فصل: باب الجعل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شفاء الغليل في حل مقفل خليل



.فصل في كراء الحمام:

جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ، ودَارٍ غَائِبَةٍ كَبَيْعِهَا.
الشرح:
قوله: (جَازَ كِرَاءُ حَمَّامٍ) مسألة مستقلة كقوله فِي "المدونة": ولا بأس بكراء الحمامات، وفِي "العتبية " والله مَا دخوله بصواب، قال ابن عرفة: لأن المكتري متعدٍ فِي فعله مَا ينفي صواب دخوله، ومكريه بريء منه. ولابن عات عن " مختصر الثمانية": قال عبد الملك: يمنع السلطان النساء الحمامات أشدّ منع، ويضربهن عَلَى ذلك، ويؤدب ربّ الحمام حتى لا يدخل امرأة الحمام؛ إنما الحمام للرجال بشرط السترة، وقاله أصبغ.
ابن عرفة: وأخبرنا شيخنا ابن عبد السلام: أَن بعض من لَهُ النظر الشرعي كَانَ أمر الحمامين باتخاذ أزر للنساء كما هو اليوم للرجال، فصار النساء يتضاربن بالأُزُر عَلَى وجه اللعب، فصارت المصلحة زيادة فِي المفسدة، ولا يشكّ اليوم منصف فِي حرمته للنساء ولا فِي أَن عدم قطعه لمن لَهُ عَلَيْهِ قدرة ترك تغيير منكر.

متن الخليل:
أَوْ نِصْفِهَا، أَوْ نِصْفِ عَبْدٍ وشَهْراً عَلَى إِنْ سَكَنَ يَوْماً لَزِمَ، إِنْ مَلَكَ الْبَقِيَّةَ، وعَدَمُ بَيَانِ الابْتِدَاءِ وحُمِلَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ، ومُشَاهَرَةً.
الشرح:
قوله: (أَوْ نِصْفِهَا) عطف عَلَى دار، والضمير لَهَا وليس النصف بشرط، والمراد الجزء الشائع كما فِي "المدونة".

متن الخليل:
ولَمْ يَلْزَمْ لَهُمَا، إِلا بِنَقْدٍ فَقَدْرُهُ كَوَجِيبَةٍ بِشَهْرِ كَذَا، أَوْ هَذَا الشَّهْرِ، أَوْ أَشْهُراً، أَوْ إِلَى كَذَا.
الشرح:
قوله: (وَلَمْ يَلْزَمْ لَهُمَا، إِلا بِنَقْدٍ فَقَدْرُهُ كَوَجِيبَةٍ بِشَهْرِ كَذَا، أَوْ هَذَا الشَّهْرِ، أَوْ أَشْهُراً، أَوْ إِلَى كَذَا) كأنه اختصر هنا قول عياض فِي "التنبيهات": "لا خلاف إِذَا نصّ عَلَى تعيين السنة أَو الشهر، أَو جاء بما يقوم مقام التعيين أنّه لازم لَهُمَا، وذلك فِي خمس صور إِذَا قال هذه السنة أَو هذا الشهر أَو سنة كذا، أَو سمى العدد فيما زاد عَلَى الواحد، فقال: سنتين أَو ثلاثاً، أَو ذكر الأجل فقال: اكريها إِلَى شهر كذا أَو سنة كذا أَو نقده أشهرا أَو سنة أَو أكثر". انتهى.
فقول عياض: أَو سمى العدد فيما زاد عَلَى الواحد إليه أشار المصنف بقوله: (أَو أشهرا) وكذا هو فِي بعض النسخ بصيغة الجمع، وهو الصواب.

متن الخليل:
وفِي سَنَةٍ بِكَذَا، تَأْوِيلانِ.
الشرح:
قوله: (وَفِي سَنَةٍ بِكَذَا، تَأْوِيلانِ) أشار بِهِ لقول عياض: واختلف إِذَا قال: أكري منك سنة بدرهم أَو شهراً بدرهم، فحمل أكثرهم ظاهر الكتاب أنّه مثل قوله: هذه السنة تلزمهما السنة أَو الشهر، وهو بين من أماكن فِي الكتاب، ثم ذكرها ثم قال: وهكذا لَهُ فِي "العتبية " وفِي تفسير يحيي وكتاب ابن حبيب ثم قال: وذهب أبو صالح إِلَى أَن قوله: أكري منك سنة لا يقتضي التعيين، ولَهُ الخروج، ولربّه إخراجه متى شاء مثل قوله: كلّ سنة، وأَن مَا وقع فِي الكتاب من هذا إنما معناه سنة معينة، وخالفه ابن لبابة وغيره.

