فصل: حديث : طلب العلم فريضة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نظم المتناثر من الحديث المتواتر **


*1* ‏[‏ حديث الافتتاح‏:‏ إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى‏]‏

1-  ‏(‏إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى‏)‏‏.‏

- جعله بعضهم مثالاً للمتواتر ورده ابن الصلاح في مقدمة علوم الحديث له فقال وحديث الأعمال بالنيات ليس من ذلك السبيل أي سبيل المتواتر وأن نقله عدد المتواتر وزيادة لأن ذلك طرأ عليه في وسط إسناده ولم يوجد في أوائله على ما سبق ذكره اهـ‏.‏

وفي التقريب للنووي ما نصه وحديث من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار متواتر لا حديث إنما الأعمال بالنيات اهـ أي فليس بمتواتر لأن شرطه وجود عدة التواتر في جميع طبقاته بأن يرويه جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب عن جمع كذلك إلى أن ينتهي إلى المخبر عنه صلى اللّه عليه وسلم وليس ذلك بموجود هنا إلا أن يراد التواتر المعنوي فيصح لأنه متواتر معنى لكونه ورد في طلب النية في العمل أحاديث كثيرة كما يأتي وقال المنذري في الترغيب زعم بعض المتأخرين أن هذا الحديث بلغ التواتر وليس كذلك فإنه مما انفرد به يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد ابن إبراهيم التيمي ثم رواه عن الأنصاري خلق كثير نحو مائتين وقيل سبعمائة وقيل أكثر وقد روي من طرق كثيرة غير طريق الأنصاري ولا يصح منها شيء كذا قال الحافظ علي بن المديني وغيره من الأئمة وقال الخطابي لا أعلم في ذلك خلافاً بين أهل الحديث واللّه أعلم اهـ‏.‏

وقال العراقي أطلق بعضهم على الحديث اسم الشهرة وبعضهم اسم التواتر ولا كذلك وإنما هو فرد ومن أطلق ذلك أراد الاشتهار والتواتر في آخر السند فقد قال ابن المديني رواه عن يحيى بن سعيد سبعمائة رجل اهـ‏.‏

وفي شرح التقريب للسخاوي أنه لا يصح التمثيل به للمشهور فضلاً عن المتواتر وإنما يمثل به للغريب قال لأن الحكم في مثله للأقل اهـ‏.‏

وحاصل ما للأئمة فيه أنه حديث فرد غريب باعتبار أوله بل تكررت الغرابة فيه أربع مرات باعتبار آخره لأنه لم يصح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم كما قاله غير واحد من الحفاظ إلا من حديث عمرو لا عن عمر إلا من رواية علقمة ولا عن علقمة إلا من رواية محمد بن إبراهيم التيمي ولا عن التيمي إلا من رواية يحيى بن سعيد الأنصاري ومداره عليه وأما بعد يحيى فقد رواه عنه أكثر من مائتي إنسان أكثرهم أئمة وفي كلام الحافظ أبي عبد اللّه محمد بن علي الخشاب أنه رواه عنه مائتان وخمسون نفراً وذكر ابن منده أسماءهم مرتبة على حروف المعجم فبلغت ثلاثمائة أو أربعة قال الحافظ ابن حجر في أماليه المخرجة على مختصر ابن الحاجب الأصلي وقد وقع لي من رواية ثلاثة غير من سمى وذكر الحافظ أبو موسى المديني أن الحافظ أبا إسماعيل الهروي المعروف بشيخ الإسلام ذكر أنه كتبه عن سبعمائة رجل من أصحاب يحيى قال الحافظ وهذا يمكن تأويله بأن يكون له عن كل نفس من أصحاب يحيى أكثر من طريق فلا تزيد العدة على ما سمي ابن منده فإن الرواة عن يحيى لا يبلغون هذه العدة فيما نعلم وأكثر من سمي ابن منده ما وقفنا على رواياتهم اهـ‏.‏ وقال في تخريج أحاديث الرافعي تتبعته من الكتب والأجزاء حتى مررت على أكثر من ثلاثة آلاف جزء فما استطعت أن أكمل له سبعين طريقاً اهـ‏.‏

