فصل: باب ما جاء في ذم البخل، والكراهة له:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مساوي الأخلاق



.باب ما جاء في فضل الحلم، وكظم الغيظ، وذم الغضب:

321- ثنا إبراهيم بن الجنيد الختلي، ثنا محمد بن سهل البخاري، ثنا عمرو بن عاصم الكلابي، ثنا الربيع بن مسلم، عن أبي عمرو مولى أنس بن مالك، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كف غضبه كف الله عنه عذابه».
322- حدثنا أبو يوسف القلوسي، ثنا أحمد بن المنذر القزاز، ثنا محمد بن إسماعيل، ثنا عمر بن محمد الأسلمي، عن مليح بن عبد الله الخطمي، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خمس من سنن المرسلين: الحياء، والحلم، والسواك، والتعطر، والحجامة».
323- حدثنا عباس بن محمد الدوري، ثنا يونس بن محمد المؤدب، ثنا صالح، عن جعفر بن زيد، عن أم هانئ ابنة أبي طالب، أنها قالت: يا رسول الله، علمني دعاء أدعو به. قال: «قولي: اللهم رب النبي محمد، اغفر لي ذنبي، وأذهب غيظ قلبي، وأجرني من مضلات الفتن».
324- حدثنا سعدان بن يزيد، ثنا علي بن عاصم، ثنا يونس بن عبيد، عن الحسن، عن ابن عمر،- قال أبو محمد: قد رفعه علي بن عاصم مرة-، قال: «ما تجرع عبد جرعة هو فيها أعظم أجرا من جرعة غيظ، كظمها ابتغاء وجه الله».
325- حدثنا الترقفي، ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، ثنا سعيد بن أبي أيوب، عن أبي مرحوم العطار، عن سهل بن معاذ، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كظم غيظه، وهو يقدر على إنفاذه، دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق، حتى يخيره من أي حور العين شاء».
326- حدثنا أحمد بن عصمة النيسابوري، ثنا الحسين بن منصور، ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، ثنا داود بن قيس، عن عبد الجليل الفلسطيني، عن عمه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من كظم غيظا، وهو يقدر على إنفاذه، ملأه الله أمانا وإيمانا، ومن وضع ثوب جمال تواضعا لله، وهو يقدر عليه، كساه الله حلة الكرامة».
327- سمعت إبراهيم بن الجنيد يقول: لقي رجل رجلا من الحكماء فأسمعه، فلم يمتعض الملك، فقيل له، فقال: ليس يخلو من أن يكون صادقا، فما غضبي من الصدق؟ أو كاذبا فبالأحرى ألا أغضب إذا لم يكن الأمر على ما قال.
328- حدثنا العباس بن عبد الله الترقفي، ثنا الفيض بن إسحاق الرقي، عن الفضيل بن عياض قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، أي شيء أشد غضبا؟ قال: «غضب الله». قال: فما يباعدني عن غضبه؟ قال: «لا تغضب».
329- حدثنا أبو يوسف يعقوب بن عيسى الزهري، عن الزبير بن بكار، قال: سئل عبد الله بن عباس: أيهما أضر على البدن: الغضب أم الحزن؟ فقال: مجراهما واحد، والمعنى مختلف، فمن نازع من لا يقوى عليه آلمه ذلك، فصار ذلك حزنا، ومن نازع من يكون عليه أظهره فصار غضبا.
330- سمعت حبيش بن موسى الواسطي، يقول: سمعت أبا الحسن المدائني يقول: لقي رجل حكيما من الحكماء، فضرب الحكيم على قدمه ضربة موجعة، فلم ير فيه للغضب أثرا، فقيل له في ذلك: فقال: أقمت ضربته مقام الحجر أعتريه، وربحت الغضب.
