فصل: كِتَاب الْهِبَةِ وَفَضْلِهَا وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهَا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*2*كِتَاب الْهِبَةِ وَفَضْلِهَا وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهَا

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏بسم الله الرحمن الرحيم - كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها‏)‏ كذا للجميع، إلا للكشميهني وابن شبويه فقالا‏:‏ ‏"‏ فيها ‏"‏ بدل ‏"‏ عليها‏"‏‏.‏

وأخر النسفي البسملة‏.‏

والهبة بكسر الهاء وتخفيف الباء الموحدة تطلق بالمعنى الأعم على أنواع الإبراء، وهو هبة الدين ممن هو عليه، والصدقة وهي هبة ما يتمحض به طلب ثواب الآخرة، والهدية وهي ما يكرم به الموهوب له‏.‏

ومن خصها بالحياة أخرج الوصية وهي تكون أيضا بالأنواع الثلاثة‏.‏

وتطلق الهبة بالمعنى الأخص على ما لا يقصد له بدل، وعليه ينطبق قول من عرف الهبة بأنها تمليك بلا عوض، وصنيع المصنف محمول على المعنى الأعم لأنه أدخل فيها الهدايا‏.‏

*3*باب

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن المقبري عن أبيه عن أبي هريرة‏)‏ كذا للأكثر وسقط ‏"‏ عن أبيه ‏"‏ من رواية الأصيلي وكريمة، وضبب عليه في رواية النسفي، والصواب إثباته‏.‏

وكذا أخرجه الإسماعيلي عن محمد بن يحيى، وأبو نعيم من طريق إسماعيل القاضي، وأبو عوانة عن إبراهيم الحربي كلهم عن عاصم بن علي شيخ البخاري فيه‏.‏

ومن طريق شبابة وعثمان بن عمرو بن المبارك عند الإسماعيلي، وأخرجه البخاري في ‏"‏ الأدب المفرد ‏"‏ عن آدم كلهم عن ابن أبي ذئب كذلك، وكذلك رواه الليث عن سعيد كما سيأتي في كتاب الأدب، وأخرجه الترمذي من طريق أبي معشر عن سعيد عن أبي هريرة لم يقل ‏"‏ عن أبيه ‏"‏ وزاد في أوله ‏"‏ تهادوا فإن الهدية تذهب وحر الصدر ‏"‏ الحديث‏.‏

وقال غريب، وأبو معشر يضعف‏.‏

وقال الطرقي إنه أخطأ فيه حيث لم يقل فيه ‏"‏ عن أبيه ‏"‏ كذا قال وقد تابعه محمد بن عجلان عن سعيد، وأخرجه أبو عوانة‏.‏

نعم من زاد فيه ‏"‏ عن أبيه ‏"‏ أحفظ وأضبط فروايتهم أولى‏.‏

والله أعلم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن النبي صلى الله عليه وسلم‏)‏ في رواية عثمان بن عمر ‏"‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يا نساء المسلمات‏)‏ قال عياض‏:‏ الأصح الأشهر نصب النساء وجر المسلمات على الإضافة، وهي رواية المشارقة من إضافة الشيء إلى صفته كمسجد الجامع، وهو عند الكوفيين على ظاهره، وعند البصريين يقدرون فيه محذوفا‏.‏

وقال السهيلي وغيره‏:‏ جاء برفع الهمزة على أنه منادى مفرد، ويجوز في المسلمات الرفع صفة على اللفظ على معنى يا أيها النساء المسلمات، والنصب صفة على الموضع، وكسرة التاء علامة النصب، وروي ينصب الهمزة على أنه منادى مضاف وكسرة التاء للخفض بالإضافة كقولهم مسجد الجامع، وهو مما أضيف فيه الموصوف إلى الصفة في اللفظ، فالبصريون يتأولونه على حذف الموصوف وإقامة صفته مقامه نحو يا نساء الأنفس المسلمات أو يا نساء الطوائف المؤمنات أي لا الكافرات، وقيل تقديره يا فاضلات المسلمات كما يقال هؤلاء رجال القوم أي أفاضلهم، والكوفيون يدعون أن لا حذف فيه ويكتفون باختلاف الألفاظ في المغايرة‏.‏

