فصل: التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


*2*21  سورة الأنبياء مكية وآياتها اثنتا عشرة ومائة

*3* مقدمة سورة الأنبياء

بسم الله الرحمن الرحيم

أخرج النحاس في ناسخه وابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ نزلت سورة الأنبياء بمكة‏.‏

وأخر البخاري وابن مردويه، عن ابن الزبير قال‏:‏ نزلت سورة الأنبياء بمكة‏.‏

وأخرج البخاري وابن الضريس عن ابن مسعود قال‏:‏ بنو إسرائيل والكهف ومريم وطه والأنبياء، هن من العتاق الأول وهن من تلادي‏.‏

وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر، عن عامر بن ربيعة أنه نزل به رجل من العرب وأكرم عامر مثواه وكلم فيه رسول الله صلى

الله عليه وسلم، فجاء الرجل فقال‏:‏ إني استقطعت رسول الله صلى الله عليه وسلم واديا ما في العرب أفضل منه، وقد أردت أن أقطع لك منه قطعة تكون لك ولعقبك‏.‏ فقال عامر‏:‏ لا حاجة لي في قطيعتك، نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا ‏{‏اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون‏}‏‏.‏

*3* التفسير

 الآية 1 - 15

أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله‏:‏ ‏{‏اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون‏}‏ قال‏:‏ ‏"‏من أمر الدنيا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم، عن ابن جريج في قوله‏:‏ ‏{‏اقترب للناس حسابهم‏}‏ قال‏:‏ ما يوعدون‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏ما يأتيهم من ذكر من ربهم‏}‏ يقول‏:‏ ما ينزل عليهم شيء من القرآن‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏لاهية قلوبهم‏}‏ قال‏:‏ غافلة‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏وأسروا النجوى الذين ظلموا‏}‏ يقول‏:‏ أسروا الذين ظلموا النجوى‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله‏:‏ ‏{‏وأسروا النجوى‏}‏ قال‏:‏ أسروا نجواهم بينهم ‏{‏هل هذا إلا بشر مثلكم‏}‏ يعنون محمد صلى الله عليه وسلم ‏{‏أفتأتون السحر‏}‏ يقولون‏:‏ إن متابعة محمد صلى الله عليه وسلم متابعة السحر‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏قال ربي يعلم القول‏}‏ قال‏:‏ الغيب وفي قوله‏:‏ ‏{‏بل قالوا أضغاث أحلام‏}‏ قال‏:‏ أباطيل أحلام‏.‏

وأخرج ابن منده وأبو نعيم في المعرفة والبيهقي في سننه وابن عدي، عن جندب البجلي أنه قتل ساحرا كان عند الوليد بن عقبة ثم قال‏:‏ ‏{‏أفتأتون السحر وأنتم تبصرون‏}‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏بل قالوا أضغاث أحلام‏}‏ أي فعل الأحلام إنما هي رؤيا رآها ‏{‏بل افتراه بل هو شاعر‏}‏ كل هذا قد كان منه ‏{‏فليأتنا بآية كما أرسل الأولون‏}‏ كما جاء موسى وعيسى بالبينات والرسل ‏{‏ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها‏}‏ أي أن الرسل كانوا إذا جاؤوا قومهم بالآيات فلم يؤمنوا لم ينظروا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة قال‏:‏ ‏"‏قال أهل مكة للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن كان ما تقول حقا ويسرك أن نؤمن، فحول لنا الصفا ذهبا‏.‏ فأتاه جبريل فقال‏:‏ إن شئت كان الذي سألك قومك، ولكنه إن كان ثم لم يؤمنوا لم ينظروا، وإن شئت استأنيت بقومك‏.‏ قال‏:‏ بل أستأني بقومي‏"‏‏.‏ فأنزل الله ‏{‏ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون‏}‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏أفهم يؤمنون‏}‏ قال‏:‏ يصدقون بذلك‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏وكا جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام‏}‏ يقول‏:‏ لم نجعلهم جسدا ليس يأكلون الطعام، إنما جعلناهم جسدا يأكلون الطعام‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏وما كانوا خالدين‏}‏ قال‏:‏ لا بد لهم من الموت أن يموتوا‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏ثم صدقناهم الوعد‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وأهلكنا المسرفين‏}‏ قال‏:‏ هم المشركون‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم‏}‏ قال‏:‏ فيه شرفكم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏كتابا فيه ذكركم‏}‏ قال‏:‏ فيه حديثكم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله‏:‏ ‏{‏كتابا فيه ذكركم‏}‏ قال‏:‏ فيه دينكم، أمسك عليكم دينكم بكتابكم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله‏:‏ ‏{‏كتابا فيه ذكركم‏}‏ يقول‏:‏ فيه ذكر ما تعنون به وأمر آخرتكم ودنياكم‏.‏

وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي، عن ابن عباس قال‏:‏ بعث الله نبيا

من حمير يقال له شعيب، فوثب إليه عبد بعصا فسار إليهم بختنصر فقاتلهم فقتلهم حتى لم يبق منهم شيء، وفيهم أنزل الله ‏{‏وكم أهلكنا من قرية كانت ظالمة‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏خامدين‏}‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر، عن الكلبي ‏{‏وكم قصمنا من قرية‏}‏ قال‏:‏ هي حصون بني أزد‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏وكم قصمنا من قرية‏}‏ قال‏:‏ أهلكناها‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏لا تركضوا‏}‏ قال‏:‏ لا تفروا‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏لعلكم تسألون‏}‏ قال‏:‏ تتفهمون‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في الآية قال‏:‏ كانوا إذا أحسوا بالعذاب وذهبت عنهم الرسل من بعد ما أنذروهم فكذبوهم، فلما فقدوا الرسل وأحسوا بالعذاب أرادوا الرجعة إلى الإيمان وركضوا هاربين من العذاب، فقيل لهم‏:‏ لا تركضوا‏.‏ فعرفوا أنه لا محيص لهم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله‏:‏ ‏{‏إذا هم منها يركضون‏}‏ قال‏:‏ يفرون‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏وارجعوا إلى ما أترفتم فيه‏}‏ يقول‏:‏ ارجعوا إلى دنياكم التي أترفتم فيها ‏{‏لعلكم تسألون‏}‏ من دنياكم شيئا استهزاء بهم‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏فما زالت تلك دعواهم‏}‏ قال‏:‏ لما رأوا العذاب وعاينوه، لم يكن لهم هجيري إلا قولهم‏:‏ ‏{‏إنا كنا ظالمين‏}‏ حتى دمر الله عليهم وأهلكهم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله‏:‏ ‏{‏وارجعوا إلى ما أترفتم فيه‏}‏ قال‏:‏ ارجعوا إلى دوركم وأموالكم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏فما زالت تلك دعواهم‏}‏ قال‏:‏ هم أهل حصون، كانوا قتلوا نبيهم فأرسل الله عليهم بختنصر فقتلهم‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏حتى جعلناهم حصيدا خامدين‏}‏ قال‏:‏ بالسيف ضربت الملائكة وجوههم حتى رجعوا إلى مساكنهم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب قال‏:‏ حدثني رجل من المحررين قال‏:‏ كان باليمن قريتان، يقال لإحداهما حضور، والأخرى فلانة، فبطروا وأترفوا حتى كانوا يغلقون أبوابهم، فلما أترفوا بعث الله إليهم نبيا فدعاهم فقتلوه، فألقى الله في قلب بختنصر أن يغزوهم فجهز إليهم جيشا فقاتلوهم فهزموا جيشه، ثم رجعوا منهزمين إليه فجهز إليهم جيشا آخر أكثف من الأول فهزموهم أيضا، فلما رأى بختنصر ذلك غزاهم هو بنفسه فقاتلوه فهزمهم حتى خرجوا منها يركضون، فسمعوا مناديا يقول‏:‏ ‏(‏لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم‏)‏ فرجعوا فسمعوا مناديا يقول‏:‏ يا لثارات النبي، فقتلوا بالسيف فهي التي قال الله‏:‏ ‏{‏وكم قصمنا من قرية‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏خامدين‏}‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏حتى جعلناهم حصيدا‏}‏ قال‏:‏ الحصاد ‏{‏خامدين‏}‏ قال‏:‏ كخمود النار إذا طفئت‏.‏

وأخرج الطستي عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق قال له‏:‏ أخبرني عن قوله‏:‏ ‏{‏خامدين‏}‏ قال‏:‏ ميتين‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول‏:‏

خلوا ثيابهن على عوراتهم * فهم بأفنية البيوت خمود

 الآية 16

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين‏}‏ يقول‏:‏ ما خلقناهما عبثا ولا باطلا‏.‏

