فصل: الآية( 11)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور **


 الآية 11

أخرج عبد بن حميد عن جويبر رضي الله عنه في قوله ‏{‏سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا‏}‏ قال‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم حين انصرف من الحديبية وسار إلى خيبر تخلف عنه أناس من الأعراب فلحقوا بأهاليهم، فلما بلغهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد افتتح خيبر ساروا إليه، وقد كان أمره أن لا يعطي أحدا تخلف عنه من مغنم خيبر، ويقسم مغنمها من شهد الفتح، وذلك قوله‏:‏ ‏{‏يريدون أن يبدلوا كلام الله‏}‏ يعني ما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن لا يعطي أحدا تخلف عنه من مغنم خيبر شيئا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏سيقول لك المخلفون من الأعراب‏}‏ قال‏:‏ أعراب المدينة جهينة ومزينة استنفرهم لخروجه إلى مكة، فقالوا‏:‏ نذهب معه إلى قوم جاؤه فقتلوا أصحابه فنقاتلهم في ديارهم، فاعتلوا له بالشغل، فأقبل معتمرا فأخذ أصحابه أناسا من أهل الحرم غافلين فأرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك الأظفار ببطن مكة، ورجع محمد صلى الله عليه وسلم فوعد مغانم كثيرة فجعلت له خيبر، فقال المخلفون‏:‏ ‏{‏ذرونا نتبعكم‏}‏ وهي المغانم التي قال الله ‏{‏إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها‏}‏ وعرض عليهم قتال قوم أولي بأس شديد فهم فارس والمغانم الكثيرة التي وعدوا ما يأخذون حتى اليوم‏.‏

 الآيات 12 - 15

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء‏}‏ قال‏:‏ ظنوا بنبي الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم لن يرجعوا من وجههم ذلك، وأنهم سيهلكون، فذلك الذي خلفهم عن نبي الله صلى الله عليه وسلم وهم كاذبون بما يقولون ‏{‏سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها‏}‏ قال‏:‏ هم الذين تخلفوا عن النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية كذلكم قال الله من قبل قال‏:‏ إنما جعلت الغنيمة لأجل الجهاد إنما كانت غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية ليس لغيرهم فيها نصيب ‏{‏قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد‏}‏ قال‏:‏ فدعوا يوم حنين إلى هوازن وثقيف فمنهم من أحسن الإجابة، ورغب في الجهاد، ثم عذر الله أهل العذر من الناس، فقال‏:‏ ‏(‏ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج‏)‏ ‏(‏النور 61‏)‏‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه ‏{‏بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول‏}‏ قال‏:‏ نافق القوم ‏{‏وظننتم ظن السوء‏}‏ أن لن ينقلب الرسول‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه ‏{‏يريدون أن يبدلوا كلام الله‏}‏ قال‏:‏ كتاب الله كانوا يبطئون المسلمين عن الجهاد ويأمرونهم أن يفروا‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله‏}‏ أولي بأس شديد ‏{‏يقول‏:‏ فارس‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال‏:‏ هم فارس والروم‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله ‏{‏أولي بأس شديد‏}‏ قال‏:‏ هم البآرز يعني الأكراد‏.‏

وأخرج ابن المنذر والطبراني في الكبير عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال‏:‏ أعراب فارس وأكراد العجم‏.‏

وأخرج ابن المنذر والطبراني عن الزهري رضي الله عنه قال‏:‏ هم بنو حنيفة‏.‏

وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه ‏{‏ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد‏}‏ قال‏:‏ لم يأت أولئك بعد‏.‏

 الآية 16

أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ‏{‏قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم‏}‏ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه‏:‏ دعا أعراب المدينة جهينة ومزينة الذين كان النبي صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى خروجه إلى مكة دعاهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى قتال فارس قال‏:‏ فإن تطيعوا إذا دعاكم عمر تكن توبة لتخلفكم عن النبي صلى الله عليه وسلم يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا إذا دعاكم عمر كما توليتم من قبل إذ دعاكم النبي صلى الله عليه وسلم يعذبكم عذابا أليما‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد‏}‏ قال‏:‏ فارس والروم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه ‏{‏ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد‏}‏ قال‏:‏ أهل الأوثان‏.‏

وأخرج الفريابي وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد‏}‏ قال‏:‏ هوازن وبني حنيفة‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن عكرمة وسعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ‏{‏ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد‏}‏ قال‏:‏ هوازن يوم حنين‏.‏

 الآيات 17 - 23

أخرج الطبراني بسند حسن عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال‏:‏ كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني لواضع القلم على أذني إذ أمر بالقتال إذ جاء أعمى فقال‏:‏ كيف بي وأنا ذاهب البصر فنزلت ‏{‏ليس على الأعمى حرج‏}‏ الآية قال‏:‏ هذا في الجهاد ليس عليهم من جهاد إذا لم يطيقوا‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لقد رضي الله عن المؤمنين‏}‏‏.‏