وقال ابن رشيد‏:‏ توجيهه أنه خاطب نساء بأعيانهن فأقبل بندائه عليهن فصحت الإضافة على معنى المدح لهن، فالمعنى يا خيرات المؤمنات كما يقال رجال القوم، وتعقب بأنه لم يخصصهن به لأن غيرهن يشاركهن في الحكم، وأجيب بأنهما يشاركنهن بطريق الإلحاق، وأنكر ابن عبد البر رواية الإضافة، ورده ابن السيد بأنها قد صحت نقلا وساعدتها اللغة فلا معنى للإنكار‏.‏

وقال ابن بطال‏:‏ يمكن تخريج يا نساء المسلمات على تقدير بعيد وهو أن يجعل نعتا لشيء محذوف كأنه قال يا نساء الأنفس المسلمات، والمراد بالأنفس الرجال، ووجه بعده أنه يصير مدحا للرجال وهو صلى الله عليه وسلم إنما خاطب النساء، قال إلا أن يراد بالأنفس الرجال والنساء معا، وأطال في ذلك، وتعقبه ابن المنير‏.‏

وقد رواه الطبراني من حديث عائشة بلفظ ‏"‏ يا نساء المؤمنين ‏"‏ الحديث‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جارة لجارتها‏)‏ كذا للأكثر، ولأبي ذر ‏"‏ لجارة ‏"‏ والمتعلق محذوف تقديره هدية مهداة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فرسن‏)‏ بكسر الفاء والمهملة بينهما راء ساكنة وآخره نون هو عظيم قليل اللحم، وهو للبعير موضع الحافر للفرس، ويطلق على الشاة مجازا، ونونه زائدة وقيل أصلية، وأشير بذلك إلى المبالغة في إهداء الشيء اليسير وقبوله لا إلى حقيقة الفرسن لأنه لم تجر العادة بإهدائه أي لا تمنع جارة من الهدية لجارتها الموجود عندها لاستقلاله بل ينبغي أن تجود لها بما تيسر وإن كان قليلا فهو خير من العدم، وذكر الفرسن على سبيل المبالغة، ويحتمل أن يكون النهي إنما وقع للمهدى إليها وأنها لا تحتقر ما يهدى إليها ولو كان قليلا، وحمله على الأعم من ذلك أولى‏.‏

وفي حديث عائشة المذكور ‏"‏ يا نساء المؤمنين تهادوا ولو فرسن شاة، فإنه ينبت المودة ويذهب الضغائن ‏"‏ وفي الحديث الحض على التهادي ولو باليسير لأن الكثير قد لا يتيسر كل وقت، وإذا تواصل اليسير صار كثيرا‏.‏

وفيه استحباب المودة وإسقاط التكلف‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأُوَيْسِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ ابْنَ أُخْتِي إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثُمَّ الْهِلَالِ ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَارٌ فَقُلْتُ يَا خَالَةُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ قَالَتْ الْأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِيرَانٌ مِنْ الْأَنْصَارِ كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَلْبَانِهِمْ فَيَسْقِينَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏ابن أبي حازم‏)‏ هو عبد العزيز‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏يزيد بن رومان‏)‏ بضم الراء، ورجال الإسناد كلهم مدنيون، وفيه ثلاثة من التابعين في نسق أولهم أبو حازم وهو سلمة بن دينار‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ابن أختي‏)‏ بالنصب على النداء وأداة النداء محذوفة، ووقع في رواية مسلم عن يحيى بن يحيى عن عبد العزيز ‏"‏ والله يا ابن أختي‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏إن كنا لننظر‏)‏ هي المخففة من الثقيلة وضميرها مستتر ولذا دخلت اللام في الخبر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثلاثة أهلة‏)‏ يجوز في ثلاثة الجر والنصب‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏في شهرين‏)‏ هو باعتبار رؤية الهلال أول الشهر ثم رؤيته ثانيا في أول الشهر الثاني ثم رؤيته ثالثا في أول الشهر الثالث فالمدة ستون يوما والمرئي ثلاثة أهلة، وسيأتي في الرقاق من طريق هشام بن عروة عن أبيه بلفظ ‏"‏ كان يأتي علينا الشهر ما نوقد فيه نارا ‏"‏ وفي رواية يزيد بن رومان هذه زيادة عليه ولا منافاة بينهما، وقد أخرجه ابن ماجة من طريق أبي سلمة عن عائشة بلفظ ‏"‏ لقد كان يأتي على آل محمد الشهر ما يرى في بيت من بيوته الدخان‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ما يعيشكم‏)‏ بضم أوله يقال أعاشه الله عيشة، وضبطه النووي بتشديد الياء التحتانية، وفي بعض النسخ ‏"‏ ما يغنيكم ‏"‏ بسكون المعجمة بعدها نون مكسورة ثم تحتانية ساكنة‏.‏