331- حدثنا عمران بن موسى، ثنا موسى بن داود، ثنا أبو النضر، جليس لأبي الأشهب، عن معاوية بن قرة، عن عبد الله بن سلام قال: قال إبليس: أنا جمرة في جوف ابن آدم، فإن رضي منيته، وإن غضب أحميته.
332- حدثنا أبو منصور نصر بن داود الصاغاني، ثنا عبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، ثنا بشر بن المفضل، ثنا قرة، عن أبي جمرة، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأشج،- أشج عبد القيس-: «فيك خصلتان يحبهما الله: الحلم والأناة».
333- حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، ثنا يونس بن محمد المؤدب، ثنا أبو أويس، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبرني بكلمات أعيش بهن، ولا تكثر علي فأنسى. قال: «لا تغضب». فسأله مرارا، كل ذلك يقول: «لا تغضب».
334- حدثنا تمتام، ثنا إسحاق بن عبد الواحد الموصلي، ثنا خالد بن عبد الله، عن داود بن أبي هند، عن بكر بن عبد الله المزني، عن عمران بن حصين قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا غضبت فاجلس».
335- حدثنا الترقفي، ثنا عبد الله بن غالب، ثنا بكر بن سليمان، عن أبي سليمان الفلسطيني، عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أوصيك بتقوى الله، وخفض الجناح، وكظم الغيظ».
336- حدثنا إبراهيم بن الجنيد، حدثني إبراهيم بن خالد بن عبيد، أخبرني أبو وائل القاص، قال: كنا عند عروة بن محمد بن عطية السعدي، فكلمه رجل بشيء حتى أغضبه، فقام عنا ورجع إلينا، وقد توضأ، فقال: حدثني أبي، عن جدي عطية، وكانت له صحبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ».
337- حدثنا سعدان بن يزيد البزاز، ثنا علي بن عاصم، ثنا إبراهيم الهجري، عن أبي عياض، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر، فأيما رجل سببته أو لعنته في غير كنهه، فأجعلها له رحمة».
338- حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي، ثنا وهب بن جرير، ثنا شعبة، عن يزيد بن خصيفة، عن المغيرة بن عبد الله قال: جلسنا إلى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له خصفة أو ابن خصفة، فجعل ينظر إلى رجل سمين، فقلت: لم تنظر إليه؟ قال: ذكرت حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لنا ذات يوم: «هل تدرون ما الشديد؟»، قلنا: الذي يصرع الرجال. قال: «إن الشديد كل الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب».
339- حدثنا أبو منصور نصر بن داود الصاغاني، ثنا قتيبة بن سعيد، ثنا عبد الله بن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: كان موسى بن عمران إذا غضب اشتعلت النار في قلنسوته.
340- حدثنا سعدان بن يزيد، ثنا علي بن عاصم، ويزيد بن هارون، عن الجريري، عن أبي العلاء بن الشخير قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من تلقاء وجهه، فقال: أي الأعمال أفضل؟ قال: «حسن الخلق». وأتاه من بعده، فقال: من أي الأعمال أفضل؟ فرفع رأسه إليه، فقال: «أما تفقه، هو أن لا تغضب إن استطعت».

