فصل: فَرْعٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ ضَبَطَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَإِنْ ضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ قَرِيبَةً وَالْمُؤَذِّنُ رَاتِبًا.
(قَوْلُهُ فَلَا يَضُرُّ صُعُودُهَا إلَخْ) قَالَ فِي الْكَنْزِ؛ إذْ تَعُدُّ مِنْهُ وَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهَا. اهـ. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ سَوَاءٌ خَرَجَتْ عَنْ سَمْتِ الْمَسْجِدِ أَمْ لَا انْتَهَى. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ: وَلَوْ لِغَيْرِ الْأَذَانِ وَخَرَجَتْ عَنْ سَمْتِ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ كَمَا رَجَّحَاهُ وَتَرْبِيعِهِ؛ إذْ هِيَ فِي حُكْمِ الْمَسْجِدِ كَمَنَارَةٍ مَبْنِيَّةٍ فِيهِ مَالَتْ إلَى الشَّارِعِ فَيَصِحُّ الِاعْتِكَافُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَكِفُ فِي هَوَاءِ الشَّارِعِ وَأَخَذَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اُتُّخِذَ لِلْمَسْجِدِ جَنَاحٌ إلَى الشَّارِعِ فَاعْتَكَفَ فِيهِ صَحَّ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ صَحِيحٌ وَإِنْ زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْجَنَاحِ وَالْمَنَارَةِ لَائِحٌ أَيْ: لِكَوْنِ الْمَنَارَةِ تُنْسَبُ إلَى الْمَسْجِدِ وَيُحْتَاجُ إلَيْهَا غَالِبًا فِي إقَامَةِ شَعَائِرِهِ بِخِلَافِ الْجَنَاحِ فِيهَا نِهَايَةٌ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا أَنَّهُ رَجَّحَ مَا زَعَمَهُ الْبَعْضُ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْجَنَاحِ وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ وَعَنْ شَيْخِنَا مَا يُوَافِقُ مَا فِي النِّهَايَةِ.
(وَيَجِبُ قَضَاءُ أَوْقَاتِ الْخُرُوجِ بِالْأَعْذَارِ) السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَكِفٍ فِيهَا (إلَّا أَوْقَاتَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ)؛ لِأَنَّ حُكْمَ الِاعْتِكَافِ مُنْسَحِبٌ عَلَيْهَا وَلِهَذَا لَوْ جَامَعَ فِي زَمَنِهَا مِنْ غَيْرِ مُكْثٍ بَطَلَ وَنَازَعَ جَمْعٌ فِي هَذَا الْحَصْرِ وَأَلْحَقُوا بِهِ نَقْلًا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ خُرُوجَ مُؤَذِّنٍ لِأَذَانٍ وَجُنُبٍ لِاغْتِسَالٍ وَغَيْرُهُمَا مِمَّا يُطْلَبُ الْخُرُوجُ لَهُ وَيَقِلُّ زَمَنُهُ عَادَةً بِخِلَافِ مَا يَطُولُ زَمَنُهُ كَحَيْضٍ وَعِدَّةٍ وَمَرَضٍ.

.فَرْعٌ:

سَوَّوْا بَيْنَ إدَامَةِ الِاعْتِكَافِ وَنَحْوِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ يَعْتَكِفُ نَفْلًا وَلَا يَخْرُجُ لِذَلِكَ» وَبَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْخُرُوجَ لِعِيَادَةِ نَحْو رَحِمٍ وَجَارٍ وَصَدِيقٍ أَفْضَلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمْ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيَجِبُ قَضَاءُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي اعْتِكَافٍ مَنْذُورٍ مُتَتَابِعٍ.