وذكر أبو القاسم عبد الرحمان ابن منده في كتاب التذكرة له أنه رواه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم مع عمر علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود وأبو ذر وعبادة ابن الصامت وأبو هريرة وأبو سعيد الخدري وابن عمر وابن عباس ومعاوية وعقبة بن عامر وعتبة بن عبد السلمي وجابر وأنس وعتبة ابن الندر وعتبة بن مسلم وهلال بن سويد وذكر الحافظ عماد الدين ابن كثير أنه سأل المزي عن كلام ابن منده هذا فاستبعده ووجهه الحافظ أبو الفضل العراقي في كلامه على ابن الصلاح بأن مراده أن هؤلاء رووا أحاديث في مطلق اعتبار النية لا خصوص هذا اللفظ ونبه على أن الأخيرين ليسا بصحابيين قال الحافظ وقد ورد بلفظه من حديث أربعة من المذكورين وهم أبو سعيد وأنس وأبو هريرة وعمر اهـ‏.‏

وذكر الحافظ أبو الفضل العراقي أنه رواه ثلاث وثلاثون صحابياً أي وهم من تقدم ويزاد عليهم أبو الدرداء وسهل بن سعد والنواس بن سمعان وأبو موسى الأشعري وصهيب بن سنان أبو أمامة الباهلي وزيد بن ثابت ورافع بن خديج وصفوان ابن أمية وغزية بن الحارث والحارث بن غزية وعائشة وأم سلمة وأم حبيبة وصفية بنت حيي ويعني أنهم رووا أحاديث في مطلق النية لقول ولده الولد العراقي هو منحصر في رواية عمر وما عداه ضعيف أو في مطلق النية اهـ‏.‏

وذكر ابن منده أيضاً أنه رواه عن عمر غير علقمة جماهير منهم ابنه عبد اللّه وجابر وأبو جحيفة وعبد اللّه بن عامر بن ربيعة وذو الكلاع وعطاء ابن يسار وناشرة بن سمي وواصل ابن عمرو الجذامي ومحمد بن المنكدر وأنه رواه عن علقمة غير محمد بن إبراهيم سعيد بن المسيب ونافع مولى ابن عمر وأنه رواه عن محمد غير يحي أخوه عبد ربه بن سعيد وحجاج بن أرطأة ومحمد بن إسحاق وداود بن أبي الفرات ومحمد ابن عمرو ابن علقمة الليثي وكان ابن منده هذا هو الذي ادعى تواتره فلذلك احتاج إلى هذا التكلف الذي ذكره فإن أراد التواتر المعنوي فذاك وإلا فممنوع لأنه لم يصح له طريق غير طريق عمر ولم يرد بلفظ حديث عمر إلا من حديث أبي سعيد وقد صرحوا بتغليظ راويه فيه وحديث علي وفيه من لا يعرف وحديث أنس وهو غريب جداً وحديث أبي هريرة وهو ضعيف وسائر أحاديث الصحابة المذكورين إنما هي في مطلق النية كحديث يبعثون على نياتهم وحديث لا عمل لمن لا نية له وحديث ليس للمرء من عمله إلا ما نواه وحديث نية المؤمن خير من عمله وحديث ليس له من غزاته إلا ما نوى وحديث ولكن جهاد ونية وحديث رب قتيل بين الصفين اللّه أعلم بنيته وحديث لك ما نويت يا يزيد وما أشبه ذلك وقد قال السيوطي في منتهى الآمال في شرح حديث إنما الأعمال ورد في مطلق النية أحاديث كثيرة جداً تزيد على عدد التواتر ثم ذكر بعضها من حديث أنس وابن عباس ورافع بن خديج وزيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري وغزية بن الحارث وسعد بن أبي وقاص ومعاوية وعقبة بن عامر وأبي ذر وأبي الدرداء فانظره وانظر أيضاً أمالي الحافظ ابن حجر المخرجة على مختصر ابن الحاجب الأصلي وشرح التقريب للسيوطي في الكلام على الشاذ وإرشاد الساري وغير ذلك وبهذا كله تعلم ما في قول الشعراني في البدر المنير حديث الأعمال بالنيات رواه الشيخان لكن بزيادة إنما الأعمال رواه ثلاثون صحابياً فهو من الأحاديث المتواترة اهـ‏.‏

