فصل: كتاب الجنائز:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العمدة في الفقه


بسم الله الرحمن الرحيم

.مقدمة:

الحمد لله أهل الحمد ومستحقه، حمداً يفضل على كل حمد، كفضل الله على خلقه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة قائم بحقه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله غير مرتاب في صدقه، صلى الله عليه وسلم وصحبه وسلم ما جاد سحاب بودقه، وما رعد برقه.
أما بعد: فهذا كتاب في الفقه، اختصرته حسب الإمكان، واقتصرت فيه على قول واحد، ليكون عمدة لقارئه، فلا يلتبس الصواب عليه باختلاف الوجوه والروايات.
سألني بعض إخواني تلخيصه، ليقرب على المعلمين، ويسهل على الطالبين، فأجبته إلى ذلك، معتمداً على الله سبحانه في إخلاص القصد لوجهه الكريم، والمعونة على الوصول إلى رضوانه العظيم، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وأودعته أحاديث صحيحة تبركاً بها، واعتماداً عليها، وجعلتها من الصحاح، لأستغني عن نسبتها إليها.

.كتاب الطهارة:

.باب أحكام المياه:

خلق الماء طهورا يطهر من الأحداث والنجاسات فلا تحصل الطهارة بمائع غيره فإذا بلغ الماء قلتين أو كان جاريا لم ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه وما عدا ذلك ينجس بمخالطة النجاسة والقلتان ما قارب مائة وثمانية أرطال بالدمشقي.
وإن طبخ في الماء ما ليس بطهور وكذلك ما خالطه فغلب على اسمه أو استعمل في رفع حدث سلب طهوريته.
وإذا شك في طهارة الماء أو غيره أو نجاسته بني على اليقين وإن خفي موضع النجاسة من الثوب أو غيره غسل ما تيقن به غسلها وإن اشتبه ماء طهور بنجس ولم يجد غيرهما تيمم وتركهما وإن اشتبه طهور بطاهر توضأ من كل واحد منهما وإن اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة صلى في كل ثوب بعدد النجس وزاد صلاة.
وتغسل نجاسة الكلب والخنزير سبعا إحداهن بالتراب ويجزئ في سائر النجاسات ثلاث منقية وإن كان على الأرض فصبة واحد تذهب بعينها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «صبوا على بول الأعرابي ذنوبا من ماء».
ويجزئ في بول الغلام الذي لم يأكل الطعام النضح، وكذلك المذي ويعفي عن يسيره ويسير الدم وما تولد منه من القيح والصديد ونحوه وهو ما لا يفحش في النفس ومني الآدمي وبول ما يؤكل لحمه طاهر.

.باب الآنية:

لا يجوز استعمال آنية الذهب والفضة في طهارة ولا غيرها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحائفها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة». وحكم المضب حكمهما إلا أن تكون الضبة يسيرة من الفضة.
ويجوز استعمال سائر الآنية الطاهر واتخاذها واستعمال أواني أهل الكتاب وثيابهم ما لم تعلم نجاستها وصوف الميتة وشعرها طاهر وكل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس وكذلك عظامها وكل ميتة نجسة إلا الآدمي وحيوان الماء الذي لا يعيش إلا فيه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته»، وما لا نفس له سائلة إذا لم يكن متولدا من النجاسات.

.باب قضاء الحاجة:

يستحب لمن أراد دخول الخلاء أن يقول: «بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث ومن الرجس النجس الشيطان الرجيم» وإذا خرج قال: «غفرانك الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني» ويقدم رجله اليسرى في الدخول واليمنى في الخروج ولا يدخله بشيء فيه ذكر الله تعالى إلا من حاجة ويعتمد في جلوسه على رجله اليسرى وإن كان في الفضاء أبعد واستتر وارتاد لبوله موضعا رخوا ولا يبولن في ثقب ولا شق ولا طريق ولا ظل نافع ولا تحت شجرة مثمرة ولا يستقبل شمسا ولا قمرا ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها» ويجوز ذلك في البنيا انقطع البول مسح من أصل ذكره إلى رأسه ثم ينتره ثلاثا ولا يمس ذكره بيمينه ولا يتمسح بها ثم يستجمر وترا ثم يستنجي بالماء وإن اقتصر على الاستجمار أجزأه إذا لم تتعد النجاسة موضع العادة ولا يجزئ أقل من ثلاث مسحات منقيه ويجوز الاستجمار بكل طاهر إلا الروث والعظام وما له حرمة.

