فصل: باب مَا تجتنبه الحَاد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تيسير العلام شرح عمدة الأحكام



.كتاب الطلاق:

الطلاق: في اللغة: حل الوثاق. مشتق من الإطلاق، وهو الترك والإرسال.
وفي الشرع: حَل عقدة التزويج، والتعريف الشرعي فَرْد من معناه اللغوي العام. قال إمام. الحرمين: هو لفظ جاهلي ورد الشرع بتقريره.
وحكمه ثابت في الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس الصحيح.
فأما الكتاب فنحو {الطلاقُ مَرتَانِ} وعيرها من الآيات.
وأما السنة، فقوله صلى الله عليه وسلم: {أبغض الحلال إلى الله الطلاق} وغيره من فعله وتقريره صلى الله عليه وسلم.
والأمة مجمعة عليه، والقياس يقتضيه.
فإذا كان يتم النكاح بالعقد لمصالحه وأغراضه فإنه يفسخ ذلك العقد بالطلاق، للمقاصد الصحيحة.
والأصل في الطلاق، الكراهة، للحديث المتقدم، ولأنه حَل لِعُرى النكاح، الذي رغَّب فيه الشارع، وحث عليه، وجعله سبباً لكثير من مصالح الدين والدنيا.
لذا فإن الطلاق سبب في إبطال هذه المصالح وإفسادها، والله لا يحب الفساد.
فمن هنا كرهه الشارع، لكنه عند الحاجة إليه نعمة كبيرة، وفضل عظيم، إذ يحصل به الخلاص من العشرة المُرة، وفراق من لا خير في البقاء معه، إما لضعف في الدين، أو سوء في الأخلاق، أو غير ذلك مما يسبب قلق الحياة ونكد الاجتماع. والله حكيم عليم واسع الرحمة.
وبهذا تعرف جلال هذا الدين، وسُمُو تشريعاته، وأنها الموافقة للعقل الصحيح، والمتمشية مع مصالح الناس وبشرع الطلاق على الكيفية الآتية في وسط الأحكام وقوام للأمور، خلافا لليهود والمشركين، الذين يطلقون ويراجعون بلا عد، ولا حد.
وخلافا للنصارى، الذين لا يبيحون الطلاق، فتكون الزوجة غلا في عنق زوجها وإن لم توافقه، أو لم تحقق مصالح النكاح، ولذا أخذت به أوربا وأمريكا لما رأوا مصالحه، ومنافعه. والله حكيم عليم.
ولو قدم هذا الدين وتشريعاته السمحة إلى الناس كما هي، بعيدة عن أكاذيب المفترين، وخرافات المتنطعين، لأخذ به كل منصف، ولأصبح الدين هو النظام العام، وتحققت رسالته العامة.
الحديث الأول:
عنْ عَبْدِ الله بنِ عُمَرَ رَضيَ الله عنْهُمَا: أنَهُ طَلق امْرَأتهُ وَهي حَاِئض، فَذَكرَ ذلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فتَغَيظ مِنْهُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قالَ: «ليراجعها ثم يمسكها حَتى تَطْهرَ، ثم تَحِيض فَتَطْهُر، فَإن بَدَا له أن يُطلقَهَا فَليُطلقهَا قَبْل أن يمسها، فَتِلك العدة كمَا أمر الله عَزَ وَجَل».
وفي لفظ: «حَتى تحِيضَ حَيْضَةَ مستقبلة، سوى حيضتها الَّتي طَلقَهَا فِيهَا».
وفي لفظ: فَحُسِبَتْ مِنْ طَلاقِهَا، وَرَجَعَهَا عَبْد الله كَمَا أمَرَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المعنى الإجمالي:
طلق عبد الله بن عمر رضي الله عنهما امرأته وهي حائض، فذكر ذلك أبوه للنبي صلى الله عليه وسلم، فتغيظ غضبا، حيث طلقها طلاقا محرما، لم يوافق السنة.
ثم أمره بمراجعْتها وإمساكها حتى تطهر من تلك الحيضة ثم تحيض أخرى ثم تطهر منها.
وبعد ذلك- إن بدا له طلاقها ولم ير في نفسه رغبة في بقائها- فليطلقها قبل أن يطأها.
فتلك العدة، التي أمر الله بالطلاق فيها لمن شاء.
ومع أن الطلاق في الحيض محرم ليس على السنة، فقد حسبت عليه تلك الطلقة من طلاقها، فامتثل رضي الله عنه أمر نبيه، فراجعها.
ما يؤخذ من الحديث:
1- تحريم الطلاق في الحيض، وأنه من الطلاق البِدعِي الذي ليس على أمر الشارع.
