فصل: حكمة مشروعية قتل المرتد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.4- وجود المنافقين:

المنافقون موجودون في كل زمان ومكان.
ويكثر عددهم، ويزداد ظهورهم عندما تظهر قوة الإسلام، ولا يستطيعون مقاومته في الظاهر، فيظهرون الدخول فيه، لأجل مقاومته والكيد له في الباطن، وتمزيق وحدة أهله.
وكذلك يُظهرون الإسلام، ويبطنون الكفر ليعيشوا مع المسلمين، ويأمنوا على دمائهم وأموالهم.
وهم يَظهرون في كل زمان ومكان بثياب مختلفة من الرؤساء، والأمراء، والعلماء، والعبّاد، والتجار، والأطباء وغيرهم.
ولعظيم خطرهم وضررهم هتك الله أستارهم، وكشف أسرارهم في القرآن الكريم، وجلى لعباده صفاتهم وأعمالهم؛ ليحذروهم، ويكونوا على بينة من أمرهم، فهم أشد الأعداء خطراً، وأعظمهم مكراً وكيداً، وأكثرهم تلبيساً وخداعاً.
يظهرون ويختفون.. ويكثرون ويقلون.. والله عليم بما يعملون.
قال الله تعالى: {وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ [30]} [محمد: 30].

.5- حكم المنافقين:

1- المنافقون الذين يظهرون الإسلام، ويبطنون الكفر.
في الدنيا: لهم أحكام المسلمين.
وفي الآخرة: جميع أعمالهم باطلة، وهم في الدرك الأسفل من النار.
1- قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا [145] إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا [146]} [النساء: 145- 146].
2- وقال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ [28]} [محمد: 28].
2- أما أهل النفاق الأصغر.
فمن تاب في الدنيا تاب الله عليه، ومن لم يتب فحكمه حكم أهل الكبائر وعصاة الموحدين، يعذب بقدر ذنوبه ثم يخرج من النار، وقد يعفو الله عنه فلا يدخله النار.
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا [48]} [النساء: 48].
6- عقوبة المنافقين:
1- قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا [145]} [النساء: 145].
2- وقال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [68]} [التوبة: 68].
3- وقال الله تعالى: {بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [138] الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا [139]} [النساء: 138- 139].
4- وقال الله تعالى: {وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [6]} [الفتح: 6].

.4- الردة:

الردة: هي الكفر بعد الإسلام والمرتد: هو من كفر بعد إسلامه طوعاً.

.أقسام الردة:

نواقض الإسلام هي الموجبة للردة، والناقض إما قول، أو عمل، أو اعتقاد، أو شك.
والردة تحصل بارتكاب ناقض من نواقض الإسلام على النحو التالي:

.1- الردة بالاعتقاد:

وتكون بما يلي:
اعتقاد الشريك لله.. أو يعتقد بقلبه أن الله جل جلاله فقير أو ظالم.. أو يعتقد أنه لا رب ولا إله.. ولا بعث ولا حشر.. ولا جنة ولا نار.. ولا ثواب ولا عقاب.
أو يعتقد بقلبه تكذيب الرسل.. أو جحد الكتب المنزلة.
أو أن محمداً صلى الله عليه وسلم ليس بصادق.. أو أنه ليس بخاتم النبيين.. أو يبغض شيئاً من الدين ولو عمل به.
أو يعتقد أنه يجوز أن يُدعى مع الله غيره من مَلَك، أو نبي، أو شجر، أو حجر، أو جن، أو غير ذلك مما زينه الشيطان لكثير من بني آدم.
أو يعتقد أنه يجوز الحكم بغير ما أنزل الله.
أو يعتقد أن أركان الإسلام غير واجبة.
أو يعتقد أن الكفر والشرك والنفاق والظلم جائز لمن فعله.
أو يعتقد أن الربا والزنا والخمر والفواحش جائزة.
أو يعتقد أن الماء والخبز حرام ونحو ذلك مما ثبت قطعاً وجوبه.. أو حله.. أو حرمته.. ومثله لا يجهله.
فهذا كله كفر وردة عن الإسلام، وهو أعظم أنواع الردة.
فمن اعتقد شيئاً من ذلك فهو كافر مرتد، وأعماله كلها باطلة، ومصيره إلى النار إن مات ولم يتب.
1- قال الله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [217]} [البقرة: 217].
2- وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ [25]} [محمد: 25].
3- وقال الله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [65]} [النساء: 65].

