فصل: الآيات (128 - 134)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 الآيتان 125 - 126

أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ قال أهل الإسلام‏:‏ لا دين إلا الإسلام، كتابنا نسخ كل كتاب، ونبينا خاتم النبيين، وديننا خير الأديان‏.‏ فقال الله تعالى ‏{‏ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن‏}‏‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن الله اصطفى موسى بالكلام، وإبراهيم بالخلة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير والطبراني في السنة عن ابن عباس قال‏:‏ إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة، واصطفى موسى بالكلام، واصطفى محمدا بالرؤية‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن الضريس عن معاذ بن جبل أنه لما قدم اليمن صلى بهم الصبح فقرأ ‏{‏واتخذ الله إبراهيم خليلا‏}‏ فقال رجل من القوم‏:‏ لقد قرت عين أم إبراهيم‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن جندب‏:‏ أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يتوفى‏:‏ ‏"‏إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني وابن عساكر عن ابن مسعود قال‏:‏ إن الله اتخذ إبراهيم خليلا، وإن صاحبكم خليل الله، وإن محمدا سيد بني آدم يوم القيامة‏.‏ ثم قرأ ‏(‏عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا‏)‏ ‏(‏الإسراء الآية 79‏)‏‏.‏

وأخرج الطبراني عن سمرة قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏إن الأنبياء يوم القيامة كل اثنين منهم خليلان دون سائرهم‏.‏ قال فخليلي منهم يومئذ خليل الله إبراهيم‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني والبزار عن أبي هريرة ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ إن في الجنة قصرا من درة لا صدع فيه ولا وهن، أعده الله لخليله إبراهيم عليه السلام نزلا‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال‏:‏ أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم، والكلام لموسى، والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم‏؟‏‏!‏‏"‏‏.‏

وأخرج الترمذي وابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏جلس ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينتظرونه، فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم، وإذا بعضهم يقول‏:‏ إن الله اتخذ من خلقه خليلا فإبراهيم خليله‏.‏ وقال آخر‏:‏ ماذا بأعجب من أن كلم الله موسى تكليما‏.‏ وقال آخر‏:‏ فعيسى روح الله وكلمته‏.‏ وقال آخر آدم اصطفاه الله‏.‏ فخرج عليهم فسلم فقال‏:‏ قد سمعت كلامكم وعجبكم ان إبراهيم خليل الله وهو كذلك، وموسى كليمه، وعيسى روحه وكلمته، وآدم اصطفاه الله ربه كذلك، ألا وإني حبيب الله ولا فخر، وأنا أول شافع، وأول مشفع ولا فخر، وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتحها الله، فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر، وأنا أكرم الأولين والآخرين يوم القيامة ولا فخر‏"‏‏.‏

وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات قال‏:‏ أوحى الله إلى إبراهيم‏:‏ أتدري لم اتخذتك خليلا‏؟‏ قال‏:‏ لا يا رب‏.‏ قال‏:‏ لأني اطلعت إلى قلبك فوجدتك تحب أن ترزأ ولا ترزأ‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن أبزى قال‏:‏ دخل إبراهيم عليه السلام منزله، فجاءه ملك الموت في صورة شاب لا يعرفه، فقال له إبراهيم‏:‏ بإذن من دخلت‏؟‏ قال‏:‏ بإذن رب المنزل‏.‏ فعرفه إبراهيم فقال له ملك الموت‏:‏ إن ربك اتخذ من عباده خليلا‏.‏ قال إبراهيم‏:‏ ونحن ذلك‏!‏ قال‏:‏ وما تصنع به‏؟‏ قال‏:‏ أكون خادما له حتى أموت‏.‏ قال‏:‏ فإنه أنت‏.‏ وبأي شيء اتخذني خليلا‏؟‏ قال‏:‏ بأنك تحب أن تعطي ولا تأخذ‏.‏

وأخرج البيهقي في الشعب عن عبد الله بن عمرو قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يا جبريل لم اتخذ الله إبراهيم خليلا‏؟‏ قال‏:‏ لإطعامه الطعام يا محمد‏"‏‏.‏

