فصل: كِتَابُ الْفَرَائِضِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



فَإِنْ أَبْطَأَ سَيِّدُهُ بَاعَهُ الْحَاكِمُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ فَإِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الثَّمَنِ وَإِنْ سُرِقَ الْآبِقُ قُطِعَ كَغَيْرِهِ وَلَوْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ عَمَلًا مِنْ غَيْرِ اسْتِئْجَارٍ وَلَا جَعَالَةٍ فَدَفَعَ إلَيْهِ مَالًا عَلَى ظَنِّ وُجُوبِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَحِلَّ لِلْعَامِلِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَذْلُ، ثُمَّ الْمَقْبُولُ هِبَةً لَوْ أَرَادَ الدَّافِعُ أَنْ يَهَبَهُ مِنْهُ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَذْلُ وَدَفَعَهُ إلَيْهِ هَدِيَّةً حَلَّ. اهـ. وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَوْ عَمِلَ لِغَيْرِهِ إلَخْ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر كَأَنْ خَلَّاهُ بِمَضْيَعَةٍ قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا حَاجَةَ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْمَضْيَعَةِ فَحَيْثُ خَلَّاهُ ضَمِنَ انْتَهَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مُرَادُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْإِعْرَاضَ فَسَبِيلُهُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ وَلَا يَتْرُكَ ذَلِكَ مُهْمَلًا وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ يَتْرُكُهُ بِمَهْلَكَةٍ انْتَهَى. اهـ.
وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَإِنْ جَازَ لَهُ يُتَأَمَّلُ فِيهِ، فَإِنَّ تَرْكَهُ يُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِهِ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي اللُّقَطَةِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ حَيْثُ خَافَ ضَيَاعَهُ وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا لَكِنْ لَا تَثْبُتُ يَدُهُ عَلَيْهِ بَلْ يَنْتَزِعُهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ. اهـ. وَقَوْلُهُ م ر وَالْحَاكِمُ يَحْبِسُ إلَخْ أَيْ وُجُوبًا لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَإِذَا احْتَاجَ إلَى نَفَقَةٍ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَجَّانًا قِيَاسًا عَلَى اللَّقِيطِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ أَيْ أَوْ كَانَ وَثَمَّ مَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ أَوْ حَالَتْ الظُّلْمَةُ دُونَهُ اقْتَرَضَ عَلَى الْمَالِكِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاقْتِرَاضُ فَنَفَقَتُهُ عَلَى مَيَاسِيرِ الْمُسْلِمِينَ قَرْضًا. اهـ. بِأَدْنَى زِيَادَةٍ.
(قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) أَيْ شَرْطِ كِفَايَةِ نِيَّةِ الرُّجُوعِ مِنْ فَقْدِ الْقَاضِي وَالشَّاهِدِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ أُكْرِهَ) إلَى الْكِتَابِ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ أُكْرِهَ مُسْتَحِقُّ إلَخْ) وَفِي مَعْنَى الْإِكْرَاهِ فَيَسْتَحِقُّ أَيْضًا الْمَعْلُومَ مَا لَوْ عُزِلَ عَنْ وَظِيفَةٍ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقُرِّرَ فِيهَا غَيْرُهُ إذْ لَا يَنْفُذُ عَزْلُهُ نَعَمْ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا فَيَنْبَغِي تَوَقُّفُ اسْتِحْقَاقِ الْمَعْلُومِ عَلَيْهَا سم عَلَى حَجّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَابُ حَادِثَةٍ وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهَا وَهِيَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ شُيُوخِ الْعَرَبِ شُرِطَ لَهُمْ طِينٌ مُرْصَدٌ عَلَى غَفْرِ مَحَلٍّ مُعَيَّنٍ وَفِيهِمْ كَفَاءَةٌ لِذَلِكَ وَقُوَّةٌ وَبِيَدِهِمْ تَقْرِيرٌ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّقْرِيرِ كَالْبَاشَا وَتَصَرَّفُوا فِي الطِّينِ الْمُرْصَدِ مُدَّةً ثُمَّ إنَّ مُلْتَزِمَ الْبَلَدِ أَخْرَجَ الْمَشْيَخَةَ عَنْهُمْ ظُلْمًا وَدَفَعَهَا لِغَيْرِهِمْ وَهُوَ أَنَّهُمْ يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُمْ مِثْلَهُمْ فِي الْكَفَاءَةِ بِالْقِيَامِ بِذَلِكَ بَلْ أَكْفَأَ مِنْهُمْ لِأَنَّ الْمَذْكُورِينَ حَيْثُ صَحَّ تَقْرِيرُهُمْ لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ ذَلِكَ عَنْهُمْ. اهـ. ع ش وَقَوْلُهُ إنْ تَمَكَّنَ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا أَيْ وَلَوْ بِنَائِبِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الْغِيبَةِ لِعُذْرٍ.