متن الخليل:
وأَرْضِ مَطَرٍ عُشْراً، إِنْ لَمْ يَنْقُدْ، وإِنْ سَنَةً إِلا الْمَأْمُونَةَ كَالنَّيْلِ، والْمَعِينَةِ.
الشرح:
قوله: (وأَرْضِ مَطَرٍ عُشْراً، إِنْ لَمْ يَنْقُدْ، وإِنْ سَنَةً إِلا الْمَأْمُونَةَ كَالنَّيْلِ، والْمَعِينَةِ) أي: وجَازَ كراء أرض المطر عشر سنين إِن لَمْ يشترط النقد، فإن شرطه لَمْ يجز وإن فِي سنة واحدة من العشر إِلا المأمونة من أرض المطر، كالنيل تشبيه لا تمثيل، والمعينة بالجر عطفاً عَلَى النيل، وهي ذات الماء المعين.

متن الخليل:
فَيَجُوزُ ويَجِبُ فِي مَأْمُونَةِ النَّيْلِ إِذَا رُوِيَتْ، وقَدْرٍ مِنْ أَرْضِكَ، إِنْ عُيِّنَ، أَوْ تَسَاوَتْ.
الشرح:
قوله: (فَيَجُوزُ) إنما لَمْ يستغن عنه بقوله أولاً: (جَازَ) ليفرق بين الجائز والواجب، ولهذا قال: (وَيَجِبُ فِي مَأْمُونَةِ النَّيْلِ إِذَا رُوِيَتْ) أي: يقضى بِهِ لرب الأرض عَلَى المكتري، وأشار بِهِ لقول ابن رشد فِي "المقدمات": فأما أرض النيل فيجب النقد فيها عند ابن القاسم إِذَا رويت؛ لأنها لا تحتاج إِلَى السقي فيما يستقبل، فبالري يكون المكتري قابضاً لما اكترى، وأما أرض السقي والمطر فلا يجب عَلَى المكتري فيها دفع الكراء حتى يتمّ الزرع ويستغني عن الماء. واحترز بقوله: مأمونة النيل. من أرض النيل غير المأمونة كما إِذَا كانت بعيدة أَو مرتفعة يبلغها الماء مرةً بعد الوفاء ومرة لا يبلغها أو لا يطول مقامه عَلَيْهَا. وتقسيم اللخمي فِي هذا الباب عجيب فعَلَيْكَ بِهِ.

متن الخليل:
وعَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا ثَلاثاً، أَوْ يُزَبِّلَهَا، إِنْ عُرِفَ.
الشرح:
قوله: (وعَلَى أَنْ يَحْرُثَهَا ثَلاثاً، أَوْ يُزَبِّلَهَا، إِنْ عُرِفَ) كذا فِي "المدونة" قال ابن يونس: يريد إذ كانت مأمونة؛ لأن زيادة الحرثات والتزبيل منفعة تبقى فِي الأرض إِن لَمْ يتمّ زرعها فيصير كنقدٍ اشترطه فِي غير المأمونة.

متن الخليل:
وأَرْضَ سِنِينَ لِذِي شَجَرٍ بِهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً.
الشرح:
قوله: (وأَرْضَ سِنِينَ لِذِي شَجَرٍ بِهَا سِنِينَ مُسْتَقْبَلَةً) فِي بعض النسخ كذي بالكاف، وفِي بعضها لذي باللام، فإن كَانَ بالكاف فأرض منون وسنين طرف، والكلام مشتمل عَلَى فرعين مشبه بِهِ ومشبه، فأما المشبّه بِهِ فكأنه أعمّ من قوله وأرض مطرعشراً، فليس بتكرار معه؛ لشمول هذا الجزاء لأرض الغرس والبناء، بِخِلاف الأول بدليل أنّه فصل فِي النقد فِي الأول دون هذا، وأما المشبه فقد عرفت مَا أشار بها إليه من نصّ "المدونة"، وإِن كَانَ باللام فلعلّ أرض غير منون، وسنين مضاف إليه.
وقد قال سيبويه: إِن الإضافة تقع بأدنى سبب؛ وحينئذ فالكلام مشتمل عَلَى فرعٍ واحدٍ وهو نصّ "المدونة"المشار إليه، وكأنه يقول: وجَازَ كراء أرضٍ سنين ماضية سنين مستقبلة من غرس بِهِ شجراً فِي السنين الماضية، وفيه قلق.

متن الخليل:
وإِنْ لِغَيْرِكَ.
الشرح:
قوله: (وإِنْ لِغَيْرِكَ) لا شكّ أنّه أشار بِهِ لقوله فِي "المدونة": ولَو اكتريت أرضاً فأكريتها من غيرك فغرسها ثم انقضت مدة الكراء وفيها غرسه فلك أَن تكتريها من ربّها سنين مؤتنفة ثم إِن أرضاك الغارس وإِلا قلع غرسه وإِذَا كَانَ لهذا أشار؛ فكأنه يقول عَلَى سبيل الإغياء: وإِن كَانَ الشجر لغيرك بإذاء الشجر فتجّوز فِي إطلاق ذي الشجر عَلَى مَا هو أعمّ من غارسها والتفت، فخاطبه بعد أَن ذكره بصيغة الغيبة، ولا يخفى مَا فِي ذلك، وعبارة "الشامل" أحسن إذ قال: ككرائها لذي شجر بها أَو غيره سنين مستقبلة، ودخل فِي الغير الأجنبي، والحكم سواء وإِن لَمْ يذكره فِي "المدونة". والله تعالى أعلم.

