فصل: الآيات (‏75 - 79‏)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


-  الآية ‏(‏75 - 79‏)‏‏.‏

- أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس ‏{‏وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض‏}‏ قال‏:‏ الشمس والقمر والنجوم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس ‏{‏وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض‏}‏ قال‏:‏ كشف ما بين السموات والأرض حتى نظر إليهن على صخرة، والصخرةعلى حوت، وهو الحوت الذي منه طعام الناس، والحوت في سلسلة والسلسلة في خاتم العزة‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس ‏{‏ملكوت السموات والأرض‏}‏ قال‏:‏ ملك السموات والأرض قال‏:‏ سلطانهما‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ‏{‏وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض‏}‏ قال‏:‏ إنما هو ملك السموات والأرض، ولكنه بلسان النبطية ملكوثا‏.‏

وأخرج آدم بن أبي اياس وابن المنذر وابن حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله ‏{‏وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض‏}‏ قال‏:‏ آيات فرجت له السموات السبع، فنظر إلى ما فيهن حتى انتهى بصره إلى العرش، وفرجت له الأرضون السبع فنظر إلى ما فيهن‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ‏{‏وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض‏}‏ قال‏:‏ قام على صخرة ففرجت له السموات السبع حتى نظر إلى العرش وإلى منزله من الجنة، ثم فرجت له الأرضون السبع حتى نظر إلى الصخرة التي عليها الأرضون، كذلك قوله ‏{‏وآتيناه أجره في الدنيا‏}‏ ‏(‏العنكبوت الآية 27‏)‏‏.‏

وأخرج أحمد وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الرحمن بن عائش الحضرمي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ رأيت ربي في أحسن صورة فقال‏:‏ فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد‏؟‏ قال‏:‏ قلت أنت أعلم أي رب‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ قال‏:‏ فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي‏.‏ قال‏:‏ فعلمت ما في السموات والأرض، ثم تلا هذه الآية ‏{‏وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين‏}‏ ثم قال‏:‏ يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى‏؟‏ قال‏:‏ قلت‏:‏ في الدرجات والكفارات‏.‏ قال‏:‏ وما الكفارات‏؟‏ قلت‏:‏ نقل الأقدام إلى الجماعات، والمجالس في المساجد خلاف الصلوات، وإبلاغ الوضوء أماكنه في المكروه، فمن يفعل ذلك يعش بخير ويمت بخير، ويكن من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه، وأما الدرجات فبذل السلام، وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام‏.‏ قال‏:‏ قل اللهم إني أسألك الطيبات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة في قوم فتوفني غير مفتون‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ تعلموهن فإنهن حق‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏لما رأى إبراهيم ملكوت السموات والأرض أشرف على رجل على معصية من معاصي الله فدعا عليه فهلك، ثم أشرف على آخر على معصية من معاصي الله فدعا فهلك، ثم أشرف على آخر فذهب يدعو عليه، فأوحى الله إليه‏:‏ أن يا إبراهيم أنك رجل مستجاب الدعوة فلا تدع على عبادي، فإنهم مني على ثلاث‏.‏ أما أن يتوب فأتوب عليه، وإما أن أخرج من صلبه نسمة تملأ الأرض بالتسبيح، وإما أن أقبضه إلي فإن شئت عفوت وإن شئت عاقبت‏"‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن عطاء قال‏:‏ لما رفع إبراهيم إلى ملكوت السموات أشرف على عبد يزني فدعا عليه فأهلك، ثم رفع أيضا فأشرف على عبد يزني فدعا عليه فأهلك، ثم رفع أيضا فأشرف على عبد يزني، فأراد أن يدعو عليه فقال له ربه‏:‏ على رسلك يا إبراهيم، فإنك عبد مستجاب لك، وإني من عبدي على إحدى ثلاث خلال‏.‏ إما أن يتوب إلي فأتوب عليه، وإما أن أخرج منه ذرية طيبة، وإما أن يتمادى فيما هو فيه فأنا من ورائه‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب في قوله ‏{‏وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض‏}‏ قال‏:‏ رفع إبراهيم إلى السماء فنظر أسفل منه، فرأى رجلا على فاحشة فدعا فخسف به حتى دعا على سبعة كلهم يخسف به، فنودي يا إبراهيم رفه عن عبادي ثلاث مرار إني من عبدي بين ثلاث، إما أن يتوب فأتوب عليه، وإما أن استخرج من صلبه ذرية مؤمنة، وإما أن يكفر فحسبه جهنم‏.‏

وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الشعب من طريق شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏لما رأى إبراهيم ملكوت السموات والأرض أبصر عبدا على خطيئة فدعا عليه، ثم أبصر عبدا على خطيئة فدعا عليه، فأوحى الله إليه‏:‏ يا إبرهيم إنك عبد مستجاب الدعوة فلا تدع على أحد فإني من عبدي على ثلاث، إما أن أخرج من صلبه ذرية تعبدني، وإما أن يتوب في آخر عمره فأتوب عليه، وإما أن يتولى فإن جهنم من ورائه‏"‏‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وأبو الشيخ عن سلمان الفارسي قال‏:‏ لما رأى إبراهيم ملكوت السموات والأرض رأى رجلا على فاحشة فدعا عليه فهلك، ثم رأى آخر على فاحشة فدعا عليه فهلك، ثم رأى آخر على فاحشة فدعا عليه، فأوحى الله إليه‏:‏ أن يا إبراهيم مهلا فإنك رجل مستجاب لك، وإني من عبدي على ثلاث خصال‏.‏ إما أن يتوب قبل الموت فأتوب عليه، وإما أن أخرج من صلبه ذرية يذكروني، وإما أن يتولى فجهنم من ورائه‏.‏

وأخرج البيهقي في الشعب عن عطاء قال‏:‏ لما رفع إبراهيم في ملكوت السموات رأى رجلا يزني فدعا عليه فهلك، ثم رفع فرأى رجلا يزني فدعا عله فهلك، ثم رفع فرأى رجلا يزني فدعا عليه فهلك، ثم رأى رجلا يزني فدعا عليه فهلك‏.‏ فقيل‏:‏ على رسلك يا إبراهيم إنك عبد يستجاب لك، وإني من عبدي على ثلاث، إما أن يتوب إلي فأتوب عليه، وإما أن أخرج منه ذرية طيبة تعبدني، وإما أن يتمادى فيما هو فيه فإن جهنم من ورائه‏.‏ وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض‏}‏ قال‏:‏ يعني خلق السموات والأرض ‏{‏وليكون من الموقنين‏}‏ فإنه جلا له الأمر سره وعلانيته، فلم يخف عليه شيء من أعمال الخلائق، فلما جعل يلعن أصحاب الذنوب قال الله‏:‏ إنك لا تستطيع هذا، فرده الله كما كان قبل ذلك‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في الآية قال‏:‏ ذكر لنا أن إبراهيم عليه السلام فر به من جبار مترف، فجعل في سرب وجعل رزقه في أطرافه، فجعل لا يمص أصبعا من أصابعه إلا جعل الله له فيها رزقا، فلما خرج من ذلك السرب أراه الله ملكوت السموات والأرض، وأراه شمسا وقمرا ونجوما وسحابا وخلقا عظيما، وأراه ملكوت الأرض فرأى جبالا وبحورا وأنهارا وشجرا ومن كل الدواب وخلقا عظيما ‏{‏فلما جن عليه الليل رأى كوكبا‏}‏ ذكر لنا أن الكوكب الذي رأى الزهرة طلعت عشاء ‏{‏قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين‏}‏ علم أن ربه دائم لا يزول ‏{‏فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي‏}‏ رأى خلقا أكبر من الخلق الأول ‏{‏فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين*فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر‏}‏ أي أكبر خلقا من الخلقين الأولين وأبهى وأنور‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال‏:‏ كان من شأن إبراهيم عليه السلام أن أول ملك ملك في الأرض شرقها وغربها نمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح، وكانت الملوك الذين ملكوا الأرض كلها أربعة‏.