فصل: الآية (31)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 الآية 31

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال ‏"‏ قتل النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر صبرا عقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث، وكان المقداد أسر النضر فلما أمر بقتله قال المقداد‏:‏ يا رسول الله أسيري‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنه كان يقول في كتاب الله ما يقول‏:‏ وفيه أنزلت هذه الآية ‏{‏وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السيد رضي الله عنه قال‏:‏ كان النضر بن الحارث يختلف إلى الحيرة فيسمع سجع أهلها وكلامهم، فلما قدم إلى مكة سمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن فقال‏:‏ ‏{‏قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا، إن هذا إلا أساطير الأولين‏}‏‏.‏

 الآيات 32 - 34

أخرج البخاري وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال‏:‏ قال أبو جهل بن هشام ‏{‏اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم‏}‏ فنزلت ‏{‏وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال‏:‏ ذكر لنا أنها أنزلت في أبي جهل بن هشام‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك‏}‏ قال‏:‏ نزلت في النضر بن الحارث‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عطاء قال‏:‏ نزلت في النضر ‏{‏وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء‏}‏ ‏(‏وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب‏)‏ ‏(‏ص الآية 16‏)‏‏.‏ ‏(‏ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة‏)‏ ‏(‏الأنعام الآية 94‏)‏ و ‏(‏سأل سائل بعذاب واقع‏)‏ ‏(‏المعارج الآية 1‏)‏ قال عطاء رضي الله عنه‏:‏ لقد نزل فيه بضع عشرة آية من كتاب الله‏.‏

وأخرج ابن مروديه عن بريدة رضي الله عنه قال‏:‏ رأيت عمرو بن العاص واقفا على فرس يوم أحد وهو يقول‏:‏ اللهم إن كان ما يقول محمد حقا فاخسف بي وبفرسي‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ كان المشركون يطوفون بالبيت ويقولون‏:‏ لبيك لا شريك لك لبيك‏.‏ فيقول النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ قد، قد‏.‏ ويقولون‏:‏ لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه وما ملك، ويقولون‏:‏ غفرانك غفرانك‏.‏ فأنزل الله تعالى ‏{‏وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ فقال ابن عباس رضي الله عنه‏:‏ كان فيهم أمانان النبي صلى الله عليه وسلم والاستغفار، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم وبقي الاستغفار ‏{‏وما لهم أن لا يعذبهم الله‏}‏ قال‏:‏ هو عذاب الآخرة وذلك عذاب الدنيا‏.‏

وأخرج ابن جرير عن يزيد بن رومان ومحمد بن قيس قالا‏:‏ قالت قريش بعضها لبعض‏:‏ محمد صلى الله عليه وسلم أكرمه الله من بيننا ‏{‏اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ فلما أمسوا ندموا على ما قالوا فقالوا‏:‏ غفرانك اللهم‏.‏ فأنزل الله ‏{‏وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون‏}‏ إلى قوله ‏{‏لا يعلمون‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن أبزي رضي الله عنه قال‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فأنزل الله ‏{‏وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم‏}‏ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأنزل الله ‏{‏وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون‏}‏ فلما خرجوا أنزل الله ‏{‏وما لهم أن لا يعذبهم الله‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية فأذن في فتح مكة، فهو العذاب الذي وعدهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطية رضي الله عنه في قوله ‏{‏وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم‏}‏ يعني المشركين حتى يخرجك منهم ‏{‏وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون‏}‏ قال‏:‏ يعني المؤمنين، ثم أعاد المشركين فقال ‏{‏وما لهم أن لا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ‏{‏وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون‏}‏ يقول‏:‏ لو استغفروا وأقروا بالذنوب لكانوا مؤمنين‏.‏ وفي قوله ‏{‏وما لهم أن لا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام‏}‏ يقول‏:‏ وكيف لا أعذبهم وهم لا يستغفرون‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه ‏{‏وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم‏}‏ قال‏:‏ بين أظهرهم ‏{‏وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون‏}‏ يقول‏:‏ وما كان الله معذبهم وهو لا يزال الرجل منهم يدخل في الإسلام‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه ‏{‏وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون‏}‏ قال‏:‏ وهم يدخلون في الإسلام‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن دينار رضي الله عنه قال‏:‏ سئل سعيد بن جبير رضي الله عنه عن الاستغفار‏؟‏ فقال‏:‏ قال الله ‏{‏وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون‏}‏ يقول‏:‏ يعملون على الغفران، وعلمت أن ناسا سيدخلون جهنم ممن يستغفرون بألسنتهم ممن يدعي الإسلام وسائر الملل‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة والحسن رضي الله عنهما في قوله ‏{‏وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون‏}‏ قالا‏:‏ نسختها الآية التي تليها ‏{‏وما لهم أن لا يعذبهم الله‏}‏ فقوتلوا بمكة فأصابهم فيها الجوع والحصر‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه‏.‏ مثله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي مالك رضي الله عنه ‏{‏وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم‏}‏ يعني أهل مكة ‏{‏وما كان الله معذبهم‏}‏ وفيهم المؤمنون يستغفرون‏.‏

