فصل: تتمة السابقين إلى الإيمان برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدرر في اختصار المغازي والسير



.تتمة السابقين إلى الإيمان برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

وحمزة بْن عَبْد المطلب، وجعفر بْن أبي طالب، وامرأته أسماء بنت عميس، وعامر بْن ربيعة العنزي من عنز بْن وائل، قَالَ ابن هشام: عنز بْن وائل من ربيعة، حليف الخطاب بْن نفيل، وأبو أحمد بْن جحش الأعمى، وحاطب بْن الحارث بْن معمر الجمحي، وامرأته بنت المجلل العامرية، وحطاب بْن الحارث أخوه، وامرأته فكيهة بنت يسار، وأخوهما معمر بْن الحارث بْن معمر الجمحي، والمطلب بْن أزهر بْن عَبْد عوف الزهري، وامرأته رملة بنت أبي عوف السهمية، والنحام واسمه نعيم بْن عَبْد اللهِ العدوي، وعامر بْن فهيرة أزدي من الأزد، أمه فهيرة مولاة أبي بكر الصديق، وحاطب بْن عمرو بْن عَبْد شمس بْن عَبْد ود العامري، أخو سليط بْن عمرو، وأبو حذيفة بْن عتبة بْن ربيعة واسمه مهشم بْن عتبة فيما قَالَ ابن هشام، وواقد بْن عَبْد اللهِ بْن عَبْد مناف بْن عرين فيما قَالَ ابن هشام ابن ثعلبة بْن يربوع بْن حنظلة الحنظلي التميمي، حليف بني عدي بْن كعب، وأبو ذر جندب بْن جنادة، ولكنه رجع إلى بلاد قومه فتأخرت هجرته، وإياس، وخالد، وعاقل، وعامر بنو البكير بْن عَبْد ياليل بْن ناشب من بني سعد بْن ليث، حلفاء بني عدي، والأرقم بْن أبي الأرقم، واسم أبي الأرقم عَبْد مناف بْن أبي جندب، واسم أبي جندب أسد بْن عَبْد اللهِ بْن عمر بْن مخزوم، وأسلم حمزة بْن عَبْد المطلب، وكان سبب إسلامه أن أبا جهل شتم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتناوله، وحمزة غائب في صيد وكان راميا كثير الصيد، فلما انصرف، قالت له امرأة: يا أبا عمارة ماذا لقي ابن أخيك من أبي جهل شتمه وتناوله وفعل وفعل؟ قَالَ: فهل رآه أحد؟ قالت: نعم، أهل ذلك المجلس عند الصفا، فأتاهم وهم جلوس، وأبو جهل فيهم، فجمع على قوسه يديه فضرب بها رأس أبي جهل فدق سيتها ثم قَالَ: خذها بالقوس ثم أخرى بالسيف، أشهد أنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأن ما جاء به حق من عند الله، وسمي من يومئذ أسد الله، ثم عمر بْن الخطاب أسلم بعد أربعين رجلا واثنتي عشرة امرأة، فعز الإسلام وظهر بإسلام حمزة وعمر رضي الله عنهما ذكر بعض ما لقي الرسول وأصحابه من أذى قومه وصبرهم على ذلك ولما أعلن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدعاء إلى الله تعالى، نابذته قريش، ورموه بالبهتان، وجاهروا في عداوته، وأظهروا البغضاء له، وآذوه، وآذوا من اتبعه بكل ما أمكنهم من الأذى، فأما رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأجاره عمه أَبُو طالب ومنع منه، وكذلك أجار أبا بكر قومه، ثم أسلموه فأجاره ابن الدغنة، وأجار العاصي بْن وائل عمر بْن الخطاب، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي بَكِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ عَاصِمٍ-، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلامَهُ سَبْعَةٌ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعَمَّارٌ، وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ، وَصُهَيْبٌ، وَبِلالٌ، وَالْمِقْدَادُ، فَأَمَّا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنَعَهُ اللهُ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُ اللهُ بِقَوْمِهِ، وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَأَخَذَهُمُ الْمُشْرِكُونَ فَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ، وَصَهَرُوهُمْ فِي الشَّمْسِ، فَمَا مِنْهُمْ إِلا مَنْ وَاتَاهُمْ فِيمَا أَرَادُوا