وفي رواية أبي سلمة عن عائشة ‏"‏ قلت فما كان طعامكم‏"‏‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏الأسودان التمر والماء‏)‏ هو على التغليب وإلا فالماء لا لون له؛ ولذلك قالوا الأبيضان اللبن والماء، وإنما أطلقت على التمر الأسود لأنه غالب تمر المدينة، وزعم صاحب ‏"‏ المحكم ‏"‏ وارتضاه بعض الشراح المتأخرين أن تفسير الأسودين بالتمر والماء مدرج، وإنما أرادت الحرة والليل، واستدل بأن وجود التمر والماء يقتضي وصفهم بالسعة، وسياقها يقتضي وصفهم بالضيق، وكأنها بالغت في وصف حالهم بالشدة حتى إنه لم يكن عندهم إلا الليل والحرة ا هـ‏.‏

وما ادعاه ليس بطائل، والإدراج لا يثبت بالتوهم، وقد أشار إلى أن مستنده في ذلك أن بعضهم دعا قوما وقال لهم‏:‏ ما عندي إلا الأسودان فرضوا بذلك، فقال‏:‏ ما أردت إلا الحرة والليل‏.‏

وهذا حجة عليه لأن القوم فهموا التمر والماء وهو الأصل، وأراد هو المزح معهم فألغز لهم بذلك، وقد تظاهرت الأخبار بالتفسير المذكور، ولا شك أن أمر العيش نسبي، ومن لا يجد إلا التمر أضيق حالا ممن يجد الخبز مثلا، ومن لم يجد إلا الخبز أضيق حالا ممن يجد اللحم مثلا، وهذا أمر لا يدفعه الحس، وهو الذي أرادت عائشة؛ وسيأتي في الرقاق من طريق هشام عن عروة عن أبيه عنها بلفظ ‏"‏ وما هو إلا التمر والماء ‏"‏ وهو أصرح في المقصود لا يقبل الحمل على الإدراج‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جيران‏)‏ بكسر الجيم زاد الإسماعيلي من طريق محمد بن الصباح عن عبد العزيز ‏"‏ نعم الجيران كانوا ‏"‏ وفي رواية أبي سلمة ‏"‏ جيران صدق ‏"‏ وسيأتي بعد ستة أبواب الإشارة إلى أسمائهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏منائح‏)‏ بنون ومهملة جمع منيحة وهي كعطية لفظا ومعنى، وأصلها عطية الناقة أو الشاة ويقال‏:‏ لا يقال منيحة إلا للناقة وتستعار للشاة كما تقدم في الفرسن سواء، قال إبراهيم الحربي وغيره‏:‏ يقولون منحتك الناقة وأعرتك النخلة وأعمرتك الدار وأخدمتك العبد وكل ذلك هبة منافع، وقد تطلق المنيحة على هبة الرقبة، ويأتي مزيد لذلك بعد أبواب‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ يمنحون ‏"‏ بفتح أوله وثالثه، ويجوز ضم أوله وكسر ثالثه أي يجعلونها له منحة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فيسقيناه‏)‏ في رواية الإسماعيلي ‏"‏ فيسقينا منه ‏"‏ وفي هذا الحديث ما كان فيه الصحابة من التقلل من الدنيا في أول الأمر‏.‏