.باب الوضوء:

لا يصح الوضوء ولا غيره من العبادات إلا أن ينويه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» ثم يقول بسم الله ويغسل كفيه ثلاثا ثم يتمضمض ويستنشق ثلاثا يجمع بينهما بغرفة أو ثلاث ثم يغسل وجهه ثلاثا من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين والذقن وإلى أصول الأذنين ويخلل لحيته إن كانت كثيفة وإن كانت تصف البشرة لزمه غسلها ثم يغسل يديه إلى المرفقين ثلاثا ويدخلهما في الغسل ثم يمسح رأسه مع الأذنين يبدأ بيديه من مقدمه ثم يمرهما إلى قفاه ثم يردهما إلى مقدمه ثم يغسل رجليه إلى الكعبين ثلاثا ويدخلهما في الغسل ويخلل أصابعهما ثم يرفع نظره إلى السماء فيقول: "أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله".
والواجب من ذلك النية والغسل مرة مرة ما خلا الكفين ومسح الرأس كله وترتيب الوضوء على ما ذكرنا وأن لا يؤخر غسل عضو حتى ينشف ما قبله.
والمسنون التسمية وغسل الكفين والمبالغة في المضمضة والاستنشاق إلا أن يكون صائما وتخليل اللحية والأصابع ومسح الأذنين وغسل الميامن قبل المياسر والغسل ثلاثا ثلاثا وتكره الزيادة عليها والإسراف في الماء.
ويسن السواك عند تغير الفم والقيام من النوم وعند الصلاة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة» ويستحب في سائر الأوقات إلا للصائم بعد الزوال.

.باب المسح على الخفين:

يجوز المسح على الخفين وما أشبههما من الجوارب الصفيقة التي تثبت في القدمين والجراميق التي تجاوز الكعبين في الطهارة الصغرى يوما وليلة للمقيم وثلاثة أيام ولياليهم للمسافر من الحدث إلى مثله لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يمسح المسافر ثلاثة أيام ولياليهن والمقيم يوما وليلة».
ومتى مسح ثم انقضت المدة أو خلع قبلها بطلت طهارته ومن مسح مسافرا ثم أقام أو مقيما ثم سافر أتم مسح مقيم.
ويجوز المسح على العمامة إذا كانت ذات ذؤابة ساترة لجميع الرأس إلا ما جرت العادة بكشفه ومن شرط المسح على جميع ذلك أن يلبسه على طهارة كاملة ويجوز المسح على الجبيرة إذا لم يتعد بشدها موضع الحاجة إلى أن يحلها والرجل والمرأة في ذلك سواء إلا أن المرأة لا تمسح على العمامة.

.باب نواقض الوضوء:

هي سبعة: الخارج من السبيلين والخارج النجس من غيرهما إذا فحش وزوال العقل إلا النوم اليسير جالسا أو قائما ولمس الذكر بيده ولمس امرأة بشهوة والردة عن الإسلام وأكل لحم الإبل لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له: أنتوضأ من لحوم الإبل قال: «نعم توضأوا منها» قيل: أفنتوضأ من لحوم الغنم قال: «إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ».
ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث أو تيقن الحدث وشك ف الطهارة فهو على ما تيقن منهما.

.باب الغسل من الجنابة:

والموجب له: خروج المني وهو الماء الدافق والتقاء الختانين.
والواجب فيه النية وبدنه بالغسل مع المضمضة والاستنشاق وتسن التسمية ويدلك بدنه بيديه ويفعل كما روت ميمونة قالت سترت النبي صلى الله عليه وسلم فاغتسل من الجنابة فبدأ فغسل يديه ثم صب بيمينه على شماله فغسل فرجه وما أصابه ثم ضرب بيده على الحائط والأرض ثم توضأ وضوءه للصلاة ثم أفاض الماء على بدنه ثم تنحى فغسل رجليه.
ولا يجب نقض الشعر في غسل إذا روى أصوله.
وإذا نوى بغسله بغسله الطهارتين أجزأ عنهما وكذلك لو تيمم للحدثين والنجاسة على بدنه أجزأ عن جميعها وإن نوى بعضها فليس له إلا ما نوى.

