِ مِنْهُ تَضَمَّنَ كَوْنَهُ لَهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏هَذَا‏)‏ الْعَبْدُ أَوْ الثَّوْبُ وَنَحْوَهُ ‏(‏لِزَيْدٍ لَا بَلْ لِعَمْرٍو‏)‏ فَهُوَ لِزَيْدٍ لِإِقْرَارِهِ بِالْمِلْكِ لَهُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو وَلِإِقْرَارِهِ بِهِ لَهُ وَتَفْوِيتُ عَيْنِهِ عَلَيْهِ لِإِقْرَارِهِ بِهِ لِزَيْدٍ أَوَّلًا ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏مِلْكٌ لِعَمْرٍو وَغَصَبْته مِنْ زَيْدٍ فَهُوَ لِزَيْدٍ‏)‏ لِإِقْرَارِهِ لَهُ بِالْيَدِ ‏(‏وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِعَمْرٍو‏)‏ لِإِقْرَارِهِ بِالْمِلْكِ لَهُ وَلِوُجُودِ الْحَيْلُولَةِ بِالْإِقْرَارِ بِالْيَدِ لِزَيْدٍ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏غَصَبْته مِنْ زَيْدٍ وَمِلْكُهُ لِعَمْرٍو فَهُوَ لِزَيْدٍ‏)‏ لِإِقْرَارِهِ بِالْيَدِ لَهُ ‏(‏وَلَا يَغْرَمُ لِعَمْرٍو شَيْئًا‏)‏ لِأَنَّهُ إنَّمَا شَهِدَ لَهُ بِهِ‏.‏

أَشْبَهَ مَا لَوْ شَهِدَ لَهُ بِمَالٍ بِيَدِ غَيْرِهِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ غَصَبْتُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا‏)‏ أَوْ هُوَ لِأَحَدِهِمَا صَحَّ الْإِقْرَارُ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ وَلِلْمَجْهُولِ و‏(‏لَزِمَهُ‏)‏ أَيْ الْمُقِرَّ ‏(‏تَعَيُّنُهُ‏)‏ أَيْ الْمَالِكِ مِنْهُمَا لِيَدْفَعَ إلَيْهِ ‏(‏وَيَحْلِفُ لِلْآخَرِ‏)‏ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ غَصَبَهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ يُنْكِرُهُ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَغْرَمْ لَهُ شَيْئًا ‏(‏وَإِنْ قَالَ لَا أَعْلَمُهُ‏)‏ أَيْ الْمَالِكَ مِنْهُمَا ‏(‏فَصَدَّقَاهُ‏)‏ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ ‏(‏انْتَزَعَ‏)‏ الْمَغْصُوبُ ‏(‏مِنْ يَدِهِ‏)‏ لِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ ‏(‏وَكَانَا خَصْمَيْنِ فِيهِ‏)‏ لِادِّعَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا إيَّاهُ ‏(‏وَإِنْ كَذَّبَاهُ‏)‏ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لِي وَلَمْ تُبَيِّنْ ذَلِكَ ‏(‏حَلَفَ لَهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً‏)‏ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ، ثُمَّ إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ حُكِمَ لَهُ بِهَا وَإِلَّا أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا فَمَنْ قَرَعَ حَلَفَ وَأَخَذَهُ، ثُمَّ إنْ عَيَّنَ الْغَاصِبَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ قُبِلَ مِنْهُ وَكَانَ لِمَنْ عَيَّنَهُ لَهُ كَمَا لَوْ بَيَّنَهُ قَبْلُ‏.‏

وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَنْ هُوَ لَهُ مِنْهُمَا سَلَّمَ إلَى أَحَدِهِمَا بِقُرْعَةٍ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْآخَرِ‏.‏

وَمَنْ بِيَدِهِ عَبْدَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِزَيْدٍ فَادَّعَى عَلَيْهِ زَيْدٌ بِمُوجِبِ إقْرَارِهِ طُولِبَ بِالْبَيَانِ فَإِنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا فَصَدَّقَهُ زَيْدٌ أَخَذَهُ، وَإِنْ قَالَ هَذَا لِي وَالْآخَرُ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ فِيمَا يُنْكِرُهُ‏.‏

وَإِنْ ادَّعَى زَيْدٌ الْعَبْدَ الْآخَرَ وَحْدَهُ فَقَوْلُ الْمُقِرِّ بِيَمِينِهِ فِي الْعَبْدِ الَّذِي أَنْكَرَهُ وَلَا يُدْفَعُ إلَى زَيْدٍ الْعَبْدَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَدِّقْهُ عَلَى إقْرَارِهِ وَإِنْ أَبَى التَّعْيِينَ فَعَيَّنَهُ الْمُقِرُّ لَهُ وَقَالَ هَذَا عَبْدِي طُولِبَ الْمُقِرُّ بِالْجَوَابِ فَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ وَكَانَ كَمَا لَوْ عَيَّنَ الْعَبْدَ الْآنَ وَإِنْ نَكَلَ قَضَى عَلَيْهِ‏.‏

وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ فَهُوَ كَتَعْيِينِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ مَنْ بِيَدِهِ نَحْوُ عَبْدٍ فَقَالَ ‏(‏أَخَذْتُهُ مِنْ زَيْدٍ‏)‏ فَطَلَبَهُ زَيْدٌ ‏(‏لَزِمَهُ رَدُّهُ‏)‏ لَهُ ‏(‏لِاعْتِرَافِهِ‏)‏ لَهُ ‏(‏بِالْيَدِ، وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏مَلَكْتُهُ‏)‏ عَلَى يَدِ زَيْدٍ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏قَبَضْتُهُ‏)‏ عَلَى يَدِ زَيْدٍ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏وَصَلَ إلَيَّ عَلَى يَدِهِ‏)‏ أَيْ زَيْدٍ ‏(‏لَمْ يُعْتَبَرْ لِزَيْدٍ قَوْلٌ‏)‏ مِنْ تَصْدِيقٍ أَوْ ضِدِّهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ لَهُ بِيَدٍ بَلْ كَانَ سَفِيرًا‏.‏

‏(‏وَمَنْ قَالَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَإِلَّا‏)‏ يَكُنْ لِزَيْدٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ ‏(‏فَلِعَمْرٍو‏)‏ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏لِزَيْدٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَإِلَّا‏)‏ يَكُنْ لِزَيْدٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ ‏(‏فَلِعَمْرٍو‏)‏ عَلَيَّ ‏(‏مِائَةُ دِينَارٍ فَهِيَ‏)‏ أَيْ الْمِائَةُ دِرْهَمٍ ‏(‏لِزَيْدٍ‏)‏ لِإِقْرَارِهِ لَهُ بِهَا ‏(‏وَلَا شَيْءَ لِعَمْرٍو‏)‏ لِأَنَّ إقْرَارَهُ مُعَلَّقٌ فَلَا يَصِحُّ‏.‏

‏(‏وَمَنْ أَقَرَّ‏)‏ لِشَخْصٍ ‏(‏بِأَلْفٍ فِي وَقْتَيْنِ فَإِنْ ذَكَرَ‏)‏ فِي إقْرَارِهِ ‏(‏مَا‏)‏ أَيْ شَيْئًا ‏(‏يَقْتَضِي التَّعَدُّدَ كَسَبَبَيْنِ‏)‏ كَأَنْ أَقَرَّ لَهُ عَلَى أَلْفٍ مِنْ قَرْضٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ ‏(‏أَوْ أَجَلَيْنِ‏)‏ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مَحَلُّهُ رَجَبٌ وَلَهُ أَلْفٌ مَحَلُّهُ شَهْرُ رَمَضَانَ ‏(‏أَوْ سِكَّتَيْنِ‏)‏ كَقَوْلِهِ لَهُ أَلْفُ قِرْشٍ وَرِيَالٍ وَلَهُ أَلْفُ قِرْشٍ بَنَادِقَةٍ ‏(‏لَزِمَهُ أَلْفَانِ‏)‏ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا غَيْرُ الْآخَرِ فَهُوَ مُقِرٌّ بِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى صِفَةٍ فَوَجَبَا كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يَذْكُرْ مَا يَقْتَضِي التَّعَدُّدَ لَزِمَهُ ‏(‏أَلْفٌ‏)‏ وَاحِدٌ ‏(‏وَلَوْ تَكَرَّرَ الْإِشْهَادُ‏)‏ بِهِ عَلَيْهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ كَرَّرَ الْخَبَرَ عَنْ الْأَوَّلِ كَإِخْبَارِهِ تَعَالَى عَنْ إرْسَالِ نُوحٍ وَهُودٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَصَالِحٍ وَغَيْرِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ الْمَذْكُورُ مِنْهُمْ فِي قِصَّةٍ غَيْرِ الْمَذْكُورِ فِي الْأُخْرَى وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِمَّا زَادَ عَلَى الْأَلْفِ ‏(‏وَإِنْ قَيَّدَ أَحَدَهُمَا‏)‏ أَيْ الْأَلْفَيْنِ ‏(‏بِشَيْءٍ‏)‏ كَقَوْلِهِ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ قَرْضٍ ثُمَّ يَقُولُ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَيُطْلِقُ ‏(‏فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقَ عَلَيْهِ‏)‏ أَيْ الْمُقَيَّدِ وَيَلْزَمُهُ أَلْفٌ وَاحِدٌ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِمَّا زَادَ عَلَيْهَا‏.‏

