فصل: مقدمة السورة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


*2*38 -  سورة ص مكية وآياتها ثمان وثمانون

*3*  مقدمة سورة ص

بسم الله الرحمن الرحيم

أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال‏:‏ نزلت سورة ‏(‏ص‏)‏ بمكة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ لما مرض أبو طالب، دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل فقالوا‏:‏ إن ابن أخيك يشتم آلهتنا، ويفعل ويفعل‏.‏‏.‏ ويقول ويقول‏.‏‏.‏ فلو بعثت إليه فنهيته، فبعث إليه، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل البيت وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس، فخشي أبو جهل أن جلس إلى أبي طالب أن يكون أرق عليه، فوثب فجلس في ذلك المجلس، فلم يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا قرب عمه، فجلس عند الباب فقال له أبو طالب‏:‏ أي ابن أخي ما بال قومك يشكونك، يزعمون أنك تشتم آلهتهم، وتقول وتقول‏.‏‏.‏ قال وأكثروا عليه من القول، وتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا عم إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية، ففزعوا لكلمته ولقوله‏.‏ فقال القوم‏:‏ كلمة واحدة نعم وأبيك عشرا قالوا‏:‏ فما هي‏؟‏ قال‏:‏ لا إله إلا الله فقاموا، فزعين ينفضون ثيابهم، وهم يقولون ‏{‏أجعل الآلهة آلها واحدا إن هذا لشيء عجاب‏}‏ فنزل فيهم ‏{‏ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق‏}‏ إلى قوله ‏{‏بل لما يذوقوا عذاب‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي‏.‏ أن ناسا من قريش اجتمعوا، فيهم أبو جهل بن هشام، والعاصي بن وائل، والأسود بن المطلب بن عبد يغوث في نفر من مشيخة قريش‏.‏ فقال بعضهم لبعض‏:‏ انطلقوا بنا إلى أبي طالب نكلمه فيه، فلينصفنا منه، فليكف عن شتم آلهتنا وندعه وإلهه الذي يعبد، فإننا نخاف أن يموت هذا الشيخ، فيكون منا شيء، فتعيرنا العرب يقولون‏:‏ تركوه حتى إذا مات عمه تناولوه‏.‏ فبعثوا رجلا منهم يسمى المطلب، فاستأذن لهم علي أبي طالب فقال‏:‏ هؤلاء مشيخة قومك وسرواتهم يستأذنون عليك قال‏:‏ أدخلهم‏.‏ فلما دخلوا عليه قالوا‏:‏ يا أبا طالب أنت كبيرنا، وسيدنا، فأنصفنا من ابن أخيك، فمره فليكف عن شتم آلهتنا، ونعده وإلهه، فبعث إليه أبو طالب، فلما دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ يا ابن أخي هؤلاء مشيخة قومك وسرواتهم قد سألوك النصف‏.‏ أن تكف عن شتم آلهتهم، ويدعوك وإلهك فقال‏:‏ أي عم أولا أدعوهم إلى ما هو خير لهم منها‏؟‏ قال‏:‏ وإلام تدعوهم‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ أدعوهم إلى أن يتكلموا بكلمة يدين لهم بها العرب، ويملكون بها العجم فقال أبو جهل من بين القوم‏:‏ ما هي وأبيك لنعطينكها وعشر أمثالها‏؟‏ قال‏:‏ تقول لا إله إلا الله‏.‏ فنفروا وقالوا سلنا غير هذه قال‏:‏ لو جئتموني بالشمس حتى تضعوها في يدي ما سألتكم غيرها، فغضبوا وقاموا من عنده غضابا وقالوا‏:‏ والله لنشتمنك وإلهك الذي يأمرك بهذا ‏{‏وانطلق الملأ منهم أن امشوا‏}‏ إلى قوله ‏{‏اختلاق‏}‏‏.‏

*3* التفسير

 الآيات 1 - 3

أخرج عبد بن حميد عن أبي صالح قال‏:‏ سئل جابر بن عبد الله وابن عباس رضي الله عنهما عن ‏{‏ص‏}‏ فقالا‏:‏ ما ندري ما هو‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله ‏{‏ص‏}‏ قال‏:‏ حادث القرآن‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الحسن ْرضي الله عنه في قوله أنه كان يقرأ ‏{‏ص، والقرآن‏}‏ بخفض الدال، وكان يجعلها من المصاداة يقول عارض القرآن قال عبد الوهاب‏:‏ أعرضه على عملك فانظر أين عملك من القرآن‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ‏{‏ص‏}‏ يقول‏:‏ إني أنا الله الصادق‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله ‏{‏ص‏}‏ قال‏:‏ صدق الله‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ‏{‏ص‏}‏ محمد صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ‏{‏ص والقرآن ذي الذكر‏}‏ قال‏:‏ نزلت في مجالسهم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ‏{‏ص والقرآن ذي الذكر‏}‏ قال‏:‏ ذي الشرف‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة ‏{‏بل الذين كفروا في عزة‏}‏ قال‏:‏ ههنا وقع القسم ‏{‏في عزة وشقاق‏}‏ قال‏:‏ في حمية وفراق‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ‏{‏بل الذين كفروا في عزة وشقاق‏}‏ قال‏:‏ معازين ‏{‏شقاق‏}‏ قال‏:‏ عاصين وفي قوله ‏{‏فنادوا ولات حين مناص‏}‏ قال‏:‏ ما هذا بحين فرار‏.‏

وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن التميمي قال‏:‏ سألت ابن عباس رضي الله عنه عن قول الله ‏{‏فنادوا ولات حين مناص‏}‏ قال‏:‏ ليس بحين تزور ولا فرار‏.‏

وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنه أن نافع بن الأزرق قال له‏:‏ أخبرني عن قوله ‏{‏ولات حين‏}‏ قال‏:‏ ليس بحين فرار قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ أما سمعت الأعشى وهو يقول‏:‏

تذكرت ليلى لات حين تذكر * وقد تبت عنها والمناص بعيد

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏فنادوا ولات حين مناص‏}‏ قال‏:‏ نادوا والنداء حين لا ينفعهم وأنشد تذكرت‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس ‏{‏ولات حين مناص‏}‏ قال‏:‏ لا حين فرار‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏ولات حين مناص‏}‏ قال‏:‏ ليس بحين مغاث‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير ‏{‏ولات حين مناص‏}‏ ليس بحين جزع‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه ‏{‏ولات حين مناص‏}‏ قال‏:‏ وليس حين نداء‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي في قوله ‏{‏ولات حين مناص‏}‏ قال‏:‏ نادوا بالتوحيد والعقاب حين مضت الدنيا عنهم، فاستناصوا التوبة حين زالت الدنيا عنهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏{‏فنادوا ولات حين مناص‏}‏ قال‏:‏ نادى القوم على غير حين نداء، وأرادوا التوبة حين عاينوا عذاب الله، فلم ينفعهم، ولم يقبل منهم‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه ‏{‏ولات حين مناص‏}‏ قال‏:‏ ليس حين انقلاب‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب بن منبه ‏{‏ولات حين مناص‏}‏ قال‏:‏ إذا أراد السرياني أن يقول وليس يقول ولات‏.‏