.باب التيمم:

وصفته أن يضرب بيديه على الصعيد الطيب ضربة واحدة فيمسح بهما وجهه وكفيه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمار: «إنما يكفيك هكذا» وضرب بيديه على الأرض فمسح بهما وجهه وكفيه وإن تيمم بأكثر من ضربة أو مسح أكثر جاز.
وله شروط أربعة:
أحدها: العجز عن استعمال الماء إما لعدمه أو خوف الضرر باستعماله لمرض أو برد شديد أو خوف العطش على نفسه أو رفيقه أو بهيمته أو خوف على نفسه أو ماله في طلبه أو إعوازه إلا بثمن كثير فإن أمكنه استعماله في بعض بدنه أو وجد ماء لا يكفيه لطهارته استعمله وتيمم للباقي.
الثاني: الوقت فلا يتيمم لفريضة قبل وقتها ولا لنافلة في وقت النهي عنها.
الثالث: النية فإن تيمم لنافلة لم يصل بها فرضا وإن تيمم لفريضة فله فعلها وفعل ما شاء من الفرائض والنوافل حتى يخرج وقتها.
الرابع: التراب فلا يتيمم إلا بتراب طاهر له غبار ويبطل التيمم ما يبطل طهارة الماء وخروج الوقت والقدرة على استعمال الماء وإن كان في الصلاة.

.باب الحيض:

ويمنع عشرة أشياء: فعل الصلاة وجوبها وفعل الصيام والطواف وقراءة القرآن ومس المصحف واللبث في المسجد والوطء في الفرج وسنة الطلاق والاعتداد بالأشهر.
ويوجب الغسل والبلوغ والاعتداد به فإذا انقطع الدم أبيح فعل الصوم والطلاق ولم يبح سائرها حتى تغتسل ويجوز الاستمتاع من الحائض بما دون الفرج لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اصنعوا كل شيء غير النكاح» وأقل الحيض يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوما وأقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما ولا حد لأكثره وأقل سن تحيض له المرأة تسع سنين وأكثره ستون.
والمبتدأة إذا رأت الدم لوقت تحيض في مثله جلست فإذا انقطع لأقل من يوم وليلة فليس بحيض وإن جاوز ذلك ولم يعبر أكثر الحيض فهو حيض فإذا تكرر ثلاثة أشهر بمعنى واحد صار عادة وإن عبر ذلك فالزائد استحاضة.
وعليها أن تغتسل عند آخر الحيض وتغسل فرجها وتعصبه وتتوضأ لوقت كل صلاة وتصلي وكذا حكم من به سلس البول وما في معناه فإذا استمر بها الدم في الشهر الآخر فإن كانت معتادة فحيضها أيام عادتها وإن لم تكن معتادة وكان لها تمييز وهو أن يكون بعض دمها أسود ثخينا وبعضه رقيقا أحمر فحيضها زمن الأسود الثخين.
وإن كانت مبتدأة أو ناسية لعادتها ولا تمييز لها فحيضها من كل شهر ستة أيام أو سبعة لأنه غالب عادة النساء.
والحامل لا تحيض إلا أن ترى الدم قبل ولادتها بيوم أو يومين فيكون دم نفاس.

.باب النفاس:

وهو الدم الخارج بسبب الولادة وحكمها حكم الحيض فيما يحل ويحرم ويجب ويسقط به وأكثره أربعون يوما ولا حد لأقله ومتى رأت الطهر اغتسلت وهي طاهر وإن عاد في مدة الأربعين فهو نفاس أيضا.

.كتاب الصلاة:

روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «خمس صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة فمن حافظ عليهن كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء غفر له».
فالصلوات الخمس واجبة على كل مسلم بالغ عاقل إلا الحائض والنفساء، فمن جحد وجوبها لجهله عرف ذلك وإن جحدها عنادا كفر.
ولا يحل تأخيرها عن وقت وجوبها إلا لناو جمعها أو مشتغل بشرطها فإن تركها تهاونا بها استتيب ثلاثا فإن تاب وإلا قتل.

.باب الأذان والإقامة:

وهما مشروعان للصلوات الخمس دون غيرها للرجال دون النساء.
والأذان خمس عشرة كلمة لا ترجيع فيه والإقامة إحدى عشرة.
وينبغي أن يكون المؤذن أمينا صيتا عالما بالأوقات ويستحب أن يؤذن قائما متطهرا على موضع عال مستقبل القبلة فإذا بلغ الحيعلة التفت يمينا وشمالا ولا يزيل قدميه ويجعل أصبعيه في أذنيه ويترسل في الأذان ويحدر الإقامة ويقل في أذان الصبح بعد الحيعلة الصلاة خير من النوم مرتين ولا يؤذن قبل الأوقات إلا لها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم».
ويستحب لمن سمع المؤذن أن يقول كما يقول لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول».