قَالَ الْأَزَجِيُّ وَلَوْ أَقَرَّ بِأَلْفٍ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ أَقَرَّ فِي شَعْبَانَ بِقَبْضِ خَمْسِمِائَةٍ وَبَيِّنَةً أَنَّهُ أَقَرَّ فِي رَمَضَانَ بِقَبْضِ ثَلَثمِائَةِ وَبَيِّنَةً أَنَّهُ- أَقَرَّ فِي شَوَّالٍ بِقَبْضِ مِائَتَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا قَبْضُ خَمْسِمِائَةٍ وَالْبَاقِي تَكْرَارٌ وَلَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَتَانِ بِالْقَبْضِ فِي شَعْبَانَ وَفِي رَمَضَانَ وَفِي شَوَّالٍ ثَبَتَ الْكُلُّ لِأَنَّ هَذِهِ تَوَارِيخُ الْمَقْبُوضِ وَالْأَوَّلَ تَوَارِيخُ الْإِقْرَارِ‏.‏

‏(‏وَإِنْ ادَّعَى اثْنَانِ دَارًا بِيَدِ غَيْرِهِمَا لِشَرِكَةٍ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فَأَقَرَّ‏)‏ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ ‏(‏لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِهَا فَ‏)‏ النِّصْفُ ‏(‏الْمُقَرُّ‏)‏ بِهِ ‏(‏بَيْنَهُمَا‏)‏ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّ الدَّارَ لَهُمَا عَلَى الشُّيُوعِ فَمَا غَصَبَهُ الْغَاصِبُ فَهُوَ مِنْهُمَا وَالْبَاقِي لَهُمَا‏.‏

‏(‏وَمَنْ قَالَ بِمَرَضِ مَوْتِهِ الْمَخُوفِ هَذَا الْأَلْفُ لُقَطَةٌ فَتَصَدَّقُوا بِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرَهُ لَزِمَ الْوَرَثَةَ الصَّدَقَةُ بِجَمِيعِهِ‏)‏ أَيْ الْأَلْفِ ‏(‏وَلَوْ كَذَّبُوهُ‏)‏ أَيْ الْوَرَثَةَ فِي أَنَّهُ لُقَطَةٌ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِالصَّدَقَةِ بِهِ دَلَّ عَلَى تَعَدِّيهِ فِيهِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَهُوَ إقْرَارٌ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَوَجَبَ امْتِثَالٌ كَإِقْرَارِهِ فِي الصِّحَّةِ‏.‏

‏(‏وَمَنْ ادَّعَى دَيْنًا عَلَى مَيِّتٍ وَهُوَ جَمِيعُ تَرِكَتِهِ فَصَدَّقَهُ الْوَرَثَةُ ثُمَّ‏)‏ ادَّعَى ‏(‏آخَرُ مِثْلَ ذَلِكَ فَصَدَّقُوهُ فِي مَجْلِسٍ‏)‏ وَاحِدٍ ‏(‏فَ‏)‏ التَّرِكَةُ ‏(‏بَيْنَهُمَا‏)‏ لِأَنَّ حَالَةَ الْمَجْلِسِ كُلَّهَا كَحَالَةٍ وَاحِدَةٍ بِدَلِيلِ الْقَبْضِ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ وَالْخِيَارُ وَلُحُوقُ الزِّيَادَةِ بِالْعَقْدِ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يَكُنْ تَصْدِيقُ الْوَرَثَةِ لِلْمُدَّعِي ثَانِيًا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ ‏(‏فَ‏)‏ التَّرِكَةُ كُلُّهَا ‏(‏لِلْأَوَّلِ‏)‏ لِأَنَّهُمْ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُمْ لِلثَّانِي لِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ بِحَقٍّ عَلَى غَيْرِهِمْ لِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ بِمَا يَقْتَضِي مُشَارَكَةَ الْأَوَّلِ فِي التَّرِكَةِ وَيَنْقُصُ حَقُّهُ مِنْهَا ‏(‏وَإِنْ أَقَرُّوا‏)‏ أَيْ الْوَرَثَةُ ‏(‏بِهَا‏)‏ أَيْ التَّرِكَةِ وَلَا دَيْنَ ‏(‏لِزَيْدٍ ثُمَّ‏)‏ أَقَرُّوا بِهَا ‏(‏لِعَمْرٍو فَهِيَ لِزَيْدٍ‏)‏ سَوَاءٌ أَقَرُّوا فِي مَجْلِسٍ أَوْ أَكْثَرَ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ لِزَيْدٍ بِالْإِقْرَارِ لَهُ بِهَا فَإِقْرَارُهُمْ لِعَمْرٍو إقْرَارٌ بِمِلْكِ الْغَيْرِ ‏(‏وَيَغْرَمُونَهَا‏)‏ أَيْ يَغْرَمُ الْوَرَثَةُ التَّرِكَةَ أَيْ بَدَلَهَا ‏(‏لِعَمْرٍو‏)‏ لِأَنَّهُمْ فَوَّتُوهَا عَلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ بِهَا لِزَيْدٍ‏.‏

‏(‏وَإِنْ أَقَرُّوا بِهَا لَهُمَا‏)‏ أَيْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ بِالتَّرِكَةِ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو ‏(‏مَعًا‏)‏ أَيْ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ ‏(‏فَ‏)‏ التَّرِكَةُ ‏(‏بَيْنَهُمَا‏)‏ سَوِيَّةً لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ ‏(‏وَ‏)‏ إنْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ بِالتَّرِكَةِ ‏(‏لِأَحَدِهِمَا‏)‏ دُونَ الْآخَرَ ‏(‏فَهِيَ لَهُ‏)‏ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ بِإِقْرَارِهِمْ ‏(‏وَيَحْلِفُونَ لِلْآخَرِ‏)‏ إنْ ادَّعَاهَا وَلَا بَيِّنَةَ لِإِنْكَارِهِمْ‏.‏

‏(‏وَمَنْ خَلَفَ ابْنَيْنِ‏)‏ أَوْ شَقِيقَيْنِ مِنْ أَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ وَنَحْوِهِمَا ‏(‏وَمِائَتَيْنِ وَادَّعَى شَخْصٌ مِائَةً دَيْنًا عَلَى الْمَيِّتِ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا‏)‏ أَيْ الْوَارِثَيْنِ ‏(‏وَأَنْكَرَ‏)‏ الْوَارِثُ ‏(‏الْآخَرُ لَزِمَ‏)‏ الْوَارِثَ ‏(‏الْمُقِرَّ نِصْفُهَا‏)‏ أَيْ الْمِائَةِ لِإِقْرَارِهِ بِهَا عَلَى أَبِيهِ وَنَحْوِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ دَيْنِهِ وَلِأَنَّهُ يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ وَأَخِيهِ فَقُبِلَ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ أَخِيهِ ‏(‏إلَّا أَنْ يَكُونَ‏)‏ الْمُقِرُّ بِالْمِائَةِ ‏(‏عَدْلًا وَيَشْهَدُ‏)‏ بِهَا لِمُدَّعِيهَا ‏(‏وَيَحْلِفُ‏)‏ مُدَّعِيهَا ‏(‏مَعَهُ فَيَأْخُذُهَا‏)‏ كَمَا لَوْ شَهِدَ بِهَا غَيْرُهُ وَحَلَفَ ‏(‏وَتَكُونُ‏)‏ الْمِائَةُ ‏(‏الْبَاقِيَةُ بَيْنَ الِابْنَيْنِ‏)‏ أَوْ الْأَخَوَيْنِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنْ كَانَ ضَامِنًا لِمُوَرِّثِهِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ عَلَى أَخِيهِ لِدَفْعِهِ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ ضَرَرًا ‏(‏وَإِنْ خَلَفَ‏)‏ مَيِّتٌ ‏(‏ابْنَيْنِ‏)‏ أَوْ نَحْوِهِمَا ‏(‏وَقِنَّيْنِ‏)‏ عَبْدَيْنِ أَوْ أَمَتَيْنِ أَوْ عَبْدًا وَأَمَةً ‏(‏مُتَسَاوِيَيْ الْقِيمَةِ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمَا فَقَالَ أَحَدُ الِابْنَيْنِ‏)‏ عَنْ أَحَدِ الْقِنَّيْنِ ‏(‏أَبِي أَعْتَقَ هَذَا بِمَرَضِ مَوْتِهِ‏)‏ الْمَخُوفِ ‏(‏فَقَالَ‏)‏ الِابْنُ ‏(‏الْآخَرُ‏)‏ عَنْ الْقِنِّ الْآخَرِ ‏(‏بَلْ‏)‏ أَعْتَقَ ‏(‏هَذَا عَتَقَ مِنْ كُلٍّ‏)‏ مِنْ الْقِنَّيْنِ ‏(‏ثُلُثُهُ وَصَارَ لِكُلِّ ابْنٍ‏)‏ مِنْ الِابْنَيْنِ ‏(‏سُدُسُ مَنْ أَقَرَّ بِعِتْقِهِ‏)‏ مِنْ الْقِنَّيْنِ ‏(‏وَنِصْفُ‏)‏ الْقِنِّ ‏(‏الْآخِرِ‏)‏ الْمُنْكَرِ عِتْقُهُ لِأَنَّ حَقَّ كُلٍّ مِنْ الِابْنَيْنِ نِصْفُ الْقِنَّيْنِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي عِتْقِ حَقِّهِ مِمَّنْ عَيَّنَهُ وَهُوَ ثُلُثَا النِّصْفِ الَّذِي هُوَ لَهُ وَهُوَ ثُلُثُ جَمِيعِهِ وَلِأَنَّهُ يَعْتَرِفُ بِحُرِّيَّةِ ثُلُثَيْهِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّهِ مِنْهُمَا وَهُوَ الثُّلُثُ وَيَبْقَى الرِّقُّ فِي ثُلُثِ النِّصْفِ وَهُوَ سُدُسٌ وَنِصْفُ الَّذِي يُنْكَرُ عِتْقُهُ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا‏)‏ أَيْ الِابْنَيْنِ عَنْ قِنٍّ مِنْ الْقِنَّيْنِ ‏(‏أَبِي أَعْتَقَ هَذَا وَقَالَ‏)‏ الِابْنُ ‏(‏الْآخَرُ أَبِي أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا وَأَجْهَلُهُ أُقْرِعَ‏.‏