.باب ما جاء في ذم البخل، والكراهة له:

341- حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد الختلي، ثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، وحدثنا علي بن زيد الفرائضي، ثنا أبو يعقوب الحنيني، قالا: ثنا داود بن قيس، عن عبيد الله بن مقسم، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والشح، فإنه أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم».
342- حدثنا إبراهيم بن الجنيد، ثنا يعقوب بن عبد الرحمن الزهري، عن محمد بن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم والشح، فإنه دعا من كان قبلكم، فسفكوا دماءهم، ودعاهم فاستحلوا محارمهم، ودعاهم فقطعوا أرحامهم».
343- حدثنا إبراهيم بن الجنيد، ثنا إسماعيل بن رجاء الجزري، ثنا معقل بن عبيد الله الجزري، ثنا محمد بن المنكدر، قال: كان يقال: إذا أراد الله بقوم شرا أمر عليهم شرارهم، وجعل أرزاقهم بأيدي غلائهم.
344- حدثنا إبراهيم بن الجنيد، ثنا الوليد بن صالح، ثنا هشيم، عن صالح بن رستم المزني، قال: حدثني شيخ، من بني تميم، قال: خطبنا علي بن أبي طالب رحمة الله عليه، فقال: ألا إنه سيأتي على الناس زمان عضوض، يعض المؤمن على ما في يديه، ولم يؤمر بذلك، قال الله تبارك وتعالى: {ولا تنسوا الفضل بينكم}.
345- حدثنا إبراهيم، ثنا عمرو بن خالد الحراني، أنبا ابن لهيعة، عن عبد الله بن هبيرة، أن عبد الله بن عمرو قال: أيهما أشد: البخل، أو الشح؟، فاختلفوا، فقال عبد الله بن عمرو: الشح أشد من البخل، الشحيح يشح على ما في يديه فيحبسه، ويشح على ما في أيدي الناس حتى يأخذه، وإن البخيل على ما في يديه.
346- حدثنا إبراهيم بن الجنيد، قال: حدثني الحسن بن حماد الكوفي، ثنا إسحاق بن منصور السلولي، عن هريم بن سفيان البجلي، عن بيان، عن الشعبي، قال: ما أدري أيهما أبعد غورا في جهنم: البخل أو الكذب.
347- حدثنا إبراهيم بن الجنيد، وأبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي، قالا: ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، ثنا صدقة بن موسى، ثنا فرقد السبخي، عن مرة بن شراحيل، عن أبي بكر الصديق، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة بخيل، ولا خب، ولا خائن، ولا سيئ الملكة». وقال أبو قلابة: جبار، ولا بخيل، ولا خائن، ولا سيئ الملكة.
348- حدثنا سعدان بن يزيد البزاز، ثنا يزيد بن هارون، أنبا صدقة بن موسى، عن فرقد السبخي، عن مرة الطيب، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة خب، ولا بخيل، ولا منان، ولا سيئ الملكة».
349- حدثنا يموت بن المزرع، ثنا عيسى الطهماني، ثنا أبو زيد الأنصاري، قال: وقف أعرابي بأبي الأسود الدؤلي، وهو على دكان له على باب داره، يأكل تمرا، فقال: أصلحك الله، شيخ زهم، غابر ماضين، ووافد محتاجين، أكله الدهر، وأذله الفقر، فاغر سيفا ضعيفا فناوله أبو الأسود تمرة، فرمى بها الأعرابي في وجهه، ثم قال له: جعلها الله حظك من حظك عنده، وألجأك إلي كما ألجأني إليك، ليبلوك بي كما بلاني بك.
350- سمعت أبا موسى عمران بن موسى المؤدب يقول: وفد على أنوشروان حكيم الهند، وفيلسوف الروم، فقال للهندي: تكلم. فقال: يا خير الناس، من ألقى سخيا، وعند الغضب وقورا، وفي القول متأنيا، وفي الرفعة متواضعا، وعلى كل ذي رحم مشفقا. وقام الرومي، فقال: من كان بخيلا ورث عدوه ماله، ومن قل شكره لم ينل النجاح، وأهل الكذب مذمومون، وأهل النميمة يموتون فقراء، فمن لم يرحم سلط عليه من لا يرحمه.
351- وسمعت أبا العباس محمد بن يزيد المبرد، أو غيره يقول: قال بعض الحكماء: غائص الفهم عند إمكانها، وكل الأمور إلى وليها، ولا تحمل على نفسك هم ما لم يأتك، ولا تعدن عدة ليس في يديك وفاؤها، ولا تبخلن بالمال على نفسك، فكم من جامع لبعل حليلته فقلت: هذا الكلام الأخير لمحمد بن بشير فقال: كم مانع نفسه لذاتها حذرا للفقر ليس له من ماله ذخر إن كان إمساكه للفقر يحذره فقد تعجل فقرا قبل أن يفتقر.
352- أنشدني العباس بن الفضل الربعي لمحمود الوراق:
تمتع بمالك قبل الممات ** وإلا فلا مال إن أنت متا

