فصل: بَابُ الْحَضَانَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: كشاف القناع عن متن الإقناع



.(فَصْلٌ): فِي نَفَقَةِ الْبَهَائِمِ:

(وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْمَالِكَ (إطْعَامُ بَهَائِمِهِ وَلَوْ عَطِبَتْ وَ) يَلْزَمُهُ (سَقْيُهَا حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى أَوَّلِ شِبَعِهَا وَرِيِّهَا دُونَ غَايَتِهِمَا) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا قَالَ «عُذِّبَتْ امْرَأَةٌ فِي هِرَّةٍ حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا لَا هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلَا هِيَ أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشَ الْأَرْضِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ مَالِكَ الْبَهِيمَةِ (الْقِيَامُ بِهَا وَالْإِنْفَاقُ عَلَيْهَا وَإِقَامَةُ مَنْ يَرْعَاهَا أَوْ نَحْوُهُ)؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ تَعْذِيبٌ لَهَا.
(وَيَحْرُمُ أَنْ يُحَمِّلَهَا مَا لَا تُطِيقُ) حَمْلَهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مَنَعَ تَكْلِيفَ الْعَبْدِ مَا لَا يُطِيقُ، وَالْبَهِيمَةُ فِي مَعْنَاهُ، وَلِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا لِلْحَيَوَانِ الَّذِي لَهُ حُرْمَةٌ فِي نَفْسِهِ وَإِضْرَارًا بِهِ.
(وَ) يَحْرُمُ (أَنْ يَحْلُبَ مِنْ لَبَنِهَا مَا يَضُرُّ بِوَلَدِهَا) لِأَنَّ كِفَايَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَى مَالِكِهِ، أَشْبَهَ وَلَدَ الْأَمَةِ، (وَيُسَنُّ لِلْحَالِبِ أَنْ يَقُصَّ أَظْفَارَهُ لِئَلَّا يَجْرَحَ الضَّرْعَ، وَجِيفَتُهَا لَهُ) أَيْ الْمَالِكِ (وَنَقْلُهَا عَلَيْهِ) قَالَهُ أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ (فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَنْقُلَهَا إلَى مَكَان يَدْفَعُ فِيهِ ضَرَرَهَا عَنْ النَّاسِ) لِأَنَّ نَقْلَهَا كَانَ لَهُ فَغُرْمُهَا عَلَيْهِ.
(وَيَحْرُمُ وَسْمٌ فِي الْوَجْهِ) وَضَرْبٌ فِي الْوَجْهِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ مَنْ وَسَمَ أَوْ ضَرَبَ الْوَجْهَ وَنَهَى عَنْهُ (إلَّا لِمُدَاوَاةٍ) لِلْحَاجَةِ (وَ) يَحْرُمُ ضَرْبُ الْوَجْهِ (فِي الْآدَمِيِّ أَشَدُّ) لِأَنَّهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً، وَيَجُوزُ وَسْمُ الْبَهِيمَةِ فِي غَيْرِ الْوَجْهِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ.
(وَيُكْرَهُ خَصْيُ غَيْرِ غَنَمٍ وَدُيُوكٍ) وَقَالَ فِي الْمُنْتَهَى وَيُكْرَهُ خِصَاءٌ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَكَرِهَ أَحْمَدُ خِصَاءَ غَنَمٍ وَغَيْرِهَا إلَّا خَوْفَ غَضَاضَةٍ، وَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُخْصَى شَيْءٌ.
(وَيَحْرُمُ) الْخِصَاءُ (فِي الْآدَمِيِّينَ لِغَيْرِ قِصَاصٍ وَلَوْ) رَقِيقًا وَتَقَدَّمَ.
(وَيُكْرَهُ تَعْلِيقُ جَرَسٍ وَوَتَرٍ وَجَزِّ مَعْرَفَةٍ وَنَاصِيَةٍ وَذَنَبٍ) لِلْخَبَرِ.
(وَيَحْرُمُ لَعْنُ الدَّابَّةِ) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عَنْ عِمْرَانَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ فِي سَفَرٍ فَلَعَنَتْ امْرَأَةٌ نَاقَةً فَقَالَ: خُذُوا مَا عَلَيْهَا وَدَعُوهَا مَكَانَهَا مَلْعُونَةً، فَكَأَنِّي أَرَاهَا الْآنَ تَمْشِي فِي النَّاسِ مَا تَعَرَّضَ لَهَا أَحَدٌ» وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ «لَا تُصَاحِبْنَا نَاقَةٌ عَلَيْهَا لَعْنَةٌ» قَالَ الْإِمَامُ (أَحْمَدُ: قَالَ الصَّالِحُونَ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ شَهَادَةُ لَاعِنِ الدَّابَّةِ.
(وَإِنْ امْتَنَعَ) مَالِكُ الْبَهِيمَةِ (مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا أُجْبِرَ عَلَى ذَلِكَ) لِأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ كَمَا يُجْبَرُ عَلَى سَائِرِ الْوَاجِبَاتِ (فَإِنْ أَبَى) الْإِنْفَاقَ عَلَيْهَا (أَوْ عَجَزَ) عَنْهُ (أُجْبِرَ عَلَى بَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ ذَبْحِ مَأْكُولٍ) لِأَنَّ بَقَاءَهَا فِي يَدِهِ بِتَرْكِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا ظُلْمٌ، وَالظُّلْمُ تَجِبُ إزَالَتُهُ (فَإِنْ أَبَى) فِعْلَ أَخْذِهَا (فَعَلَ الْحَاكِمُ الْأَصْلَحَ) مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ (أَوْ اقْتَرَضَ عَلَيْهِ) وَأَنْفَقَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الدَّيْنِ.
(وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فِي غَيْرِ مَا خُلِقَتْ لَهُ كَ) الِانْتِفَاعِ بِبَقَرٍ (لِلْحَمْلِ أَوْ الرُّكُوبِ وَإِبِلٍ وَحُمُرٍ لِحَرْثٍ وَنَحْوِهِ) لِأَنَّ مُقْتَضَى الْمِلْكِ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِيمَا يُمْكِنُ، وَهَذَا مُمْكِنٌ كَاَلَّذِي خُلِقَ لَهُ وَجَرَتْ بِهِ عَادَةُ بَعْضِ النَّاسِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ أَكْلُ الْخَيْلِ وَاسْتِعْمَالُ اللُّؤْلُؤِ فِي الْأَدْوِيَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْصُودُ مِنْهُمَا ذَلِكَ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً أَرَادَ أَنْ يَرْكَبَهَا قَالَتْ: إنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِذَلِكَ إنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَيْ أَنَّهُ مُعْظَمُ النَّفْعِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ مَنْعُ غَيْرِهِ.
(وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهَا) أَيْ الْبَهِيمَةِ (وَلَا ذَبْحُهَا لِلْإِرَاحَةِ) لِأَنَّهَا مَالٌ مَا دَامَتْ حَيَّةً، وَذَبْحُهَا إتْلَافٌ لَهَا وَقَدْ نُهِيَ عَنْ إتْلَافِ الْمَالِ (كَالْآدَمِيِّ الْمُتَأَلِّمِ بِالْأَمْرَاضِ الصَّعْبَةِ) أَوْ الْمَصْلُوبِ بِنَحْوِ حَدِيدٍ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ مَادَامَ حَيًّا.
(وَ) يَجِبُ (عَلَى مُقْتَنِي الْكَلْبِ الْمُبَاحِ) وَهُوَ كَلْبُ صَيْدٍ وَمَاشِيَةٍ وَزَرْعٍ (أَنْ يُطْعِمَهُ) وَيَسْقِيَهُ (أَوْ يُرْسِلَهُ) لِأَنَّ عَدَمَ ذَلِكَ تَعْذِيبٌ لَهُ.
(وَلَا يَحِلُّ حَبْسُ شَيْءٍ مِنْ الْبَهَائِمِ لِتَهْلِكَ جُوعًا) أَوْ عَطَشًا لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ وَلَوْ غَيْرَ مَعْصُومٍ لِحَدِيثِ:
«إذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ».
(وَيَحْسُنُ قِتْلَةُ مَا يُبَاحُ قَتْلُهُ) لِلْخَبَرِ.
(وَيُبَاحُ تَجْفِيفُ دُودِ الْقَزِّ بِالشَّمْسِ إذَا اسْتَكْمَلَ) كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ (وَتَدْخِينُ الزَّنَابِيرِ) دَفْعًا لِأَذَاهَا بِالْأَسْهَلِ (فَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ ضَرَرُهَا إلَّا بِإِحْرَاقِهَا جَازَ) إحْرَاقُهَا، خَرَّجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِهِ عَلَى مَنْظُومَةِ الْآدَابِ عَلَى الْقَوْلِ فِي النَّمْلِ وَالْقَمْلِ وَغَيْرِهِمَا إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ ضَرَرُهُ إلَّا بِالْحَرْقِ جَازَ بِلَا كَرَاهَةٍ عَلَى مَا اخْتَارَهُ النَّاظِمُ، وَقَالَ إنَّهُ سَأَلَ عَنْهُ الشَّيْخَ شَمْسَ الدِّينِ شَارِحَ الْمُقْنِعِ فَقَالَ: مَا هُوَ بِبَعِيدٍ، أَمَّا إذَا انْدَفَعَ ضَرَرُهَا بِدُونِ الْحَرْقِ فَقَالَ النَّاظِمُ: يُكْرَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ الْأَصْحَابِ التَّحْرِيمُ حَتَّى فِي الْقَمْلَةِ لِلْخَبَرِ (وَلَا يَجِبُ عِيَادَةُ الْمِلْكِ الطِّلْقِ) بِكَسْرِ الطَّاءِ أَيْ الْمُخْتَصِّ بِهِ وَأَمَّا الْمُشْتَرَكُ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي حُكْمِ الْجِوَارِ (إذَا كَانَ) الْمِلْكُ الْمُطْلَقُ (مِمَّا لَا رُوحَ فِيهِ كَالْعَقَارِ) مِنْ دُورٍ وَبَسَاتِينَ وَنَحْوِهَا (وَنَحْوِهِ) أَيْ نَحْوِ الْعَقَارِ كَالْأَوَانِي؛ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُ فِي نَفْسِهِ، نَفَقَتُهُ عَلَى الْعَقَارِ وَنَحْوِهِ لِئَلَّا يَضِيعَ (وَإِنْ كَانَ) الْمِلْكُ (الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ) لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ (وَجَبَ عَلَى وَلِيِّهِ عِمَارَةُ دَارِهِ) لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ الْأَحَظِّ (وَ) يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ أَيْضًا (حِفْظُ ثَمَرِهِ وَزَرْعِهِ بِالسَّقْيِ وَغَيْرِهِ) لِأَنَّ إضَاعَتَهُ لِمَالِهِ حَرَامٌ وَفِي تَرْكِهِ ذَلِكَ إضَاعَةٌ.