بَيْنَهُمَا‏)‏ أَيْ الْقِنَّيْنِ لِتَعْيِينِ مَنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ ‏(‏فَإِنْ وَقَعَتْ‏)‏ الْقُرْعَةُ ‏(‏عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ أَحَدُهُمَا‏)‏ أَيْ الِابْنَيْنِ مِنْ الْقِنَّيْنِ ‏(‏عَتَقَ ثُلُثَاهُ‏)‏ كَمَا لَوْ عَيَّنَاهُ بِقَوْلِهِمَا ‏(‏إنْ لَمْ يُجِيزَا‏)‏ عِتْقَ ‏(‏بَاقِيهِ‏)‏ فَإِنْ أَجَازَاهُ عَتَقَ كُلُّهُ ‏(‏وَإِنْ وَقَعَتْ‏)‏ الْقُرْعَةُ ‏(‏عَلَى الْآخَرِ‏)‏ الَّذِي لَمْ يُعَيِّنْهُ أَحَدُ الِابْنَيْنِ ‏(‏فَكَمَا لَوْ عَيَّنَ‏)‏ الِابْنُ ‏(‏الْآخَرُ الثَّانِي‏)‏ فَلِكُلٍّ مِنْ الِابْنَيْنِ سُدُسُ الْقِنِّ الَّذِي عَيَّنَهُ وَنِصْفُ الْآخَرِ وَيَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ثُلُثُهُ وَإِنْ قَالَ أَعْتَقَ أَبُونَا أَحَدَهُمَا وَلَا نَعْلَمُ عَيْنَهُ أُقْرِعَ بَيْنَ الْقِنَّيْنِ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ عَتَقَ ثُلُثَاهُ إنْ لَمْ يُجِيزَا بَاقِيهِ وَرُقَّ الْآخَرُ وَمَنْ رَجَعَ مِنْ الِابْنَيْنِ وَقَالَ عَرَفْت الْمُعْتَقَ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقُرْعَةِ فَكَمَا لَوْ عَيَّنَهُ ابْتِدَاءً وَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَوَافَقَ تَعْيِينُهُ الْقُرْعَةَ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ وَإِنْ خَالَفَهَا عَتَقَ مِنْ الَّذِي عَيَّنَهُ ثُلُثُهُ بِتَعْيِينِهِ فَإِنْ عَيَّنَ الَّذِي عَيَّنَهُ أَخُوهُ عَتَقَ ثُلُثَاهُ وَإِنْ عَيَّنَ الْآخَرَ عَتَقَ مِنْهُ ثُلُثُهُ وَهَلْ يَبْطُلُ الْعِتْقُ فِي الَّذِي عَتَقَ بِالْقُرْعَةِ‏؟‏ عَلَى وَجْهَيْنِ أَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْوَجِيزِ وَجَزَمَ فِي الْإِقْنَاعِ أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ إذَا كَانَتْ بِحُكْمِ حَاكِمٍ‏.‏

بَابُ‏:‏ الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ

‏(‏وَهُوَ مَا احْتَمَلَ الْأَمْرَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى السَّوَاءِ‏)‏ وَقِيلَ مَا لَا يُفْهَمُ مَعْنَاهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ‏(‏ضِدُّ الْمُفَسَّرِ‏)‏ أَيْ الْمُبَيَّنِ ‏(‏مَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏كَذَا أَوْ كَرَّرَ‏)‏ ذَلِكَ ‏(‏بِوَاوٍ‏)‏ فَقَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا ‏(‏أَوْ‏)‏ كَرَّرَهُ ‏(‏بِدُونِهَا‏)‏ أَيْ الْوَاوِ بِأَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا كَذَا صَحَّ إقْرَارُهُ و‏(‏قِيلَ لَهُ فَسِّرْ‏)‏ وَيَلْزَمُهُ تَفْسِيرُهُ قَالَ فِي الشَّرْحِ بِغَيْرِ خِلَافٍ وَيُفَارِقُ الْإِقْرَارُ الدَّعْوَى حَيْثُ لَا تَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ لِأَنَّهَا لِلْمُدَّعِي وَالْإِقْرَارُ عَلَى الْمُقِرِّ فَلَزِمَ تَبْيِينُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْجَهَالَةِ دُونَ الَّذِي لَهُ وَأَيْضًا الْمُدَّعِي إذَا لَمْ تَصِحَّ دَعْوَاهُ فَلَهُ دَاعٍ إلَى تَحْرِيرِهَا وَالْمُقِرُّ لَا دَاعِيَ لَهُ إلَى تَحْرِيرِهَا مَا أَقَرَّ بِهِ وَلَا يُؤْمَنُ رُجُوعُهُ عَنْ إقْرَارِهِ فَيَضِيعُ حَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ وَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِالْإِقْرَارِ بِالْمَجْهُولِ فَإِنْ فَسَّرَهُ بِشَيْءٍ وَصَدَّقَ الْمُقَرُّ لَهُ ثَبَتَ‏.‏

‏(‏فَإِنْ أَبَى‏)‏ تَبْيِينَهُ ‏(‏حُبِسَ حَتَّى يُفَسِّرَ‏)‏ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ حَقٍّ عَلَيْهِ فَحُبِسَ بِهِ كَمَا لَوْ عَيَّنَهُ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ وَإِنْ عَيَّنَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَادَّعَاهُ فَصَدَّقَهُ الْمُقِرُّ ثَبَتَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ وَامْتَنَعَ مِنْ الْبَيَانِ قِيلَ لَهُ إنْ بَيَّنْت وَإِلَّا جَعَلْنَاك نَاكِلًا ‏(‏وَيُقْبَلُ‏)‏ تَفْسِيرُهُ فِي الْأَصَحِّ ‏(‏بِحَدِّ قَذْفٍ‏)‏ عَلَيْهِ لِلْمُقِرِّ لَهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ فَيُحَدُّ لِقَذْفِهِ بِطَلَبِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ ‏(‏بِحَقِّ شُفْعَةٍ‏)‏ لِأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ يَئُولُ إلَى الْمَالِ ‏(‏وَ‏)‏ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ أَيْضًا ‏(‏بِمَا يَجِبُ رَدُّهُ كَكَلْبٍ مُبَاحٍ نَفْعُهُ‏)‏ كَكَلْبِ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ شَيْءٌ يَجِبُ رَدُّهُ وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَالْإِيجَابُ بِتَنَاوُلِهِ فَقُبِلَ لِذَلِكَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ أَيْضًا ‏(‏بِأَقَلِّ مَالٍ‏)‏ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَقَلُّ مَالٍ‏.‏

وَ‏(‏لَا‏)‏ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ ‏(‏بِمَيْتَةٍ نَجِسَةٍ وَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ‏)‏ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَقًّا عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَيْتَةُ طَاهِرَةً كَسَمَكٍ وَجَرَادٍ يُتَمَوَّلُ قُبِلَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَا بِ ‏(‏رَدِّ سَلَامٍ وَتَشْمِيتِ عَاطِسٍ وَعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَإِجَابَةِ دَعْوَةٍ وَنَحْوِهِ‏)‏ كَصِلَةِ رَحِمٍ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَإِقْرَارُهُ يَدُلُّ عَلَى ثُبُوتِ الْحَقِّ فِي ذِمَّتِهِ ‏(‏وَلَا‏)‏ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ ‏(‏بِغَيْرِ مُتَمَوَّلٍ‏)‏ عَادَةً ‏(‏كَقِشْرِ جَوْزَةٍ وَحَبَّةِ بُرٍّ، أَوْ‏)‏ حَبَّةِ ‏(‏شَعِيرٍ‏)‏ أَوْ نَوَاةٍ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ إقْرَارَهُ اعْتِرَافٌ بِحَقٍّ عَلَيْهِ يَثْبُتُ مِثْلُهُ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ نَحْوِ هَذِهِ‏.‏