ثم هذا الحديث من الأحاديث التي لم يذكرها السيوطي في الأزهار لأن مراده فيه واللّه أعلم بيان المتواتر اللفظي لا المعنوي وإن أورد فيه الكثير مما هو معنوي أيضاً واللّه المرشد‏.‏

*1* ‏( ‏كتاب العلم‏)‏‏.‏

2-  ‏(‏من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار‏)‏‏.‏

- أورده في الأزهار مصدراً به من حديث علي بن أبي طالب وأنس بن مالك والمغيرة بن شعبة والزبير بن العوام وسلمة بن الأكوع وابن عمر وابن مسعود وجابر بن عبد اللّه وأبي قتادة وأبي سعيد الخدري وعفان بن حبيب وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وخالد بن عرفطة وزيد بن أرقم وابن عمر وعقبة بن عامر وقيس بن سعد بن عبادة ومعاوية بن أبي سفيان وأبي موسى الغافقي وأبي بكر الصديق وطلحة بن عبيد اللّه وأوس بن أوس والبراء ابن عازب وحذيفة ابن اليمان ورافع بن خديج والسائب بن يزيد وسعد بن المدحاس وسلمان الفارسي وصهيب وابن عباس وعتبة بن غزوان والعرس بن عميرة وعمار بن ياسر وعمرو بن حريث وعمرو بن عبسة وعمرو بن مرة ومعاذ بن جبل ونبيط بن شريط ويعلى ابن مرة وأبي أمامة وأبي موسى الأشعري وأبي ميمون الكردي وأبي قرصافة ووالد أبي مالك الأشجعي واسمه طارق بن أشيم وسعيد بن زيد وعمران بن حصين وابن الزبير ويزيد ابن أسد وأبي رمثة وأبي رافع وأم أيمن وجابر بن حابس وسلمان بن خالد وعبد اللّه بن زغب وأسامة بن زيد وعبد اللّه بن أبي أوفى وبريدة وسفينة وواثلة بن الأسقع وأبي عبيدة ابن الجراح وسعد بن أبي وقاص وحذيفة بن أسيد وزيد بن ثابت وكعب بن قطبة ومعاوية ابن حيدة والمنقع التميمي وأبي كبشة الأنماري ووالد أبي العشراء وأبي ذر وعائشة اثنين وسبعين صحابياً قال وممن ذكر من رواته عبد الرحمان بن عوف قال ابن الجوزي ولم يقع لي حديثه وعمرو بن عوف وأبو الحمراء اهـ‏.‏ وبهؤلاء الثلاثة تبلغ رواته خمساً وسبعين‏.‏