 الآيات 4 - 16

أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏{‏وعجبوا أن جاءهم منذر منهم‏}‏ يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ‏{‏فقال الكافرون هذا ساحر كذاب، أجعل الآلهة إلها واحدا أن هذا لشيء عجاب‏}‏ قال‏:‏ عجب المشركون أن دعوا إلى الله وحده، وقالوا‏:‏ إنه لا يسمع حاجتنا جميعا إله واحدا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مجلز قال‏:‏ قال رجل يوم بدر ما هم إلا النساء‏.‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏بل هم الملأ وتلا ‏{‏وانطلق الملأ منهم‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏وانطلق الملأ منهم‏.‏‏.‏‏}‏ قال‏:‏ نزلت حين انطلق أشراف قريش إلى أبي طالب يكلموه في النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏وانطلق الملأ منهم‏}‏ قال‏:‏ أبو جهل‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ‏{‏وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا‏}‏ قال‏:‏ هو عقبة بن أبي معيط‏.‏ وفي قوله ‏{‏ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة‏}‏ قال‏:‏ النصرانية قالوا‏:‏ لو كان هذا القرآن حقا لأخبرتنا به النصارى‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب ‏{‏ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة‏}‏ قال‏:‏ ملة عيسى عليه السلام‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة‏}‏ قال‏:‏ النصرانية‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ‏{‏ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة‏}‏ قال‏:‏ النصرانية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏{‏ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة‏}‏ أي في ديننا هذا، ولا في زماننا هذا ‏{‏إن هذا إلا اختلاق‏}‏ قال‏:‏ قالوا إن هذا إلا شيء يخلقه‏.‏ وفي قوله ‏{‏أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب‏}‏ قال‏:‏ لا والله ما عندهم منها شيء، ولكن الله يختص برحمته من يشاء ‏{‏أم لهم ملك السموات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب‏}‏ قال‏:‏ في السماء‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏فليرتقوا في الأسباب‏}‏ قال‏:‏ في السماء‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال ‏{‏الأسباب‏}‏ أدق من الشعر، وأحد من الحديد، وهو بكل مكان، غير أنه لا يرى‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏فليرتقوا في الأسباب‏}‏ قال‏:‏ طرق السماء أبوابها‏.‏ وفي قوله ‏{‏جند ما هنالك‏}‏ قال‏:‏ قريش ‏{‏من الأحزاب‏}‏ قال‏:‏ القرون الماضية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏{‏جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب‏}‏ قال‏:‏ وعده الله وهو بمكة أنه سيهزم له جند المشركين، فجاء تأويلها يوم بدر‏.‏ وفي قوله ‏{‏وفرعون ذو الأوتاد‏}‏ قال‏:‏ كانت له أوتاد، وأرسان، وملاعب يلعب له عليها‏.‏ وفي قوله ‏{‏إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب‏}‏ قال‏:‏ هؤلاء كلهم قد كذبوا الرسل فحق عليهم عقاب ‏{‏وما ينظر هؤلاء‏}‏ يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم ‏{‏إلا صيحة واحدة‏}‏ يعني الساعة ‏{‏ما لها من فواق‏}‏ يعني ما لها من رجوع، ولا مثوبة، ولا ارتداد ‏{‏وقالوا ربنا عجل لنا قطنا‏}‏ أي نصيبنا حظنا من العذاب ‏{‏قبل يوم‏}‏ القيامة قد كان قال ذلك أبو جهل‏:‏ اللهم إن كان ما يقول محمد حقا ‏(‏فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم‏)‏ ‏(‏الأنفال 32‏)‏‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏ما لها من فواق‏}‏ قال‏:‏ رجوع ‏{‏وقالوا ربنا عجل لنا قطنا‏}‏ قال‏:‏ عذابنا‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏ما لها من فواق‏}‏ قال‏:‏ من رجعة ‏{‏وقالوا ربنا عجل لنا قطنا‏}‏ قال‏:‏ سألوا الله أن يعجل لهم‏.‏

وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له‏:‏ أخبرني عن قوله تعالى ‏{‏عجل لنا قطنا‏}‏ قال‏:‏ القط الجزاء‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ أما سمعت الأعشى وهو يقول‏:‏

ولا الملك النعمان يوم لقيته * بنعمة يعطيني القطوط ويطلق

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله ‏{‏عجل لنا قطنا‏}‏ قال‏:‏ عقوبتنا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله ‏{‏عجل لنا قطنا‏}‏ قال‏:‏ كتابنا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه ‏{‏عجل لنا قطنا‏}‏ قال‏:‏ حظنا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عطاء رضي الله عنه في قوله ‏{‏وقالوا ربنا عجل لنا قطنا‏}‏ قال‏:‏ هو النضر بن الحرث بن علقمة بن كلدة أخو بني عبد الدار، وهو الذي قال ‏(‏سأل سائل بعذاب واقع‏)‏ ‏(‏المعارج 1‏)‏ قال‏:‏ سأل بعذاب هو واقع به، فكان الذي سأل أن قال ‏(‏اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم‏)‏ ‏(‏الأنفال 32‏)‏ قال عطاء رضي الله عنه‏:‏ لقد نزلت فيه بضع عشرة آية من كتاب الله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الزبير بن عدي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏عجل لنا قطنا‏}‏ قال‏:‏ نصيبنا من الجنة‏.‏

 الآية 17

أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏داود ذا الأيد‏}‏ قال‏:‏ القوة في العمل في طاعة الله تعالى‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏{‏ذا الأيد‏}‏ قال‏:‏ القوة في العبادة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏{‏واذكر عبدنا داود ذا الأيد‏}‏ قال‏:‏ أعطي قوة في العبادة، وفقها في الإسلام‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه ‏{‏ذا الأيد‏}‏ قال‏:‏ القوة في العبادة، والبصر في الهدى‏.‏

وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال‏:‏ ‏"‏كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر داود عليه السلام وحدث عنه قال‏:‏ كان أعبد البشر‏"‏‏.‏

وأخرج الديلمي عن عمر رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا ينبغي لأحد أن يقول إني أعبد من داود‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت رضي الله عنه قال‏:‏ كان داود عليه السلام يطيل الصلاة من الليل، فيركع الركعة، ثم يرفع رأسه، فينظر إلى أديم السماء، ثم يقول‏:‏ إليك رفعت رأسي يا عامر السماء، نظر العبيد إلى أربابها‏.‏

وأخرج أحمد عن الحسن رضي الله عنه قال‏:‏ قال داود عليه السلام‏:‏ إلهي أي رزق أطيب‏؟‏ قال‏:‏ ثمرة يدك يا داود‏.‏

وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال‏:‏ كان داود عليه السلام يصنع القفة من الخوص وهو على المنبر، ثم يرسل بها إلى السوق، فيبيعها ثم يأكل بثمنها‏.‏

وأخرج أحمد عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه قال‏:‏ كان داود عليه السلام إذا قام من الليل يقول‏:‏ اللهم نامت العيون، وغارت النجوم، وأنت الحي القيوم الذي لا تأخذك سنة ولا نوم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ الأواب المسبح‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال‏:‏ الأواب المسبح‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه قال‏:‏ الأواب المسبح بلغة الحبشة‏.‏

وأخرج الديلمي عن مجاهد رضي الله عنه قال‏:‏ سألت النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقال ‏"‏هو الرجل يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر الله‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏إنه أواب‏}‏ قال‏:‏ منيب راجع عن الذنوب‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال‏:‏ الأواب التائب الراجع‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏إنه أواب‏}‏ قال‏:‏ كان مطيعا لربه، كثير الصلاة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ الأواب الموقن‏.‏

 الآية 18

أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏إنا سخرنا الجبال معه يسبحن‏}‏ قال‏:‏ يسبحن معه إذا سبح ‏{‏بالعشي والإشراق‏}‏ قال‏:‏ إذا أشرقت الشمس‏.‏

وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له‏:‏ أخبرني عن قوله عز وجل ‏{‏بالعشي والإشراق‏}‏ قال‏:‏ إذا أشرقت الشمس وجبت الصلاة قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ أما سمعت الأعشى وهو يقول‏:‏

لم ينم ليلة التمام لكي * يصيح حتى إضاءة الإشراق

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء الخراساني أن ابن عباس قال‏:‏ لم يزل في نفسي من صلاة الضحى شيء حتى قرأت هذه الآية ‏{‏سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال‏:‏ كان ابن عباس رضي الله عنهما لا يصلي الضحى، ويقول‏:‏ أين هي في القرآن‏؟‏ حتى قال بعد هي قول الله ‏{‏يسبحن بالعشي والإشراق‏}‏ هي الإشراق فصلاها ابن عباس رضي الله عنهما بعد‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ لقد أتى علي زمان وما أدري ما وجه هذه الآية ‏{‏يسبحن بالعشي والإشراق‏}‏ قال‏:‏ رأيت الناس يصلون الضحى‏.‏

وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ كنت أمر بهذه الآية ‏{‏يسبحن بالعشي والإشراق‏}‏ فما أدري ما هي حتى حدثتني أم هانيء بنت أبي طالب رضي الله عنها‏.‏ ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم فتح مكة صلاة الضحى ثمان ركعات، فقال ابن عباس رضي الله عنهما‏:‏ قد ظنت أن لهذه الساعة صلاة لقول الله تعالى ‏{‏يسبحن بالعشي والإشراق‏}‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الحارث قال‏:‏ دخلت على أم هانيء رضي الله عنها فحدثتني‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الضحى، فخرجت فلقيت ابن عباس رضي الله عنهما فقلت‏:‏ انطلق إلى أم هانيء، فدخلنا عليها فقلت‏:‏ حدثني ابن عمك عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الضحى، فحدثته فقال‏:‏ تأول هذه الآية صلاة الإشراق، وهي صلاة الضحى‏.‏

وأخرج ابن مردويه من طريق مجاهد عن سعيد عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت‏:‏ ‏"‏دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وقد علاه الغبار، فأمر بقصعة، فإني أنظر إلى أثر العجين، فسكبت فيها، فأمر بثوب فيما بيني وبينه، فاستتر، فقام فأفاض عليه الماء، ثم قام فصلى الضحى ثمان ركعات قال مجاهد‏:‏ فحدثت ابن عباس رضي الله عنهما بهذا الحديث فقال‏:‏ هي صلاة الإشراق‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الحرث رضي الله عنه قال‏:‏ سألت عن صلاة الضحى في إمارة عثمان بن عفان، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون، فلم أجد أحدا أثبت لي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أم هانيء قالت‏:‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاها مرة واحدة، ثمان ركعات، يوم الفتح في ثوب واحد، مخالفا بين طرفيه، لم أره صلاها قبلها ولا بعدها‏.‏ فذكرت ذلك لابن عباس رضي الله عنهما فقال‏:‏ إني كنت لأمر على هذه الأية ‏{‏يسبحن بالعشي والإشراق‏}‏ فأقول أي صلاة صلاة الإشراق‏؟‏ فهذه صلاة الإشراق‏.‏

وأخرج ابن جرير والحاكم عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ كان لا يصلي الضحى حتى أدخلناه على أم هانيء، فقلنا لها‏:‏ أخبري ابن عباس رضي الله عنهما بما أخبرتنا به‏.‏ فقالت‏:‏ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي، فصلى الضحى ثمان ركعات‏.‏ فخرج ابن عباس رضي الله عنهما وهو يقول‏:‏ لقد قرأت ما بين اللوحين، فما عرفت صلاة الإشراق إلا الساعة ‏{‏يسبحن بالعشي والإشراق‏}‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ طلبت صلاة الضحى في القرآن، فوجدتها ‏{‏بالعشي والإشراق‏}‏‏.‏

وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه وابن مردويه والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب، هي صلاة الأوابين‏"‏‏.‏

وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ أوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏يا أنس صل صلاة الضحى، فإنها صلاة الأوابين‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والطبراني عن زيد بن أرقم رضي الله عنه ‏"‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أهل قباء، وهم يصلون الضحى‏.‏ وفي لفظ وهم يصلون بعد طلوع الشمس، فقال صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا يحافظ على سبحة الضحى إلا أواب‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي وابن ماجة عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة بنى له الله في الجنة قصرا من ذهب‏"‏‏.‏

وأخرج أبو نعيم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏صل صلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين‏"‏‏.‏

وأخرج حميد بن زنجويه في فضائل الأعمال، والبيهقي في شعب الإيمان، عن الحسن بن علي قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من صلى الفجر، ثم جلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى من الضحى ركعتين حرمه الله على النار أن تلفحه أو تطعمه‏"‏‏.‏

وأخرج حميد بن زنجويه والطبراني والبيهقي عن عتيبة بن عبد الله السلمي وأبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏من صلى الصبح في مسجد جماعة، ثم ثبت فيه حتى يسبح تسبيحة الضحى، كان له كأجر حاج أو معتمر، قام له حجته وعمرته‏"‏‏.‏

وأخرج أبو داود والطبراني والبيهقي عن معاذ بن أنس الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏من قعد في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يصبح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيرا غفر له خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البحر‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين، ومن صلى أربعا كتب من العابدين، ومن صلى ستا كفي ذلك اليوم، ومن صلى ثمانيا كتب من القانتين، ومن صلى اثنتي عشرة بنى الله له بيتا في الجنة‏"‏‏.‏

وأخرج حميد بن زنجويه والبزار والبيهقي عن أبي ذر رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن صليت الضحى ركعتين لم تكتب من الغافلين، وإن صليتها أربعا كنت من المحسنين، وإن صليتها ستا كتبت من القانتين، وإن صليتها ثمانيا كتبت من الفائزين، وإن صليتها عشرا لم يكتب لك ذلك اليوم ذنب، وإن صليتها اثنتي عشرة بنى الله لك بيتا في الجنة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وأحمد وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏من حافظ على سبحة الضحى غفر له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر‏"‏‏.‏

 الآيات 19 - 20

أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏والطير محشورة‏}‏ قال‏:‏ مسخرة له ‏{‏كل له أواب‏}‏ قال‏:‏ مطيع ‏{‏وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة‏}‏ أي السنة ‏{‏وفصل الخطاب‏}‏ قال‏:‏ البينة على الطالب، واليمين على المطلوب‏.‏