‏(‏فَإِنْ مَاتَ‏)‏ الْمُقِرُّ بِمُجْمَلٍ ‏(‏قَبْلَهُ‏)‏ أَيْ التَّفْسِيرِ ‏(‏لَمْ يُؤَاخَذْ وَارِثُهُ بِشَيْءٍ وَلَوْ خَلَفَ الْمُقِرُّ تَرِكَةً‏)‏ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ حَدَّ قَذْفٍ ‏(‏وَإِنْ‏)‏ لَمْ يَمُتْ مُقِرٌّ وَلَمْ يُنْكِرْ إقْرَارُهُ بَلْ ‏(‏قَالَ لَا عِلْمَ لِي بِمَا أَقْرَرْت بِهِ‏)‏ مِنْ قَوْلِي لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ كَذَا وَنَحْوُهُ ‏(‏حَلَفَ‏)‏ عَلَى ذَلِكَ إنْ طَلَبَهُ مُقِرٌّ لَهُ ‏(‏وَلَزِمَهُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ كَالْوَصِيَّةِ بِشَيْءٍ‏)‏ فَتُعْطَى الْوَرَثَةُ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ قَوْلُهُ ‏(‏غَصَبْت مِنْهُ‏)‏ شَيْئًا ‏(‏أَوْ غَصَبْتُهُ شَيْئًا يُقْبَلُ‏)‏ تَفْسِيرُهُ ‏(‏بِخَمْرٍ وَنَحْوِهِ‏)‏ كَكَلْبٍ وَجِلْدِ مَيْتَةٍ نَجِسَةٍ لِوُقُوعِ اسْمِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ وَالْغَصْبُ هُوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ و‏(‏لَا‏)‏ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ ‏(‏بِنَفْسِهِ‏)‏ أَيْ الْمُقَرِّ لَهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ أَيْ وَلَا بِغَصْبِ ‏(‏وَلَدِهِ‏)‏ أَيْ الْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّ الْغَصْبَ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى وَلَدِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏غَصَبْتُهُ فَقَطْ‏)‏ وَلَمْ يَقْبَلْ شَيْئًا ‏(‏يُقْبَلُ‏)‏ تَفْسِيرُهُ ‏(‏بِحَبْسِهِ وَسِجْنِهِ‏)‏ لِأَنَّ غَصْبَ الْحُرِّ هُوَ ذَلِكَ ‏(‏وَلَهُ عَلَيَّ مَالٌ يُقْبَلُ‏)‏ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ لَفْظُ الْمَالِ حَقِيقَةً وَعُرْفًا‏.‏

‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏مَالٌ عَظِيمٌ أَوْ‏)‏ مَالٌ ‏(‏خَطِيرٌ أَوْ‏)‏ مَالٌ ‏(‏كَثِيرٌ أَوْ‏)‏ مَالٌ ‏(‏جَلِيلٌ أَوْ مَالٌ نَفِيسٌ أَوْ‏)‏ مَالٌ عَزِيزٌ أَوْ زَادَ عِنْدَ اللَّهِ بِأَنْ قَالَ‏:‏ عَظِيمٌ عِنْدَ اللَّهِ أَوْ خَطِيرٌ عِنْدَ اللَّهِ إِلَخْ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ عَظِيمٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ وَنَحْوُهُ ‏(‏عِنْدِي يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ‏)‏ ذَلِكَ ‏(‏بَأَقَلِّ مُتَمَوَّلٍ‏)‏ لِأَنَّ الْعَظِيمَ وَالْخَطِيرَ وَالْكَثِيرَ وَالْجَلِيلَ وَالنَّفِيسَ وَالْعَزِيزَ لَا حَدَّ لَهُ شَرْعًا وَلَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا وَيَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهِ، فَقَدْ يَكُونُ عَظِيمًا عِنْدَ بَعْضٍ حَقِيرًا عِنْدَ غَيْرِهِ، وَمَا مِنْ مَالٍ إلَّا وَهُوَ عَظِيمٌ كَثِيرٌ خَطِيرٌ نَفِيسٌ جَلِيلٌ وَلَوْ عِنْدَ بَعْضٍ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ ‏(‏بِأُمِّ وَلَدٍ‏)‏ لِأَنَّهَا مَالٌ يَغْرَمُ قَاتِلُهَا قِيمَتَهَا ‏(‏وَلَهُ‏)‏ عَلَيَّ ‏(‏دَرَاهِمُ أَوْ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ يُقْبَلُ‏)‏ تَفْسِيرُهُ ‏(‏بِثَلَاثَةِ‏)‏ دَرَاهِمَ ‏(‏فَأَكْثَرَ‏)‏ وَكَذَا لَوْ قَالَ دَرَاهِمُ عَظِيمَةٌ أَوْ وَافِرَةٌ لِأَنَّ الْكَثِيرَةَ وَالْعَظِيمَةَ وَالْوَافِرَةَ لَا حَدَّ لَهَا لُغَةً وَلَا شَرْعًا وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْإِضَافَاتِ وَأَحْوَالِ النَّاسِ، وَالثَّلَاثَةُ أَكْثَرُ مِمَّا دُونَهَا وَأَقَلُّ مِمَّا فَوْقَهَا، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَسْتَعْظِمُ الْيَسِيرَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْتَقِرُ الْكَثِيرَ، وَلِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَقَلُّ الْجَمْعِ وَهِيَ الْيَقِينُ، فَلَا يَجِبُ مَا زَادَ عَلَيْهَا بِالِاحْتِمَالِ و‏(‏لَا‏)‏ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهَا ‏(‏بِمَا يُوزَنُ بِالدَّرَاهِمِ عَادَةً كَإِبْرَيْسَمٍ وَنَحْوِهِ‏)‏ كَزَعْفَرَانٍ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمُتَبَادَرِ ‏(‏وَلَهُ عَلَيَّ حَبَّةٌ أَوْ قَالَ‏)‏ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏جَوْزَةٌ أَوْ نَحْوُهَا فَيُصْرَفُ‏)‏ إطْلَاقُهُ ‏(‏إلَى الْحَقِيقَةِ وَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ‏)‏ ذَلِكَ ‏(‏بِحَبَّةِ بُرٍّ وَنَحْوِهَا‏)‏ كَحَبَّةِ شَعِيرٍ أَوْ أَرُزٍّ أَوْ بَاقِلَّاءَ لِأَنَّهَا لَا تُتَمَوَّلُ عَادَةً ‏(‏وَلَا يُقْبَلُ‏)‏ تَفْسِيرُهُ ‏(‏بِشَيْءٍ‏)‏ مِنْ خُبْزٍ وَنَحْوِهِ ‏(‏قَدْرَ جَوْزَةٍ‏)‏ لِأَنَّهُ غَيْرُ حَقِيقَةِ الْجَوْزَةِ ‏(‏وَلَهُ عَلَيَّ كَذَا‏)‏ دِرْهَمٌ ‏(‏أَوْ وَكَذَا كَذَا دِرْهَمٌ‏.‏

بِالرَّفْعِ أَوْ بِالنَّصْبِ‏)‏ لِدِرْهَمٍ ‏(‏لَزِمَهُ دِرْهَمٌ‏)‏ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ‏.‏

أَمَّا فِي الرَّفْعِ فَلِأَنَّ تَقْدِيرَهُ مَعَ عَدَمِ التَّكْرَارِ شَيْءٌ هُوَ دِرْهَمٌ فَالدِّرْهَمُ بَدَلٌ مِنْ كَذَا وَالتَّكْرَارُ لِلتَّأْكِيدِ لَا يَقْتَضِي زِيَادَةً كَأَنَّهُ قَالَ شَيْءٌ شَيْءٌ هُوَ دِرْهَمٌ وَالتَّكْرَارُ مَعَ الْوَاوِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ شَيْئَانِ هُمَا دِرْهَمٌ لِأَنَّهُ ذَكَرَ شَيْئَيْنِ وَأَبْدَلَ مِنْهُمَا دِرْهَمًا وَالنَّصْبُ فَالدِّرْهَمُ مُمَيَّزٌ لِمَا قَبْلَهُ فَهُوَ مُفَسَّرٌ وَقَالَ بَعْضُ النُّحَاةِ هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْقَطْعِ كَأَنَّهُ قَطَعَ مَا أَقَرَّ بِهِ وَأَقَرَّ بِدِرْهَمٍ‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ الْكُلُّ‏)‏ أَيْ الصُّوَرُ الثَّلَاثُ ‏(‏بِالْجَرِّ‏)‏ أَيْ جَرِّ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ بَعْضُ دِرْهَمٍ لِأَنَّهُ مَخْفُوضٌ بِإِضَافَةٍ فَالْمَعْنَى لَهُ بَعْضُ دِرْهَمٍ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت نِصْفَ دِرْهَمٍ أَوْ رُبْعَهُ أَوْ ثُمُنَهُ وَنَحْوَهُ قُبِلَ وَإِذَا كَرَّرَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَضَافَ جُزْءًا إلَى جُزْءٍ ثُمَّ أَضَافَ الْجُزْءَ الْأَخِيرَ إلَى الدِّرْهَمِ ‏(‏أَوْ وَقَفَ‏)‏ بِأَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَم أَوْ كَذَا وَكَذَا دِرْهَم أَوْ كَذَا وَكَذَا دِرْهَم وَلَمْ يَرْفَعْ الدِّرْهَمَ وَلَمْ يَنْصِبْهُ وَلَمْ يَخْفِضْهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ ‏(‏لَزِمَهُ بَعْضُ دِرْهَمٍ‏)‏ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَجْرُورٌ وَسَقَطَتْ حَرَكَتُهُ لِلْوَقْفِ ‏(‏وَحِينَئِذٍ يُفَسِّرُهُ‏)‏ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت جُزْءًا مِنْ أَلْفِ جُزْءٍ مِنْ دِرْهَمٍ قُبِلَ مِنْهُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِهِ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ يُقْبَلُ بِمَا يُتَمَوَّلُ عَادَةً مِنْهُ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ وَإِنْ قَالَ بَعْضُ الْعَشَرَةِ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ بِمَا شَاءَ مِنْهَا وَشَطْرُهَا نِصْفُهَا ‏(‏وَلَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَفَسَّرَهُ بِجِنْسٍ‏)‏ وَاحِدٍ كَدَرَاهِمَ وَثِيَابٍ أَوْ تُفَّاحٍ أَوْ رُمَّانٍ وَنَحْوِهِ قُبِلَ ‏(‏أَوْ‏)‏ فَسَّرَهُ بِ ‏(‏أَجْنَاسٍ‏)‏ كَقَوْلِهِ مِائَةٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَمِائَةٌ مِنْ الثِّيَابِ وَمِائَةٌ مِنْ الْأَوَانِي وَهَكَذَا ‏(‏لَا‏)‏ إنْ فَسَّرَ الْأَلْفَ ‏(‏بِنَحْوِ كِلَابٍ قُبِلَ‏)‏ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ لَفْظُهُ وَأَمَّا الْكِلَابُ وَالسِّبَاعُ‏.‏

وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَلَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِهِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ اعْتِرَافٌ بِحَقٍّ عَلَيْهِ يَثْبُتُ نَحْوُهُ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ هَذِهِ‏.‏

‏(‏وَلَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏أَلْفٌ وَدِينَارٌ أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏لَهُ‏)‏ عَلَيَّ ‏(‏أَلْفٌ وَثَوْبٌ‏)‏ أَوْ وَفَرَسٌ أَوْ وَعَبْدٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏أَلْفٌ وَمُدَبَّرٌ‏)‏ أَوْ أَلْفٌ وَتُفَّاحَةٌ وَنَحْوُهُ ‏(‏أَوْ أَخَّرَ الْأَلْفَ‏)‏ فَقَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَأَلْفٌ وَدِينَارٌ وَأَلْفٌ أَوْ ثَوْبٌ وَأَلْفٌ أَوْ مُدَبَّرٌ وَأَلْفٌ وَنَحْوُهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏أَلْفٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا‏)‏ أَوْ أَلْفٌ وَعِشْرُونَ فَرَسًا ‏(‏أَوْ لَمْ يَعْطِفْ‏)‏ بِأَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ أَلْفٌ خَمْسُونَ دِينَارًا ‏(‏أَوْ عَكَسَ‏)‏ بِأَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ خَمْسِمِائَةٍ دِرْهَمٍ وَأَلْفٌ أَوْ لَهُ عَلَيَّ خَمْسُونَ دِينَارًا وَأَلْفٌ ‏(‏فَالْمُبْهَمُ‏)‏ فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ وَنَحْوِهَا ‏(‏مِنْ جِنْسِ مَا ذُكِرَ مَعَهُ‏)‏ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَكْتَفِي بِتَفْسِيرِ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ عَنْ الْأُخْرَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا‏}‏ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَادَ تِسْعُ سِنِينَ فَاكْتَفَى بِذِكْرِهِ فِي الْأُولَى وَلِأَنَّهُ ذَكَرَ مُبْهَمًا مَعَ مُفَسَّرِهِ وَلَمْ يُقِمْ الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ‏.‏

وَأَمَّا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَتِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِرْهَمًا فَالْكُلُّ دَرَاهِمُ‏.‏

قَالَ فِي الشَّرْحِ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ ‏(‏وَمِثْلُهُ‏)‏ أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَسَائِلِ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏دِرْهَمٌ وَنِصْفٌ‏)‏ فَالنِّصْفُ مِنْ دِرْهَمٍ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ مِثْلُهُ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏أَلْفٌ إلَّا دِرْهَمًا‏)‏ فَالْجَمِيعُ دَرَاهِمُ ‏(‏أَوْ‏)‏ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ‏(‏إلَّا دِينَارًا‏)‏ فَالْكُلُّ دَنَانِيرُ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَسْتَثْنِي فِي الْإِثْبَاتِ إلَّا مِنْ الْجِنْسِ، فَمَتَى عَلِمَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ عَلِمَ الْآخَرُ، كَمَا لَوْ عَلِمَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ‏.‏

وَيُقَالُ الِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ‏.‏

‏(‏وَلَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ بِدِينَارٍ لَزِمَهُ دَرَاهِمُ بِسِعْرِهِ‏)‏ أَيْ الدِّينَارِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى لَفْظِهِ، وَلَهُ عَلَيَّ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَدِينَارٌ بِالرَّفْعِ لَزِمَهُ دِينَارٌ وَاثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا، وَإِنْ نَصَبَ نَحْوَ فَقَالَ لَهُ عَلَيَّ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَدِينَارًا فَمَعْنَاهُ أَنَّ الِاثْنَيْ عَشَرَ دَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ فَيَلْزَمُهُ سِتَّةُ دَنَانِيرَ وَسِتَّةُ دَرَاهِمَ‏.‏

ذَكَرَهُ الْمُوَفَّقُ فِي فَتَاوِيهِ ‏(‏وَلَهُ فِي هَذَا‏)‏ الْعَبْدِ أَوْ الثَّوْبِ أَوْ الْفَرَسِ أَوْ هَذِهِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا ‏(‏شِرْكٌ أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏هُوَ شَرِيكِي فِيهِ أَوْ‏)‏ قَالَ هُوَ ‏(‏شِرْكٌ بَيْنَنَا أَوْ‏)‏ قَالَ هُوَ ‏(‏لِي وَلَهُ أَوْ‏)‏ قَالَ ‏(‏لَهُ فِيهِ سَهْمٌ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ‏)‏ قَدْرَ ‏(‏حَقِّ الشَّرِيكِ‏)‏ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَارَةً تَقَعُ عَلَى النِّصْفِ وَتَارَةً عَلَى مَا دُونَهُ وَتَارَةً عَلَى مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ وَمَتَى تَرَدَّدَ اللَّفْظُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَأَكْثَرَ رَجَعَ فِي تَفْسِيرِهِ إلَى الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَلَيْسَ إطْلَاقُ الشَّرِكَةِ عَلَى مَا دُونَ النِّصْفِ مَجَازًا وَلَا مُخَالِفًا لِلظَّاهِرِ وَلِأَنَّ السَّهْمَ يُطْلَقُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ‏.‏

وَقَالَ الْقَاضِي يُحْمَلُ السَّهْمُ عَلَى السُّدُسِ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ فِيهَا‏.‏

‏(‏وَإِنْ قَالَ‏)‏ مَنْ بِيَدِهِ نَحْوِ عَبْدٍ ‏(‏لَهُ‏)‏ أَيْ لِفُلَانٍ ‏(‏فِيهِ‏)‏ أَلْفٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏مِنْهُ أَلْفٌ‏)‏ صَحَّ إقْرَارُهُ و‏(‏قِيلَ لَهُ فَسِّرْ‏)‏ سَبَبَهُ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ ‏(‏وَيُقْبَلُ‏)‏ تَفْسِيرُهُ ‏(‏بِجِنَايَةِ‏)‏ الْعَبْدِ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ ‏(‏بِقَوْلِهِ نَقَدَهُ‏)‏ أَيْ الْأَلْفِ ‏(‏فِي ثَمَنِهِ‏)‏ أَيْ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ ‏(‏أَوْ‏)‏ أَيْ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِقَوْلِهِ ‏(‏اشْتَرَى‏)‏ الْمُقِرُّ لَهُ ‏(‏رُبْعَهُ‏)‏ أَيْ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ ‏(‏بِهِ‏)‏ أَيْ الْأَلْفِ ‏(‏أَوْ‏)‏ بِقَوْلِهِ ‏(‏لَهُ فِيهِ شِرْكٌ‏)‏ أَوْ بِقَوْلِهِ إنْ مُوَرِّثِي أَوْصَى لَهُ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِهِ و‏(‏لَا‏)‏ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ ‏(‏بِأَنَّهُ رَهَنَهُ عِنْدَهُ بِهِ‏)‏ أَيْ الْأَلْفِ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الذِّمَّةِ ‏(‏وَلَهُ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لِفُلَانٍ‏)‏ عَلَيَّ ‏(‏فَفَسَّرَهُ‏)‏ بِأَكْثَرَ مِنْهُ قَدْرًا قُبِلَ وَإِنْ قَلَّ الزَّائِدُ، وَإِنْ فَسَّرَهُ ‏(‏بِدُونِهِ‏)‏ وَقَالَ أَرَدْت بِقَوْلِي أَكْثَرَ مِمَّا لِفُلَانٍ ‏(‏لِكَثْرَةِ نَفْعِهِ لِحِلِّهِ وَنَحْوِهِ‏)‏ كَبَرَكَتِهِ إذْ الْحَلَالُ أَنْفَعُ مِنْ الْحَرَامِ ‏(‏قُبِلَ‏)‏ مِنْهُ ذَلِكَ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُقِرُّ بِمَا لِفُلَانٍ أَوْ جَهِلَهُ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي لِفُلَانٍ كَذَا أَوْ لَمْ تَقُمْ، لِأَنَّهُ فَسَّرَ إقْرَارَهُ بِمَا يُحْتَمَلُ فَوَجَبَ قَبُولُهُ‏.‏