وَأَوْهَمَهُمْ بِذَلِكَ إِلا بِلالٌ، فَإِنَّهُ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ فَأَخَذُوهُ وَأَعْطَوْهُ الْوِلْدَانَ، فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ وَهُوَ يَقُولُ: أَحَدٌ أَحَدٌ وَعَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ سَوَاءً، وَزَادَ فِي قِصَّةِ بِلالٍ وَجَعَلُوا فِي عُنُقِهِ حَبْلا وَدَفَعُوهُ إِلَى الصِّبْيَانِ يَلْعَبُونَ بِهِ حَتَّى أَثَّرَ الْحَبْلُ فِي عُنُقِهِ، ثُمَّ مَلُّوهُ فَتَرَكُوهُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَقَدْ ذَكَرْنَا خَبَرَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فِي بَابِهِ مِنْ كِتَابِ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنُ مَسْعُودٍ وَلا مُجَاهِدٌ فِي هَذَا الْخَبَرِ خَدِيجَةَ وَلا عَلِيًّا، وَهُمَا أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، لأَنَّهُمَا كَانَا فِي بَيْتِ رَسُولِ اللهِ، وَمَنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ كَانَ فِي جِوَارِ عَمِّهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ إِلَى قُرَيْشٍ مِنْهُمَا ذَلِكَ فَلَمْ يُؤْذَيَا، وَهَؤُلاءِ السَّبْعَةُ ظَهَرَ مِنْهُمْ ذَلِكَ فَلَقَوُا الأَذَى الشَّدِيدَ مِنْ قَوْمِهِمْ، فَقَصَدَ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَى الْخَبَرِ عَنْهُمْ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ، وَمَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ، وَحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِأَشَدِّ شَيْءٍ صَنَعَهُ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللهِ، قَالَ: نَعَمْ، بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِجْرِ الْكَعْبَةِ، إِذْ أَقْبَلَ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ فِي عُنُقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا، قَالَ: فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى أَخَذَ بِمَنْكِبَيْهِ وَدَفَعَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} وَرَوَاهُ بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ أَيْضًا عن الأوزاعي بإسناده مثله، وروى بشر بْن بكر، عن الأوزاعي، عن يحيى بْن أبي كثير، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سلمة بْن عَبْد الرحمن، قَالَ: قلت لعبد الله بْن عمرو بْن العاص: أخبرني بأشد شيء، فذكر مثله، وعند عمر بْن عَبْد الواحد، عن الأوزاعي، بهذا الإسناد أيضا في هذا الخبر، وعن إسماعيل بْن سماعة أيضا مثله، عن الأوزاعي بهذا الإسناد في هذا الخبر، وعند الوليد بْن مزيد، عن الأوزاعي في هذا الخبر الإسناد الأول، وروى مُحَمَّد بْن عمرو بْن علقمة، عن أبي سلمة، عن عَبْد اللهِ بْن عمرو بْن العاص هذا الخبر بمعناه، وزاد فيه، فَقَالَ: يا معشر قريش والذي نفسي بيده لقد أرسلني ربي إليكم بالذبح، ورواه هشام بْن عروة، عن أبيه، عن عَبْد اللهِ بْن عمرو بْن العاص بمعنى حديث يحيى بْن أبي كثير، وحديث مُحَمَّد بْن عمرو، عن أبي سلمة، عن عَبْد اللهِ بْن عمرو، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ حَدَّثَهُمْ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَقَدْ ضَرَبُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى غُشِيَ عَلَيْهِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: وَيْلَكُمْ، {أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ}، فَقَالُوا: هَذَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ الْمَجْنُونُ.