2- أمره صلى الله عليه وسلم ابن عمر برجعتها، دليل على وقوعه.
ووجهته أن الرجعة لا تكون إلا بعد طلاق، ويأتي الخلاف في ذلك إن شاء الله. والأمر برجعتها يقتضي الوجوب، وإليه ذهب أبو حنيفة وأحمد والأوزاعي، وحمله بعضهم على الاستحباب وذهب إليه الشافعي ورواية عن أحمد واحتجوا بأن ابتداء النكاح ليس بواجب فاستدامته كذلك.
3- الأمر بإرجاعها إذا طلقها في الحيض، وإمساكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر.
4- قوله: «قبل أن يمسها» دليل على أنه لا يجوز الطلاق في طُهْر جامعَ فيه.
5- الحكمة في إمساكها حتى تطهر من الحيضة الثانية، هو أن الزوج ربما واقعها في ذلك الطهر، فيحصل دوام العشرة، ولذا جاء في بعض طرق الحديث: «فإذا طهرت مسها».
وقال (ابن عبد البر) الرجعة لا تكاد تعلم صحتها إلا بالوطء لأنه المقصود في النكاح.
وأما الحكمة في المنع من طلاق الحائض، فخشية طول العدة.
وأما الحكمة في المنع من الطلاق في الطهر المجامع فيه فخشية أن تكون حاملا، فيندم الزوجان أو أحدهما.
ولو علما بالحمل لأحسنا العشرة، وحصل الاجتماع بعد الفرقة والنفرة.
وكل هذا راجع إلى قوله تعالى {فَطَلقوهُن لعدتهن} ولله في شرعه حكم وأسرار، ظاهرة وخفية.
اختلاف العلماء:
ذهب جمهور العلماء- ومنهم الأئمة الأربعة رضي الله عنهم: إلى وقوع الطلاق في الحيض.
ودليلهم على ذلك أمره صلى الله عليه وسلم ابن عمر بارتجاع زوجته حين طلقها حائضاً.
ولا تكون الرجعة إلا بعد طلاق سابق لها، ولأن في بعض ألفاظ الحديث: «فحسبت من طلاقها».
وذهب بعض العلماء- ومنهم شيخ الإسلام (ابن تيميه) وتلميذه (ابن القيم) إلى أن الطلاق لا يقع فهو لاغ.
واستدلوا على ذلك بما رواه أبو داود والنسائي أن عبد الله بن عمر طلق امرأته وهى حائض، قال عبد الله: فردها علي ولم يرها شيئا.
وهذا الحديث في (مسلم) بدون قوله: ولم يرها شيئا.
وقد استنكر العلماء هذا الحديث، لمخالفته الأحاديث كلها.
وأجاب (ابن القيم)عن أدلة الجمهور بأن الأمر برجعتها، معناه إمساكها على حالها الأولى، لأن الطلاق لم يقع في وقته المأذون فيه شرعا فهو ملغى، فيكون النكاح بحاله.
وأما الاستدلال بلفظ: «فحسبت من طلاقها» فليس فيه دليل، لأنه غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وأطال (ابن القيم) النقاش في هذا الموضع في كتاب (تهذيب السنن) على عادته في الصولات والجولات، ولكن الأرجح ما ذهب إليه جمهور العلماء. والله أعلم.
الحديث الثاني:
عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قيْس: أنً أبَا عَمْرِو بْن حَفْص طَلقهَا ألبته وَهُو غَائِب.
وفي رواية: طلَقَهَا ثلاثا فأرسل إلَيْهَا وَكِيلَة بِشَعِير، فَسَخِطَته فَقَالَ: والله مَالَكِ عَلَينا منْ شيء.
فَجَاءت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَذَكرَتْ ذلِكَ لَهُ، فقالَ: «ليْسَ لكَ عَلَيْهِ نَفَقَة» وفي لفظ: «وَلا سكْنَى».
فَأمَرَهَا أن تَعتَدً في بَيْتِ أم شَريكٍ، ثم قالَ: «تِلكَ امرَأة يَغشَاهَا أصحابي، اعتدي عنْدَ ابنِ أم َمكتوم، فَإنَهُ رَجُل أعمَى، تَضَعِينَ ثِيابَكِ عِنْدَهُ، فَإذا حللتِ فآذنيني».
قَالتْ: فَلَمَا حلَلتُ ذكرت لَهُ أن مُعَاوِيَةَ بنَ أبي سُفْيَانَ وأبَا جَهْم خَطَبَاني.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما أبو جَهْم فلا يَضَعَُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهٍ، وأما مُعَاوِيَة فصعلوك لا مَالَ له، انكحِي أسامة بنَ زَيد» فَكَرِهَتْهُ.