‏(‏وَلَهُ عَلَيَّ مِثْلُ مَا فِي يَدِ زَيْدٍ يَلْزَمُهُ مِثْلُهُ‏)‏ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى لَفْظِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ لَوْ قَالَ إنْسَانٌ لِآخَرَ ‏(‏لِي عَلَيْك أَلْفُ‏)‏ دِرْهَمٍ ‏(‏فَقَالَ‏)‏ فِي جَوَابِهِ ‏(‏أَكْثَرُ لَزِمَهُ‏)‏ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفٍ ‏(‏وَيُفَسِّرُهُ‏)‏ أَيْ الْأَكْثَرُ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مَا أَرَادَهُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ‏.‏

‏(‏وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ‏)‏ أَيْ عَلَى شَخْصٍ ‏(‏مَبْلَغًا فَقَالَ‏)‏ فِي جَوَابِهِ ‏(‏لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ مِمَّا لَك‏)‏ عَلَيَّ ‏(‏وَقَالَ أَرَدْت التَّهَزُّؤَ لَزِمَهُ حَقٌّ لَهُمَا‏)‏ أَيْ لِلْمُدَّعِي وَلِفُلَانٍ لِأَنَّهُ أَقَرَّ وَلِفُلَانٍ بِحَقٍّ مَوْصُوفٍ بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَا لِلْمُدَّعِي فَلَزِمَهُ وَيَجِبُ لِلْمُدَّعِي حَقُّهُ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لَهُ شَيْءٌ وَإِرَادَةُ التَّهَزُّؤِ دَعْوَى تَتَضَمَّنُ الرُّجُوعَ عَنْ الْإِقْرَارِ فَلَا تُقْبَلُ ‏(‏وَيُفَسِّرُهُ‏)‏ أَيْ يَرْجِعُ فِي تَفْسِيرِ حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَيْهِ وَلَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ لَهُ لَك عَلَيَّ مِنْ الذَّهَبِ أَكْثَرُ فَقَدْ عَيَّنَ شَيْئَيْنِ الْعَدَدَ وَأَنَّهُ أَلْفٌ وَجِنْسَ الْعَدَدِ، وَأَنَّهُ ذَهَبٌ وَأَبْهَمَ شَيْئَيْنِ قَوْلُهُ أَكْثَرُ وَنَوْعَ الذَّهَبِ فَيَرْجِعُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ أَكْثَرُ إلَيْهِ، فَإِنْ قَالَ أَكْثَرُ بَقَاءً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ فَإِنْ قَالَ أَكْثَرُ عَدَدًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ الْأَكْثَرِ أَيْضًا وَيَرْجِعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ نَوْعِ الذَّهَبِ مِنْ جَيِّدٍ أَوْ رَدِيءٍ أَوْ مَضْرُوبٍ أَوْ غَيْرِ مَضْرُوبٍ ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ‏.‏

فصل‏:‏ مَنْ قَالَ‏:‏ لَهُ عَلَيَّ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ

مَنْ قَالَ عَنْ آخَرَ لَهُ عَلَيَّ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ لَزِمَهُ لَهُ ‏(‏ثَمَانِيَةُ‏)‏ دَرَاهِمَ لِأَنَّهَا مَا بَيْنَهُمَا؛ وَكَذَا إنْ عَرَفَهُمَا فَقَالَ عَلَيَّ مَا بَيْنَ الدِّرْهَمِ وَالْعَشَرَةِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ مَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ‏)‏ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْعَشَرَةَ غَايَةً وَهِيَ غَيْرَ دَاخِلَةٍ‏.‏

قَالَ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ‏}‏ بِخِلَافِ ابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِي مُغَيَّاهَا ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ‏)‏ لِمَا تَقَدَّمَ ‏(‏وَإِنْ أَرَادَ‏)‏ الْمُقِرُّ بِذَلِكَ ‏(‏مَجْمُوعَ الْأَعْدَادِ‏)‏ أَيْ الْوَاحِدِ وَالْعَشَرَةِ وَمَا بَيْنَهُمَا ‏(‏لَزِمَهُ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ‏)‏ قَالَ فِي الشَّرْحِ ‏"‏ وَاخْتِصَارُ حِسَابِهِ أَنْ تَزِيدَ أَوَّلَ الْعَدَدِ وَهُوَ وَاحِدٌ عَلَى الْعَشَرَةِ فَيَصِيرُ أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ اضْرِبْهَا فِي نِصْفِ الْعَشَرَةِ فَمَا بَلَغَ فَهُوَ الْجَوَابُ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏لَهُ‏)‏ عَلَيَّ ‏(‏مِنْ عَشَرَةٍ إلَى عِشْرِينَ أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مَا بَيْنَ عَشَرَةٍ إلَى عِشْرِينَ ‏(‏لَزِمَهُ تِسْعَةَ عَشَرَ‏)‏ لِأَنَّهُ مَا قَبْلَ الْعِشْرِينَ وَإِلَى لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ فَلَا يَدْخُلُ مَا بَعْدَهَا فِيمَا قَبْلَهَا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ مَنْ قَالَ عَنْ آخَرَ ‏(‏لَهُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَائِطَيْنِ لَمْ يَدْخُلَا‏)‏ أَيْ الْحَائِطَانِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِمَا بَيْنَهُمَا‏.‏

وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ مَا بَيْنَ هَذَا الْحَائِطِ إلَى هَذَا الْحَائِطِ عَلَيَّ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْعَدَدَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ ابْتِدَاءِ‏.‏

قَالَ فِي شَرْحِهِ‏:‏ وَلَهُ عَلَيَّ مَا بَيْنَ كُرِّ حِنْطَةٍ إلَى كُرِّ شَعِيرٍ لَزِمَهُ كُرَّانِ إلَّا قَفِيزًا مِنْ الْحِنْطَةِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ مَنْ قَالَ عَنْ آخَرَ ‏(‏لَهُ‏)‏ عَلَيَّ ‏(‏دِرْهَمٌ فَوْقَ دِرْهَمٍ أَوْ‏)‏ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ ‏(‏تَحْتَ دِرْهَمٍ أَوْ‏)‏ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ ‏(‏فَوْقَهُ‏)‏ دِرْهَمٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ ‏(‏تَحْتَهُ‏)‏ دِرْهَمٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ ‏(‏قَبْلَهُ‏)‏ دِرْهَمٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ ‏(‏بَعْدَهُ‏)‏ دِرْهَمٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ ‏(‏مَعَهُ دِرْهَمٌ‏)‏ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تَجْرِي مَجْرَى الْعَطْفِ لِأَنَّ مَعْنَاهَا الضَّمُّ، فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ، وَضَمَّ إلَيْهِ آخَرَ، كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ، لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ‏"‏ عَلَيَّ ‏"‏ فِي ذِمَّتِي وَلَيْسَ لِلْمُقِرِّ فِي ذِمَّةِ نَفْسِهِ دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمِ الْمُقَرِّ لَهُ وَلَا فَوْقَهُ وَلَا تَحْتَهُ، إذْ لَا يَثْبُتُ لِلْإِنْسَانِ فِي ذِمَّةِ نَفْسِهِ شَيْءٌ‏.‏

‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ‏)‏ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ لِدُخُولِ مَا أَضْرَبَ عَنْهُ فِيمَا أَثْبَتَهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏دِرْهَمَانِ بَلْ دِرْهَمٌ أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ ‏(‏عَلَيَّ دِرْهَمٌ لَا بَلْ دِرْهَمٌ، أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏دِرْهَمٌ لَكِنْ دِرْهَمٌ أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ‏)‏ حَمْلًا لِكَلَامِ الْعَاقِلِ عَلَى فَائِدَةٍ، وَمَا أَقَرَّ بِهِ عَلَيْهِ لَا يَسْقُطُ بِإِضْرَابِهِ‏.‏

وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ ‏(‏وَكَذَا‏)‏ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ‏)‏ أَوْ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ ‏(‏فَلَوْ كَرَّرَهُ‏)‏ أَيْ الدِّرْهَمَ ‏(‏ثَلَاثًا بِالْوَاوِ‏)‏ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ‏.‏

دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا بِ ‏(‏الْفَاءِ‏)‏ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ ‏(‏أَوْ‏)‏ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا بِ ‏(‏ثُمَّ‏)‏ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ ‏(‏أَوْ قَالَ‏)‏ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ وَنَوَى بِ‏)‏ الدِّرْهَمَ ‏(‏الثَّالِثَ تَأْكِيدَ‏)‏ الدِّرْهَمِ ‏(‏الثَّانِي لَمْ يُقْبَلْ فِي‏)‏ الْمَسْأَلَةِ ‏(‏الْأُولَى‏)‏ الْمَذْكُورِ فِيهَا حَرْفُ الْعَطْفِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، وَلِذَلِكَ لَا يُعْطَفُ الْمُؤَكَّدُ ‏(‏وَقُبِلَ‏)‏ مِنْهُ قَصْدُ التَّأْكِيدِ ‏(‏فِي‏)‏ الْمَسْأَلَةِ ‏(‏الثَّانِيَةِ‏)‏ أَيْ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا حَرْفُ الْعَطْفِ لِأَنَّهَا قَابِلَةٌ لِلتَّأْكِيدِ‏.‏