.باب شرائط الصلاة:

وهي ستة:
الشرط الأول: الطهارة من الحدث لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا صلاة لمن أحدث حتى يتوضأ».
الشرط الثاني: الوقت ووقت الظهر من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله ووقت العصر وهي الوسطى من آخر وقت الظهر إلى أن تصفر الشمس ثم يذهب وقت الاختيار ويبقى وقت الضرورة إلى غروب الشمس ووقت المغرب إلى أن يغيب الشفق الأحمر ووقت العشاء من ذلك إلى نصف الليل ثم يبقى وقت الضرورة إلى طلوع الفجر الثاني ووقت الفجر من ذلك إلى طلوع الشمس.
ومن كبر للصلاة قبل خروج وقتها فقد أدركها والصلاة في أول الوقت أفضل إلا في العشاء الآخرة وفي شدة الحر في الظهر.
الشرط الثالث: ستر العورة بما لا يصف البشرة وعورة الرجل والأمة ما بين السرة والركبة والحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها وأم الولد والمعتق بعضها كالأمة.
ومن صلى في ثوب مغصوب أو دار مغصوبة لم تصح صلاته.
ولبس الذهب والحرير مباح للنساء دون الرجال إلا عند الحاجة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذهب والحرير: «هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثهم».
ومن صلى من الرجال في ثوب واحد بعضه على عاتقه أجزاه ذلك فإن لم يجد إلا ما يستر عورته سترها فإن لم يكف جميعها ستر الفرجين فإن لم يكفهما ستر أحدهما فإن عدم بكل حال صلى جالسا يومئ بالركوع والسجود وإن صلى قائما جاز.
ومن لم يجد إلا ثوبا نجسا أو مكانا نجسا صلى فيهما ولا إعادة عليه.
الشرط الرابع: الطهارة من النجاسة في بدنه وثوبه وموضع صلاته إلا النجاسة المعفو عنها كيسير الدم ونحوه وإن صلى وعليه نجاسة لم يكن يعلم بها أو علم بها ثم نسيها فصلاته صحيحة وإن علم بها في الصلاة أزالها وبنى على صلاته.
والأرض كلها مسجد تصح الصلاة فيها إلا المقبرة والحمام والحش وأعطان الإبل وقارعة الطريق.
الشرط الخامس: استقبال القبلة إلا في النافلة على الراحة للمسافر فإنه يصلي حيث كان وجهه والعاجز عن الاستقبال لخوف أو غيره فيصلي كيفما أمكنه ومن عداهما لا تصح صلاته إلا مستقبل الكعبة فإن كان قريبا منها لزمته الصلاة إلى عينها وإن كان بعيدا فإلى جهتها.
وإن خفيت القبلة في الحضر سأل واستدل بمحاريب المسلمين وإن أخطأ فعليه الإعادة وإن خفيت في السفر اجتهد وصلى ولا إعادة عليه.
وإن اختلف مجتهدان لم يتبع أحدهما صاحبه ويتبع الأعمى والعامي أوثقهما في نفسه.
الشرط السادس: النية للصلاة بعينها ويجوز تقديمها على التكبير بالزمن اليسير إذا لم يفسخها.

.باب آداب المشي إلى الصلاة:

يستحب المشي إلى الصلاة بسكينة ووقار ويقارب بين خطاه ولا يشبك أصابعه ويقول: باسم الله {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ} الآيات إلى قوله {إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 78-89] ويقول: «اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا فإني لم أخرج اشرا ولا بطرا ولا رياء ولا سمعة خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك أسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت»فإن سمع الإقامة لم يسع إليها لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» وإذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وإذا أتى المسجد قدم رجله اليمنى في الدخول وقال باسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج قدم رجله اليسرى وقال ذلك إلا أنه يقول وافتح لي أبواب فضلك.

.باب صفة الصلاة:

وإذا قام إلى الصلاة قال الله أكبر يجهر بها الإمام وبسائر التكبير ليسمع من خلفه ويخفيه غيره ويرفع يديه عند ابتداء التكبير إلى حذو منكبيه أو إلى فروع أذنيه ويجعلهما تحت سرته ويجعل بصره إلى موضع سجوده ثم يقول سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ثم يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم يقول بسم الله الرحمن الرحيم ولا يجهر بشيء من ذلك لقول أنس صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ثم يقرأ الفاتحة ولا صلاة لمن يقرأ بها إلا المأموم فإن قراءة الإمام له قراءة، ويستحب أن يقرأ في سكتات الإمام وفيما لا يجهر فيه ثم يقرأ بسورة تكون في الصبح من طوال المفصل وفي المغرب من قصاره وفي سائر الصلوات من أوسطه ويجهر الإمام بالقراءة في الصبح والأولين من المغرب والعشاء ويسر فيما عدا ذلك ثم يكبر ويركع ويرفع يديه كرفعه الأول ثم يضع يديه على ركبتيه ويفرج أصابعه ويمد ظهره ويجعل رأسه حياله ثم يقول سبحان ربي العظيم ثلاثا ثم يرفع رأسه قائلا سمع الله لمن حمده ويرفع يديه كرفعه الأول فإذا اعتدل قائما قال ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ويقصر المأموم على قول ربنا ولك الحمد ثم يخر ساجدا مكبرا ولا يرفع يديه ويكون أول ما يقع على الأرض منه ركبتاه ثم كفاه ثم جبهته وأنفه ويجافي عضديه عن جنبيه وبطنه عن فخذيه ويجعل يديه حذو منكبيه ويكون على أطراف قدميه ثم يقول سبحان ربي الأعلى ثلاثا يرفع رأسه مكبرا ويجلس مفترشا فيفرش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى ويثني أصابعها نحو القبلة ويقول ربي اغفر لي ثلاثا ثم يسجد الثانية كالأولى ثم يرفع رأسه مكبرا وينهض قائما فيصلي الثانية كالأولى فإذا فرغ منهما جلس للتشهد مفترشا ويضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ويده اليمنى على فخذه اليمنى ويقبض منها الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام مع الوسطى ويشير بالسبابة في تشهده مرارا ويقول: «التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين اشهد أن لا الله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله» فهذا اصح ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد ثم يقول اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ويستحب أن يتعوذ من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ثم يسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره كذلك.
وإن كانت الصلاة أكثر من ركعتين نهض بعد التشهد الأول كنهوضه من السجود ثم يصلي ركعتين لا يقرأ فيهما بعد الفاتحة شيئا فإذا جلس للتشهد الأخير تورك فنصب رجله اليمنى وفرش اليسرى وأخرجها عن يمينه ولا يتورك إلا في صلاة فيها تشهدان في الأخير منهما فإذا سلم استغفر الله ثلاثا وقال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.

.باب أركان الصلاة وواجباتها:

أركانها اثنا عشر: القيام مع القدرة وتكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة والركوع والرفع منه والسجود على السبعة الأعضاء والجلوس عنه والطمأنينة في هذه الأركان والتشهد الأخير والجلوس له والتسليمة الأولى وترتيبها على ما ذكرناه فهذه الأركان لا تتم الصلاة إلا بها.
وواجباتها سبعة التكبير غير تكبيرة الإحرام والتسبيح في الركوع والسجود مرة مرة والتسبيح والتحميد في الرفع من الركوع وقول ربي اغفر لي بين السجدتين والتشهد الأول والجلوس له والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير فهذه إن تركها عمدا بطلت صلاته وإن تركها سهوا سجد لها وما عدا هذا فسنن لا تبطل الصلاة بعمدها ولا يجب السجود لسهوها.

.باب سجود السهو:

والسهو على ثلاثة اضرب:
أحدها: زيادة فعل من جنس الصلاة كركعة أو ركن فتبطل الصلاة بعمده ويسجد لسهوه وإن علم وهو في الركعة الزائدة جلس في الحال وإن سلم عن نقص في صلاته أتى بما بقي عليه منها ثم سجد.
ولو فعل ما ليس من جنس الصلاة لاستوى عمده وسهوه فإن كان كثيرا أبطلها وإن كان يسيرا كفعل النبي صلى الله عليه وسلم في حمله أمامة وفتحه الباب لعائشة فلا بأس.
الضرب الثاني: النقص كنسيان واجب فإن قام عن التشهد الأول فذكر قبل أن يستتم قائما رجع فأتى به وإن استتم قائما لم يرجع وإن نسي ركنا فذكره قبل شروعه في قراءة ركعة أخرى رجع فأتى به وبما بعده وإن ذكره بعد ذلك بطلت الركعة التي تركه منها وإن نسي أربع سجدات من أربع ركعات فذكر في التشهد سجد في الحال فصحت له ركعة ثم يأتي بثلاث ركعات.
الضرب الثالث: الشك فمتى شك في ترك ركن فهو كتركه ومن شك في عدد الركعات بنى على اليقين إلا الإمام خاصة فإنه يبني على غالب ظنه.
ولكل سهو سجدتان قبل السلام إلا من سلم عن نقص في صلاته والإمام إذا بنى على غالب ظنه والناسي للسجود قبل السلام فإنه يسجد سجدتين بعد سلامه ثم يتشهد ويسلم.
وليس على المأموم سجود سهو إلا أن يسهو إمامه فيسجد معه.
ومن سها إمامه أو نابه أمر في صلاته فالتسبيح للرجال والتصفيق للنساء.

