فصل: الآية 6

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 الآية 6

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس ‏{‏وابتلوا اليتامى‏}‏ يعني اختبروا اليتامى عند الحلم ‏{‏فإن آنستم‏}‏ عرفتم ‏{‏منهم رشدا‏}‏ في حالهم والإصلاح في أموالهم ‏{‏فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا‏}‏ يعني تأكل مال اليتيم مبادرة قبل أن يبلغ فتحول بينه وبين ماله‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ‏{‏وابتلوا اليتامى‏}‏ قال‏:‏ عقولهم ‏{‏حتى إذا بلغوا النكاح‏}‏ يقول‏:‏ الحلم ‏{‏فإن آنستم‏}‏ قال‏:‏ أحسستم ‏{‏منهم رشدا‏}‏ قال‏:‏ العقل‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي ‏{‏وابتلوا اليتامى‏}‏ قال‏:‏ جربوا عقولهم ‏{‏فإن آنستم منهم رشدا‏}‏ قال‏:‏ عقولا وصلاحا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن مقاتل ‏{‏وابتلوا اليتامى‏}‏ يعني الأولياء والأوصياء‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن قيس ‏{‏حتى إذا بلغوا النكاح‏}‏ قال‏:‏ خمس عشرة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن الحسن ‏{‏فإن آنستم منهم رشدا‏}‏ قال‏:‏ صلاحا في دينه وحفظا لماله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ‏{‏فإن آنستم منهم رشدا‏}‏ قال‏:‏ صلاحا في دينهم وحفظا لأموالهم‏.‏

وخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ إذا أدرك اليتيم بحلم وعقل ووقار دفع إليه ماله‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال‏:‏ لا تدفع إلى اليتيم ماله وإن شمط ما لم يؤنس منه رشد‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الحسن ‏{‏ولا تأكلوها إسرافا وبدارا‏}‏ ويقول‏:‏ لا تسرف فيها ولا تبادر‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ‏{‏ولا تأكلوها إسرافا‏}‏ يعني في غير حق ‏{‏وبدارا أن يكبروا‏}‏ قال‏:‏ خشية أن يبلغ الحلم فيأخذ ماله‏.‏

وأخرج البخاري وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عائشة قالت‏:‏ أنزلت هذه الآية في ولي اليتيم ‏{‏ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف‏}‏ بقدر قيامه عليه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والحاكم وصححه من طريق مقسم عن ابن عباس ‏{‏ومن كان غنيا فليستعفف‏}‏ قال‏:‏ بغناه من ماله حتى يستغني عن مال اليتيم لا يصيب منه شيئا ‏{‏ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف‏}‏ قال‏:‏ يأكل من ماله يقوت على نفسه حتى لا يحتاج إلى مال اليتيم‏.‏

وأخرج ابن المنذر من طريق أبي يحيى عن ابن عباس ‏{‏ومن كان غنيا فليستعفف‏}‏ قال‏:‏ يستعف بماله حتى لا يفضي إلى مال اليتيم‏.‏

وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس ‏{‏ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف‏}‏ قال‏:‏ هو القرض‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس ‏{‏ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف‏}‏ يعني القرض‏.‏

وأخرج عبد بن حميد والبيهقي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ ولي اليتيم إن كان غنيا فليستعفف وإن كان فقيرا أخذ من فضل اللبن وأخذ بالقوت لا يجاوزه، وما يستر عورته من الثياب، فإن أيسر قضاه، وإن أعسر فهو في حل‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية يقول‏:‏ إن كان غنيا فلا يحل له أن يأكل من مال اليتيم شيئا، وإن كان فقيرا فليستقرض منه، فإذا وجد ميسرة فليعطه ما استقرض منه فذلك أكله بالمعروف‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن جرير والنحاس في ناسخه وابن المنذر والبيهقي في سننه من طرق عن عمر بن الخطاب قال‏:‏ إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم، إن استغنيت استعففت وإن احتجت أخذت منه بالمعروف‏.‏ فإذا أيسرت قضيت‏.‏

وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس في قوله ‏{‏ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف‏}‏ قال‏:‏ إذا احتاج ولي اليتيم وضع يده فأكل من طعامهم، ولا يلبس منه ثوبا ولا عمامة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس ‏{‏فليأكل بالمعروف‏}‏ قال‏:‏ بأطراف أصابعه الثلاث‏.‏

وأخرج ابن المنذر والطبراني عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ يأكل الفقير إذا ولي مال اليتيم بقدر قيامه على ماله ومنفعته له، وما لم يسرف أو يبذر‏.‏

وأخرج مالك وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والنحاس في ناسخه عن القاسم بن محمد قال‏:‏ جاء رجل إلى ابن عباس فقال‏:‏ إن في حجري أيتاما، وإن لهم إبلا فماذا يحل لي من ألبانها‏؟‏ فقال‏:‏ إن كنت تبغي ضالتها، وتهنا جرباها، وتلوط حوضها، وتسعى عليها فاشرب غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب‏.‏

وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عمرو أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ليس لي مال ولي يتيم‏؟‏ فقال ‏"‏كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر، ولا متأثل مالا، ومن غير أن تقي مالك بماله‏"‏‏.‏

وأخرج ابن حبان عن جابر ‏"‏أن رجلا قال يا رسول الله مم أضرب يتيمي‏؟‏ قال‏:‏ مما كنت ضاربا منه ولدك غير واق مالك بماله، ولا متأثل منه مالا‏"‏‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي شيبة والنحاس في ناسخه عن الحسن العرني ‏"‏أن رجلا قال‏:‏ يا رسول الله مم أضرب يتيمي‏؟‏ قال‏:‏ مما كنت ضاربا منه ولدك قال‏:‏ فأصيب من ماله‏؟‏ قال‏:‏ بالمعروف غير متأثل مالا، ولا واق مالك بماله‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال‏:‏ ذكر لنا أن عم ثابت بن وداعة - وثابت يومئذ يتيم في حجره من الأنصار - أتى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال ‏"‏إن ابن أخي يتيم في حجري فماذا يحل لي من ماله‏؟‏ قال‏:‏ أن تأكل من ماله بالمعروف من غير أن تقي مالك بماله، ولا تأخذ من ماله وفرا‏.‏ قال‏:‏ وكان اليتيم يكون له الحائط من النخل فيقوم وليه على صلاحه وسقيه فيصيب من ثمره، ويكون له الماشية فيقوم وليه على صلاحها ومؤنتها وعلاجها فيصيب من جزارها ورسلها وعوارضها، فأما رقاب المال فليس لهم أن يأكلوا ولا يستهلكوه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن عطاء قال‏:‏ خمس في كتاب الله رخصة وليست بعزيمة قوله ‏{‏ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف‏}‏ إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل‏.‏

وأخرج أبو داود والنحاس كلاهما في الناسخ وابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس ‏{‏ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف‏}‏ قال‏:‏ نسختها ‏(‏إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما‏.‏‏.‏‏)‏ ‏(‏النساء الآية 10‏)‏ الآية‏.‏

وأخرج أبو داود في ناسخه عن الضحاك‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أبي الزناد في الآية قال‏:‏ كان أبو الزناد يقول‏:‏ إنما كان ذلك في أهل البدو وأشباههم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن نافع بن أبي نعيم القاري قال‏:‏ سألت يحيى بن سعيد وربيعة عن قوله ‏{‏فليأكل بالمعروف‏}‏ قالا‏:‏ ذلك في اليتيم، إن كان فقيرا أنفق عليه بقدر فقره ولم يكن للولي منه شيء‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس ‏{‏فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم‏}‏ يقول‏:‏ إذا دفع إلى اليتيم ماله فليدفعه إليه بالشهود كما أمره الله‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية يقول للأوصياء‏:‏ إذا دفعتم إلى اليتامى أموالهم إذا بلغوا الحلم فأشهدوا عليهم بالدفع إليهم أموالهم ‏{‏وكفى بالله حسيبا‏}‏ يعني لا شاهد أفضل من الله فيما بينكم وبينهم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن السدي ‏{‏وكفى بالله حسيبا‏}‏ يقول‏:‏ شهيدا‏.‏

 الآية 7

أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال‏:‏ كان أهل الجاهلية لا يورثون البنات، ولا الصغار الذكور حتى يدركوا‏.‏ فمات رجل من الأنصار يقال له أوس بن ثابت وترك ابنتين وابنا صغيرا، فجاء ابنا عمه وهما عصبته فأخذا ميراثه كله، فقالت امرأته لهما‏:‏ تزوجا بهما وكان بهما دمامة فأبيا‏.‏ فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‏:‏ يا رسول الله توفي أوس وترك ابنا صغيرا وابنتين، فجاء ابنا عمه خالد وعرفطة فأخذا ميراثه، فقلت لهما‏:‏ تزوجا ابنتيه فأبيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ما أدري ما أقول‏؟‏ فنزلت ‏{‏للرجال نصيب مما ترك الولدان والأقربون‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ فأرسل إلى خالد وعرفطة فقال‏:‏ لا تحركا من الميراث شيئا، فإنه قد أنزل علي فيه شيء أخبرت فيه أن للذكر والأنثى نصيبا، ثم نزل بعد ذلك ‏(‏ويستفتونك في النساء‏)‏ ‏(‏النساء الآية 127‏)‏ إلى قوله ‏(‏عليما‏)‏ ثم نزل ‏(‏يوصيكم الله في أولادكم‏)‏ ‏(‏النساء الآية 11‏)‏ إلى قوله ‏(‏والله عليم حليم‏)‏ فدعا بالميراث فأعطى المرأة الثمن، وقسم ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال‏:‏ نزلت في أم كلثوم، وابنة أم كحلة، أو أم كحة، وثعلبة بن أوس، وسويد، وهم من الأنصار‏.‏ كان أحدهم زوجها والآخر عم ولدها فقالت‏:‏ يا رسول الله توفي زوجي وتركني وابنته فلم نورث من ماله فقال عم ولدها‏:‏ يا رسول الله لا تركب فرسا، ولا تنكأ عدوا ويكسب عليها ولا تكتسب‏.‏ فنزلت ‏{‏للرجال نصيب‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون النساء ولا الولدان الصغار شيئا، يجعلون الميراث لذي الأسنان من الرجال‏.‏ فنزلت ‏{‏للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون‏}‏ إلى قوله ‏{‏مما قل منه أو كثر‏}‏ يعني من الميراث ‏{‏نصيبا‏}‏ يعني حظا ‏{‏مفروضا‏}‏ يعني معلوما‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك ‏{‏نصيبا مفروضا‏}‏ قال‏:‏ وقفا معلوما‏.‏

