فصل: الآيات (60 - 63)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 الآية 59

أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عطاء في قوله ‏{‏أطيعوا الله وأطيعوا الرسول‏}‏ قال‏:‏ طاعة الرسول اتباع الكتاب والسنة ‏{‏وأولي الأمر منكم‏}‏ قال‏:‏ أولي الفقه والعلم‏.‏

وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله ‏{‏أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم‏}‏ قال‏:‏ نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي، إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال‏:‏ ‏"‏بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في سرية وفيها عمار بن ياسر، فساروا قبل القوم الذين يريدون، فلما بلغوا قريبا منهم عرسوا، وأتاهم ذو العبينتين فأخبرهم فأصبحوا قد هربوا غير رجل، أمر أهله فجمعوا متاعهم ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل حتى أتى عسكر خالد، يسأل عن عمار بن ياسر فأتاه فقال‏:‏ يا أبا اليقظان إني قد أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأن قومي لما سمعوا بكم هربوا، وإني بقيت فهل إسلامي نافعي غدا وإلا هربت‏؟‏ فقال عمار‏:‏ بل هو ينفعك فأقم‏.‏ فأقام، فلما أصبحوا أغار خالد فلم يجد أحدا غير الرجل، فأخذه وأخذ ماله فبلغ عمارا الخبر، فأتى خالدا فقال‏:‏ خل عن الرجل، فإنه قد أسلم وهو في أمان مني‏.‏ قال‏:‏ خالد وفيم أنت تجير‏؟‏ فاستبا وارتفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأجاز أمان عمار، ونهاه أن يجير الثانية على أمير‏.‏ فاستبا عند النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ فقال خالد‏:‏ يا رسول الله أتترك هذا العبد الأجدع يشتمني‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ يا خالد لا تسب عمارا فإنه من سب عمارا سبه الله، ومن أبغض عمارا أبغضه الله، ومن لعن عمارا لعنه الله‏.‏ فغضب عمار فقام، فتبعه خالد ختى أخذ بثوبه فاعتذر إليه فرضي‏.‏ فأنزل الله الآية، وأخرجه ابن عساكر من طريق السدي عن أبي صالح عن ابن عباس‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن ميمون بن مهران في قوله ‏{‏وأولي الأمر منكم‏}‏ قال‏:‏ أصحاب السرايا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة في قوله ‏{‏وأولي الأمر منكم‏}‏ قال‏:‏ هم الأمراء منكم‏.‏ وفي لفظ‏:‏ هم أمراء السرايا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مكحول في قوله ‏{‏وأولي الأمر منكم‏}‏ قال‏:‏ هم أهل الآية التي قبلها ‏{‏إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ إلى آخر الآية‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من أطاعني فقد أطاع الله، ومن أطاع أميري فقد أطاعني، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن عصى أميري فقد عصاني‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله ‏{‏وأولي الأمر منكم‏}‏ قال‏:‏ قال أبي‏:‏ هم السلاطين قال‏:‏ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏الطاعة الطاعة، وفي الطاعة بلاء‏"‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏"‏لو شاء الله لجعل الأمر في الأنبياء‏"‏‏.‏ يعني لقد جعل إليهم والأنبياء معهم، ألا ترى حين حكموا في قتل يحيى بن زكريا‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري عن أنس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم حبشي كان رأسه زبيبة‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي أمامة ‏"‏سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال‏:‏ اعبدوا ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأدوا زكاة أموالكم، وأطيعوا ذا أمركم، تدخلوا جنة ربكم‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وأولي الأمر منكم‏}‏ يعني أهل الفقه والدين، وأهل طاعة الله الذين يعلمون الناس معاني دينهم، ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر، فأوجب الله طاعتهم على العباد‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن جابر بن عبد الله في قوله ‏{‏وأولي الأمر منكم‏}‏ قال‏:‏ أولي الفقه وأولي الخير‏.‏

