فصل: التفسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


*2*90 -  سورة البلد مكية وآياتها عشرون

*3*  مقدمة السورة

بسم الله الرحمن الرحيم

أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ نزلت سورة ‏{‏لا أقسم بهذا البلد‏}‏ بمكة

وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله‏.‏

*3* التفسير

 الآية 1 - 10

أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لا أقسم بهذا البلد‏}‏ قال‏:‏ مكة ‏{‏وأنت حل بهذا البلد‏}‏ يعني بهذا النبي صلى الله عليه وسلم، أحل الله له يوم دخل مكة أن يقتل من شاء ويستحس من شاء، فقتل يومئذ ابن خطل، وهو آخذ بأستار الكعبة، فلم يحل لأحد من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل فيها حراما بحرمة الله، فأحل الله له ما صنع بأهل مكة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس ‏{‏لا أقسم بهذا البلد‏}‏ قال‏:‏ مكة ‏{‏وأنت حل بهذا البلد‏}‏ قال‏:‏ أنت يا محمد يحل لك أن تقاتل به، وأما غيرك فلا

وأخرج ابن مردويه عن أبي بزرة الأسلمي رضي الله عنه قال‏:‏ في نزلت هذه الآية ‏{‏لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد‏}‏ خرجت فوجدت عبد الله بن خطل متعلقا بأستار الكعبة فضربت عنقه بين الركن والمقام‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال‏:‏ لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة أخذ أبو برزة الأسلمي وهو سعيد بن حرب عبد الله بن خطل وهو الذي كانت قريش تسميه ذا القلبين، فأنزل الله ‏(‏ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه‏)‏ ‏(‏سورة الأحزاب الآية 4‏)‏، فقدمه أبو برزة فضربت عنقه وهو متعلق بأستار الكعبة، فأنزل الله فيها ‏{‏لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد‏}‏ وإنما كان ذلك لأنه قال لقريش‏:‏ أنا أعلم لكم علم محمد فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله إني أحب أن تستكتبني قال‏:‏ فاكتب فكان إذا أملى عليه من القرآن، وكان الله عليما حكيما كتب، وكان الله حكيما عليما، وإذا أملى عليه وكان الله غفورا رحيما كتب وكان الله رحيما غفورا‏.‏ ثم يقول‏:‏ يا رسول الله اقرأ عليك ما كتبت‏.‏ فيقول‏:‏ نعم، فإذا قرأ عليه وكان الله عليما حكيما أو رحيما غفورا قال له النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما هكذا أمليت عليك، وإن الله لكذلك إنه لغفور رحيم، وإنه لرحيم غفور‏.‏ فرجع إلى قريش فقال‏:‏ ليس آمره بشيء كنت آخذ به، فينصرف فلم يؤمنه، فكان أحد الأربعة الذين لم يؤمنهم النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏لا أقسم‏}‏ قال‏:‏ لا ردا عليهم ‏{‏أقسم بهذا البلد‏}‏‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏لا أقسم بهذا البلد‏}‏ يعني مكة ‏{‏وأنت حل بهذا البلد‏}‏ يعني رسول الله‏.‏ يقول‏:‏ أنت في حل مما صنعت فيه‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ‏{‏وأنت حل بهذا البلد‏}‏ يقول‏:‏ لا تؤاخذ بما عملت فيه وليس عليك فيه ما على الناس‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن منصور قال‏:‏ سأل رجل مجاهدا عن هذه الآية ‏{‏لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد‏}‏ قال‏:‏ لا أدري، ثم فسرها لي فقال‏:‏ ‏{‏لا أقسم بهذا البلد‏}‏ الحرام ‏{‏وأنت حل بهذا البلد‏}‏ الحرام، أحل الله له ساعة من النهار قيل له ما صنعت فيه من شيء فأنت في حل‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير ‏{‏لا أقسم بهذا البلد‏}‏ قال‏:‏ مكة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح ‏{‏لا أقسم بهذا البلد‏}‏ قال‏:‏ مكة ‏{‏وأنت حل بهذا البلد‏}‏ قال‏:‏ أحلت له ساعة من نهار‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك مثله‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ‏{‏لا أقسم بهذا البلد‏}‏ قال‏:‏ مكة ‏{‏وأنت حل بهذا البلد‏}‏ قال‏:‏ أنت به غير حرج ولا آثم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عطية ‏{‏لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد‏}‏ قال‏:‏ أحلت مكة للنبي صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار ثم حرمت إلى يوم القيامة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن ‏{‏وأنت حل بهذا البلد‏}‏ قال‏:‏ أحلها الله لمحمد صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار يوم الفتح‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك ‏{‏وأنت حل بهذا البلد‏}‏ يعني محمدا صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ أنت حل بالحرم فاقتل إن شئت أو دع‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عطاء ‏{‏لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد‏}‏ قال‏:‏ إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، فهي حرام إلى أن تقوم الساعة، لم تحل لبشر إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار، ولا يختلي خلاها، ولا يعضد عضاهها، ولا ينفر صيدها، ولا تحل لقطتها إلا لمعرف‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد ‏{‏وأنت حل بهذا البلد‏}‏ قال‏:‏ لم يكن بها أحد حلا غير النبي صلى الله عليه وسلم كل من كان بها حرام لم يحل لهم أن يقاتلوا فيها، ولا يستحلوا حرمه‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن شرحبيل بن سعد ‏{‏وأنت حل بهذا البلد‏}‏ قال‏:‏ يحرمون أن يقتلوا بها الصيد ويعضدوا بها شجرة ويستحلون اخراجك وقتلك‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس ‏{‏لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد‏}‏ قال‏:‏ أحل له أن يصنع فيه ما شاء ‏{‏ووالد وما ولد‏}‏ يعني بالوالد آدم ‏{‏وما ولد‏}‏ ولده‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس ‏{‏ووالد وما ولد‏}‏ قال‏:‏ الوالد الذي يلد ‏{‏وما ولد‏}‏ العاقر الذي لا يلد من الرجال والنساء‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني ‏{‏ووالد وما ولد‏}‏ قال‏:‏ إبراهيم وما ولد‏.‏