شقيت به ثم خلفته ** لغيرك بعدا وسحقا ومقتا

فجاد عليك بزور البكا ** وجدت له بالذي قد جمعتا

وأعطيته كل ما في يديك ** وخلاك رهنا بما قد كسبتا

353- سمعت أبا موسى عمران بن موسى يقول: قال هشام بن عبد الملك، وقد نظر إلى ولده يبكون بحضرته: جاد هشام عليكم بالدنيا، وجدتم عليه بالبكاء، ترك لكم ما جمع، وتركتم عليه ما اكتسب، ما أعظم منقلب هشام إن لم يعف الله عز وجل.
354- حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد، ثنا محمد بن سنان الباهلي، ثنا موسى بن علي بن رباح، عن أبيه، عن عبد العزيز بن مروان، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «شر ما في الرجل شح هالع، وجبن خالع».
355- حدثنا إبراهيم بن الجنيد، ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، ثنا أيوب بن عتبة، قاضي اليمامة، عن الفضل بن بكر العبدي، عن قتادة، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه».
356- حدثنا إبراهيم بن الجنيد، ثنا فضيل بن عبد الوهاب، ثنا محمد بن زيد، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله تبارك وتعالى: {إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا} قال: البخل، أمسك الله تبارك وتعالى أيديهم عن النفقة في سبيل الله، {فهم لا يبصرون} الهدى.
357- حدثنا إبراهيم بن الجنيد، ثنا إسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي، ثنا ضمرة بن ربيعة، قال: سمع عبد الكريم أبو أمية، رجلا يقول: الشحيح أعذر من الظالم. فغضب، وقال: أقسم ربك تبارك وتعالى أن لا يجاوره بخيل.
358- حدثنا إبراهيم بن الجنيد، ثنا الوليد بن شجاع، ثنا يحيى بن اليمان، عن زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن شعيب الجبائي قال: إن الله تبارك وتعالى لما خلق الجنة، شقق أنهارها، وأهدل ثمارها، وزخرفها، اتكأ فيها، وقال: وعزتي، لا يجاورني فيك بخيل.
359- حدثنا فضل بن العباس الرازي، ثنا أمية بن بسطام، ثنا يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم، عن العلاء بن عبد الرحمن (ح) وحدثنا أبو قلابة بن محمد بن عبد الله الرقاشي، ثنا روح، ثنا شعبة، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن النذر لا يرد من القدر شيئا، إنما يستخرج به من البخيل».
360- حدثنا أخي أحمد بن جعفر بن محمد، ثنا الحسن بن عرفة، ثنا سعيد بن محمد الوراق، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن البخيل بعيد من الله عز وجل، بعيد من الناس، بعيد من الجنة، قريب من النار، ولجاهل سخي أحب إلى الله عز وجل من عابد بخيل، وإن أدوى الداء البخل».
361- حدثنا محمد بن جابر الضرير، ثنا أبو حذيفة يعني موسى بن مسعود، ثنا سفيان الثوري، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن أبي ذر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تبارك وتعالى يبغض ثلاثة: الشيخ الزاني، والبخيل المنان، والمقل المختال».
362- حدثنا محمد بن عمر الدولابي، ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع، أنبا شعيب بن أبي حمزة، ثنا أبو الزناد عبد الله بن ذكوان المديني، أن عبد الرحمن بن هرمز، حدثه أنه سمع أبا هريرة، يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مثل المنفق والبخيل كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد، من لدن ثديهما إلى تراقيهما، فأما المنفق فلا ينفق شيئا إلا سبغت، أو ركزت على جلده، حتى تخفي بنانه، وتعفو أثره، وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزمت كل حلقة مكانها، فهو يوسعها ولا تتسع».
363- حدثنا أبو عبيد الله حماد بن الحسن بن عنبسة الوراق، ثنا مسلم بن إبراهيم، ثنا صدقة بن موسى، ثنا مالك بن دينار، عن عبد الله بن غالب، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خصلتان لا يجتمعان في مؤمن: سوء الخلق والبخل».
364- سمعت أبا العباس محمد بن يزيد المبرد، ينشد لبعضهم في ذم البخل:
ألا ليت شعري يا آل خاقان هل لكم ** إذا ما سئلتم نعمة الله شاكر