‏(‏قلت‏)‏ وعلى هذا جرى أيضاً في شرح التقريب فإنه عدله من الرواة مرتبين على حروف المعجم خمساً وستين بدون العشرة المبشرين وبهم يصل العدد إلى ما ذكرناه وقد زاد غيره ممن رواه جماعة آخرين انظر شرح الأحياء وقد قالوا أن البخاري أخرجه في العلم من حديث علي والزبير بن العوام وأنس بن مالك وسلمة ابن الأكوع وأبي هريرة وفي الجنائز من حديث المغيرة بن شعبة وفي أخبار بني إسرائيل من حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص وفي مناقب قريش من حديث واثلة بن الأسقع لكن ليس هو بلفظ الوعيد بالنار صريحاً واتفق مسلم معه على تخريج حديث علي وأنس وأبي هريرة والمغيرة أخرجه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري أيضاً وصح أيضاً في غيرهما من حديث عثمان بن عفان وابن مسعود وابن عمر وأبي قتادة وجابر وزيد بن أرقم وورد بأسانيد حسان من حديث طلحة ابن عبيد اللّه وسعيد بن زيد وأبي عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص ومعاذ بن جبل وعقبة بن عامر وعمران بن حصين وابن عباس وسلمان الفارسي ومعاوية بن أبي سفيان ورافع بن خديج وطارق الأشجعي والسائب بن يزيد وخالد بن عرفطة وأبي أمامة وأبي قرصافة وأبي موسى الغافقي وعائشة فهؤلاء ثلاث وثلاثون نفساً من الصحابة وورد أيضاً على نحو من خمسين غيرهم بأسانيد ضعيفة متماسكة وعن نحو من عشرين آخرين بأسانيد ساقطة وقد جمع الحافظ ابن حجر طرقه في جزء ضخم واعتنى جماعة من الحفاظ قبله بجمع طرقه أولهم علي بن المديني وتبعه يعقوب بن شيبة فقال روى هذا الحديث من عشرين وجهاً عن الصحابة من الحجازيين وغيرهم ثم إبراهيم الحربي وأبو بكر الرازي فقال كل منهما أنه ورد من حديث أربعين من الصحابة وجمع طرقه في ذلك العصر أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد فزاد قليلاً وقال أبو بكر الصيرفي في شارح رسالة الشافعي رواه ستون نفساً من الصحابة وجمع طرقه الطبراني فزاد قليلاً وقال أبو القاسم ابن منده رواه أكثر من ثمانين نفساً وقد خرجها بعض النيسابوريين فزادت قليلاً وجمع طرقه ابن الجوزي في مقدمة كتاب الموضوعات في النسخة الأولى فأوصل رواته إلى أحد وستين صحابياً في النسخة الثانية وهي أطول من الأولى فجاوز التسعين وبذلك جزم ابن دحية فيما نقله عنه في فتح الباري وتبعه السخاوي وفي نقل المناوي عنه أنه جاء من نحو أربعمائة طريق ولابد من تأويله وقال أبو موسى المديني يرويه نحو مائة من الصحابة وجمعها بعده الحافظان أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي المعروف بالمزي وأبو علي البكري وهما متعاصران فوقع لكل ما ليس عند الآخر وتحصل من مجموع ذلك كله رواية مائة من الصحابة على ما فصلناه من صحيح وحسن وضعيف وساقط مع أن فيها ما هو في مطلق ذم الكذب عليه من غير تقييد بهذا الوعيد الخاص وذكر العراقي في الفيته أن رواته من الصحابة نيفوا أي زادوا على مائة قال في فتح المغيث باثنين قال وذلك بالنظر لمجموع ما عندهم اهـ‏.‏

ونقل النووي في مقدمة شرح مسلم عن بعضهم أنه رواه مائتان من الصحابة قال في فتح المغيث واستبعد المصنف يعني العراقي ذلك ووجهه غيره بأنه في مطلق الكذب كحديث من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ونحوه ولعله كما قال شيخنا سبق قلم من مائة اهـ‏.‏

وقال الحافظ برهان الدين الحلبي في الكشف الحثيث عمن رمى بوضع الحديث قال شيخنا الحافظ العراقي القول بأنه روى هذا الحديث مائتان من الصحابة أستبعد أنا وقوعه قال وذكر شيخنا أيضاً الصحابة الذين رووه على حروف المعجم في كتاب النكت على ابن الصلاح فيما قرأته عليه وقال فهؤلاء خمسة وسبعون ويصح من نحو عشرين واتفق الشيخان على حديث أربعة منهم اهـ‏.‏

وقال السيوطي في شرحه للألفية المصطلح للعراقي قال جماعة أنه رواه أكثر من مائة من الصحابة قال العراقي وليس في هذا المتن بعينه ولكنه في مطلق الكذب والخاص بهذا المتن رواية بضع وسبعين قال أعني السيوطي وقد سقت أسماءهم في شرح التقريب والتأليف الذي جمعته في الأحاديث المتواترة اهـ‏.‏

وفي الترغيب والترهيب للمنذري هذا الحديث روى عن غير واحد من الصحابة في الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها حتى بلغ التواتر اهـ‏.‏