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال‏:‏ بينا نحن قائلون إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ أيها الناس البيعة البيعة نزل روح القدس فثرنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه فذلك قول الله تعالى‏:‏ ‏{‏لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة‏}‏ فبايع لعثمان رضي الله عنه إحدى يديه على الأخرى، فقال الناس‏:‏ هنيئا لابن عفان رضي الله عنه يطوف بالبيت ونحن ههنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف‏"‏‏.‏

وأخرج البخاري وابن مردويه عن طارق بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال‏:‏ انطلقت حاجا فمررت بقوم يصلون فقلت‏:‏ ما هذا المسجد‏؟‏ قالوا‏:‏ هذه الشجرة حيث بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان‏.‏ فأتيت سعيد بن المسيب رضي الله عنه فأخبرته، فقال سعيد‏:‏ حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها، فقال سعيد رضي الله عنه‏:‏ إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعلموها وعلمتموها أنتم فأنتم أعلم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن نافع رضي الله عنه قال‏:‏ بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن ناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها فأمر بها فقطعت‏.‏

وأخرج البخاري وابن مردويه عن قتادة رضي الله عنه قال‏:‏ قلت لسعيد بن المسيب‏:‏ كم كان الذين شهدوا بيعة الرضوان‏؟‏ قال‏:‏ خمس عشرة مائة قلت‏:‏ فإن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال‏:‏ كانوا أربع عشرة مائة‏.‏ قال‏:‏ يرحمه الله وهم، هو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة‏.‏

وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن مردويه عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال‏:‏ كان أصحاب الشجرة ألفا وثلثمائة‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال‏:‏ كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أنتم خير أهل الأرض‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن سعيد بن المسيب والبخاري ومسلم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال‏:‏ كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أنتم خير أهل الأرض‏"‏‏.‏

وأخرج البيهقي عن سعيد بن المسيب عن أبيه رضي الله عنه قال‏:‏ كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة ألفا وأربعمائة‏.‏

وأخرج البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال‏:‏ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة قيل‏:‏ على أي شيء كنتم تبايعون‏؟‏ قال‏:‏ على الموت‏.‏

وأخرج البيهقي عن عروة رضي الله عنه قال‏:‏ لما نزل النبي صلى الله عليه وسلم الحديبية فزعت قريش لنزوله عليهم فأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث إليهم رجلا من أصحابه فدعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليبعثه إليهم، فقال‏:‏ يا رسول الله إني لا آمن، وليس بمكة أحد من بني كعب يغضب لي إن أوذيت فأرسل عثمان بن عفان فإن عشيرته بها وإنه يبلغ لك ما أردت‏.‏ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان رضي الله عنه فأرسله إلى قريش وقال‏:‏ أخبرهم أنا لم نأت لقتال وإنما جئنا عمارا وادعهم إلى الإسلام وأمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات فيدخل عليهم ويبشرهم بالفتح‏.‏ ويخبرهم أن الله وشيك أن يظهر دينه بمكة حتى لا يستخفى فيها بالإيمان فانطلق عثمان رضي الله عنه إلى قريش فأخبرهم، فارتهنه المشركون، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيعة ونادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ألا إن روح القدس قد نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالبيعة فاخرجوا على اسم الله فبايعوه، فثار المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو تحت الشجرة فبايعوه على أن لا يفروا أبدا فرعبهم الله فأرسلوا من كانوا ارتهنوا من المسلمين ودعوا إلى الموادعة والصلح‏.‏

وأخرج مسلم وابن جرير وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال‏:‏ كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فبايعناه وعمر رضي الله عنه آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة وقال‏:‏ بايعناه على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت‏.‏

وأخرج عبد بن حميد ومسلم وابن مردويه عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال‏:‏ لقد رأيتني يوم الشجرة والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع الناس وأنا رافع غصنا من أغصانها عن رأسه ونحن أربع عشرة مائة، ولم نبايعه على الموت، ولكن بايعناه على أن لا نفر‏.‏

وأخرج البيهقي في الدلائل عن الشعبي قال‏:‏ لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة كان أول من انتهى إليه أبو سنان الأسدي فقال‏:‏ ابسط يدك أبايعك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ علام تبايعني‏؟‏ قال‏:‏ على ما في نفسك‏.‏

وأخرج البيهقي عن أنس قال‏:‏ ‏"‏لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعة الرضوان كان عثمان بن عفان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة، فبايع الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ اللهم إن عثمان في حاجة الله وحاجة رسوله فضرب بإحدى يديه على الأخرى فكانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان خيرا من أيديهم لأنفسهم‏"‏‏.‏