وأخرج ابن عدي في الكامل عن ابن عباس في قوله ‏{‏وأولي الأمر منكم‏}‏ قال‏:‏ أهل العلم‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏وأولي الأمر‏}‏ قال‏:‏ هم الفقهاء والعلماء‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ‏{‏وأولي الأمر‏}‏ قال‏:‏ أصحاب محمد، أهل العلم والفقه والدين‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي العالية في قوله ‏{‏وأولي الأمر‏}‏ قال‏:‏ هم أهل العلم، ألا ترى أنه يقول ‏(‏ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلم الذين يستنبطونه منهم‏)‏ ‏(‏النساء الآية 83‏)‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك ‏{‏وأولي الأمر‏}‏ قال‏:‏ هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الدعاة الرواة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر عن عكرمة في قوله ‏{‏وأولي الأمر‏}‏ قال‏:‏ أبو بكر وعمر رضي الله عنهما‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي ‏{‏وأولي الأمر‏}‏ قال‏:‏ أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور عن عكرمة أنه سئل عن أمهات الأولاد فقال‏:‏ هن أحرار‏.‏ فقيل له بأي شيء تقوله‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ بالقرآن‏.‏ قالوا بماذا من القرآن‏؟‏ قال‏:‏ قول الله ‏{‏أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم‏}‏ وكان عمر من أولي الأمر قال‏:‏ أعتقت كانت مسقطا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية، فمن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏سيليكم بعدي ولاة، فيليكم البر ببره والفاجر بفجره، فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق وصلوا وراءهم، فإن أحسنوا فلهم ولكم، وإن أساءوا فلكم وعليهم‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد عن أنس أن معاذا قال‏:‏ يا رسول الله أرأيت إن كانت علينا أمراء لا يستنون بسنتك ولا يأخذون بأمرك، فما تأمر في أمرهم‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ لا طاعة لمن لم يطع الله‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ ‏"‏بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علقمة بن بجزر على بعث أنا فيهم، فلما كنا ببعض الطرق أذن لطائفة من الجيش وأمر عليهم عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي - وكان من أصحاب بدر، وكان به دعابة - فنزلنا ببعض الطريق، وأوقد القوم نارا ليصنعوا عليها صنيعا لهم، فقال لهم‏:‏ أليس لي عليكم السمع والطاعة‏؟‏ قالوا‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ فما أنا آمركم بشيء إلا صنعتموه‏؟‏ قالوا‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ أعزم بحقي وطاعتي لما تواثبتم في هذه النار‏.‏ فقام ناس فتحجزوا حتى إذا ظن أنهم واثبون قال‏:‏ احبسوا أنفسكم إنما كنت أضحك معهم، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدموا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ من أمركم بمعصية فلا تطيعوه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن الضريس عن الربيع بن أنس قال‏:‏ مكتوب في الكتاب الأول‏:‏ من رأى لأحد عليه طاعة في معصية الله فلن يقبل الله عمله ما دام كذلك، ومن رضي أن يعصي الله فلن يقبل الله عمله ما دام كذلك‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن عمران بن حصين قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏لا طاعة في معصية الله‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال‏:‏ كان عمر إذا استعمل رجلا كتب في عهده‏:‏ اسمعوا له وأطيعوا ما عدل فيكم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال‏:‏ اسمع وأطع وإن أمر عليك عبد حبشي مجدع‏.‏ إن ضرك فاصبر، وإن حرمك فاصبر، وإن أراد أمرا ينتقص دينك فقل‏:‏ دمي دون ديني‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سفيان قال‏:‏ خطبنا ابن الزبير فقال‏:‏ إنا قد ابتلينا بما قد ترون، فما أمرناكم بأمر لله فيه طاعة فلنا عليكم فيه السمع والطاعة، وما أمرناكم من أمر ليس لله فيه طاعة فليس لنا عليكم فيه طاعة ولا نعمة عين‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي عن أم الحصين الأحمسية قالت‏:‏ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب وعليه برد متلفعا به وهو يقول‏:‏ ‏"‏إن أمر عليكم عبد حبشي مجدع فاسمعوا له وأطيعوا ما قادكم بكتاب الله‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ حق على المسلمين أن يسمعوا ويطيعوا، ويجيبوا إذا دعوا‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود قال‏:‏ لا طاعة لبشر في معصية الله‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن علي قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا طاعة لبشر في معصية الله‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن علي قال‏:‏ ‏"‏بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار، فأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا‏.‏ قال‏:‏ فأغضبوه في شيء فقال‏:‏ اجمعوا لي حطبا‏.‏ فجمعوا له حطبا‏.‏ قال‏:‏ أوقدوا نارا‏.‏ فأوقدوا نارا‏.‏ قال‏:‏ ألم يأمركم أن تسمعوا له وتطيعوا‏؟‏ قالوا‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ فادخلوها‏.‏‏.‏‏.‏ فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا‏:‏ إنما فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار‏!‏ فسكن غضبه وطفئت النار، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك له فقال‏:‏ لو دخلوها ما خرجوا منها، إنما الطاعة في المعروف‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني عن الحسن، أن زياد استعمل الحكم بن عمرو الغفاري على جيش، فلقيه عمران بن الحصين فقال‏:‏ هل تدري فيم جئتك‏؟‏ أما تذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه الذي قال له أميره‏:‏ قم فقع في النار، فقام الرجل ليقع فيها فادلك فأمسك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لو وقع فيها لدخل النار، لا طاعة في معصية الله‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ فإنما أردت أن أذكرك هذا الحديث‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري في تاريخه والنسائي والبيهقي في الشعب عن الحارث الأشعري قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏آمركم بخمس أمرني الله بهن‏:‏ الجماعة، والسمع، والطاعة، والهجرة، والجهاد في سبيل الله‏.‏ فمن فارق الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن المقدام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏أطيعوا أمراءكم، فإن أمروكم بما جئتكم به فإنهم يؤجرون عليه وتؤجرون بطاعتهم، وإن أمروكم بما لم آتكم به فهو عليهم وأنتم برآء من ذلك، إذا لقيتم الله قلتم‏:‏ ربنا لا ظلم‏.‏ فيقول‏:‏ لا ظلم‏.‏ فتقولون‏:‏ ربنا أرسلت إلينا رسولا فأطعناه بإذنك، واستخلفت علينا خلفاء فأطعناهم بإذنك، وأمرت علينا أمراء فأطعناهم بإذنك، فيقول‏:‏ صدقتم هو عليهم، وأنتم منه برآء‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يكون عليكم أمراء تطمئن إليهم القلوب وتلين لهم الجلود، ثم يكون عليكم أمراء تشمئز منهم القلوب وتقشعر منهم الجلود‏.‏ فقال رجل‏:‏ أنقاتلهم يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ ما أقاموا الصلاة‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها‏.‏ قلنا‏:‏ فما تأمرنا يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ أدوا الحق الذي عليكم واسألوا الله الذي لكم‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد عن أبي ذر قال‏:‏ خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏إنه كائن بعدي سلطان فلا تذلوه، فمن أراد أن يذله فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه، وليس بمقبول منه حتى يسد ثلمته التي ثلم‏:‏ وليس بفاعل، ثم يعود فيكون فيمن يعزه‏.‏ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تغلب على ثلاث‏:‏ أن نأمر بالمعروف، وننهي عن المنكر، ونعلم الناس السنن‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد عن حذيفة بن اليمان‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏من فارق الجماعة واستذل الإمارة، لقي الله ولا وجه له عنده‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي عبيدة بن الجراح قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏لا تسبوا السطان فإنهم فيء الله في أرضه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد والبيهقي عن أنس بن مالك قال‏:‏ أمرنا أكابرنا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن لا نسب أمراءنا، ولا نغشهم، ولا نعصيهم، وأن نتقي الله ونصبر، فإن الأمر قريب‏.‏