.بَابُ الْحَضَانَةِ:

بِفَتْحِ الْحَاءِ مَصْدَرُ حَضَنْتُ الصَّغِيرَ حَضَانَةً أَيْ تَحَمَّلْتُ مُؤْنَتَهُ وَتَرْبِيَتَهُ، وَالْحَاضِنَةُ الَّتِي تُرَبِّي الطِّفْلَ سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهَا تَضُمُّ الطِّفْلَ إلَى حِضْنِهَا (وَهِيَ) أَيْ الْحَضَانَةُ (حِفْظُ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ وَهُوَ الْمُخْتَلُّ الْعَقْلِ بِمَا يَضُرُّهُمْ وَتَرْبِيَتُهُمْ بِعَمَلِ مَصَالِحِهِمْ كَغَسْلِ رَأْسِ الطِّفْلِ وَ) غَسْلِ (يَدَيْهِ وَ) غَسْلِ (ثِيَابِهِ وَ) كَ (دَهْنِهِ وَتَكْحِيلِهِ وَرَبْطِهِ فِي الْمَهْدِ وَتَحْرِيكِهِ لِيَنَامَ وَنَحْوِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِهِ (وَهِيَ) أَيْ حَضَانَةُ مَنْ ذُكِرَ (وَاجِبَةٌ) لِأَنَّهُ يَهْلِكُ بِتَرْكِهَا فَوَجَبَ حِفْظُهُ عَنْ الْهَلَاكِ (كَ) مَا يَجِبُ (الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ) وَإِنْجَاؤُهُ مِنْ الْمَهَالِكِ (وَمُسْتَحِقُّهَا رَجُلُ عَصَبَةٍ) كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْأَخِ لِغَيْرِ أُمٍّ وَالْعَمِّ كَذَلِكَ (وَامْرَأَةٌ وَارِثَةٌ) كَالْأُمِّ وَالْجَدَّةِ وَالْأُخْتِ (أَوْ مُدْلِيَةٌ بِوَارِثٍ كَالْخَالَةِ وَبَنَاتِ الْأَخَوَاتِ أَوْ مُدْلِيَةٌ بِعَصَبَةٍ كَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَ) بَنَاتِ (الْأَعْمَامِ وَذَوِي رَحِمٍ) هُوَ مَرْفُوعٌ عُطِفَ عَلَى رَجُلُ عَصَبَةٍ وَجَرُّهُ لِلْمُجَاوَرَةِ عَلَى مَا فِيهِ (غَيْرَ مَنْ تَقَدَّمَ) كَالْعَمِّ لِأُمٍّ وَالْجَدِّ لِأُمٍّ وَالْأَخِ لِأُمٍّ (وَحَاكِمٌ).
(فَإِذَا افْتَرَقَ الزَّوْجَانِ وَلَهُمَا طِفْلٌ أَوْ مَعْتُوهٌ أَوْ مَجْنُونٌ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى فَأَحَقُّ النَّاسِ بِحَضَانَتِهِ أُمُّهُ كَمَا قَبْلَ الْفِرَاقِ مَعَ أَهْلِيَّتِهَا وَحُضُورِهَا وَقَبُولِهَا) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ «امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ بَطْنِي لَهُ وِعَاءً، وَثَدْيِي لَهُ سِقَاءً وَحِجْرِي لَهُ حِوَاءً، وَإِنَّ أَبَاهُ طَلَّقَنِي وَأَرَادَ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنِّي، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تُنْكَحِي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَلَفْظُهُ لَهُ.
وَلِقَضَاءِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى عُمَرَ بِعَاصِمِ بْنِ عُمَرَ لِأُمِّهِ، وَقَالَ: وَرِيحُهَا وَشَمُّهَا وَلَفْظُهَا خَيْرٌ لَهُ مِنْكَ رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ وَلِأَنَّ الْأَبَ لَا يَتَوَلَّى الْحَضَانَةَ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ إلَى مَنْ يَقُومُ بِهِ، وَالْمُرَادُ بِأَهْلِيَّتِهَا أَنْ تَكُونَ حُرَّةً عَاقِلَةً عَدْلًا فِي الظَّاهِرِ فَتُقَدَّمَ (وَلَوْ بِأُجْرَةِ مِثْلِهَا) مَعَ مُتَبَرِّعَةٍ (كَرَضَاعٍ) فَهِيَ أَيْ الْأُمُّ (أَحَقُّ) بِحَضَانَتِهِ مِنْ أَبِيهِ لِلْحَدِيثِ (وَلِأَنَّ أَبَاهُ لَا يَتَوَلَّى الْحَضَانَةَ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ إلَى امْرَأَةٍ وَأُمُّهُ أَوْلَى مِنْ امْرَأَةِ أَبِيهِ لِشَفَقَتِهَا).