(قَوْلُهُ سَوَّوْا بَيْنَ إدَامَةِ الِاعْتِكَافِ وَنَحْوِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ إلَى آخِرِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ عَنْ الْمَجْمُوعِ؛ لِأَنَّهُمَا طَاعَتَانِ مَنْدُوبٌ إلَيْهِمَا فَاسْتَوَيَا. اهـ. وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلَهُ الْخُرُوجُ مِنْ تَطَوُّعٍ لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَتَشْيِيعِ جِنَازَةٍ وَهَلْ هُوَ أَفْضَلُ أَوْ تَرْكُهُ أَوْ هُوَ سَوَاءٌ وُجُوهٌ. اهـ. قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ أَرْجَحُهَا الْأَخِيرُ فَقَدْ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ إلَى أَنْ قَالَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ فِي عِيَادَةِ الْأَجَانِبِ أَمَّا الْأَقَارِبُ وَذَوُو الرَّحِمِ وَالْأَصْدِقَاءُ وَالْجِيرَانُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخُرُوجَ لِعِيَادَتِهِمْ أَفْضَلُ لَاسِيَّمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ تَخَلُّفُهُ. اهـ.
قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَيَجِبُ قَضَاءُ أَوْقَاتِ الْخُرُوجِ) أَيْ: مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْ نَذْرِ اعْتِكَافٍ مُتَتَابِعٍ (بِالْأَعْذَارِ) أَيْ: الَّتِي لَا يَنْقَطِعُ بِهَا التَّتَابُعُ كَوَقْتِ أَكْلٍ أَوْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَاغْتِسَالِ جَنَابَةٍ مُغْنِي ونِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ وَنَازَعَ جَمْعٌ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي فَقَالَا وَانْتِصَارُهُ عَلَى قَضَاءِ.
الْحَاجَةِ مِثَالٌ؛ إذْ الْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَبَعًا لِجَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ جَرَيَانُهُ فِي كُلِّ مَا يَطْلُبُ الْخُرُوجَ لَهُ وَلِمَ بَطَلَ زَمَنُهُ عَادَةً كَأَكْلٍ وَغُسْلِ جَنَابَةٍ وَأَذَانِ مُؤَذِّنٍ رَاتِبٍ بِخِلَافِ مَا يَطُولُ إلَخْ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَغَيْرُهُمَا مِمَّا يُطْلَبُ الْخُرُوجُ لَهُ إلَخْ) وَعُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَدَمُ لُزُومِ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ لِمَنْ خَرَجَ لِمَا ذُكِرَ بَعْدَ عَوْدِهِ إنْ خَرَجَ لِمَا لَابُدَّ مِنْهُ وَإِنْ طَالَ زَمَنُهُ كَتَبَرُّزٍ وَغُسْلٍ وَاجِبٍ وَأَذَانٍ جَازَ الْخُرُوجُ لَهُ أَوْ لِمَا مِنْهُ بُدٌّ لِشُمُولِ النِّيَّةِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ وَلَوْ عَيَّنَ مُدَّةً وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلتَّتَابُعِ فَجَامَعَ أَوْ خَرَجَ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ عَادَ لِتَتْمِيمِ الْبَاقِي جَدَّدَ النِّيَّةَ وَلَوْ أَحْرَمَ مُعْتَكِفٌ بِنُسُكٍ فَإِنْ لَمْ يَخْشَ الْفَوَاتَ أَتَمَّهُ أَيْ: ثُمَّ خَرَجَ لِحَجِّهِ وَالْإِخْرَاجِ لَهُ وَلَا يَبْنِي بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ النُّسُكِ عَلَى اعْتِكَافِهِ الْأَوَّلِ وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ فَبَانَ انْقِضَاؤُهُ قَبْلَ نَذْرِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ اعْتِكَافَ شَهْرٍ قَدْ مَضَى مُحَالٌ نِهَايَةٌ وَقَوْلُهُ م ر وَلَوْ أَحْرَمَ إلَخْ فِي الْمُغْنِي مِثْلُهُ.
(قَوْلُهُ فَرْعٌ) إلَى الْكِتَابِ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ سَوَّوْا إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَهَلْ عِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَنَحْوُهَا لَهُ أَيْ لِلْمُعْتَكِفِ أَفْضَلُ أَوْ تَرْكُهَا أَوْ هُمَا سَوَاءٌ وُجُوهٌ أَرْجَحُهَا أَوَّلُهَا. اهـ. قَالَ سم قَالَ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَرْجَحُهَا الْأَخِيرُ فَقَدْ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّهُ فِي عِيَادَةِ الْأَجَانِبِ أَمَّا الْأَقَارِبُ وَذَوُو الرَّحِمِ وَالْأَصْدِقَاءُ وَالْجِيرَانُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخُرُوجَ لِعِيَادَتِهِمْ أَفْضَلُ لَاسِيَّمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ تَخَلُّفُهُ انْتَهَى. اهـ.
