فصل: الفصل السادس والستون:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدهش في المحاضرات (نسخة منقحة)



.الفصل السادس والستون:

يا مشغولًا بأمله، عن ذكر أجله، راضيًا في صلاح خلاله بخلله، هل أتى المساكن لكسله إلا من قبله.
أضحى لك في قبضة المطامع آمال ** ترجو دركًا والردى لعمرك مغتال

هل أنت معدٌ ليوم حشرك زادًا ** يومًا بجد الفوز بالقيمة عمال

إن أغفلك الدهر برهة فسيأتيـ ** ـك على غفلة بحتفك معجال

بادر بمتاب فربما طرق المو ** ت بسهم من المنية قتال

أين المتحامون عن زخارف دنيا ** إن أوطنت المرء عقبته بترحال

خلابة عقل بباطل متماد ** غرارة صاد رأي المطامع كالال

إن شيم سحاب لها فذاك جهام ** أو ظن بها وابل فذلك خال

دع عنك حديث الركاب أين تولت ** أو ذكر ديار بها العفاء وإطلال

يا حسرة من أنفق الحياة غرورًا ** قد باع لها الفرصة الرخيصة بالغال

لا تحتقر الذنب فالصحائف تحصى ** ما كنت تناسيت من قبائح أفعال

يا ضاحكًا ملء فيه سرورًا واغتباطًا، وقد ارتضيت له المنون خيل التلف ارتباطًا، أما بسط الإنذار على باب الدار بساطًا؟ أما الحادي مجد. فما للمنادي يتباطى؟ أيحسن بالكبير أن يتمرس الهوى ويتعاطى؟ عجبًا لعالم يقرب المنايا، كيف لا ينتهب التقى التقاطًا، ولجسد بال، جر بالعجب والرياء رياطا، إلى كم هذا الإسراع في الهوى والوجيف؟ وباب البقاء في الدنيا قد سد وجيف، إن الأمن في طريق قد أخيف، رأي رذيل. وعقل سخيف، يا من يجمع العيب إلى الشيب، ويضيف، لا الماء بارد، ولا الكوز نظيف، إن إيثار ما يفنى على ما يبقى لمزيف لا ظريف، كم أتى خريف وكم أناخ ريف، ويكفي من الكل كل يوم رغيف، أيجوع بشر الحافي؟ ويشبع وصيف، ويذل هذا ويخدم هذا مائة وصيف، وما أدرك هذا مد هذا. ولا النصيف، إلا أريب إلا لبيب إلا حصيف؟ لا يعجبنكم استقامة غصن الهوى، فالغصن قصيف ها نحن قد شتونا ولعلنا لا نصيف.
سل الأيام ما فعلت بكسرى ** وقيصر والقصور وساكنيها

أما استدعتهم للموت طرًا ** فلم تدع الحليم ولا السفيها

دنت نحو الدنى بسهم خطب ** فأصمته وواجهت الوجيها

أما لو بيعت الدنيا بفلس ** أنفت لعاقل أن يشتريها

يا من عمره يذوب، وما يتوب، إذا خرقت ثوب دينك بالزلل فارقعه بالاستغفار، فإن رفاء الندم صناع في جمع المتمزق.
يا هذا، إنما يضل المسافر في سفره يومًا أو يومين، ثم يقع على الجادة واعجبًا من تيه خمسين سنة، يا واقفًا مع الصور خالط عالم المعنى، أما علمت أن تغريد الحمام نياحة، أنت تظن البلبل يغني، وإنما يبكي على أحبابه.
ليت شعري عن الذين تركنا ** بعدنا بالحجاز هل يذكرونا