متن الخليل:
لا زَرْعٍ.
الشرح:
قوله: (لا زَرْعٍ) أشار بِهِ لقوله فِي "المدونة": قال ابن القاسم: ولَو كَانَ موضع الشجر زرع أخضر لَمْ يكن لربّ الأرض أَن يكريها مَا دام زرع هذا فيها؛ لأن الزرع إِذَا انقضت الإجارة لَمْ يكن لرب الأرض قلعه.

متن الخليل:
وشَرْطُ كَنْسِ مِرْحَاضٍ.
الشرح:
قوله: (وشَرْطُ كَنْسِ مِرْحَاضٍ) أشار بِهِ لقوله فِي المدونة: ومن اكترى داراً أَو حماماً وشرط كنس المراحيض والتراب وغسالة الحمام عَلَى المكري جَازَ؛ لأنه أمرٌ معروف وجهه.
فظاهر هذا أنّه عَلَى المكتري حتى يشترطه ربّ الدار، وقد قال بعد: ومن اكترى داراً فعلى ربّها مرمّتها وكنس المراحيض. فقيل: خلاف. وقيل: مَا هنا فيما حدث، ومَا هناك فيما سبق، حكاهما عياض، زاد المتيطي قيل: مَا هنا فِي غير الفنادق، ومَا هناك فِي الفنادق كما فِي سماع أبي زيد.

متن الخليل:
أَوْ مَرَمَّةٍ، وتَطْيِينٍ مِنْ كِرَاءٍ.
الشرح:
قوله: (أَوْ مَرَمَّةٍ، وتَطْيِينٍ) من كراء المرمة الإصلاح والتطيين الطرّ، وهو جعل الطين عَلَى سطوحها، والشرط هنا من ربّ الدار؛ ولذا قال: من كراء، بِخِلاف التي قبلها. أما المرمّة فقال فِي "المدونة": ومن اكترى داراً أَو حماماً عَلَى أَن مَا احتاجا إليه من مرمة رمها المكتري، فإن اشترط أَن ذلك من الكراء جَازَ وأما التطيين من الكراء فلم يصرّح بِهِ فِي "المدونة"، وإنما قال: ومن اكترى داراً عَلَى أَن عَلَيْهِ تطيين البيوت جاز ذلك إِذَا سمّى تطيينها فِي السنة مرة أَو مرتين أَو فِي كلّ سنتين مرة؛ لأنه معلوم.
فقال أبو الحسن الصغير: ظاهره أَن هذا زيادة عَلَى الكراء، فيكون اكترى منه بما سمى، وبالتطيين، أَو ذلك من الكراء عَلَى مَا تقدّم.