(قَوْلُهُ أَفْضَلُ) لَاسِيَّمَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ وَعِبَارَةُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مُغْنِي.

.كِتَابُ الْحَجِّ:

هُوَ بِفَتْحٍ وَكَسْرٍ لُغَةً الْقَصْدُ أَوْ كَثْرَتُهُ إلَى مَنْ يُعَظَّمُ وَشَرْعًا قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ الْآتِي عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَعَلَيْهِ يُشْكِلُ قَوْلُهُمْ أَرْكَانُ الْحَجِّ سِتَّةٌ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ أَوْ هُوَ نَفْسُ الْأَفْعَالِ الْآتِيَةِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ يَجِبُ اشْتِمَالُهُ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ بِزِيَادَةٍ وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ أَغْلَبِيٌّ أَوْ إنَّ مِنْهَا النِّيَّةَ، وَهِيَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَنَظِيرُهُ الصَّلَاةُ الشَّرْعِيَّةُ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الدُّعَاءِ وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ، وَهُوَ مِنْ الشَّرَائِعِ الْقَدِيمَةِ رُوِيَ أَنَّ آدَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجَّ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ الْهِنْدِ مَاشِيًا وَأَنَّ جِبْرِيلَ قَالَ لَهُ إنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانُوا يَطُوفُونَ قَبْلَك بِهَذَا الْبَيْتِ سَبْعَةَ آلَافِ سَنَةٍ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ لَمْ يَبْعَثْ اللَّهُ نَبِيًّا بَعْدَ إبْرَاهِيمَ إلَّا حَجَّ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ أَنَّهُ مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا حَجَّ خِلَافًا لِمَنْ اسْتَثْنَى هُودًا وَصَالِحًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ وَفِي وُجُوبِهِ عَلَى مَنْ قَبْلَنَا وَجْهَانِ قِيلَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ إلَّا عَلَيْنَا وَاسْتُغْرِبَ قَالَ الْقَاضِي، وَهُوَ أَفْضَلُ الْعِبَادَاتِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَالِ وَالْبَدَنِ، وَفِي وَقْتِ وُجُوبِهِ خِلَافٌ قَبْلَ الْهِجْرَةِ أَوَّلَ سِنِيهَا ثَانِيهَا وَهَكَذَا إلَى الْعَاشِرَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ فِي السَّادِسَةِ «وَحَجَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ حِجَجًا لَا يُدْرَى عَدَدُهَا» وَتَسْمِيَةُ هَذِهِ حِجَجًا إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ إذْ لَمْ تَكُنْ عَلَى قَوَانِينِ الْحَجِّ الشَّرْعِيِّ بِاعْتِبَارِ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ النَّسِيءِ وَغَيْرِهِ بَلْ قِيلَ فِي حَجَّةِ أَبِي بَكْرٍ فِي التَّاسِعَةِ ذَلِكَ لَكِنَّ الْوَجْهَ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْمُرُ إلَّا بِحَجٍّ شَرْعِيٍّ وَكَذَا يُقَالُ فِي الثَّامِنَةِ الَّتِي أُمَّرَ فِيهَا عَتَّابُ بْنُ أَسِيدٍ أَمِيرَ مَكَّةَ وَبَعْدَهَا حَجَّةُ الْوَدَاعِ لَا غَيْرُ (هُوَ فَرْضٌ) مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ فَيَكْفُرُ مُنْكِرُهُ إلَّا إنْ أَمْكَنَ خَفَاؤُهُ عَلَيْهِ (وَكَذَا الْعُمْرَةُ، وَهِيَ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَوْ ضَمٍّ وَبِفَتْحِ فَسُكُونٍ لُغَةً زِيَارَةُ مَكَان عَامِرٍ وَشَرْعًا قَصْدُ الْكَعْبَةِ لِلنُّسُكِ الْآتِي أَوْ نَفْسِ الْأَفْعَالِ الْآتِيَةِ (فِي الْأَظْهَرِ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «حُجَّ عَنْ أَبِيك وَاعْتَمِرْ» وَصَحَّ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا «هَلْ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ قَالَ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ» وَخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا وَحَسَّنَهُ اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى ضَعْفِهِ وَلَا يُغْنِي عَنْهَا الْحَجُّ؛ لِأَنَّ كُلًّا أَصْلٌ قُصِدَ مِنْهُ مَا لَمْ يُقْصَدْ مِنْ الْآخَرِ أَلَا تَرَى أَنَّ لَهَا مَوَاقِيتَ غَيْرَ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ وَزَمَنًا غَيْرَ زَمَنِ الْحَجِّ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُشْكِلُ بِإِجْزَاءِ الْغُسْلِ عَنْ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا قُصِدَ بِهِ الْوُضُوءُ مَوْجُودٌ فِي الْغُسْلِ وَلَا يَجِبَانِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ فِي الْعُمْرِ إلَّا مَرَّةً وَهُمَا عَلَى التَّرَاخِي بِشَرْطِ الْعَزْمِ عَلَى الْفِعْلِ بَعْدُ وَأَنْ لَا يَتَضَيَّقَا بِنَذْرٍ أَوْ خَوْفِ عَضْبٍ أَوْ تَلَفِ مَالٍ بِقَرِينَةٍ وَلَوْ ضَعِيفَةً كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُمْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْمُوَسَّعِ إلَّا إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ تَمَكُّنُهُ مِنْهُ أَوْ بِكَوْنِهِمَا قَضَاءً عَمَّا أَفْسَدَهُ وَمَتَى أَخَّرَ فَمَاتَ تَبَيَّنَ فِسْقُهُ بِمَوْتِهِ مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ إلَى الْمَوْتِ فَيُرَدُّ مَا شَهِدَ بِهِ وَيُنْقَضُ مَا حَكَمَ بِهِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ بِوُجُودِ مَالٍ لَهُ لَمْ يَعْلَمْهُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا نَحْكُمُ بِفِسْقِهِ لِعُذْرِهِ.
الشَّرْحُ:
(كِتَابُ الْحَجِّ).
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ يُشْكِلُ إلَخْ) أَقُولُ لَا إشْكَالَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِأَنَّهَا أَرْكَانٌ بِاعْتِبَارِ مَعْنًى آخَرَ لِلْحَجِّ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: إنَّ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ يَجِبُ اشْتِمَالُهُ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ بِزِيَادَةٍ) دَعْوَى هَذَا الْوُجُوبِ مَمْنُوعَةٌ بَلْ الْوَاجِبُ فِي كُلِّ مَنْقُولٍ شَرْعًا أَوْ غَيْرَهُ الْمُنَاسَبَةُ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَنْقُولِ عَنْهُ أَوْ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ كَمَا قَرَّرَهُ أَئِمَّةُ الْمِيزَانِ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ هُنَا، فَإِنَّ تِلْكَ الْأَفْعَالَ مُتَعَلِّقُ الْقَصْدِ وَمَثَّلُوهُ بِأَمْثِلَةٍ مِنْهَا الْفِعْلُ، فَإِنَّهُ فِي اللُّغَةِ لِمَا يَصْدُرُ عَنْ الْفَاعِلِ وَعِنْدَ النُّحَاةِ لِلَّفْظِ الْمَخْصُوصِ وَلَيْسَ مُشْتَمِلًا عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ إذْ لَيْسَ دَاخِلًا فِيهِ كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّعَسُّفِ، فَإِنَّ الْإِيرَادَ مَبْنِيٌّ عَلَى غَيْرِ أَسَاسٍ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ بِقَوَاعِدِ الْعُلُومِ مِسَاسٌ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الِاشْتِمَالَ مُتَحَقِّقٌ هُنَا، فَإِنَّ الْحَجَّ لُغَةً الْقَصْدُ وَشَرْعًا قَصْدٌ، وَهُوَ النِّيَّةُ وَزِيَادَةُ الْأَفْعَالِ كَالصَّلَاةِ دُعَاءٌ وَزِيَادَةُ الْأَفْعَالِ.
(قَوْلُهُ إنَّهُ مَا مِنْ نَبِيٍّ إلَّا حَجَّ) أَيْ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِمَنْ بَعْدَ إبْرَاهِيمَ.