.المجاهرون بالظلم لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولكل من آمن به:

قَالَ الفقيه أَبُو عمر رضي الله عنه: وكان المجاهرون بالظلم لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولكل من آمن به من بني هاشم: عَمَّهُ أبا لهب، وابنَ عمه أبا سفيان بْن الحارث، ومن بني عَبْد شمس: عتبة وشيبة ابني ربيعة، وعقبة بْن أبي معيط، وأبا سفيان بْن حرب، وابنه حنظلة، والحكم بْن أبي العاص بْن أمية، ومعاوية بْن العاص بْن أمية، ومن بني عَبْد الدار: النضر بْن الحارث، ومن بني أسد بْن عَبْد العزى: الأسود بْن المطلب، وابنه زمعة، وأبا البختري العاصي بْن هشام، ومن بني زهرة: الأسود بْن عَبْد يغوث الزهري، وَمِنْ بَنِي مَخْزُومٍ: أبا جعل بْن هشام، وأخاه العاصي بْن هشام، وعمهما الوليد بْن المغيرة، وابنه أبا قيس بْن الوليد بْن المغيرة، وابن عمه قيس بْن الفاكه بْن المغيرة، وزهير بْن أبي أمية بْن المغيرة أخا أم سلمة، وأخاه عَبْد اللهِ بْن أبي أمية، والأسود بْن عَبْد الأسد أخا أبي سلمة، وصيفي بْن السائب، ومن بني سهم: العاص بْن وائل، وابنه عمرو بْن العاص، وابن عمه الحارث بْن قيس بْن عدي، ومنبها ونبيها ابني الحجاج، ومن بني جمح: أُمَيَّةَ وَأُبَيًّا ابني خلف بْن وهب بْن حذافة بْن جمح السهمي، وأنيس بْن معير أخا أبي محذورة، والحارث بْن الطلاطلة الخزاعي، وعدي بْن الحمراء الثقفي، فهؤلاء كانوا أشد على المؤمنين مثابرة بالأذى ومعهم سائر قريش، فمنهم من يعذبون من لا منعة له ولا جوار من قومه، ومنهم من يؤذون، ولقي المسلمون من كفار قريش وحلفائهم من العذاب والأذى والبلاء عظيما، ورزقهم الله من الصبر على ذلك عظيما، ليدخر لهم ذلك في الآخرة، ويرفع به درجاتهم في الجنة، والإسلامُ في كل ذلك يفشو ويظهر في الرجال والنساء، وأسلم الوليد بْن الوليد بْن المغيرة، وسلمة بْن هشام أخو أبي جهل، وأبو حذيفة بْن عتبة بْن ربيعة، وجماعة أراد الله هداهم، وأسرف بنو جمح على بلال بالأذى والعذاب، فاشتراه أَبُو بكر الصديق منهم، واشترى أمه حمامة فأعتقها، وأعتق عامر بْن فهيرة، وأعتق خمسا من النساء: أُمَّ عبيس، وزنيرة، والنهدية، وابنتها، وجارية لبني عدي بْن كعب، كان عمر بْن الخطاب رضي الله عنه يعذبها على الإسلام قبل أن يسلم، وروى أن أبا قحافة قَالَ لابنه أبي بكر: يا بني أراك تعتق قوما ضعفاء، فلو أعتقت قوما جلداء يمنعونك؟ فقال: يا أبت إني أريد ما أريد، فقيل: إن فيه نزلت: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} إلى آخر السورة، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بكرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يحيى بْن خلف، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى آية- قَالَ: أَبُو جهل ينهى محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ} أَهْلَ مَجْلِسِهِ، {سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} قَالَ: الْمَلائِكَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حِبَّانَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ: أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هَذَا؟ فَانْصَرَفَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزَجَرَهُ، فَقَالَ: يُهَدِّدُنِي مُحَمَّدٌ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ مَا بِهَا رَجُلٌ أَكْثَرُ نَادِيًا مِنِّي، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ}، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاللهِ لَوْ دَعَا نَادِيَهُ لأَخَذَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَالْعَذَابُ.