وممن أطلق عليه التواتر ابن الصلاح والنووي والعراقي وغيرهم وكلام ابن الصلاح مشعر باختصاصه بكونه مثالاً للمتواتر وقال بعضهم لا يوجد متواتر متفق على تواتره غيره ونقل عن بعض الحفاظ والمراد ابن الجوزي في مقدمة أحد النسختين من كتاب الموضوعات له أنه لا يعرف حديث رواه أكثر من ستين صحابياً إلا هذا ولا حديث اجتمع على روايته العشرة المبشرة إلا هو واعترض الكل أعني ‏(‏1‏)‏ كونه متواتراً ‏(‏2‏)‏ وكون التواتر مختصاً به ‏(‏3‏)‏ وكونه رواه العشرة ‏(‏4‏)‏ وكونه مختصاً بروايتهم وبرواية أكثر من ستين من الصحابة أما الأول فقال في الفتح بعد كلام ما نصه ولأجل كثرة طرقه أطلق عليه جماعة أنه متواتر ونازع بعض مشايخنا في ذلك قال لأن شرط المتواتر استواء طرفيه وما بينهما في الكثرة وليست موجودة في كل طريق منها بمفردها وأجيب بأن المراد بإطلاق كونه متواتراً رواية المجموع عن المجموع من ابتدائه إلى انتهائه في كل عصر وهذا كاف في إفادة العلم وأيضاً فطريق أنس وحدها قد رواها عنه العدد الكثير وتواترت عنهم وحديث علي رواه عنه ستة من مشاهير التابعين وثقاتهم وكذا حديث ابن مسعود وأبي هريرة وعبد اللّه بن عمرو فلو قيل في كل منها أنه متواتر عن صحابية لكان صحيحاً فإن العدد المعين لا يشترط في المتواتر بل ما أفاد العلم كفى والصفات العلية في الرواة تقوم مقام العدد أو تزيد عليه كما قررته في نكت علوم الحديث وفي شرح نخبة الفكر وبينت هناك الرد على من ادعى أن مثال المتواتر لا يوجد إلا في هذا الحديث وبينت أن أمثلته كثيرة اهـ‏.‏

وأما الثاني فتقدم رده عن ابن حجر في شرح النخبة وغيره وعن السيوطي والسخاوي وأما الثالث فقال في فتح المغيث نازع غير واحد في اجتماع العشرة على روايته وأجيب بأن الطرق عن العشرة موجودة في مقدمة الموضوعات لابن الجوزي ومنهم ابن عوف في النسخة الأخيرة منها وكذا هي موجودة عند من بعده والثابت منها كما سيأتي أي في كلامه من الصحاح علي والزبير ومن الحسان طلحة وسعد وسعيد وأبو عبيدة ومن الضعيف المتماسك طريق عثمان وبقيتها ضعيف أو ساقط وعلى كل حال فقد وجدت في الجملة اهـ‏.‏

وما ذكره من أن طريق عثمان من الضعيف المتماسك خلاف ما لشيخه في الفتح فإنه عدها من الصحيح كما تقدم تبعاً له وهو الصواب فإن حديث عثمان رواه أحمد في مسند عثمان من مسنده في موضعين بلفظين الأول منهما عن إسحاق بن عيسى وشريح وحسين عن عبد الرحمان ابن أبي الزناد وهو صدوق عن أبيه وهو ثقة عن عامر بن سعد وهو ثقة أيضاً عن عثمان والثاني عن عبد الكبير بن عبد المجيد وهو ثقة عن عبد الحميد بن جعفر وهو صدوق عن أبيه وهو ثقة عن محمود بن لبيد وهو صحابي صغير عن عثمان وبمجموع الطريقين يحكم على حديثه بالصحة وأما الرابع فقال العراقي في شرحه لألفيته ما نقله ابن الصلاح من تخصيص هذا الحديث بهذا العدد ورواية العشرة منقوض بحديث المسح على الخفين فقد ذكر أبو القاسم عبد الرحمان بن محمد بن إسحاق بن منده في كتابه المستخرج أنه رواه أكثر من ستين صحابياً ومنهم العشرة وروى عن الحسن أنه قال حدثني سبعون من أصحاب رسول اللّه بالمسح على الخفين وجعله ابن عبد البر متواتراً وأيضاً فحديث رفع اليدين قد عزاه غير واحد منهم ابن منده المذكور والحاكم إلى العشرة وجعل ذلك من خصوصياته اهـ‏.‏

قال في فتح المغيث وكذا الوضوء من مس الذكر قيل أن رواته زادت على ستين وكذلك الوضوء مما مست النار وعدمه اهـ‏.‏