وأخرج عبد بن حميد والحاكم عن مجاهد رضي الله عنه ‏{‏وشددنا ملكه‏}‏ قال‏:‏ كان أشد ملوك أهل الدنيا لله سلطانا ‏{‏وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب‏}‏ قال‏:‏ ما قال من شيء أنفذه وعدله في الحكم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ ادعى رجل من بني إسرائيل عند داود عليه السلام‏[‏قتل ولده فسأل‏]‏ ‏(‏ما بين القوسين ‏[‏قتل ولده فسأل‏]‏ زيادة اقتضاها اتمام المعنى‏)‏ الرجل على ذلك فجحده، فسأل الآخر البينة فلم تكن بينة فقال لهما داود عليه السلام‏:‏ قوما حتى أنظر في أمركما، فقاما من عنده، فأتى داود عليه السلام في منامه فقيل له‏:‏ أقتل الرجل الذي استعدى، فقال‏:‏ إن هذه رؤيا ولست أعجل حتى أثبت، فأتي الليلة الثانية في منامه فقيل له‏:‏ أقتل الرجل، فلم يفعل‏.‏ ثم أتي الليلة الثالثة فقيل له‏:‏ أقتل الرجل، أو تأتيك العقوبة من الله تعالى، فأرسل داود عليه السلام إلى الرجل فقال‏:‏ إن الله أمرني أن أقتلك فقال‏:‏ تقتلني بغير بينة ولا تثبت قال‏:‏ نعم‏.‏ والله لأنفذن أمر الله فيك فقال له الرجل‏:‏ لا تعجل علي حتى أخبرك‏.‏ إني ما أخذت بهذا الذنب، ولكني كنت اغتلت والد هذا فقتلته، فبذلك أخذت، فأمر به داود عليه السلام فقتل، فاشتدت هيبته في بني إسرائيل وشدد به ملكه‏.‏ فهو قول الله تعالى ‏{‏وشددنا ملكه‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي رضي الله عنه في قوله ‏{‏وشددنا ملكه‏}‏ قال‏:‏ كان يحرسه كل يوم وليلة أربعة آلاف وفي قوله ‏{‏وآتيناه الحكمة‏}‏ قال‏:‏ النبوة ‏{‏وفصل الخطاب‏}‏ قال‏:‏ علم القضاء‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏وآتيناه الحكمة‏}‏ قال‏:‏ أعطي الفهم‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه ‏{‏وآتيناه الحكمة‏}‏ قال‏:‏ الصواب ‏{‏وفصل الخطاب‏}‏ قال‏:‏ الإيمان والشهود‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه ‏{‏فصل الخطاب‏}‏ قال‏:‏ اصابة القضاء وفهمه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي عبد الرحمن رضي الله عنه ‏{‏وفصل الخطاب‏}‏ قال‏:‏ فصل القضاء‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه ‏{‏وفصل الخطاب‏}‏ قال‏:‏ الفهم في القضاء‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن شريح رضي الله عنه ‏{‏وفصل الخطاب‏}‏ قال‏:‏ الشهود والإيمان‏.‏

وأخرج البيهقي عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه‏.‏ أن داود عليه السلام أمر بالقضاء، فقطع به، فأوحى الله تعالى إليه‏:‏ أن استحلفهم باسمي، وسلهم البينات قال‏:‏ فذلك ‏{‏وفصل الخطاب‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير والبيهقي عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏وفصل الخطاب‏}‏ قال‏:‏ البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه في قوله ‏{‏وفصل الخطاب‏}‏ قال‏:‏ هو قول الرجل‏:‏ أما بعد‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم والديلمي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال‏:‏ أول من قال ‏"‏أما بعد‏"‏ داود عليه السلام، وهو فصل الخطاب‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه أنه سمع زياد بن أبي سفيان رضي الله عنه يقول ‏{‏فصل الخطاب‏}‏ الذي أوتي داود عليه السلام أما بعد‏.‏

 الآيات 21 - 24

أخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ أن داود عليه السلام حدث نفسه إن ابتلي أن يعتصم، فقيل له إنك ستبتلى وستعلم اليوم الذي تبتلى فيه، فخذ حذرك فقيل له‏:‏ هذا اليوم الذي تبتلى فيه، فأخذ الزبور، ودخل المحراب، وأغلق باب المحراب، وأدخل الزبور في حجره، وأقعد منصفا على الباب، وقال لا تأذن لأحد علي اليوم‏.‏ فبينما هو يقرأ الزببور إذ جاء طائر مذهب كأحسن ما يكون للطير، فيه من كل لون، فجعل يدرج بين يديه، فدنا منه، فأمكن أن يأخذه، فتناوله بيده ليأخذه، فطار فوقه على كوة المحراب، فدنا منه ليأخذه، فطار فأشرف عليه لينظر أين وقع، فإذا هو بامرأة عند بركتها تغتسل من الحيض، فلما رأت ظله حركت رأسها، فغطت جسدها أجمع بشعرها، وكان زوجها غازيا في سبيل الله، فكتب داود عليه السلام إلى رأس الغزاة‏.‏ انظر فاجعله في حملة التابوت، أما أن يفتح عليهم، وإما أن يقتلوا‏.‏ فقدمه في حملة التابوت فقتل‏.‏

فلما انقضت عدتها خطبها داود عليه السلام، فاشترطت عليه إن ولدت غلاما أن يكون الخليفة من بعده، وأشهدت عليه خمسا من بني إسرائيل، وكتبت عليه بذلك كتابا، فأشعر بنفسه أنه كتب حتى ولدت سليمان عليه الصلاة والسلام وشب، فتسور عليه الملكان المحراب، فكان شأنهما ما قص الله تعالى في كتابه، وخر داود عليه السلام ساجدا، فغفر الله له، وتاب عليه‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ ما أصابه القدر إلا من عجب عجب بنفسه‏.‏ وذلك أنه قال يا رب ما من ساعة من ليل ونهار إلا وعابد من بني إسرائيل يعبدك، يصلي لك، أو يسبح، أو يكبر، وذكر أشياء، فكره الله ذلك فقال ‏"‏يا داود إن ذلك لم يكن إلا بي، فلولا عوني ما قويت عليه‏.‏ وجلالي لآكلك إلى نفسك يوما‏.‏ قال‏:‏ يا رب فأخبرني به، فأصابته الفتنة ذلك اليوم‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن أبي حاتم بسند ضعيف عن أنس رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ إن داود عليه السلام حين نظر إلى المرأة قطع على بني إسرائيل، وأوصى صاحب الجيش فقال‏:‏ إذا حضر العدو تضرب فلانا بين يدي التابوت، وكان التابوت في ذلك الزمان يستنصر به، من قدم بين يدي التابوت لم يرجع حتى يقتل، أو ينهزم منه الجيش‏.‏ فقتل وتزوج المرأة، ونزل الملكان على داود عليه السلام، فسجد فمكث أربعين ليلة ساجدا حتى نبت الزرع من دموعه على رأسه، فأكلت الأرض جبينه وهو يقول في سجوده‏:‏ رب زل داود زلة أبعد مما بين المشرق والمغرب‏.‏ رب إن لم ترحم ضعف داود، وتغفر ذنوبه جعلت ذنبه حديثا في المخلوق من بعده‏.‏