 الآية 8

أخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس ‏{‏وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين‏}‏ قال‏:‏ هي محكمة وليست بمنسوخة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق مقسم عن ابن عباس ‏{‏وإذا حضر القسمة‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ هي قائمة يعمل بها‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن حطان بن عبد الله في هذه الآية قال‏:‏ قضى بها أبو موسى‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن يحيى بن يعمر قال‏:‏ ثلاث آيات مدنيات محكمات ضيعهن كثير من الناس ‏{‏وإذا حضر القسمة‏}‏ الآية وآية الاستئذان ‏(‏والذين لم يبلغوا الحلم منكم‏)‏ ‏(‏النور الآية 58‏)‏ وقوله ‏(‏إنا خلقناكم من ذكر وأنثى‏.‏‏.‏‏)‏ ‏(‏الحجرات الآية 13‏)‏ الآية‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‏:‏ إن ناسا يزعمون أن هذه الآية نسخت ‏{‏وإذا حضر القسمة‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ ولا والله ما نسخت ولكنه مما تهاون به الناس، هما واليان‏:‏ وال يرث فذاك الذي يرزق ويكسو، ووال ليس بوارث فذاك الذي يقول قولا معروفا‏.‏ يقول‏:‏ إنه مال يتيم وماله فيه شيء‏.‏

وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير والحاكم وصححه من طريق من عكرمة عن ابن عباس ‏{‏وإذا حضر القسمة أولو القربى‏}‏ قال‏:‏ يرضخ لهم، فإن كان في المال تقصير اعتذر إليهم، فهو قولا معروفا‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن عمرة ابنة عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر حين قسم ميراث أبيه أمر بشاة فاشتريت من المال، وبطعام فصنع‏.‏ فذكرت ذلك لعائشة فقالت‏:‏ عمل بالكتاب، هي لم تنسخ‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه من طريق علي عن ابن عباس في هذه الآية قال‏:‏ أمر الله المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يصلوا أرحامهم وأيتامهم ومساكينهم من الوصية إن كان أوصى لهم، فإن لم يكن لهم وصية وصل إليهم من مواريثهم‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ ذلك قبل أن تنزل الفرائض، فأنزل الله بعد ذلك الفرائض، فأعطى كل ذي حق حقه، فجعلت الصدقة فيما سمى المتوفى‏.‏

وأخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس ‏{‏وإذا حضر القسمة‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ نسختها آية الميراث فجعل لكل إنسان نصيبه مما ترك مما قل منه أو كثر‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي وابن أبي مليكة أن أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق والقاسم بن محمد بن أبي بكر أخبراه أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر قسم ميراث أبيه عبد الرحمن وعائشة حية‏.‏ قالا‏:‏ فلم يدع في الدار مسكينا ولا ذا قرابة إلا أعطاه من ميراث أبيه‏.‏ وتلا ‏{‏وإذا حضر القسمة‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال القاسم‏:‏ فذكرت ذلك لابن عباس فقال‏:‏ ما أصاب ليس ذلك له إنما ذلك للوصية، وإنما هذه الآية في الوصية يريد الميت أن يوصي لهم‏.‏