(وَلَوْ امْتَنَعَتْ) الْأَمُّ مِنْ حَضَانَتِهِ (لَمْ تُجْبَرْ) عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهَا (ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا) الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى؛ لِأَنَّ وِلَادَتَهُنَّ مُحَقَّقَةٌ، فَمَنْ فِي مَعْنَى الْأُمِّ وَالْأَقْرَبُ- أَكْمَلُ شَفَقَةً مِنْ الْأَبْعَدِ (ثُمَّ أَبٌ) لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ كَمَالُ شَفَقَةٍ فَرَجَحَ بِهَا (ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ) لِأَنَّهُنَّ يُدْلِينَ بِمَنْ هُوَ أَحَقُّ وَقُدِّمْنَ عَلَى الْجَدِّ؛ لِأَنَّ الْأُنُوثَةَ مَعَ التَّسَاوِي تُوجِبُ الرُّجْحَانَ دَلِيلُهُ مَعَ الْأَب (ثُمَّ جَدٌّ) أَبُو الْأَبِ لِأَنَّهُ أَبٌ أَوْ بِمَنْزِلَتِهِ (ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ) لِأَنَّهُنَّ يُدْلِينَ بِمَنْ هُوَ أَحَقُّ وَقُدِّمْنَ عَلَى الْأَخَوَاتِ مَعَ إدْلَائِهِنَّ بِالْأَبِ؛ لِمَا فِيهِنَّ مِنْ وَصْفِ الْوِلَادَةِ وَكَوْنِ الطِّفْلِ بَعْضًا مِنْهُنَّ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ فِي الْأَخَوَاتِ ثُمَّ جَدُّ الْأَبِ ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ ثُمَّ جَدُّ الْجَدِّ ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ (وَهَلُمَّ جَرًّا ثُمَّ) الْأَخَوَاتُ؛ لِأَنَّهُنَّ يُشَارِكْنَ فِي النَّسَبِ.
وَتُقَدَّمُ مِنْهُنَّ (أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ) لِقُوَّةِ قَرَابَتِهِنَّ (وَتُقَدَّمُ أُخْتٌ مِنْ أُمٍّ عَلَى أُخْتٍ مِنْ أَبٍ) لِأَنَّ الْأُمَّ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَبِ فَقُدِّمَ مَنْ يُدْلِي بِالْأُمِّ عَلَى مَنْ يُدْلِي بِهِ.
(وَ) تُقَدَّمُ (خَالَةٌ عَلَى عَمَّةٍ)؛ لِأَنَّ الْخَالَةَ تُدْلِي بِالْأُمِّ؛ وَلِأَنَّ الشَّارِعَ قَدَّمَ خَالَةَ ابْنَةِ حَمْزَةَ عَلَى عَمَّتِهَا صَفِيَّةَ لِأَنَّ صَفِيَّةَ لَمْ تَطْلُبْ وَجَعْفَرًا طَلَبَ نَائِبًا عَنْ خَالَتِهَا فَقَضَى الشَّارِعُ بِهَا لَهَا فِي غَيْبَتِهَا.
(وَ) تُقَدَّمُ (خَالَةُ أُمٍّ عَلَى خَالَةِ أَبٍ) كَالْأَخَوَاتِ (وَ) تُقَدَّمُ (خَالَاتُ أَبِيهِ عَلَى عَمَّاتِهِ) أَيْ الْأَبِ؛ لِأَنَّ خَالَاتِهِ يُدْلِينَ بِأُمِّهِ، وَعَمَّاتِهِ يُدْلِينَ بِأَبِيهِ وَالْأُمُّ أَحَقُّ مِنْهُ.
(وَ) تُقَدَّمُ (مَنْ يُدْلِي بِعَمَّاتٍ وَخَالَاتٍ بِأُمٍّ) فَقَطْ (عَلَى مَنْ يُدْلِي بِأَبٍ) وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْأَبِ فَقُدِّمَ مَنْ يُدْلِي بِهَا، وَمَنْ يُدْلِي بِالْأَبَوَيْنِ مِنْهُمَا مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ يُدْلِي بِأَحَدِهِمَا.
(وَتَحْرِيرُهُ) أَيْ الْأَحَقِّ بِالْحَضَانَةِ أَنْ تَكُونَ الْأَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ (أُمٌّ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى ثُمَّ أَبٌ ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ) كَذَلِكَ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى (ثُمَّ جَدٌّ ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ كَذَلِكَ) الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى، وَيُقَدَّمُ أَيْضًا مِنْ الْأَجْدَادِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ (ثُمَّ أُخْتٌ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ) (أُخْتٌ لِأُمٍّ ثُمَّ) أُخْتٌ (لِأَبٍ ثُمَّ خَالَةٌ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ) خَالَةٌ (لِأُمٍّ ثُمَّ) خَالَةٌ (لِأَبٍ ثُمَّ عَمَّاتٌ كَذَلِكَ) أَيْ تُقَدَّمُ مِنْ الْأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأُمٍّ ثُمَّ لِأَبٍ (ثُمَّ خَالَاتُ أُمِّهِ) كَذَلِكَ ثُمَّ خَالَاتُ أَبِيهِ ثُمَّ عَمَّاتُ أَبِيهِ كَذَلِكَ (ثُمَّ بَنَاتُ إخْوَتِهِ وَ) بَنَاتُ (أَخَوَاتِهِ) كَذَلِكَ (ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِهِ وَ) بَنَاتُ عَمَّاتِهِ كَذَلِكَ (ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامِ أَبِيهِ وَبَنَاتُ عَمَّاتِ أَبِيهِ كَذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ) تُقَدَّمُ مَنْ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ مَنْ لِأُمٍّ ثَمَّ مَنْ لِأَبٍ.