فجاء جبريل عليه السلام من بعد أربعين ليلة فقال‏:‏ يا داود إن الله قد غفر لك، وقد عرفت أن الله عدل لا يميل، فكيف بفلان إذا جاء يوم القيامة فقال‏:‏ يا رب دمي الذي عند داود‏؟‏ قال جبريل‏:‏ ما سألت ربك عن ذلك، فإن شئت لأفعلن فقال‏:‏ نعم‏.‏ ففرح جبريل، وسجد داود عليه السلام، فمكث ما شاء الله، ثم نزل فقال‏:‏ قد سألت الله يا داود عن الذي أرسلتني فيه‏.‏ فقال‏:‏ قل لداود إن الله يجمعكما يوم القيامة فيقول ‏"‏هب لي دمك الذي عند داود فيقول‏:‏ هو لك يا رب فيقول‏:‏ فإن لك في الجنة ما شئت، وما اشتهيت عوضا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال‏:‏ لما أصاب داود عليه السلام الخطيئة، وإنما كانت خطيئته، أنه لما أبصرها أمر بها فعزلها فلم يقربها، فأتاه الخصمان، فتسورا في المحراب، فلما أبصرهما قام إليهما فقال‏:‏ أخرجا عني ما جاء بكما إلي فقالا‏:‏ إنما نكلمك بكلام يسير ‏{‏إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة‏}‏ وأنا ‏{‏لي نعجة واحدة‏}‏ وهو يريد أن يأخذها مني فقال داود عليه السلام‏:‏ والله أنا أحق أن ينشر منه من لدن هذه إلى هذه‏.‏ يعني من أنفه إلى صدره فقال رجل‏:‏ هذا داود فعله فعرف داود عليه السلام أنما عني بذلك، وعرف ذنبه، فخر ساجدا لله عز وجل أربعين يوما، وأربعين ليلة، وكانت خطيئته مكتوبة في يده، ينظر إليها لكي لا يغفل حتى نبت البقل حوله من دموعه، ما غطى رأسه، فنودي أجائع فتطعم، أم عار فتكسى، أم مظلوم فتنصر، قال‏:‏ فنحب نحبة هاج ما يليه من البقل حين لم يذكر ذنبه، فعند ذلك غفر له، فإذا كان يوم القيامة قال له ربه‏:‏ ‏"‏كن أمامي فيقول أي رب ذنبي ذنبي‏.‏‏.‏‏.‏ فيقول الله‏:‏ كن خلفي فيقول له‏:‏ خذ بقدمي فيأخذ بقدمه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب‏}‏ قال‏:‏ إن داود عليه السلام قال‏:‏ يا رب قد أعطيت إبراهيم، وإسحق، ويعقوب، من الذكر ما لو وددت أنك أعطيتني مثله‏.‏ قال الله عز وجل ‏"‏إني ابتليتهم بما لم أبتلك به، فإن شئت ابتليتك بمثل ما ابتليتهم به، وأعطيتك كما أعطيتهم‏"‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قال له‏:‏ فاعمل حتى أرى بلاءك‏.‏

فكان ما شاء الله أن يكون، وطال ذلك عليه، فكاد أن ينساه، فبينما هو في محرابه إذ وقعت عليه حمامة، فأراد أن يأخذها، فطارت على كوة المحراب، فذهب ليأخذها، فطارت فاطلع من الكوة، فرأى امرأة تغتسل، فنزل من المحراب، فذهب ليأخذها، فأرسل إليها، فجاءته فسألها عن زوجها، وعن شأنها، فأخبرته أن زوجها غائب، فكتب إلى أمير تلك السرية أن يؤمره على السرايا ليهلك زوجها، ففعل فكان يصاب أصحابه وينجو، وربما نصروا‏.‏

وإن الله عز وجل لما رأى الذي وقع فيه داود عليه السلام أراد أن ينفذ أمره، فبينما داود عليه السلام ذات يوم في محرابه، إذ تسور عليه الملكان من قبل وجهه، فلما رأهما وهو يقرأ، فزع وسكت وقال‏:‏ لقد استضعفت في ملكي، حتى أن الناس يتسورون على محرابي فقالا له ‏{‏لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض‏}‏ ولم يكن لنا بد من أن نأتيك، فاسمع منا فقال أحدهما ‏{‏إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها‏}‏ يريد أن يتم مائة، ويتركني ليس لي شيء ‏{‏وعزني في الخطاب‏}‏ قال‏:‏ إن دعوت ودعا كان أكثر مني، وإن بطشت وبطش كان أشد مني‏.‏ فذلك قوله ‏{‏وعزني في الخطاب‏}‏ قال له داود عليه السلام‏:‏ أنت كنت أحوج إلى نعجتك منه ‏{‏لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه‏}‏ إلى قوله ‏{‏وقليل ما هم‏}‏ ونسي نفسه صلى الله عليه وسلم، فنظر الملكان أحدهما إلى الآخر حين قال، فتبسم أحدهما إلى الآخر، فرآه داود عليه السلام، فظن إنما فتن ‏{‏فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب‏}‏ أربعين ليلة حتى نبتت الخضرة من دموع عينيه، ثم شدد الله ملكه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أن داود عليه السلام جزأ الدهر أربعة أجزاء‏.‏ يوما لنسائه، ويوما للعبادة، ويوما للقضاء بين بني إسرائيل، ويوما لبني إسرائيل‏.‏ ذكروا فقالوا‏:‏ هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذنبا‏؟‏ فأضمر داود عليه السلام في نفسه أنه سيطيق ذلك، فلما كان في يوم عبادته غلق أبوابه، وأمر أن لا يدخل عليه أحد، وأكب على التوراة‏.‏

فبينما هو يقرأوها إذ حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن قد وقعت بين يديه، فأهوى إليها ليأخذها، فطارت فوقعت غير بعيد من غير مرتبتها، فما زال يتبعها حتى أشرف على امرأة تغتسل، فأعجبه حسنها وخلقها، فلما رأت ظله في الأرض جللت نفسها بشعرها، فزاد ذلك أيضا بها اعجابا، وكان قد بعث زوجها على بعض بعوثه، فكتب إليه أن يسير إلى مكان كذا وكذا‏.‏‏.‏‏.‏ مكان إذا سار إليه قتل ولم يرجع، ففعل، فأصيب، فخطبها داود عليه السلام‏.‏ فتزوجها‏.‏

فبينما هو في المحراب، إذ تسور الملكان عليه، وكان الخصمان إنما يأتونه من باب المحراب، ففزع منهم حين تسوروا المحراب فقالوا‏:‏ ‏{‏لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط‏}‏ أي لا تمل ‏{‏واهدنا إلى سواء الصراط‏}‏ أي أعدله، وخيره ‏{‏إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة‏}‏ يعني تسعا وتسعين امرأة لداود، وللرجل نعجة واحدة فقال ‏{‏أكفلنيها وعزني في الخطاب‏}‏ أي قهرني وظلمني ‏{‏قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب‏}‏ قال‏:‏ سجد أربعين ليلة حتى أوحى الله إليه‏:‏ إني قد غفرت لك‏.‏ قال‏:‏ رب كيف تغفر لي وأنت حكم عدل لا تظلم أحدا‏؟‏ قال ‏"‏إني أقضيك له، ثم استوهبه دمك، ثم أثيبه من الجنة حتى يرضى‏"‏ قال‏:‏ الآن طابت نفسي، وعلمت أن قد غفرت لي‏.‏ قال الله تعالى ‏{‏فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب‏}‏‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه في قوله ‏{‏وهل أتاك نبأ الخصم‏}‏ فجلسا فقال لهما قضاء فقال أحدهما إلى الآخر ‏{‏أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب‏}‏ فعجب داود عليه السلام، وقال ‏{‏لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه‏}‏ فأغلظ له أحدهما وارتفع‏.‏ فعرف داود إنما ذلك بذنبه، فسجد فكان أربعين يوما وليلة لا يرفع رأسه إلا إلى صلاة الفريضة حتى يبست، وقرحت جبهته، وقرحت كفاه وركبتاه، فأتاه ملك فقال‏:‏ يا داود إني رسول ربك إليك، وإنه يقول لك ارفع رأسك فقد غفرت لك فقال‏:‏ يا رب كيف وأنت حكم عدل كيف تغفر لي ظلامة الرجل‏؟‏ فترك ما شاء الله، ثم أتاه ملك آخر فقال‏:‏ يا داود إني رسول ربك إليك، وإنه يقول لك، إنك تأتيني يوم القيامة وابن صوريا تختصمان إلي، فأقضي له عليك، ثم أسألها إياه فيهبها لي، ثم أعطيه من الجنة حتى يرضى‏.‏

وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي قال‏:‏ إن داود عليه السلام قد قسم الدهر ثلاثة أيام‏.‏ يوما يقضي فيه بين الناس، ويوما يخلو فيه لعبادة ربه، ويوما يخلو فيه بنسائه، وكان له تسع وتسعون امرأة، وكان فيما يقرأ من الكتب قال‏:‏ يا رب أرى الخير قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي‏.‏ فأعطني مثل ما أعطيتهم، وافعل بي مثل ما فعلت بهم‏.‏ فأوحى الله إليه ‏"‏إن آباءك قد ابتلوا ببلايا لم تبتل بها‏.‏ ابتلي إبراهيم بذبح ولده، وابتلي إسحق بذهاب بصره، وابتلي يعقوب بحزنه على يوسف، وإنك لم تبتل بشيء من ذلك‏.‏ قال‏:‏ رب ابتلني بما ابتليتهم به، وأعطني مثل ما أعطيتهم، فأوحى الله إليه‏:‏ إنك مبتلى فاحترس‏.‏

فمكث بعد ذلك ما شاء الله تعالى أن يمكث، إذ جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة حتى وقع عند رجليه، وهو قائم يصلي، فمد يده ليأخذه فتنحى، فتبعه فتباعد حتى وقع في كوة، فذهب ليأخذه، فطار من الكوة، فنظر أين يقع، فبعث في أثره، فأبصر امرأة تغتسل على سطح لها، فرأى امرأة من أجمل الناس خلقا، فحانت منها التفاتة فأبصرته، فالتفت بشعرها فاستترت به، فزاده ذلك فيها رغبة، فسأل عنها، فأخبر أن لها زوجا غائبا بمسلحة كذا وكذا‏.‏‏.‏ فبعث إلى صاحب المسلحة يأمره‏.‏ أن يبعث إلى عدو كذا وكذا‏.‏‏.‏ فبعثه ففتح له أيضا، فكتب إلى داود عليه السلام بذلك، فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا‏.‏‏.‏‏.‏ فبعثه فقتل في المرة الثالثة، وتزوج امرأته‏.‏

فلما دخلت عليه لم يلبث إلا يسيرا حتى بعث الله له ملكين في صورة أنسيين، فطلبا أن يدخلا عليه، فتسورا عليه الحراب، فما شعر وهو يصلي إذ هما بين يديه جالسين ففزع منهما فقالا ‏{‏لا تخف‏}‏ إنما نحن ‏{‏خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط‏}‏ يقول‏:‏ لا تخف ‏{‏واهدنا إلى سواء الصراط‏}‏ إلى عدل القضاء فقال‏:‏ قصا علي قصتكما فقال أحدهما ‏{‏إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة‏}‏ قال الآخر‏:‏ وأنا أريد أن آخذها فأكمل بها نعاجي مائة قال وهو كاره قال إذا لا ندعك وذاك قال‏:‏ يا أخي أنت على ذلك بقادر قال‏:‏ فإن ذهبت تروم ذلك ضربنا منك هذا وهذا‏.‏ يعني طرف الأنف والجبهة‏.‏

قال‏:‏ يا داود أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا‏.‏ حيث لك تسع وتسعون امرأة، ولم يكن لأوريا إلا امرأة واحدة، فلم تزل تعرضه للقتل حتى قتلته‏.‏ وتزوجت امرأته، فنظر فلم ير شيئا، فعرف ما قد وقع فيه، وما قد ابتلي به ‏{‏فخر ساجدا‏}‏ فبكى، فمكث يبكي أربعين يوما، لا يرفع رأسه إلا لحاجة، ثم يقع ساجدا يبكي، ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه، فأوحى الله إليه بعد أربعين يوما ‏"‏يا داود ارفع رأسك قد غفر لك قال‏:‏ يا رب كيف أعلم أنك قد غفرت لي، وأنت حكم عدل لا تحيف في القضاء‏؟‏ إذا جاء يوم القيامة أخذ رأسه بيمينه أو بشماله، تشخب أوداجه دما في يقول‏:‏ يا رب سل هذا فيم قتلني، فأوحى الله إليه إذا كان ذلك دعوت أوريا، فأستوهبك منه، فيهبك لي، فأثيبه بذلك الجنة‏"‏ قال‏:‏ رب الآن علمت أنك غفرت لي، فما استطاع أن يملاء عينيه من السماء حياء من ربه حتى قبض صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه‏.‏ نحوه‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏إذ تسوروا المحراب‏}‏ قال‏:‏ المسجد‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي الأحوص قال‏:‏ دخل الخصمان على داود عليه السلام، وكل واحد منهما آخذ برأس صاحبه‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ‏{‏ففزع منهم‏}‏ قال‏:‏ كان الخصوم يدخلون من الباب، ففزع من تسورهما‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏ولا تشطط‏}‏ أي لا تمل‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله ‏{‏إن هذا أخي‏}‏ قال‏:‏ على ديني‏.‏

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأحمد في الزهد وابن جرير والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ ما زاد داود عليه السلام على أن قال ‏{‏أكفلنيها‏}‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏فقال أكفلنيها‏}‏ قال‏:‏ فما زاد داود عليه السلام على أن قال‏:‏ تحول لي عنها‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ ما زاد داود عليه السلام على أن قال‏:‏ أنزل لي عنها‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ‏{‏أكفلنيها‏}‏ قال‏:‏ أعطنيها، طلقها لي أنكحها وخل سبيلها ‏{‏وعزني في الخطاب‏}‏ قال‏:‏ قهرني ذلك العز الكلام والخطاب‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ الآيات 21 - 24‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ‏{‏أكفلنيها‏}‏ قال‏:‏ أعطنيها ‏{‏وعزني في الخطاب‏}‏ قال‏:‏ إذا تكلم كان أبلغ مني، وإذا دعا كان أكثر قال أحد الملكين‏:‏ ما جزاؤه‏؟‏ قال‏:‏ يضرب ههنا وههنا وههنا‏.‏ ووضع يده على جبهته، ثم على أنفه، ثم تحت الأنف، قال‏:‏ ترى ذلك جزاءه‏.‏ فلم يزل يردد ذلك عليه حتى علم أنه ملك، وخرج الملك، فخر داود ساجدا قال‏:‏ ذكر أنه لم يرفع رأسه أربعين صباحا يبكي، حتى أعشب الدموع ما حول رأسه حتى إذا مضى أربعون صباحا، زفر زفرة هاج ما حول رأسه من ذلك العشب‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏وقليل ما هم‏}‏ يقول‏:‏ قليل الذين هم فيه‏.‏ وفي قوله ‏{‏إنما فتناه‏}‏ قال‏:‏ اختبرناه‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏وظن داود‏}‏ قال‏:‏ علم داود‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏وظن داود أنما فتناه‏}‏ قال‏:‏ ظن إنما ابتلي بذلك‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال‏:‏ إنما كان فتنة داود عليه السلام النظر‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ‏{‏وخر راكعا‏}‏ قال‏:‏ ساجدا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن كعب رضي الله عنه قال‏:‏ سجد داود نبي الله أربعين يوما، وأربعين ليلة لا يرفع رأسه حتى رقأ دمعه ويبس، وكان من آخر دعائه وهو ساجد أن قال‏:‏ يا رب رزقتني العافية فسألتك البلاء، فلما ابتليتني لم أصبر، فإن تعذبني فأنا أهل ذاك، وإن تغفر لي فأنت أهل ذاك‏.‏ قال‏:‏ وإذا جبريل عليه السلام قائم على رأسه، قال‏:‏ يا داود إن الله قد غفر لك، فارفع رأسك، فلم يلتفت إليه، وناجى ربه وهو ساجد فقال‏:‏ يا رب كيف تغفر لي وأنت الحكم العدل‏؟‏ قال ‏"‏إذا كان يوم القيامة دفعتك إلى أوريا، ثم استوهبك منه، فيهبك لي، وأثيبه الجنة قال‏:‏ يا رب الآن علمت أنك قد غفرت لي، فذهب يرفع رأسه، فإذا هو يابس لا يستطيع، فمسحه جبريل عليه السلام ببعض ريشه فانبسط، فأوحى الله تعالى إليه بعد ذلك‏:‏ يا داود قد أحللت لك امرأة أوريا، فتزوجها فولدت له سليمان عليه الصلاة والسلام‏.‏ لم تلد قبله ولا بعده‏)‏ قال كعب رضي الله عنه‏:‏ فو الله لقد كان داود بعد ذلك يظل صائما اليوم الحار، فيقرب الشراب إلى فيه، فيذكر خطيئته، فينزل دمعه في الشراب حتى يفيضه، ثم يرده ولا يشربه‏.‏