وفيه فضل الزهد، وإيثار الواجد للمعدم، والاشتراك فيما في الأيدي‏.‏

وفيه جواز ذكر المرء ما كان فيه من الضيق بعد أن يوسع الله عليه تذكيرا بنعمه وليتأسى به غيره‏.‏

*3*باب الْقَلِيلِ مِنْ الْهِبَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب القليل من الهبة‏)‏ ذكر فيه حديث أبي هريرة ‏"‏ لو دعيت إلى ذراع أو كراع ‏"‏ وسيأتي شرحه في ‏"‏ باب الوليمة ‏"‏ من كتاب النكاح إن شاء الله تعالى، ومناسبته للترجمة بطريق الأولى، لأنه إذا كان يجيب من دعاه على ذلك القدر اليسير فلأن يقبله ممن أحضره إليه أولى‏.‏

والكراع من الدابة ما دون الكعب، وقيل هو اسم مكان ولا يثبت، ويرده حديث أنس عند الترمذي بلفظ ‏"‏ لو أهدي إلي كراع لقبلت ‏"‏ وللطبراني من حديث أم حكيم الخزاعية ‏"‏ قلت يا رسول الله تكره رد الظلف‏؟‏ قال‏:‏ ما أقبحه، لو أهدي إلي كراع لقبلت ‏"‏ الحديث‏.‏

وخص الذراع والكراع بالذكر ليجمع بين الحقير والخطير، لأن الذراع كانت أحب إليه من غيرها والكراع لا قيمة له، وفي المثل ‏"‏ أعط العبد كراعا يطلب منك ذراعا ‏"‏ وقوله هنا‏:‏ ‏"‏ عن سليمان ‏"‏ هو ابن مهران الأعمش، وأبو حازم هو سليمان مولى عزة، وهو أكبر من أبي حازم سلمة المذكور في الباب قبله، قال ابن بطال‏:‏ أشار عليه الصلاة والسلام بالكراع والفرسن إلى الحض على قبول الهدية ولو قلت لئلا يمتنع الباعث من الهدية لاحتقار الشيء، فحض على ذلك لما فيه من التألف‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْتُ وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب القليل من الهبة‏)‏ ذكر فيه حديث أبي هريرة ‏"‏ لو دعيت إلى ذراع أو كراع ‏"‏ وسيأتي شرحه في ‏"‏ باب الوليمة ‏"‏ من كتاب النكاح إن شاء الله تعالى، ومناسبته للترجمة بطريق الأولى، لأنه إذا كان يجيب من دعاه على ذلك القدر اليسير فلأن يقبله ممن أحضره إليه أولى‏.‏

والكراع من الدابة ما دون الكعب، وقيل هو اسم مكان ولا يثبت، ويرده حديث أنس عند الترمذي بلفظ ‏"‏ لو أهدي إلي كراع لقبلت ‏"‏ وللطبراني من حديث أم حكيم الخزاعية ‏"‏ قلت يا رسول الله تكره رد الظلف‏؟‏ قال‏:‏ ما أقبحه، لو أهدي إلي كراع لقبلت ‏"‏ الحديث‏.‏

وخص الذراع والكراع بالذكر ليجمع بين الحقير والخطير، لأن الذراع كانت أحب إليه من غيرها والكراع لا قيمة له، وفي المثل ‏"‏ أعط العبد كراعا يطلب منك ذراعا ‏"‏ وقوله هنا‏:‏ ‏"‏ عن سليمان ‏"‏ هو ابن مهران الأعمش، وأبو حازم هو سليمان مولى عزة، وهو أكبر من أبي حازم سلمة المذكور في الباب قبله، قال ابن بطال‏:‏ أشار عليه الصلاة والسلام بالكراع والفرسن إلى الحض على قبول الهدية ولو قلت لئلا يمتنع الباعث من الهدية لاحتقار الشيء، فحض على ذلك لما فيه من التألف‏.‏