وأجاب السيوطي في شرحه لألفية العراقي بأن مراد ابن الصلاح وابن الجوزي أن ذلك لم يقع في متن خاص بلفظة إلا في متن من كذب قال وأما قصة مسح الخف ورفع اليدين فإنها قصص مختلفة وأحاديث متغايرة تضمنت ذلك الحكم من المسح والرفع لا أنه حديث واحد اتفقوا على روايته ومثل ذلك هو المسمى في الأصول بالتواتر المعنوي ومقابله اللفظي ولا يوجد قط بعد حديث من كذب حديث اتفق على روايته بلفظ واحد العشرة وستون صحابياً ولا نصفهما نعم ما يقارب ذلك كحديث انزل القرآن على سبعة أحرف رواه نحو الثلاثين في أحاديث أخر أفردتها بتأليف اهـ‏.‏

وبه يجاب أيضاً عما زاده في فتح المغيث وانظر شرح الأحياء للشيخ مرتضى الزبيدي فقد أطال في هذا الحديث في الباب الثالث من كتاب العلم واللّه سبحانه وتعالى أعلم‏.‏

3- ‏ (‏نضر اللّه امرءاً‏)‏‏.‏

- بتشديد الضاد المعجمة وتخفيفها أي بهجه وحسنه ونعمه ‏(‏سمع مقالتي فوعاها فأداها إلى من لم يسمعها فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه‏)‏ وفي لفظ سمع منا شيئاً فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع وله ألفاظ أخر أورده فيها أيضاً من حديث ‏(‏1‏)‏ زيد بن ثابت ‏(‏2‏)‏ وابن مسعود ‏(‏3‏)‏ وجبير بن مطعم ‏(‏4‏)‏ والنعمان بن بشير ‏(‏5‏)‏ ووالده بشير ‏(‏6‏)‏ وسعد بن أبي وقاص ‏(‏7‏)‏ وأنس ‏(‏8‏)‏ وجابر بن عبد اللّه ‏(‏9‏)‏ وعمير بن قتادة الليثي ‏(‏10‏)‏ ومعاذ بن جبل ‏(‏11‏)‏ وأبي الدرداء ‏(‏12‏)‏ وأبي قرفاصة ‏(‏13‏)‏ وأبي سعيد الخدري ‏(‏14‏)‏ وربيعة بن عثمان التيمي ‏(‏15‏)‏ وابن عمر ‏(‏16‏)‏ وزيد بن خالد الجهني ستة عشر نفساً ‏(‏قلت‏)‏ ورد أيضاً من حديث عائشة وأبي هريرة وشيبة بن عثمان‏.‏

وذكر ابن منده في تذكرته أنه رواه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أربعة وعشرون صحابياً ثم سرد أسماءهم نقله ابن حجر في أماليه المخرجة على مختصر ابن الحاجب الأصلي وفي شرح المواهب اللدنية قال الحافظ أنه مشهور وعده بعضهم من المتواتر لأنه ورد عن أربعة وعشرين صحابياً وسردهم اهـ وفي شرح التقريب للسيوطي كما تقدم عنه أنه وارد عن نحو ثلاثين منهم واللّه أعلم‏.‏

4-  ‏(‏ليبلغ الشاهد منكم الغائب‏)‏‏.‏

وفي لفظ ليبلغ شاهدكم غائبكم وفي آخر أل ليبلغ الشاهد الغائب

- ورد من حديث ‏(‏1‏)‏ أبي بكرة ‏(‏2‏)‏ وابن عباس ‏(‏3‏)‏ وابن شريح الخزاعي الكعبي ‏(‏4‏)‏ وابن عمر ‏(‏5‏)‏ ووابصة ‏(‏6‏)‏ وعبادة بن الصامت ‏(‏7‏)‏ وجابر بن عبد اللّه ‏(‏8‏)‏ ومعاوية بن حيدة القشيري ‏(‏9‏)‏ والحارث بن البصراء الليثي ‏(‏10‏)‏ وعلي بن أبي طالب وغيرهم وأخرجه ابن منده في مستخرجه عن ثمانية عشر صحابياً قال المناوي صدر شرحه للأربعين النووية ولذا عده بعضهم من المتواتر اهـ‏.‏