‏ بن كنعان، وسليمان بن داود، وذو القرنين، وبختنصر‏.‏ مسلمين وكافرين، وأنه طلع كوكب على نمرود، ذهب بضوءالشمس والقمر ففزع من ذلك، فدعا السحرة والكهنة والقافة والحازة فسألهم عن ذلك‏!‏ فقالوا‏:‏ يخرج من ملكك رجل يكون على وجهه هلاكك وهلاك ملكك، وكان مسكنه ببابل الكوفة فخرج من قريته إلى قرية أخرى، وأخرج الرجال وترك النساء، وأمر أن لا يولد مولود ذكر إلا ذبحه فذبح أولادهم‏.‏ ثم أنه بدت له حاجة في المدينة لم يأمن عليها إلا آزر أبا إبراهيم، فدعاه فأرسله فقال له‏:‏ انظر لا تواقع أهلك‏.‏ فقال له آزر أنا أضن بديني من ذلك، فلما دخل القرية نظر إلى أهله فلم يملك نفسه أن وقع عليها، ففر بها إلى قرية بين الكوفة والبصرة يقال لها ادر فجعلها في سرب، فكان يتعهدها بالطعام وما يصلحها، وإن الملك لما طال عليه الأمر قال‏:‏ قول سحرة كذابين ارجعوا إلى بلدكم، فرجعوا وولد إبراهيم فكان في كل يوم يمر به كأنه جمعة والجمعة كالشهر من سرعة شبابه، ونسي الملك ذاك وكبر إبراهيم ولا يرى أن أحدا من الخلق غيره وغير أبيه وأمه، فقال أبو إبراهيم لأصحابه‏:‏ إن لي ابنا وقد خبأته فتخافون عليه الملك إن أنا جئت به‏؟‏ قالوا‏:‏ لا فائت به‏.‏ فانطلق فأخرجه، فلما خرج الغلام من السرب نظر إلى الدواب والبهائم والخلق، فجعل يسأل أباه فيقول‏:‏ ما هذا‏؟‏ فيخبره عن البعير أنه بعير، وعن البقرة أنها بقرة، وعن الفرس أنها فرس، وعن الشاة أنها شاة‏.‏ فقال‏:‏ ما لهؤلاء بد من أن يكون لهم رب‏.‏

وكان خروجه حين خرج من السرب بعد غروب الشمس، فرفع رأسه إلى السماء فإذا هو بالكوكب وهو المشتري، فقال‏:‏ هذا ربي‏.‏ فلم يلبث أن غاب قال‏:‏ لا أحب ربا يغيب‏.‏ قال ابن عباس‏:‏ وخرج في آخر الشهر فلذلك لم ير القمر قبل الكوكب، فلما كان آخر الليل رأى القمر بازغا قد طلع قال‏:‏ هذا ربي‏.‏ فلما أفل - يقول غاب ‏{‏قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين‏}‏ فلما أصبح رأى الشمس بازغة ‏{‏قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون‏}‏ قال الله له‏:‏ أسلم‏.‏ قال‏:‏ أسلمت لرب العالمين‏.‏ فجعل إبراهيم يدعو قومه وينذرهم، وكان أبوه يصنع الأصنام فيعطيها أولاده فيبيعونها، وكان يعطيه فينادي من يشتري ما يضره ولا ينفعه، فيرجع أخوته وقد باعوا أصنامهم، ويرجع إبراهيم بأصنامه كما هي، ثم دعا أباه فقال ‏{‏يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا‏}‏ ‏(‏مريم الآية 42‏)‏ ثم رجع إبراهيم إلى بيت الآلهة فإذا هن في بهو عظيم مستقبل باب البهو صنم عظيم، إلى جنبه أصغر منه بعضها إلى جنب بعض، كل صنم يليه أصغر منه حتى بلغوا باب البهو، وإذا هم قد جعلوا طعاما بين يدي الآلهة وقالوا‏:‏ إذا كان حين نرجع رجعنا وقد برحت الآلهة من طعامنا فأكلنا، فلما نظر إليهم إبراهيم وإلى ما بين أيديهم من الطعام قال‏:‏ ألا تأكلون‏؟‏ فلما لم تجبه قال‏:‏ ما لكم لا تنطقون‏؟‏