.المستهزئون:

قَالَ أَبُو عمر رضي الله عنه: وكان المستهزئون الذين قَالَ الله فيهم: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ}، عَمَّهُ أبا لهب، وعقبة بْن أبي معيط، والحكم بْن أبي العاصي، والأسود بْن المطلب بْن أسد أبا زمعة، والأسود بْن عَبْد يغوث، والعاصي بْن وائل، والوليد بْن المغيرة، والحارث بْن غيطلة السهمي، ويقال له: ابن الغيطلة، وكان جبريل مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في بعض وقفاته معه، فمر بهما من المستهزئين: الوليد بْن المغيرة، والأسود بْن المطلب، والأسود بْن عَبْد يغوث، والحارث بْن غيطلة، والعاصي بْن وائل واحدا بعد واحد، فشكاهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى جبريل، فأشار إليهم جبريل عليه السلام، وقال: كَفَيْتُكَهُمْ، فهلكوا بضروب من البلاء والعمى قبل الهجرة، وفيما لقي بلال، وعمار، والمقداد، وخباب، وسعد بْن أبي وقاص، وغيرهم ممن لم تكن له منعة من قومه من البلاء والأذى ما يجمل أن يفرد له كتاب، ولكنا نقف في كتابنا عند شرطنا وبالله توفيقنا.
فلما اشتد بالمسلمين البلاء والأذى، وخافوا أن يفتنوا عن دينهم، أذن الله لهم في الهجرة إلى أرض الحبشة، وقال لهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سِيرُوا إِلَيْهَا فَإِنَّ بِهَا مَلِكًا لا تُظْلَمُونَ عِنْدَهُ» وهو أصحمة، وتفسيره بالعربية عطية، وهو ابن أَبْحر. والنجاشي عامٌ لكل من ملك الحبشة كفرعون لمصر وتُبَّع لليمن وقيصر للشام وكسرى للعراق وبطليموس لليونان.

.باب ذكر الهجرة إلى أرض الحبشة:

أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُفْيَانَ وَحَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: فَلَمَّا كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ، وَظَهَرَ الإِيمَانُ، أَقْبَلَ كُفَّارُ قريش على من آمن من قبائلهم يعذبونهم ويؤذونهم ليردوهم عن دينهم، قَالَ: فبلغنا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لمن آمن به: تفرقوا في الأرض فإن الله تعالى سيجمعكم، قالوا: إلى أين نذهب؟ قَالَ: هاهنا، وأشار بيده إلى أرض الحبشة فهاجر إليها ناس ذوو عدد، منهم من هاجر بأهله، ومنهم من هاجر بنفسه، حتى قدموا أرض الحبشة قَالَ الفقيه أَبُو عمر رضي الله عنه: فكان أول من خرج من المسلمين فارا بدينه إلى أرض الحبشة عثمان بْن عفان معه امرأته رقية بنت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد قيل: إن أول من هاجر إلى الحبشة أَبُو حاطب بْن عمرو بْن عَبْد شمس بْن عَبْد ود، أخو سهيل بْن عمرو، وقيل: هو سليط بْن عمرو، وأبو حذيفة بْن عتبة بْن ربيعة هاربا عن أبيه بدينه ومعه امرأته سهلة بنت سهيل بْن عمرو مراغمة لأبيها فارة عنه بدينها، فولدت له بأرض الحبشة مُحَمَّد بْن أبي حذيفة صنو الزبير بْن العوام، ومصعب بْن عمير، وعبد الرحمن بْن عوف، وأبو سلمة بْن عَبْد الأسد معه امرأته أم سلمة بنت أبي أمية، وعثمان بْن مظعون، وعامر بْن ربيعة حليف آل الخطاب