(قَوْلُهُ أَحَدٌ مِنْ الطَّلَبَةِ) أَيْ مِنْ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ أَوْ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ إحْيَاءُ الْمَحَلِّ وَهُوَ حَاصِلٌ بِحُضُورِ غَيْرِهِمْ أَيْضًا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يُقْرَأَ فِي مَدْرَسَةٍ كِتَابٌ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَجِدْ الْمُدَرِّسُ مَنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لِسَمَاعِ ذَلِكَ الْكِتَابِ وَالِانْتِفَاعِ مِنْهُ قَرَأَ غَيْرَهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ شَرْطُ الْوَاقِفِ سَقَطَ اعْتِبَارُهُ وَفُعِلَ مَا يُمْكِنُ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَا يَقْصِدُ تَعْطِيلَ وَقْفِهِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الِانْتِصَابُ إلَخْ) هَذَا قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْمَعْلُومِ مَشْرُوطٌ بِالْحُضُورِ وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ فِي الْمُدَرِّسِ بِخِلَافِ الْإِمَامِ وَالْفَرْقُ أَنَّ حُضُورَ الْإِمَامِ بِدُونِ الْمُقْتَدِينَ يَحْصُلُ بِهِ إحْيَاءُ الْبُقْعَةِ بِالصَّلَاةِ فِيهَا وَلَا كَذَلِكَ الْمُدَرِّسُ فَإِنَّ حُضُورَهُ بِدُونِ مُتَعَلِّمٍ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَحُضُورُهُ يُعَدُّ عَبَثًا. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ وَأَفْتَى أَيْضًا) أَيْ أَبُو زُرْعَةَ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ طَالَتْ مَا دَامَ الْعُذْرُ قَائِمًا لَكِنْ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ اسْتَنَابَ أَوْ عَجَزَ عَنْ الِاسْتِنَابَةِ أَمَّا لَوْ غَابَ لِعُذْرٍ وَقَدَرَ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ فَلَمْ يَفْعَلْ فَيَنْبَغِي سُقُوطُ حَقِّهِ لِتَقْصِيرِهِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ) هُوَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ يَحِلُّ النُّزُولُ عَنْ الْوَظَائِفِ) وَمِنْ ذَلِكَ الْجَوَامِكُ الْمُقَرَّرُ فِيهَا فَيَجُوزُ لِمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ مُسْتَحِقٌّ لَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَا يَقُومُ بِكِفَايَتِهِ مِنْ غَيْرِ جِهَةِ بَيْتِ الْمَالِ النُّزُولُ عَنْهُ وَيَصِيرُ الْحَالُ فِي تَقْرِيرِ مَنْ أَسْقَطَ حَقَّهُ لَهُ مَوْكُولًا إلَى نَظَرِ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّقْرِيرِ فِيهِ كَالْبَاشَا فَيُقَرِّرُ مَنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي تَقْرِيرِهِ مِنْ الْمَفْرُوغِ لَهُ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا الْمَنَاصِبُ الدِّيوَانِيَّةُ كَالْكَتَبَةِ الَّذِينَ يُقَرَّرُونَ مِنْ جِهَةِ الْبَاشَا فِيهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا بِالنِّيَابَةِ عَنْ صَاحِبِ الدَّوْلَةِ فِي ضَبْطِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْمَصَالِحِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ إبْقَائِهِمْ وَعَزْلِهِمْ وَلَوْ بِلَا جُنْحَةٍ فَلَيْسَ لَهُمْ يَدٌ حَقِيقَةً عَلَى شَيْءٍ يَنْزِلُونَ عَنْهُ بَلْ مَتَى عَزَلُوا أَنْفُسَهُمْ انْعَزَلُوا وَإِذَا أَسْقَطُوا حَقَّهُمْ عَنْ شَيْءٍ لِغَيْرِهِمْ فَلَيْسَ لَهُمْ الْعَوْدُ إلَّا بِتَوْلِيَةٍ جَدِيدَةٍ مِمَّنْ لَهُ الْوِلَايَةُ وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ أَخْذُ عِوَضٍ عَلَى نُزُولِهِمْ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِمْ الشَّيْءَ يَنْزِلُونَ عَنْهُ بَلْ حُكْمُهُمْ حُكْمُ عَامِلِ الْقِرَاضِ فَمَتَى عَزَلَ نَفْسَهُ مِنْ الْقِرَاضِ انْعَزَلَ فَافْهَمْهُ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ مِنْ أَقْسَامِ الْجَعَالَةِ) وَلَوْ قَالَ اقْتَرِضْ لِي مِائَةً وَلَك عَشَرَةٌ أَيْ فِي مُقَابَلَةِ الِاقْتِرَاضِ فَهُوَ جَعَالَةٌ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ. اهـ. نِهَايَةٌ أَيْ وَيَقَعُ الْمِلْكُ فِي الْمُقْتَرِضِ لِلْقَائِلِ فَعَلَيْهِ رَدُّ بَدَلِهِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ فِي الْوَكَالَةِ فَرَاجِعْهُ ع ش.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ النَّاظِرَ و(قَوْلُهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ شَرَطَ الرُّجُوعَ عَلَى الْفَارِغِ إذَا لَمْ يُقَرَّرْ فِي الْوَظِيفَةِ قَالَ سم فِي الْقَسَمِ وَالنُّشُوزِ يَرْجِعُ حَيْثُ شَرَطَ ذَلِكَ وَكَتَبَ الشَّارِحُ م ر بِهَامِشِ نُسْخَتِهِ مَا نَصُّهُ وَلِلْمَنْزُولِ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الرُّجُوعُ إنْ شَرَطَهُ أَوْ أَطْلَقَ وَدَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى بَذْلِ ذَلِكَ فِي تَحْصِيلِهَا لَهُ وَلَا يَمْنَعُ رُجُوعُهُ بَرَاءَةً حَصَلَتْ بِهِ بَيْنَهُمَا وَإِلَّا فَلَا. اهـ. ع ش وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَقَدْ تَمَّ الرُّبُعُ الثَّانِي تَصْحِيحًا مِنْ حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ عَلَى يَدِ مُؤَلِّفِهَا فَقِيرِ رَحْمَةِ رَبِّهِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ الْحُسَيْنِ الدَّاغِسْتَانِيِّ الشِّرْوَانِيِّ غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ ذُنُوبَهُ وَسَتَرَ عُيُوبَهُ فِي خَامِسِ جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ بَعْدَ أَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَأَسْأَلُهُ تَعَالَى الْإِعَانَةَ عَلَى الْإِتْمَامِ بِجَاهِ مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الْأَنَامِ وَهُوَ حَسْبِي وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ آمِينَ.