.باب صلاة التطوع:

وهي على خمسة أضرب:
أحدها: السنن الرواتب وهي التي قال ابن عمر رضي الله عنه عشر ركعات حفظتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب في بيته وركعتين بعد العشاء في بيته وركعتين قبل الفجر حدثتني حفصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طلع الفجر وأذن المؤذن صلى ركعتين وهما آكدها ويستحب تخفيفهما وفعلهما في البيت أفضل وكذلك ركعتا المغرب.
الضرب الثاني: الوتر ووقته ما بين صلاة العشاء والفجر وأقله ركعة وأكثره إحدى عشرة وأدنى الكمال ثلاث بتسليمتين ويقنت في الثالثة بعد الركوع.
الضرب الثالث: التطوع المطلق وتطوع الليل أفضل من النهار والنصف الأخير أفضل من الأول وصلاة الليل مثنى مثنى وصلاة القاعد على النصف من صلاة القائم.
الضرب الرابع: ما تسن له الجماعة وهو ثلاثة أنواع:
أحدها: التراويح وهي عشرون ركعة بعد العشاء في رمضان.
والثاني: صلاة الكسوف فإذا ما كسفت الشمس أو القمر فزع الناس إلى الصلاة إن أحبوا جماعة وإن أحبوا أفرادا فيكبر ويقرأ الفاتحة وسورة طويلة ويركع ركوعا طويلا ثم يرفع فيقرأ الفاتحة وسورة طويلة دون التي قبلها ثم يركع فيطيل دون الذي قبله ثم يرفع ثم يسجد سجدتين طويلتين ثم يقوم فيفعل مثل ذلك فتكون أربع ركعات وأربع سجدات.
الثالث: صلاة الاستسقاء إذا أجدبت الأرض واحتبس القطر خرج الناس مع الإمام متخشعين متبذلين متذللين متضرعين فيصلي بهم ركعتين كصلاة العيد ثم يخطب بهم خطبة واحدة ويكثر فيها الاستغفار وتلاوة الآيات التي فيها الأمر به ويحول الناس أرديتهم وإن خرج معهم أهل الذمة لم يمنعوا ويؤمرون أن ينفردوا عن المسلمين.
الضرب الخامس: سجود التلاوة وهي أربع عشرة سجدة في الحج منها اثنتان ويسن السجود للتالي والمستمع دون السامع ويكبر إذا سجد وإذا رفع رأسه ثم يسلم.

.باب الساعات التي نهي عن الصلاة فيها:

وهي خمس بعد الفجر حتى تطلع الشمس وبعد طلوعها حتى ترتفع قيد رمح وعند قيامها حتى تزول وبعد العصر حتى تتضيف الشمس للغروب وإذا تضيفت حتى تغرب.
فهذه الساعات التي لا يصلى فيها تطوعا إلا في إعادة الجماعة إذا اقيمت وهو في المسجد وركعتي الطواف بعده والصلاة على الجنازة وقضاء السنن الرواتب في وقتين منها وهما بعد الفجر وبعد العصر ويجوز قضاء المفروضات في جميع الأوقات.

.باب الإمامة:

روى أبو مسعود البدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يؤم القوم اقرأهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فاعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فليؤمهم أكبرهم سنا ولا يؤمن الرجل الرجل في بيته ولا في سلطانه ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه» وقال لمالك بن الحويرث وصاحبه: «إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكما وليؤمكما أكبركما» وكانت قراءتهما متقاربة.
ولا تصح الصلاة خلف من صلاته فاسدة إلا لمن لم يعلم بحدث نفسه ولم يعلمه المأموم حتى سلم فإنه يعيد وحده ولا تصح خلف تارك ركن إلا إمام الحي إذا صلى جالسا لمرض يرجى برؤه فإنهم يصلون وراءه جلوسا إلا أن يبتدئها قائما ثم يعتل فيجلس فإنهم يأتمون وراءه قياما ولا تصح إمامة المرأة بالرجال ومن به سلس البول والأمي الذي لا يحسن الفاتحة أو يخل بحرف منها إلا بمثلهم ويجوز ائتمام المتوضئ بالمتيمم والمفترض بالمتنقل.
وإذا كان المأموم واحدا وقف على يمين الإمام فإن وقف عن يساره أو قدامه أو حده لم تصح إلا أن تكون امرأة فتقف وحدها خلفه وإن كانوا جماعة وقفوا خلفه فإن وقفوا عن يمينه أو عن جانبيه صح فإن وقفوا قدامه أو عن يساره لم تصح وإن صلت امرأة بنساء قامت معهن في الصف وسطهن وكذلك إمام الرجال العراة يقوم وسطهم وإن اجتمع رجال وصبيان وخناثي ونساء قدم الرجال ثم الصبيان ثم الخناثي ثم النساء.
ومن كبر قبل سلام الإمام فقد أدرك الجماعة ومن أدرك الركوع فقد أدرك الركعة وإلا فلا.