ثم قَالَ: «انكحِي أسامة بنَ زيد» فنكحته، فَجَعَلَ الله فِيهِ خيْرا وَاغْتَبَطْتُ بهِ.
الغريب:
ألبتة: البت: القطع. قال في (المصباح) بت الرجل طلاق امرأته، فهي مبتوتة، والأصل مبتوت طلاقها والمراد- هنا- أنه طلقها طلاقا بائنا لا رجعة فيه.
فسخطته: السخط: ضد الرضا، قال في (مختار الصحاح): أسخطه: أغضبه، وتسخط عطاءه، استقله. فالمراد-هنا- أنها استقلت النفقة.
أم شريك: بفتح الشين وكسر الراء، بعدها ياء، ثم كاف: إحدى فضليات نساء الصحابة رضي الله عنهم.
يغشاها أصحابي: يراد بغشيانهم، كثرة ترددهم إلا، لصلاحها وفضلها.
فآذنيني: بمد الهمزة، أي أعلميني.
فلا يضع عصاه عن عاتقه: العاتق ما بين العنق والمنكب، وهو مكان وضع العصا.
وهذا التعبير، كناية عن شدته على النساء، وكثرة ضربه لهن ويفسر هذا المعنى روايتا (مسلم).
الأولى: «وأما أبو جهم فرجل ضَراب للنساء».
والثانية: «وأبو جهم فيه شدة على النساء».
و«جهم» مفتوح الجيم، ساكن الهاء.
فصعلوك: بضم الماد، التصعلك، هو الفقر، والصعلوك هو الفقير.
انكحي أسامة: بكسر الهمزة، ضبطه المطرزي.
المعنى الإجمالي:
بَت أبو عمرو بن حفص طلاق زوجته فاطمة بنت قيس.
والمبتوتة ليس لها نفقة على زوجها، ولكنه أرسل إليها بشعير، فظنت أن نفقتها واجبة عليه ما دامت في العدة، فاستقلت الشعير وكرهته، فأقسم أنه ليس لها عليه شيء.
فشكته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرها أنه ليس لها نفقة عليه ولا سكنى، وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك.
ولما ذكر صلى الله عليه وسلم أن أم شريك يكثر على بيتها تردد الصحابة، أمرها أن تعتد عند ابن أم مكتوم لكونه رجلا أعمى، فلا يبصرها إذا وضعت ثيابها، وأمرها أن تخبره بانتهاء عدتها.
ولعله أرادها لأسامة بن زيد، فخشى أن تعتد فتتزوج قبل أن يعلم.
فلما اعتدت خطبها (معاوية) و(أبو جهم) فاستشارت النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك.
بما أن النصح واجب- لاسيما للمستشير- فإنه لم يُشرْ عليها بواحد منهما. ولم يرده لها لأن أبا جهم شديد على النساء وسيئ الخلق، ومعاوية فقير ليس عنده مال، وأمرها بنكاح أسامة، فكرهته لكونه مَوْلَى.
ولكنها امتثلت أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فقبلته، فاغتبطت به، وجعل الله فيه خيراً كثيراً.
ما يؤخذ من الحديث:
1- قوله: «طلقها ثلاثا» ليس معناه، تكلم بهن دفعة واحدة، فهذا محرم غضب منه النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟».
ولكنه-كما قال النووي-: (كان قد طلقها قبل هذا اثنتين).
وكما ورد في بعض ألفاظ هذا الحديث في (مسلم) «أنه طلقها طلقة كانت بقيت لها من طلاقها».
2- أن المطلقة طلاقاً باتا، ليس لها نفقة ولا سكنى في عدتها، ما لم تكن حاملا.
3- جواز التعريض بخطبة المعتدة البائن، حيث قال: «فإذا حللت فآذنيني».
4- ذكر الغائب بما يكره على وجه النصح، ولا يكون- حينئذ- غيبة محرمة.
5- جواز نكاح غير المكافئ في النسب، إذا رضيت به الزوجة والأولياء فـ (أسامة) قد مسه الرق، وفاطمة قرشية.
6- وجوب النصح لكل أحد لاسيما المستشير.
فمن استشارك فقد ائتمنك، وأداء الأمانة واجب.
7- تستر المرأة عن الرجال، وابتعادها عن أمكنتهم ومجتمعاتهم.
8- ليس في أمرها بالاعتداد في بيت ابن أم مكتوم دليل على جواز نظر المرأة إلى الرجل، فقد أمرها بالابتعاد عن الرجال عند هذا الأعمى مع أمرها يغض بصرها عنه؟ قال الله تعالى: {وقلْ لِلْمُؤمنَاتِ يغضضن من أبصارهِن}.