ثم إن إبراهيم أتى قومه فدعاهم، فجعل يدعو قومه وينذرهم، فحبسوه في بيت وجمعوا له الحطب حتى أن المرأة لتمرض فتقول‏:‏ لئن عافاني الله لأجمعن لإبراهيم حطبا، فلما جمعوا له وأكثروا من الحطب، حتى إن كان الطير ليمر بها فيحترق من شدة وهجها وحرها، فعمدوا إليه فرفعوه إلى رأس البنيان، فرفع إبراهيم رأسه إلى السماء فقالت السماء والأرض والجبال والملائكة‏:‏ ربنا إبراهيم يحرق فيك‏.‏ قال‏:‏ أنا أعلم به، فإن دعاكم فأغيثوه‏.‏ وقال إبراهيم حين رفع رأسه إلى السماء‏:‏ اللهم أنت الواحد في السماء وأنا الواحد في الأرض، ليس أحد يعبدك غيري، حسبي الله ونعم الوكيل‏.‏ فقذفوه في النار، فناداها فقال ‏{‏يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم‏}‏ ‏(‏الأنبياء الآية 69‏)‏ وكان جبريل هو الذي ناداها‏.‏ فقال ابن عباس‏:‏ لو لم يتبع بردا سلاما لمات إبراهيم من بردها، ولم يبق يومئذ في الأرض نار إلا طفئت ظنت أنها هي تعنى، فلما طفئت النار نظروا إلى إبراهيم، فإذا هو ورجل آخر معه ورأس إبراهيم في حجره يمسح عن وجهه العرق، وذكر أن ذلك الرجل ملك الظل، فأنزل الله نارا فانتفع بها بنو آدم، وأخرجوا إبراهيم فأدخلوه على الملك ولم يكن قبل ذلك دخل عليه فكلمه‏.‏

وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن السدي في قوله ‏{‏رأى كوكبا‏}‏ قال‏:‏ هو المشتري، وهو الذي يطلع نحو القبلة عند المغرب‏.‏

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن زيد بن علي في قوله ‏{‏رأى كوكبا‏}‏ قال‏:‏ الزهرة‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏فلما أفل‏}‏ أي ذهب‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ‏{‏لا أحب الآفلين‏}‏ قال‏:‏ الزائلين‏.‏

وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له‏:‏ أخبرني عن قوله ‏{‏فلما أفلت‏}‏ قال‏:‏ فلما زالت الشمس عن كبد السماء‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت كعب بن مالك الأنصاري وهو يرثي النبي صلى الله عليه وسلم ويقول‏:‏

فتغير القمر المنير لفقده * والشمس قد كسفت وكادت تأفل

قال‏:‏ أخبرني عن قوله عز وجل ‏{‏حنيفا‏}‏ قال‏:‏ دينا مخلصا‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم، أما سمعت حمزة بن عبد المطلب وهو يقول‏:‏ حمدت الله حين هدى فؤادي إلى الإسلام و الدين الحنيف قال‏:‏ أيضا رجل من العرب يذكر بني عبد المطلب وفضلهم

أقيموا لنادينا حنيفا فانتمو * لنا غاية قد نهتدي بالذوائب

وأخرج أبو الشيخ عن عطاء في قوله ‏{‏حنيفا‏}‏ قال‏:‏ مخلصا‏.‏

وأخرج مسلم والنسائي وابن مردويه عن عياض بن حمار المجاشعي ‏"‏أنه شهد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم فسمعه يقول‏:‏ إن الله أمرني أن أعلمكم ما جهلتم من دينكم مما علمني يومي هذا، إن كل مال نحلته عبدا فهو له حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنه أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن علي ‏"‏أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استفتح الصلاة كبر ثم قال‏:‏ وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين‏"‏‏.‏