.2- الردة بالشك:

وتكون بما يلي:
الشك فيما سبق كله أو بعضه.. كمن شك في تحريم الشرك والظلم.. أو تحريم الربا والزنا والخمر.. أو وجوب الصلاة والزكاة.. أو إباحة الماء والخبز.. أو شك في صحة كتب الله.. أو شك في صدق رسله.. أو شك في دين الإسلام وصلاحيته لكل زمان.
والشك أن يقول مثلاً:
أنا لا أدري هل الله حق أم لا؟.. ولا أعلم هل الرسول حق أم لا؟.. ولا أعلم هل البعث سيقع أم لا؟.. ولا أدري هل الجنة والنار حق أم لا؟
ولا أدري هل الرسول صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين أم لا؟
أو يقول: أنا أشك في الصلاة هل هي واجبة أم لا؟
أو أنا أشك في الربا هل هو حرام أم لا؟ ونحو ذلك.
فهذه الشكوك كلها كفر أكبر، وردة عن الإسلام.
فمن شك في شيء من ذلك فهو كافر مرتد، وأعماله كلها باطلة، ومصيره إلى جهنم يوم القيامة إن مات ولم يتب.
أما الوسوسة العارضة والخطرت فإنها لا تضر إذا دفعها المسلم، ولم يسكن إليها، ولم تستقر في قلبه.
وعليه أن يستعيذ بالله.. وينتهي عما يدور في نفسه.. ويقول آمنت بالله ورسله.
1- قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ [45]} [التوبة: 45].
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لأُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا أوْ يَعْمَلُوا بِهِ». متفق عليه.
3- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «يَأْتِي الشَّيْطَانُ أحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا، مَنْ خَلَقَ كَذَا، حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِالله وَلْيَنْتَهِ». متفق عليه.
4- وَعَنْ أبِي هُريرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ السَّمَاءَ؟ فَيَقُولُ: اللهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَيَقُولُ مَنْ خَلَقَ الأَْرْضَ؟ فَيَقُولُ: اللهُ، فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ اللهَ؟ فَإِذَا أَحَسَّ أَحَدُكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِالله وَبِرُسُلِهِ» أخرجه أحمد ومسلم.

.3- الردة بالقول:

وتكون بما يلي:
سب الله.. أو سب رسله.. أو سب ملائكته.. أو سب كتبه.. أو دعاء غير الله.. أو الاستعانة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله.. أو ادعاء النبوة.. أو تصديق من يدعيها.. أو الاستهزاء بالدين أو بشيء منه.. أو سب الصحابة أو أحداً منهم.
أو أنكر تحريم شيء من المحرمات الظاهرة كالربا والزنا والخمر ونحوها.
أو أنكر وجوب شيء من الواجبات الظاهرة كالصلاة والزكاة والصيام والحج ونحوها ومثله لا يجهله، ونحو ذلك.
فمن قال هذه المقالات وأمثالها فهو كافر مرتد عن الإسلام، وقد حبط عمله، ومصيره إلى النار إذا مات ولم يتب.
1- قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [65] بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [66]} [الزُّمَر: 65- 66].
2- وقال الله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [الأنعام: 93].
3- وقال الله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْمُجْرِمُونَ [17]} [يونس: 17].
4- وقال الله تعالى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ [32]} [الزُّمَر: 32].
5- وقال الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ [65] لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65- 66].

.4- الردة بالفعل:

وتكون بما يلي:
السجود للأصنام من الأشجار والأحجار وغيرها، والسجود على القبور.. والطواف عليها.. والذبح لغير الله.. والاستهانة بالمصحف.. والقعود عليه مستهيناً به.. والحكم بغير ما أنزل الله.. والسحر تعلمه وتعليمه.. ومظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين.. والإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به.. واستباحة المحرمات.. وترك الصلاة ونحو ذلك.
فمن فعل هذه الأمور وأمثالها فهو كافر مرتد عن الإسلام، وقد حبط عمله، ومصيره إلى النار إن مات ولم يتب.
1- قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [65]} [الزُّمَر: 65].
2- وقال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [44]} [المائدة: 44].
3- وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [51]} [المائدة: 51].
4- وقال الله تعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة: 102].
5- وَعَنْ جَابِر بن عَبدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ». أخرجه مسلم.


.أعظم أقسام الردة:

الردة تكون بالقول.. وتكون بالفعل.. وتكون بالاعتقاد.. وتكون بالشك.. وأعظمها وأخطرها ما جمع هذه المراتب، وهو أشدها جرماً، وأعظمها عقوبة.
فمن اعتقد أو زعم أنه يجوز أن يعبد مع الله غيره من الأصنام ونحوها فهو كافر.. فإن نطق لسانه بذلك صار كافراً بالقول والعقيدة جميعاً.. فإن عبد غير الله صار كافراً بالقول والعمل والعقيدة جميعاً.
ومن ذلك ما يفعله عباد القبور من دعاء الأموات، وطلب المدد منهم، وما يقوله جهلة المسلمين عند قبر الرسول صلى الله عليه وسلم كقولهم:
يا رسول الله اشف مريضي، يا رسول الله انصرنا على أعدائنا.
وبعضهم ينادي من مكان بعيد في بلاده ويقول: يا رسول الله أغثني يا رسول الله مدد.. مدد.
ورسول الله بشر لا يعلم الغيب إلا ما أعلمه الله، ولا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله، فكيف يملك لغيره.
فهذا كله من الشرك الاعتقادي، القولي، العملي، نسأل الله السلامة والعافية.
1- قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [65] بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [66]} [الزُّمَر: 65- 66].
2- وقال الله تعالى: {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [188]} [الأعراف: 188].