أما لعل المدى تطاول حتى ** بعد العهد بيننا فنسونا

أرجعوا حرمة الوصال فإنا ** لهم في الهوى كما عهدونا

لو صفت لك فكرة، كان لك في كل شيء عبرة، كل المخلوقات بين مخوف ومشوق، حر الصيف يذكر حر جهنم، وبرد الشتاء محذر من زمهريها، والخريف ينبه على اجتناء ثمار الأعمار، والربيع يحث على طلب العيش الصافي، أوقات الأسحار ربيع الأبرار، وقوة الخوف صيفًا، وبرودة الرجاء شتاءً، وساعات الدعاء والطلب خريف، إذا استحر الحر تقحم القحل، فطلق القسر الأرض، فلبست سربال الجدب، واحدت في حفش الذل، فلما طالت أيام الأيمة، أومأ إلى المراجعة الرجع، فبكت من قطراته لطول الهجر، فضحك لكثرة بكائه روض الأرض، فبنى البناء ريع الربيع، فنهضت ماشطة القدرة، لإخراج بنات النبات من مخدر الثرى، ففرشت الحلل بمصبغات الحلل، فسمع الورد هتاف العندليب، وحنين الدواليب، ففتح فاه مشتاقًا إلى مشروب، فإذا الطل صبوح، فقال ألا منادم؟ فأبت الأزهار مصاحبة من لا يقيم، فأجابه بعد الياس الياسمين، فقال أنا نظيرك في قصر العمر، والموانسة في المجانسة، فأشر أنت إلى المذنب، باحمرار الخجل، حتى أشير أنا إلى الخائف، باصفرار الوجل، فرأى البلبل طيب الاجتماع فغنى، فرنت ديار اللهو، فدخل الناطور والصياد، فاقتطف الناطور رأس الورد، واختطف الصياد البلبل الوغد، فذبح في الحال العصفور، وحبس الورد في قوارير الزور، وقيل للياسمين. لم اغتررت بزور؟ {أفحسبتُم أنما خلقناكم عبثًا} فلما بكى الورد بكاء نادم على الاغترار، صلح للمتطيبين (أنين المذنبين أحبُّ إلينا من زجل المسبحين) فانتبه يا مخدوع، فالعمر الورد، والزجاجة القبر، والنفس البلبل، والقفص اللحد.

.الفصل السابع والستون:

أخواني، المستقر يزول، والمقيم منقول، والأحوال تحول، والعتاب على الفاني يطول، وكم نعذل وكم نقول؟
سيقطع ريب البين بين الفريقين ** لكل اجتماع فرقة من يد البين

وكل يقضي ساعة بعد ساعة ** تخاتله عن نفسه ساعة الحين

وما العيش إلا يوم موت له غد ** وما الموت إلا رقدة بين يومين

وما الحشر إلا كالصباح إذا انجلى ** يقوم له اليقظان من رقدة العين

أيا عجبًا مني ومن طول غفلتي ** أومل أن أبقى وأنى ومن أين

أين قطان الأوطان؟ أين الأطفال والشمطان؟ أين الجائع والمبطان؟ أين حطان وقحطان؟ أين العبيد والسلطان؟ أين الباني وماطان؟ أين السقوف والحيطان؟ أين المروج والغيطان؟ أين المهاري والأشطان؟ أين الآجال والخيطان؟ أين المحب والحبيب في الثرى خطان، تعرف وتصدف {هذا من عمل الشيطان} الطريق الهادية واسعة الفجاج، والدليل ظاهر لا يحتاج إلى احتجاج، وأما بحر الهوى فما يفارقه ارتجاج، ما فيه ماء للشرب، بل كله أجاج، والعجب من راكب فيه، يتجر في الزجاج، كم مزجور عنه غرفته في لجة لجاج.
يا معاشر العصاة، قد عم الجدب أرض القلوب، وأشرفت زروع التقوى على التوى، فأخرجوا من حصر الذنوب، إلى صحراء الندم، وحولوا أردية الغدر عن مناكب العهود، ونكسوا رؤس الرياسة على أذقان الذل، لعل غيوم الغموم على ما تلف تأتلف، أخواني، قد بشر الرشاش فاثبتوا، وقد سال الوادي.
واحبس الركب علينا ساعة ** نندب الربع ونبكي الدمنا

