فصل: الآية (26)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 الآية 26

وأخرج ابن المنذر وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله ‏{‏واذكروا إذ أنتم قليل‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ كان هذا الحي أذل الناس ذلا، وأشقاه عيشا، وأجوعه بطونا، وأعراه جلودا، وأبينه ضلالة، معكوفين على رأس حجر بين فارس والروم‏.‏ لا والله ما في بلادهم يحسدون عليه، من عاش منهم عاش شقيا، ومن مات منهم ردى في النار، يؤكلون ولا يأكلون‏.‏ لا والله ما نعلم قبيلا من حاضر الأرض يومئذ كان أشر منزلا منهم حتى جاء الله بالإسلام فمكن به في البلاد، ووسع به في الرزق، وجعلكم به ملوكا على رقاب الناس، وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم، فاشكروا لله نعمه فإن ربكم منعم يحب الشكر، وأهل الشكر في مزيد من الله عز وجل‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ‏{‏يتخطفكم الناس‏}‏ قال‏:‏ في الجاهلية بمكة فآواكم إلى الإسلام‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب رضي الله عنه في قوله ‏{‏يتخطفكم الناس‏}‏ قال‏:‏ الناس إذ ذاك‏:‏ فارس والروم‏.‏

وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم والديلمي في مسند الفردوس عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله ‏{‏واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس‏}‏ قيل‏:‏ يا رسول الله ومن الناس‏؟‏ قال ‏"‏ أهل فارس ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله ‏{‏فآواكم‏}‏ قال‏:‏ إلى الأنصار بالمدينة ‏{‏وأيدكم بنصره‏}‏ قال‏:‏ يوم بدر‏.‏

 الآيات 27 - 28

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه‏.‏ أن أبا سفيان خرج من مكة، فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ إن أبا سفيان بمكان كذا وكذا فاخرجوا إليه واكتموا‏.‏ فكتب رجل من المنافقين إلى أبي سفيان‏:‏ إن محمدا صلى الله عليه وسلم يريدكم، فخذوا حذركم، فأنزل الله ‏{‏لا تخونوا الله والرسول‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الله بن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ نزلت هذه الآية ‏{‏لا تخونوا الله والرسول‏}‏ في أبي لبابة بن عبد المنذر، سألوه يوم قريظة ما هذا الأمر‏؟‏ فأشار إلى حلقه أنه الذبح، فنزلت قال أبو لبابة رضي الله عنه‏:‏ ما زالت قدماي حتى علمت أني خنت الله ورسوله‏.‏