وأخرج ابن جرير والطبراني عن ابن عباس في قوله ‏{‏لا أقسم بهذا البلد‏}‏ قال‏:‏ مكة ‏{‏وأنت حل بهذا البلد‏}‏ قال‏:‏ مكة ‏{‏ووالد وما ولد‏}‏ قال‏:‏ آدم ‏{‏لقد خلقنا الإنسان في كبد‏}‏ قال‏:‏ في اعتدال وانتصاب‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏ووالد وما ولد‏}‏ قال‏:‏ آدم وما ولد ‏{‏لقد خلقنا الإنسان‏}‏ قال‏:‏ وقع ههنا القسم ‏{‏في كبد‏}‏ قال‏:‏ في مشقة يكابد أمر الدنيا وأمر الآخرة ‏{‏يقول أهلكت مالا لبدا‏}‏ قال‏:‏ كثيرا‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏ووالد وما ولد‏}‏ قال‏:‏ الوالد آدم ‏{‏وما ولد‏}‏ ولده ‏{‏لقد خلقنا الإنسان في كبد‏}‏ قال‏:‏ في شدة ‏{‏يقول أهلكت مالا لبدا‏}‏ قال‏:‏ كثيرا ‏{‏أيحسب أن لم يره أحد‏}‏ قال‏:‏ لم يقدر عليه أحد‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير ‏{‏ووالد وما ولد‏}‏ قال‏:‏ آدم ‏{‏وما ولد‏}‏، ‏{‏لقد خلقنا الإنسان في كبد‏}‏ في نصب‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ‏{‏لقد خلقنا الإنسان في كبد‏}‏ قال‏:‏ في شدة‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق عطاء عن ابن عباس ‏{‏لقد خلقنا الإنسان في كبد‏}‏ قال‏:‏ في شدة خلق في ولادته ونبت أسنانه‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ وسوره ومعيشته وختانه‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقسم عن ابن عباس ‏{‏لقد خلقنا الإنسان في كبد‏}‏ قال‏:‏ خلق الله الإنسان منتصبا، وخلق كل شيء يمشي على أربع‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ‏{‏لقد خلقنا الإنسان في كبد‏}‏ قال‏:‏ منتصب في بطن أمه‏.‏

وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏لقد خلقنا الإنسان في كبد‏}‏ قال‏:‏ منتصبا في بطن أمه أنه قد وكل به ملك إذا نامت الأمر أو اضطجعت رفع رأسه لولا ذلك لغرق في الدم‏.‏

وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله‏:‏ ‏{‏لقد خلقنا الإنسان في كبد‏}‏ قال‏:‏ في اعتدال واستقامة‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم أما سمعت قول لبيد بن ربيعة‏:‏

يا عين هلا بكيت اربد إذ * قمنا وقام الخصوم في كبد

وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم رضي الله عنه، أحسبه عن عبد الله ‏{‏في كبد‏}‏ قال‏:‏ منتصبا‏.‏

وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه ‏{‏لقد خلقنا الإنسان في كبد‏}‏ قال‏:‏ يكابد مضايق الدنيا شدائد الآخرة‏.‏

وأخرج ابن المبارك عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية ‏{‏لقد خلقنا الإنسان في كبد‏}‏ قال‏:‏ لا أعلم خليقة يكابد من الأمر ما يكابد هذا الإنسان‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه ‏{‏لقد خلقنا الإنسان في كبد‏}‏ قال‏:‏ يكابد أمور الدنيا وأمور الآخرة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه ‏{‏في كبد‏}‏ قال‏:‏ شدة وطول‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم رضي الله عنه ‏{‏في كبد‏}‏ قال‏:‏ في السماء خلق آدم‏.‏

وأخرج أبو يعلى والبغوي وابن مردويه عن رجل من بني عامر رضي الله عنه قال‏:‏ صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، فسمعته يقرأ ‏{‏أيحسب أن لن يقدر عليه أحد أيحسب أن لم يره أحد‏}‏ يعني بفتح السين من يحسب‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن السدي رضي الله عنه ‏{‏أيحسب أن لين يقدر‏}‏ الآية، قال‏:‏ الكافر يحسب أن لن يقدر الله عليه ولم يره‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏مالا لبدا‏}‏ قال‏:‏ كثيرا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله‏:‏ ‏{‏أهلكت مالا لبدا‏}‏ قال‏:‏ أنفقت مالا في الصد عن سبيل الله ‏{‏أيحسب أن لم يره أحد‏}‏ قال‏:‏ الأحد‏:‏ الله عز وجل‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله‏:‏ ‏{‏يقول أهلكت مالا لبدا‏}‏ قال‏:‏ أيمن علينا فما فضلناه أفضل ‏{‏ألم نجعل له عينين‏}‏ وكذا وكذا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة ‏{‏ألم نجعل له عينين‏}‏ قال‏:‏ نعم من الله متظاهرة يقررنا بها كيما نشكر‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن مكحول رضي الله عنه قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏يقول الله يا ابن آدم قد أنعمت عليك نعما عظاما لا تحصى عدها، ولا تطيق شكرها، وإن مما أنعمت عليك أن جعلت لك عينين تنظر بهما، وجعلت لهما غطاء فانظر بعينيك إلى ما أحللت لك، فإن رأيت ما حرمت عليك فأطبق عليهما غطاءهما، وجعلت لك لسانا وجعلت له غلافا فنطق بما أمرتك وأحللت لك، فإن عرض لك ما حرمت عليك فأغلق عليك لسانك، وجعلت لك فرجا وجعلت لك سترا فأصب بفرجك ما أحللت لك، فإن عرض لك ما حرمت عليك فأرخ عليك سترك‏.‏ ابن آدم إنك لا تحمل سخطي ولا تستطيع انتقامي‏"‏‏.‏

أخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏وهديناه النجدين‏}‏ قال‏:‏ سبيل الخير والشر‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏وهديناه النجدين‏}‏ قال‏:‏ عرفناه سبيل الخير والشر‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏وهدينها النجدين‏}‏ قال‏:‏ الهدى والضلالة‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب رضي الله عنه مثله‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن علي رضي الله عنه أنه قيل له‏:‏ إن ناسا يقولون‏:‏ أن النجدين الثديين‏.‏ قال‏:‏ الخير والشر‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة والضحاك رضي الله عنهما مثله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سنان بن سعيد عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏هما نجدان فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه من طرق عن الحسن رضي الله عنه في قوله ‏{‏وهديناه النجدين‏}‏ قال‏:‏ ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول‏:‏ ‏"‏أيها الناس إنما هما نجدان نجد الخير ونجد الشر فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏يا أيها الناس إنما هما نجدان نجد خير ونجد شر، فماجعل نجد الشر أحب من نجد الخير‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ فذكر مثله‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏إنما هما نجدان نجد الخير ونجد الشر، فلا يكن نجد الشر أحب إلى أحدكم من نجد الخير‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏وهديناه النجدين‏}‏ قال‏:‏ الثديين‏.‏

 الآية 11 - 20

أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه ‏{‏فلا اقتحم العقبة‏}‏ قال‏:‏ جبل في جهنم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه مثله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ العقبة النار‏.‏ وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ للناس عقبة دون الجنة واقتحامها فك رقبة الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي رجاء رضي الله عنه قال‏:‏ بلغني أن العقبة التي ذكر الله في كتابه مطلعها سبعة آلاف سنة ومهبطها سبعة آلاف سنة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏فلا اقتحم العقبة‏}‏ قال‏:‏ عقبة بين الجنة والنار‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه ‏{‏فلا اقتحم العقبة‏}‏ قال‏:‏ عقبة بين الجنة والنار‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن كعب الأحبار قال‏:‏ العقبة سبعون درجة في جهنم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد ‏{‏فلا اقتحم العقبة‏}‏ قال‏:‏ ألا أسلك الطريق التي فيها النجاة والخير‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن ‏{‏فلا اقتحم العقبة‏}‏ قال‏:‏ جهنم وما أدراك ما العقبة‏؟‏ قال‏:‏ ذكر لنا أنه ليس من رجل مسلم يعتق رقبة مسلمة إلا كانت فداءه من النار‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه‏:‏ وما أدراك ما العقبة‏؟‏ ثم أخبر عن اقتحامها فقال‏:‏ فك رقبة ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الرقاب أيها أعظم أجرا‏؟‏ قال‏:‏ أكثر ثمنا‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏إن أمامكم عقبة كؤدا لا يجوزها المثقلون فأنا أريد أن أتخفف لتلك العقبة‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ لما نزلت ‏{‏فلا اقتحم العقبة‏}‏ قيل يا رسول الله‏:‏ ما عند أحدنا ما يعتق إلا‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ عند أحدنا الجارية السوداء تخدمه وتنوء عليه، فلو أمرناهن بالزنا فزنين، فجئن بالأولاد فاعتقناهم‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ لأن أمتع بسوط في سبيل الله أحب إلي من أن آمر بالزنا، ثم أعتق الولد‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أنه بلغها قول أبي هريرة رضي الله عنه‏:‏ ‏"‏علاقة سوط في سبيل الله أعظم أجرا من عتق ولد زنية، فقالت عائشة رضي الله عنها‏:‏ يرحم الله أبا هريرة إنما كان هذا أن الله لما أنزل ‏{‏فلا اقتحم العقبة وما أدراك ما العقبة فك رقبة‏}‏ قال‏:‏ بعض المسلمين، يا رسول الله‏:‏ إنه ليس لنا رقبة نعتقها فإنما يكون لبعضنا الخويدم التي لا بد منها فنأمرهن يبغين، فإذا بغين فولدن، أعتقنا أولادهن‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا تأمروهن بالبغاء لعلاقة سوط في سبيل الله أعظم أجرا من هذا‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي نجيح السلمي رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من أعتق رقبة فإنه يجزى مكان كل عظم من عظامها عظم من عظامه من النار‏"‏‏.‏

وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من أعتق نسمة مسلمة أو مؤمنة وقى الله بكل عضو منها عضوا منه من النار‏"‏

وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال‏:‏ قلت يا نبي الله‏:‏ أي الرقاب أفضل‏؟‏ قال‏:‏ أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وابن مردويه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار، حتى الفرج بالفرج‏.‏

وأخرج أحمد وابن حبان وابن مردويه والبيهقي عن البراء أن أعرابيا قال لرسول الله علمني عملا يدخلني الجنة‏؟‏ قال‏:‏ أعتق النسمة وفك الرقبة‏.‏ قال‏:‏ أوليستا بواحدة‏؟‏ قال‏:‏ لا إن عتق الرقبة أن تفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين في عتقها، والمنحة الركوب والفيء على ذي الرحم، فإن لم تطق ذلك فاطعم الجائع واسق الظمآن وأمر بالمعروف وانه عن المنكر، فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من خير‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏يوم ذي مسغبة‏}‏ قال‏:‏ مجاعة‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏في يوم ذي مسغبة‏}‏ قال‏:‏ مجاعة‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه ‏{‏في يوم ذي مسغبة‏}‏ قال‏:‏ جوع‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن إبراهيم رضي الله عنه ‏{‏في يوم ذي مسغبة‏}‏ قال‏:‏ يوم فيه الطعام عزيز‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وأبي رجاء العطاردي رضي الله عنه أنهما قرآ‏:‏ ‏"‏أو أطعم في يوم ذا مسغبة‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن جابر رضي الله عنه مرفوعا‏:‏ ‏"‏من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏ذا مقربة‏}‏ أي ذا قرابة، وفي قوله‏:‏ ‏{‏ذا متربة‏}‏ يعني بعيد التربة أي غريبا من وطنه‏.‏

وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس رضي اله عنهما في قوله‏:‏ ‏{‏أومسكينا ذا متربة‏}‏ قال‏:‏ هو المطروح الذي ليس له بيت، وفي لفظ الحاكم‏:‏ هو الترب الذي لا يقيه من التراب شيء، وفي لفظ‏:‏ هو اللازق بالتراب من شدة الفقر‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه مثله‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏أو مسكينا ذا متربة‏}‏ يقول‏:‏ شديد الحاجة‏.‏

وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏أو مسكينا ذا متربة‏}‏ يقول‏:‏ مسكين ذو بنين وعيال ليس بينك وبينه قرابة‏.‏

وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله‏:‏ ‏{‏ذا متربة‏}‏ قال‏:‏ ذا جهد وحاجة‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت قول الشاعر‏:‏

تربت يداك ثم قل نوالها * وترفعت عنك السماء سحابها

وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏مسكينا ذا متربة‏}‏ قال‏:‏ ‏"‏الذي مأواه المزابل‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏ذا متربة‏}‏ قال‏:‏ كنا نحدث أن المترب ذو العيال الذي لا شيء له‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك رضي الله عنه‏:‏ ما عمل الناس بعد الفريضة أحب إلى الله من إطعام مسكين‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن هشام بن حسان رضي الله عنه في قوله‏:‏ ‏{‏وتواصوا بالصبر‏}‏ قال‏:‏ على ما افترض الله‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏وتواصوا بالمرحمة‏}‏ يعني بذلك رحمة الناس كلهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏مؤصدة‏}‏ قال‏:‏ مغلقة الأبواب‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة ‏{‏مؤصدة‏}‏ قال‏:‏ مطبقة‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير من طرق عن ابن عباس مثله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وعكرمة وعطية والضحاك وسعيد بن جبير والحسن وقتادة مثله‏.‏

وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ‏{‏مؤصدة‏}‏ قال‏:‏ مطبقة‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت قول الشاعر‏:‏

تحن إلى أجبال مكة ناقتي * ومن دوننا أبواب صنعا مؤصدة

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏مؤصدة‏}‏ قال‏:‏ هي بلغة قريش أوصد الباب أغلقه‏.‏

*2*91 -  سورة الشمس مكية وآياتها خمس عشرة

*3*  مقدمة السورة

بسم الله الرحمن الرحيم

أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال‏:‏ نزلت سورة ‏{‏والشمس وضحاها‏}‏ بمكة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله‏.‏

وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والنسائي عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة العشاء بالشمس وضحاها وأشباهها من السور‏.‏

وأخرج الطبراني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يقرأ في صلاة الصبح ب ‏(‏والليل إذا يغشى‏)‏ ‏(‏سورة الليل الآية 1‏)‏ و ‏{‏الشمس وضحاها‏}‏‏.‏

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عقبة بن عامر قال‏:‏ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي ركعتي الضحى بسورتيهما ب ‏{‏والشمس وضحاها‏}‏ والضحى‏.‏

وأخرج الطبراني عن النعمان بن بشير قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين ‏(‏سبح اسم ربك الأعلى‏)‏ ‏(‏سورة الأعلى الآية 1‏)‏، ‏{‏والشمس وضحاها‏}‏‏.‏

*3* التفسير

 الآية 1 - 15

أخرج الحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏والشمس وضحاها‏}‏ قال‏:‏ ضوءها ‏{‏والقمر إذا تلاها‏}‏ قال‏:‏ تبعها ‏{‏والنهار إذا جلاها‏}‏ قال‏:‏ أضاءها ‏{‏والسماء وما بناها‏}‏ قال‏:‏ الله بنى السماء ‏{‏وما طحاها‏}‏ قال‏:‏ دحاها ‏{‏فألهمها فجورها وتقواها‏}‏ قال‏:‏ عرفها شقاءها وسعادتها ‏{‏وقد خاب من دساها‏}‏ قال‏:‏ أغواها‏.‏

وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس ‏{‏والقمر إذا تلاها‏}‏ قال‏:‏ يتلو النهار ‏{‏والأرض وما طحاها‏}‏ يقول‏:‏ ما خلق الله فيها ‏{‏فألهمها فجورها وتقواها‏}‏ قال‏:‏ علمها الطاعة والمعصية‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس ‏{‏والقمر إذا تلاها‏}‏ قال‏:‏ تبعها‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن ذي حمامة قال‏:‏ إذا جاء الليل قال الرب غشي عبادي في خلقي العظيم ولليل مهابة والذي خلقه أحق أن يهاب‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ‏{‏والأرض وما طحها‏}‏ قال‏:‏ قسمها ‏{‏فألهمها فجورها وتقواها‏}‏ قال‏:‏ بين الخير والشر‏.‏

وأخرج الحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس ‏{‏فألهمها‏}‏ قال‏:‏ علمها ‏{‏فجورها وتقواها‏}‏‏.‏