فلذا الموقف أعددنا البكا ** ولذا اليوم الدموع تقتنى

زمنًا كان وكنا جيرة ** يا أعاد الله ذاك الزمنا

بيننا يوم أثيلات النقى ** كان عن غير تراض بيننا

إذا خرجت القلوب بالتوبة من حبس الهوى إلى بيداء الإنابة، جرت خيول الدمع في حلبات الوجد، كالمرسلات عرفًا، إذا استقام زرع الفكر، قامت العبرات تسقي، ونهضت الزفرات تحصد، ودارت رحا التحير تطحن، واضطرمت نار القلق تنضج، فحصلت للقلب بلة، يتقونها في سفر الحب، يا من لم يصبر عن الهوى، صبر يوسف، تعين عليك، حزن يعقوب، فإن لم تطق، فذل أخوته، يوم {وتصدق علينا} خوف السابقة، وحذر الخاتمة، قلقل قلوب العارفين، وزادهم إزعاجا {يحول بين المرء وقلبه} كلما دخلوا سكة من سكك السكون، شرع بهم الجزع في شارع من شوارع القلق، لما حرك نسيم السحر أغصان الشجر، أخذت ألسن قلوبهم في بث القلق، فكاد نفس النفس يقطع الحيازيم، لولا حزم التمسك.
للشريف الرضي:
وإني لأغرى بالنسيم إذا سرى ** وتعجبني بالأبرقَيْن ربوعُ

ويحني على الشوق نجديُّ مُزنةٍ ** وبَرقٌ بأطراف الحجاز لَموعُ

ولا أعرف الأشجان حتى تشوقني ** حمائم ورق في الديار وقوع

في كل ليل تهب الرياح، ولكن نسيم السحر خاصية، ما أظنه تعطر إلا بأنفاس المستغفرين، لنفس المحب عطرية، تنم على قدر طيبة:
أحب الثرى النجدي من أجرع الحمى ** كأني لمن بالأجرعين نسيب

إذا هب علوي الرياح رأيتني ** أغض جفوني أن يقال مريب

المحبون على شواطئ أنهار الدمع تزول، فلو سرت عن هواك خطوات، لاح لك الخيام:
وصلوا إلى مولاهم وبقينا ** وتنعموا بوصاله وشقينا

ذهبت شبيبتنا وضاع زماننا ** ودنت منيتنا فمن ينجينا

فتجمعوا أهل القطيعة والجفا ** نبكي شهورًا قد مضت وسنينا

كان بعض السلف يقول: اللهم إن منعتني ثواب الصالحين، فلا تحرمني أجر المصاب على مصيبته، وكان آخر يقول إن لم ترضى عني فاعف عني، كان القوم زينة الدنيا، فمذ سلبوا تسلبت، خلت والله الديار، وباد القوم، وارتحل أرباب السهر، وبقي أهل النوم، واستبدل الزمان آكلي الشهوات بأهل الصوم:
كفى حزنًا بالواله الصب أن يرى ** منازل من يهوى معطلة قفرا

يا من كان له في حديث القوم ذوق، أين آثار الوجد والشوق؟ إذا طالت لبث الطين في حافات الأنهار تكامل ريه، فإذا نضب الماء عنه استلبت الشمس جميع ما فيه من رطوبة، فيقوى شوقه إلى ما فارق فلو تركت قطعة منه على لسانك لأمسكته شوقًا إلى ما فارقت من رطوبة، أشد الناس حبًا لحديث الحجاز من سافر:
فكانت بالفرات لنا ليال ** سرقناهن من ريب الزمان

يا هذا كنت تدعي حبنا وتؤثر القرب منا فما هذا الصبر الذي قد عن عنا؟ كنت تستطيب رياح الأسحار وما تغير المحب ولكن دخل فصل برد الفتور، ولم تحرزه، فأصابك زكام الكسل، كنت في الرعيل الأول، فما الذي ردك إلى الساقة؟ قف الآن على جادة التأسف والزم البكاء على التخلف فأحق الناس بالأسى من خص بالتعويق دون الرفقاء:
يا صاحبي أطيلا في موانسي ** وناشداني بخلاني وعشاقي

وحدثاني حديث الخيف إن له ** روحًا لقلبي وتسهيلًا لأخلاقي

ما ضر ريح الصبا لو ناسمت حرقي ** واستنقذت مهجتي من أسر أشواقي

داء تقادم عندي من يعالجه ** ونفثة بلغت مني من الراقي

يمضي الزمان وآمالي مصرمة ** ممن أحب على مطل وإملاق

واضيعة العمر لا الماضي انتفعت به ** ولا حصلت على علم من الباقي

بلى علمت وقد أيقنت يا أسفًا ** أني لكل الذي قدمته لاق

.الفصل الثامن والستون:

أخواني: من عامل الدنيا خسر ومن حمل في صف طلبها كسر وإن خلاص محبها منها عسر وكل عاشقيها قد قيد وأسر {فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر}.
أرى الشهد يرجع مثل الصبر ** فما لابن آدم لا يعتبر

وخبره صادق في الحديث ** فإن شك في ذاك فليختبر

ودنياك فالق بطول الهوان ** فهل هي إلا كجسر عبر

يا طالبًا ما لا يدرك تمنى البقاء وما تترك كأنك بالحادي قد أبرك، وهل غير الحصاد لزرع قد أفرك؟
وكيف أشيد في يومي بناء ** وأعلم أن في غد عنه ارتحالي

فلا تنصب خيامك في محل ** فإن القاطنين على احتمال

يا من أعماله رياء وسمعة، يا من أعمى الهوى بصره وأصم سمعه، يا من إذا قام إلى الصلاة لم يخلص ركعة، يا نائمًا في انتباهه إلى متى هذه الهجعة؟ يا غافلًا عن الموت كم قلع الموت قلعة؟ كم دخل دارك فأخذ غيرك وإن له لرجعة، كم شرى شخصًا بنقد مريض؟ وله الباقون بالشفعة، كم طرق جبارًا فأشت شمله وأخرب ربعه، أفلا يتعظ البيدق بسلب شاه الرقعة.
يا عامر الدنيا إنما الدنيا دار قلعة كم مزقت قلبًا بحبها، فرجع ألف قطعة إن خصت بطيب المذاق أغصت وسط الجرعة يوم ترحها سنة وسنة فرحها جمعة، إنها لمظلمة ولو أوقدت ألف شمعة، وهي مع هذا خائنة ولو حلفت بربعة، كم درست عليكم مجلدات؟ تقول ما هذه الأنفس مخلدات، أين الأقارب، أين اللذات؟ أفلا روائد ذهن للأخبار منتسمات، آه للقاعدات عن طلب المكرمات، آه للمستريحات لقد رضوا بمولمات:
ذهب العمر وفات ** يا أسير الشهوات

ومضى وقتك في لهو ** وسهو وسبات

بينما أنت على غيك ** حتى قيل مات

أخواني: ما لقلب العزم قد غفل ولنجم الحزم قد أفل، مهلًا فشمس العمر في الطفل ومن لم يحضر الوغى لم يحرز النفل:
ثواني هم فلم أقره ** أوائل من عزمتي أو ثواني

فيا هندوان عن المكرمات ** من لا يساور بالهند واني

يا معاشر العلماء أتقنعون من الصفات بالأسماء؟ أتؤثرون الأرض على السماء؟ أفي السكر أنتم أم في الإغماء أترضون بالثريا الثرى؟ أتغمضون العيون من غير كرى؟ أتنامون. فمن يحمد السرى؟ أتحيدون وفي الأنف البرى؟ أتحلون عقد {إن الله اشترى} إنكم لأحق بالحزن فيما أرى، احضروا ناحية، لا تكلفكم الكرى:
يا قومنا هذي الفوائد جمة ** فتخيروا قبل الندامة وانتقوا

إن مسكم ظمأ يقول نذيركم ** لا ذنب لي قد قلت للقوم استقوا

يا معاشر العلماء قد كتبتم ودرستم ثم إن طلبكم العلم فلستم في بيت العمل، ثم لو ناقشكم الإخلاص لا فلستم، شجرة الإخلاص أصلها ثابت، لا يضرها زعزع {أين شركائي} وأما شجرة الرياء فاجتثت عند نسمة {وقِفوهم} كم متشبه بالمخلصين؟ في تخشعه ولباسه وأفواه القلوب تنفر من طعم مذاقه واأسفي ما أكثر الزور؟ أما الخيام فإنها خيامهم، ليس كل مستدير يكون هلالا، لا لا.
وما كل من أومى إلى العز ناله ** ودون العلى ضرب يدمي النواصيا

كم حول معروف من دفين ذهب اسمه كما بلى رسمه ومعروف معروف:
فما كل دار أقفرت دارة الحمى ** ولا كل بيضاء الترائب زينب