وأخرج البيهقي عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ لا يصلح اللناس إلا أمير بر أو فاجر‏.‏ قالوا‏:‏ هذا البر فكيف بالفاجر‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ إن الفاجر يؤمن الله به السبل، ويجاهد به العدو، ويجيء به الفيء، ويقام به الحدود، ويحج به البيت، ويعبد الله فيه المسلم آمنا حتى يأتيه أجله‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد فيقوله ‏{‏فإن تنازعتم في شيءْ‏}‏ قال‏:‏ فإن تنازع العلماء ‏{‏فردوه إلى الله والرسول‏}‏ قال‏:‏ يقول‏:‏ فردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله‏.‏ ثم قرأ ‏(‏ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم‏)‏ ‏(‏النساء الآية 82‏)‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ميمون بن مهران في الآية قال‏:‏ الرد إلى الله، الرد إلى كتابه‏.‏ والرد إلى رسوله ما دام حيا، فإذا قبض فإلى سنته‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة والسدي‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ‏{‏ذلك خير وأحسن تأويلا‏}‏ يقول‏:‏ ذلك أحسن ثوابا وخير عاقبة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏وأحسن تأويلا‏}‏ قال‏:‏ أحسن جزاء‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي ‏{‏وأحسن تأويلا‏}‏ قال‏:‏ عاقبة‏.‏

 الآيات 60 - 63

أخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال‏:‏ كان أبو برزة الأسلمي كاهنا يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه، فتنافر إليه ناس من المسلمين‏.‏ فأنزل الله ‏{‏ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا‏}‏ إلى قوله ‏{‏إحسانا وتوفيقا‏}‏‏.‏