فأما وأنتم لابسون ثيابها ** فما لكم والحمد لله ذاكر

365- سمعت أبا العباس محمد بن يزيد المبرد، يقول: قيل لميمون بن مهران: فلان أعتق كل مملوك له. فقال: يعصون الله تبارك وتعالى مرتين، يبخلون به وهو في أيديهم، حتى إذا صار لغيرهم أسرفوا فيه.
366- حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، قال: ثنا عبد الرزاق، أنبا معمر، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبني ساعدة: «من سيدكم؟»، قالوا: جد بن قيس. قال: «بم سودتموه؟»، قالوا: إنه أكثرنا مالا، وإنا على ذلك لنزنه بالبخل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وأي داء أدوى من البخل»، قالوا: فمن سيدنا؟ قال: «بشر بن البراء بن معرور».
367- حدثنا أبو عبيد الله حماد بن الحسن بن عنبسة الوراق، ثنا أبو عامر العقدي، ثنا شعبة، عن عبد الملك بن عمير، قال: سمعت مصعب بن سعد يقول: كان سعد يعلمنا هذا الدعاء، ويذكره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر».
368- حدثنا أبو زيد عمر بن شبة بن عبيدة النميري، ثنا سالم بن نوح، عن الجريري، وحدثنا سعدان بن يزيد، ثنا علي بن عاصم، عن الجريري، جميعا قالا: عن أبي الأحمس، قال: لقيت أبا ذر فقلت: أبا ذر ما حديث بلغني أنك محدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما هو؟ فإني لا أخالني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: بلغني أنك تقول: «ثلاثة يشنؤهم الله تبارك وتعالى». قال: قلته وسمعته. قلت: فمن الذين يشنأ؟ قال: «التاجر أو البياع الحلاف، والفقير المختال، والبخيل المنان».
369- حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، أنبا عبد الرزاق، أنبا معمر، عن الزهري، عن عمر، عن محمد بن جبير بن مطعم، أن أباه، أخبره، أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قفل من غزوة حنين، فلقيه الأعراب يسألونه، فاضطروه إلى سدرة، فخطفت رداءه، وهو على راحلته، فقال: «ردوا علي ردائي، فلو فاء الله علي بمثل عدد هذه العضاه لقسمته بينكم، ثم لا تجدونني بخيلا، ولا جبانا، ولا كذابا».
370- حدثنا علي بن حرب، ثنا عبد الحميد، عن الأعمش، عن مجاهد، عن عبد الله بن ضمرة، عن كعب قال: ما من صباح إلا وقد وكل به ملكان يناديان: اللهم اجعل لممسك تلفا.
371- حدثنا أحمد بن منصور الرمادي، ثنا عبد الله بن صالح، وابن بكير، أن الليث، حدثهما، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبد الله بن خارجة بن زيد بن ثابت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعي إلى رجل من بني سلمة توفي، فلما حضر سأله، فأثنى عليه خيرا في عفافه، وجوازه، من رجل مسيك، فقال: «يا بني سلمة، وأي داء أدوى من الشح صلوا على صاحبكم».
372- حدثنا إبراهيم بن الجنيد، ثنا أبو ظفر، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن عبد الصمد بن معقل بن منبه، عن عمه وهب بن منبه قال: كان عابد من بني إسرائيل يعبد الله دهرا في صومعته، فعف وزهد، حتى شكته الشياطين إلى إبليس، فقالوا: فلان قد أعيانا، لا نصيب منه شيئا. قال: فانتدب له إبليس بنفسه، فأتاه فضرب ديره، فقال: من هذا؟ قال: أنا ابن سبيل، افتح لي حتى آوي الليلة في ديرك. قال له العابد: هذه قرى منك غير بعيد، صل إلى بعضها فأو فيها. قال: اتق الله، وافتح لي، فإني أخاف اللصوص، وأخاف السباع. قال: ما أنا بالذي أفتح لك. فسكت إبليس، ثم ضرب ديره، فقال: افتح لي. قال: من هذا؟ قال: المسيح. قال: إن تكن المسيح، فليس لي إليك حاجة. قال: قد بلغت رسالات ربك، فموعدك الآخرة. فسكت إبليس، ثم ضرب ديره، فقال: افتح. فقال: من أنت؟ قال: أنا إبليس. قال: ما أنا بالذي أفتح لك. قال إبليس: لك الله ولك ولك. وجعل يعاهده لا أعمل لك في مضرة أبدا، افتح. قال: فنزل، ففتح له الباب، فصعد إبليس فجلس بين يديه، فقال: سلني عما شئت أخبرك. قال: ما لي إليك حاجة. قال: فقام إبليس فولى. قال: فناداه: أقبل، قد بدا لي أن أسألك. قال: أي شيء أعون لكم في هلكة بني آدم؟ قال: السكر، فإنه إذا سكر ابن آدم لم يمتنع منا من شيء نريده، ثم لعبنا به كما يلعب الصبيان بالكرة. قال: وماذا؟ قال: والحدة، لو أن ابن آدم بلغ من عبادته ما يحيي الموتى بإذن الله، ما يئسنا أن نصيبه في بعض غضبه. قال: وماذا؟ قال: البخل. قال: فنأتي ابن آدم، فنقلل نعمة الله عنده، ونكثر ما في أيدي الناس عنده، حتى يبخل بحق الله في ماله فيهلك.