*3*باب مَنْ اسْتَوْهَبَ مِنْ أَصْحَابِهِ شَيْئًا

وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من استوهب من أصحابه شيئا‏)‏ أي سواء كان عينا أو منفعة جاز، أي بغير كراهة في ذلك إذا كان يعلم طيب أنفسهم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال أبو سعيد‏)‏ هو الخدري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏اضربوا لي معكم سهما‏)‏ هو طرف من حديث الرقية وقد تقدم بتمامه مشروحا في كتاب الإجارة‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إِلَى امْرَأَةٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَكَانَ لَهَا غُلَامٌ نَجَّارٌ قَالَ لَهَا مُرِي عَبْدَكِ فَلْيَعْمَلْ لَنَا أَعْوَادَ الْمِنْبَرِ فَأَمَرَتْ عَبْدَهَا فَذَهَبَ فَقَطَعَ مِنْ الطَّرْفَاءِ فَصَنَعَ لَهُ مِنْبَرًا فَلَمَّا قَضَاهُ أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ قَدْ قَضَاهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسِلِي بِهِ إِلَيَّ فَجَاءُوا بِهِ فَاحْتَمَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَهُ حَيْثُ تَرَوْنَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا أبو غسان‏)‏ هو محمد بن مطرف، وسهل هو ابن سعد، وتقدم الحديث مشروحا في كتاب الجمعة، وفيه استيهابه من المرأة منفعة غلامها، وقد سبق ما نقل في تسمية كل منهما‏.‏

وأغرب الكرماني هنا فزعم أن اسم المرأة مينا وهو وهم، وإنما قيل ذلك في اسم النجار كما تقدم وأن قول أبي غسان في هذه الرواية إن المرأة من المهاجرين وهم، ويحتمل أن تكون أنصارية حالفت مهاجريا وتزوجت به أو بالعكس، وقد ساقه ابن بطال في هذا الموضع بلفظ ‏"‏ امرأة من الأنصار ‏"‏ والذي في النسخ التي وقفت عليها من البخاري ما وصفته‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنْزِلٍ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَازِلٌ أَمَامَنَا وَالْقَوْمُ مُحْرِمُونَ وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعْلِي فَلَمْ يُؤْذِنُونِي بِهِ وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ وَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ فَقُمْتُ إِلَى الْفَرَسِ فَأَسْرَجْتُهُ ثُمَّ رَكِبْتُ وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ فَقُلْتُ لَهُمْ نَاوِلُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ فَقَالُوا لَا وَاللَّهِ لَا نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَغَضِبْتُ فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُمَا ثُمَّ رَكِبْتُ فَشَدَدْتُ عَلَى الْحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ فَوَقَعُوا فِيهِ يَأْكُلُونَهُ ثُمَّ إِنَّهُمْ شَكُّوا فِي أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ وَهُمْ حُرُمٌ فَرُحْنَا وَخَبَأْتُ الْعَضُدَ مَعِي فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ فَقُلْتُ نَعَمْ فَنَاوَلْتُهُ الْعَضُدَ فَأَكَلَهَا حَتَّى نَفِدَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ فَحَدَّثَنِي بِهِ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عبد العزيز بن عبد الله‏)‏ هو الأويسي، والإسناد كله مدنيون، وقد تقدم حديث أبي قتادة مشروحا في كتاب الحج، وفيه طلب أبي قتادة من أصحابه مناولته رمحه وإنما امتنعوا لكونهم كانوا محرمين، وفيه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ هل معكم منه شيء ‏"‏ وقد ذكرت هناك رواية من زاد فيه ‏"‏ كلوا وأطعموني ‏"‏ ولعل المصنف أشار إلى هذه الزيادة‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ فحدثني به زيد بن أسلم ‏"‏ قال ذلك محمد بن جعفر راويه عن أبي حازم، وهو ابن أبي كثير أخو إسماعيل‏.‏

وقوله فيه‏:‏ ‏"‏ أخصف نعلي ‏"‏ بمعجمة ثم مهملة مكسورة أي أجعل لها طاقا، كأنها كانت انخرقت فأبدلها‏.‏

