فصل: باب الصَّلَاةِ فِي الْجُبَّةِ الشَّامِيَّةِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الباري شرح صحيح البخاري **


*3*باب الصَّلَاةِ فِي الْجُبَّةِ الشَّامِيَّةِ

وَقَالَ الْحَسَنُ فِي الثِّيَابِ يَنْسُجُهَا الْمَجُوسِيُّ لَمْ يَرَ بِهَا بَأْسًا وَقَالَ مَعْمَرٌ رَأَيْتُ الزُّهْرِيَّ يَلْبَسُ مِنْ ثِيَابِ الْيَمَنِ مَا صُبِغَ بِالْبَوْلِ وَصَلَّى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي ثَوْبٍ غَيْرِ مَقْصُورٍ

الشرح‏:‏

قوله ‏(‏باب الصلاة في الجبة الشامية‏)‏ هذه الترجمة معقودة لجواز الصلاة في ثياب الكفار ما لم يتحقق نجاستها، وإنما عبر بالشامية مراعاة للفظ الحديث، وكانت الشام إذ ذاك دار كفر، وقد تقدم في باب المسح على الخفين أن في بعض طرق حديث المغيرة أن الجبة كانت صوفا وكانت من ثياب الروم‏.‏

ووجه الدلالة منه أنه صلى الله عليه وسلم لبسها ولم يستفصل وروى عن أبي حنيفة كراهية الصلاة فيها إلا بعد الغسل، وعن مالك إن فعل يعيد في الوقت‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وقال الحسن‏)‏ أي البصري، و ‏"‏ ينسجها ‏"‏ بكسر السين المهملة وضمها وبضم الجيم‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏المجوسي‏)‏ كذا للحموي والكشميهني بلفظ المفرد، والمراد الجنس‏.‏

وللباقين ‏"‏ المجوس ‏"‏ بصيغة الجمع‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏لم ير‏)‏ أي الحسن، وهو من باب التجريد، أو هو مقول الراوي، وهذا الأثر وصله أبو نعيم بن حماد في نسخته المشهورة عن معتمر عن هشام عنه ولفظه ‏"‏ لا بأس بالصلاة في الثوب الذي ينسجه المجوسي قبل أن يغسل ‏"‏ ولأبي نعيم في كتاب الصلاة عن الربيع عن الحسن ‏"‏ لا بأس بالصلاة في رداء اليهودي والنصراني، وكره ذلك ابن سيرين ‏"‏ رواه ابن أبي شيبة‏:‏ قوله‏:‏ ‏(‏وقال معمر‏)‏ وصله عبد الرزاق في مصنفه عنه‏.‏

وقوله ‏"‏بالبول ‏"‏ إن كان للجنس فمحمول على أنه كان يغسله قبل لبسه، وإن كان للعهد فالمراد بول ما يؤكل لحمه لأنه كان يقول بطهارته‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وصلى علي في ثوب غير مقصور‏)‏ أي خام، والمراد أنه كان جديدا لم يغسل، روى ابن سعد من طريق عطاء بن محمد قال‏:‏ رأيت عليا صلى وعليه قميص كرابيس غير مغسول‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَالَ يَا مُغِيرَةُ خُذْ الْإِدَاوَةَ فَأَخَذْتُهَا فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى تَوَارَى عَنِّي فَقَضَى حَاجَتَهُ وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ شَأْمِيَّةٌ فَذَهَبَ لِيُخْرِجَ يَدَهُ مِنْ كُمِّهَا فَضَاقَتْ فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ أَسْفَلِهَا فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ فَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ صَلَّى

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يحيى‏)‏ هو ابن موسى البلخي، قال أبو علي الجياني‏:‏ روى البخاري في ‏"‏ باب الجبة الشامية ‏"‏ وفي الجنائز وفي تفسير الدخان عن يحيى - غير منسوب - عن أبي معاوية فنسب ابن السكن الذي في الجنائز يحيى بن موسى قال‏:‏ ولم أجد الآخرين منسوبين لأحد‏.‏

قلت‏:‏ فينبغي حمل ما أهمل على ما بين، قد جزم أبو نعيم بأن الذي في الجنائز هو يحيى بن جعفر البيكندي، وذكر الكرماني أنه رأى في بعض النسخ هنا مثله‏.‏