وكما أمر صلى الله عليه وسلم أم سلمة وميمونة بالاحتجاب حين دخل ابن أم مكتوم، فقالتا: إنه أعمى.
فقال: «أفعمياوان أنتما فليس تبصرانه؟» حديث حسن في السنن. قال النووي: الصحيح الذي عليه الجمهور وأكثر أصحابنا أنه يحرم على المرأة النظر إلى الأجنبي، كما يحرم نظره إليها. ثم استدل بالآية وقال: إن الفتنة مشتركة، كما يخاف الافتتان بها، يخاف الافتتان به. ويدل عليه من السنة حديث أم سلمة.
9- جواز الخطبة على خطبة الغيرِ إذا لم يعلم بالخاطب، وعلم أنه لم يُجب.
10- أن امتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم خير وبركة، سواء أحبه الإنسان أو لا.
اختلاف العلماء:
اختلف العلماء هل للبائن نفقة وسكنى، زمن العدة، أو لا؟
فذهب الإمام أحمد: إلى أنه ليس لها نفقة، ولا سكنى، وهو قول علي، وابن عباس، وجابر.
وبه قال عطاء، وطاوس، والحسن، وعكرمة، وإسحاق، وأبو ثور وداود، مستدلين بحديث الباب.
وذهب الحنفية إلى أن لها النفقة والسكنى، وهو مروى عن عمر، وابن مسعود وقال به ابن أبى ليلى، وسفيان الثوري، مستدلين بما روى عن عمر: (لا ندع كتاب ربنا لقول امرأة).
وذهب مالك، والشافعي، إلى أن لها السكنى دون النفقة، وهو مذهب عائشة، وفقهاء المدينة السبعة، ورواية عن أحمد، مستدلين بقوله تعالى: {أسكنوهن مِنْ حَيثُ سكنتم مِنْ وجدكم}.
والصحيح، هو القول الأول، لقوة الدليل وعدم المعارض.
فأما القول الثاني فضعيف، لأن هذه الكلمة التي استدلوا بها، لم تثبت عن عمر.
فقد سئل الإمام أحمد: أيصح هذا عن عمر؟ قال: لا.
وعلى فرض صحتها، فصريح كلام النبي صلى الله عليه وسلم مقدم كل اجتهاد كل أحد.
وأما أصحاب القول الثالث، فلا يستقيم لهم الاستدلال بالآية، لأنها جاءت في حكم الرجعية، لا في حكم البائن.
ويوضح ذلك قوله تعالى: {لا تَدري لَعَل الله يحدث بَعدَ ذلِكَ أمرا}.
وإحداث الأمر، معناه تغيره نحو الزوجة ورغبته فيها في زمن العدة، وهو مستحيل في البائن.

.باب العِدَّة:

العدة: بكسر العين المهملة مأخوذ من العدد بفتح الدال، لأن أزمنة العدة محصورِة.
وهي تربص المرأة المحدود شرعا، عن التزويج، بعد فراق زوجها. والأصَل فيه، الكتاب والسنة، والإجماع.
فأما الكتاب، فمثل قوله تعالى: {والمُطَلقَاتُ يتربصن بِأنفُسِهِنَّ} الآية وغيرها.
وأما السنة، فكثيرة جدا، منها ما تقدم، من أمره صلى الله عليه وسلم فاطمة: «أن تعتد في بيت أم شريك».
وأجمع العلماء عليها، استنادا إلى نصوص الكتاب والسنة الكثيرة.
وقد جعل الله تبارك وتعالى هذه العدة تتربص فيها المفارقة لحكم وأسرار عظيمة. وهذه الحكم، تختلف باختلاف حال المفارقة.
فمنها، العلم ببراءة الرحم، لئلا يجتمع ماء الواطئين في رحم واحد، فتختلط الأنساب، وفى اختلاطها، الشر والفساد.
ومنها، تعظيم خطر عقد النكاح، ورفع قدره، وإظهار شرفه.
ومنها، تطويل زمن الرجعة للمطلق، إذ لعله يندم، فيكون عنده زمن يتمكن فيه من الرجعة.
وهذه الحكمة ظاهرة في عدة الرجعية وأشار إليها القرآن: {لا تدري لَعَل اللَه يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِك أمرا}.
وفيه قضاء حق الزوج، وإظهار التأثر لفقده، وهذا في حق المتوفى عنها.
ولها حكم كثيرة، لحق الزوج والزوجة، وحق الولد، وحق الله قبل ذلك كله بامتثال أمره.