وأخرج أحمد عن جابر ومسلم عن أم بشر عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة‏"‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ‏{‏فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم‏}‏ قال‏:‏ إنما أنزلت السكينة على من علم منه الوفاء‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن عبد الرحمن بن أبي أوفى في قوله ‏{‏وأثابهم فتحا قريبا‏}‏ قال‏:‏ خيبر‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في مراسيله عن الزهري قال‏:‏ بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقسم لغائب في مقسم لم يشهده إلا يوم خيبر قسم لغيب أهل الحديبية من أجل أن الله كان أعطى أهل خيبر المسلمين من أهل الحديبية، فقال ‏{‏وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه‏}‏ وكانت لأهل الحديبية من شهد منهم ومن غاب‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏{‏لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم‏}‏ قال‏:‏ الوقار والصبر وهم الذين بايعوا زمان الحديبية وكانت الشجرة فيما ذكر لنا سمرة بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه تحتها، وكانوا يومئذ خمس عشرة مائة فبايعوه على أن لا يفروا، ولم يبايعوه على الموت، ‏{‏وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة‏}‏ قال‏:‏ هي مغانم خيبر وكانت عقارا ومالا فقسمها نبي الله بين أصحابه‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية إلى المدينة حتى إذا كان بين المدينة ومكة نزلت عليه سورة الفتح فقال‏:‏ ‏{‏إنا فتحنا لك فتحا مبينا‏}‏ إلى قوله ‏{‏عزيزا‏}‏ ثم ذكر الله الأعراب ومخالفتهم للنبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏{‏سيقول لك المخلفون من الأعراب‏}‏ إلى قوله ‏{‏خبيرا‏}‏ ثم قال للأعراب ‏{‏بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون‏}‏ إلى قوله ‏{‏سعيرا‏}‏ ثم ذكر البيعة فقال‏:‏ ‏{‏لقد رضي الله عن المؤمنين‏}‏ إلى قوله ‏{‏وأثابهم فتحا قريبا‏}‏ لفتح الحديبية‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ‏{‏لقد رضي الله عن المؤمنين‏}‏ قال‏:‏ كان أهل البيعة تحت الشجرة ألفا وخمسمائة وخمسا وعشرين‏.‏

وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن أبي أمامة الباهلي قال‏:‏ لما نزلت ‏{‏لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة‏}‏ قال‏:‏ يا أبا أمامة أنت مني وأنا منك‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة ‏{‏وأثابهم فتحا قريبا‏}‏ قال‏:‏ خيبر حيث رجعوا من صلح الحديبية‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي ‏{‏وأثابهم فتحا قريبا‏}‏ قال‏:‏ فتح خيبر‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد ‏{‏وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها‏}‏ قال‏:‏ المغانم الكثيرة التي وعدوا ما يأخذون حتى اليوم ‏{‏فعجل لكم هذه‏}‏ قال‏:‏ عجلت لهم خيبر‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس ‏{‏وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه‏}‏ يعني الفتح‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ‏{‏وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه‏}‏ يعني خيبر ‏{‏وكف أيدي الناس عنكم‏}‏ يعني أهل مكة أن يستحلوا ما حرم الله أو يستحل بكم وأنتم حرم ‏{‏ولتكون آية للمؤمنين‏}‏ قال‏:‏ سنة لمن بعدكم‏.‏

وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مروان والمسور بن مخرمة قالا‏:‏ انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية فنزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة والمدينة فأعطاه الله فيها خيبر ‏{‏وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه‏}‏ خيبر فقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة في ذي الحجة فقام بها حتى سار إلى خيبر في المحرم فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجيع، واد بين غطفان وخيبر، فتخوف أن تمدهم غطفان، فبات به حتى أصبح فغدا عليهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏{‏فعجل لكم هذه‏}‏ قال‏:‏ خيبر ‏{‏وكف أيدي الناس عنكم‏}‏ قال‏:‏ عن بيضتهم وعن عيالهم بالمدينة حين ساروا عن المدينة إلى خيبر‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عطية ‏{‏فعجل لكم هذه‏}‏ قال‏:‏ فتح خيبر‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ‏{‏وكف أيدي الناس عنكم‏}‏ قال‏:‏ الحليفان أسد وغطفان عليهم عيينة بن حصن معه مالك بن عوف النصري أبو النضر وأهل خيبر على بئر معونة فألقى الله في قلوبهم الرعب فانهزموا ولم يلقوا النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏ وفي قوله ‏{‏ولو قاتلكم الذين كفروا‏}‏ هم أسد وغطفان ‏{‏لولوا الأدبار حتى لا تجد لسنة الله تبديلا‏}‏ يقول سنة الله في الذين خلوا من قبل أنه لن يقاتل أحد نبيه إلا خذله الله فقتله أو رعبه فانهزم ولن يسمع به عدو إلا إنهزموا واستسلموا‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس ‏{‏وأخرى لم تقدروا عليها‏}‏ قال‏:‏ هذه الفتوح التي تفتح إلى اليوم‏.‏

وأخرج البيهقي عن ابن عباس ‏{‏قد أحاط الله بها‏}‏ أنها ستكون لكم بمنزلة قوله أحاط الله بها علما أنها لكم‏.‏