-  الآية ‏(‏80 - 81‏)‏

- أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله ‏{‏وحاجه قومه‏}‏ يقول‏:‏ خاصموه‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏أتحاجوني‏}‏ قال‏:‏ أتخاصموني‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ ‏(‏أتحاجوني‏)‏ مشددة النون‏.‏

وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج في قوله ‏{‏وحاجه قومه‏}‏ قال‏:‏ دعوا مع الله إلها ‏{‏قال أتحاجوني في الله وقد هدان‏}‏ وقد عرفت ربي، خوفوه بآلهتهم أن يصيبه منها خبل فقال ‏{‏ولا أخاف ما تشركون به‏}‏ ثم قال ‏{‏وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون‏}‏ أيها المشركون ‏{‏أنكم أشركتم‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ‏{‏فأي الفريقين أحق بالأمن‏}‏ قال‏:‏ قول إبراهيم حين سألهم أي الفريقين أحق بالأمن، ومن حجة إبراهيم‏!‏ ‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله ‏{‏فأي الفريقين أحق بالأمن‏}‏ أمن خاف غير الله ولم يخفه، أم من خاف الله ولم يخف غيره‏؟‏ فقال الله ‏{‏الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون‏}‏ ‏(‏الأنعام الآية 82‏)‏‏.‏

-  الآية ‏(‏82‏)‏

- أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدار قطني في الأفراد وأبو الشيخ وابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال‏:‏ لما نزلت هذه الآية ‏{‏الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏}‏ شق ذلك على الناس فقالوا‏:‏ يا رسول الله وأينا لا يظلم نفسه‏؟‏‏!‏ قال ‏"‏إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح ‏{‏إن الشرك لظلم عظيم‏}‏ ‏(‏لقمان الآية 13‏)‏ إنما هو الشرك ‏"‏‏.‏

وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي بكر الصديق‏.‏ أنه سئل عن هذه الآية ‏{‏الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏}‏ قال‏:‏ ما تقولون‏؟‏ قالوا‏:‏ لم يظلموا‏.‏ قال‏:‏ حملتم الأمر على أشده، بظلم‏:‏ بشرك، ألم تسمع إلى قول الله ‏{‏إن الشرك لظلم عظيم‏}‏‏؟‏

وأخرج أبو الشيخ عن عمر بن الخطاب ‏{‏ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏}‏ قال‏:‏ بشرك‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وأبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن حذيفة ‏{‏ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏}‏ قال‏:‏ بشرك‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن سلمان الفارسي‏.‏ أنه سئل عن هذه الآية ‏{‏ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏}‏ قال‏:‏ إنما عنى به الشرك، ألم تسمع الله يقول ‏{‏إن الشرك لظلم عظيم‏}‏‏؟‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ من طرق عن أبي بن كعب في قوله ‏{‏ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏}‏ قال‏:‏ ذاك الشرك‏.‏

وأخرج ابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن ابن عباس‏.‏ أن عمر بن الخطاب كان إذا دخل بيته نشر المصحف يقرأه، فدخل ذات يوم فقرأ سورة الأنعام، فأتى على هذه الآية ‏{‏الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏}‏ إلى آخر الآية، فانتقل وأخذ رداءه ثم أتى أبي بن كعب، فقال‏:‏ يا أبا المنذر أتيت على هذه الآية ‏{‏الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏}‏ وقد نرى أنا نظلم ونفعل ونفعل‏؟‏ فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إن هذا ليس بذاك‏.‏ يقول الله ‏{‏إن الشرك لظلم عظيم‏}‏ ‏(‏لقمان الآية 13‏)‏ إنما ذلك الشرك‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ من طرق عن ابن عباس ‏{‏ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏}‏ قال‏:‏ بشرك‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن مجاهد ‏{‏ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏}‏ قال‏:‏ بعبادة الأوثان‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏}‏ يقول‏:‏ لم يخلصوا إيمانهم بشرك‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه عن علي بن أبي طالب في قوله ‏{‏الذين آمنو ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏}‏ قال‏:‏ نزلت هذه الآية في إبراهيم وأصحابه خاصة، ليس في هذه الأمة‏.‏