فمجرد اتباع أوامره، سر عظيم من أسرار شرعه، والله الموفق.
عَنْ سُبَيِعَة الأسلمية: أنهَا كَانَتْ تَحْتَ سعد بن خَوَلَةَ وهُوَ مِنْ بنى عامِرِ بْنِ لؤَي، وكانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدراً، فتوُفِّى عنها في حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِي حَامِل، فَلَمْ تنشَبْ (تَلبث) أن وَضَعَت حملها بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَا تجمَّلت مِنْ نِفَاسِهَا، تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ.
فَدَخل عليها أبو السنابل بن بعكك- رجل من بني عبد الدار- فَقَالَ لَهَا: مَالي أراك مُتَجَمِّلة، لَعَلكِ تُرَجَّين للنكَاح؟ والله مَا أنت بِنَاكحٍ حَتَى تَمُر عَلَيْكِ أربَعَةُ أشْهُر وَعَشر.
قَالَت سُبَيْعَةُ: فَلَمَا قَالَ لي ذلِكَ جمعت عَلَىَّ ثِيَابي حِين أمسيْتُ فَأتَيْتُ رسول اللَه صلى الله عليه وسلم فَسَألتُهُ عن ذلِكَ، فأفتاني بِأني قَدْ حَلَلتُ حين وَضَعْتُ حَمْلي، وأمرني بالتَّزوِيج إن بَدَا لي.
وقال ابنُ شِهَاب: وَلا أرى بِأساً أنْ تَتَزوجَ حِينَ وضعت، وإن كَانَت في دمِهَا، غَير لا يقربها زوجُهَا حَتى تَطهُرَ.
الغريب:
سُبَيْعَة: بضم السين، وفتح الباء الموحدة.
فلم تنشب: بفتح الشين، أي لم تمكث طويلا.
تعلت من نفاسها: بفتح العين وتشديد اللام. معناه، ارتفع نفاسها وطهرت من دمها.
بعكك: بفتح الباء الموحدة، ثم عين ساكنة، ثم كافين الأولى مفتوحة.
المعنى الإجمالي:
توفي سعد بن خولة عن زوجته سبيعة الأسلمية وهي حامل. فلم تمكث طويلا حتى وضعت حملها.
فلما طِهرت من نفاسها، وكانت عالمة أنها بوضع حملها قد خرجت من عدتها وحلَّت للأزواج، تجملَت.
فدخل عليها أبو السنابل، وهى متجملة، فعرف أنها متهيئة للخطاب.
فأقسم-على غلبة ظنه- أنه لا يحل لها النكاح حتى يمر عليها أربعة أشهر وعشر، أخذا من قوله تعالى: {والذِين يُتَوَفوْن منكم ويذرون أزْواجاً يتَرَبصْنَ بِأنفُسِهن أربعة أشهُر وعشراً} وكانت غير متيقنة من صحة ما عندها من العلم، والداخل أكَد الحكم بالقسم.
فأتت النبي صلى الله عليه وسلم، فسألته عن ذلك، فأفتاها بحلها للأزواج حين وضعت الحمل، فإن أحبت الزواج، فلها ذلك، عملا بقوله تعالى {وَأولاتُ الأحمال أجلُهُن أن يضَعْنَ حَمْلَهُن}.
ما يؤخذ من الحديث:
1- وجوب العدة على المتوفى. عنها زوجها.
2- أن عدة الحامل، تنتهي بوضع حملها.
3- عموم إطلاق الحمل، يشمل ما وضع، وفيه خلق إنسان.
4- أن عدة المتوفى عنها-غير حامل- أربعة أشهر وعشر للحرة وشهران وخمسة أيام للأمة.
5- يباح لها التزويج، ولو لم تطهر من نفاسها، لما روت (فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي.. الخ) رواه ابن شهاب الزهري.
6- قال شيخ الإسلام: والقرآن ليس فيه إيجاب العدة بثلاثة قروء إلا على المطلقات، لا على من فارقها زوجها بغير طلاق، ولا على من وطئت بشبهة، ولا على المزني بها.
توفيق بين آيتين:
عموم قوله تعالى: {وَأوَلاتُ الأحْمَال أجلهن أنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} يفيد أن كل معتدة بطلاق أو موت، تنتهي عدتها، بوضع حملها.
وعموم ِقوله تعالى: {والَذِينَ يُتَوَفَوْنَ منكم ويذرون أزواجا يَتَربصْنَ بأنفُسِهِن أربعَةَ أشْهر وَعَشْر} يفيد أن عدة كل متوفًّى عنها، أربعة أشهر وعشر، سواء كانت حاملا، أو حائلا.