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الأسود الديلمي أن الزبير بن العوام لما قدم البصرة دخل بيت المال فإذا هو بصفراء وبيضاء فقال‏:‏ يقول الله ‏{‏وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها‏}‏ فقال‏:‏ هذا لنا‏.‏

وأخرج ابن عساكر عن علي وابن عباس قالا في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وعدكم الله مغانم كثيرة‏}‏ فتوح من لدن خيبر ‏{‏تأخذونها‏}‏ تلونها وتغنمون ما فيها ‏{‏فعجل لكم‏}‏ من ذلك خيبر ‏{‏وكف أيدي الناس‏}‏ قريشا ‏{‏عنكم‏}‏ بالصلح يوم الحديبية ‏{‏ولتكون آية للمؤمنين‏}‏ شاهدا على ما بعدها ودليلا على إنجازها ‏{‏وأخرى لم تقدروا عليها‏}‏ ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏ على علم وفيها أقسمها بينكم فارس والروم ‏{‏قد أحاط الله بها‏}‏ قضى الله بها أنها لكم‏.‏

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ‏{‏وأخرى لم تقدروا عليها‏}‏ قال‏:‏ فارس والروم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عطية ‏{‏وأخرى لم تقدروا عليها‏}‏ قال‏:‏ فتح فارس‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن جويبر ‏{‏وأخرى لم تقدروا عليها‏}‏ قال‏:‏ يزعمون أنها قرى عربية ويزعم آخرون أنها فارس والروم‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏{‏وأخرى لم تقدروا عليها‏}‏ قال‏:‏ بلغنا أنها مكة‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ‏{‏وأخرى لم تقدروا عليها‏}‏ قال‏:‏ يوم حنين‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس ‏{‏وأخرى لم تقدروا عليها‏}‏ قال‏:‏ هي خيبر‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏{‏ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار‏}‏ يعني أهل مكة، والله أعلم‏.‏

 الآيات 24 - 25

أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس قال‏:‏ لما كان يوم الحديبية هبط على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثمانون رجلا من أهل مكة في السلاح من قبل جبل التنعيم يريدون غرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا عليهم، فأخذوا، فعفا عنهم، فنزلت هذه الآية ‏{‏وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم‏}‏‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ‏{‏وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة‏}‏ قال‏:‏ بطن مكة الحديبية ذكر لنا أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له زنيم أطلع الثنية زمان الحديبية فرماه المشركون فقتلوه فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلا فأتوا بأثني عشر فارسا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ هل لكم عهد أو ذمة‏؟‏ قالوا لا‏.‏ فأرسلهم فأنزل الله في ذلك ‏{‏وهو الذي كف أيديهم عنكم‏}‏ الآية‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا‏:‏ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة وبعث بين يديه عينا له من خزاعة يخبره عن قريش، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بغدير الأشطاط قريبا من عسفان أتاه عينه الخزاعي فقال‏:‏ إني قد تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد جمعوا لك الأحابيش وجمعوا لك جموعا وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت‏.‏

فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أشيروا علي أترون أن نميل إلى ذراري هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم، فإن قعدوا قعدوا موثورين محزونين، وإن لحوا تكن عنقا قطعها الله، أم ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه‏؟‏

فقال أبو بكر‏:‏ الله ورسوله أعلم يا رسول اللهن إنما جئنا معتمرين ولم نجيء لقتال أحد، ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه‏.‏

فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ فروحوا إذن‏.‏

فراحوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين‏.‏ فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هو بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيرا لقريش‏.‏

وسار النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ حل حل فألحت فقالوا‏:‏ خلأت القصواء‏.‏ فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل‏.‏ ثم قال‏:‏ والذي نفس محمد بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها‏.‏

ثم زجرها فوثبت فعدل بهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء إنما يتربضه الناس تربضا، فلم يلبث الناس أن نزحوه فشكي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العطش فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه‏.‏ قال‏:‏ فو الله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه‏.‏

فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة وكانوا عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل تهامة فقال‏:‏ إني قد تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادوك عن البيتز

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنا لم نجيء لقتال أحد ولكن جئنا معتمرين، وإن قريشا قد نهكتهم الحرب، وأضرت بهم فإن شاؤوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني وبين الناس فإن أظهر فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا وإلا فقد جموا وإن هم أبوا، فوالذي نفسي بيده لأقاتلهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، أو لينفذن الله أمره‏.‏

فقال بديل سأبلغهم ما تقول‏.‏

فانطلق حتى أتى قريشا فقال‏:‏ إنا قد جئناكم من عند الرجل وسمعناه يقول قولا، فإن شئتم نعرضه عليكم فعلنا‏.‏

فقال سفهاؤهم‏:‏ لا حاجة لنا في أن تحدثنا عنه بشيء‏.‏

وقال ذو الرأي منهم هات ما سمعته يقول‏.‏

قال‏:‏ سمعته يقول‏:‏ كذا وكذا، فحدثهم بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