 الآية 17 - 20

أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن عكرمة في قوله‏:‏ ‏{‏لو أردنا أن نتخذ لهوا‏}‏ قال‏:‏ اللهو، الولد‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله‏:‏ ‏{‏لو أردنا أن نتخذ لهوا‏}‏ الآية‏.‏ يقول‏:‏ لو أردت أن أتخذ ولدا لأتخذت من الملائكة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن في قوله‏:‏ ‏{‏لو أردنا أن نتخذ لهوا‏}‏ قال‏:‏ النساء‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال‏:‏ اللهو بلسان اليمن، المرأة‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏لو أردنا أن نتخذ لهوا‏}‏ قال‏:‏ اللهو بلغة أهل اليمن، المرأة‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏إن كنا فاعلين‏}‏ أي، إن ذلك لا يكون ولا ينبغي‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله‏:‏ ‏{‏لو أردنا أن نتخذ لهوا‏}‏ قال‏:‏ نساء ‏{‏لاتخذنا من لدنا‏}‏ قال‏:‏ من الحور العين‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏لو أردنا أن نتخذ لهوا‏}‏ قال‏:‏ لعبا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏لاتخذنا من لدنا‏}‏ قال‏:‏ من عندنا ‏{‏إن كنا فاعلين‏}‏ أي ما كنا فاعلين‏.‏ يقول‏:‏ وما خلقنا جنة ولا نارا ولا موتا ولا بعثا ولا حسابا، وكل شيء في القرآن ‏{‏إن‏}‏ فهو إنكار‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏بل نقذف بالحق‏}‏ قال‏:‏ القرآن ‏{‏على الباطل‏}‏ قال‏:‏ اللبس ‏{‏فإذا هو زاهق‏}‏ قال‏:‏ هالك‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث، عن الحسن رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏ولكم الويل مما تصفون‏}‏ قال‏:‏ هي والله لكل واصف كذب إلى يوم القيامة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏ومن عنده‏}‏ قال‏:‏ الملائكة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏ولا يستحسرون‏}‏ يقول‏:‏ لا يرجعون‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قول‏:‏ ‏{‏ولا يستحسرون‏}‏ قال‏:‏ لا يحسرون‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏ولا يستحسرون‏}‏ قال‏:‏ لا يعيون‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله‏:‏ ‏{‏ولا يستحسرون‏}‏ قال‏:‏ لا ينقطعون من العبادة‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الشعب، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل رضي الله عنه، أنه سأل كعبا عن قوله‏:‏ ‏{‏يسبحون الليل والنهار لا يفترون‏}‏ أما شغلهم رسالة‏؟‏ أما شغلهم عمل‏؟‏ فقال‏:‏ جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس، ألست تأكل وتشرب، وتجيء وتذهب، وتتكلم وأنت تتنفس‏؟‏ فكذلك جعل لهم التسبيح‏.‏

وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏يسبحون الليل والنهار لا يفترون‏}‏ قال‏:‏ جعلت أنفاسهم تسبيحا‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن يحيى بن أبي كثير قال‏:‏ خلق الله الملائكة صمدا ليس لهم أجواف‏.‏

 الآية 21 - 23

أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون‏}‏ قال‏:‏ يحيون‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله‏:‏ ‏{‏أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون‏}‏ قيقول‏:‏ ينشرون الموتى من الأرض، يقول‏:‏ يحيونهم من قبورهم‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏أم اتخذوا آلهة من الأرض‏}‏ يعني مما اتخذوا من الحجارة والخشب‏.‏ وفي قوله‏:‏ ‏{‏لو كان فيهما آلهة إلا الله‏}‏ قال‏:‏ لو كان معهما آلهة إلا الله ‏{‏لفسدتا فسبحان الله رب العرش‏}‏ يسبح نفسه تبارك وتعالى إذا قيل عليه البهتان‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏لا يسأل عما يفعل‏}‏ قال‏:‏ بعباده ‏{‏وهم يسألون‏}‏ قال‏:‏ عن أعمالهم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله‏:‏ ‏{‏لا يسأل عما يفعل وهم يسألون‏}‏ قال‏:‏ لا يسأل الخالق عما يقضي في خلقه، والخلق مسؤولون عن أعمالهم‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر، عن ابن عباس قال‏:‏ ما في الأرض قوم أبغض إلي من القدرية، وما ذلك إلا لأنهم لا يعلمون قدرة الله تعالى‏.‏ قال الله‏:‏ ‏{‏لا يسأل عما يفعل وهم يسألون‏}‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن في بعض ما أنزل الله في الكتب‏:‏ إني أنا الله لا إله إلا أنا، قدرت الخير والشر فطوبى لمن قدرت على يده الخير ويسرته له، وويل لمن قدرت على يده الشر ويسرته له‏.‏‏.‏ إني أنا الله لا إله إلا أنا لا أسأل عما أفعل وهم يسألون، فويل لمن قال وكيف‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ميمون بن مهران قال‏:‏ لما بعث الله موى وكلمه وأنزل عليه التوراة قال‏:‏ اللهم إنك رب عظيم، لو شئت أن تطاع لأطعت، ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى‏!‏ فكيف يا رب‏؟‏ فأوحى الله إليه‏:‏ ‏"‏إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن نوف البكالي قال‏:‏ قال عزير فيما يناجي ربه‏:‏ ‏"‏يا رب، تخلق خلقا ‏(‏تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء‏)‏ ‏(‏الأعراف، آية 155‏)‏ فقال له‏:‏ يا عزير، أعرض عن هذا‏.‏ فأعاد، فقيل له‏:‏ لتعرضن عن هذا وإلا محوتك من النبوة، إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن داود بن أبي هند، أن عزيرا سأل ربه عن القدر فقال‏:‏ سألتني عن علمي، عقوبتك أن لا أسميك في الأنبياء‏.‏