*2* ‏( ‏فضل العلم والعلماء‏)‏‏.‏

5- فضل العلم والعلماء ووجوب توقيرهم واحترامهم والتحذير من بغضهم وأذاهم نقل العلامة الأوحد أبو حامد سيدي العربي أبو يوسف الفاسي في شرحه لنظمه لنخبة ابن حجر عن السيد نور الدين ويعني به أبا الحسن علي بن عبد اللّه بن أحمد السمهودي المدني الشافعي أنه تظاهرت على ذلك الآيات وصحيح الأخبار والآثار وتواترت وتطابقت الدلائل العقلية والنقلية وتوافقت وانظر جواهر العقدين من فضل الشرفين شرف العلم الجلي والنسب العلي لنور الدين المذكور وهو كتاب نفيس غاية في مجلدين لطيفين رتبه على قسمين الأول في فضل العلم والعلماء والثاني في فضل أهل البيت النبوي وشرفهم‏.‏

6- ‏ (‏طلب العلم فريضة على كل مسلم‏)‏‏.‏

- ذكر السخاوي في شرح الألفية أن بعضهم جمع طرقه وكذا جمعها السيوطي كما يأتي وقال في الدرر المنتثرة روي من حديث ‏(‏1‏)‏ أنس ‏(‏2‏)‏ وجابر ‏(‏3‏)‏ وابن عمر ‏(‏4‏)‏ وابن مسعود ‏(‏5‏)‏ وابن عباس ‏(‏6‏)‏ وعلي ‏(‏7‏)‏ وأبي سعيد وفي كل طرقه مقال وأجودها طريق قتادة وثابت عن أنس وطريق مجاهد عن ابن عمر وأخرجه ابن ماجه عن كثير بن شنظير عن محمد بن سيرين عن أنس وكثير مختلف فيه فالحديث حسن وقال ابن عبد البر روى من وجوه كلها معلولة ثم روى عن إسحاق بن راهويه أن في إسناده مقالاً ولكن معناه صحيح وقال البزار في مسنده روى عن علي وأنس بأسانيد واهية وأحسنها ما رواه إبراهيم بن سلام عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن أنس وابن سلام لا نعرف روى عنه إلا أبو عاصم وأخرجه ابن الجوزي في منهاج القاصدين من جهة أبي بكر بن أبي داود حدثنا جعفر بن مسافر حدثنا يحيى ابن حسان عن سليمان ابن قرم عن ثابت البناني عن أنس قال ابن أبي داود سمعت أبي يقول ليس في حديث طلب العلم فريضة أصح من هذا وقال المزي هذا الحديث روي من طريق تبلغ رتبة الحسن قلت أي قال السيوطي قال الديلمي روى أيضاً من حديث ‏(‏8‏)‏ أبي ابن كعب ‏(‏9‏)‏ وحذيفة ‏(‏10‏)‏ وسلمان ‏(‏11‏)‏ وسمرة بن جندب ‏(‏12‏)‏ ومعاوية ابن حيدة ‏(‏13‏)‏ وأبي أيوب ‏(‏14‏)‏ وأبي هريرة ‏(‏15‏)‏ وعائشة بنت الصديق ‏(‏16‏)‏ وعائشة بنت قدامة ‏(‏17‏)‏ وأم هانئ وقد بينت مخارجها في الأحاديث المتواترة اهـ‏.‏

وزاد في المقاصد الحسنة ممن ورد عنه ‏(‏18‏)‏ الحسين بن علي ‏(‏19‏)‏ ونبيط بن شريط قال وآخرين قال وبسط الكلام في تخريجها العراقي في تخريجه الكبير للأحياء ومع هذا كله قال البيهقي متنه مشهور وإسناده ضعيف وقد روي من أوجه كلها ضعيفة وسبقه الإمام أحمد فيما حكاه ابن الجوزي في العلل المتناهية عنه فقال إنه لا يثبت عندنا في هذا الباب شيء وكذا قال إسحاق بن راهويه أنه لم يصح وأما معناه فصحيح في الوضوء والصلاة والزكاة إن كان له مال وكذا الحج وغيره وتبعه ابن عبد البر بزيادة إيضاح وبيان وقال أبو علي النيسابوري الحافظ أنه لم يصح عن النبي صلى اللّه عليه وسلم فيه إسناد ومثل به ابن الصلاح للمشهور الذي ليس بصحيح وتبع في ذلك أيضاً الحاكم ولكن قال العراقي قد صحح بعض الأئمة بعض طرقه كما بينته في تخريج الأحياء وقال المزي إن طرقه تبلغ به رتبة الحسن اهـ‏.‏