وأخرج أحمد وعبد بن حميد عن يونس بن خباب رضي الله عنه أن داود عليه السلام بكى أربعين ليلة، حتى نبت العشب حوله من دموعه، ثم قال‏:‏ يا رب قرح الجبين، ورقا الدمع، وخطيئتي علي كما هي، فنودي‏:‏ أن يا داود أجائع فتطعم، أم ظمآن فتسقى، أم مظلوم فتنصر، فنحب نحبة هاج ما هنالك من الخضرة، فغفر له عند ذلك‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عبيد بن عمير الليثي رضي الله عنه‏.‏ أن داود عليه السلام سجد حتى نبت ما حوله خضرا من دموعه، فأوحى الله إليه‏:‏ أن يا داود سجدت أتريد أن أزيدك في ملكك، وولدك، وعمرك‏؟‏ فقال‏:‏ يا رب أبهذا ترد علي‏؟‏ أريد أن تغفر لي‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي عن الأوزاعي قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مثل عيني داود كالقربتين ينطفان ماء، ولقد خددت الدموع في وجهه خديد الماء في الأرض‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد من طريق عطاء بن السائب عن أبي عبد الله الجدلي قال‏:‏ ما رفع داود عليه السلام رأسه إلى السماء بعد الخطيئة حتى مات‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد عن صفوان بن محرز قال‏:‏ كان لداود عليه السلام يوم يتأوه فيه يقول‏:‏ أوه من عذاب الله، أوه من عذاب الله، أوه من عذاب الله قيل لا أوه‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لما أوحى الله إلى داود عليه السلام‏:‏ ارفع رأسك فقد غفرت لك فقال‏:‏ يا رب كيف تكون هذه المغفرة وأنت قضاء بالحق، ولست بظلام للعبيد‏؟‏ ورجل ظلمته، غصبته، قتلته، فأوحى الله تعالى إليه‏:‏ بلى يا داود إنكما تجتمعان عندي، فأقضي له عليك، فإذا برز الحق عليك أستوهبك منه، فوهبك لي وأرضيته من قبلي، وأدخلته الجنة، فرفع داود رأسه، وطابت نفسه، وقال‏:‏ نعم‏.‏ يا رب هكذا تكون المغفرة‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير عن مجاهد قال‏:‏ لما أصاب داود الخطيئة ‏{‏خر ساجدا‏}‏ أربعين ليلة، حتى نبت من دموع عينيه من البقل ما غطى رأسه، ثم نادى رب قرح الجبين، وجمدت العين، وداود لم يرجع إليه في خطيئته شيء‏.‏ فنودي أجائع فتطعم‏؟‏ أم مريض فتشفى‏؟‏ أم مظلوم فتنصر‏؟‏ فنحب نحبا هاج منه نبت الوادي كله، فعند ذلك غفر له، وكان يؤتى بالإناء، فيشرب فيذكر خطيئته، فينتحب فتكاد مفاصله تزول بعضها من بعض، فما يشرب بعض الإناء حتى يمتلئ من دموعه، وكان يقال دمعة داود عليه السلام تعدل دمعة الخلائق، ودمعة آدم عليه السلام تعدل دمعة داود ودمعة الخلائق، فيجيء يوم القيامة مكتوبة بكفه يقرأها يقول‏:‏ ذنبي ذنبي‏.‏‏.‏ فيقول رب قدمني، فيتقدم فلا يأمن، ويتأخر فلا يأمن، حتى يقول تبارك وتعالى‏:‏ خذ بقدمي‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد عن علقمة بن يزيد قال‏:‏ لو عدل بكاء أهل الأرض ببكاء داود ما عدله، ولو عدل بكاء داود وبكاء أهل الأرض ببكاء آدم عليه السلام حين أهبط إلى الأرض ما عدله‏.‏

وأخرج أحمد عن إسمعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر‏.‏ أن داود عليه السلام كان يعاتب في كثرة البكاء، فيقول‏:‏ ذروني أبكي قبل يوم البكاء، قبل تحريق العظام، واشتعال اللحى، وقبل أن يؤمر بي ‏(‏ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون‏)‏ ‏(‏التحريم 6‏)‏‏.‏

وأخرج أحمد والحكيم الترمذي وابن جرير عن عطاء الخراساني أن داود عليه السلام نقش خطيئته في كفه لكيلا ينساها، وكان إذا رآها اضطربت يداه‏.‏

وأخرج عن مجاهد قال‏:‏ يحشر داود عليه السلام وخطيئته منقوشة في كفه‏.‏

وأخرج أحمد عن عثمان بن أبي العاتكة قال‏:‏ كان من دعاء داود عليه السلام‏.‏ سبحانك إلهي إذا ذكرت خطيئتي ضاقت علي الأرض برحبها، وإذا ذكرت رحمتك ارتدت إلي روحي، سبحانك إلهي‏!‏ فكلهم‏[‏رآني‏]‏ ‏(‏ما بين قوسين زيادة اقتضاها أتمام المعنى فأثبتها المصحح‏)‏ عليل بذنبي‏.‏

وأخرج أحمد عن ثابت قال‏:‏ اتخذ داود عليه السلام سبع حشايا من سعد، وحشاهن من الرماد، ثم بكى حتى أنفذها دموعا، ولم يشرب شرابا إلا مزجه بدموع عينيه‏.‏

وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال‏:‏ بكى داود عليه السلام حتى خددت الدموع في وجهه، واعتزل النساء، وبكى حتى رعش‏.‏

وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال‏:‏ إذا خرج داود عليه السلام من قبره، فرأى الأرض نارا، وضع يده على رأسه وقال‏:‏ خطيئتي اليوم موبقتي‏.‏

وأخرج عن عبد الرحمن بن جبير‏.‏ أن داود عليه السلام كان يقول‏:‏ اللهم ما كتبت في هذا اليوم من مصيبة، فخلصني منها ثلاث مرات وما أنزلت في هذا اليوم من خير، فائتني منه نصيبا ثلاث مرات، وإذا أمسى قال مثل ذلك، فلم ير بعد ذلك مكروها‏.‏

وأخرج أحمد عن معمر‏.‏ أن داود عليه السلام لما أصاب الذنب قال‏:‏ رب كنت أبغض الخطائين، فأنا اليوم أحب أن تغفر لهم‏.‏