متن الخليل:
وجب، لا إِنْ لَمْ يَجِبْ، أَوْ مِنْ عِنْدِ الْمُكْتَرِي، أَوْ حَمِيمِ أَهْلِ ذِي الْحَمَّامِ، أَوْ نَوْرَتِهِمْ مُطْلَقاً، أَوْ لَمْ يُعَيَّنْ فِي الأَرْضِ بِنَاءٌ وغَرْسٌ، وبَعْضُهُ أَضَرُّ ولا عُرْفَ، وكِرَاءُ وَكِيلٍ بِمُحَابَاةٍ، أَوْ بِعَرْضٍ، أَوْ أَرْضٍ مُدَّةً لِغَرْسٍ فَإِذَا انْقَضَتْ فَهُوَلِرَبِّ الأَرْضِ، أَوْ نِصْفُهُ، والسَّنَةُ فِي الْمَطَرِ بِالْحَصَادِ وفِي السَّقْيِ بِالشُّهُورِ، فَإِنْ تَمَّتْ ولَهُ زَرْعٌ أَخْضَرُ فَكِرَاءُ مِثْلِ الزَّائِدِ، وإِذَا انْتَثَرَ لِلْمُكْتَرِي حَبٌّ فَنَبَتَ قَابِلاً فَهُوَلِرَبِّ الأَرْضِ كَمَنْ جَرَّهُ السَّيْلُ إِلَيْهِ ولَزِمَ الْكِرَاءُ بِالتَّمَكُّنِ، وإِنْ فَسَدَ بِجَائِحَةٍ أَوْ غَرَقَ بَعْدَ وَقْتِ الْحَرْثِ أَوْ عَدَمِهِ بَذْراً، أَوْ بِسِجْنِهِ، أَوِ انْهَدَمَتْ شُرُفَاتُ الْبَيْتِ، أَوْ سَكَنَ أَجْنَبِيٌّ بَعْضَهُ، لا إِنْ نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْكِرَاءِ، وإِنْ قَلَّ، أَوِ انْهَدَمَ بَيْتٌ فِيهَا، أَوْ سَكَنَهُ مُكْرِيهِ، أَوْ لَمْ يَأْتِ بِسُلَّمٍ لأَعْلَى.
أَوْ عَطِشَ بَعْضُ الأَرْضِ، أَوْ غَرِقَ، فَبِحِصَّتِهِ، وخُيِّرَ فِي مُضِرٍّ، كَهَطْلٍ، فَإِنْ بَقِيَ فَالْكِرَاءُ، كَعَطَشِ أَرْضِ صُلْحٍ وهَلْ مُطْلَقاً؟ أَوْ إِلا أَنْ يُصَالِحُوا عَلَى الأَرْضِ؟ تَأْوِيلانِ عَكْسُ تَلَفِ الزَّرْعِ لِكَثْرَةِ دُودِهَا، أَوْ فَأْرِهَا، أَوْ عَطَشٍ، أَوْ بَقِيَ الْقَلِيلُ، ولَمْ يُجْبَرْ آجِرٌ عَلَى إِصْلاحٍ مُطْلَقاً، بِخِلافِ سَاكِنٍ أَصْلَحَ لَهُ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ قَبْلَ خُرُوجِهِ، وإِنِ اكْتَرَيَا حَانُوتاً، فَأَرَادَ كُلٌّ مُقَدَّمَهُ قُسِمَ، إِنْ أَمْكَنَ، وإِلا أُكْرِيَ عَلَيْهِمَا.
الشرح:
قوله: (وجب، لا إِنْ لَمْ يَجِبْ) هذا القيد ذكره ابن فتحون فقال: جَازَ إِن كَانَ الكراء عَلَى النقد بالشرط أَو العرف، وبِهِ قيّد "المدونة"فِي " جامع الطرر " فقال: معناه: والكراء عَلَى النقد أَو كانت سنتهم النقد، وإِلا لَمْ يجز، إذ لا يدري مَا يحلّ عَلَيْهِ بالهدم، وأما اللخمي فقال: قال مالك فيمن اكترى داراً سنة بعشرين ديناراً عَلَى إِن احتاجت الدار إِلَى مرمة رمّها المكتري من العشرين ديناراً: لا بأس بِهِ، يريد وإِن كَانَ الكراء مؤجلاً، فإن هذا الشرط لا يفسد العقد؛ لأن القصد فِي ذلك مَا يحتاج فِي الغالب إِلَى إصلاحه مثل خشبةٍ تنكسر أَو ترقيع حائط... والأشبه ذلك مما يقلّ خطبه، ويؤدي تعجيله إِلَى غرر.

متن الخليل:
وإِنْ غَارَتْ عَيْنُ مُكْرى سِنِينَ بَعْدَ زَرْعِهِ، أنَفِقَتْ حِصَّةُ سَنَةٍ فَقَطْ، وإِنْ تَزَوَّجَ ذَاتَ بَيْتٍ وإِنْ بِكِرَاءٍ.فَلا كِرَاءَ، إِلا أَنْ تُبَيِّنَ، والْقَوْلُ لِلأَجِيرِ.أَنَّهُ وَصَّلَ كِتَاباً، أَوْ أنّه اسْتُصْنِعَ، وقَالَ رَبُّهُ وَدِيعَةٌ، أَوْ خُولِفَ فِي الصِّفَةِ وفِي الأُجْرَةِ.
الشرح:
قوله: (وَإِنْ غَارَتْ عَيْنُ مُكْرى سِنِينَ بَعْدَ زَرْعِهِ، أنَفِقَتْ حِصَّةُ سَنَةٍ فَقَطْ) (مكتري) اسم مفعول، و(سنين) متعلّق بِهِ، والظاهر فِي (زرعه) أنّه مصدر مضاف للمفعول.

متن الخليل:
إِنْ أَشْبَهَ وحَازَا.
الشرح:
قوله: (إِنْ أَشْبَهَ وحَازَ) أشبه راجع للفروع الأربعة بِخِلاف حاز بالحاء المهملة.