المراد منه وقد ذكر قبله أنه يروى عن أنس عن نحو عشرين تابعياً وأن ابن شاهين في الافراد رواه عنه بسند قال فيه أنه غريب قال السخاوي قلت ورجاله ثقات اهـ‏.‏

وقال ابن القطان عقب إيراده له من جهة سلام الطويل عن أنس أنه غريب حسن الإسناد وقال الذهبي في تلخيص الواهيات روي من عدة طرق واهية وبعضها صالح وقال السيوطي جمعت له خمسين طريقاً وحكمت بصحته لغيره ولم أصحح حديثاً لم أسبق لتصحيحه سواه اهـ‏.‏

وانظر مع ما سبق عن العراقي أن بعض الأئمة صحح بعض طرقه وفي التعليقة المنيفة له أعني السيوطي وعندي أنه بلغ رتبة الصحيح لأني رأيت له نحو خمسين طريقاً وقد جمعتها في جزء اهـ‏.‏

وقال في تبييض الصحيفة متنه مشهور وقد قال النووي في فتاويه هو حديث ضعيف وإن كان معناه صحيحاً وقال الحافظ جمال الدين المزي روي من طريق يبلغ رتبة الحسن قلت وعندي أنه بلغ رتبة الصحيح لأني وقفت له على خمسين طريقاً وقد جمعتها في جزء اهـ‏.‏

وفي ظفر الأماني بعد كلام فيه وبالجملة أسانيد هذا الحديث كثيرة جداً حتى عده الحافظ السيوطي في الأحاديث المتواترة اهـ ولعله ذكره في الفوائد المتكاثرة وأما الأزهار فإني لم أر له ذكراً فيها واللّه أعلم‏.‏

‏(‏تنبيه‏)‏ قال في المقاصد قد ألحق بعض المصنفين بهذا الحديث ومسلمة وليس لها ذكر في شيء من طرقه وإن كان معناها صحيحاً اهـ‏.‏

7-  ‏(‏من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار‏)‏‏.‏

- أورده المنذري في الترغيب من حديث ‏(‏1‏)‏ أبي هريرة وقال قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ومن حديث ‏(‏2‏)‏ عبد اللّه بن عمرو وقال قال الحاكم صحيح لا غبار عليه ومن حديث ‏(‏3‏)‏ ابن عباس وقال رواته ثقات محتج بهم في الصحيح ومن حديث ‏(‏4‏)‏ أبي سعيد الخدري ثم قال قال الحافظ يعني نفسه وقد روى هذا الحديث عن جماعة من الصحابة غير من ذكر منهم ‏(‏5‏)‏ جابر بن عبد اللّه ‏(‏6‏)‏ وأنس بن مالك ‏(‏7‏)‏ وعبد اللّه بن عمر ‏(‏8‏)‏ وعبد اللّه بن مسعود ‏(‏9‏)‏ وعمرو بن عبسة ‏(‏10‏)‏ وعلي بن طلق وغيرهم اهـ‏.‏

وفي المقاصد الحسنة حديث من كتم علماً الجم يوم القيامة بلجام من نار أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححاه من حديث أبي هريرة وقال الترمذي أنه حسن صحيح قلت وله طرق كثيرة أورد الكثير منها ابن الجوزي في العلل المتناهية وفي الباب عن أنس وجابر وطلق بن علي وعائشة وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وعمرو بن عبسة أوردها الزيلعي في آل عمران من تخريجه ويشمل الوعيد حبس الكتب عمن يطلبها للانتفاع بها لاسيما مع عدم التعدد لنسخها الذي هو أعظم أسباب المنع وكون المالك لا يهتدي للمراجعة منها والابتلاء بهذا كثير اهـ ومن أجل هذا يشبه أن يعد في الأحاديث المتواترة وإن لم أر الآن من عده منها واللّه سبحانه وتعالى أعلم‏.‏