(وَتَقَدَّمَتْ حَضَانَةُ لَقِيطٍ) وَأَنَّ الْأَحَقَّ بِهَا مَنْ وَجَدَاهُ فِي بَابِ اللَّقِيطِ (ثُمَّ) يُقَدَّمُ مَنْ تُقَدِّمُ الْحَضَانَةُ (لِبَاقِي الْعَصَبَةِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ) لِأَنَّ لَهُمْ وِلَايَةً وَتَعْصِيبًا بِالْقَرَابَةِ، فَتَثْبُتُ لَهُمْ الْحَضَانَةُ كَالْأَبِ (فَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى فَ) الْحَضَانَةُ عَلَيْهَا كَمُعَصَّبَةٍ (مِنْ مَحَارِمِهَا وَلَوْ بِرَضَاعٍ وَنَحْوِهِ) كَمُصَاهَرَةٍ بِأَنْ تَكُونَ رَبِيبَةً لَهُ دَخَلَ بِأُمِّهَا (فَلَا حَضَانَةَ عَلَيْهَا لِابْنِ الْعَمِّ وَنَحْوِهِ) كَابْنِ عَمِّ الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُحَرَّمًا بِرَضَاعٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَارِمِهَا (وَفِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ) كَالشَّرْحِ وَالنَّظْمِ (إذَا بَلَغَتْ سَبْعًا) لَمْ تُسَلَّمْ إلَيْهِ أَيْ إلَى ابْنِ الْعَمِّ غَيْرِ الْمَحْرَمِ (وَقَبْلَهَا) أَيْ السَّبْعِ (لَهُ) أَيْ ابْنِ الْعَمِّ (الْحَضَانَةُ عَلَيْهَا) لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِصُورَتِهَا وَلَيْسَتْ مَحَلًّا لِلشَّهْوَةِ (وَهُوَ قَوِيٌّ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى وَهُوَ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ مِنْ قَوْلِهِمْ وَحَيْثُ اُعْتُبِرَ فَلِمَنْ لِعَوْرَتِهَا حُكْمٌ).
(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِبِنْتِ سَبْعٍ سِوَى ابْنِ عَمِّهَا وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَيْسَ مَحْرَمًا لَهَا سَلَّمَهَا إلَى ثِقَةٍ يَخْتَارُهَا أَوْ إلَى مَحْرُمَةٍ) وَكَذَا أُمٌّ تَزَوَّجَتْ وَلَيْسَ لِوَلَدِهَا غَيْرُهَا.
(وَإِنْ اجْتَمَعَ أَخٌ وَأُخْتٌ أَوْ عَمٌّ وَعَمَّةٌ أَوْ ابْنُ أَخٍ وَبِنْتُ أَخٍ أَوْ ابْنُ أُخْتٍ وَبِنْتُ أُخْت قُدِّمَتْ الْأُنْثَى عَلَى مَنْ فِي دَرَجَتِهَا مِنْ الذُّكُورِ) لِأَنَّ الْأُنُوثَةَ مَعَ التَّسَاوِي تُوجِبُ الرُّجْحَانَ، كَمَا تُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ، وَأُمُّ الْأَبِ عَلَى أَبِي الْأَبِ ثُمَّ تَكُونُ الْحَضَانَةُ (لِذَوِي الْأَرْحَامِ رِجَالًا وَنِسَاءً غَيْرَ مَنْ تَقَدَّمَ) لِأَنَّ لَهُمْ رَحِمًا وَقَرَابَةً يَرِثُونَ بِهَا عِنْدَ عَدَمِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُمْ، أَشْبَهُوا الْبَعِيدَ مِنْ الْعَصَبَةِ (فَيُقَدَّمُ أَبُو أُمٍّ ثُمَّ أُمَّهَاتُهُ؛ لِأَنَّ أَبَا الْأُمِّ يُدْلِي إلَيْهَا بِالْأُبُوَّةِ وَالْأَخُ يُدْلِي بِالْبُنُوَّةِ، وَالْأَبُ يُقَدَّمُ عَلَى الِابْنِ) فِي الْوِلَايَةِ فَيُقَدَّمُ فِي الْحَضَانَةِ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ (ثُمَّ أَخٌ مِنْ أُمٍّ) لِأَنَّهُ يَرِثُ بِالْفَرْضِ وَيُسْقِطُ ذَوِي الْأَرْحَامِ ثُمَّ خَالٌ ثُمَّ حَاكِمٌ فَيُسَلِّمُهُ إلَى مَنْ يَحْضُنُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ وَشَفَقَةٌ.
(وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَتْ) امْرَأَةٌ (لِلرَّضَاعِ وَالْحَضَانَةِ لَزِمَاهَا) بِالْعَقْدِ (وَإِنْ اُسْتُؤْجِرَتْ لِلرَّضَاعِ وَأُطْلِقَ) الْعَقْدُ (لَزِمَتْهَا الْحَضَانَةُ تَبَعًا) لِلرَّضَاعِ قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهَا سِوَى الرَّضَاعِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ.