.كِتَابُ الْفَرَائِضِ:

أَيْ مَسَائِلِ قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ جَمْعُ فَرِيضَةٍ بِمَعْنَى مَفْرُوضَةٍ مِنْ الْفَرْضِ بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ فَهِيَ هُنَا شَرْعًا نَصِيبٌ مُقَدَّرٌ لِلْوَارِثِ غَلَبَتْ عَلَى غَيْرِهَا لِفَضْلِهَا بِتَقْدِيرِ الشَّارِعِ لَهَا وَلِكَثْرَتِهَا وَوَرَدَ الْحَثُّ عَلَى تَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيمِهِ فِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهُ فَإِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ» أَيْ صِنْفٌ مِنْهُ أَوْ لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَوْتِ الْمُقَابِلِ لِلْحَيَاةِ «وَهُوَ يُنْسَى وَهُوَ أَوَّلُ عِلْمٍ يُنْزَعُ مِنْ أُمَّتِي» أَيْ بِمَوْتِ أَهْلِهِ وَصَحَّ: «تَعَلَّمُوا الْفَرَائِضَ وَعَلِّمُوهُ فَإِنِّي امْرُؤٌ مَقْبُوضٌ وَإِنَّ الْعِلْمَ سَيُقْبَضُ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ حَتَّى يَخْتَلِفَ اثْنَانِ فِي الْفَرِيضَةِ فَلَا يَجِدَانِ مَنْ يَقْضِي بِهَا» وَصَحَّ أَيْضًا «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَلِأَوْلَى أَيْ أَقْرَبِ رَجُلٍ ذَكَرٍ» وَفَائِدَةُ ذِكْرِهِ بَيَانُ أَنَّ الرَّجُلَ يُطْلَقُ بِإِزَاءِ الْمَرْأَةِ فَيَعُمُّ وَبِإِزَاءِ الصَّبِيِّ فَيَخُصُّ الْبَالِغَ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ تَكَلُّفٌ ظَاهِرٌ وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى عِلْمِ الْفَتْوَى وَالنَّسَبِ وَالْحِسَابِ (يُبْدَأُ) وُجُوبًا (مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ) وَهِيَ مَا يُخَلِّفُ مِنْ حَقٍّ كَخِيَارٍ وَحَدِّ قَذْفٍ أَوْ اخْتِصَاصٍ أَوْ مَالٍ كَخَمْرٍ تَخَلَّلَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَدِيَةٍ أُخِذَتْ مِنْ قَاتِلِهِ لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ وَكَذَا مَا وَقَعَ بِشَبَكَةٍ نَصَبَهَا فِي حَيَاتِهِ عَلَى مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِانْتِقَالِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ لِلْوَرَثَةِ فَالْوَاقِعُ بِهَا مِنْ زَوَائِدِ التَّرِكَةِ وَهِيَ مِلْكُهُمْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ نَصْبُهُ لِلشَّبَكَةِ لَا هِيَ وَإِذَا اسْتَنَدَ الْمِلْكُ لِفِعْلِهِ يَكُونُ تَرِكَةً.
تَنْبِيهٌ:
أَفْتَى بَعْضُهُمْ فِيمَنْ عَاشَ بَعْدَ مَوْتِهِ مُعْجِزَةٌ لِنَبِيٍّ بِأَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بَقَاءُ مِلْكِهِ لِتَرِكَتِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ بِالْإِحْيَاءِ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَذَلِكَ خِلَافُ الْفَرْضِ فِي سُؤَالِهِ إذْ لَا تُوجَدُ الْمُعْجِزَةُ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِ الْمَوْتِ عِنْدَ تَحَقُّقِهِ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ لِلْوَارِثِ إجْمَاعًا فَإِذَا وُجِدَ الْإِحْيَاءُ كَانَتْ هَذِهِ حَيَاةً جَدِيدَةً مُبْتَدَأَةً بِلَا تَبَيُّنِ عَوْدِ مِلْكٍ وَيَلْزَمُهُ أَنَّ نِسَاءَهُ لَوْ تَزَوَّجْنَ أَنْ تَعُدْنَ إلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَبْقَى نِكَاحُهُنَّ لِمَا تَقَرَّرَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ وَالْعِصْمَةِ مُحَقَّقٌ وَعَوْدُهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ فَيُسْتَصْحَبُ زَوَالُهُ حَتَّى يَثْبُتَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعَوْدِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ شَيْءٌ فَوَجَبَ الْبَقَاءُ مَعَ الْأَصْلِ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ فِي الصَّدَاقِ حُكْمُ الْمَمْسُوخِ حَيَوَانًا أَوْ جَمَادًا بِالنِّسْبَةِ لِمُخَلِّفِهِ فَرَاجِعْهُ (بِمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ) مِنْ نَحْوِ كَفَنٍ وَحَنُوطٍ وَمَاءٍ وَأُجْرَةِ غُسْلٍ وَحَمْلٍ وَحَفْرٍ حَيْثُ لَا زَوْجَ أَوْ لَا مُؤْنَةَ عَلَيْهِ لِنُشُوزٍ ثُمَّ تَجْهِيزِ مُمَوَّنِهِ بِمَا يَلِيقُ بِهِمَا عُرْفًا الْآنَ يُسْرًا وَعُسْرًا، وَإِنْ خَالَفَ حَالُهُمَا فِي الْحَيَاةِ وَفِي اجْتِمَاعِ مُمَوَّنَيْنِ لَهُ كَلَامٌ لِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (ثُمَّ) بَعْدَ مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ (تُقْضَى دُيُونُهُ) مُقَدَّمًا مِنْهَا دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى كَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ وَحَجٍّ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ (ثُمَّ) بَعْدَ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْوَارِثِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْوَصِيَّةِ أَوْ قَبْلَهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا نَقَلَاهُ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَمِنْ غَيْرِهِ (تُنَفَّذُ وَصَايَاهُ) وَمَا أُلْحِقَ بِهَا مِمَّا يَأْتِي فَهِيَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ الدَّيْنِ وَعَكْسُهُ فِي الْآيَةِ الَّذِي شَذَّ بِهِ أَبُو ثَوْرٍ لِحَثِّ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمُبَادَرَةِ بِإِخْرَاجِهَا لِتَوَانِيهِمْ عَنْهُ غَالِبًا (مِنْ) لِلِابْتِدَاءِ فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ أَيْضًا (ثُلُثِ الْبَاقِي) بَعْدَ الدَّيْنِ إنْ أُخِذَ كَمَا هُوَ الْغَالِبِ وَبَقِيَ بَعْدَهُ شَيْءٌ فَلَا يَقْتَضِي عَدَمَ نُفُوذِهَا إذَا اُسْتُغْرِقَ فَلَوْ أَبْرَأَ أَوْ تَبَرَّعَ أَحَدٌ بِوَفَائِهِ بَانَ نُفُوذُهَا وَنَقَلَ الشَّيْخَانِ فِي الْإِقْرَارِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ صُورَةً يَتَسَاوَى فِيهَا الدَّيْنُ وَالْوَصِيَّةُ وَصُورَةً تُقَدَّمُ فِيهَا الْوَصِيَّةُ وَبَيَّنْت مَا فِي ذَلِكَ فِي خُطْبَةِ شَرْحِ الْعُبَابِ بِمَا يَتَعَيَّنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَوُجُوبُ التَّرْتِيبِ فِيمَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْمُزَاحَمَةِ فَلَوْ دَفَعَ الْوَصِيُّ مَثَلًا مِائَةً لِلدَّائِنِ وَمِائَةً لِلْمُوصَى لَهُ وَمِائَةً لِلْوَارِثِ مَعًا لَمْ يَتَّجِهْ إلَّا الصِّحَّةُ أَيْ وَالْحِلُّ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يُقَارِنْ الدَّفْعَ مَانِعٌ وَنَظِيرُهُ مَنْ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهَا فَإِنَّهُمْ صَرَّحُوا بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ بَيْنَهُمَا قَالُوا وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ عَلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ غَيْرُهَا لَا أَنْ يُقَارِنَهَا غَيْرُهَا وَمَرَّ آخِرَ الرَّهْنِ حُكْمُ مَا لَوْ غَابَ الدَّائِنُ (ثُمَّ يُقَسَّمُ الْبَاقِي) عَنْهَا (بَيْنَ الْوَرَثَةِ) عَلَى مَا يَأْتِي يَعْنِي أَنَّهُمْ يَتَسَلَّطُونَ عَلَى التَّصَرُّفِ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَالدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَمِنْ ثَمَّ فَازُوا بِزَوَائِدِ التَّرِكَةِ كَمَا مَرَّ وَسَيُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ بِقَبُولِهَا سَوَاءٌ الْمُعَيَّنَةُ كَهَذَا وَغَيْرُهَا كَالثُّلُثِ يَتَبَيَّنُ مِلْكُهَا بِالْمَوْتِ فَهِيَ مَانِعَةٌ لَهُ حِينَئِذٍ فِي عَيْنِ الْأَوَّلِ وَثُلُثِ الثَّانِي شَائِعًا لَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ مَوْقُوفٌ وَمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ بَعْضِ الْعِبَارَاتِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُعَيَّنَةِ وَالْمُطْلَقَةِ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْخِلَافِ لَا غَيْرُ.