متن الخليل:
لا كَبِنَاءٍ، وَلا فِي - رَدِّهِ، فَلِرَبِّهِ - وإِنْ بِلا بَيِّنَةٍ - وإِنِ ادَّعَاهُ، وقَالَ: سُرِقَ مِنِّي، وأَرَادَ أَخْذَهُ، دَفَعَ قِيمَةَ الصِّبْغِ بِيَمِينٍ، إِنْ زَادَتْ دَعْوَى الصَّانِعِ عَلَيْهَا، وإِنِ اخْتَارَ تَضْمِينَهُ، فَإِنْ دَفَعَ الصَّانِعُ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ فَلا يَمِينَ، وإِلا حَلَفَا، واشْتَرَكَا، لا إِنْ تَخَالَفَا فِي لَتِّ السَّوِيقِ وأَبَى مَنْ دَفَعَ مَا قَالَهُ، اللَّاتُّ فَمِثْلُ سَوِيقِهِ، ولَهُ ولِلْجَمَّالِ بِيَمِينٍ فِي عَدَمِ قَبْضِ الأُجْرَةِ وإِنْ بَلَغَا الْغَايَةَ، إِلا لِطُولٍ فَلِمُكْتَرِيهِ، بِيَمِينٍ، وإِنْ قَالَ بِمِائَةٍ لِبَرْقَةَ، وقَالَ بَلْ لإِفْرِيقِيَّةَ حَلَفَا. وفُسِخَ، إِنْ عُدِمَ السَّيْرُ، أَوْ قَلَّ وإِنْ نَقَدَ.
الشرح:
قوله: (لا كَبِنَاءٍ) يجوز فتح بائه، وشدّ نونه، وكسر بائه وتخفيف نونه.

متن الخليل:
وإِلا فَكَفَوْتِ الْمَبِيعِ ولِلْمُكْرِي فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ، إِنْ أَشْبَهَ قَوْلُهُ فَقَطْ، أَوْ أَشْبَهَا، وانْتَقَدَ.وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ حَلَفَ الْمُكْتَرِي، ولَزِمَ الْجَمَّالَ مَا قَالَ، إِلا أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا ادَّعَاه، فَلَهُ حِصَّةُ الْمَسَافَةِ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي، وفُسِخَ الْبَاقِي، وإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا، وفُسِخَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى.
الشرح:
قوله: (وَإِلا فَكَفَوْتِ الْمَبِيعِ وَ لِلْمُكْترِي فِي الْمَسَافَةِ فَقَطْ، إِنْ أَشْبَهَ قَوْلُهُ فَقَطْ، أَوْ أَشْبَهَا، وانْتَقَدَ. وَإِنْ لَمْ يَنْتَقِدْ حَلَفَ الْمُكْتَرِي، ولَزِمَ الْجَمَّالَ مَا قَالَ، إِلا أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَا ادَّعَاه، فَلَهُ حِصَّةُ الْمَسَافَةِ عَلَى دَعْوَى الْمُكْتَرِي، وفُسِخَ الْبَاقِي، وإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا، وفُسِخَ بِكِرَاءِ الْمِثْلِ فِيمَا مَشَى) كذا فِي بعض النسخ، وفِي بعضها: وإلا فللمكري فِي المسافة فقط إِن أشبه قوله فقط.. إِلَى آخره. وقصده عَلَى كلّ حال اختصار الأقسام الأربعة التي ذكرها ابن يونس، فعلى الأولى أشار لما إِذَا أشبه قول المكتري بقوله فكفوت المبيع، وعَلَى الثانية تركه فِي المفهوم، وأما الأقسام الثلاثة الباقية فقد صرّح بها فِي النسختين، وقد كَانَ فِي غنىً عن أَن يقول فِي المسافة فقط؛ لأنه فرض المسألة.

متن الخليل:
وإِنْ قَالَ اكْتَرَيْتُكَ لِلْمَدِينَةِ بِمِائَةٍ وبَلَغَاهَا، وقَالَ بَلْ لِمَكَّةَ بِأَقَلَّ، فَإِنْ نَقَدَهُ فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ فِيمَا يُشْبِهُ.
الشرح:
قوله: (وَإِنْ قَالَ اكْتَرَيْتُكَ لِلْمَدِينَةِ بِمِائَةٍ وبَلَغَاهَا، وقَالَ بَلْ لِمَكَّةَ بِأَقَلَّ، فَإِنْ نَقَدَهُ فَالْقَوْلُ لِلْجَمَّالِ فِيمَا يُشْبِهُ) أي فِي ادعائهما مَا يشبه، فهو كقول ابن القاسم فِي "المدونة": ولَو قال المكري أكريتك إِلَى المدينة بمائتين وقد بلغاها، وقال المكتري بل إِلَى مكّة بمائة، فإن نقده المائة فالقول قول الجمال فيما يشبه.
ابن يونس: معناه إِذَا أشبه مَا قالا جميعاً. أبو الحسن الصغير: وأما إِن أشبه قول المكري خاصّة فإنه يحلف عَلَى دعوى المكتري ويكون لَهُ المائتان قاله فيما يأتي إِذَا لَمْ ينتقد. انتهى؛ ولذا قال المصنف بعد هذا: (وإِنْ أَشْبَهَ قَوْلُ الْمُكْرِي فَقَطْ، فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ).