(وَ) إنْ اُسْتُؤْجِرَتْ (لِلْحَضَانَةِ وَأُطْلِقَ) الْعَقْدُ (لَمْ يَلْزَمْهَا الرَّضَاعُ) قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَالصَّوَابُ الرُّجُوعُ مِنْ ذَلِكَ إلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَيُعْمَلُ بِهِمَا (وَإِنْ امْتَنَعَتْ الْأُمُّ أَوْ غَيْرُهَا مِنْ الْحَضَانَةِ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ أَهْلٍ لَهَا انْتَقَلَتْ إلَى مَنْ بَعْدَهَا) كَمَا لَوْ لَمْ تَكُنْ.
(وَمَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْهَا) أَيْ الْحَضَانَةِ سَقَطَ لِإِعْرَاضِهِ عَنْهُ وَلَهُ الْعَوْدُ فِي حَقِّهِ (مَتَى شَاءَ) أَنَّهُ يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الزَّمَانِ كَالنَّفَقَةِ انْتَهَى.

.فَصْلٌ: حَضَانَةُ الرَّقيقِ:

وَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ لِعَجْزِهِ عَنْهَا بِخِدْمَةِ سَيِّدِهِ (وَلَا) حَضَانَةَ أَيْضًا (لِمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدٍ مُهَايَأَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ نَفْعَهُ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ الْكَفَاءَةُ، وَقَالَ فِي الْهَدْيِ: لَا دَلِيلَ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ فَإِنْ كَانَ بَعْضُ الطِّفْلِ) الْمَحْضُونِ وَكَذَا الْمَجْنُونُ وَالْمَعْتُوهُ (رَقِيقًا وَ) الْحَضَانَةُ (لِسَيِّدِهِ وَقَرِيبِهِ بِمُهَايَأَةٍ لِأَنَّ حَضَانَةَ الطِّفْلِ الرَّقِيقِ لِسَيِّدِهِ) وَالْحُرِّيَّةُ لِقَرِيبِهِ (وَالْأَوْلَى لِسَيِّدِهِ أَنْ يُقِرَّهُ مَعَ أُمِّهِ) أَوْ نَحْوِهَا لِأَنَّهَا أَشْفَقُ.
(وَلَا) حَضَانَةَ أَيْضًا (لِفَاسِقٍ) لِأَنَّهُ لَا يُوَفِّي الْحَضَانَةَ حَقَّهَا.
(وَلَا) حَضَانَةَ أَيْضًا (لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ) بَلْ ضَرَرُهُ أَعْظَمُ؛ لِأَنَّهُ يَفْتِنُهُ عَنْ دِينِهِ وَيُخْرِجُهُ عَنْ الْإِسْلَام بِتَعْلِيمِهِ الْكُفْرَ وَتَرْبِيَتِهِ عَلَيْهِ، وَفِي ذَلِكَ كُلِّهِ ضَرَرٌ.
(وَلَا) حَضَانَةَ (لِمَجْنُونٍ وَلَوْ غَيْرَ مُطْبَقٍ وَلَا لِمَعْتُوهٍ وَلَا لِطِفْلٍ) لِأَنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ لِمَنْ يَحْضُنُهُمْ.
(وَلَا) حَضَانَةَ أَيْضًا (لِعَاجِزٍ عَنْهَا كَأَعْمَى وَنَحْوِهِ) كَزَمِنٍ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ.
(قَالَ الشَّيْخُ: وَضَعْفُ الْبَصَرِ يَمْنَعُ مِنْ كَمَالِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَحْضُونُ مِنْ الْمَصَالِحِ) انْتَهَى.
(وَإِذَا كَانَ بِالْأُمِّ بَرَصٌ أَوْ جُذَامٌ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الْحَضَانَةِ) كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمَجْدُ بْنُ تَيْمِيَّةَ (وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الْعَلَائِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ، وَقَالَ لِأَنَّهُ يُخْشَى عَلَى الْوَلَدِ مِنْ لَبَنِهَا وَمُخَالَطَتِهَا انْتَهَى) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي كُلٍّ عَيْبٍ مُتَعَدٍّ ضَرَرُهُ إلَى غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَخِلَافٌ لَنَا (وَيَأْتِي فِي التَّقْرِيرِ أَنَّ الْجَذْمَى مَمْنُوعُونَ مِنْ مُخَالَطَةِ الْأَصِحَّاءِ) فَمَنْعُهُمْ مِنْ حَضَانَتِهِمْ أَوْلَى.
