فصل: فضل الله بإرسال الرسل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة



.حكم من دان بغير الإسلام:

كل من دان بغير الاسلام فهو كافر، سواء كان من اليهود، أو النصارى، أو المجوس أو غيرهم.
فاليهود كفار؛ لأنهم قتلوا الأنبياء، وكذبوا بعيسى- صلى الله عليه وسلم-، والنصارى كفار؛ لأنهم قالوا إن الله ثالث ثلاثة، وكذبوا محمداً- صلى الله عليه وسلم-.
والتوراة والإنجيل كتب سماوية، لكنها حُرِّفت وبُدلِّت، ثم نسخ الله العمل بهما بالقرآن.
واليهود والنصارى بعد بعثة محمد- صلى الله عليه وسلم- كلهم مغضوب عليهم؛ لأنهم عرفوا الحق وتركوه، فباؤا بغضب على غضب، وكل من لم يكفِّر اليهود والنصارى وكل من عَبَد غير الله فهو كافر؛ فيجب علينا أن نُكفِّر كل من كفَّره الله عز وجل، ومن كفَّره الله فهو كافر، ومن لم يكفِّره الله فليس بكافر.
ومن لم يكفِّر من كفَّر الله كهؤلاء استلزم ذلك أن يقبل الله دينه، وهذا يستلزم تكذيب قول الله عز وجل: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)} [آل عمران/85].
وقد كفَّر الله في القرآن اليهود والنصارى وكل من عَبَد غير الله.
1- قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30)} [التوبة/30].
2- وقال الله تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (135)} [البقرة/135].
3- وقال الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)} [المائدة/73].
فيجب علينا دعوة جميع الكفار إلى الإسلام مَنْ كانوا، وحيث كانوا.
4- وقال الله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)} [إبراهيم/52].

.4- فضل الدعوة إلى الله:

- حاجة الأمة للدين كحاجة الجسد إلى الروح، فكما أنه إذا فُقدت الروح فسد الجسد، فكذلك الأمة إذا فقدت الدين فسدت دنياهم وأخراهم.

.فضل الله بإرسال الرسل:

1- الله عز وجل رحمته وسعت كل شيء، ومن رحمته بعباده أن أرسل إليهم الرسل، وأنزل عليهم الكتب، يُعَرِّفونهم بربهم، وخالقهم، ورازقهم، ويبينون لهم ما يرضيه، ويدعونهم إلى طاعته وعبادته وحده لا شريك له، وما أعد الله من الثواب لمن أطاعه، ومن العقاب لمن عصاه: {فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ} [النحل/36].
2- وكلما ضعف الإيمان ووقع الناس في الشرك أرسل الله رسولاً يدعوهم إلى التوحيد وعبادة الله وحده، وتتابع إرسال الرسل.
وكان كل رسول يُبعث إلى قومه خاصة، حتى ختم الله النبوة والرسالة بخاتم الأنبياء وسيد المرسلين نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم-.
- اصطفى الله رسوله محمداً- صلى الله عليه وسلم-، وأرسله بالهدى ودين الحق إلى الناس كافة، فبلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في سبيل الله، وترك الأمة على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

.وظيفة الأنبياء والرسل:

لما كان عليه الصلاة والسلام أفضل الأنبياء والمرسلين وآخرهم، وأمته أفضل الأمم وآخرها، وأعطاها الله عز وجل وظيفة الأنبياء والرسل.
فقد قام- صلى الله عليه وسلم- بالدعوة إلى الله، في أرض معلومة وهي جزيرة العرب، وفي زمن معلوم وقدره ثلاث وعشرون سنة، شاملاً بدعوته ما استطاع من أهل عصره، مبتدئاً بدعوة أهله، ثم عشيرته الأقربين، ثم قومه، ثم أهل مكة وما حولها، ثم العرب قاطبة، ثم الناس كافة، مبيناً أنه رسول الله إلى الناس كافة، وأنه رحمة للعالمين، فدخل الناس في دين الله أفواجاً.
1- قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)} [سبأ/28].
2- وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} [الأنبياء/107].