وأخرج أحمد ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عمران بن حصين‏:‏ ‏"‏أن رجلا قال يا رسول الله‏:‏ أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه شيء قد قضي عليهم ومضى عليهم في قدر قد سبق، أو فيما يستقبلون ما أتاهم به نبيهم واتخذت عليهم به الحجة‏؟‏ قال‏:‏ بل شيء قضي عليهم‏.‏ قال‏:‏ فلم يعملون إذا‏؟‏ قال‏:‏ من كان الله خلقه لواحدة من المنزلتين هيأه لعملها، وتصديق ذلك في كتاب الله ‏{‏ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا هذه الآية ‏{‏ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها‏}‏ وقف ثم قال‏:‏ اللهم آت نفسي تقواها أنت وليها ومولاها وخير من زكاها‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ ‏{‏فألهمها فجورها وتقواها‏}‏ قال‏:‏ اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها‏.‏ قال وهو في الصلاة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والنسائي عن زيد بن أرقم قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏اللهم آت نفسي تقواها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس‏:‏ ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الهاجرة فرفع صوته فقرأ ‏{‏والشمس وضحاها‏}‏، ‏(‏والليل إذا يغشى‏)‏ ‏(‏سورة الليل آية 1‏)‏ فقال له أبي بن كعب‏:‏ يا رسول الله أمرت في هذه الصلاة بشيء قال‏:‏ لا ولكني أردت أن أوقت لكم‏"‏‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏والشمس وضحاها‏}‏ قال‏:‏ ضوؤها ‏{‏والقمر إذا تلاها‏}‏ قال‏:‏ تبعها ‏{‏والنهار إذا جلاها‏}‏ قال‏:‏ أضاء ‏{‏والليل إذا يغشاها‏}‏ قال‏:‏ يغشاها الليل ‏{‏والسماء وما بناها‏}‏ قال‏:‏ الله بني السماء والأرض ‏{‏وما طحاها‏}‏ قال‏:‏ دحاها ‏{‏فألهمها فجورها وتقواها‏}‏ قال‏:‏ عرفها شقاءها ‏{‏قد أفلح من زكاها‏}‏ قال‏:‏ أصلحها ‏{‏وقد خاب من دساها‏}‏ قال‏:‏ أغواها ‏{‏كذبت ثمود بطغواها‏}‏ قال‏:‏ بمعصيتها ‏{‏ولا يخاف عقباها‏}‏ قال‏:‏ الله لا يخاف عقباها‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏والشمس وضحاها‏}‏ قال‏:‏ إشراقها ‏{‏والقمر إذا تلاها‏}‏ قال‏:‏ يتلوها ‏{‏والنهار إذا جلاها‏}‏ قال‏:‏ حين ينجلي ‏{‏ونفس وما سواها‏}‏ قال‏:‏ سوى خلقها ولم ينقص منه شيئا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ‏{‏والشمس وضحاها‏}‏ قال‏:‏ هذا النهار ‏{‏والقمر إذا تلاها‏}‏ قال‏:‏ يتلو صبيحة الهلال إذا سقطت رؤي عند سقوطها ‏{‏والنهار إذا جلاها‏}‏ قال‏:‏ إذا غشيها النهار ‏{‏والليل إذا يغشاها‏}‏ قال إذا غشيها الليل ‏{‏والسماء وما بناها‏}‏ قال وما خلقها ‏{‏والأرض وما طحاها‏}‏ قال‏:‏ بسطها ‏{‏فألهمها فجورها وتقواها‏}‏ قال‏:‏ بين لها الفجور من التقوى ‏{‏قد أفلح‏}‏ قال‏:‏ وقع القسم ههنا ‏{‏من زكاها‏}‏ قال‏:‏ من عمل خيرا فزكاها بطاعة الله ‏{‏وقد خاب من دساها‏}‏ قال‏:‏ من إثمها وفجرها ‏{‏كذبت ثمود بطغواها‏}‏ قال‏:‏ بالطغيان ‏{‏إذ انبعث أشقاها‏}‏ قال‏:‏ أحيمر ثمود‏.‏ ‏{‏فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة الله وسقياها‏}‏ قال‏:‏ يقول الله‏:‏ خلوا بينها وبين قسم الله الذي قسم لها من هذا الماء ‏{‏فدمدم عليهم ربهم بذنبهم‏}‏ قال‏:‏ ذكر لنا أنه أبى أن يعقرها حتى تابعه صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم، فلما اشترك القوم في عقرها ‏{‏فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها‏}‏ يقول‏:‏ لا يخاف تبعتها‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية ‏{‏والقمر إذا تلاها‏}‏ قال‏:‏ إذا تبعها‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة ‏{‏والقمر إذا تلاها‏}‏ قال‏:‏ إذا تبع الشمس‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح ‏{‏والأرض وما طحاها‏}‏ قال‏:‏ بسطها‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن الضحاك مثله‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ‏{‏ونفس وما سواها‏}‏ قال‏:‏ سوى خلقها‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ‏{‏فألهمها‏}‏ قال‏:‏ ألزمها ‏{‏فجورها وتقواها‏}‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك ‏{‏فألهمها فجورها وتقواها‏}‏ قال‏:‏ الطاعة والمعصية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ‏{‏فألهمها فجورها وتقواها‏}‏ قال‏:‏ الفاجرة ألهمها الفجور، والتقية ألهمها التقوى‏.‏

وأخرج ابن مردويه في قوله‏:‏ ‏{‏فألهمها فجورها وتقواها‏}‏ يقول‏:‏ بين للعباد الرشد من الغي وألهم كل نفس ما خلقها له وكتب عليها‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي ‏{‏قد أفلح من زكاها‏}‏ الآية، قال‏:‏ أفلح من زكاه الله وخاب من دساه الله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في الآية‏:‏ قد أفلح من زكى نفسه وأصلحها، وخاب من أهلكها وأضلها‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الربيع في الآية، يقول‏:‏ أفلح من زكى نفسه بالعمل الصالح، وخاب من دس نفسه بالعمل السيء‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة من ‏{‏دساها‏}‏ قال‏:‏ من خسرها‏.‏

وأخرج حسين في الاستقامة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏قد أفلح من زكاها‏}‏ يقول‏:‏ قد أفلح من زكى الله نفسه، ‏{‏وقدخاب من دساها‏}‏ يقول‏:‏ قد خاب من دس الله نفسه فأضله ‏{‏ولا يخاف عقباها‏}‏ قال‏:‏ لا يخاف من أحد تابعه‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس ‏{‏وقد خاب من دساها‏}‏ يعني‏:‏ مكر بها‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والديلمي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏{‏قد أفلح من زكاها‏}‏ الآية‏:‏ ‏"‏أفلحت نفس زكاها الله وخابت نفس خيبها الله من كل خير‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏كذبت ثمود بطغواها‏}‏ قال‏:‏ اسم العذاب الذي جاءها الطغوى، فقال‏:‏ كذبت ثمود بعذابها‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عبد الله بن زمعة قال‏:‏ خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر الناقة، وذكر الذي عقرها، فقال‏:‏ ‏{‏إذا انبعث أشقاها‏}‏ قال‏:‏ ‏"‏انبعث لها رجل عارم عزيز منيع في رهطه مثل أبي زمعة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبغوي وأبو نعيم في الدلائل عن عمار بن ياسر قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ألا أحدثك بأشقى الناس‏"‏‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ ‏"‏رجلان‏:‏ أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك على هذا، يعني ترقوته حتى تبتل منه هذه، يعني لحيته‏"‏‏.‏

وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم مثله من حديث صهيب وجابر بن سمرة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن ‏{‏ولا يخاف عقباها‏}‏ قال‏:‏ ذاك ربنا لا يخاف منهم تبعة بما صنع بهم‏.‏

وأخرج ابن جريروابن أبي حاتم عن السدي ‏{‏ولا يخاف عقباها‏}‏ قال‏:‏ لم يخف الذي عقرها عاقبة ما صنع‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الضحاك ‏{‏ولا يخاف عقباها‏}‏ قال‏:‏ لم يخف الذي عقرها عقباها‏.‏

*2*92 -  سورة الليل مكية وآياتها إحدى وعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم

 الآية 1 - 21

أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال‏:‏ نزلت سورة ‏{‏والليل إذا يغشى‏}‏ بمكة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله‏.‏

وأخرج البيهقي في سننه عن جابر بن سمرة قال‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر ب ‏{‏والليل إذا يغشى‏}‏ ونحوها‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم بسند ضعيف عن ابن عباس‏:‏ ‏"‏أن رجلا كانت له نخلة فرعها في دار رجل فقير ذي عيال، فكان الرجل إذا جاء فدخل الدار فصعد إلى النخلة ليأخذ منها الثمرة فربما تقع ثمرة فيأخذها صبيان الفقير، فينزل من نخلته، فيأخذ الثمرة من أيديهم، وإن وجدها في فم أحدهم أدخل أصبعه حتى يخرج الثمرة من فيه، فشكا ذلك الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال‏:‏ اذهب ولقي النبي صلى الله عليه وسلم صاحب النخلة‏.‏ فقال له‏:‏ أعطني نخلتك المائلة التي فرعها في دار فلان، ولك بها نخلة في الجنة‏.‏ فقال له الرجل‏:‏ لقد أعطيت وإن لي لنخلا كثيرا وما فيه نخل أعجب إلي ثمرة منها‏.‏ ثم ذهب الرجل ولقي رجلا كان يسمع الكلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحب النخلة، فأتى رسول الله‏:‏ فقال أعطني ما أعطيت الرجل إن أنا أخذتها‏.‏ قال‏:‏ نعم، فذهب الرجل فلقي صاحب النخلة ولكليهما نخل فقال له صاحب النخلة‏:‏ أشعرت أن محمدا أعطاني بنخلتي المائلة إلى دار فلان نخلة في الجنة، فقلت‏:‏ لقد أعطيت، ولكن يعجبني ثمرها، ولي نخل كثير ما فيه نخلة أعجب إلي ثمرة منها، فقال له الآخر‏:‏ أتريد بيعها‏؟‏ فقال‏:‏ لا إلا أن أعطى بها ما أريد، ولا أظن أعطى‏.‏ قال‏:‏ فكم تؤمل فيها قال‏:‏ أربعين نخلة، فقال له الرجل‏:‏ لقد جئت بأمر عظيم تطلب بنخلتك المائلة أربعين نخلة‏.‏ ثم سكت عنه فقال‏:‏ أنا أعطيك أربعين نخلة فقال له‏:‏ أشهد إن كنت صادقا‏.‏ فأشهد له بأربعين نخلة بنخلته المائلة، فمكث ساعة ثم قال‏:‏ ليس بيني وبينك بيع لم نفترق‏.‏ فقال له الرجل‏:‏ ولست بأحق حين أعطيتك أربعين نخلة بنخلتك المائلة‏.‏ فقال له‏:‏ أعطيك على أن تعطيني كما أريد تعطينها على ساق‏.‏ فسكت عنه ثم قال‏:‏ هي لك على ساق‏.‏ قال‏:‏ ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له‏:‏ يا رسول الله إن النخلة قد صارت لي فهي لك‏.‏ فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صاحب الدار فقال‏:‏ النخلة لك ولعيالك‏.‏ فأنزل الله ‏{‏والليل إذا يغشى‏}‏ إلى آخر السورة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ إني لأقول هذه السورة نزلت في السماحة والبخل ‏{‏والليل إذا يغشى‏}‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ‏{‏والليل إذا يغشى‏}‏ قال‏:‏ إذا أظلم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ‏{‏والليل إذا يغشى‏}‏ قال‏:‏ إذا أقبل فغطى كل شيء‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن علقمة أنه قدم الشام فجلس إلى أبي الدرداء فقال له أبو الدرداء ممن أنت‏؟‏ قال‏:‏ من أهل الكوفة‏.‏ قال‏:‏ كيف سمعت عبد الله يقرأ ‏{‏والليل إذا يغشى‏}‏ قال‏:‏ علقمة‏:‏ ‏"‏والذكر والأنثى‏"‏ فقال أبو الدرداء‏:‏ أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هكذا‏.‏ وهؤلاء يريدوني على أني أقرؤها‏:‏ ‏"‏خلق الذكر والأنثى‏"‏ والله لا أتابعهم‏.‏