وأخرج ابن إسحاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏كان الجلاس بن الصامت قبل توبته، ومعتب بن قشير، ورافع بن زيد، وبشير، كانوا يدعون الإسلام، فدعاهم رجال من قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،فدعوهم إلى الكهان حكام الجاهلية‏.‏ فأنزل الله فيهم ‏{‏ألم تر إلى الذين يزعمون‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الشعبي قال‏:‏ كان بين رجل من اليهود ورجل من المنافقين خصومة - وفي لفظ‏:‏ ورجل ممن زعم أنه مسلم - فجعل اليهودي يدعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قد علم أنه لا يأخذ الرشوة في الحكم، ثم اتفقا على أن يتحاكما إلى كاهن في جهينة‏.‏ فنزلت ‏{‏ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ إلى قوله ‏{‏ويسلموا تسليما‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن سليمان التيمي قال‏:‏ زعم حضرمي أن رجلا من اليهود كان قد أسلم، فكانت بينه وبين رجل من اليهود مدارأة في حق‏.‏ فقال اليهودي له‏:‏ انطلق إلى نبي الله‏.‏ فعرف أنه سيقضي عليه فأبى، فانطلقا إلى رجل من الكهان، فتحاكما إليه‏.‏ فأنزل الله ‏{‏ألم تر إلى الذين يزعمون‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال‏:‏ ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في رجل من الأنصار، ورجل من اليهود، في مدارأة كانت بينهما في حق تدارآ فيه فتحاكما إلى كاهن كان بالمدينة، وتركا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاب الله ذلك عليهما، وقد حدثنا أن اليهودي كان يدعوه إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم، وكان لا يعلم أنه لا يجوز عليه، وكان يأبى عليه الأنصاري الذي زعم أنه مسلم‏.‏ فأنزل الله فيهما ما تسمعون، عاب ذلك على الذي زعم أنه مسلم وعلى صاحب الكتاب‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال‏:‏ ‏"‏كان ناس من اليهود قد أسلموا ونافق بعضهم، وكانت قريظة والنضير في الجاهلية إذا قتل الرجل من بني النضير قتلته بنو قريظة قتلوا به منهم، فإذا قتل رجل من بني قريظة قتلته النضير أعطوا ديته ستين وسقا من تمر، فلما أسلم أناس من قريظة والنضير قتل رجل من بني النضير رجلا من بني قريظة، فتحاكموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النضيري‏:‏ يا رسول الله إنا كنا نعطيهم في الجاهلية الدية فنحن نعطيهم اليوم الدية‏؟‏ فقالت قريظة‏:‏ لا، ولكنا إخوانكم في النسب والدين، ودماؤنا مثل دمائكم، ولكنكم كنتم تغلبونا في الجاهلية، فقد جاء الإسلام، فأنزل الله تعالى يعيرهم بما فعلوا فقال ‏(‏وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس‏)‏ ‏(‏المائدة الآية 45‏)‏ يعيرهم، ثم ذكر قول النضيري‏:‏ كنا نعطيهم في الجاهلية ستين وسقا ونقتل منهم ولا يقتلون منا فقال ‏(‏أفحكم الجاهلية يبغون‏)‏ ‏(‏المائدة الآية 50‏)‏ فأخذ النضيري فقتله بصاحبه‏.‏

فتفاخرت النضير وقريظة فقالت النضير‏:‏ نحن أقرب منكم‏.‏ وقالت قريظة‏:‏ نحن أكرم منكم‏.‏ فدخلوا المدينة إلى أبي برزة الكاهن الأسلمي فقال المنافقون من قريظة والنضير‏:‏ انطلقوا بنا إلى أبي برزة ينفر بيننا فتعالوا إليه، فأبى المنافقون وانطلقوا إلى أبي برزة وسألوه فقال‏:‏ أعظموا اللقمة‏.‏ يقول‏:‏ أعظموا الخطر‏.‏ فقالوا لك عشرة أوساق قال‏:‏ لا، بل مائة وسق ديتي، فإني أخاف أن أنفر النضير فتقتلني قريظة، أو أنفر قريظة فتقتلني النضير‏.‏ فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوساق، وأبى أن يحكم بينهم فأنزل الله ‏{‏يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت‏}‏ إلى قوله ‏{‏ويسلموا تسليما‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله ‏{‏يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت‏}‏ قال‏:‏ الطاغوت‏.‏ رجل من اليهود كان يقال له كعب بن الأشرف، وكانوا إذا ما دعوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول ليحكم بينهم قالوا‏:‏ بل نحاكمهم إلى كعب‏.‏ فذلك قوله ‏{‏يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال‏:‏ تنازع رجل من المنافقين ورجل من اليهود فقال المنافق‏:‏ اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف، وقال اليهودي‏:‏ اذهب بنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله ‏{‏الم تر إلى الذين يزعمون‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

واخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس قال‏:‏ كان رجلان من أصاب النبي صلى الله عليه وسلم بينهما خصومة، أحدهما مؤمن والآخر منافق، فدعاه المؤمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف‏.‏ فأنزل الله ‏{‏وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا‏}‏‏.‏

وأخرج الثعلبي عن ابن عباس في قوله ‏{‏ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية قال‏:‏ ‏"‏نزلت في رجل من المنافقين يقال له بشر، خاصم يهوديا فدعاه اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف، ثم إنهما احتكما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقضى لليهودي فلم يرض المنافق‏.‏ وقال‏:‏ تعال نتحاكم إلى عمر بن الخطاب‏.‏ فقال اليهودي لعمر‏:‏ قضى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرض بقضائه‏.‏ فقال للمنافق‏:‏ أكذلك‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ فقال عمر‏:‏ مكانكما حتى أخرج إليكما‏.‏ فدخل عمر فاشتمل على سيفه، ثم خرج فضرب عنق المنافق حتى برد ثم قال‏:‏ هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله ورسوله‏:‏ فنزلت‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله ‏{‏يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت‏}‏ قال‏:‏ هو كعب بن الأشرف‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال‏:‏ الطاغوت والشيطان في صورة إنسان يتحاكمون إليه وهو صاحب أمرهم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال‏:‏ سألت جابر بن عبد الله عن الطواغيت التي كانوا يتحاكون إليها‏؟‏ قال‏:‏ إن في جهينة واحدا، وفي أسلم واحدا، وفي هلال واحدا، وفي كل حي واحدا، وهم كهان تنزل عليهم الشياطين‏.‏

واخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج ‏{‏وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول‏}‏ قال‏:‏ دعا المسلم المنافق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن عطاء في قوله ‏{‏يصدون عنك صدودا‏}‏ قال‏:‏ الصدود‏:‏ الإعراض‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن مجاهد ‏{‏فكيف إذا أصابتهم مصيبة‏}‏ في أنفسهم، وبين ذلك ما بينهما من القرآن، هذا من تقديم القرآن‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله ‏{‏أصابتهم مصيبة‏}‏ يقول‏:‏ بما قدمت أيديهم في أنفسهم، وبين ذلك ما بين ذلك ‏"‏قل لهم قولا بليغا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن ‏{‏فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم‏}‏ قال‏:‏ عقوبة لهم بنفاقهم وكرههم حكم الله‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ‏{‏فأعرض عنهم‏}‏ ذلك لقوله ‏{‏وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا‏}‏‏.‏

 الآية 64

أخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ‏{‏وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله‏}‏ قال‏:‏ واجب لهم أن يطيعهم من شاء الله لا يطيعهم أحد إلا بإذن الله‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم‏}‏ الآية قال‏:‏ هذا في الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذين تحاكما إلى كعب بن الأشرف‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال‏:‏ الاستغفار على نحوين‏:‏ أحدهما في القول، والآخر في العمل‏.‏ فأما استغفار القول فإن الله يقول ‏{‏ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول‏}‏ وأما استغفار العمل فإن الله يقول ‏(‏وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون‏)‏ ‏(‏الأنفال الآية 33‏)‏ فعنى بذلك أن يعملوا عمل الغفران، ولقد علمت أن أناسا سيدخلون النار وهم يستغفرون الله بألسنتهم، ممن يدعي بالإسلام ومن سائر الملل‏.‏