قلت‏:‏ والأول أرجح لأن أبا علي بن شبوية وافق ابن السكن عن الفربري على ذلك في الجنائز وهنا أيضا، ورأيت بخط بعض المتأخرين‏:‏ يحيى هو ابن بكير، وأبو معاوية هو شيبان النحوي‏.‏

وليس كما قال فليس ليحيى بن بكير عن شيبان رواية‏.‏

وبعد أن ردد الكرماني يحيى بين ابن موسى أو ابن جعفر أو ابن معين قال‏:‏ وأبو معاوية يحتمل أن يكون شيبان النحوي‏.‏

وهو عجيب فإن كلا من الثلاثة لم يسمع من شيبان المذكور، وجزم أبو مسعود وكذا خلف في الأطراف وتبعهما المزي بأن الذي في الجنائز هو يحيى بن يحيى، وما قدمناه عن ابن السكن يرد عليهم وهو المعتمد، ولا سيما وقد وافقه ابن شبوية، ولم يختلفوا في أن أبا معاوية هنا هو الضرير‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن مسلم‏)‏ هو أبو الضحى‏.‏

وقد تقدم الكلام على فوائد حديث المغيرة في ‏"‏ باب المسح على الخفين‏"‏‏.‏

*3*باب كَرَاهِيَةِ التَّعَرِّي فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب كراهية التعري في الصلاة‏)‏ زاد الكشميهني والحموي ‏"‏ وغيرها‏"‏‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا مَطَرُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْقُلُ مَعَهُمْ الْحِجَارَةَ لِلْكَعْبَةِ وَعَلَيْهِ إِزَارُهُ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ عَمُّهُ يَا ابْنَ أَخِي لَوْ حَلَلْتَ إِزَارَكَ فَجَعَلْتَ عَلَى مَنْكِبَيْكَ دُونَ الْحِجَارَةِ قَالَ فَحَلَّهُ فَجَعَلَهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ فَسَقَطَ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَمَا رُئِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْيَانًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا روح‏)‏ هو ابن عبادة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينقل معهم‏)‏ أي مع قريش لما بنوا الكعبة، وكان ذلك قبل البعثة، فرواية جابر لذلك من مراسيل الصحابة، فأما أن يكون سمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك أو من بعض من حضر ذلك من الصحابة‏.‏

والذي يظهر أنه العباس، وقد حدث به عن العباس أيضا ابنه عبد الله وسياقه أتم أخرجه الطبراني وفيه ‏"‏ فقام فأخذ إزاره وقال نهيت أن أمشي عريانا ‏"‏ وسيأتي ذكره في كتاب الحج مع بقية فوائده في باب بنيان الكعبة إن شاء الله تعالى‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فجعلت‏)‏ أي الإزار، وللكشميهني ‏"‏ فجعلته ‏"‏ وجواب لو محذوف إن كانت شرطية وتقديره‏:‏ لكان أسهل عليك، وإن كانت للتمني فلا حذف‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال فحله‏)‏ يحتمل أن يكون مقول جابر أو مقول من حدثه به‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏فما رؤى‏)‏ بضم الراء بعدها همزة مكسورة، ويجوز كسر الراء بعدها مدة ثم همزة مفتوحة‏.‏

وفي رواية الإسماعيلي ‏"‏ فلم يتعر بعد ذلك ‏"‏ ومطابقة للحديث للترجمة من هذه الجملة الأخيرة لأنها تتناول ما بعد النبوة فيتم بذلك الاستدلال‏.‏

وفيه أنه صلى الله عليه وسلم كان مصونا عما يستقبح قبل البعثة وبعدها‏.‏

وفيه النهي عن التعري بحضرة الناس، وسيأتي ما يتعلق بالخلوة بعد قليل‏.‏

وقد ذكر ابن إسحاق في السيرة أنه صلى الله عليه وسلم تعرى وهو صغير عند حليمة فلكمه لاكم فلم يعد يتعرى‏.‏

وهذا إن ثبت حمل على نفي التعري بغير ضرورة عادية، والذي في حديث الباب على الضرورة العادية، والنفي فيها على الإطلاق، أو يتقيد بالضرورة الشرعية كحالة النوم مع الأهل أحيانا‏.‏