.باب صلاة المريض:

والمريض إذا كان القيام يزيد في مرضه صلى جالسا فإن لم يطق فعلى جنبه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: «صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنبك» فإن شق عليه فعلى ظهره فإن عجز عن الركوع والسجود أومأ إيماء.
وعليه قضاء ما فاته من الصلوات في إغمائه وإن شق عليه فعل كل صلاة في وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر وبين العشائين في وقت إحداهما فإن جمع في وقت الأولى اشترط نية الجمع عند فعلها ويعتبر استمرار العذر حتى يشرع في الثانية منهما ولا يفرق بينهما إلا بقدر الوضوء وإن أخر اعتبر استمرار العذر إلى دخول وقت الثانية وأن ينوي الجمع في وقت الأولى قبل أن يضيق عن فعلها ويجوز الجمع للمسافر الذي له القصر ويجوز في المطر بين العشائين.

.باب صلاة المسافر:

وإذا كانت مسافة سفره ستة عشر فرسخا وهي مسيرة يومين قاصدين وكان مباحا فله قصر الرباعية خاصة إلا أن يأتم بمقيم لو لم ينو القصر أو نسي صلاة حضر فيذكرها في السفر أو صلاة سفر فيذكرها في الحضر فعليه الإتمام وللمسافر أن يتم والقصر أفضل ومن نوى الإقامة أكثر من إحدى وعشرين صلاة أتم وإن لم يجمع على ذلك قصر أبدا.

.باب صلاة الخوف:

وتجوز صلاة الخوف على كل صفة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمختار منها أن يجعلهم الإمام طائفتين طائفة تحرس والأخرى تصلي معه ركعة فإذا قام إلى الثانية نوت مفارقته وأتمت صلاتها وذهبت تحرس وجاءت الأخرى فصلت معه الركعة الثانية فإذا جلس للتشهد قامت فأتت بركعة أخرى وينتظر حتى تتشهد ثم يسلم بها وإن اشتد الخوف صلوا رجالا وركبانا إلى القبلة وإلى غيرها يومئون بالركوع والسجود وكذلك كل خائف على نفسه يصلي على حسب حاله ويفعل كل ما يحتاج إلى فعله من هرب أو غيره.

.باب صلاة الجمعة:

كل من لزمته المكتوبة لزمته الجمعة إن كان مستوطنا ببناء وبينه وبين الجامع فرسخ فما دون ذلك إلا المرأة والعبد والمسافر والمعذور بمرض أو مطر أو خوف وإن حضروها أجزأتهم ولم تنعقد بهم إلا المعذور إذا حضرها وجبت عليه وانعقدت به.
ومن شرط صحتها فعلها في وقتها في قرية وأن يحضرها من المستوطنين بها أربعون من أهل وجوبها وأن تتقدمها خطبتان في كل خطبة حمد الله تعالى والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم وقراءة آية والموعظة.
ويستحب أن يخطب على منبر فإذا صعد أقبل على الناس فسلم عليهم ثم يجلس إلى فراغ الأذان ثم يقوم الإمام فيخطب بهم ثم يجلس ثم يخطب الخطبة الثانية ثم تقام الصلاة فينزل فيصلي بهم ركعتين يجهر فيهما بالقراءة فمن أدرك معه منها ركعة أتمها جمعة وإلا أتمها ظهرا وكذلك إن نقص العدد أو خرج الوقت وقد صلوا ركعة أتموها جمعة وإلا أتموها ظهرا.
ولا يجوز أن يصلى في المصر أكثر من جمعة إلا أن تدعو الحاجة إلى أكثر منها ويستحب لمن أتى الجمعة أن يغتسل ويلبس ثوبين نظيفين ويتطيب ويبكر إليها فان جاء والإمام يخطب لم يجلس حتى يصلي ركعتين يوجز فيهما.
ولا يجوز الكلام والإمام يخطب إلا الإمام أو من كلمه الإمام.