وأخرج الديلمي بسند واه عن أبي هريرة‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للعباس‏:‏ ‏"‏يا عم أتدري لم اتخذ الله إبراهيم خليلا‏؟‏ هبط إليه جبريل فقال‏:‏ أيها الخليل هل تدري بم استوجبت الخلة‏؟‏ فقال‏:‏ لا أدري يا جبريل‏!‏ قال‏:‏ لأنك تعطي ولا تأخذ‏"‏‏.‏

وأخرج الحافظ أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في فضائل العباس عن واثلة بن الأسقع قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن الله اصطفى من ولد آدم إبراهيم اتخذه خليلا، واصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، ثم اصطفى من ولد إسماعيل نزارا، ثم اصطفى من ولد نزار مضر، ثم اصطفى من مضر كنانة، ثم اصطفى من كنانة قريشا، ثم اصطفى من قريش بني هاشم، ثم اصطفى من بني هاشم بني عبد عبد المطلب، ثم اصطفاني من بني عبد المطلب‏"‏‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه وابن عساكر والديلمي عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ ‏{‏اتخذ الله إبراهيم خليلا‏}‏ وموسى نجيا، واتخذني حبيبا، ثم قال‏:‏ وعزتي لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيي‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم قبطيتين والنبي صلى الله عليه وسلم حلة حبرة وهو عن يمين العرش‏.‏ والله أعلم‏.‏

 الآية 127

أخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله ‏{‏ويستفتونك في النساء‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال كان أهل الجاهلية لا يورثون المولود حتى يكبر، ولا يورثون المرأة‏.‏ فلما كان الإسلام قال ‏{‏ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب‏}‏ في أول السورة في الفرائض‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال‏:‏ كان لا يرث إلا الرجل الذي قد بلغ أن يقوم في المال ويعمل فيه، ولا يرث الصغير ولا المرأة شيئا، قلما نزلت المواريث في سورة النساء شق ذلك على الناس، وقالوا‏:‏ أيرث الصغير الذي لا يقوم في المال، والمرأة التي هي كذلك، فيرثان كما يرث الرجل‏؟‏ فرجوا أن يأتي في ذلك حدث من السماء، فانتظروا فلما رأوا أنه لا يأتي حدث قالوا‏:‏ لئن تم هذا إنه لواجب ما عنه بد، ثم قالوا‏:‏ سلوا‏.‏‏.‏‏.‏ فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله ‏{‏ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب‏}‏ في أول السورة، في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن‏.‏ قال سعيد ابن جبير‏:‏ وكان الولي إذا كانت المرأة ذات جمال ومال رغب فيها ونكحها واستأثر بها، وإذا لم تكن ذات جمال ومال أنكحها ولم ينكحها‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال‏:‏ كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان شيئا، كانوا يقولون‏:‏ لا يغزون ولا يغنمون خيرا، ففرض الله لهن الميراث حقا واجبا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن إبراهيم في الآية قال‏:‏ كانوا إذا كانت الجارية يتيمة دميمة لم يعطوها ميراثها، وحبسوها من التزويج حتى تموت فيرثوها، فأنزل الله هذا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيرغب أن ينكجها ولا يعطيها مالها رجاء أن تموت فيرثها، وإن مات لها حميم لم تعط من الميراث شيئا، وكان ذلك في الجاهلية، فبين الله لهم ذلك، وكانوا لا يورثون الصغير والضعيف شيئا، فأمر الله أن يعطى نصيبه من الميراث‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال‏:‏ كان جابر بن عبد الله له ابنة عم عمياء، وكانت دميمة، وكانت قد ورثت من أبيها مالا، فكان جابر يرغب عن نكاحها ولا ينكحها رهبة أن يذهب الزوج بمالها، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وكان ناس في حجورهم جوار أيضا مثل ذلك، فأنزل الله فيهم هذا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة من طريق السدي عن أبي مالك في قوله ‏{‏وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهم ما كتب لهم وترغبون أن تنكحوهن‏}‏ قال‏:‏ كانت المرأة إذا كانت عند ولي يرغب عن حسنها لم يتزوجها ولم يترك أحدا يتزوجها ‏{‏والمستضعفين من الولدان‏}‏ قال‏:‏ كانوا لا يورثون إلا الأكبر فالأكبر‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء‏}‏ قال‏:‏ ما يتلى عليكم في أول السورة من المواريث، وكانوا لا يورثون امرأة ولا صبيا حتى يحتلم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن عائشة في قوله ‏{‏ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن‏}‏ إلى قوله ‏{‏وترغبون أن تنكحوهن‏}‏ قالت‏:‏ هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووراثها قد شركته في ماله حتى في العذق، فيرغب أن ينكحها، ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه في ماله بما شركته فيعضلها، فنزلت هذه الآية‏.‏

وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم عن عائشة قالت‏:‏ ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية فيهن، فأنزل الله ‏{‏ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء‏}‏ قالت‏:‏ والذي ذكر الله أنه يتلى عليكم في الكتاب، الآية الأولى التي قال الله ‏(‏وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء‏)‏ قالت‏:‏ وقول الله ‏{‏وترغبون أن تنكحوهن‏}‏ رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال‏:‏ كان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه، فإذا فعل ذلك لم يقدر أحد أن يتزوجها أبدا، فإن كانت جميلة وهويها تزوجها وأكل مالها، وإن كانت دميمة منعها الرجال أبدا حتى تموت، فإذا ماتت ورثها فحرم الله ذلك ونهى عنه، وكانوا لا يورثون الصغار ولا البنات وذلك قوله ‏{‏ولا تؤتونهن ما كتب لهن‏}‏ فنهى الله عنه، وبين لكل ذي سهم سهمه، صغيرا كان أو كبيرا‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال‏:‏ كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيها دمامة، فيرغب عنها أن ينكحها، ولا ينكحها رغبة في مالها‏.‏

وأخرج القاضي إسماعيل في أحكام القرآن عن عبد الملك بن محمد بن حزم أن عمرة بنت حزم كانت تحت سعد بن الربيع فقتل عنها بأحد، وكان له منها ابنة، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تطلب ميراث ابنتها، ففيها نزلت ‏{‏ويستفتونك في النساء‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن المنذر من طريق ابن عون عن الحسن وابن سيرين في هذه الآية قال أحدهما‏:‏ ترغبون فيهن، وقال الآخر‏:‏ ترغبون عنهن‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن الحسن في قوله ‏{‏وترغبون أن تنكحوهن‏}‏ قال‏:‏ ترعبون عنهن‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عبيدة ‏{‏وترغبون أن تنكحوهن‏}‏ قال‏:‏ ترغبون عنهن‏.‏

 الآيات 128 - 134

أخرج الطيالسي والترمذي وحسنه وابن المنذر والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏خشيت سودة أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت‏:‏ يا رسول الله لا تطلقني واجعل يومي لعائشة، ففعل ونزلت هذه الآية ‏{‏وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال ابن عباس‏:‏ فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد وأبو داود والحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة قالت‏:‏ ‏"‏كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفضل بعضنا على بعض في مكثه عندنا، وكان يطوف علينا يوميا من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى من هو يومها فيبيت عندها، ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت، وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا رسول الله يومي هو لعائشة‏.‏ فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة‏:‏ فأنزل الله في ذلك ‏{‏وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن جرير وابن المنذر عن عائشة ‏{‏وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قالت‏:‏ الرجل تكون عنده المرأة ليس مستكثرا منها يريد أن يفارقها، فتقول‏:‏ أجعلك من شأني في حل‏.‏ فنزلت هذه الآية‏.‏

وأخرج ابن ماجه عن عائشة قالت‏:‏ نزلت هذه الآية ‏{‏والصلح خير‏}‏ في رجل كانت تحته امرأة قد طالت صحبتها وولدت منه أولادا، فأراد أن يستبدل بها، فراضته على أن يقيم عندها ولا يقيم لها‏.‏

وأخرج مالك وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن رافع بن خديج أنه كانت تحته امرأة قد خلا من سنها، فتزوج عليها شابة فآثرها عليها، فأبت الأولى أن تقر، فطلقها تطليقة حتى إذا بقي من أجلها يسير قال‏:‏ إن شئت راجعتك وصبرت على الأثرة، وإن شئت تركتك‏؟‏ قالت‏:‏ بل راجعني‏.‏ فراجعها فلم تصبر على الأثرة، فطلقها أخرى وآثر عليها الشابة، فذلك الصلح الذي بلغنا أن الله أنزل فيه ‏{‏وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا إو إعراضا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج الشافعي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي عن سعيد ابن المسيب أن ابنة محمد بن مسلمة كانت عند رافع بن خديج، فكره منها أمرا، إما كبرا أو غيره، فأراد طلاقها فقالت‏:‏ لا تطلقني واقسم لي ما بدا لك فاصطلحا على صلح، فجرت السنة بذلك، ونزل القرآن ‏{‏وإن امرأة خافت من بعلها‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عمر أن رجلا سأله عن آية‏؟‏ فكره ذلك وضربه بالدرة، فسأله آخر عن هذه الآية ‏{‏وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا‏}‏ فقال‏:‏ عن مثل هذا فسلوا، ثم قال‏:‏ هذه المرأة تكون عند الرجل قد خلا من سنها، فيتزوج المرأة الثانية يلتمس ولدها، فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز‏.‏

وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وابن راهويه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن هذه الآية فقال‏:‏ هو الرجل عنده امرأتان، فتكون إحداهما قد عجزت أو تكون دميمة فيريد فراقها، فتصالحه على أن يكون عندها ليلة وعند الأخرى ليالي ولا يفارقها، فما طابت به نفسه فلا بأس به، فإن رجعت سوى بينهما‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ هي المرأة تكون عند الرجل حتى تكبر، فيريد أن يتزوج عليها، فيتصالحان بينهما صلحا على أن لها يوما ولهذه يومان أو ثلاثة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ تلك المرأة تكون عند الرجل لا يرى منها كثيرا مما يحب، وله امرأة غيرها أحب إليه منها فيؤثرها عليها، فأمر الله إذا كان ذلك أن يقول لها‏:‏ يا هذه إن شئت أن تقيمي على ما ترين من الأثرة فأواسيك وأنفق عليك فأقيمي، وإن كرهت خليت سبيلك، فإن هي رضيت أن تقيم بعد أن يخبرها فلا جناح عليه، وهو قوله ‏{‏والصلح خير‏}‏ يعني أن تخيير الزوج لها بين الإقامة والفراق خير من تمادي الزوج على أثرة غيرها عليها‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ هو الرجل تكون تحته المرأة الكبيرة، فينكح عليها المرأة الشابة، ويكره أن يفارق أم ولده فيصالحها على عطية من ماله ونفسه، فيطيب له ذلك الصلح‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال‏:‏ نزلت في أبي السنابل بن بعكك‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال‏:‏ نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي سودة بنت زمعة‏.‏

وأخرج أبو داود وابن ماجه والحاكم والبيهقي عن ابن عمر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أبغض الحلال إلى الله الطلاق‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم عن كثير بن عبد الله بن عوف عن أبيه عن جده‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏الصلح حائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما، والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ‏{‏وأحضرت الأنفس الشح‏}‏ قال‏:‏ تشح عند الصلح على نصيبها من زوجها‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله ‏{‏وأحضرت الأنفس الشح‏}‏ قال‏:‏ هواه في الشيء يحرص عليه‏.‏ وفي قوله ‏{‏ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء‏}‏ قال‏:‏ في الحب والجماع‏.‏ وفي قوله ‏{‏فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة‏}‏ قال‏:‏ لا هي أيم ولا هي ذات زوج‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن أبي مليكة قال‏:‏ نزلت هذه الآية ‏{‏ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء‏}‏ في عائشة، يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبها أكثر من غيرها‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن المنذر عن عائشة قالت‏:‏ ‏"‏كان النبي صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل، ثم يقول‏:‏ اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن ماجه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد قال‏:‏ كانوا يستحبون أن يسووا بين الضرائر حتى في الطيب، يتطيب لهذه كما يتطيب لهذه‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن جابر بن زيد قال‏:‏ كانت لي امرأتان، فلقد كنت أعدل بينهما حتى أعد القبل‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين في الذي له امرأتان يكره أن يتوضأ في بيت إحداهما دون الأخرى‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال‏:‏ إن كانوا ليسوون بين الضرائر حتى تبقى الفضلة مما لا يكال من السويق والطعام، فيقسمونه كفا كفا إذا كان مما لا يستطاع كيله‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله ‏{‏ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء‏}‏ قال‏:‏ في الجماع‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن عبيدة في قوله ‏{‏ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء‏}‏ قال في الحب ‏{‏فلا تميلوا كل الميل‏}‏ قال‏:‏ في الغشيان ‏{‏فتذروها كالمعلقة‏}‏ لا أيم ولا ذات زوج‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد في قوله ‏{‏ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء‏}‏ يعني في الحب، ‏{‏فلا تميلوا كل الميل‏}‏ قال‏:‏ لا تتعمدوا الإساءة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية يقول‏:‏ لا تمل عليها، فلا تنفق عليها، ولا تقسم لها يوما‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية يقول‏:‏ إن أحببت واحدة وأبغضت واحدة فاعدل بينهما‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏فتذورها كالمعلقة‏}‏ قال‏:‏ لا مطلقة ولا ذات بعل‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير عن قتادة في قوله ‏{‏كالمعلقة‏}‏ قال‏:‏ كالمسجونة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ‏{‏وإن يتفرقا‏}‏ قال‏:‏ الطلاق‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وكان الله غنيا‏}‏ قال‏:‏ غنيا عن خلقه ‏{‏حميدا‏}‏ قال‏:‏ مستحمدا إليهم‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن علي‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله ‏{‏وكفى بالله وكيلا‏}‏ قال‏:‏ حفيظا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ‏{‏إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين‏}‏ قال‏:‏ قادر والله ربنا على ذلك أن يهلك من خلقه ما شاء ويأت بآخرين من بعدهم‏.‏

