فصل: المراحل والدور التي يمرّ بها الإنسان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة



.المراحل والدور التي يمرّ بها الإنسان:

خلق الله الإنسان وجعله يمر بمراحل، وأزمنة، وأمكنة، وأحوال، وينتهي بالخلود، إما في الجنة أو النار.
وهذه المراحل هي:
1- بطن الأم: وهي أول مرحلة يمر بها الإنسان، وأول دار يسكنها، وإقامته فيها تسعة أشهر، تزيد أو تنقص، هيأ الله له في هذه الظلمات بقدرته وعلمه وحكمته ما يحتاجه من الطعام والشراب، وما يناسبه من السكن والمأوى، وهو في هذه المرحلة غير مكلف، والحكمة من وجوده هنا أمران:
تكميل الأعضاء والجوارح، ثم يخرج إلى الدنيا بعد كمال خلقه ظاهراً وباطناً.
2- دار الدنيا: وهي أوسع داراً من بطن الأم، والإقامة فيها أكثر مدة من بطن الأم، هيأ الله له في هذه الدار كل ما يحتاجه، وزوده بالعقل والسمع والبصر، وأرسل إليه الرسل، وأنزل عليه الكتب، وأمره بطاعته، ونهاه عن معصيته، ووعده على الطاعة الجنة، وعلى المعصية النار، والحكمة من وجوده هنا أمران:
تكميل الإيمان بالله، وتكميل الأعمال الصالحة التي جعلها الله سبباً لدخول الجنة، ثم يخرج مع عمله إلى الدار التي تليها.
3- دار البرزخ في القبر، وهو أول منازل الآخرة، يبقى فيه الإنسان حتى يكتمل موت الخلائق وتقوم الساعة، وإقامته فيه غالباً أكثر من إقامته في دار الدنيا، والأنس أو البؤس فيه أوسع وأكمل من دار الدنيا، وهو بحسب العمل:
إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، يبدأ فيه الجزاء، ثم ينتقل منه إلى دار الخلود إما في الجنة أو النار.
4- الدار الآخرة: وفيها الإقامة المطلقة، والنعيم المطلق للمؤمنين، وتكميل شهواتهم، فمن أكمل في الدنيا ما يُحب الله من الإيمان، والأخلاق، والأعمال، أكمل الله له يوم القيامة ما يحب، مما لم تره عين، ولم تسمعه أذن، ولم يخطر على قلب بشر.
وإن لم يأت بالإيمان والأعمال الصالحة فجزاؤه جهنم خالداً فيها، وكلما خرج المؤمن من دار زَهد فيما كان عليه أولا، حتى يستقر المؤمن في الجنة.

.حكمة خلق المخلوقات:

خلق الله جميع المخلوقات لحكم عظيمة أهمها:
1- عبادة الله جل جلاله كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ (58)} [الذاريات/56- 58].
2- إعلام الخلق بكمال قدرته، وإحاطة علمه بكل شيء، ليطيعوه ويعبدوه كما قال سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا (12)} [الطلاق/12].
3- إقامة البراهين العظيمة على أن الله وحده هو المستحق للعبادة وحده دون سواه كما قال سبحانه: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (8)} [ق/6- 8].
4- ابتلاء الخلق بالأمر والنهي؛ ليختبرهم من يطيعه ومن يعصيه، وليبلوهم أيهم أحسن عملاً كما قال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (7)} [هود/7].
5- جزاء العباد في الآخرة بحسب أعمالهم في الدنيا كما قال سبحانه: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31)} [النجم/31].
6- بيان عظمة رحمة الله وفضله وإحسانه بخلق أرزاق الخلق، ليسهل على العباد عبادة ربهم إذا رأوا فضله وإحسانه كما قال سبحانه: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (40)} [الروم/40].
7- دخول الجنة، والقرب من الله يوم القيامة كما قال سبحانه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)} [القمر/54- 55].