لريح المخلصين عطرية القبول وللمرائي سموم النسيم، نفاق المنافقين صير المسجد مزبلة {لا تقم فيه أبدًا} وإخلاص المخلصين رفع قدر الوسخ «رب أشعث أغبر».
أيها المرأى قلب من ترائيه بيد من تعصيه لا تنقش على الدرهم الزائف اسم الملك، فما يتبهرج الشحم بالورم، المرائي يتبرطل على باب السلطان، يدعي أنه خاص وهو غريب، أتردون ما ذنب المرائي؟ دعا باسم ليلى غيرها. فيا أسفي ذهب أهل التحقيق وبقيت بنيات الطريق، خلت البقاع من الأحباب وتبدلت العمارة بالخراب، يا ديار الأحباب عندك خبر المخلص يبهرج على الخلق بستر الحال، وببهرجته يصح النقد، كان في ثوب أيوب السختياني، بعض الطول لستر الحال، وكان إذا وعظ فرق فرق من الرياء فيمسح وجهه ويقول ما أشد الزكام.
لصردر:
أحبس دمعي فينِدُّ شاردًا ** كأنني أضبط عبدًا آبقا

ومن محاشاة الرقيب خلتني ** يوم الرحيل في الهوى منافقا

كان أيوب يحيي الليل كله فإذا كان عند الصباح رفع صوته كأنه قام تلك الساعة: لصردر:
أكلف القلب أن يهوى وأُلزمه ** صبرًا وذلك جمعٌ بين أضداد

وأكتم الركب أوطاري وأسأله ** حاجات نفسي لقد أتعبتُ روادي

هل مدلجٌ عنده من مبكر خبر ** وكيف يعلم حال الرائح الغادي

إن رويتُ أحاديث الذين مضوا ** فعن نسيم الصبا والبرق أسنادي

كان إبراهيم النخعي إذا قرأ في المصحف فدخل داخل غطاه. وكان ابن أبي ليلى إذا دخل داخل وهو يصلي اضطجع على فراشه.
أفدى ظباء فلاة ما عرفن بما ** مضغ الكلام ولا صيغ الحواجيب

مرض ابن أدهم فجعل عند رأسه ما يأكله الأصحاء، لئلا يتشبه بالشاكين، هذه والله بهرجة اصح من نقدك.
للعباس بن الأحنف:
قد سحَّب الناسُ أذيال الظنون بنا ** وفرَّق الناس فينا قولهم فِرَقا

فكاذبٌ قد رمى بالظن غيركمُ ** وصادقٌ ليس يدري أنّه صدقا

اشتهر ابن أدهم ببلد فقيل هو في البستان الفلاني، فدخل الناس يطوفون ويقولون أين إبراهيم بن أدهم؟ فجعل يطوف معهم، ويقول أين إبراهيم بن أدهم.
للمهيار:
ضنًا بأن يعلم الناسُ الهوى ولمن ** وهبتُ للسرِّ فيه لذة العلنِ

عرِّض بغيري ودعني في ظنونهم ** إن قيل من يك يُخفي الحق في الظنن

قرئ على أحمد بن حنبل في مرضه أن طاوسًا كان يكره الأنين فما أنَّ حتى مات.
لصردر:
تفيض نفوسٌ بأوصابها ** وتكتم عوّادها ما بها

وما أنصفت مهجةٌ تشتكي ** هواها إلى غير أحبابها

لما هم الطبع بالتأوه من البلاء كشفت الحقائق سجف المحبوب فلم يبق لتقطيع الأيدي أثر:
بدا لها من بعد ما بدا لها ** روض الحمى إن تشتكي كلالها

رحل والله أولئك السادة، وبقي والله قرناء الرياء والوسادة.
ذم المنازل بعد منزلة اللوى ** والعيش بعد أولئك الأقوام

أسمع أصواتًا بلا أنيس وأرى خشوعًا أصله من إبليس.
للمهيار:
تشبهتْ حورُ الظباء بهم ** إذا سكنتْ فيك ولا مثل سكنْ

أصامتٌ بناطقٍ ونافرٌ بآنسٍ ** وذو خلًا بذي شجنْ

مشتبِهٌ أعرفه وإنما ** مغالطًا قلت لصحبي دارُ منْ

قف باكيًا فيها وإن كنت أخًا ** موانسًا فبكِّها عنك وعن

لم يُبق لي يوم الفراق فضلةً ** من دمعةٍ أبكي بها على الدِّمَنْ