وأخرج أحمد والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن جرير بن عبد الله قال‏:‏ خرجنا مع رسول صلى الله عليه وسلم، فلما برزنا من المدينة إذا راكب يوضع نحونا، فانتهى إلينا فسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏من أين أقبلت‏؟‏ فقال‏:‏ من أهلي وولدي وعشيرتي أريد رسول الله‏.‏ قال‏:‏ قد أصبته‏.‏ قال‏:‏ علمني ما الإيمان‏؟‏ قال‏:‏ تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت‏.‏ قال‏:‏ قد أقررت‏.‏ ثم إن بعيره دخلت يده في شبكة جردان فهوى ووقع الرجل على هامته فمات‏.‏ فقال‏:‏ رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ هذا من الذين عملوا قليلا وأجروا كثيرا، هذا من الذين قال الله ‏{‏الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون‏}‏ إني رأيت حور العين يدخلن في فيه من ثمار الجنة، فعلمت أن الرجل مات جائعا‏"‏‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير ساره، إذ عرض له أعرابي فقال‏:‏ والذي بعثك بالحق لقد خرجت من بلادي وتلادي لأهتدي بهداك وآخذ من قولك فاعرض علي، فأعرض عليه الإسلام فقبل، فازدحمنا حوله فدخل خف بكره في ثقب جردان، فتردى الأعرابي فانكسرت عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أسمعتم بالذي عمل قليلا وأجر كثيرا هذا منهم‏؟‏ أسمعتم بالذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم هذا منهم‏؟‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن بكر بن سوادة قال‏:‏ حمل رجل من العدو على المسلمين فقتل رجلا، ثم حمل فقتل آخر، ثم حمل فقتل آخر، ثم قال‏:‏ أينفعني الإسلام بعد هذا‏؟‏ قالوا‏:‏ ما ندري، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ نعم‏.‏ فضرب فرسه فدخل فيهم، ثم حمل على أصحابه فقتل رجلا، ثم آخر، ثم قتل‏.‏ قال‏:‏ فيرون أن هذه الآية نزلت فيه ‏{‏الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم التيمي ‏"‏أن رجلا سأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فسكت حتى جاء رجل فأسلم، فلم يلبث إلا قليلا حتى قاتل فاستشهد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ هذا منهم من الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم‏"‏‏.‏

وأخرج البغوي في معجمه وابن أبي حاتم وابن قانع والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن سخبرة قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏من ابتلي فصبر، وأعطي فشكر، وظلم فغفر، وظلم فاستغفر، ثم سكت النبي صلى الله عليه وسلم فقيل‏:‏ يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله‏؟‏ قال ‏{‏أولئك لهم الأمن وهم مهتدون‏}‏ ‏"‏‏.‏

-  الآية ‏(‏83‏)‏‏.‏

- أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس في قوله ‏{‏وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه‏}‏ قال‏:‏ ذاك في الخصومة التي كانت بينه وبين قومه، والخصومة التي كانت بينه وبين الجبار الذي يسمى نمرود‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ‏{‏وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه‏}‏ قال‏:‏ خصمهم‏.‏

وأخرج أبو الشيخ من طريق مالك بن أنس عن زيد بن أسلم في قوله ‏{‏وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه‏}‏ قال‏:‏ خصمهم‏.‏

وأخرج أبو الشيخ من طريق مالك بن أنس عن زيد بن أسلم في قوله ‏{‏نرفع درجات من نشاء‏}‏ قال‏:‏ بالعلم‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال‏:‏ إن للعلماء درجات كدرجات الشهداء‏.‏