متن الخليل:
وحَلَفَا وفُسِخَ، وإِنْ لَمْ يَنْقُدْ، فَلِلْجَمَّالِ فِي الْمَسَافَةِ، ولِلْمُكْتَرِي فِي حِصَّتِهَا مِمَّا ذُكِرَ بَعْدَ يَمِينِهَا وإِنْ أَشْبَهَ قَوْلُ الْمُكْرِي فَقَطْ، فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ، وإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُضِيَ بِأَعْدَلِهِمَا، وإِلا سَقَطَتَا، وإِنْ قَالَ اكْتَرَيْتُ عَشْراً بِخَمْسِينَ، وقَالَ: خَمْساً بِمِائَةٍ حَلَفَا، وفُسِخَ، وإِنْ زَرَعَ بَعْضاً ولَمْ يَنْقُدْ فَلِرَبِّهَا مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُكْتَرِي إِنْ أَشْبَهَ وحَلَفَ وإِلا فَقَوْلُ رَبِّهَا إِنْ أَشْبَهَ وإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا.وَوَجَبَ كِرَاءُ الْمِثْلِ فِيمَا مَضَى، وفُسِخَ الْبَاقِي مُطْلَقاً وإِنْ نَقَدَ فَتَرَدُّدٌ.
الشرح:
قوله: (حَلَفَا، وفُسِخَ) أي: مَا بقي وهو كقوله فِي "المدونة": ويحلف لَهُ المكتري فِي المائة الثانية، ويحلف الجمال أنّه لَمْ يكره إِلَى مكة بمائة ويتفاسخان.

.باب الجعل:

صِحَّةُ الْجُعْلِ بِالْتِزَامِ أَهْلِ الإِجَارَةِ جُعْلاً.
الشرح:
قوله: (صِحَّةُ الْجُعْلِ بِالْتِزَامِ أَهْلِ الإِجَارَةِ جُعْلاً) أي صحة الجعالة بالتزام المتأهل بعقد الإجارة ثمناً، فظاهره أَن الشرط قاصر عَلَى الجاعل دون المجعول لَهُ، وليس كَذَلِكَ إذ لا يصحّ شيء من ذلك إِلا من الرشيد أَو من المحجور بإذن وليّه كما قال ابن عبد السلام.
وقال ابن عرفة: شرطه أهلية المعاوضة فيهما.
ابن شاس وابن الحاجب: شرطهما أهلية الاستئجار والعمل.
ابن عبد السلام يعني بقوله: (والعمل) أَن عمل الجعالة قد يُمنع من بعض الناس كما لَو جُوعل ذمي عَلَى طلب مصحف ضاع لربّه، وكَذَلِكَ الحائض مدة الحيض.
ابن عرفة: "هذا الامتناع إنما هو شرعي، ولا يتمّ إِلا بقصر الجعالة عَلَى الجائز منها، والأَظْهَر اعتبارها من حيث ذاتها، ويفسر الامتناع بالامتناع العادي، كمجاعلة من لا يحسن العوم عَلَى رفع متاع من قعر بئر كثيرة الماء طويلة". انتهى. فليتأمل.

متن الخليل:
عُلِمَ، يَسْتَحِقُّهُ السَّامِعُ بِالتَّمَامِ كَكِرَاءِ السُّفُنِ إِلا أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَى التَّمَامِ فَبِنِسْبَةِ الثَّانِي.
الشرح:
قوله: (عُلِمَ) منه يفهم مَا ذكر ابن عرفة حيث حدّه أنّه لَو قال: إِن جئتني بعبدي الآبق فلك عمله كذا أَو خدمته شهراً كَانَ جعلاً فاسداً لجهل عوضه. انتهى.
وهو مثل قوله فِي "المدونة": وإِن قال: من جاءني بِهِ فله نصفه لَمْ يجز؛ لأنه لا يدري مَا دخله، ومَا لا يجوز بيعه لا يجوز أَن يكون ثمناً لإجارة أَو جعل.

متن الخليل:
وإِنِ اسْتُحِقَّ ولَوْ بِحُرِّيَّةٍ، بِخِلافِ مَوْتِهِ بِلا تَقْدِيرِ زَمَنٍ إِلا بِشَرْطِ تَرْكٍ مَتَى شَاءَ ولا نَقْدٍ مُشْتَرَطٍ.
الشرح:
قوله: (وإِنِ اسْتُحِقَّ ولَوْ بِحُرِّيَّةٍ) كذا فِي النسخ بالإغياء، وأنت إِذَا تأملته وجدت اللائق أَن يقول: أَو استحق. بالعطف عَلَى المستثنى من مفهوم التمام.