 الآية 135

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله ‏{‏يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ أمر الله المؤمنين أن يقولوا بالحق ولو على أنفسهم، أو آبائهم، أو أبنائهم، لا يحابوا غنيا لغناه، ولا يرحموا مسكينا لمسكنته، وفي قوله ‏{‏فلا تتبعوا الهوى‏}‏ فتذروا الحق، فتجوروا ‏{‏وإن تلووا‏}‏ يعني ألسنتكم بالشهادة أو تعرضوا عنها‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس في قوله ‏{‏يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ الرجلان يقعدان عند القاضي فيكون لي القاضي وإعراضه لأحد الرجلين على الآخر‏.‏

وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن مولى لابن عباس قال‏:‏ لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، كانت البقرة أول سورة نزلت، ثم أردفها النساء قال‏:‏ فكان الرجل يكون عنده الشهادة قبل ابنه أو عمه أو ذوي رحمه، فيلوي بها لسانه أو يكتمها، مما يرى من عسرته حتى يوسر فيقضي، فنزلت ‏{‏كونوا قوامين بالقسط شهداء لله‏}‏ يعني إن يكن غنيا أو فقيرا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال‏:‏ نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم، اختصم إليه رجلان غني وفقير، فكان حلفه مع الفقير يرى أن الفقير لا يظلم الغني، فأبى الله إلا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال‏:‏ هذا في الشهادة، فأقم الشهادة يا ابن آدم ولو على نفسك، أو الوالدين والأقربين، أو على ذي قرابتك وأشراف قومك، فإنما الشهادة لله وليست للناس، وإن الله تعالى رضي بالعدل لنفسه، والإقساط والعدل ميزان الله في الأرض، به يرد الله من الشديد على الضعيف، ومن الصادق على الكاذب، ومن المبطل على المحق، وبالعدل يصدق الصادق ويكذب الكاذب، ويرد المعتدي ويوبخه تعالى ربنا وتبارك، وبالعدل يصلح الناس، يا ابن آدم إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما، يقول الله أولى بغنيكم وفقيركم، ولا يمنعك عنى غني ولا فقر فقير أن تشهد عليه بما تعلم فإن ذلك من الحق، قال‏:‏ وذكر لنا أن نبي الله موسى عليه السلام قال‏:‏ يا رب أي شيء وضعت في الأرض أقل‏؟‏ قال‏:‏ العدل أقل ما وضعت‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ‏{‏وإن تلووا أو تعرضوا‏}‏ يقول‏:‏ تلوي لسانك بغير الحق وهي اللجلجة، فلا يقيم الشهادة على وجهها‏.‏ والإعراض الترك‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال ‏{‏تلووا‏}‏ تحرفوا و ‏{‏تعرضوا‏}‏ تتركوا‏.‏

وأخرج آدم والبيهقي فب سننه عن مجاهد في قوله ‏{‏وإن تلووا‏}‏ يقول‏:‏ تبدلوا الشهادة ‏{‏أو تعرضوا‏}‏ يقول‏:‏ تكتموها‏.‏