ولهذا التعارض، ذهب بعض العلماء- وهم قلة- إلى أن عدة المتوفى عنها أبعد الأجلين، بالأشهر أو الحمل.
فإن كان حملها أكثر من أربعة أشهر وعشر، اعتدت به.
وإن وضعت قبلهن، اعتدت بالأشهر، خروجا من التعارض.
ولكن جمهور العلماء، ومنهم الأئِمة الأربعة، ذوو المذاهب الخالدة- ذهبوا إلى تخصيص آية {والَّذِينَ يُتَوَفْوْنَ منكم} الآية. بحديث سُبَيْعة، الذي معنا، فتكون الآية هذه، خاصة في غير ذوات الأحمال، وأبقوا الآية الأولى على عمومها بأن وضع الحمل غاية كل عدة في حياة أو وفاة.
وبهذا التخصيص، تجتمع الأدلة، ويزول الإشكال.
ويقصد هذا التخصيص، أن أكبر حكم العدة، هو العلم ببراءة الرحم، وهو ظاهر بوضع الحمل.
فائدة:
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل ترك زوجته ست سنين ولم يترك لها نفقة، ثم بعد ذلك تزوجت رجلا ودخل بها، ثم حضر الزوج.
فأجاب: إن النكاح الأول فسد لتعذر النفقة من جهة الزوج، وانقضت عدتها، ثم تزوجت الثاني فنكاحه صحيح، وإن كانت تزوجت الثاني قبل فسخ نكاح الأول فنكاحه باطل.

.باب تحريم إحداد المَرْأة أكثر من ثلاثة إلا على زوج:

الإحداد: في اللغة: المنع، فاشتق من هذه المادة إحداد المرأة، لأن الزوجة المتوفى عنها ممنوعة من الزينة، والطيب، والزواج، شرعا.
وقد أجمع العلماء عليه، بعد استنادهم على النصوص الصحيحة الصريحة في مشروعيته.
وله فوائد كثيرة، أكبرها أداء المرأة حق زوجها الذي هو أعظم الناس حقا عليها، وذلك بإظهار التأثُّر لفراقه.
وتحيط نفسها أيضا بحمى من ترك الزينة عن أعين الخُطَّاب، صيانة لحرمة الزوج مدة التربص.
عَنْ زَينبَ بِنْتِ أم سَلمَةَ قَالَت: تُوُفي حَمِيمٌ لأم حَبيبة، فدَعَتْ بِصُفرَةٍ فمسحَتْ بِذِراعَيْهَا فَقَالَتْ: إنَّما أصْنَعُ هذَا لأنِّي سمِعْتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يَحِلُّ لامْرَأةٍ تُؤمِن بالله واليَوم الآخِر أن تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْق ثَلاثٍ إلا عَلَى زوْج أربَعَةَ أشْهُر وَعَشْرا»
الحميم: القرابة.
الغريب:
حميم: القريب. وجاء في بعض روايات الصحيحين أن المتوفى أبوها، أبو سفيان.
بصفرة: بضم الصاد وسكون الفاء، طيب فيه زعفران أو ورْس.
أن تحد: بضم التاء وكسر الحاء، رباعي ماضيه (أحَد).
ويجوز فتح التاء وضم الحاء، يقال: أحدت المرأة، وحدَّث فهي مُحِدٌّ وحَادٌّ، ولا يقال حادة بالهاء.
المعنى الإجمالي:
توفى والد أم حبيبة،: كانت قد سمعت النهْيَ عن الإحداد فوق ثلاث إلا على زوج.
فأرادت تحقيق الامتثال، فدعت بطيب مخلوط بصفرة، فمسحت ذراعيها، وبيَّنت سبب تطيبها، وهو أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر، أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً».
ما يؤخذ من الحديث:
1- تحريم الإحداد على ميت أكثر من ثلاثة أيام، إلا المرأة على زوجها.
2- إباحة الثلاث على غير الزوج، تخفيفا للمصيبة، وترويحاً للنفس بإبدائها شيئاً من التأثر على الحبيب المفارق.
3- وجوب إحداد المرأة على زوجها المتوفى، أربعة أشهر وعشراً وعموم الحديث يفيد وجوبه على كل زوجة، مسلمة كانت أو ذمية، كبيرة أو صغيرة.
4- قوله: «تؤمن بالله واليوم الأخر» سيق للزجر والتهديد.
5- الحكمة في تحديد المدة بأربعة أشهر. عشر، أنها المدة التي يتكامل فيها تخليق الجنين، وتنفخ فيه الروح إن كانت حاملا، وإلا فقد برئ رحمها براءة واضحة، لا ريبة فيها.