متن الخليل:
فِي كُلِّ مَا جَازَ فِيهِ الإِجَارَةُ بِلا عَكْسٍ ولَوْ فِي الْكَثِيرِ إِلا فِي كَبَيْعِ سِلَعٍ لا يَأْخُذُ شَيْئاً إِلا بِالْجَمِيعِ.
الشرح:
قوله: (فِي كُلِّ مَا جَازَ فِيهِ الإِجَارَةُ بِلا عَكْسٍ) هذا عكس قوله فِي "المدونة": وكل مَا جَازَ فيه الجعل جازت فيه الإجارة، وليس كل مَا جازت فيه الإجارة يجوز فيه الجعل أي: فالإجارة أعم، ويشبه أَن يكون المصنف كتب فِي المبيضة فكلّ مَا جَازَ فيه جازت فيه الإجارة، عَلَى أَن يكون فاعل جَازَ الأول ضمير الجعل، فظنّه الناسخ تكراراً فأسقط إحدى الجملتين وعوّض الفاء بفي، وقد يصحّ بقاء اللفظ عَلَى حاله، عَلَى أَن يكون الإجارة مبتدأً وفِي (كلّ مَا جَازَ فيه) خبر مقدم، وفِي جَازَ أَيْضاً ضمير الجعل إِلا أنّه شديد التكلّف، فإذا زيد فِي أول الكلام: فاء أَو واو سهل شيئاً مَا.
تحرير:
قال ابن عرفة: صدق هذه الكلّية عَلَى ظاهر قول ابن الحاجب وابن رشد و" التلقين " القائلين بصحة الجعل فِي العمل المجهول، لا يصحّ، وعلى منعه فيه صدقها واضح، ويلزم منه منع الجعل عَلَى حفر الأرض لاستخراج ماء ونحوه مَعَ جهل حال الأرض لنصّ "المدونة"بمنع الإجارة عَلَى حفرها لذلك مَعَ جهل حالها، فلو جَازَ الجعل فيه مَعَ الجهل كذبت الكلية لصدق نقيضها أَو منافيها، وهو قولنا بعض مَا يجوز فيه الجعل ليس بجائز فيه الإجارة أَو غير جائز فيه الإجارة، الأول سلب، والثاني عدول وذلك البعض هو الأرض المجهول حالها لَهُمَا.

متن الخليل:
وفِي شَرْطِ مَنْفَعَةِ الْجَاعِلِ قَوْلانِ. ولِمَنْ لَمْ يَسْمَعْ جُعْلُ مِثْلِهِ إِنِ اعْتَادَهُ.
الشرح:
قوله: (وَفِي شَرْطِ مَنْفَعَةِ الْجَاعِلِ قَوْلانِ) هذا كقوله فِي "المقدمات": واختلف هل من شروط صحته أَن يكون فيه منفعة للجاعل أم لا؟ عَلَى قولين، وظاهر كلام عياض فِي "التنبيهات " أَن المشهور اشتراط المنفعة للجاعل؛ لأنه قال: هو أَن يجعل الرجل للرجل أجراً معلوماً ولا ينقده إياه عَلَى عمل يعمله لَهُ معلوم أَو مجهول مما فيه منفعة للجاعل عَلَى خلاف فِي هذا الأصل عَلَى أنّه إِن عمله كَانَ لَهُ الجعل، وإن لَمْ يتمّ فلا شيء لَهُ مما لا منفعة فيه للجاعل إِلا بعد تمامه.
وقال ابن يونس: قال عبد الملك: من جعل لرجلٍ جعلاً عَلَى أَن يرقى إِلَى موضعٍ من الجبل سماه لَهُ أنّه لا يجوز، ولا يجوز الجعل إِلا فيما ينتفع بِهِ الجاعل، يريد أنّه من أكل أموال الناس بالباطل.
تكميل:
قال المتيطي عن القابسي: لا يصلح الجعل فِي حفر بئرٍ أَو عينٍ إلا فِي ملك الجاعل، وقاله الجمّ الغفير.
قال بعض الموثقين: وهو أحسن، وأجاز مالك الجعل فِي الغرس فِي ملكه، وعقد ابن العطار وثيقة جعل فِي حفر بئر وطيها بالصخر فِي ملك الجاعل واشترط الصخر عَلَى المجعول لَهُ.
ابن عرفة: فيدخله أمران الجعل فِي أرض الجاعل، واجتماع الجعل والبيع.
وقال ابن عات: الجعل عَلَى الحفر فِي أرضٍ يملكها الجاعل خطأ، ومَا عقده ابن العطار جوّزه مالك فِي المغارسة، وهي فِي أرض الجاعل.
ابن عرفة: إنما جوّزها مالك فِي ملك الجاعل؛ لأن عدم تمام العمل فيها لا يبقي نفعاً للجاعل فِي أرضه بِخِلاف الحفر فيها فتأمله، فاعتراضهم بها لغوٌ.