*3*باب الصَّلَاةِ فِي الْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالتُّبَّانِ وَالْقَبَاءِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب الصلاة في القميص والسراويل‏)‏ قال ابن سيده‏:‏ السراويل فارسي معرب يذكر ويؤنث‏.‏

ولم يعرف أبو حاتم السجستاني التذكير، والأشهر عدم صرفه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والتبان‏)‏ ضم المثناة وتشديد الموحدة، وهو على هيئة السراويل إلا أنه ليس له رجلان‏.‏

وقد يتخذ من جلد‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏والقباء‏)‏ بالقصر وبالمد قيل هو فارسي معرب، وقيل عربي مشتق من قبوت الشيء إذا ضممت أصابعك عليه، سمي بذلك لانضمام أطرافه‏.‏

وروى عن كعب أن أول من لبسه سليمان بن داود عليهما السلام‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَامَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ فَقَالَ أَوَكُلُّكُمْ يَجِدُ ثَوْبَيْنِ ثُمَّ سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ فَقَالَ إِذَا وَسَّعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا جَمَعَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ صَلَّى رَجُلٌ فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ فِي إِزَارٍ وَقَمِيصٍ فِي إِزَارٍ وَقَبَاءٍ فِي سَرَاوِيلَ وَرِدَاءٍ فِي سَرَاوِيلَ وَقَمِيصٍ فِي سَرَاوِيلَ وَقَبَاءٍ فِي تُبَّانٍ وَقَبَاءٍ فِي تُبَّانٍ وَقَمِيصٍ قَالَ وَأَحْسِبُهُ قَالَ فِي تُبَّانٍ وَرِدَاءٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن محمد‏)‏ هو ابن سيرين‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قام رجل‏)‏ تقدم أنه لم يسم وتقدم الكلام على المرفوع منه‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏ثم سأل رجل عمر‏)‏ أي عن ذلك، ولم يسم أيضا، ويحتمل أن يكون ابن مسعود لأنه اختلف هو وأبي بن كعب في ذلك فقال أبى الصلاة في الثوب الواحد يعني لا تكره‏.‏

وقال ابن مسعود إنما كان ذلك وفي الثياب قلة، فقام عمر على المنبر فقال‏:‏ القول ما قال أبي، ولم يأل ابن مسعود‏.‏

أي لم يقصر‏.‏

أخرجه عبد الرزاق‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏جمع رجل‏)‏ هو بقية قول عمر، وأورده بصيغة الخبر ومراده الأمر، قال ابن بطال‏:‏ يعني ليجمع وليصل‏.‏

وقال ابن المنير‏:‏ الصحيح أنه كلام في معنى الشرط كأنه قال‏:‏ إن جمع رجل عليه ثيابه فحسن‏.‏

ثم فصل الجمع بصور على معنى البدلية‏.‏

وقال ابن مالك‏:‏ تضمن هذا الحديث فائدتين إحداهما ورود الفعل الماضي بمعنى الأمر وهو قوله ‏"‏ صلى ‏"‏ والمعنى ليصل، ومثله قولهم اتقى الله عبد والمعنى ليتق‏.‏

ثانيهما حذف حرف العطف، فإن الأصل صلى رجل في إزار ورداء وفي إزار وقميص، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم ‏"‏تصدق امرؤ من ديناره، من درهمه، من صاع تمره‏"‏‏.‏

انتهى، فحصل في كل من المسألتين توجيهان‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏قال‏:‏ وأحسبه‏)‏ قائل ذلك أبو هريرة، والضمير في ‏"‏ أحسبه ‏"‏ راجع إلى عمر، وإنما لم يحصل الجزم بذلك لإمكان أن عمر أهمل ذلك، لأن التبان لا يستر العورة كلها بناء على أن الفخذ من العورة فالستر به حاصل مع القباء ومع القميص، وأما مع الرداء فقد لا يحصل‏.‏