وَكَذَا إنْ أَكَّدَ الْأَوَّلَ بِالثَّانِي وَالثَّالِثِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي‏:‏ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ، لَا تَأْكِيدَ أَوَّلٍ بِثَالِثٍ لِلْفَصْلِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ قَبْلَهُ دِرْهَمٌ وَبَعْدَهُ دِرْهَمٌ أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏هَذَا الدِّرْهَمُ بَلْ هَذَانِ الدِّرْهَمَانِ لَزِمَهُ الثَّلَاثَةُ‏)‏ لِأَنَّ الْإِضْرَابَ رُجُوعٌ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ لَآدَمِيٍّ، وَلَا يَصِحُّ فَيَلْزَمُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏لَهُ‏)‏ عَلَيَّ ‏(‏قَفِيزُ حِنْطَةٍ بَلْ قَفِيزُ شَعِيرٍ‏)‏ لَزِمَاهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ‏(‏دِرْهَمٌ بَلْ دِينَارٌ لَزِمَاهُ‏)‏ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي وَلَا بَعْضُهُ فَلَزِمَاهُ، وَكَذَا نَظَائِرُهُ حَيْثُ كَانَ الْمُضْرَبُ عَنْهُ لَيْسَ الْمَذْكُورَ بَعْدَهُ وَلَا بَعْضَهُ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ، بِخِلَافِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ بَلْ ثَلَاثَةٌ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏لَهُ‏)‏ عَلَيَّ ‏(‏دِرْهَمٌ فِي دِينَارٍ وَأَرَادَ الْعَطْفَ‏)‏ أَيْ دِرْهَمٌ وَدِينَارٌ وَنَحْوُهُ ‏(‏أَوْ‏)‏ أَرَادَ ‏(‏مَعْنَى مَعَ‏)‏ كَدِرْهَمٍ مَعَ دِينَارٍ ‏(‏لَزِمَاهُ‏)‏ أَيْ الدِّرْهَمَ وَالدِّينَارَ كَمَا صَرَّحَ بِحَرْفِ الْعَطْفِ أَوْ بِمَعَ ‏(‏وَإِلَّا‏)‏ يُرِدْ مَعْنَى الْعَطْفِ وَلَا مَعَ ‏(‏فَ‏)‏ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا ‏(‏دِرْهَمٌ‏)‏ لِأَنَّهُ الْمُقِرُّ بِهِ فَقَطْ‏.‏

وَقَوْلُهُ فِي دِينَارٍ‏:‏ لَا يَحْتَمِلُ الْحِسَابَ ‏(‏وَإِنْ فَسَّرَهُ‏)‏ أَيْ قَوْلَهُ دِرْهَمٌ فِي دِينَارٍ ‏(‏بِرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ بَاقٍ عِنْدَهُ‏)‏ بِأَنْ قَالَ‏:‏ عَقَدْت مَعَ الْمُقِرِّ عَلَى إسْلَامِ دِرْهَمٍ بَاقٍ عِنْدِي ‏(‏فِي دِينَارٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقِرُّ لَهُ حَلَفَ‏)‏ الْمُقِرُّ لَهُ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ ‏(‏وَأَخَذَ الدِّرْهَمَ‏)‏ مِنْ الْمُقِرِّ لِأَنَّهُ يُفَسِّرُ إقْرَارَهُ بِمَا يُبْطِلُهُ، فَهُوَ كَرُجُوعِهِ عَنْهُ فَلَا يُقْبَلُ ‏(‏وَإِنْ صَدَّقَهُ‏)‏ الْمُقِرُّ لَهُ عَلَى أَنَّ الدِّرْهَمَ رَأْسُ مَالٍ سُلِّمَ فِي دِينَارٍ بَطَلَ إقْرَارُهُ لِأَنَّ سَلَمَ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فِي الْآخَرِ لَا يَصِحُّ، و‏(‏لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ‏)‏ لِلْمُقِرِّ لَهُ لِتَصْدِيقِهِ عَلَى بَرَاءَتِهِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏لَهُ‏)‏ عَلَيَّ ‏(‏دِرْهَمٌ فِي ثَوْبٍ وَأَرَادَ الْعَطْفَ أَوْ‏)‏ أَرَادَ ‏(‏مَعْنَى مَعَ‏)‏ كَمَا سَبَقَ ‏(‏لَزِمَاهُ‏)‏ لِمَا تَقَدَّمَ ‏(‏وَإِنْ فَسَّرَهُ‏)‏ أَيْ إقْرَارَهُ الْمَذْكُورَ ‏(‏بِرَأْسِ مَالٍ سَلَمٍ‏)‏ عُقِدَ مَعَ الْمُقِرِّ لَهُ ‏(‏بَاقٍ عِنْدَهُ‏)‏ أَيْ الْمُقِرِّ فِي ثَوْبٍ ‏(‏أَوْ قَالَ‏)‏ مُفَسِّرٌ لَهُ هُوَ ثَمَنٌ ‏(‏فِي ثَوْبٍ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ إلَى سَنَةٍ‏)‏ يَأْتِينِي بَعْدَهَا بِالثَّوْبِ ‏(‏وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ‏)‏ فِي الصُّورَتَيْنِ ‏(‏حَلَفَ‏)‏ الْمُقَرُّ لَهُ ‏(‏وَأَخَذَ الدِّرْهَمَ‏)‏ لِأَنَّ الْمُقِرَّ وَصَلَ إقْرَارُهُ بِمَا يُسْقِطُهُ، فَلَزِمَهُ الدِّرْهَمُ، وَبَطَلَ مَا وَصَلَ بِهِ إقْرَارَهُ ‏(‏وَإِنْ صَدَّقَهُ‏)‏ أَيْ الْمُقَرَّ لَهُ الْمُقِرُّ فِيمَا ذَكَرَ ‏(‏بَطَلَ إقْرَارُهُ‏)‏ لِأَنَّ السَّلَمَ يَبْطُلُ بِالتَّفَرُّقِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَالْمُقِرُّ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏لَهُ‏)‏ عَلَيَّ ‏(‏دِرْهَمٌ فِي عَشَرَةٍ‏)‏ وَأَطْلَقَ ‏(‏يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ‏)‏ لِإِقْرَارِهِ بِهِ وَجَعْلِهِ الْعَشَرَةَ مَحَلًّا لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ سِوَاهُ ‏(‏مَا لَمْ يُخَالِفْهُ عُرْفُ‏)‏ بَلَدِ الْمُقِرِّ ‏(‏فَيَلْزَمُهُ مُقْتَضَاهُ‏)‏ أَيْ عُرْفُ تِلْكَ الْبَلَدِ ‏(‏أَوْ‏)‏ مَا لَمْ ‏(‏يُرِدْ الْحِسَابَ وَلَوْ جَاهِلًا بِهِ‏)‏ أَيْ الْحِسَابِ ‏(‏فَيَلْزَمُهُ عَشَرَةُ‏)‏ دَرَاهِمَ لِأَنَّهَا حَاصِلُ الضَّرْبِ عِنْدَهُمْ ‏(‏أَوْ‏)‏ مَا لَمْ يُرِدْ ‏(‏الْجَمِيعُ‏)‏ بِأَنْ أَرَادَ دِرْهَمًا مِنْ عَشَرَةٍ ‏(‏فَيَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ‏)‏ وَلَوْ حَاسَبَا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْأَغْلَظِ، وَكَثِيرٌ مِنْ الْعَوَامّ يُرِيدُونَ بِهَذَا اللَّفْظِ هَذَا الْمَعْنَى ‏(‏وَلَهُ‏)‏ عِنْدِي ‏(‏تَمْرٌ فِي جِرَابٍ‏)‏ بِكَسْرِ الْجِيمِ ‏(‏أَوْ‏)‏ لَهُ عِنْدِي ‏(‏سِكِّينٌ فِي قُرْبٍ أَوْ‏)‏ لَهُ عِنْدِي ‏(‏ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ‏)‏ بِكَسْرِ الْمِيمِ ‏(‏أَوْ‏)‏ لَهُ عِنْدِي ‏(‏عَبْدٌ عَلَيْهِ عِمَامَةٌ أَوْ‏)‏ لَهُ عِنْدِي ‏(‏دَابَّةٌ عَلَيْهَا سَرْجٌ أَوْ‏)‏ لَهُ عِنْدِي ‏(‏فَصٌّ فِي خَاتَمٍ أَوْ‏)‏ لَهُ ‏(‏جِرَابٌ فِيهِ تَمْرٌ أَوْ‏)‏ لَهُ ‏(‏قِرَابٌ فِيهِ سَيْفٌ أَوْ‏)‏ لَهُ ‏(‏مِنْدِيلٌ فِيهِ ثَوْبٌ أَوْ‏)‏ لَهُ عِنْدِي ‏(‏دَابَّةٌ مُسْرَجَةٌ‏)‏ هَكَذَا فِي التَّنْقِيحِ‏.‏