.كمال نعيم القلب:

خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وكرمه على سائر المخلوقات، وجعل لكل عضو من أعضاء الإنسان كمالاً إن لم يحصل له فهو في قلق واضطراب وألم، فجعل كمال العين بالإبصار، وكمال الأذن بالسمع، وكمال اللسان بالنطق، وإذا عدمت هذه الأعضاء القوى التي بها كمالها حصل الألم والنقص.
وكذلك جعل الله كمال القلب، ونعيمه، وسروره، ولذته، وطمأنينته في معرفة ربه، ومحبته، والأنس به، والشوق إليه، والعمل بما يرضيه.
فإذا عدم القلب ذلك كان أشد عذاباً واضطراباً من العين التي فقدت النور، والأذن التي فقدت السمع، والقلب السليم يبصر الحق كما تبصر العين الشمس.

.فقه الدنيا والآخرة:

جعل الله لكل شيء زينة ومقصداً، فالنباتات لها زينة، وهي الأغصان والأوراق والأزهار، ولكن المقصد الحبوب والثمار، والثياب لها زينة، والمقصد ستر العورة، وكذلك الدنيا زينة، وكل ما عليها زينة، والمقصد الإيمان والأعمال الصالحة.
والدنيا زينة، والمقصد الآخرة، وكل من نسي المقصد تعلق بالزينة، والأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأتباعهم يشتغلون بالمقاصد، وأهل الدنيا يشتغلون بالزينات واللهو واللعب.
والله أمرنا أن نأخذ من الدنيا بقدر الحاجة، ونعمل للآخرة بقدر الطاقة.
وإذا تعارضت في حياتنا الأشياء والزينات مع المقصد وهو عبادة الله وحده لا شريك له، وطاعته وطاعة رسوله- صلى الله عليه وسلم-، قَدَّمنا ما يحب الله، وهو عبادته وطاعته، وطاعة رسوله- صلى الله عليه وسلم-، والجهاد في سبيله، ونشر دينه.
1- قال الله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7)} [الكهف/7].
2- وقال الله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (20)
سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (21)} [الحديد/20- 21].
3- وقال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)} [التوبة/24].

.قيمة الدنيا بالنسبة للآخرة:

بَيَّن الله ورسوله قيمة الدنيا بالنسبة للآخرة بياناً شافياً كافياً كما يلي:
1- قيمة الدنيا الذاتية: بيّنها الله سبحانه بقوله: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (64)} [العنكبوت/ 64].
2- قيمة الدنيا الزمنية: بيّنها الله سبحانه بقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38)} [التوبة/ 38].
3- قيمة الدنيا بالوزن: بيّنها النبي- صلى الله عليه وسلم- بقوله: «لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ الله جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِراً مِنْهَا شَرْبَةَ ماءٍ». أخرجه الترمذي.
4- قيمة الدنيا بالكيل: بيّنها النبي- صلى الله عليه وسلم- بقوله: «وَالله ما الدُّنْيا فِي الآخِرَةِ إلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إصْبَعَهُ هَذِهِ وأشارَ يَحْيَى بالسَّبَّابَةِ فِي اليَمِّ فَلْيَنْظُرْ بمَ تَرْجِعْ؟». أخرجه مسلم.
5- قيمة الدنيا بالمساحة: بيّنها النبي- صلى الله عليه وسلم- بقوله: «مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا». أخرجه البخاري.
6- قيمة الدنيا بالدراهم: مَرَّ النبي- صلى الله عليه وسلم- بِجَدْيٍ أسَكَّ مَيِّتٍ، فَتَنَاوَلَهُ فَأخَذَ بِأذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أيُّكُمْ يُحِبُّ أنَّ هَذا لَهُ بدِرْهَمٍ؟».فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: «أتُحِبُّونَ أنهُ لَكُمْ؟».
قَالُوا: وَالله لَوْ كَانَ حَيّاً كَانَ عَيْبًا فِيهِ؛ لأنَّهُ أسَكُّ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ؟ فَقَالَ: «فَوَالله! لَلدُّنيَا أهْوَنُ عَلَى الله مِنْ هَذا عَلَيْكُمْ». أخرجه مسلم.