6- والإحداد: هو اجتنابها كل ما يدعو إلي جماعها ويرغب في النظر إليها، من الزينة والطيب وسيأتي بيانه إن شاء الله.

.باب مَا تجتنبه الحَاد:

الحديث الأول:
عَنْ أمِّ عَطِيَّةَ رَضِي الله عَنْهَا أنَّ رَسُولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم قَالَ: «لا تُحِدُّ امْرَأةٌ عَلَى مَيِّتٍ فوْق ثَلاثٍ، إلاَّ عَلَى زَوْج، أرْبعَةَ أشهر وعشراً، وَلا تَلْبِسُ ثَوْباً مَصْبوغاً إلا ثَوْبَ عَصب، وَلا تَكْتَحِلُ: ولا تَمسُّ طِيباً وَلا شَيْئاً إِلاَّ إذَا طَهُرَتْ: نُبْذَةً مِنْ قُسْطِ أو أظْفَار».
العصب: ثياب من اليمن، فيها بياض وسواد.
والنبذة: الشيء اليسير.والقسط: العود أو نوع من الطيب تُبخَر به النُّفَسَاء.
والأظفار: جنس من الطيب لا واحد له من لفظه.و قيل: هو عطر أسود، القطعة منه تشبه الظفر.
الغريب:
عصب: بفتح العين ثم صاد ساكنة مهملتين، ثم باء موحدة، هو ثوب من بُرُود اليمن، يسوى غزله ثم ينسج مصبوغا، فيخرج مُوَشَّي مختلف الألوان.
نُبْذَة: بضم النون وسكون الباء، بعدها ذال معجمة. أي قطعة. ويطلق على الشيء اليسير.
قُسْط: بضم القاف وسكون السين المهملة.
أظفار: بفتح الهمزة. (والقسط) و(الأظفار) نوعان من البخور.
المعنى الإجمالي:
في هذا الحديث نهى النبي صلى الله عليه وسلم المرأة أن تحد على ميت فوق ثلاث لأن الثلاث كافية للقيام بحق القريب والتفريج عن النفس الحزينة. ما لم يكن الميت زوجها، فلابد من الإحداد عليه أربعة أشهر وعشراً، قياما بحقه الكبير، وتصوُّنا في أيام عدته.
ومظهر الإحداد، هو ترك الزينة من الطيب، والكحل، والحلي، والثياب الجميلة، فلا تستعمل شيئا من ذلك.
أما الثياب المصبوغة لغير الزينة، فلا بأس بها من أي لون كان.
وكذلك تجعل في فرجها إذا طهرت قطعة يسيرة من الأشياء المزيلة للرائحة الكريهة، وليست طيبا مقصوداً في هذا الموضع الذي ليس محلا للزينة.
ما يؤخذ من الحديث:
1- النهي عن إحداد المرأة على ميت فوق ثلاث، غير زوجها.
2- إباحة الثلاث فما دون، تفريجا عن النفس.
3-وجوب إحداد المرأة على زوجها أربعة أشهر وعشراً، ما لم تكون حاملاً فبوضع الحمل،وتقدم.
4- الإحداد. معناه: ترك الزينة وما يدعو إلى نكاحها.
فعليه تجتنب كل حلي، وكل طيب، وكحل، وتجتنب الثياب التي تشهرها من أي نوع ولون.
5- يباح لها الثوب المصبوغ لغير الزينة.
والتجمل وضده، راجعان إلى عُرْف كل زمان ومكان، فهو ذوق، فلا يتقيد بنوع من الثياب والهيئة. فقد قال شيخ الإسلام: (المعتدة عن وفاة) تتربص أربعة أشهر وتجتنب الزينة والطيب في بدنها وثيابها، وتلزم منزلها، فلا تخرج بالنهار إلى لحاجة ولا بالليل إلا لضرورة ولا تلبس الحلي ولا تختضب بحناء ولا غيره، ولا يحرم عليها عمل من الأعمال المباحة ويجوز لها سائر ما يباح في غير العدة، مثل كلام من تحتاج إلى كلامه من الرجال إذا كانت مسترة، وهذا الذي ذكرته هو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يفعله نساء الصحابة إذا مات أزواجهن. اهـ.
6- يباح أن تضع في فرجها بعد الطهر، هذا المشابه للطيب، لقطع الرائحة الكريهة.
الحديث الثاني:
عَنْ أم سَلَمَة رضي الله عَنْهَا قَالَت: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن ابنتي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوجهَا، وقد اشتكت عَيْنَها أفنكْحُلُهَا؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا» مرتين أو ثَلاثَاً، كل ذلك يقول: «لا».