وأغرب الداودي فقال‏:‏ أعمل لها شسعا، وقوله‏:‏ ‏"‏ حتى نفدها ‏"‏ بتشديد الفاء المفتوحة أي فرغ من أكلها كلها، وروي بكسر الفاء والتخفيف، ورده ابن التين‏.‏

قال ابن بطال‏:‏ استيهاب الصديق حسن إذا علم أن نفسه تطيب به، وإنما طلب النبي صلى الله عليه وسلم من أبي سعيد وكذا من أبي قتادة وغيرهما ليؤنسهم به ويرفع عنهم اللبس في توقفهم في جواز ذلك‏.‏

وقوله في السند ‏"‏ عبد الله بن أبي قتادة السلمي ‏"‏ هو بفتح اللام وهذا مشهور في الأنصار، وذكر ابن الصلاح أن من قاله بكسر اللام لحن، وليس كما قال بل كسر اللام لغة معروفة وهي الأصل، ويتعجب من خفاء ذلك عليه‏.‏

*3*باب مَنْ اسْتَسْقَى

وَقَالَ سَهْلٌ قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْقِنِي

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب من استسقى‏)‏ ماء أو لبنا أو غير ذلك مما تطيب به نفس المطلوب منه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال سهل قال لي النبي صلى الله عليه وسلم اسقني‏)‏ هو طرف من حديث أوله ‏"‏ ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم امرأة من العرب، فأمر أبا أسيد أن يرسل إليها ‏"‏ الحديث وفيه‏:‏ ‏"‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم اسقنا يا سهل‏"‏‏.‏

ثم ذكر حديث أنس في تقديم الأيمن في الشرب وسيأتي شرحه في الأشربة، أورده هنا من طريق أبي طوالة وهو بضم المهملة وتخفيف الواو اسمه عبد الله بن عبد الرحمن، والغرض منه قول أنس ‏"‏ فاستسقى‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو طُوَالَةَ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَارِنَا هَذِهِ فَاسْتَسْقَى فَحَلَبْنَا لَهُ شَاةً لَنَا ثُمَّ شُبْتُهُ مِنْ مَاءِ بِئْرِنَا هَذِهِ فَأَعْطَيْتُهُ وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ يَسَارِهِ وَعُمَرُ تُجَاهَهُ وَأَعْرَابِيٌّ عَنْ يَمِينِهِ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ عُمَرُ هَذَا أَبُو بَكْرٍ فَأَعْطَى الْأَعْرَابِيَّ فَضْلَهُ ثُمَّ قَالَ الْأَيْمَنُونَ الْأَيْمَنُونَ أَلَا فَيَمِّنُوا قَالَ أَنَسٌ فَهِيَ سُنَّةٌ فَهِيَ سُنَّةٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏الأيمنون الأيمنون‏)‏ فيه تقدير مبتدأ مضمر، أي المقدم الأيمنون، والثانية للتأكيد‏.‏

وقوله‏:‏ ‏"‏ ألا فيمنوا ‏"‏ كذا وقع بصيغة الاستفتاح، والأمر بالتيامن، وقد أخرجه مسلم من الوجه الذي أخرجه منه البخاري إلا أنه قال في الثالثة أيضا ‏"‏ الأيمنون ‏"‏ ذكر اللفظة ثلاث مرات كما ذكر قول أنس ‏"‏ فهي سنة ثلاث مرار‏"‏، وعلى ذلك شرح ابن التين كأنه وقع كذلك في نسخته، ولم أره في شيء من النسخ إلا كما وصفت أولا، وتوجيهه أنه لما بين أن الأيمن يقدم ثم أكده بإعادته أكمل ذلك بصريح الأمر به، ويستفاد من حذف المفعول التعميم في جميع الأشياء لقول عائشة ‏"‏ كان يعجبه التيمن في شأنه كله ‏"‏ وأشار الإسماعيلي إلى أن سليمان بن بلال تفرد عن أبي طوالة بقوله‏:‏ ‏"‏ فاستسقى ‏"‏ وأخرجه من طريق إسماعيل بن جعفر وخالد الواسطي عن أبي طوالة بدونها انتهى وسليمان حافظ وزيادته مقبولة، وقد ثبتت هذه اللفظة في حديث جابر من طريق الأعمش عن أبي صالح عنه في حديث سيأتي في الأشربة‏.‏