وأخرج سنيد وابن جرير عن الزهري رضي الله عنه في قوله ‏{‏لا تخونوا الله والرسول‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال ‏"‏نزلت في أبي لبابة رضي الله عنه، بعثه رسول الله فأشار إلى حلقه أنه الذبح، فقال أبو لبابة رضي الله عنه‏:‏ لا والله لا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت أو يتوب علي، فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاما ولا شرابا حتى خر مغشيا عليه، ثم تاب الله عليه فقيل له‏:‏ يا أبا لبابة قد تيب عليك‏.‏ قال‏:‏ لا والله لا أحل نفسي حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يحلني‏.‏ فجاءه فحله بيده ‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي رضي الله عنه ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا لبابة رضي الله عنه إلى قريظة وكان حليفا لهم، فأومأ بيده أي الذبح، فأنزل الله ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون‏}‏ فقال رسول الله لأمرأة أبي لبابة‏.‏ أيصلي ويصوم ويغتسل من الجنابة‏؟‏ فقالت‏:‏ إنه ليصلي ويصوم ويغتسل من الجنابة ويحب الله ورسوله‏.‏ فبعث إليه فأتاه فقال‏:‏ يا رسول الله والله أني لأصلي وأصوم وأغتسل من الجنابة‏.‏ وإنما نهست إلى النساء والصبيان فوقعت لهم ما زالت في قلبي حتى عرفت أني خنت الله ورسوله ‏"‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول‏}‏ قال‏:‏ نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر رضي الله عنه نسختها الآية التي في براءة ‏(‏وآخرون اعترفوا بذنوبهم‏)‏ ‏(‏التوبة الآية 102‏)‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه قال ‏"‏لما كان شأن بني قريظة، بعث إليهم النبي صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه فيمن كان عنده من الناس، انتهى إليهم وقعوا في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس أبلق، فقالت عائشة رضي الله عنها‏:‏ فلكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح الغبار عن وجه جبريل عليه السلام، فقلت‏:‏ هذا دحية يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ هذا جبريل‏.‏ فقال‏:‏ يا رسول الله ما يمنعك من بني قريظة أن تأتيهم‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ فكيف لي بحصنهم‏؟‏ فقال جبريل عليه السلام‏:‏ إني أدخل فرسي هذا عليهم، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا معرورا، فلما رآه علي رضي الله عنه قال‏:‏ يا رسول الله لا عليك أن لا تأتيهم فإنهم يشتمونك‏.‏ فقال‏:‏ كلا إنها ستكون تحية، فأتاهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا أخوة القردة والخنازير‏.‏ فقالوا‏:‏ يا أبا القاسم ما كنت فحاشا‏.‏‏.‏‏.‏‏؟‏‏!‏ فقالوا‏:‏ لا ننزل على حكم محمد صلى الله عليه وسلم ولكننا ننزل على حكم سعد بن معاذ، فنزلوا فحكم فيهم‏:‏ أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ بذلك طرقني الملك سحرا، فنزل فيهم ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون‏}‏ نزلت في أبي لبابة رضي الله عنه، أشار إلى بني قريظة حين قالوا‏:‏ ننزل على حكم سعد بن معاذ رضي الله عنه، لا تفعلوا فإنه الذبح وأشار بيده إلى حلقه ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏لا تخونوا الله‏}‏ قال‏:‏ بترك فرائضه ‏{‏والرسول‏}‏ بترك سنته وارتكاب معصيته ‏{‏وتخونوا أماناتكم‏}‏ يقول‏:‏ لا تنقضوها والأمانة التي ائتمن الله عليها العباد‏.‏

وأخرج ابن جرير عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال‏:‏ نزلت هذه الآية في قتل عثمان رضي الله عنه‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن يزيد بن أبي حبيب رضي الله عنه في قوله ‏{‏لا تخونوا الله والرسول‏}‏ هو الإخلال بالسلاح في المغازي‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ رضي الله عنه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ ما منكم من أحد إلا وهو يشتمل على فتنة لأن الله يقول ‏{‏إنما أموالكم وأولادكم فتنة‏}‏ فمن استعاذ منكم فليستعذ بالله من مضلات الفتن‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ‏{‏واعلموا إنما أموالكم وأولادكم فتنة‏}‏ قال‏:‏ فتنة الاختبار اختبرهم وقرأ قول الله تعالى ‏(‏ونبلوكم بالشر والخير فتنة‏)‏ ‏(‏الأنبياء الآية 35‏)‏‏.‏

 الآية 29

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏يجعل لكم فرقانا‏}‏ قال‏:‏ نجاة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه مثله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏يجعل لكم فرقانا‏}‏ قال‏:‏ نصرا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏يجعل لكم فرقانا‏}‏ يقول‏:‏ مخرجا في الدنيا والآخرة‏.‏

 الآية 30

وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والخطيب عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك‏}‏ قال‏:‏ تشاورت قريش ليلة بمكة فقال بعضهم‏:‏ إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق - يريدون النبي صلى الله عليه وسلم - وقال بعضهم‏:‏ بل اقتلوه، وقال بعضهم‏:‏ بل أخرجوه‏.‏ فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك، فبات علي رضي الله عنه على فراش النبي، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار، وبات المشركون يحرسون عليا رضي الله عنه يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحوا ثاروا إليه، فلما رأوه عليا رضي الله عنه رد الله مكرهم فقالوا‏:‏ أين صاحبك هذا‏؟‏ قال‏:‏ لا أدري‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ فاقتصوا أثره، فلما بلغوا الجبل اختلط عليهم فصعدوا في الجبل، فرأوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا‏:‏ لو دخل هنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه، فمكث فيه ثلاث ليال‏.‏

وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ أن نفرا من قريش ومن أشراف كل قبيلة اجتمعوا ليدخلوا دار الندوة، واعترضهم إبليس في صورة شيخ جليل، فلما رأوه قالوا‏:‏ من أنت‏؟‏ قال‏:‏ شيخ من أهل نجد، سمعت بما اجتمعتم له فأردت أن أحضركم ولن يعدمكم مني رأي ونصح‏.‏ قالوا‏:‏ أجل فادخل فدخل معهم فقال‏:‏ انظروا في شأن هذا الرجل - فوالله - ليوشكن أن يواتيكم في أمركم بأمره‏.‏ فقال قائل‏:‏ احبسوه في وثاق ثم تربصوا به المنون حتى يهلك كما هلك من كان قبله من الشعراء‏:‏ زهير ونابغة، فإنما هو كأحدهم فقال عدو الله الشيخ النجدي‏:‏ لا والله ما هذا لكم برأي، والله ليخرجن رائد من محبسه لأصحابه، فليوشكن أن يثبوا عليه حتى يأخذوه من أيديكم ثم يمنعوه منكم، فما آمن عليكم أن يخرجوكم من بلادكم فانظروا في غير هذا الرأي‏.‏ فقال قائل‏:‏ فأخرجوه من بين أظهركم فاستريحوا منه، فإنه إذا خرج لم يضركم ما صنع وأين وقع، وإذا غاب عنكم أذاه استرحتم منه فإنه إذا خرج لم يضركم ما صنع وكان أمره في غيركم‏.‏ فقال الشيخ النجدي‏:‏ لا والله ما هذا لكم برأي، ألم تروا حلاوة قوله، وطلاقة لسانه، وأخذه القلوب بما تستمع من حديث‏؟‏ والله لئن فعلتم ثم استعرض العرب لتجتمعن إليه، ثم ليسيرن إليكم حتى يخرجكم من بلادكم ويقتل أشرافكم‏.‏ قالوا‏:‏ صدق - والله - فانظروا رايا غير هذا‏.‏ فقال أبو جهل‏:‏ والله لأشيرن عليكم برأي ما أرى غيره‏.‏ قالوا‏:‏ وما هذا‏؟‏ قال‏:‏ تأخذوا من كل قبيلة غلاما وسطا شابا مهدا، ثم يعطى كل غلام منهم سيفا صارما، ثم يضربوه به - يعني ضربة رجل واحد - فإذا قتلتموه تفرق دمه في القبائل كلها، فلا أظن هذا الحي من بني هاشم يقدرون على حرب قريش كلهم، وإنهم إذا أرادوا ذلك قبلوا العقل واسترحنا وقطعنا عنا أذاه‏.‏ فقال الشيخ النجدي‏:‏ هذا - والله - هو الرأي، القول ما قال الفتى لا أرى غيره، فتفرقوا على ذلك وهم مجتمعون له‏.‏ فأتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه، وأخبره بمكر القوم، فلم يبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته تلك الليلة، وأذن الله له عند ذلك في الخروج وأمرهم بالهجرة وافترض عليهم القتال، فأنزل الله ‏(‏أذن للذين يقاتلون‏)‏ ‏(‏الحج الآية 39‏)‏ فكانت هاتان الآيتان أول ما نزل في الحرب، وأنزل بعد قدومه المدينة يذكره نعمته عليه ‏{‏وإذ يمكر بك الذين كفروا‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج سنيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال ‏"‏لما ائتمروا بالنبي صلى الله عليه وسلم ليثبتوه أو يقتلوه أو يخرجوه قال له عمه أبو طالب‏:‏ هل تدري ما ائتمروا بك‏؟‏ قال‏:‏ يريدون أن يسجنوني أو يقتلوني أو يخرجوني‏.‏ قال‏:‏ من حدثك بهذا‏؟‏ قال‏:‏ ربي‏.‏ قال‏:‏ نعم الرب ربك استوص به خيرا‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏قال‏:‏ أنا أستوصي به بل هو يستوصي بي ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير من طريق عبيد بن عمير رضي الله عنه عن المطلب بن أبي وداعة ‏"‏أنا أبا طالب قال للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما يأتمر بك قومك‏؟‏ قال‏:‏ يريدون أن يجسنوني أو يقتلوني أو يخرجوني‏.‏ قال‏:‏ من حدثك بهذا‏؟‏ قال‏:‏ ربي‏.