وَيُخَالِفُهُ كَلَامُ الْإِنْصَافِ الْآتِي‏.‏

وَجَزَمَ بِمَعْنَى كَلَامِ الْإِنْصَافِ فِي الْإِقْنَاعِ‏.‏

وَهُوَ أَظْهَرُ ‏(‏أَوْ‏)‏ لَهُ عِنْدِي ‏(‏سَرْجٌ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ‏)‏ لَهُ عِنْدِي ‏(‏عِمَامَةٌ عَلَى عَبْدٍ أَوْ‏)‏ لَهُ عِنْدِي ‏(‏دَارٌ مَفْرُوشَةٌ أَوْ‏)‏ لَهُ عِنْدِي ‏(‏زَيْتٌ فِي زِقٍّ وَنَحْوِهِ‏)‏ كَتِكَّةٍ فِي سَرَاوِيلَ فَهُوَ إقْرَارٌ بِالْأَوَّلِ و‏(‏لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِالثَّانِي‏)‏ وَكَذَا كُلُّ مُقِرٍّ بِشَيْءٍ جَعَلَهُ ظَرْفًا أَوْ مَظْرُوفًا لِأَنَّهُمَا شَيْئَانِ‏.‏

لَا يَتَنَاوَلُ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا الثَّانِي، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الظَّرْفُ وَالْمَظْرُوفُ لِوَاحِدٍ، وَالْإِقْرَارُ إنَّمَا يَثْبُتُ مَعَ التَّحْقِيقِ لَا مَعَ الِاحْتِمَالِ و‏(‏كَ‏)‏ قَوْلِهِ‏:‏ لَهُ عِنْدِي ‏(‏جَنِينٌ فِي جَارِيَةٍ أَوْ‏)‏ لَهُ عِنْدِي جَنِينٌ فِي ‏(‏دَابَّةٍ وَ‏)‏ كَقَوْلِهِ‏:‏ لَهُ عِنْدِي ‏(‏دَابَّةٌ فِي بَيْتٍ‏)‏‏.‏

فَلَيْسَ إقْرَارًا بِالثَّانِي لِمَا تَقَدَّمَ و‏(‏كَ‏)‏ قَوْلِهِ‏:‏ لَهُ عِنْدِي ‏(‏الْمِائَةُ الدِّرْهَم الَّتِي فِي هَذَا الْكِيسِ‏)‏ لَيْسَ إقْرَارًا بِالْكِيسِ ‏(‏وَيَلْزَمَانِهِ‏)‏ أَيْ الدَّابَّةَ وَالْمِائَةَ دِرْهَمٍ ‏(‏إنْ لَمْ تَكُنْ‏)‏ الدَّابَّةُ فِي الْبَيْتِ وَالْمِائَةُ دِرْهَمٍ ‏(‏فِيهِ‏)‏ أَيْ الْكِيسِ ‏(‏وَكَذَا‏)‏ يَلْزَمُهُ ‏(‏تَتِمَّتُهَا‏)‏ إنْ كَانَ فِي الْكِيسِ بَعْضُهَا كَمَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ، وَلَا مَاءَ فِيهِ ‏(‏وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ‏)‏ الْمُقِرُّ ‏(‏الْمِائَةَ‏)‏ بِأَنْ قَالَ‏:‏ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فِي هَذَا الْكِيسِ ‏(‏لَزِمَتْهُ‏)‏ مِائَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْكِيسِ شَيْءٌ ‏(‏وَ‏)‏ لَزِمَهُ ‏(‏تَتِمَّتُهَا‏)‏ إنْ كَانَ فِي الْكِيسِ بَعْضُهَا كَمَا لَوْ عَرَفَهَا‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ ‏(‏لَهُ‏)‏ عِنْدِي ‏(‏خَاتَمٌ فِيهِ فَصٌّ أَوْ‏)‏ قَالَ لَهُ عِنْدِي ‏(‏سَيْفٌ بِقِرَابِهِ‏)‏ بِكَسْرِ الْقَافِ أَوْ بِقِرَابٍ ‏(‏فَ‏)‏ هُوَ ‏(‏إقْرَارٌ بِهِمَا‏)‏ لِأَنَّ الْفَصَّ جُزْءٌ مِنْ الْخَاتَمِ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي ثَوْبٌ فِيهِ عَلَمٌ‏.‏

وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِقِرَابٍ بَاءُ الْمُصَاحَبَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ ‏"‏ سَيْفٌ مَعَ قِرَابٍ ‏"‏ بِخِلَافِ تَمْرٍ فِي جِرَابٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ الظَّرْفَ غَيْرُ الْمَظْرُوفِ‏.‏

وَإِنْ أَقَرَّ لَهُ بِخَاتَمٍ فِيهِ فَصٌّ ثُمَّ جَاءَهُ بِخَاتَمٍ فِيهِ فَصٌّ وَقَالَ‏:‏ مَا أَرَدْت الْفَصَّ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ‏.‏

‏(‏وَإِقْرَارُهُ‏)‏ أَيْ الشَّخْصِ ‏(‏بِشَجَرٍ أَوْ شَجَرَةٍ‏)‏ يَشْمَلُ الْأَغْصَانَ و‏(‏لَيْسَ إقْرَارًا بِأَرْضِهَا‏)‏ لِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يَتْبَعُ الْفَرْعَ، بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِالْأَرْضِ فَيَشْمَلُ غَرْسَهَا وَبِنَاءَهَا لِمَا تَقَدَّمَ ‏(‏فَلَا يَمْلِكُ‏)‏ مُقَرٌّ لَهُ بِشَجَرَةٍ ‏(‏غَرْسَ‏)‏ أُخْرَى ‏(‏مَكَانَهَا لَوْ ذَهَبَتْ‏)‏ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ لِلْأَرْضِ ‏(‏وَلَا أُجْرَةَ‏)‏ عَلَى مُقَرٍّ لَهُ بِشَجَرٍ أَوْ شَجَرَةٍ ‏(‏مَا بَقِيَتْ‏)‏ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ قَلْعُهَا وَثَمَرَتُهَا لِلْمُقَرِّ بِهِ وَبَيْعُ مِثْلِهِ وَتَقَدَّمَ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إقْرَارُهُ ‏(‏بِأَمَةٍ‏)‏ حَامِلٍ ‏(‏لَيْسَ بِإِقْرَارٍ بِحَمْلِهَا‏)‏ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ وَمُوَافِقٌ لِلْأَصْلِ، وَدُخُولُهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَمِثْلُهُ لَوْ أَقَرَّ بِفَرَسٍ أَوْ أَتَانٍ أَوْ نَاقَةٍ حَامِلٍ وَنَحْوِهَا‏.‏

تَتِمَّةٌ‏:‏

لَوْ قَالَ لَهُ‏:‏ عِنْدِي عَبْدٌ بِعِمَامَةٍ أَوْ بِعِمَامَتِهِ أَوْ دَابَّةٌ بِسَرْجٍ أَوْ مُسْرَجَةٌ أَوْ دَارٌ بِفُرُشِهَا أَوْ سُفْرَةٌ بِطَعَامِهَا أَوْ سَرْجٌ مُفَضَّضٌ أَوْ ثَوْبٌ مُطَرَّزٌ لَزِمَهُ مَا ذَكَرَهُ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ‏.‏

‏(‏وَ‏)‏ إنْ قَالَ عَنْ آخَرَ ‏(‏لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ‏)‏ وَنَحْوُهُ، كُلُّهُ عِنْدِي عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ؛ أَوْ لَهُ عِنْدِي إمَّا عَبْدٌ وَإِمَّا ثَوْبٌ ‏(‏لَزِمَهُ أَحَدُهُمَا‏)‏ لِأَنَّ ‏"‏ أَوْ ‏"‏ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ أَوْ الْأَشْيَاءِ و‏"‏ إمَّا ‏"‏ بِمَعْنَاهَا ‏(‏وَيُعَيِّنُهُ‏)‏ أَيْ لَزِمَهُ تَعْيِينُهُ وَيَرْجِعُ إلَيْهِ فِي تَعْيِينِهِ كَسَائِرِ الْمُجْمَلَاتِ‏.‏

وَهَذَا آخِرُ مَا تَيَسَّرَ مِنْ شَرْحِ هَذَا الْكِتَابِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ، وَأَسْأَلُهُ حُسْنَ الْخَاتِمَةِ وَالْمَتَابَ وَأَنْ يَتَقَبَّلَ ذَلِكَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ، وَأَنْ يُوَفِّقَنِي لِشُكْرِ نِعَمِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ عَلَى مَدَى الْأَوْقَاتِ‏.‏

قَالَ ذَلِكَ جَامِعُهُ فَقِيرُ رَحْمَةِ رَبِّهِ الْعَلِيِّ‏:‏ مَنْصُورُ بْنُ يُونُسَ بْنِ صَلَاحِ الدِّينِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ إدْرِيسَ الْبُهُوتِيُّ الْحَنْبَلِيُّ عَفَى اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ وَلِوَالِدَيْهِ وَمَشَايِخِهِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ إنَّهُ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ‏.‏