.أصل السعادة والشقاوة:

جعل الله عز وجل سعادة الإنسان وشقاءه بحسب ما يصدر منه من الإيمان والأعمال الصالحة، أو ضدها من الكفر والأعمال السيئة.
فمن آمن وقام بما أمره الله ورسوله به من الأعمال الصالحة، سعد في الدنيا، ثم زادت سعادته عند الموت بملائكة تبشره بما يسرُّه، ثم تزداد سعادته إذا أُدخل القبر، ثم تزداد في الحشر، ثم تزيد وتبلغ كمالها إذا أُدخل الجنة.
وهكذا إذا كفر الإنسان، وساءت أعماله، شقي وساءت أحواله في الدنيا، ثم تزداد عند الموت، ثم تزداد في القبر، ثم تزداد عند الحشر، ثم تزيد وتبلغ كمالها في النار.
ومن تنوعت أعماله المرضية للهِ المحبوبة له في الدنيا تنوعت الأقسام التي يتلذذ بها في الجنة، وكثرت بحسب كثرة أعماله.
ومن تنوعت أعماله المسخوطة للهِ المبغوضة له في هذه الدار تنوعت الأقسام التي يتألم بها في النار، وكثرت بحسب كثرة أعماله.
1- قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)} [النحل/97].
2- وقال الله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127)} [طه/124- 127].

.من ترك ما ينفعه ابتلي بما يضرّه:

سنة الله جارية على أن كل من ترك ما ينفعه مع الإمكان ابتلي بالاشتغال بما يضره وحُرِم الأول.
فالمشركون لما زهدوا في عبادة الرحمن.. ابتلوا بعبادة الأوثان، ولما استكبروا عن الانقياد للرسل.. ابتلوا بالانقياد لكل مارج العقل والدين، ولما تركوا اتباع الكتب المنزلة لهداية الناس.. ابتلوا باتباع أرذل الكتب وأخسها وأضرها للعقول، ولما تركوا إنفاق أموالهم في طاعة الرحمن.. ابتلوا بإنفاقها في طاعة النفس والشيطان.
ومن أطاع الله ورسوله، وترك ما تهواه نفسه من الشهوات للهِ تعالى، عوَّضه الله من محبته، وعبادته، والأنس به، والإنابة إليه ما يفوق لذات الدنيا كلها.

.3- عموم دين الإسلام:

الإسلام هدىً ورحمة للعالمين، امتن الله به على خلقه أجمعين، وأرسل به سيد المرسلين، وخاتم النبيين، وشرَّف أمته بالدعوة إلىه إلى يوم الدين.
1- فالله رب الناس، ليس لهم رب سواه، كما قال سبحانه: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} [الناس/1].
2- والله ملك الناس، ليس لهم ملك سواه، كما قال سبحانه: {مَلِكِ النَّاسِ (2)} [الناس/2].
3- والله إله الناس، ليس لهم إله سواه، كما قال سبحانه: {إِلَهِ النَّاسِ (3)} [الناس/3].
4- وأنزل الله القرآن هدىً للناس، كما قال سبحانه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة/185].
5- وأرسل الله رسوله محمداً- صلى الله عليه وسلم- كافةً للناس، كما قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)} [سبأ/ 28].
6- وأمرنا الله بالتوجه إلى الكعبة وهي أول بيت وضع للناس، يصلّون إليه، ويحجون إليه، كما قال سبحانه: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96) فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)} [آل عمران 96- 97].
7- وذَكَر الله عز وجل أن هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس.
1- قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران/110].
2- وعن بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ نَّبِيَّ الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: «أَلَا إنَّكُمْ تُوفُونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أنْتُمْ خَيْرُهَا وَأكْرَمُهَا عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ».
أخرجه أحمد والترمذي.
8- والدعوة إلى الله وإبلاغ الدين في مشارق الأرض ومغاربها واجب على كل المسلمين لكل الناس؛ حتى تكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله للهِ.
1- قال الله تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)} [يوسف/108].
2- وقال الله تعالى: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)} [آل عمران/ 138].
3- وقال الله تعالى: {هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (52)} [إبراهيم/52].
9- والله عز وجل دعا الناس إلى عبادته وحده لا شريك له، ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله، وشرَّفنا بدعوة الناس إلى ذلك، فأول نداء في القرآن موجه إلى الناس ليؤمنوا بالله وحده لا شريك له كما قال سبحانه: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (22)} [البقرة/21- 22].
10- والله عز وجل رب العالمين ليس لهم رب سواه، كما قال سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)}... [الفاتحة/2].
11- وقد أرسل الله عز وجل رسوله محمداً- صلى الله عليه وسلم- نذيراً للعالمين، ورحمة لهم، إلى يوم الدين.
1- قال الله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)}... [الفرقان/1].
2- وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)} [الأنبياء/107].