ورأى أبو هريرة أن انحصار القسمة يقتضي ذكر هذه الصورة وأن الستر قد يحصل بها إذا كان الرداء سابغا، ومجموع ما ذكر عمر من الملابس ستة، ثلاثة للوسط وثلاثة لغيره، فقدم ملابس الوسط لأنها محل ستر العورة، وقدم أسترها أو أكثرها استعمالا لهم، وضم إلى كل واحد واحدا، فخرج من ذلك تسع صور من ضرب ثلاثة في ثلاثة، ولم يقصد الحصر في ذلك، بل يلحق بذلك ما يقوم مقامه‏.‏

وفي هذا الحديث دليل على وجوب الصلاة في الثياب لما فيه من أن الاقتصار على الثوب الواحد كان لضيق الحال‏.‏

وفيه أن الصلاة في الثوبين أفضل من الثوب الواحد وصرح القاضي عياض بنفي الخلاف في ذلك، لكن عبارة ابن المنذر قد تفهم إثباته لأنه لما حكى عن الأئمة جواز الصلاة في الثوب الواحد قال‏:‏ وقد استحب بعضهم الصلاة في ثوبين‏.‏

وعن أشهب فيمن اقتصر على الصلاة في السراويل مع القدرة‏:‏ يعيد في الوقت، إلا إن كان صفيقا‏.‏

وعن بعض الحنفية يكره ‏(‏فائدة‏)‏ ‏:‏ روى ابن حبان حديث الباب من طريق إسماعيل بن علية عن أيوب فأدرج الموقوف في المرفوع ولم يذكر عمر، ورواية حماد بن زيد هذه المفصلة أصح، وقد وافقه على ذلك حماد بن سلمة فرواه عن أيوب وهشام وحبيب وعاصم كلهم عن ابن سيرين، أخرجه ابن حبان أيضا‏.‏

وأخرج مسلم حديث ابن علية فاقتصر على المتفق على رفعه وحذف الباقي، وذلك من حسن تصرفه‏.‏

والله أعلم‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ فَقَالَ لَا يَلْبَسُ الْقَمِيصَ وَلَا السَّرَاوِيلَ وَلَا الْبُرْنُسَ وَلَا ثَوْبًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ وَلَا وَرْسٌ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ الْخُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا حَتَّى يَكُونَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَعَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا عاصم بن علي‏)‏ هو الواسطي‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏سأل رجل‏)‏ تقدم في آخر كتاب العلم أنه لم يسم، وأخرنا الكلام عليه إلى موضعه في الحج‏.‏

وموضع الحاجة منه هنا أن الصلاة تجوز بدون القميص والسراويل وغيرهما من المخيط لأمر المحرم باجتناب ذلك، وهو مأمور بالصلاة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حتى يكونا‏)‏ في رواية الحموي والمستملي ‏"‏ حتى يكون ‏"‏ بالإفراد أي كل واحد منهما‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وعن نافع‏)‏ معطوف على قوله ‏"‏ عن الزهري ‏"‏ وذلك بين في الرواية الماضية في آخر كتاب العلم، فإنه أخرجه هناك عن آدم عن ابن أبي ذئب، فقدم طريق نافع وعطف عليها طريق الزهري، عكس ما هنا‏.‏

وزعم الكرماني أن قوله ‏"‏ وعن نافع ‏"‏ تعليق من البخاري، وقد قدمنا أن التجويزات العقلية لا يليق استعمالها في الأمور النقلية‏.‏

والله الموفق‏.‏

*3*باب مَا يَسْتُرُ مِنْ الْعَوْرَةِ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏باب ما يستر من العورة‏)‏ أي خارج الصلاة‏.‏

والظاهر من تصرف المصنف أنه يرى أن الواجب ستر السوأتين فقط، وأما في الصلاة فعلى ما تقدم من التفصيل، وأول أحاديث الباب يشهد له فإنه قيد النهي بما إذا لم يكن على الفرج شيء أي يستره، ومقتضاه أن الفرج إذا كان مستورا فلا نهي‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَى فَرْجِهِ مِنْهُ شَيْءٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة‏)‏ أي ابن مسعود‏.‏

عن ‏(‏أبي سعيد‏)‏ هكذا رواه الليث عن ابن شهاب ووافقه ابن جريج كما أخرجه المصنف في اللباس، ورواه في اللباس أيضا من طريق أخرى عن الليث أيضا عن يونس عن ابن شهاب عن عامر بن سعد عن أبي سعيد وسياقه أتم‏.‏