فقام عروة بن مسعود الثقفي فقال‏:‏ أي قوم ألستم بالولد‏؟‏ قالوا‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ ألست بالوالد‏؟‏ قالوا‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ فهل تتهموني‏؟‏ قالوا‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن أطاعني‏؟‏ قالوا‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته‏.‏ قالوا‏:‏ ائته ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏‏.‏

فأتاه فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من قوله لبديلز

فقال عروة عند ذلك‏:‏ أي محمد أرأيت إن استأصلت قومك هل سمعت أحدا من العرب اجتاح أهله قبلك، وإن تكن الأخرى فوالله إني لأرى وجوها وأرى أوباشا من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك‏.‏

فقال له أبو بكر‏:‏ أمصص بظر اللات، أنحن نفر عنه وندعه‏؟‏

فقال‏:‏ من ذا‏؟‏

قال‏:‏ أبو بكر‏.‏

قال‏:‏ أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك‏.‏

قال‏:‏ وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم فكلما كلمه أخذ بلحيته، والمغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف وعليه المغفر، فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه وسلم ضرب المغيرة يده بنعل السيف وقال‏:‏ أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

فرفع عروة رأسه، فقال‏:‏ من هذا‏؟‏ قالوا‏:‏ المغيرة بن شعبة‏.‏ قال‏:‏ أي غدر، ألست أسعى في غدرتك‏؟‏ وكان المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أما الإسلام فأقبل، وأما المال فلست منه في شيء‏.‏

ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعينيه‏.‏ قال‏:‏ فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه وسلم نخامة إلا وقعت في كف واحد منهم، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيما له‏.‏

فرجع عروة إلى أصحابه فقال‏:‏ أي قوم‏!‏ والله لقد وفدت على الملوك، وفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت ملكا يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا، والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف واحد منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم إبتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له، وإنه عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها‏.‏

فقال رجل من بني كنانة‏:‏ دعوني آته‏.‏ فقالوا‏:‏ ائته ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏‏.‏

فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له فبعثت له واستقبله القوم يلبون، فلما رأى ذلك قال‏:‏ سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت‏.‏

فلما رجع إلى أصحابه قال‏:‏ رأيت البدن قد قلدت وأشعرت فما أرى أن يصدوا عن البيت‏.‏

فقام رجل يقال له مكرز بن حفص، فقال‏:‏ دعوني آته، فقالوا‏:‏ ائته ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏‏.‏

فلما أشرف عليهم قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ هذا مكرز وهو رجل فاجر‏.‏

فجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم، فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ قد سهل لكم من أمركم‏.‏

فجاء سهيل فقال هات أكتب بيننا وبينك كتابا‏.‏

فدعا الكاتب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ اكتب بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏

قال سهيل‏:‏ أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب ‏"‏باسمك اللهم‏"‏ كما كنت تكتب‏.‏

فقال المسلمون‏:‏ والله ما نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏

فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ اكتب ‏"‏باسمك اللهم‏"‏‏.‏ ثم قال‏:‏ هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله‏.‏

فقال سهيل‏:‏ والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب‏:‏ محمد بن عبد الله‏.‏

فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ والله إني لرسول الله وإن كذبتموني، اكتب‏:‏ هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله‏.‏

قال الزهري وذلك لقوله‏:‏ لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها‏.‏

فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ على أن تخلوا بيننا وبين البيت، فنطوف به‏.‏

قال سهيل‏:‏ والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضفطة ‏[‏‏؟‏‏؟‏‏]‏، ولكن لك من العام المقبل، فكتب‏.‏

فقال سهيل‏:‏ وعلى أنه لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا‏.‏

فقال المسلمون‏:‏ سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما‏؟‏

فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمر ويرسف في قيوده، وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل‏:‏ هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن ترد إلي‏.‏

فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنا لم نقض الكتاب بعد‏.‏

قال‏:‏ فوالله لا أصالحك على شيء أبدا‏.‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ فأجزه لي‏.‏

قال‏:‏ ما أنا بمجيزه‏.‏

قال‏:‏ بلى، فافعل‏.‏

قال‏:‏ ما أنا بفاعل‏.‏

فقال أبو جندل‏:‏ أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين، وقد جئت مسلما، ألا ترون ما لقيت في الله‏؟‏ وكان قد عذب عذابا شديدا في الله‏.‏

فقال عمر بن الخطاب‏:‏ والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت‏:‏ ألست نبي الله‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ فقلت‏:‏ ألسنا على الحق وعدونا على الباطل‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قلت‏:‏ فلم نعطى الدنية في ديننا إذن‏؟‏ قال‏:‏ إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري‏.‏ قلت‏:‏ أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به‏؟‏ قال‏:‏ بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه العام‏؟‏ قلت‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ فإنك آتيه ومطوف به‏.‏