وأخرج الطبراني من طريق ميمون بن مهران، عن ابن عباس قال‏:‏ لما بعث الله موسى عليه السلام وأنزل عليه التوراة قال‏:‏ اللهم إنك رب عظيم ولو شئت أن تطاع لأطعت، ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى، فكيف يا رب‏!‏‏؟‏ فأوحى الله إليه‏:‏ إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون‏.‏ فانتهى موسى‏.‏

فلما بعث الله عزيرا وأنزل عليه التوراة بعد ما كان رفعها عن بني إسرائيل، حتى قال‏:‏ من قال‏:‏ إنه ابن الله‏؟‏ قال‏:‏ اللهم إنك رب عظيم، ولو شئت أن تطاع لأطعت، ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى، فكيف يا رب‏!‏‏؟‏ فأوحى الله إليه أني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون‏.‏ فأبت نفسه حتى سأل أيضا فقال‏:‏ أتستطيع أن تصر صرة من الشمس‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ أفتستطيع أن تجيء بمكيال من ريح‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ أفتستطيع أن تجيء بمكيال من ريح‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ أفتستطيع أن تجيء بمثقال من نور‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ أفتستطيع أن تجيء بقيراط من نور‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ فهكذا إن لا تقدر على الذي سألت إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون، أما إني لا أجعل عقوبتك إلا أن أمحو اسمك من الأنبياء فلا تذكر فيهم‏.‏ فمحي اسمه من الأنبياء فليس يذكر فيهم وهو نبي‏.‏

فلما بعث الله عيسى ورأى منزلته من ربه وعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، قال‏:‏ اللهم إنك رب عظيم، لو شئت أن تطاع لأطعت، ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت، وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى‏!‏ فكيف يا رب‏؟‏ فأوحى الله إليه‏:‏ إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون، وأنت عبدي ورسولي وكلمتي ألقيتك إلى مريم وروح مني، خلقتك من تراب ثم قلت لك كن فكنت، لئن لم تنته لأفعلن بك كما فعلت بصاحبك بين يديك‏.‏‏.‏‏.‏ إني لا أسال عما أفعل وهم يسألون‏.‏ فجمع عيسى من تيعه وقال‏:‏ القدر سر الله فلا تكلفوه‏.‏

 الآية 24 - 25

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم‏}‏ يقول‏:‏ هاتوا بينتكم على ما تقولون ‏{‏هذا ذكر من معي‏}‏ يقول‏:‏ هذا القرآن فيه ذكر الحلال والحرام ‏{‏وذكر من قبلي‏}‏ يقول‏:‏ فيه ذكر أعمال الأمم السالفة وما صنع الله بهم وإلى ما صاروا ‏{‏بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون‏}‏ عن كتاب الله ‏{‏وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون‏}‏ قال‏:‏ أرسلت الرسل بالإخلاص والتوحيد لله، لا يقبل منهم حتى يقولوه ويقروا به، والشرائع تختلف في التوراة شريعة وفي الإنجيل شريعة وفي القرآن شريعة، حلال وحرام فهذا كله في الإخلاص لله وتوحيد الله‏.‏