 الآية 65

أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والبيهقي من طريق الزهري أن عروة بن الزبير حدث عن الزبير بن العوام‏:‏ أنه خاصم رجلا من الأنصار قد شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج من الحرة كانا يسقيان به كلاهما النخل‏.‏ فقال الأنصاري‏:‏ سرح الماء يمر‏.‏ فأبى عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك‏.‏ فغضب الأنصاري وقال‏:‏ يا رسول الله، إن كان ابن عمتك‏؟‏‏!‏ فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال‏:‏ اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر، ثم أرسل الماء إلى جارك‏.‏ واسترعى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير حقه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه السعة له وللأنصاري، فلما أحفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصاري استرعى للزبير حقه في صريح الحكم‏"‏ فقال الزبير‏:‏ ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك ‏{‏فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج الحميدي في مسنده وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني في الكبير عن أم سلمة قالت‏:‏ ‏"‏خاصم الزبير رجلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى للزبير‏.‏ فقال الرجل‏:‏ إنما قضى له لأنه ابن عمته‏.‏‏"‏ فأنزل الله ‏{‏فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله ‏{‏فلا وربك لا يؤمنون‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏أنزلت في الزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلعتة اختصما في ماء، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أن يسقي الأعلى ثم الأسفل‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ‏{‏فلا وربك لا يؤمنون‏}‏ قال‏:‏ نزلت في اليهود‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ‏{‏فلا وربك‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ هذا في الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذين تحاكما إلى كعب بن الأشرف‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الشعبي مثله إلا أنه قال‏:‏ إلى الكاهن‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود قال‏:‏ ‏"‏اختصم رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى بينهما فقال الذي قضي عليه‏:‏ ردنا إلى عمر بن الخطاب‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ نعم، انطلقا إلى عمر‏.‏ فلما أتيا عمر قال الرجل‏:‏ يا ابن الخطاب قضى لي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا، فقال‏:‏ ردنا إلى عمر، فردنا إليك‏.‏ فقال‏:‏أكذلك‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ فقال عمر‏:‏ مكانكما حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما، فخرج إليهما مشتملا على سيفه، فضرب الذي قال‏:‏ ردنا إلى عمر فقتله، وأدبر الآخر فارا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله قتل عمر - والله - صاحبي، ولولا أني أعجزته لقتلني‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما كنت اظن أن يجترئ عمر على قتل مؤمنين‏؟‏‏!‏ فأنزل الله ‏{‏فلا وربك لا يؤمنون‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ فهدر دم ذلك الرجل، وبرأ عمر من قتله، فكره الله أن يسن ذلك بعد فقال ‏(‏ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم‏)‏ ‏(‏النساء الآية 66‏)‏ إلى قوله ‏(‏وأشد تثبيتا‏)‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج الحافظ دحيم في تفسيره عن عتبة بن ضمرة عن أبيه ‏"‏أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقضى للمحق على المبطل‏.‏ فقال المقضي عليه‏:‏ لا أرضى‏.‏ فقال صاحبه‏:‏ فما تريد‏؟‏ قال‏:‏ أن تذهب إلى أبي بكر الصديق‏.‏ فذهبا إليه فقال‏:‏ أنتما على ما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم، فأبى أن يرضى قال‏:‏ نأتي عمر‏.‏ فأتياه فدخل عمر منزله وخرج والسيف في يده، فضرب به رأس الذي أبى أن يرضى فقتله، وأنزل الله ‏{‏فلا وربك‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏"‏‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن مكحول قال‏:‏ ‏"‏كان بين رجل من المنافقين ورجل من المسلمين منازعة في شيء، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقضى على المنافق، فانطلقا إلى أبي بكر فقال‏:‏ ما كنت لأقضي بين من يرغب عن قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم‏!‏ فانطلقا إلى عمر، فقصا عليه فقال عمر‏:‏ لا تعجلا حتى أخرج إليكما، فدخل فاشتمل على السيف وخرج، فقتل المنافق ثم قال‏:‏ هكذا أقضي بين من لم يرض بقضاء رسول الله‏.‏ فأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ إن عمر قد قتل الرجل وفرق الله بين الحق والباطل على لسان عمر‏.‏ فسمي الفاروق‏"‏‏.‏

وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له‏:‏ أخبرني عن قوله عز وجل ‏{‏فيما شجر بينهم‏}‏ قال‏:‏ فيما أشكل عليهم‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت زهيرا وهو يقول‏:‏

متى تشتجر قوم تقل سراتهم * هم بيننا فهم رضا وهو عدل

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏حرجا‏}‏ قال‏:‏ شكا‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر في قوله ‏{‏حرجا‏}‏ قال‏:‏ إثما‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال‏:‏ لما نزلت هذه الآية قال الرجل الذي خاصم الزبير وكان من الأنصار‏:‏ سلمت‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن أبي سعيد الخدري أنه نازع الأنصار في الماء من الماء فقال لهم‏:‏ أرأيت لو أني علمت أن ما تقولون كما تقولون وأغتسل أنا‏؟‏ فقالوا له‏:‏ لا والله حتى لا يكون في صدرك حرج مما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏ والله أعلم‏.‏