فأتيت أبا بكر، فقلت يا أبا بكر‏:‏ أليس هذا نبي الله حقا‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قلت‏:‏ ألسنا على الحق وعدونا على الباطل‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قلت‏:‏ فلم نعطي الدنية في ديننا إذن‏؟‏ قال‏:‏ أيها الرجل إنه رسول الله وليس يعصي ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه تفز حتى تموت، فو الله إنه لعلى الحق‏.‏ قلت‏:‏ أوليس كان يحدثنا إنا سنأتي البيت ونطوف به‏؟‏ قال‏:‏ بلى، أفأخبرك أنك تأتيه العام‏؟‏ قلت‏:‏ لا‏.‏ قال‏:‏ فإنك آتيه ومطوف به‏.‏

قال عمر‏:‏ فعملت لذلك أعمالا‏.‏

فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه‏:‏ قوموا فانحروا ثم احلقوا‏.‏

فوالله ما قام رجل منهم حتى قال ذلك ثلاث مرات، فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة‏:‏ يا نبي الله أتحب ذلك‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏ قالت‏:‏ فاخرج ثم لا تكلم أحدا منهم حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك‏.‏

فقام النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج فلم يكلم أحدا منهم كلمة حتى فعل ذلك‏:‏ نحر بدنه، ودعا بحالقه فحلقه‏.‏

فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما‏.‏

ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله ‏(‏يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات‏)‏ ‏(‏الممتحنة 10‏)‏ حتى بلغ ‏(‏بعصم الكوافر‏)‏ فطلق عمر رضي الله عنه يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية‏.‏

ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو مسلم فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا‏:‏ العهد الذي جعلته لنا‏!‏

فدفعه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة، فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين‏:‏ والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا‏.‏ فاستله الآخر وقال‏:‏ أجل والله إنه لجيد لقد جربت به وجربت‏.‏ فقال له أبو بصير‏:‏ أرني أنظر إليه‏.‏

فأمكنه منه، فضربه حتى برد، وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه‏:‏ لقد رأى هذا ذعرا‏.‏

فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ قد قتل والله صاحبي وإني لمقتول، فجاء أبو بصير فقال يا نبي الله‏:‏ قد أوفى الله بذمتك، قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم‏.‏

فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ويل أمه‏!‏ مسعر حرب، لو كان له أحد‏!‏

فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر‏.‏

قال‏:‏ وينفلت ‏[‏وانفلت‏؟‏‏؟‏‏]‏ منهم أبو جندل، فلحق بأبي بصير، فجعل لا يخرج رجل من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة‏.‏

قال‏:‏ فوالله ما يسمعون بعير لقريش خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم‏.‏

فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحمن لما أرسل إليهم، فمن أتاه منهم فهو آمنز

فأرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله ‏{‏وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم‏}‏ حتى بلغ ‏{‏حمية الجاهلية‏}‏ وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي، ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم، وحالوا بينه وبين البيت‏.‏

وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال‏:‏ كاتب الكتاب يوم الحديبية علي بن أبي طالب‏.‏

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏ الآيات 24 - 25‏.‏‏.‏‏.‏ ‏.‏‏.‏‏.‏

وأخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن سلمة بن الأكوع قال‏:‏ قدمنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن أربع عشرة مائة، ثم إن المشركين من أهل مكة راسلونا في الصلح فلما اصطلحنا واختلط بعضنا ببعض، أتيت شجرة فاضطجعت في ظلها فأتاني أربعة من مشركي أهل مكة فجعلوا يقعون في رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمعضتهم، وتحولت إلى شجرة أخرى، فعلقوا سلاحهم واضطجعوا، فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي‏:‏ يا للمهاجرين قتل ابن زنيم، فاخترطت سيفي فاشتددت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم وجعلته في يدي، ثم قلت‏:‏ والذي أكرم وجه محمد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه، ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له مكرز من المشركين يقوده حتى وقفنا بهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين من المشركين، فنظر إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال‏:‏ دعوهم يكون لهم بدء الفجور ومنتهاه، فعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنزل الله ‏{‏وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم‏}‏‏.‏

وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه وابن جرير وأبو نعيم في الدلائل وابن مردويه عن عبد الله بن مغفل قال‏:‏ كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصل الشجرة التي قال الله في القرآن، وكان يقع من أغصان تلك الشجرة على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب وسهيل بن عمرو بين يديه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي‏:‏ اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فأخذ سهيل بيده، قال‏:‏ ما نعرف الرحمن ولا الرحيم، كتب في قضيتنا ما نعرف‏.‏ قال‏:‏ اكتب‏:‏ باسمك اللهم‏.‏ وكتب‏:‏ هذا ما صالح عليه محمد رسول الله أهل مكة، فأمسك سهيل بيده وقال‏:‏ لقد ظلمناك إن كنت رسوله، اكتب في قضيتنا ما نعرف، فقال‏:‏ اكتب هذا ما صالح محمد بن عبد الله، فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شابا عليهم السلاح، فثاروا في وجوهنا، فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ الله بأسماعهم‏.‏ ولفظ الحاكم‏:‏ بأبصارهم‏.‏ فقمنا إليهم فأخذناهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ هل جئتم في عهد أحد، أو هل جعل لكم أحد أمانا فقالوا‏:‏ لا‏.‏ فخلى سبيلهم فأنزل الله ‏{‏وهو الذي كف أيديهم عنكم‏}‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن أبزي قال‏:‏ لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم بالهدي، وانتهى إلى ذي الحليفة قال له عمر‏:‏ يا نبي الله تدخل على قوم لك حرب بغير سلاح ولا كراع، فبعث إلى المدينة فلم يدع فيها سلاحا ولا كراعا إلا حمله، فلما دنا من مكة منعوه أن يدخل، فسار حتى أتى منى، فنزل بمنى، فأتاه عيينة بن عكرمة بن أبي جهل قد خرج عليه في خمسمائة، فقال لخالد بن الوليد‏:‏ يا خالد هذا ابن عمك قد أتاك في الخيل، فقال خالد‏:‏ أنا سيف الله وسيف رسوله، فيومئذ سمي سيف الله، يا رسول الله إرم بي أين شئت، فبعثه على خيل فلقيه عكرمة في الشعب، فهزمه حتى أدخله حيطان مكة، ثم عاد في الثانية حتى أدخله حيطان مكة، ثم عاد في الثالثة فهزمه حتى أدخله حيطان مكة، فأنزل الله ‏{‏وهو الذي كف أيديهم عنكم‏}‏ الآية‏.‏ قال‏:‏ فكف الله النبي عنهم من بعد أن أظفره عليهم لبقايا من المسلمين كانوا بقوا فيها كراهية أن تطأهم الخيل‏.‏

أخرج ابن المنذر عن الضحاك وسعيد بن جبير ‏{‏والهدي معكوفا‏}‏ قال‏:‏ محبوسا‏.‏

وأخرج أحمد والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‏:‏ نحروا يوم الحديبية سبعين بدنة، فلما صدت عن البيت حنت كما تحن إلى أولادها‏.‏

وأخرج الطبراني عن مالك بن ربيعة السلولي رضي الله عنه أنه شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الشجرة ويوم رد الهدي معكوفا قبل أن يبلغ محله، وأن رجلا من المشركين قال يا محمد‏:‏ ما يحملك على أن تدخل هؤلاء علينا ونحن كارهون‏؟‏ فقال‏:‏ ‏"‏هؤلاء خير منك ومن أجدادك يؤمنون بالله واليوم الآخر والذي نفسي بيده لقد رضي الله عنهم‏"‏‏.‏

قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ولولا رجال مؤمنون‏}‏ الآية‏.‏

أخرج الحسن بن سفيان وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن قانع والباوردي والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم بسند جيد عن أبي جمعة حنيبذ بن سبيع قال‏:‏ قاتلت النبي صلى الله عليه وسلم أول النهار كافرا، وقاتلت معه آخر النهار مسلما، وفينا نزلت ‏{‏ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات‏}‏ وكنا تسعة نفر سبعة رجال وامرأتين‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم‏}‏ قال‏:‏ حين ردوا النبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏أن تطؤهم‏}‏ بقتلهم إياهم ‏{‏لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا إليما‏}‏ يقول لو تزيل الكفار من المؤمنين لعذبهم الله عذابا أليما بقتلهم إياهم‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ‏{‏ولولا رجال مؤمنون‏}‏ قال‏:‏ دفع الله عن المشركين يوم الحديبية بأناس من المؤمنين كانوا بين أظهرهم‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال‏:‏ هم أناس كانوا بمكة تكلموا بالإسلام كره الله أن يؤذوا وأن يوطأوا حين رد محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه يوم الحديبية، فتصيب المسلمين منهم معرة يقول ذنب بغير علم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن ابن زيد ‏{‏فتصيبكم منهم معرة بغير علم‏}‏ قال‏:‏ إثم ‏{‏لو تزيلوا‏}‏ قال‏:‏ لو تفرقوا‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ‏{‏لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما‏}‏ قال‏:‏ هو القتل والسبي‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ‏{‏لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما‏}‏ قال‏:‏ إن الله عز وجل يدفع بالمؤمنين عن الكفار‏.‏