 الآية 27 - 30

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ قالت اليهود‏:‏ إن الله عز وجل صاهر الجن فكانت بينهم الملائكة‏.‏ فقال الله تكذيبا لهم ‏{‏بل عباد مكرمون‏}‏ أي الملائكة ليس كا قالوا، بل هم عباد أكرمهم الله بعبادته ‏{‏لا يسبقونه بالقول‏}‏ يثني عليهم ‏{‏ولا يشفعون‏}‏ قال‏:‏ لا تشفع الملائكة يوم القيامة ‏{‏إلا لمن ارتضى‏}‏ قال‏:‏ لأهل التوحيد‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏إلا لمن ارتضى‏}‏ قال‏:‏ لمن رضي عنه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏إلا لمن ارتضى‏}‏ قال‏:‏ قول لا إله إلا الله‏.‏

واخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏إلا لمن ارتضى‏}‏ قال‏:‏ الذين ارتضاهم لشهادة أن لا إله إلا الله‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في البعث، عن جابر رضي الله عنه‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قول الله ‏{‏ولا يشفعون إلا لمن ارتضى‏}‏ فقال‏:‏ ‏"‏إن شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن جابر رضي الله عنه قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ليلة أسري بي مررت بجبريل، وهو باملأ الأعلى ملقى كالحلس البالي من خشية الله‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏ومن يقل منهم‏}‏ يعني من الملائكة ‏{‏أني إله من دونه‏}‏ قال‏:‏ ولم يقل ذلك أحد من الملائكة إلا إبليس، دعا إلى عبادة نفسه وشرع الكفر‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏ومن يقل منهم أني إله من دونه‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ إنما كانت هذه خاصة لإبليس‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏كانتا رتقا ففتقناهما‏}‏ قال‏:‏ فتقت السماء بالغيث، وفتقت الأرض بالنبات‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏كانتا رتقا‏}‏ قال‏:‏ لا يخرج منها شيء ‏{‏ففتقناهما‏}‏ قال‏:‏ فتقت السماء بالمطر وفتقت الأرض بالنبات‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر رضي الله عنهما‏:‏ أن رجلا أتاه فسأله عن ‏{‏السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما‏}‏ قال‏:‏ اذهب إلى ذلك الشيخ فاسأله ثم تعال فأخبرني ما قال‏.‏ فذهب إلى ابن عباس فسأله قال‏:‏ نعم، كانت السماء رتقاء لا تمطر وكانت الأرض رتقاء لا تنبت، فلما خلق الله الأرض فتق هذه بالمطر وفتق هذه بالنبات‏.‏ فرجع الرجل على ابن عمر فأخبره فقال ابن عمر‏:‏ الآن علمت أن ابن عباس قد أوتي في القرآن علما، صدق ابن عباس هكذا كانت‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏كانتا رتقا‏}‏ قال‏:‏ ملتصقتين‏.‏

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد حميد وابن المنذر وأبو الشيخ، عن عكرمة قال‏:‏ سئل ابن عباس عن الليل، كان قبل أم النهار‏؟‏ قال‏:‏ الليل‏.‏ ثم قرأ ‏{‏إن السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما‏}‏ فهل تعلمون كان بينهما إلا ظلمة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن مجاهد رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏كانتا رتقا ففتقناهما‏}‏ قال‏:‏ فتق من الأرض ست أرضين معها، فتلك سبع أرضين بعضهن تحت بعض، ومن السماء سبع سموات منها معها، فتلك سبع سموات بعضهن فوق بعض ولم تكن الأرض والسماء مماستين‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة، عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏كانتا رتقا ففتقناهما‏}‏ قال‏:‏ كانت السماء واحدة ففتق منها سبع سموات، وكانت الأرض واحدة ففتق منها سبع أرضين‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن وقتادة في قوله‏:‏ ‏{‏كانتا رتقا ففتقناهما‏}‏ قال‏:‏ كانتا جمعا ففصل الله بينهما بهذا الهواء‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال‏:‏ كانت السموات والأرضون ملتزقتين، فلما رفع الله السماء وابتزها من الأرض، فكان فتقها الذي ذكر الله‏.‏

وأخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ ‏"‏قلت‏:‏ يا رسول الله إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني، فأنبئني عن كل شيء، قال‏:‏ كل شيء خلق من الماء‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات، عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏وجعلنا من الماء كل شيء حي‏}‏ قال‏:‏ نطفة الرجل‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي اله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏وجعلنا من الماء كل شيء حي‏}‏ قال‏:‏ خلق كل شيء من الماء، وهو حياة كل شيء‏.‏