وفيه النهي عن الملامسة والمنابذة أيضا، وفيه تفسير جميع ذلك‏.‏

ورواه في الاستئذان من طريق سفيان عن ابن شهاب عن عطاء ابن يزيد عن أبي سعيد بنحو رواية يونس لكن بدون التفسير، والطرق الثلاثة صحيحة، وابن شهاب سمع حديث أبي سعيد من ثلاثة من أصحابه فحدث به عن كل منهم بمفرده‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن اشتمال الصماء‏)‏ و بالصاد المهملة والمد، قال أهل اللغة‏:‏ هو أن يخلل جسده بالثوب لا يرفع منه جانبا ولا يبقى ما يخرج منه يده‏.‏

قال ابن قتيبة‏:‏ سميت صماء لأنه يسد المنافذ كلها فتصير كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق‏.‏

وقال الفقهاء‏:‏ هو أن يلتحف بالثوب ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبيه فيصير فرجه باديا‏.‏

قال النووي فعلى تفسير أهل اللغة يكون مكروها لئلا يعرض له حاجة فيتعسر عليه إخراج يده فيلحقه الضرر، وعلى تفسير الفقهاء يحرم لأجل انكشاف العورة‏.‏

قلت‏:‏ ظاهر سياق المصنف من رواية يونس في اللباس أن التفسير المذكور فيها مرفوع، وهو موافق لما قال الفقهاء‏.‏

ولفظه‏:‏ والصماء أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه فيبدو أحد شقيه‏.‏

وعلى تقدير أن يكون موقوفا فهو حجة على الصحيح، لأنه تفسير من الراوي لا يخالف ظاهر الخبر‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏وأن يحتبي‏)‏ الاحتباء أن يقعد على أليتيه وينصب ساقيه ويلف عليه ثوبا، ويقال له الحبوة، وكانت من شأن العرب‏.‏

وفسرها في رواية يونس المذكورة بنحو ذلك‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ عَنْ اللِّمَاسِ وَالنِّبَاذِ وَأَنْ يَشْتَمِلَ الصَّمَّاءَ وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا سفيان‏)‏ هو الثوري‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏عن بيعتين‏)‏ بفتح الموحدة، ويجوز كسرها على إرادة الهيئة‏.‏

و ‏(‏اللماس‏)‏ بكسر أوله وكذا ‏(‏النباذ‏)‏ وأوله نون ثم موحدة خفيفة وآخره معجمة، وسيأتي تفسيرهما في كتاب البيوع إن شاء الله تعالى‏.‏

والمطلق في الاحتباء هنا محمول على المقيد في الحديث الذي قبله‏.‏

الحديث‏:‏

حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ بَعَثَنِي أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْحَجَّةِ فِي مُؤَذِّنِينَ يَوْمَ النَّحْرِ نُؤَذِّنُ بِمِنًى أَنْ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثُمَّ أَرْدَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا فَأَمَرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِبَرَاءَةٌ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ فِي أَهْل مِنًى يَوْمَ النَّحْرِ لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ

الشرح‏:‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا إسحاق‏)‏ كذا للأكثر غير منسوب، وردده الحفاظ بين ابن منصور وبين ابن راهويه‏.‏

ووقع في نسختي من طريق أبي ذر إسحاق بن إبراهيم فتعين أنه ابن راهويه، إذ لم يرو البخاري عن إسحاق ابن أبي إسرائيل‏.‏

واسمه إبراهيم شيئا ولا عن الصواف وهو دونهما في الطبقة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏حدثنا يعقوب بن إبراهيم‏)‏ أي ابن سعد ورواة هذا الإسناد سوى صحابيه وشيخ المصنف زهريون وهم أربعة‏.‏

قوله‏:‏ ‏(‏أن لا يحج‏)‏ كذا للأكثر، وللكشميهني ‏"‏ ألا لا يحج ‏"‏ بأداة الاستفتاح قبل حرف النهي، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا الحديث في ‏"‏ باب وجوب الصلاة في الثياب ‏"‏ وسيأتي الكلام على بقية مباحثه في كتاب الحج إن شاء الله تعالى‏.‏