 الآية 26

أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن سهل بن حنيف أنه قال يوم صفين‏:‏ إتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية نرجئ الصلح الذي كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين، ولو نرى قتالا لقاتلنا، فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله‏:‏ ألسنا على الحق وهم على الباطل‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قال ففيم نعطى الدنية في ديننا ونرجع لما يحكم الله بيننا وبينهم‏؟‏ فقال يا ابن الخطاب‏:‏ إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا‏.‏ فرجع متغيظا لم يصبر حتى جاء أبا بكر، فقال يا أبا بكر‏:‏ ألسنا على الحق وهم على الباطل‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار‏؟‏ قال‏:‏ بلى‏.‏ قال‏:‏ فلم نعطى الدنية في ديننا‏؟‏ قال‏:‏ يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا‏.‏ فنزلت سورة الفتح، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر رضي الله عنه فأقرأه إياها‏.‏ قال يا رسول الله‏:‏ أو فتح هو‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏.‏

وأخرج النسائي والحاكم وصححه من طريق أبي إدريس عن أبي كعب رضي الله عنه أنه كان يقرأ ‏[‏إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرم فأنزل الله سكينته على رسوله‏]‏ فبلغ ذلك عمر فاشتد عليه، فبعث إليه فدخل عليه، فدعا ناسا من أصحابه فيهم زيد بن ثابت، فقال‏:‏ من يقرأ منكم سورة الفتح‏؟‏ فقرأ زيد على قراءتنا اليوم، فغلظ له عمر فقال أبي أأتكلم‏؟‏ قال‏:‏ تكلم‏.‏ فقال‏:‏ لقد علمت أني كنت أدخل على النبي صلى الله عليه وسلم ويقرئني، وأنت بالباب، فإن أحببت أن أقرئ الناس على ما أقرأني أقرأت، وإلا لم أقرئ حرفا ما حييت‏.‏ قال‏:‏ بل أقرئ الناس‏.‏

وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ‏{‏حمية الجاهلية‏}‏ قال‏:‏ حميت قريش أن يدخل عليهم محمد صلى الله عليه وسلم، وقالوا‏:‏ لا يدخلها عليناا أبدا، فوضع الله الحمية عن محمد وأصحابه‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم عن الأجلح قال‏:‏ كان حمزة بن عبد المطلب رجلا حسن الشعر، حسن الهيئة، صاحب صيد، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على أبي جهل فولع به وآذاه، فرجع حمزة من الصيد وامرأتان تمشيان خلفه، فقالت إحداهما لو علم ذا ما صنع بابن أخيه أقصر عن مشيته، فالتفت إليهما، فقال‏:‏ وما ذاك‏؟‏ قالت‏:‏ أبو جهل فعل بمحمد كذا وكذا، فدخلته الحمية فجاء حتى دخل المسجد وفيه أبو جهل فعلا رأسه بقوسه، ثم قال‏:‏ ديني دين محمد إن كنتم صادقين فامنعوني، فقامت إليه قريش فقالوا يا أبا يعلى، فأنزل الله ‏{‏إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية‏}‏ إلى قوله ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ حمزة بن عبد المطلب‏.‏

أما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏‏.‏

أخرج الترمذي وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن جرير والدار قطني في الأفراد وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ لا إله إلا الله‏.‏

وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ لا إله إلا الله‏.‏

وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ لا إله إلا الله‏.‏

وأخرج ابن جرير وأبو الحسين بن مروان في فوائده عن علي رضي الله عنه ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قالا‏:‏ لا إله إلا الله والله أكبر‏.‏

وأخرج أحمد عن حمران مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه قال‏:‏ ‏"‏سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقا من قلبه إلا حرمه الله على النار فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنا أحدثكم ما هي كلمة الإخلاص التي ألزمها الله محمدا وأصحابه وهي كلمة التقوى التي حض عليها نبي الله عمه أبا طالب عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله‏"‏‏.‏

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ شهادة لا إله إلا الله، وهي رأس كل تقوى‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي عن علي الأزدي قال‏:‏ كنت مع ابن عمر رضي الله عنه بين مكة ومنى فسمع الناس يقولون لا إله إلا الله والله أكبر، فقال‏:‏ هي هي، فقلت‏:‏ ما هي هي‏؟‏ قال ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏‏.‏

وأخرج ابن أبي حاتم والدارقطني في الأفراد عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ لا إله إلا الله وحده لا شريك له‏.‏

وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن مجاهد وعطاء في قوله ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال أحدهما‏:‏ الإخلاص، وقال الآخر‏:‏ كلمة التقوى لا لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير‏.‏

وأخرج ابن جرير عن مجاهد ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ كلمة الإخلاص‏.‏

وأخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ لا إله إلا الله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ لا إله إلا الله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد والحسن وقتادة وإبراهيم التيمي وسعيد بن جبير مثله‏.‏

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطاء الخراساني رضي الله عنه ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ لا إله إلا الله محمد رسول الله‏.‏

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الزهري رضي الله عنه ‏{‏وألزمهم كلمة التقوى‏}‏ قال‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم‏.‏

وأخرج ابن جرير عن قتادة ‏{‏وكانوا أحق بها وأهلها‏}‏ وكان المسلمون أحق بها، وكانوا أهلها والله أعلم‏.‏