.باب صلاة العيدين:

وهي فرض على الكفاية إذا قام بها أربعون من أهل المصر سقطت عن سائرهم.
ووقتها من ارتفاع الشمس إلى الزوال والسنة فعلها في الصحراء وتعجيل الأضحى وتأخير الفطر والفطر في الفطر خاصة قبل الصلاة ويسن أن يغتسل ويتنظف ويتطيب.
فإذا حلت الصلاة تقدم الإمام فصلى بهم ركعتين بلا أذان ولا إقامة يكبر في الأولى سبعا بتكبيرة الإحرام وفي الثانية خمسا سوى تكبيرة القيام ويرفع يديه مع كل تكبيرة ويحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بين كل تكبيرتين ثم يقرأ الفاتحة وسورة ويجهر فيهما بالقراءة فإذا سلم خطب بهم خطبتين فإذا كان فطرا حثهم على الصدقة وبين لهم حكمها وإن كان أضحى بين لهم حكم الأضحية والتكبيرات الزوائد والخطبتان سنة ولا يتنفل قبل صلاة العيد ولا بعدها في موضعها.
ومن أدرك الإمام قبل سلامه أتمها على صفتها ومن فاتته فلا قضاء عليه فإن أحب صلاتها تطوعا إن شاء ركعتين وإن شاء أربعا وإن شاء صلاها على صفتها.
ويستحب التكبير في ليلتي العيدين ويكبر في الأضحى عقيب الفرائض في الجماعة من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق وصفة التكبير شفعا الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

.كتاب الجنائز:

وإذا تيقن موته أغمضت عيناه وشد لحياه وجعل على بطنه مرآة أو غيرها كحديدة فإذا أخذ في غسله سترت عورته ثم يعصر بطنه عصرا رفيقا ثم يلف على يده خرقة فينجيه بها ثم يوضئه ثم يغسل رأسه ولحيته بماء وسدر ثم شقه الأيمن ثم الأيسر ثم يغسله كذلك مرة ثانية وثالثة يمر في كل مرة يده على بطنه فإن خرج منه شيء غسله وسده بقطن فإن لم يستمسك فبطين حر ويعيد وضوءه وإن لم ينق بثلاث زاد إلى خمس أو إلى سبع ثم ينشفه بثوب ويجعل الطيب في مغابنه ومواضع سجوده وإن طيبه كله كان حسنا ويجمر أكفانه وإن كان شاربه أو أظفاره طويلة أخذ منه ولا يسرح شعره والمرأة يضفر شعرها ثلاثة قرون ويسدل من ورائها ثم يكفن في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة يدرج فيها إدراجا وإن كفن في قميص وإزار ولفافة فلا بأس والمرأة تكفن في خمسة أثواب في درع ومقنعة وإزار ولفافتين.
وأحق الناس بغسله والصلاة عليه ودفنه وصيه في ذلك ثم الأب ثم الجد ثم الأقرب فالأقرب من العصبات وأولى الناس بغسل المرأة الأم ثم الجدة ثم الأقرب فالأقرب من نسائها إلا أن الأمير يقدم في الصلاة على الأب ومن بعده.
والصلاة عليه: يكبر ويقرأ الفاتحة ثم يكبر الثانية ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يكبر ويقول اللهم أغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا صغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا إنك تعلم منقلبنا ومثوانا وأنت على كل شيء قدير اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام والسنة ومن توفيته فتوفه عليهما اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وجوارا خيرا من جواره وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار وافسح له في قبره ونور له فيه ثم يكبر ويسلم تسليمة واحدة عن يمينه ويرفع يديه مع كل تكبيرة.
والواجب من ذلك التكبيرات والقراءة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأدنى دعاء الحي للميت والسلام.
ومن فاتته الصلاة عليه صلى على القبر إلى شهر وإن كان الميت غائبا عن البلد صلى عليه بالنية.
ومن تعذر غسله لعدم الماء أو الخوف عليه من التقطع كالمجدور أو المحترق أو لكون المرأة بين رجال أو الرجل بين نساء فإنه ييمم إلا أن لكل من الزوجين غسل صاحبه وكذلك أم الولد مع سيدها.
والشهيد إذا مات في المعركة لم يغسل ولم يصل عليه وينحى عنه الحديد والجلود ثم يزمل في ثيابه وإن كفن بغيرها فلا بأس.
والمحرم يغسل بماء وسدر ولا يلبس مخيطا ولا يقرب طيبا ولا يغطى رأسه ولا يقطع شعره ولا ظفره.
ويستحب دفن الميت في لحد وينصب عليه اللبن نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يدخل القبر آجرا ولا خشبا ولا شيئا مسته النار.
ويستحب تعزية أهل الميت والبكاء عليه غير مكروه إذا لم يكن معه ندب ولا نياحة.
ولا بأس بزيارة القبور للرجال ويقول إذا مر بها أو زارها: سلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم نسأل الله لنا ولكم العافية.
وأي قربة فعلها وجعل ثوابها للميت المسلم نفعه ذلك.