متن الخليل:
كَحَلِفِهِمَا بَعْدَ تَخَالُفِهِمَا.وَلِرَبِّهِ تَرْكُهُ وإِلا فَالنَّفَقَةُ.وَإِنْ أَفْلَتَ فَجَاءَ بِهِ آخَرُ فَلِكُلٍّ نِسْبَتُهُ.
الشرح:
قوله: (كَحَلِفِهِمَا بَعْدَ تَخَالُفِهِمَا) يشير لقول ابن الحاجب تبعاً لابن شاس: ولَو تنازعا فِي قدر الجعل تحالفا ووجب جعل المثل.
ابن هارون: القياس قبول قول الجاعل؛ لأنه غارم، ولأنه كمبتاع سلعة قبضها وفاتت بيده، فالقول قوله إِن ادعى مَا يشبه وإِلا فقول خصمه إِن ادعى مَا يشبه وإِلا تحالفا، ورُدَّا لِجُعْلِ المثلِ.
ابن عبد السلام: إنما يصحّ مَا قاله ابن الحاجب إِن اختلفا بعد تمام العمل وأتيا بما لا يشبه، وإِلا فإن كَانَ العبد باقياً بيد المجعول لَهُ، وأتى بما يشبه فالقول قوله، فإن ادعى مَا لا يشبه وادعى الجاعل مَا يشبه قبل قوله، فإن ادعى مَا لا يشبه حكم بما قاله ابن الحاجب، هذا الجاري عَلَى حكم الإجارة.
ابن عرفة: هذا أصوب من قول ابن هارون، والأَظْهَر تخريج المسألة عَلَى نصّ "المدونة" فِي القراض: أَن القول قول العامل إِن أتى بما يشبه.
تتميم:
زاد ابن شاس: إِذَا أنكر المالك سعي العامل فِي الردّ فالقول قول المالك، وقبله ابن عرفة، ونحوه لابن عبد السلام.

متن الخليل:
وإِنْ جَاءَ بِهِ ذُو دِرْهَمٍ وذُو أَقَلَّ اشْتَرَكَا فِيهِ ولِكِلَيْهِمَا الْفَسْخُ.وَلَزِمَتِ الْجَاعِلَ بِالشُّرُوعِ.
الشرح:
قوله: (وإِنْ جَاءَ بِهِ ذُو دِرْهَمٍ وذُو أَقَلَّ اشْتَرَكَا فِيهِ) أي: فِي الدرهم وهو الأكثر.

متن الخليل:
وفِي الْفَاسِدِ جَعْلُ الْمِثْلِ إِلا بِجُعْلٍ مُطْلَقاً فَأُجْرَتُهُ.
الشرح:
قوله: (وَفِي الْفَاسِدِ جَعْلُ الْمِثْلِ إِلا بِجُعْلٍ مُطْلَقاً فَأُجْرَتُهُ) أي إِلا إِذَا عامله بجعلٍ مُطْلَقاً تمّ العمل أَو لَمْ يتمّ، وأشار بِهِ إِلَى أظهر الأَقْوَال عند ابن رشد، وذلك أنّه قال فِي سماع ابن القاسم من جاعل فِي آبقٍ لَهُ فقال: إِن وجدته فلك كذا وكذا وإِن لَمْ تجده فلك طعامك وكسوتك: لا خير فيه.
ابن القاسم: إِن وقع فله جعل مثله إِن وجده، وإِن لَمْ يجده فله أجر مثله. أصبغ عن ابن القاسم: لا أجرة لَهُ.
فقال ابن رشد: اختلف فِي الجعل الفاسد إِذَا وقع عَلَى ثلاثة أَقْوَال:
أحدها: أنّه يرد إِلَى حكم نفسه، فيكون لَهُ جعل مثله إِن أتى بِهِ، ولا يكون لَهُ شيء إِن لَمْ يأت بِهِ، وهي رواية أصبغ عن ابن القاسم هذه.
والثاني: أنّه يرد إِلَى حكم غيره وهي الإجارة التي هي الأصل، فيكون لَهُ أجر مثله أتى بِهِ أَو لَمْ يأت.
والثالث: أنّه إِن كَانَ لَمْ يخيبه إِن لَمْ يأت بِهِ كنحو هذه المسألة التي قال لَهُ فيها إِن لَمْ تجده فلك نفقتك، وإن وجدته فلك كذا وكذا كَانَ لَهُ إجارة مثله أتى بِهِ أَو لَمْ يأت بِهِ وإن كَانَ لَمْ يسم شيئاً إِلا فِي الإتيان بِهِ كَانَ لَهُ جعل مثله إِن أتى بِهِ، ولَمْ يكن لَهُ شيء إِن لَمْ يأت بِهِ.
فوجه الأول أَن الجعل أصلٌ فِي نفسه، ووجه الثاني أَن الجعل إجارة بغرر جوزتها السنة، ووجه الثالث أنّه إنما يكون جعلاً إِذَا جعله لَهُ عَلَى الإتيان بِهِ خاصّة، فأما إِذَا جعل لَهُ فِي الوجهين فليس بجعلٍ، وإِن سماه جعلاً وإنما هو إجارة، وهذا أظهر الأَقْوَال، وإياه اختار ابن حبيب وحكاه عن مالك ومطرف وابن الماجشون، وهذه الثلاثة راجعة لأصل، وجارية عَلَى قياس، بِخِلاف قول ابن القاسم فِي هذه الرواية (أَن لَهُ جعل مثله إِذَا وجده وأجر مثله إِذَا لَمْ يجده).