وأخرج النحاس في ناسخه من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله ‏{‏وإذا حضر القسمة‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ نسختها ‏(‏يوصيكم الله في أولادكم‏.‏‏.‏‏)‏ ‏(‏النساء الآية 11‏)‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس والبيهقي عن سعيد بن المسيب في هذه الآية قال‏:‏ هي منسوخة كانت قبل الفرائض، كان ما ترك الرجل من مال أعطى منه اليتيم والفقير والمسكين وذوو القربى إذا حضروا القسمة، ثم نسخ بعد ذلك نسختها المواريث، فالحق الله بكل ذي حق حقه، وصارت الوصية من ماله يوصي بها لذوي قرابته حيث يشاء‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن سعيد بن جبير في الآية قال‏:‏ إن كانوا كبارا يرضخوا وإن كانوا صغارا اعتذروا إليهم‏.‏ فذلك قوله ‏{‏قولا معروفا‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح في الآية قال‏:‏ كانوا يرضخون لذوي القرابة حتى نزلت الفرائض‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي مالك قال‏:‏ نسختها آية الميراث‏.‏

 الآية 9

أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله ‏{‏و ليخش الذين لو تركوا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ هذا في الرجل يحضر الرجل عند موته فيسمعه يوصي وصية يضر بورثته، فأمر الله الذي يسمعه أن يتقي الله ويوفقه ويسدده للصواب، ولينظر لورثته كما يحب أن يصنع بورثته إذا خشي عليهم الضيعة‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ يعني الرجل يحضره الموت فيقال له‏:‏ تصدق من مالك وأعتق وأعط منه في سبيل الله، فنهوا أن يأمروا بذلك‏.‏ يعني أن من حضر منكم مريضا عند الموت فلا يأمره أن ينفق ماله في العتق، أو في الصدقة، أو في سبيل الله، ولكن يأمره أن يبين ما له وما عليه من دين، ويوصي من ماله لذوي قرابته الذين لا يرثون، يوصي لهم بالخمس أو الربع‏.‏ يقول‏:‏ ليس لأحدكم إذا مات وله ولد ضعاف - يعني صغارا - أن يتركهم بغير مال فيكونون عيالا على الناس، ولا ينبغي لكم أن تأمروه بما لا ترضون به لأنفسكم ولأولادكم، ولكن قولوا الحق في ذلك‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية يعني بذلك الرجل يموت وله أولاد صغار ضعاف يخاف عليهم العيلة والضيعة، ويخاف بعده أن لا يحسن إليهم من يليهم يقول‏:‏ فإن ولي مثل ذريته ضعافا يتامى فليحسن إليهم، ولا يأكل أموالهم إسرافا وبدارا أن يكبروا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال‏:‏ إذا حضر الرجل عند الوصية فليس ينبغي أن يقال‏:‏ أوص بمالك فإن الله رازق ولدك، ولكن يقال له‏:‏ قدم لنفسك واترك لولدك‏.‏ فذلك القول السديد، فإن الذي يأمر بهذا يخاف على نفسه العيلة‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وآدم والبيهقي عن مجاهد في الآية قال‏:‏ كان الرجل إذا حضر يقال له‏:‏ أوص لفلان، أوص لفلان، وافعل كذا وافعل كذا حتى يضر ذلك بورثته‏.‏ فقال الله ‏{‏وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم‏}‏ قال‏:‏ لينظروا لورثة هذا كما ينظر هذا لورثة نفسه، فليتقوا الله، وليأمروه بالعدل والحق‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ‏{‏وليخش الذين لو تركوا من خلفهم‏}‏ يعني من بعد موتهم ‏{‏ذرية ضعافا‏}‏ يعني عجزة لا حيلة لهم ‏{‏خافوا عليهم‏}‏ يعني على ولد الميت الضيعة كما يخافون على ولد أنفسهم ‏{‏فليتقوا الله وليقولوا‏}‏ للميت إذا جلسوا إليه ‏{‏قولا سديدا‏}‏ يعني عدلا في وصيته فلا يجور‏.‏

وأخرج ابن جرير عن الشيباني قال‏:‏ كنا بالقسطنطينية أيام مسلمة بن عبد الملك وفينا ابن محيريز، وابن الديلمي، وهانئ بن كلثوم، فجعلنا نتذاكر ما يكون في آخر الزمان، فضقت ذرعا بما سمعت فقلت لابن الديلمي‏:‏ يا أبا بشر يودني أنه لا يولد لي ولد أبدا‏.‏ فضرب بيده على منكبي وقال‏:‏ يا ابن أخي لا تفعل، فإنه ليست من نسمة كتب الله لها أن تخرج من صلب رجل وهي خارجة إن شاء وإن أبى‏.‏ قال‏:‏ ألا أدلك على أمر إن أنت أدركته نجاك الله منه، وإن تركت ولدك من بعدك حفظهم الله فيك‏؟‏ قلت‏:‏ بلى‏.‏ فتلا علي هذه الآية ‏{‏وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال‏:‏ ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏اتقوا الله في الضعيفين‏:‏ اليتيم، والمرأة، أيتمه ثم أوصى به، وابتلاه وابتلى به‏"‏‏.‏