وأخرحج البيهقي في شعب الإيمان عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ إن القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، أما داءكم فذنوبكم، وأما دواؤكم فالاستغفار‏.‏

وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن كعب رضي الله عنه قال‏:‏ إن العبد ليذنب الذنب الصغير فيحتقره ولا يندم عليه ولا يستغفر منه، فيعظم عند الله حتى يكون مثل الطود، ويذنب الذنب فيندم عليه ويستغفر منه فيصغر عند الله عز وجل حتى يعفو له‏.‏

وأخرج الترمذي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ أنزل الله علي أمانين لأمتي ‏{‏وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون‏}‏ فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة‏"‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏:‏ كان فيكم أمانان مضى أحدهما وبقي الآخر‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ إن الله جعل في هذه الأمة أمانين لا يزالون معصومين من قوارع العذاب ما داما بين أظهرهم، فأمان قبضه الله تعالى إليه، وأمان بقي فيكم قوله ‏{‏وما كان الله ليعذبهم‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه والحاكم وابن عساكر عن أبي موسى رضي الله عنه قال‏:‏ إنه قد كان فيكم أمانان، مضى أحدهما وبقي الآخر ‏{‏وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون‏}‏ فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد مضى بسبيله، وأما الاستغفار فهو كائن إلى يوم القايمة‏.‏

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ كان في هذه الأمة أمانان‏:‏ رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاستغفار، فذهب أمان - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - وبقي أمان، يعني الاستغفار‏.‏

وأخرج أحمد عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ العبد آمن من عذاب الله ما استغفر الله‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سعيد رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله‏:‏ ‏"‏ إن الشيطان قال‏:‏ وعزتك يا رب، لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم‏.‏ قال الرب‏:‏ وعزتي وجلالي، لا أزال أغفر لهم ما استغفروني‏"‏‏.‏

وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي قال‏:‏ ‏"‏ من أكثر من الاستغفار، جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب‏"‏‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والنسائي وابن ماجة عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏"‏ طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا‏"‏‏.‏

وأخرج الحكيم الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ إن استطعتم أن تكثروا من الاستغفار فافعلوا، فإنه ليس شيء أنجح عند الله ولا أحب إليه منه‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد في الزهد عن مغيث بن أسماء رضي الله عنه قال‏:‏ كان رجل ممن كان قبلكم يعمل بالمعاصي، فبينما هو ذات يوم يسير إذ تفكر فيما سلف منه فقال‏:‏ اللهم غفرانك‏.‏ فأدركه الموت على تلك الحال فغفر له‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال‏:‏ طوبى لمن وجد في صحيفته بندا من الاستغفار‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال‏:‏ من قال‏:‏ أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه خمس مرات، غفر له وإن كان عليه مثل زبد البحر‏.‏

وأخرج أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال ‏"‏ انكسفت الشمس على عهد رسول الله، فصلى رسول الله، فقام فلم يكد يركع، ثم ركع فلم يكد يسجد، ثم سجد فلم يكد يرفع، ثم رفع وفعل في الركعة الأخرى مثل ذلك، ثم نفخ في آخر سجوده، ثم قال‏:‏ رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم، رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون ونحن نستغفرك‏.‏ ففرغ رسول الله من صلاته وقد انمخصت الشمس‏"‏‏.‏

وأخرج الديلمي عن عثمان بن أبي العاص قال‏:‏ قال رسول الله في الأرض أمانا‏:‏ أنا أمان، والاستغفار أمان، وأنا مذهوب بي ويبقى أمان الاستغفار، فعليكم بالاستغفار عند كل حدث وذنب‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله ‏{‏وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم‏}‏ قال‏:‏ ما كان الله ليعذب قوما وأنبياؤهم بين أظهرهم حتى يخرجهم ‏{‏وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون‏}‏ يقول‏:‏ وفيهم من قد سبق له من الله الدخول في الإيمان‏:‏ وهو الاستغفار‏.‏ وقال للكافر ‏{‏ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب‏)‏ ‏(‏آل عمران الآية 179‏)‏ فيميز الله أهل السعادة من أهل الشقاوة ‏{‏وما لهم أن لا يعذبهم الله‏}‏ فعذبهم يوم بدر بالسيف‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ‏{‏وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون‏}‏ ثم استثنى أهل الشرك فقال ‏{‏وما لهم أن لا يعذبهم الله‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والنحاس وأبو الشيخ عن الضحاك ‏{‏وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم‏}‏ قال‏:‏ المشركين الذين بمكة ‏{‏وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون‏}‏ قال‏:‏ المؤمنين بمكة ‏{‏وما لهم أن لا يعذبهم الله‏}‏ قال‏:‏ كفار مكة‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ‏{‏وما لهم أن لا يعذبهم الله‏}‏ قال‏:‏ عذابهم فتح مكة‏.‏

وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله بن الزبير رضي اله عنه ‏{‏وما لهم أن لا يعذبهم الله‏}‏ وهم يجحدون آيات الله ويكذبون رسله، وإن كان فيهم ما يدعون‏.‏

وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه في قوله ‏{‏وهم يصدون عن المسجد الحرام‏}‏ أي من آمن بالله وعبده أنت ومن اتبعك‏.‏ ‏{‏وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون‏}‏ الذين يخرجون منه ويقيمون الصلاة عنده، أي أنت ومن آمن بك‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏إن أولياؤه إلا المتقون‏}‏ قال‏:‏ من كانوا حيث كانوا‏.‏

وأخرج البخاري في الأدب المفرد والطبراني والحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه‏.‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر رضي الله عنه‏:‏ ‏"‏ اجمع لي قومك، فجمعهم فلما حضروا باب النبي صلى الله عليه وسلم دخل عمر رضي الله عنه عليه فقال‏:‏ قد جمعت لك قومي‏.‏ فسمع ذلك الأنصار فقالوا‏:‏ قد نزل في قريش وحي‏.‏ فجاء المستمع والناظر ما يقال لهم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فقام بين أظهرهم فقال‏:‏ هل فيكم من غيركم‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم، فينا حليفنا وابن أختنا وموالينا‏.‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ حليفنا منا، وابن أختنا منا، ومولانا منا، أنتم تسمعون أن أوليائي منكم إلا المتقون، فإن كنتم أولئك فذلك، وإلا فانظروا ألا يأتي الناس بالأعمال يوم القيامة وتأتون بالأثقال فيعرض عنكم‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة رضي الله عنه‏.‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏"‏ إن أوليائي يوم القيامة المتقون وإن كان نسب أقرب من نسب، فلا يأتيني الناس بالأعمال، وتأتوني بالدنيا تحملونها على رقابكم فأقول هكذا وهكذا إلا وأعرض في كل عطفيه‏"‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه والطبراني والبيهقي في سننه عن أنس رضي الله عنه قال‏:‏ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من آلك‏؟‏ فقال‏:‏ كل تقي، وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏{‏إن أولياؤه إلا المتقون‏}‏ ‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏ إن آل فلان ليسوا لي بأولياء، وإنما وليي الله وصالح المؤمنين‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ إن أولى الناس بي المتقون، من كانوا وحيث كانوا‏"‏‏.‏

 الآية 35

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال‏:‏ كانت قريش يعارضون النبي صلى الله عليه وسلم في الطواف، يستهزءون ويصفرون ويصفقون، فنزلت ‏{‏وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية‏}‏‏.‏

وأخرج أبو الشيخ عن نبيط - وكان من الصحابة رضي الله عنه - في قوله ‏{‏وما كان صلاتهم عند البيت‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ كانوا يطوفون بالبيت الحرام وهم يصفرون‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والضياء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ كانوا يطوفون بالبيت عراة تصفر وتصفق، فأنزل الله ‏{‏وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية‏}‏ قال‏:‏ والمكاء الصفير، وإنما شبهوا بصفير الطير وتصدية التصفيق، وأنزل فيهم ‏(‏قل من حرم زينة الله‏)‏ ‏(‏الأعراف الآية 32‏)‏ الآية‏.‏

وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما‏.‏ أن نافع بن الأزرق قال له‏:‏ أخبرني عن قوله عز وجل ‏{‏إلا مكاء وتصدية‏}‏ قال‏:‏ المكاء، صوت القنبرة‏.‏ والتصدية، صوت العصافير وهو التصفيق‏.‏ وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة وهو بمكة، كان يصلي قائما بين الحجر والركن اليماني، فيجيء رجلان من بني سهم يقوم أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، ويصيح أحدهما كما يصيح المكاء، والآخر يصفق بيديه تصدية العصافير ليفسد عليه صلاته‏.‏ قال‏:‏ وهل تعرف العرب ذلك‏؟‏ ققال‏:‏ نعم، أما سمعت حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه يقول‏:‏