ومعه امرأته ليلى بنت أبي حثمة بْن غانم العدوية، وأبو سبرة بْن أبي رهم العامري، وامرأته أم كلثوم بنت سهيل بْن عمرو، وسهيل بْن بيضاء، وهو سهيل بْن وهب بْن ربيعة الفهري، ثم خرج بعدهم جعفر بْن أبي طالب، ومعه امرأته أسماء بنت عميس، فولدت له هناك بنيه: محمدا، وعبد الله، وعونا، وَعَمْرُو بْنُ سعيد بْن العاص بْن أمية، ومعه امرأته فاطمة بنت صفوان بْن أمية بْن محرث بْن شق بْن رقبة بْن مخدج الكنانية، وأخوه خالد بْن سعيد بْن العاص معه امرأته أمينة بنت خلف بْن أسعد بْن عامر بْن بياضة بْن يثيع الخزاعية، فولدت له هناك ابنه سعيدا، وابنته أم خالد، واسمها آمنة بنت خالد، وعبد الله بْن جحش بْن رئاب الأسدي، وأخوه عبيد الله بْن جحش، معه امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان، فتنصر هناك ومات نصرانيا مرتدا عن دينه، وَقَيْسُ بْن عَبْد اللهِ، حليف لبني أمية بْن عَبْد شمس، معه امرأته بركة بنت يسار مولاة أبي سفيان بْن حرب، ومعيقيب بْن أبي فاطمة الدوسي، حليف لبني العاص بْن أمية، وعتبة بْن غزوان بْن جابر المازني من بني مازن بْن منصور أخي سليم بْن منصور، حليف بني نوفل بْن عَبْد مناف، ويزيد بْن زمعة بْن الأسود بْن عَبْد المطلب بْن أسد، وعمرو بْن أمية بْن الحارث بْن أسد، والأسود بْن نوفل بْن خويلد بْن أسد، وطليب بْن عمير بْن وهب بْن أبي كبير بْن عَبْد قصي، وسويبط بْن سعد بْن حرملة، ويقال: حريملة بْن مالك العبدري، وجهم بْن قيس بْن عَبْد شرحبيل بْن هاشم بْن عَبْد مناف بْن عَبْد الدار العبدري، معه امرأته أم حرملة بنت عَبْد الأسود بْن جذيمة بْن الأقيش بْن عامر بْن بياضة بْن يثيع بْن جعثمة بْن سعيد بْن مليح بْن عمرو من خزاعة، وابناه عمرو بْن جهم، وخزيمة بنت جهم، وأبو الروم بْن عمير أخو مصعب بْن عمير، وفراس بْن النضر بْن الحارث بْن كلدة بْن علقمة بْن عَبْد مناف بْن عَبْد الدار، وعامر بْن أبي وقاص أخو سعد بْن أبي وقاص، والمطلب بْن أزهر بْن عَبْد عوف، معه امرأته رملة بنت أبي عوف بْن صبيرة السهمية، ولدت له هناك عَبْد اللهِ بْن المطلب، وعبد الله بْن مسعود الهذلي، وأخوه عتبة بْن مسعود، والمقداد بْن عمرو بْن ثعلبة البهراني، ويقال له: المقداد بْن الأسود، لأن الأسود بْن عَبْد يغوث الزهري تبناه، وهو حليف له، والحارث بْن خالد بْن صخر بْن عامر بْن كعب بْن سعد بْن تيم بْن مرة، ومعه امرأته ريطة بنت الحارث بْن جبيلة بْن عامر بْن كعب بْن سعد بْن تيم بْن مرة، فولدت له هناك موسى، وزينب، وعائشة، وفاطمة، وعمرو بْن عثمان بْن عمرو التيمي عم طلحة، وشماس بْن عثمان بْن الشريد المخزومي، واسمه عثمان بْن عثمان، وهبار بْن سفيان بْن عَبْد الأسد بْن هلال المخزومي، وأخوه عَبْد اللهِ بْن سفيان، وهشام بْن أبي حذيفة بْن المغيرة بْن عَبْد اللهِ بْن عمر بْن مخزوم، وعياش بْن أبي ربيعة بْن المغيرة المخزومي، ومعتب بْن عوف بْن عامر الخزاعي، يعرف بمعتب بْن حمراء، حليف بني مخزوم، والسائب بْن عثمان بْن مظعون، وعماه قدامة وعبد الله