وأخرج عبد الله ابنه والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن سعيد بن أبي هلال‏.‏ أن داود عليه السلام كان يعوده الناس، وما يظنون إلا أنه مريض، وما به إلا شدة الفرق من الله سبحانه وتعالى‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه عن كعب قال‏:‏ كان داود عليه السلام إذا أفطر استقبل القبلة‏.‏ وقال‏:‏ اللهم خلصني من كل مصيبة نزلت من السماء ثلاثا، وإذا طلع حاجب الشمس قال‏:‏ اللهم اجعل لي سهما في كل حسنة نزلت الليلة من السماء إلى الأرض ثلاثا‏.‏

وأخرج أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه قال‏:‏ في السجود في ‏{‏ص‏}‏ ليست من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها‏.‏

وأخرج النسائي وابن مردويه بسند جيد عن ابن عباسط ‏"‏أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في ‏{‏ص‏}‏ وقال‏:‏ سجدها داود، ونسجدها شكرا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه والبخاري عن العوام قال‏:‏ سألت مجاهدا عن سجدة‏"‏ص‏"‏ فقال‏:‏ سألت ابن عباس من أين سجدت‏؟‏ فقال‏:‏ أو ما تقرأ ‏(‏ومن ذريته داود وسليمان‏)‏ ‏(‏الأنعام 84‏)‏ إلى قوله ‏(‏أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده‏)‏ فكان داود ممن أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم أن يقتدى به، فسجد بها داود عليه السلام، فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن قال‏:‏ ‏"‏كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسجد في‏"‏ص‏"‏ حتى نزلت ‏(‏أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده‏)‏ ‏(‏الأنعام 90‏)‏ فسجد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي وابن ماجة والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال‏:‏ جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله أني رأيت في هذه الليلة فيما يرى النائم كأني أصلي عند شجرة، وكأني قرأت سورة السجدة، فسجدت فرأيت الشجرة سجدت بسجودي، وكأني أسمعها وهي تقول اللهم اكتب لي بها عندك ذكرا، وضع عني بها وزرا، واجعلها إلي عندك ذخرا، وأعظم بها أجرا، وتقبل مني كما تقبلت من عبدك داود‏.‏ قال ابن عباس فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم السجدة، فسمعته يقول في سجوده كما أخبر الرجل عن قول الشجرة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة‏.‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في‏"‏ص‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن السائب بن يزيد قال‏:‏ صليت خلف عمر الفجر فقرأ بنا سورة‏"‏ص‏"‏ فسجد فيها، فلما قضى الصلاة قال له رجل‏:‏ يا أمير المؤمنين ومن عزائم السجود هذه‏؟‏ فقال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أنس‏.‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في‏"‏ص‏"‏‏.‏

وأخرج الدارمي وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ ‏"‏قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر‏"‏ص‏"‏ فلما بلغ السجدة، نزل فسجد وسجد الناس معه، فلما كان آخر يوم قرأها، فلما بلغ السجدة تهيأ الناس للسجود فقال‏:‏ إنما هي توبة نبي، ولكني رأيتكم تهيأتم للسجود، فنزل فسجد‏"‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبه عن سعيد بن جبير ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة‏"‏ص‏"‏ وهوعلى المنبر، فلما أتى على السجدة قرأها، ثم نزل فسجد‏"‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبه عن سعيد بن جبير‏.‏ أن عمر بن الخطاب كان يسجد في‏"‏ص‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن عمر قال‏:‏ في‏"‏ص‏"‏ سجدة‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبه والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن مسعود‏.‏ أنه كان لا يسجد في‏"‏ص‏"‏ ويقول‏:‏ إنما هي توبة نبي ذكرت‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي العالية قال‏:‏ كان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسجد في ‏"‏ص‏"‏ وبعضهم لا يسجد، فأي ذلك شئت فافعل‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي مريم قال‏:‏ لما قدم عمر الشام أتى محراب داود عليه السلام، فصلى فيه، فقرأ سورة‏"‏ص‏"‏ فلما انتهى إلى السجدة سجد‏.‏

وأخرج أحمد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي سعيد‏.‏ أنه رأى رؤيا أنه يكتب‏"‏ص‏"‏ فلما أنتهى إلى التي يسجد بها، رأى الدواة، والقلم، وكل شيء بحضرته انقلب ساجدا، فقصها على النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يزل يسجد بها بعد‏.‏

وأخرج أبو يعلى عن أبي سعيد قال‏:‏ رأيت فيما يرى النائم كأني تحت شجرة، وكأن الشجرة تقرأ ‏"‏ص‏"‏ فلما أتت على السجدة، سجدت فقالت في سجودها‏:‏ اللهم اغفر بها، اللهم حط عني بها وزرا، واحدث لي بها شكرا، وتقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود سجدته، فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال ‏"‏سجدت أنت يا أبا سعيد‏؟‏ فقلت‏:‏ لا فقال‏.‏ أنت أحق بالسجود من الشجرة ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ص‏"‏ ثم أتى على السجدة، وقال في سجوده ما قالت الشجرة في سجودها‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني والخطيب عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏السجدة التي في‏"‏ص‏"‏ سجدها داود توبة، ونحن نسجدها شكرا‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال‏:‏ دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في سفره وهو يقرأ ‏"‏ص‏"‏ فسجد فيها‏.‏

 آية 25

أخرج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مالك بن دينار في قوله ‏{‏وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب‏}‏ قال‏:‏ مقام داود عليه السلام يوم القيامة عند ساق العرش، ثم يقول الرب جل وعلا‏"‏يا داود مجدني اليوم بذلك الصوت الحسن الرخيم الذي كنت تمجدني به في الدنيا فيقول‏:‏ يا رب كيف وقد سلبته‏؟‏ فيقول‏:‏ إني راده عليك اليوم، فيندفع بصوت يستفز نعيم أهل الجنة‏"‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن محمد بن كعب أنه قال ‏{‏وإن له عندنا لزلفى‏}‏ أول الكائن يوم القيامة داود‏.‏ وابنه عليهما السلام‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن السدي بن يحيى قال‏:‏ حدثني أبو حفص رجل قد أدرك عمر بن الخطاب، أن الناس يصيبهم يوم القيامة عطش وحر شديد، فينادي المنادي داود، فيسقي على رؤوس العالمين، فهو الذي ذكر الله ‏{‏وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب‏}‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم‏"‏إنه ذكر يوم القيامة، فعظم شأنه‏.‏ وشدته قال‏:‏ ويقول الرحمن لداود عليه السلام مر بين يدي فيقول داود‏:‏ يا رب أخاف أن تدحضني خطيئتي‏.‏ فيقول خذ بقدومي، فيأخذ بقدمه عز وجل، فيمر قال فتلك ‏{‏الزلفى‏}‏ التي قال الله ‏{‏وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عبيد بن عمير رضي الله عنه ‏{‏وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب‏}‏ قال‏:‏ يدنو حتى يضع يده عليه‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه فغفرنا له ذلك الذنب ‏{‏وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب‏}‏ قال حسن المنقلب‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي عن مجاهد رضي الله عنه قال‏:‏ يبعث داود عليه السلام يوم القيامة وخطيئته في كفه، فإذا رآها يوم القيامة لم يجد منها مخرجا إلا أن يلجأ إلى رحمة الله تعالى، ثم يرى فيقلق‏.‏ فيقال له‏:‏ ههنا‏.‏ فذلك قوله ‏{‏وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب‏}‏‏.‏