(وَلَا لِامْرَأَةٍ مُزَوَّجَةٍ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ الطِّفْلِ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَأَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تُنْكَحِي» وَلِأَنَّهَا تَشْتَغِلُ عَنْ حَضَانَتِهِ بِحَقِّ الزَّوْجِ فَتَسْقُطُ حَضَانَتُهَا (مِنْ حِينِ الْعَقْدِ) لِأَنَّهَا بِالْعَقْدِ مَلَكَ مَنَافِعَهَا وَاسْتَحَقَّ زَوْجُهَا مَنْعَهَا مِنْ الْحَضَانَةِ فَسَقَطَتْ حَضَانَتُهَا (وَلَوْ رَضِيَ الزَّوْجُ لِئَلَّا يَكُونَ) الْمَحْضُونُ (فِي حَضَانَةِ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا كَجَدِّهِ) أَيْ الْمَحْضُونِ (وَقَرِيبِهِ فَلَهَا الْحَضَانَةُ) لِأَنَّ الزَّوْجَ الْقَرِيبَ يُشَارِكُهَا فِي الْقَرَابَةِ وَالشَّفَقَةِ عَلَيْهِ، أَشْبَهَ الْأُمَّ إذَا كَانَتْ مُزَوَّجَةً بِالْأَبِ.
(وَلَوْ اتَّفَقَا) أَيْ أَبُو الْمَحْضُونِ وَأُمُّهُ (عَلَى أَنْ يَكُونَ) الْوَلَدُ (فِي حَضَانَتِهَا وَهِيَ) أَيْ الْأُمُّ (مُزَوَّجَةٌ وَرَضِيَ زَوْجُهَا جَازَ) ذَلِكَ (وَلَمْ يَكُنْ لَازِمًا) لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمْ، وَأَيُّهُمْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَلَهُ ذَلِكَ.
(وَلَوْ تَنَازَعَ عَمَّانِ وَنَحْوُهُمَا) كَأَخَوَيْنِ وَابْنَيْ أَخٍ وَابْنَيْ عَمٍّ؛ (وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُتَزَوِّجٌ بِالْأُمِّ أَوْ الْخَالَةِ فَهُوَ أَحَقُّ) بِالْحَضَانَةِ لِأَنَّهُ يَلِيهَا بِمَنْ لَهُ قَرَابَةٌ وَشَفَقَةٌ (فَإِنْ زَالَتْ الْمَوَانِعُ كَأَنْ عَتَقَ الرَّقِيقُ، وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ، وَعَدَلَ الْفَاسِقُ- وَلَوْ ظَاهِرًا- وَعَقَلَ الْمَجْنُونُ، وَطَلُقَتْ الزَّوْجَةُ- وَلَوْ رَجْعِيًّا، وَلَوْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ- رَجَعُوا إلَى حَقِّهِمْ) مِنْ الْحَضَانَةِ لِأَنَّ سَبِيلَهَا قَائِمٌ وَإِنَّمَا امْتَنَعَتْ لِمَانِعٍ فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ عَادَ الْحَقُّ بِالسَّبَبِ السَّابِقِ الْمُلَازِمِ وَنَظِيرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ مِنْ الْبَنَاتِ لَا حَقَّ لَهَا فَتَزَوَّجَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَوْ أَكْثَرُ (ثُمَّ طَلُقَتْ عَادَ إلَيْهَا حَقُّهَا) لِفَوَاتِ شَرْطِهِ (فَإِنْ طَلُقَتْ وَكَانَ قَدْ أَرَادَ بِرَّهَا) مَا دَامَتْ عَازِبَةً (رَجَعَ) إلَيْهَا (حَقُّهَا كَالْوَقْفِ) عَلَى بَنَاتِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ مِنْهُنَّ فَلَا حَقَّ لَهَا (وَإِنْ أَرَادَ صِلَتَهَا مَا دَامَتْ حَافِظَةً لِحُرْمَةِ فِرَاشِهِ فَلَا حَقَّ لَهَا) لِأَنَّهَا قَدْ أَزَالَتْ ذَلِكَ بِتَزْوِيجِهَا، وَهَذَا- إذَا عَلِمَتْ إرَادَتَهُ- وَاضِحٌ، فَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ مَا أَرَادَ فَقَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ لِلِاحْتِمَالَيْنِ.
وَفِي الْإِنْصَافِ قُلْتُ: يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى حَالِ الزَّوْجِ عِنْدَ الْوَقْفِ؛ فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَحَدِهِمْ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا.
(وَلَا تَثْبُتُ الْحَضَانَةُ عَلَى الْبَالِغِ الرَّشِيدِ الْعَاقِلِ) لِأَنَّهُ اسْتَقَلَّ بِنَفْسِهِ وَقَدَرَ عَلَى إصْلَاحِ أُمُورِهِ بِنَفْسِهِ فَوَجَبَ انْفِكَاكُ الْحَجْرِ عَنْهُ (وَإِلَيْهِ الْخِيَرَةُ فِي الْإِقَامَةِ عِنْدَ مَنْ شَاءَ مِنْ أَبَوَيْهِ) لِأَنَّهُ لَمْ تَثْبُتْ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ (فَإِنْ كَانَ رَجُلًا فَلَهُ الِانْفِرَادُ بِنَفْسِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرَدَ يُخَافُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ فَيُمْنَعُ مِنْ مُفَارَقَتِهِمَا) دَفْعًا لِلْمَفْسَدَةِ (وَيُسْتَحَبُّ) لِلْوَلَدِ (أَنْ لَا يَنْفَرِدَ عَنْهُمَا وَلَا يَقْطَعَ بِرَّهُ عَنْهُمَا) لِحَدِيثِ: مَنْ أَبَرُّ (وَإِنْ كَانَتْ جَارِيَةً فَلَيْسَ لَهَا الِانْفِرَادُ) بِنَفْسِهَا (وَلِأَبِيهَا وَأَوْلِيَائِهَا- عِنْدَ عَدَمِهِ- مَنْعُهَا مِنْهُ) أَيْ مِنْ الِانْفِرَادِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا أَنْ تُخْدَعَ.