ثم قال: «إنَّمَا هِي أربَعَةُ أشهر وعشر، وَقَدْ كَانَتْ إحْدَاكُنَ في الْجَاهِلَيَّةِ تَرْمِي بالبَعْرَةِ عَلى رأس الْحَوْل».
فَقَالَتْ زَينبُ: كَانَتِ المرأة إذَا توفي عَنْهَا زوْجُهَا دَخَلَتْ حِفشا وَلبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا وَلْم تَمس طِيباً وَلا شَيْئاً حَتَّى تَمُرُّ عَلَيْهَا سَنَةٌ، ثم تؤتَي بِدَابَّةٍ-حمار أو طَيْر أو شاةٍ- فَتَفْتضُّ بهِ، فَقَلًمَا تَفْتَضُّ بِشَيء إلا مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فتعْطَي بَعْرَة فتَرْمِي بِهَا، ثم تُرَاجِعُ بَعْد مَا شَاءَتْ مِنْ طِيب أوْ غيْرِهِ.
الغريب:
البعرة: بفتح العين وإسكانها.
حِفْشا: بكسر الحاء المهملة وإسكان الفاء، ثم شين معجمة.هو البيت الصغير الحقير.
فتفتضُّ به: بفاء، ثم مثناة، ثم فاء ساكنة، ثم مثناة مفتوحة، ثم ضاد معجمة مثقلة. معناه: أنها تتمسح به فتنقي به درنها ووسخها الذي تراكم عليها، طيلة هذه المدة. وهي عادة من عاداتهم في الجاهلية.
أفنكحُلها: بضم الحاء.
المعنى الإجمالي:
جاءت امرأة تستفتى النبي صلى الله عليه وسلم، فتخبره أن زوج ابنتها توفى فهي حاد عليه، والحادُّ تجتنب الزينة، ولكنها اشتكت وجعا في عينيها فهل من رخصة فنكحُلها؟.
فقال صلى الله عليه وسلم: لا- مكرراً ذلك، مؤكدا.
ثم قلَّل صلى الله عليه وسلم المدة، التي تجلسها حاداً لحرمة الزوج وهي أربعة أشهر وعشر، أفلا تصبر هذه المدة القليلة التي فيها شيء من السعة.
وكنتن في الجاهلية، تدخل الحاد منكن بيتاً صغيراٍ كأنه زرب وحش، فتتجنب الزينة، والطيب، والماء، ومخالطة الناس، فتراكم عليها أوساخها وأقذارها، معتزلة الناس، سنة كاملة.
فإذا انتهت منها أعطيت بعرة، فرمت بها، إشارة إلى أن ما مضى عليها من ضيق وشدة وحرج لا يساوي-بجانب القيام بحق زوجها- هذه البعرة.
فجاء الإسلام فأبدلكن بتلك الشدة نعمة، وذلك الضيق سعة، ثم لا تصبر عن كحل عينها، فليس لها رخصة، لئلا تكون سُلَّماً إلى فتح باب الزينة للحادِّ.
ما يؤخذ من الحديث:
1- وجوب الإحداد أربعة أشهر وعشراً، على المتوفى عنها زوجها.
2- أن تجتنب كل زينة، من لباس، وطيب، وحلي، وكحل وغيرها.
ومن الزينة هذه المساحيق والأصباغ، التي فُتِنَ بها الناس أخيرا، من (بودرة) و(منا كير) ونحو ذلك.
فالمقصود بذلك جمع الزينة بأنواع مظاهرها وأشكالها، من كل ما يدعو إلى الرغبة في المرأة.
3- أن تجتنب الكحل الذي يكون زينة في العين ولو لحاجة إليه.
ولا بأس بالتداوي، بما ليس فيه زينة، من كحل ليس له أثر و(قطرة) ونحوها. فالمدار في ذلك على الزينة والجمال.
4- يُسرُّ هذه الشريعة وسماحتها، حيث خففت آثار الجاهلية وأثقالها.
ومن ذلك ما كانت تعانيه المرأة بعد وفاة زوجها، من ضيق، وحرج، ومحنة، وشدة، طيلة عام.
فخفف اللّه تعالى هذه المدة، بتقصيرها إلى نحو ثلثها، وبإبطال هذا الحرج الذي ينال هذه المرأة المسكينة.
فأباح لها النظافة، في جسمها، وثوبها، ومسكنها، وأباح لها مخالطة أقاربها ونسائها في بيتها.
وحفظ للزوج حقه، باجتنابها ما يشهرها، من زينة، ويرغب بها في مدة، هي من حقوقه. والله حكيم عليم.