نقوم إلى الصلاة إذا دعينا * وهمتك التصدي والمكاء

وقال آخر من الشعراء في التصدية‏:‏

حتى تنبهنا سحيرا * قبل تصدية العصافير

وأخرج ابن المنذر من طريق عطية عن ابن عباس رضي الله عنه قال‏:‏ المكاء، الصفير‏.‏ كان أحدهما يضع يده على الأخرى ثم يصفر‏.‏

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏إلا مكاء وتصدية‏}‏ قال‏:‏ المكاء الصفير، والتصدية التصفيق‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال‏:‏ المكاء الصفير، والتصدية التصفيق‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال‏:‏ المكاء، إدخال أصابعهم في أفواههم‏.‏ والتصدية، الصفير يخلطون بذلك كله على محمد صلى الله عليه وسلم صلاته‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال‏:‏ المكاء، الصفير على نحو طير أبيض يقال له المكاء يكون بأرض الحجاز، والتصدية التصفيق‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ‏{‏إلا مكاء‏}‏ قال‏:‏ كانوا يشبكون أصابعهم ويصفرون فيهن ‏{‏وتصدية‏}‏ قال‏:‏ صدهم الناس‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال‏:‏ كان المشركون يطوفون بالبيت على الشمال وهو قوله ‏{‏وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية‏}‏ فالمكاء، مثل نفخ البوق‏.‏ والتصدية، طوافهم على الشمال‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ‏{‏فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون‏}‏ قال‏:‏ يعني أهل بدر، عذبهم الله بالقتل والأسر‏.‏

 الآيات 36 - 37

وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل كلهم من طريقه قال‏:‏ حدثني الزهري، ومحمد بن يحيى بن حيان، وعاصم بن عمرو بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمر، قالوا‏:‏ لما أصيبت قريش يوم بدر ورجع فلهم إلى مكة ورجع أبو سفيان بعيره، مشى عبد الله بن ربيعة، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، في رجال من قريش إلى من كان معه تجارة‏.‏ فقالوا‏:‏ يا معشر قريش، إن محمدا قد وتركم وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال على حربه فلعلنا أن ندرك منه ثأرا‏.‏ ففعلوا‏.‏ ففيهم كما ذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنزل الله ‏{‏إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله‏}‏ إلى قوله ‏{‏والذين كفروا إلى جهنم يحشرون‏}‏‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ‏{‏إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله‏}‏ قال‏:‏ نزلت في أبي سفيان بن حرب‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏إن الذين كفروا ينفقون أموالهم‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ إلى قوله ‏{‏أولئك هم الخاسرون‏}‏ قال‏:‏ في نفقة أبي سفيان على الكفار يوم أحد‏.‏

وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن سعيد بن جبير في قوله ‏{‏إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل‏.‏‏.‏‏.‏‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ نزلت في أبي سفيان بن حرب، استأجر يوم أحد ألفين من الأحابيش من بني كنانة يقاتل بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى من استجاش من العرب، فأنزل الله هذه الآية، وهم الذين قال فيهم كعب بن مالك رضي الله عنه‏:‏

وجئنا إلى موج من البحر وسطه * أحابيش منهم حاسر ومقنع

ثلاثة آلاف ونحن نصية * ثلاث مئين إن كثرن فأربع

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحكم بن عتيبة في قوله ‏{‏إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله‏}‏ قال‏:‏ نزلت في أبي سفيان، أنفق على مشركي قريش يوم أحد أربعين أوقية من ذهب، وكانت الأوقية يومئذ اثنين وأربعين مثقالا من ذهب‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن السدي رضي الله عنه في قوله ‏{‏إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله‏}‏ وهو محمد صلى الله عليه وسلم ‏{‏فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة‏}‏ يقول‏:‏ ندامة يوم القيامة‏.‏

وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه في قوله ‏{‏والذين كفروا إلى جهنم يحشرون‏}‏ يعني النفر الذين مشوا إلى أبي سفيان، وإلى من كان له مال من قريش في تلك التجارة، فسألوهم أن يقووهم بها على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلوا‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن شهر بن عطية رضي الله عنه ‏{‏ليميز الله الخبيث من الطيب‏}‏ قال‏:‏ يميز يوم القيامة ما كان لله من عمل صالح في الدنيا، ثم تؤخذ الدنيا بأسرها فتلقى في جهنم‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ‏{‏فيركمه جميعا‏}‏ قال‏:‏ يجمعه جميعا‏.‏