.أسباب الهداية:

الناس دخلوا في الإسلام في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- متأثرين بأسباب كثيرة أهمها:
1- الدعوة باللسان كما دعا النبي- صلى الله عليه وسلم- أبا بكر وخديجة وعلياً وغيرهم فأسلموا رضي الله عنهم.
2- التعليم كما اهتدى عمر بن الخطاب رضي الله عنه متأثراً بالقرآن الذي سمعه وقرأه في منزل أخته فاطمة مع زوجها سعيد بن زيد وخباب بن الأرت وكانوا يتدارسون القرآن، وكما أسلم أُسيد بن حضير وسعد بن معاذ رضي الله عنهما في حلقة التعليم التي أقامها مصعب بن عمير رضي الله عنه في المدينة.
3- العبادة كما أسلمت هند بنت عتبة لما رأت المسلمين يُصَلُّون عام الفتح في المسجد الحرام، وكما أسلم ثمامة بن أثال الحنفي رضي الله عنه في المسجد النبوي متأثراً بالعبادة وغيرها.
4- الإنفاق والإكرام كما أعطى النبي- صلى الله عليه وسلم- عام الفتح صفوان بن أمية ومعاوية رضي الله عنهم وغيرهم أموالاً فأسلموا، وكما أعطى رجلاً غنماً بين جبلين فأسلم، وبإسلامه أسلم قومه.
5- حسن الأخلاق، والإحسان، والإيثار، والمواساة، والصدق.
قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم/4].

.دعوة البشرية واجب الأمة:

ولما أعطى الله عز وجل هذه الأمة وأكرمها بوظيفة الأنبياء والرسل وهي الدعوة إلى الله فقد أبقى الله من البلاد والعباد ما يكون ميداناً لدعوتها في مشارق الأرض ومغاربها، إلى أن تقوم الساعة.
وقد اجتهد عليه الصلاة والسلام على أصحابه رضي الله عنهم حتى جاء فيهم أمران: إقامة الدين في حياتهم، وفي حياة الناس، وعلموا أن بقية البلاد والعباد مسؤولية أمته إلى قيام الساعة، وأن المسلم محاسب على ترك المقصد الانفرادي وهو العبادة، ومحاسب على ترك المقصد الاجتماعي وهو الدعوة، ثم توفاه الله عز وجل.
1- قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران/110].
2- وقال الله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)}... [آل عمران/104].
3- وقال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)} [يوسف/108].
- البصيرة في ثلاثة: العلم قبل الدعوة، واللين مع الدعوة، والصبر بعد الدعوة.
- وقد تلقى أصحاب النبي- صلى الله عليه وسلم- منه وسائل وأساليب الدعوة، وتحملوا مسؤولية الدعوة بعده عليه الصلاة والسلام، فَضَحَّوا براحتهم وشهواتهم، وتركوا ديارهم، وبذلوا أنفسهم وأموالهم وأوقاتهم لنشر الدين في العالم.
فساروا دعاة إلى الله عز وجل، يحملون لا إله إلا الله لتدخل كل بيت في مشارق الأرض ومغاربها، في الشام والعراق.. وفي مصر وشمال أفريقيا.. وفي روسيا وما وراء النهر.. وفي غيرها.
وفُتحت هذه البلاد.. وانتشر فيها الإسلام.. وحل فيها التوحيد بدل الشرك.. والإيمان بدل الكفر.. وظهر فيها من العلماء والدعاة.. والعُبَّاد والزُّهَّاد.. والصالحين والمجاهدين ما تَقرُّ به عين كل مسلم.
أولئك خير القرون.. أولئك الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، أولئك الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)} [التوبة/100].

.تقديم أعمال الدين على أعمال الدنيا:

النبي- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه رضي الله عنهم لما قدموا أوامر الجهد والدعوة على أوامر الكسب والمباحات نقصت في حياتهم الأموال والأشياء، لكن بالمقابل زاد الإيمان وزادت الأعمال الصالحة، وظهرت حقيقة الأخلاق، وكثرت الفتوحات.
وأكثر المسلمين اليوم لما قدموا أوامر الكسب على أوامر الجهد والدعوة زادت الأموال والأشياء، وبالمقابل نقص الإيمان ونقصت الأعمال، فجاء في حياتهم أمران: الاهتمام بجمع الأموال كاليهود، والاهتمام بتكميل الشهوات كالنصارى.
فلما تغير المقصد قوي جانب الدنيا والبدن، وضعف جانب الدين والروح، وصار الجهد للدنيا لا للدين، وصار الدين كاليتيم يطوف على الناس لا يجد من يكفله؛ لأنهم مشغولون عنه بدنياهم وشهواتهم.

.بقاء الإسلام إلى يوم القيامة:

هذا الدين باق إلى يوم القيامة، يقوم به طائفة من أمة محمد- صلى الله عليه وسلم- حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون، وهم الطائفة المنصورة.
عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بأَمْرِ الله، لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يأْتِيَ أَمْرُ الله وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ». متفق عليه.