الشَّرْحُ:
(كِتَابُ الْفَرَائِضِ).
(قَوْلُهُ يُطْلَقُ بِإِزَاءِ الْمَرْأَةِ فَيَعُمُّ) أَيْ وَأَنَّ هَذَا الْمَعْنَى هُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ذَكَرٍ لَمْ يُسْتَفَدْ أَنَّ الرَّجُلَ يُطْلَقُ بِهَذَا الْمَعْنَى.
(قَوْلُهُ وَهِيَ مَا يُخَلِّفُهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ هِيَ.
(قَوْلُهُ لِدُخُولِهَا فِي مِلْكِهِ) أَيْ تَقْدِيرًا.
(قَوْلُهُ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ لِلْوَارِثِ) قَدْ يُقَالُ الِانْتِقَالُ لِلْوَارِثِ شَرْطُهُ الْمَوْتُ الَّذِي لِانْتِهَاءِ الْأَجَلِ بِخِلَافِ مَا لِعَارِضٍ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَقَالَ لَهُمْ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ} وَقَوْلِهِ: {فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ}.
(قَوْلُهُ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ إلَخْ) قَالَ فِيهِ فِي مَبْحَثِ التَّشْطِيرِ وَبِقَوْلِهِ أَيْ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ فِي حَيَاةٍ عَلَى أَنَّ الْفُرْقَةَ بِالْمَوْتِ لَا تَشْطِيرَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ مُقَرَّرٌ لِجَمِيعِهِ كَمَا مَرَّ وَكَالْمَوْتِ مَسْخُ أَحَدِهِمَا حَجَرًا فَإِنْ مُسِخَ الزَّوْجُ حَيَوَانًا فَكَذَلِكَ مَهْرٌ لَا عِدَّةً وَإِرْثًا عَلَى الْأَوْجَهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ بِمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَتَجْهِيزُ مُمَوَّنِهِ الْمَيِّتِ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. وَفِيهِ أَمْرَانِ (الْأَوَّلُ) أَنَّهُ احْتَرَزَ عَنْ مُمَوِّنِهِ الْمَيِّتِ بَعْدَهُ فَلَا يَجِبُ تَجْهِيزُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِانْتِقَالِهَا إلَى مِلْكِ الْوَارِثِ قَبْلَ مَوْتِ ذَلِكَ الْمُمَوِّنِ فَلَمْ يَمُتْ إلَّا وَمَائِنُهُ عَاجِزٌ عَنْ تَجْهِيزِهِ لِعَدَمِ بَقَاءِ مِلْكِهِ (وَالثَّانِي) أَنَّ قَوْلَهُ مُمَوَّنِهِ شَامِلٌ لِرَقِيقِهِ حَتَّى فِي مَسْأَلَةِ الْمَعِيَّةِ فَيَلْزَمُ تَجْهِيزُهُ فِيهَا وَهَذَا يَسْبِقُ إلَى الذِّهْنِ لَكِنْ قَدْ يُشَكَّكُ فِيهِ بِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ الْمِلْكُ وَالْمِلْكُ مُنْتَفٍ عِنْدَ مَوْتِهِ لِمُقَارَنَتِهِ لِمَوْتِ السَّيِّدِ الَّذِي يَقْتَضِي عَدَمَ الْمِلْكِ وَانْقِطَاعَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا لَمْ يَتَأَخَّرْ وَقْتُ الْوُجُوبِ عَنْ مَوْتِ السَّيِّدِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ عِلِّيَّةِ الْوُجُوبِ حَتَّى يُوجَدَ مَانِعُهَا وَلَمْ يُوجَدْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.