وفيه جواز طلب الأعلى من الأدنى ما يريده من مأكول ومشروب إذا كانت نفس المطلوب منه طيبة به ولا يعد ذلك من السؤال المذموم‏.‏

*3*باب قَبُولِ هَدِيَّةِ الصَّيْدِ

وَقَبِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَبِي قَتَادَةَ عَضُدَ الصَّيْدِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قبول هدية الصيد، وقبل النبي صلى الله عليه وسلم من أبي قتادة عضد الصيد‏)‏ تقدم حديثه في ذلك قبل باب، وقوله في حديث أنس ‏"‏ أنفجنا ‏"‏ بالفاء والجيم أي أثرنا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَنْفَجْنَا أَرْنَبًا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ فَسَعَى الْقَوْمُ فَلَغَبُوا فَأَدْرَكْتُهَا فَأَخَذْتُهَا فَأَتَيْتُ بِهَا أَبَا طَلْحَةَ فَذَبَحَهَا وَبَعَثَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَرِكِهَا أَوْ فَخِذَيْهَا قَالَ فَخِذَيْهَا لَا شَكَّ فِيهِ فَقَبِلَهُ قُلْتُ وَأَكَلَ مِنْهُ قَالَ وَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدُ قَبِلَهُ

الشرح‏:‏

حديث أنس ‏"‏ أنفجنا ‏"‏ بالفاء والجيم أي أثرنا‏.‏

وقوله‏:‏ ‏(‏فلغبوا‏)‏ بالمعجمة والموحدة أي تعبوا‏.‏

ووقع كذلك في رواية الكشميهني‏.‏

وأغرب الداودي، فقال‏:‏ معناه عطشوا‏.‏

وتعقبه ابن التين وقال‏:‏ ضبطوا لغبوا بكسر الغين والفتح أعرف، وسيأتي شرحه إن شاء الله تعالى في كتاب الصيد والذبائح‏.‏

ومر الظهران واد معروف على خمسة أميال من مكة إلى جهة المدينة، وقد ذكر الواقدي أنه من مكة على خمسة أميال‏.‏

وزعم ابن وضاح أن بينهما أحدا وعشرين ميلا، وقيل ستة عشر وبه جزم البكري، قال النووي‏:‏ والأول غلط وإنكار للمحسوس‏.‏

ومر قرية ذات نخل وزرع ومياه، والظهران اسم الوادي، وتقول العامة بطن مرو‏.‏

قلت‏:‏ وقول البكري هو المعتمد والله أعلم‏.‏

وأبو طلحة هو زوج أم سليم والدة أنس، وقوله‏:‏ ‏"‏ فخذيها لا شك فيه ‏"‏ يشير إلى أنه يشك في الوركين خاصة، وأن الشك في قوله‏:‏ ‏"‏ فخذيها أو وركيها ‏"‏ ليس على السواء، أو كان يشك في الفخذين ثم استيقن، وكذلك شك في الأكل ثم استيقن القبول فجزم به آخرا‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُ أَهْدَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارًا وَحْشِيًّا وَهُوَ بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ فَرَدَّ عَلَيْهِ فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِهِ قَالَ أَمَا إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب قبول الهدية‏)‏ كذا ثبت لأبي ذر، وسقطت هذه الترجمة هنا لغيره وهو الصواب‏.‏

وأورد فيه حديث الصعب بن جثامة في إهدائه الحمار الوحشي، وشاهد الترجمة منه مفهوم قوله‏:‏ ‏"‏ لم نرده عليك إلا أنا حرم ‏"‏ فإن مفهومه أنه لو لم يكن محرما لقبله منه، وقد تقدم شرحه في كتاب الحج، وفيه أنه لا يجوز قبول ما لا يحل من الهدية‏.‏