(قَوْلُهُ: «وَحَجَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا وَقَبْلَ الْهِجْرَةِ حِجَجًا لَا يُدْرَى عَدَدُهَا» وَتَسْمِيَةُ هَذِهِ حِجَجًا إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ إلَخْ) أَقُولُ قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ أَنَّ حَجَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَعْدَ النُّبُوَّةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ لَمْ يَكُنْ حَجًّا شَرْعِيًّا، وَهُوَ مُشْكِلٌ جِدًّا.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ هُوَ فَرْضٌ) قَدْ يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ، وَهُوَ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ بِشَرْطِهِ وَقَدْ يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَيْهَا مِنْ الْبَالِغِينَ الْعُقَلَاءِ الْأَحْرَارِ وَسَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ فِي الْحَجِّ بِالصِّبْيَانِ وَلَا الْأَرِقَّاءِ وَلَا الْمَجَانِينِ، وَإِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَسْقُطُ بِهِمْ كَمَا تَسْقُطُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ بِرَدِّ غَيْرِهِمْ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ التَّأْمِينُ وَلَيْسَ الصَّبِيُّ مِنْ أَهْلِهِ وَهُنَا الْقَصْدُ ظُهُورُ الشِّعَارِ، وَهُوَ حَاصِلٌ وتَقَدَّمَ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ أَنَّ الْأَوْجَهَ اعْتِبَارُ الْبُلُوغِ فِيمَنْ يَسْقُطُ بِهِ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سُقُوطِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بِفِعْلِ الصَّبِيِّ بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الدُّعَاءُ، وَهُوَ مِنْهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ سُقُوطِ فَرْضِ إحْيَاءِ الْكَعْبَةِ بِنَحْوِ الصِّبْيَانِ وَالْأَرِقَّاءِ بِمَا فِيهِ خَفَاءٌ فَرَاجِعْهُ وَفِي شَرْحِ الْعُبَابِ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَسَيَأْتِي فِي سُقُوطِ فَرْضِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ عَنْهُمْ أَيْ بِالصِّبْيَانِ وَبِنَحْوِ الْأَرِقَّاءِ كَلَامٌ لَا يَبْعُدُ مَجِيئُهُ هُنَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمَتَى أَخَّرَ فَمَاتَ تَبَيَّنَ فِسْقُهُ بِمَوْتِهِ مِنْ آخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ إلَى الْمَوْتِ) لَيْسَ فِي ذَلِكَ إفْصَاحٌ عَنْ تَعْيِينِ ابْتِدَاءِ وَقْتِ الْفِسْقِ وَلَا بَيَانُ الْمُرَادِ بِآخِرِ سِنِي الْإِمْكَانِ وَيُتَّجَهُ أَنَّ ابْتِدَاءَ وَقْتِ الْفِسْقِ أَوَّلُ الزَّمَنِ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ السَّيْرُ الَّذِي يُدْرِكُ بِهِ الْحَجَّ عَلَى الْعَادَةِ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ مِنْ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ آخِرِهَا أَوْ قُبَيْلَ فَجْرِ النَّحْرِ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَاَلَّذِي يَنْقَدِحُ أَنْ يُقَالَ يَتَبَيَّنُ فِسْقُهُ مِنْ وَقْتِ خُرُوجِ قَافِلَةِ بَلَدِهِ لِتَبَيُّنِ أَنَّ هَذَا الْوَقْتَ هُوَ الَّذِي كَانَ يَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ مَعَهُمْ فِيهِ. اهـ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (كِتَابُ الْحَجِّ).
(قَوْلُهُ: لُغَةً الْقَصْدُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لُغَةً الْقَصْدُ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ الْخَلِيلُ كَثْرَةُ الْقَصْدِ إلَى مَنْ يُعَظَّمُ. اهـ. وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا قَوْلُهُ لُغَةً الْقَصْدُ أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ لِلْبَيْتِ الْحَرَامِ لِلنُّسُكِ أَوْ لِغَيْرِهِ كَالْغَيْطِ وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَالْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ أَعَمُّ مِنْ الشَّرْعِيِّ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لُغَةً مُطْلَقُ الْقَصْدِ وَقِيلَ الْقَصْدُ لِمُعَظَّمٍ. اهـ.