.فضل الدعوة إلى الله تعالى:

كل من آمن وقام بالعبادة والدعوة إلى الله فالله عز وجل يكرمه بأشياء أهمها: أن الله يعزه وإن لم تكن عنده أسباب العزة كبلال وسلمان رضي الله عنهما. ويجعل أعمال الدين كلها محبوبة لديه يقوم بها ويدعو إليها.
ويجعل الله له محبة في قلوب الخلق.
ويطوي بساط الباطل من حوله.
ويؤيده بنصرة غيبية من عنده.
ويستجيب دعاءه، ويجعل له هيبة في قلوب الناس.
ويعطيه من الأجر مثل أجور من دعاه واهتدى بسببه، ويرزقه الاستقامة والهداية، ويجعله سبباً لهداية البشرية.
1- قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)} [فصلت/33].
2- وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)} [العنكبوت/69].
3- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ دَعَا إلَى هُدَىً، كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئاً، وَمَنْ دَعَا إلَى ضَلالَةٍ، كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإثمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ آثامِهِمْ شَيْئاً». أخرجه مسلم.
4- وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم خيبر: «.. انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ، حَتَّى تَنْزِلَ بسَاحَتِهِمْ، ثمَّ ادْعُهُمْ إلَى الإسْلامِ، وَأَخْبرْهُمْ بمَا يَجبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ الله فِيهِ، فَوَالله لأَنْ يَهْدِيَ الله بكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ». متفق عليه.

.طرق الدعوة إلى الله:

الدعوة إلى الله واجبة على الأمة، كل بحسبه من الرجال والنساء.
والدعوة إلى الله تكون بطريقين:
الأول: طريق الليْن: وهو الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وإيضاح الأدلة والبراهين بأحسن أسلوب وألطفه.
وهذا الطريق هو المطلوب المشروع بداية ونهاية.
قال الله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)} [النحل/125].
الثاني: طريق القوة والشدة: وهو الجهاد في سبيل الله.
فإذا لم يستجب الكفار للدعوة، تَعيَّن طريق القوة بالجهاد في سبيل الله، حتى يُعبد الله وحده، وتقام حدوده، ويكون الدين كله لله، وتزول الفتن.
فالجهاد في سبيل الله لا يكون إلا بعد إقامة الحجة بالدعوة إلى الله.
1- قال الله تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)} [البقرة/193].
2- وقال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9)} [التحريم/9].

.أقسام الناس في العمل:

الناس في العمل قسمان:
منهم من اجتهد على الدنيا ثم راح وتركها، ومنهم من اجتهد على الآخرة ثم مات فوجدها وهم المؤمنون.
والذين اجتهدوا على الآخرة قسمان أيضاً:
1- من اشتغل بالعبادة فقط انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ الله- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ». أخرجه مسلم.
2- ومن اشتغل بالعبادة، والدعوة إلى الله، وبذل الجهد لإعلاء كلمة الله فعمله مستمر؛ لأن كل من اهتدى بسببه فله مثل أجره إلى يوم القيامة.
1- قال الله تعالى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (22)} [التوبة/19- 22].
2- وقال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (33)} [فصلت/33].

.5- حكم الدعوة إلى الله:

.أهمية الدعوة إلى الله:

الله عز وجل ذكر الأحكام كلها مجملة في القرآن الكريم، وفصَّلها النبي- صلى الله عليه وسلم- في السنة، ولكنه سبحانه فصَّل جهد الدعوة في القرآن الكريم تفصيلاً شافياً كافياً كاملاً، لم يفصِّل عبادات الأنبياء، لا صلاة إبراهيم- صلى الله عليه وسلم-، ولا حج آدم- صلى الله عليه وسلم-، ولا صيام داود- صلى الله عليه وسلم-، لكنه أخبر بها إجمالاً.
فالله سبحانه لم يبين قصة عابد واحد في القرآن، ولكنه بيَّن في القرآن بالتفصيل دعوة الأنبياء إلى الله، وما حصل لهم من الأذى والتكذيب، وصبرهم ورحمتهم لأممهم، ونصرهم، وحسن عاقبتهم.
ففصَّل قصة موسى- صلى الله عليه وسلم- في تسعة وعشرين جزءاً من القرآن، وبيّن سبحانه بالتفصيل دعوة الأنبياء لأممهم فذكر قصة نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، وهود، وصالح، وشعيب، ولوط، ويوسف وغيرهم عليهم الصلاة والسلام؛ لأن هذه الأمة مبعوثة بالدعوة إلى الله وقدوتها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.