(وَ) يَجِبُ (عَلَى عَصَبَةِ الْمَرْأَةِ مَنْعُهَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ) بَلْ كُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ نَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ (فَإِنْ لَمْ تُمْنَعْ إلَّا بِالْحَبْسِ حَبَسُوهَا وَإِنْ احْتَاجَتْ إلَى الْقَيْدِ قَيَّدُوهَا، وَمَا يَنْبَغِي لِلْوَلَدِ أَنْ يَضْرِبَ أُمَّهُ)؛ لِأَنَّهُ قَطِيعَةٌ لَهَا وَلَكِنْ يَنْهَى وَيُدَارِيهَا.
(وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ) أَيْ لِعَصَبَاتِ الْمَرْأَةِ أُمًّا كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا (مُقَاطَعَتُهَا بِحَيْثُ تَتَمَكَّنُ مِنْ السُّوءِ بَلْ) يَنْهَوْنَهَا (بِحَسَبِ قُدْرَتِهِمْ وَإِنْ احْتَاجَتْ إلَى رِزْقٍ وَكُسْوَةٍ كَسَوْهَا) يَقُومُ بِذَلِكَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي النَّفَقَاتِ (وَلَيْسَ لَهُمْ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهَا) لِأَنَّ إقَامَتَهُ تَخْتَصُّ بِالْحَاكِمِ وَالسَّيِّدِ (وَمَتَى أَرَادَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ النُّقْلَةَ إلَى بَلَدٍ مَسَافَةَ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ آمِنٌ هُوَ) أَيْ الْبَلَدُ (وَالطَّرِيقُ لِيَسْكُنَهُ فَالْأَبُ أَحَقُّ بِالْحَضَانَةِ) سَوَاءٌ كَانَ الْمُقِيمُ هُوَ الْأَبُ أَوْ الْمُنْتَقِلُ؛ لِأَنَّ الْأَبَ فِي الْعَادَةِ هُوَ الَّذِي يَقُومُ بِتَأْدِيبِ الصَّغِيرِ وَحِفْظِ نَسَبِهِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْوَلَدُ فِي بَلَدِ الْأَبِ ضَاعَ.
(قَالَ فِي الْهَدْيِ هَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يُرِدْ) الْمُنْتَقِلُ (بِالنُّقْلَةِ مُضَارَّةَ الْآخَرِ) أَيْ مَا لَمْ يُرِدْ الْأَبُ بِالِانْتِقَالِ مُضَارَّةَ الْأُمِّ (وَانْتِزَاعَ الْوَلَدِ) مِنْهَا (فَإِذَا أَرَادَ ذَلِكَ لَمْ يُجَبْ إلَيْهِ) بَلْ يُعْمَلُ مَا فِيهِ مَصْلَحَةُ الْوَلَدِ (انْتَهَى) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْحَابِ، قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: أَمَّا صُورَةُ الْمُضَارَّةِ فَلَا شَكَّ فِيهَا وَأَنَّهُ لَا يُوَافِقُ عَلَى ذَلِكَ (وَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ) الْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ (قَرِيبًا) أَيْ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ (لِلسُّكْنَى فَالْأُمُّ أَحَقُّ) لِأَنَّهَا أَتَمُّ شَفَقَةً، وَالسَّفَرُ الْقَرِيبُ كَلَا سَفَرٍ (وَإِنْ كَانَ) السَّفَرُ (بَعِيدًا) لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ (وَلَوْ لِحَجٍّ أَوْ) كَانَ السَّفَرُ (قَرِيبًا لِحَاجَةٍ ثُمَّ يَعُودُ أَوْ) كَانَ السَّفَرُ (بَعِيدًا لِلسُّكْنَى لَكِنَّهُ مَخُوفٌ هُوَ أَوْ الطَّرِيقُ فَمُقِيمٌ) مِنْهُمَا (أَوْلَى) لِأَنَّ فِي الْمُسَافَرَةِ بِالطِّفْلِ إضْرَارًا بِهِ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.
(فَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْأَبُ وَالْأُمُّ (فَقَالَ الْأَبُ: سَفَرِي لِلْإِقَامَةِ وَقَالَتْ الْأُمُّ: بَلْ) سَفَرُك (لِحَاجَةٍ وَتَعُودُ، فَقَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ) لِأَنَّهُ أَدْرَى بِمَقْصُودِهِ (وَإِنْ انْتَقَلَا) أَيْ الْأَبَوَانِ (جَمِيعًا إلَى بَلَدٍ وَاحِدَةٍ فَالْأُمُّ بَاقِيَةٌ عَلَى حَضَانَتِهَا) لِعَدَمِ مَا يُسْقِطُهَا (وَإِنْ أَخَذَهُ الْأَبُ لِافْتِرَاقِ الْبَلَدَيْنِ ثُمَّ اجْتَمَعَا) أَيْ الْأَبَوَانِ (عَادَتْ إلَى الْأُمِّ حَضَانَتُهَا) لِزَوَالِ الْمَانِعِ انْتَهَى.