.ما يفعل بالمرتد:

من ارتد عن الإسلام وهو بالغ عاقل دعي إليه، ورُغِّب فيه، وعُرضت عليه التوبة لعله يتوب، فإن تاب فهو مسلم.
وإن لم يتب، وأصر على كفره وردته، فإنه يقتل بالسيف كفراً لا حداً.
1- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ». أخرجه البخاري.
2- وَعَنْ أبي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، فَأَتَى مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي مُوسَى، فَقَالَ: مَا لِهَذَا؟ قَالَ: أَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ، قَالَ: لَا أَجْلِسُ حَتَّى أَقْتُلَهُ قَضَاءُ الله وَرَسُولِهِ؟. متفق عليه.

.صفة توبة المرتد:

من كانت ردته بجحد شيء من الدين فتوبته مع الشهادتين إقراره بالمجحود به، والتزامه جميع أحكام الإسلام.

.أحكام المرتد:

1- المرتد أغلظ كفراً من الكافر الأصلي؛ لأنه عرف الحق ثم تركه.
2- الردة كفر مخرج من الملة، ومحبط للأعمال، وموجب للخلود في النار إن لم يتب قبل الموت.
3- إذا قُتل المرتد أو مات ولم يتب فهو كافر لا يغسل، ولا يكفن، ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يدعى له.
4- يفرق بين المرتد وزوجته المسلمة؛ لأنها لا تحل لكافر، وإذا ارتدت الزوجة فارقها؛ لأن المسلم لا يمسك بِعِصَم الكوافر.
وللمرتد مراجعة زوجته بعد التوبة ما دامت في العدة، فإن خرجت من العدة ولم يراجعها ملكت نفسها، فلا تحل له إلا برضاها بعقد ومهر جديدين.
5- يُمنع المرتد من التصرف في ماله في مدة استتابته، فإن أسلم فهو له، وإن أصر على ردته فماله فيء يصرف في مصالح المسلمين.
6- المرتد كافر لا يرث أقاربه المسلمين، وهم لا يرثونه؛ لأن الكافر لا يرث المسلم.
1- قال الله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [217]} [البقرة: 217].
2- وقال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا [137]} [النساء: 137].
3- وقال الله تعالى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ [84]} [التوبة: 84].
4- وقال الله تعالى: {وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [221]} [البقرة: 221].
5- وعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ، وَلاَ يَرِثُ الكَافِرُ المُسْلِمَ». متفق عليه.

.حكمة مشروعية قتل المرتد:

الإسلام منهج كامل للحياة، ونظام شامل لكل ما يحتاجه البشر، موافق للفطرة والعقل، قائم على الدليل والبرهان، وهو أكبر النعم.
ومن دخل فيه ثم ارتد عنه فقد انحط إلى أسفل الدركات، ورد ما رضيه الله لخلقه من الدين، وخان الله ورسوله، وكفر بنعمة الله، فيجب قتله؛ لأنه أنكر الحق، ورد الخير، الذي لا تستقيم الدنيا والآخرة إلا به.

.صفات المرتد:

الإنسان متى فعل ناقضاً من نواقض الإسلام.. أو بدل الشرع المجمع عليه.. أو حلل الحرام المجمع عليه.. أو حرم الحلال المجمع عليه.. أو حكم بغير ما أنزل الله.. فهو كافر مرتد ولو كان يقر بالشهادتين.
فإن المنافقين يشهدون كذباً هذه الشهادة، ويصلون ويصومون، ومع ذلك فهم في الدرك الأسفل من النار.
1- قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا [145] إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا [146]} [النساء: 145- 146].
2- وقال الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [115]} [النساء: 115].

.حكم التكفير:

التكفير: هو الحكم على الإنسان بالكفر.
والتكفير حق لله، فلا يجوز أن نكفر أحداً إلا من كفره الله ورسوله.
ومن كَفَّرَنا فلا نكفره، فمن كذب على أحد، أو زنى بأهله، فليس له أن يكذب عليه، أو يزني بأهله؛ لأن الكذب والزنا حرام لحق الله.
وكذلك التكفير حق لله، فلا نكفِّر إلا من كفَّر الله ورسوله.
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا [94]} [النساء: 94].
2- وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رضيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «أيُّمَا رَجُلٍ قال: لأخِيهِ يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهَا أحَدُهُمَا». متفق عليه.