وأخرج البخاري في تاريخ بغداد من طريق الضحاك عن ابن عباس أنه كان يقرأ القرآن على قراءة زيد بن ثابت إلا ثمانية عشر حرفا أخذها من قراءة عبد الله بن مسعود وقال ابن عباس ما يسرني أني تركت هذه الحروف ولو ملئت لي الدنيا ذهبة حمراء منها حرف في البقرة‏:‏ ‏"‏من بقلها وقثائها وثومها‏"‏‏.‏ بالثاء وفي الأعراف‏:‏ ‏"‏فلنسألن الذين أرسل إليهم قبلك من رسلنا ولنسألن المرسلين ‏"‏وفي براءة‏"‏ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا

‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ مع الصادقين‏"‏‏.‏ وفي إبراهيم‏:‏ ‏"‏وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال‏"‏ وفي الأنبياء‏:‏ ‏"‏وكنا لحكمهم شاهدين‏"‏، وفيها‏:‏ ‏"‏وهم من كل جدث ينسلون‏"‏ وفي الحج ‏"‏يأتون من كل فج سحيق‏"‏ وفي الشعراء‏:‏ ‏"‏فعلتها إذا وأنا من الجاهلين‏"‏، وفي النمل‏:‏ ‏"‏اعبد رب هذه البلدة التي حرمها‏"‏ وفي الصافات‏:‏ ‏"‏فلما سلما وتله للجبين‏"‏ وفي الفتح‏:‏ ‏"‏وتعزروه وتوقروه وتسبحوه‏"‏ بالتاء وفي النجم‏:‏ ‏"‏ولقد جاء من ربكم الهدى‏"‏ وفيها‏:‏ ‏"‏إن تتبعون إلا الظن‏"‏ وفي الحديد‏:‏ ‏"‏لكي يعلم أهل الكتاب أن لا يقدرون على شيء‏"‏ وفي ن‏:‏ ‏"‏لولا أن تداركته نعمة من ربه‏"‏ على التأنيث وفي إذا الشمس كورت‏:‏ ‏"‏وإذا الموءودة سألت بأي ذنب قتلت‏"‏ وفيها‏:‏ ‏"‏وما هو على الغيب بضنين‏"‏ وفي الليل‏:‏ ‏"‏والذكر والأنثى‏"‏ قال‏:‏ هو قسم فلا تقطعوه‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي إسحق قال، في قراءة عبد الله‏:‏ ‏"‏والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن أنه كان يقرؤها ‏{‏وما خلق الذكر والأنثى‏}‏ يقول‏:‏ والذي خلق الذكر والأنثى‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله‏:‏ ‏{‏إن سعيكم‏}‏ قال‏:‏ السعي العمل‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة قال‏:‏ وقع القسم ههنا ‏{‏إن سعيكم لشتى‏}‏ يقول‏:‏ مختلف‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن ابن مسعود أن أبا بكر الصديق اشترى بلالا من أمية بن خلف وأبي بن خلف ببردة وعشر أواق، فأعتقه لله، فأنزل الله ‏{‏والليل إذا يغشى إن سعيكم لشتى‏}‏ سعي أبي بكر وأمية وأبي إلى قوله‏:‏ ‏{‏وكذب بالحسنى‏}‏ قال‏:‏ لا إله إلا الله إلى قوله‏:‏ ‏{‏فسنيسره للعسرى‏}‏ قال‏:‏ النار‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏فأما من أعطى‏}‏ من الفضل ‏{‏واتقى‏}‏ قال‏:‏ اتقى ربه ‏{‏وصدق بالحسنى‏}‏ قال‏:‏ صدق بالخلف من الله ‏{‏فسنيسره لليسرى‏}‏ قال‏:‏ الخير من الله ‏{‏وأما من بخل واستغنى‏}‏ قال‏:‏ بخل بماله واستغنى عن ربه ‏{‏وكذب بالحسنى‏}‏ قال‏:‏ بالخلف من الله ‏{‏فسنيسره للعسرى‏}‏ قال‏:‏ للشر من الله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة ‏{‏فأما من أعطى‏}‏ قال‏:‏ أعطى حق الله عليه ‏{‏واتقى‏}‏ محارم الله ‏{‏وصدق بالحسنى‏}‏ قال‏:‏ بموعود الله على نفسه ‏{‏وأما من بخل‏}‏ قال‏:‏ بحق الله عليه ‏{‏واستغنى‏}‏ في نفسه عن ربه ‏{‏وكذب بالحسنى‏}‏ قال‏:‏ بموعود الله الذي وعد‏.‏

وأخرج ابن جرير من طرق عن ابن عباس ‏{‏وصدق بالحسنى‏}‏ قال‏:‏ أيقن بالخلف‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ‏{‏وصدق بالحسنى‏}‏ يقول صدق بلا إله إلا الله ‏{‏وأما من بخل واستغنى‏}‏ يقول‏:‏ من أغناه الله فبخل بالزكاة‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي عبد الرحمن السلمي ‏{‏وصدق بالحسنى‏}‏ قال‏:‏ بلا إله إلا الله‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏وصدق بالحسنى‏}‏ قال‏:‏ بالجنة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم ‏{‏فسنيسره لليسرى‏}‏ قال‏:‏ الجنة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن عساكر عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال‏:‏ كان أبو بكر يعتق على الإسلام بمكة، فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن، فقال له أبوه أي بني أراك تعتق أناسا ضعفاء، فلو أنك تعتق رجالا جلدا يقومون معك، ويمنعونك، ويدفعون عنك‏.‏ قال‏:‏ أي أبت إنما أريد ما عند الله‏.‏ قال‏:‏ فحدثني بعض أهل بيتي أن هذه الآية نزلت فيه ‏{‏فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر في طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى‏}‏ قال‏:‏ أبو بكر الصديق ‏{‏وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى‏}‏ قال‏:‏ أبو سفيان بن حرب‏.‏

وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن مردويه وابن جرير عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ ‏"‏كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فقال‏:‏ ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار، فقالوا، يا رسول الله أفلا نتكل‏؟‏ قال‏:‏ اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاء فييسر لعمل أهل الشقاء، ثم قرأ ‏{‏فأما من أعطى واتقى‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏للعسرى‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي عبد الرحمن السلمي قال‏:‏ لما نزلت هذه الآية ‏(‏إنا كل شيء خلقناه بقدر‏)‏ ‏(‏سورة القمر الآية 49‏)‏ قال رجل‏:‏ يا رسول الله ففيم العمل أفي شيء نستأنفه أم في شيء قد فرغ منه‏؟‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏اعملوا فكل ميسر نيسره لليسرى ونيسره للعسرى‏"‏‏.‏

وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله‏:‏ ‏{‏إذا تردى‏}‏ قال‏:‏ إذا تردى ودخل في النار نزلت في أبي جهل‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم أما سمعت قول عدي بن زيد‏:‏

خطفته منية فتردى * وهو في الملك يأمل التعميرا

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة ‏{‏إذا تردى‏}‏ قال‏:‏ في النار‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة ‏{‏وما يغني عنه ماله إذا تردى‏}‏ قال‏:‏ في النار‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله‏:‏ ‏{‏إذا تردى‏}‏ قال‏:‏ إذا مات وفي قوله‏:‏ ‏{‏نارا تلظى‏}‏ قال‏:‏ توهج‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن جرير عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏إن علينا للهدى‏}‏ يقول‏:‏ على الله البيان بيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور والفراء والبيهقي في سننه بسند صحيح عن عبيد بن عمير أنه قرأ‏:‏ ‏"‏فأنذرتكم نارا تتلظى‏"‏ بالتاءين‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال‏:‏ لتدخلن الجنة إلا من يأبى‏.‏ قالوا ومن يأبى أن يدخل الجنة‏؟‏ فقرأ ‏{‏الذي كذب وتولى‏}‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم وابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن أبي أمامة قال‏:‏ لا يبقى أحد من هذه الأمة إلا أدخله الله الجنة إلا من شرد على الله كما يشرد البعير السوء على أهله، فمن لم يصدقني فإن الله تعالى يقول‏:‏ لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وتولى عنه‏.‏

وأخرج أحمد والحاكم عن أبي أمامة الباهلي أنه سئل عن ألين كلمة سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏كلكم يدخل الجنة إلا من شرد على الله شرد البعير على أهله‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والبخاري عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏كل أمتي تدخل الجنة يوم القيامة إلا من أبى‏.‏ قالوا‏:‏ ومن يأبى يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد وابن مردويه عن أبي أمامة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لا يدخل النار إلا شقي‏.‏ قيل‏:‏ ومن الشقي‏؟‏ قال‏:‏ الذي لا يعمل لله بطاعة ولا يترك لله معصية‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة أن أبا بكر الصديق أعتق سبعة كلهم يعذب في الله بلال وعامر بن فهيرة والنهدية وابنتها وزنيرة وأم عيسى وأمة بني المؤمل، وفيه نزلت ‏{‏وسيجنبها الأتقى‏}‏ إلى آخر السورة‏.‏

وأخرج أحمد ومسلم وابن حبان والطبراني وابن مردويه عن جابر بن عبد الله‏:‏ ‏"‏أن سراقة بن مالك قال‏:‏ يا رسول الله أفي أي شيء نعمل‏؟‏ أفي شيء ثبتت فيه المقادير، وجرت فيه الأقلام أم في شيء نستقبل فيه العمل‏؟‏ قال‏:‏ بل في شيء ثبتت فيه المقادير وجرت فيه الأقلام‏"‏‏.‏ قال سراقة‏:‏ ففيم العمل إذن يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ اعملوا فكل ميسر لما خلق له، وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية ‏{‏فأما من أعطى واتقى‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏فسنيسره للعسرى‏}‏‏.‏

وأخرج ابن قانع وابن شاهين وعبدان كلهم في الصحابة عن بشير بن كعب الأسلمي أن سائلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيم العمل قال‏:‏ ‏"‏فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير، فاعملوا، فكل ميسر لما خلق له، ثم قرأ ‏{‏فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج الحاكم وصححه عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال‏:‏ قال أبو قحافة لأبي بكر‏:‏ أراك تعتق رقابا ضعافا فلو أنك إذ فعلت ما فعلت أعتقت رجالا جلدا يمنعونك ويقومون دونك، فقال‏:‏ يا أبت إنما أريد وجه الله، فنزلت هذه الآية فيه‏:‏ ‏{‏فأما من أعطى واتقى‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى‏}‏‏.‏

وأخرج البزار وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن عدي وابن مردويه وابن عساكر من وجه آخر عن عامر بن الزبير عن أبيه قال‏:‏ نزلت هذه الآية ‏{‏وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى‏}‏ في أبي بكر الصديق‏.‏

وأخرج ابن جرير عن سعيد قال‏:‏ نزلت ‏{‏وما لأحد عنده من نعمة تجزى‏}‏ في أبي بكر أعتق ناسا لم يلتمس منهم جزاء ولا شكورا ستة أو سبعة منهم بلال وعامر بن فهيرة‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله‏:‏ ‏{‏وسيجنبها الأتقى‏}‏ قال‏:‏ هو أبو بكر الصديق‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله‏:‏ ‏{‏وما لأحد عنده من نعمة تجزى‏}‏ يقول‏:‏ ليس به مثابة الناس ولا مجازاتهم إنما عطيته لله‏.‏