ابنا مظعون، وحاطب وحطاب ابنا الحارث بْن معمر الجمحي، ومع حاطب زوجه فاطمة بنت المجلل العامرية، ولدت له هناك محمدا، والحارث ابني حاطب، ومع حطاب زوجه فكيهة بنت يسار، وسفيان بْن معمر بْن حبيب الجمحي، ومعه ابناه جابر، وجنادة ابنا سفيان، وأمهما حسنة، وأخوهما لأمهما شرحبيل بْن حسنة، وهو شرحبيل بْن عَبْد اللهِ بْن المطاع الكندي، وقيل: إنه من بني الغوث بْن مر أخي تميم بْن مر، وعثمان بْن ربيعة بْن أهبان بْن وهب بْن حذافة بْن جمح، وخنيس بْن حذافة بْن قيس بْن عدي السهمي، وأخواه قيس، وعبد الله ابنا حذافة، ورجل من تميم اسمه سعيد بْن عمرو كان أخا بشر بْن الحارث بْن قيس بْن عدي لأمه، وهشام بْن العاص بْن وائل أخو عمرو بْن العاص، وعمير بْن رئاب بْن حذيفة السهمي، وأبو قيس بْن الحارث بْن قيس بْن عدي السهمي، وإخوته: الحارث بْن الحارث، ومعمر بْن الحارث، وسعيد بْن الحارث، والسائب بْن الحارث، وبشر بْن الحارث، ومحمية بْن جزء الزبيدي، حليف بني سهم، ومعمر بْن عَبْد اللهِ بْن نضلة العدوي من بني عدي بْن كعب، وعروة بْن عَبْد العزى بن حرثان العدوي، وعدي بْن نضلة بْن عَبْد العزى العدوي، وابنه النعمان بْن عدي، ومالك بْن ربيعة بْن قيس العامري، وامرأته عمرة بنت أسعد بْن وقدان بْن عَبْد شمس العامرية، وسعد بْن خولة من أهل اليمن، حليف لبني عامر بْن لؤي، وعبد الله بْن مخرمة بْن عبد العزى العامري، وعبد الله بْن سهيل بْن عمرو العامري، وعماه سليط بْن عمرو، والسكران بْن عمرو، ومع السكران بْن عمرو امرأته سودة بنت زمعة، وأبو عبيدة عامر بْن عَبْد اللهِ بْن الجراح الفهري، وعمرو بْن أبي سرح بْن ربيعة بْن هلال بْن أهيب بْن ضبة بْن الحارث بْن فهر، وعياض بْن زهير بْن أبي شداد الفهري، وعثمان بْن عَبْد غنم بْن زهير بْن أبي شداد، وسعد بْن عَبْد قيس بْن لقيط بْن عامر الفهري، وقد جاء في بعض الأثر، وقاله بعض أهل السير: أن أبا موسى الأشعري كان فيمن هاجر إلى أرض الحبشة، وليس كذلك، ولكنه خرج في طائفة من قومه مهاجرا من بلده باليمن يريد المدينة، فركبوا البحر، فرمتهم الريح بالسفينة التي كانوا فيها إلى أرض الحبشة، فأقام هنالك حتى قدم مع جعفر بْن أبي طالب، ولما نزل هؤلاء بأرض الحبشة أمنوا على دينهم وأقاموا بخير دار عند خير جار، وطالبتهم قريش عنده فكان ذلك سبب إسلامه على ما نورده بعد إن شاء الله، وأقام بمكة من كان له من عشيرته منعة، فلما رأت قريش أن الإسلام يفشوا وينتشر، اجتمعوا، فتعاقدوا على بني هاشم، وأدخلوا معهم بني المطلب ألا يكلموهم، ولا يجالسوهم، ولا يناكحوهم، ولا يبايعوهم، واجتمع على ذلك ملؤهم، وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها في الكعبة، فانحاز بنو هاشم، وبنو المطلب كلهم كافرهم ومؤمنهم، فصاروا في شعب أبي طالب محصورين مُبْعَدِينَ مُجْتَنَبِينَ، حاشا أبا لهب وولده، فإنهم صاروا مع قريش على قومهم، فبقوا كذلك ثلاث سنين إلى أن جمع الله قلوب قوم من قريش على نقض ما كانت قريش تعاقدت فيه على بني هاشم وبني المطلب.