‏ قال‏:‏ نعم الرب ربك فاستوص به خيرا‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ قال‏:‏ أنا أستوصي به بل هو يستوصي بي‏:‏ فنزلت ‏{‏وإذ يمكر بك الذين كفروا‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن جريج رضي الله عنه ‏{‏وإذ يمكر بك الذين كفروا‏}‏ قال‏:‏ هي مكية‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال‏:‏ سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الأيام، سئل عن يوم السبت فقال ‏"‏هو يوم مكر وخديعة‏.‏ قالوا‏:‏ وكيف ذاك يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ فيه مكرت قريش في دار الندوة إذ قال الله ‏{‏وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏ليثبتوك‏}‏ يعني ليوثقوك‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ دخلوا دار الندوة يأتمرون بالنبي صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ لا يدخل عليكم أحد ليس منكم، فدخل معهم الشيطان في صورة شيخ من أهل نجد، فتشاوروا فقال أحدهم‏:‏ نخرجه‏:‏ فقال الشيطان‏:‏ بئسما رأى هذا هو قد كاد أن يفسد فيما بينكم وهو بين أظهركم فكيف إذا أخرجتموه فافسد الناس ثم حملهم عليكم يقاتلونكم‏.‏ قالوا‏:‏ نعم ما رأى هذا‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك، فخرج هو وأبو بكر رضي الله عنه إلى غار في جبل يقال ثور، وقام علي بن أبي طالب على فراش النبي وباتوا يحرسونه يحسبون أنه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أصبحوا ثاروا إليه فإذا هم بعلي رضي الله عنه‏.‏ فقالوا‏:‏ أين صاحبك‏؟‏ فقال‏:‏لا أدري‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ فاقتصوا أثره حتى بلغوا الغار ثم رجعوا، ومكث فيه هو وأبو بكر رضي الله عنه ثلاث ليال‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة رضي الله عنه‏.‏ أن قريشا اجتمعت في بيت وقالوا‏:‏ لا يدخل معكم اليوم إلا من هو منكم، فجاء إبليس فقال له‏:‏ من أنت‏؟‏ قال‏:‏ شيخ من أهل نجد وأنا ابن أختكم‏.‏ فقالوا‏:‏ ابن أخت القوم منهم‏.‏ فقال بعضهم‏:‏ أوثقوه‏.‏ فقال‏:‏ أيرضى بنو هاشم بذلك‏؟‏ فقال بعضهم‏:‏ أخرجوه‏.‏ فقال‏:‏ يؤويه غيركم‏.‏ فقال أبو جهل‏:‏ ليجتمع من كل بني أب رجل فيقتلوه‏.‏ فقال إبليس‏:‏ هذا الأمر الذي قال الفتى‏.‏ فأنزل الله تعالى هذه الآية ‏{‏وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك‏}‏ إلى آخر الآية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك‏}‏ قال‏:‏ كفار قريش أرادوا ذلك بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يخرج من مكة‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ شرى علي رضي الله عنه نفسه ولبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نام مكانه، وكان المشركون يحسبون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت قريش تريد أن تقتل النبي صلى الله عليه وسلم، فجعلوا يرمقون عليا ويرونه النبي صلى الله عليه وسلم، وجعل علي رضي الله يتصور فإذا هو علي رضي الله عنه، فقالوا‏:‏ إنك للئيم، إنك لتتصور وكان صاحبك لا يتصورك ولقد استنكرناه منك‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن علي بن الحسين رضي الله عنه وقال في ذلك‏:‏

وقيت بنفسي خير من وطئ الحصى * ومن طاف بالبيت العتيق والحجر

رسول الله خاف أن يمكروا به * فنجاه ذو الطول الإله من المكر

وبات رسول الله في الغار آمنا * وفي حفظ من الله وفي ستر

وبت أراعيه وما يتهمونني * وقد وطنت نفسي على القتل والأسر