فصل: الأول: الملائكة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.محركات القلوب إلى الله:

الخلائق كلها مفتقرة إلى الله في خلقها وبقائها وأعمالها.
فهو الذي خلق السماوات والأرض وما فيهن، وهو الذي يرزق العباد، ويجيب المضطر، ويفرج الكربات، ويكشف السوء، ويرحم خلقه.
العزيز الكريم الذي لا تسكن الأرواح إلا بحبه، ولا تطمئن القلوب إلا بذكره، ولا تزكوا العقول إلا بمعرفته، ولا يحصل شيء إلا بإذنه، ولا يُدْرَك محبوب إلا بتيسيره، ولا تُنال سعادة إلا بطاعته.
ومحركات القلوب إلى الله ثلاثة:
المحبة.. والخوف.. والرجاء.
فالمحبة لله تلقي العبد في السير إلى محبوبه، وعلى قدر قوتها وضعفها يكون سيره إليه.
والخوف من الله يمنعه من الخروج عن طريق المحبوب، وعلى قدر قوته وضعفه يكون سيره إلى الله.
والرجاء يقوده إلى لزوم طريق محبوبه، وعلى قدر قوته وضعفه يكون سيره إلى الله.
فهذه أصول محركات القبول إلى الله، وأقواها المحبة.. وأصل ذلك كله العلم بالله وأسمائه وصفاته.
فمن لم يكن عنده محبة تبعثه على طلب محبوبه ومولاه، فعليه بكثرة ذكر الله؛ لأن كثرة ذكره تُعلِّق القلب به، ومطالعة آلائه ونعمائه وإحسانه.
وكذلك الخوف من الله تحركه معرفة عظمة الله وجلاله، وكبريائه وقوته، ومطالعة آيات الوعيد، وأهوال يوم القيامة.
وكذلك الرجاء يحركه معرفة سعة حلم الله وعفوه وكرمه ورحمته، ومطالعة آيات الوعد بالخير والجنة.
وإذا تحركت القلوب إلى الله اعتصمت به، وتوكلت عليه، وأحبته، وأطاعته، وعبدته.
قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [28]} [الرعد:28].
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا [41] وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [42]} [الأحزاب:42].
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [21] الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [22]} [البقرة:21- 22].

.تفاضل أهل الإيمان:

.أقسام أهل الإيمان:

أهل الإيمان ثلاثة أقسام:

.الأول: الملائكة:

وهؤلاء إيمانهم ثابت لا يزيد ولا ينقص، فهم لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، وهم درجات.

.الثاني: الأنبياء والرسل:

وهؤلاء إيمانهم يزيد ولا ينقص، لكمال معرفتهم بالله، وهم درجات.

.الثالث: سائر المؤمنين:

وهؤلاء إيمانهم يزيد وينقص، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وهم درجات.

.درجات الإيمان:

الإيمان له بداية، وليس له نهاية، وهو متفاوت بحسب العلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله، والعلم بخزائنه ووعده ووعيده، والعلم بملائكته وكتبه ورسله، والعلم بقضائه وقدره، والعلم بدينه وشرعه، وثوابه وعقابه.
ومثقال ذرة من إيمان يحصل بها المسلم على السعادة في الدنيا، وعشر جنان في الآخرة، فهذا أدنى أهل الجنة.
وأعلاهم من يحصل على نعيم لم تره عين، ولم تسمعه أذن، ولم يخطر على قلب بشر.
فأول درجات الإيمان تقود المسلم لعبادة ربه وطاعته وحمده.
ولحسن المعاملة مع من فوقه أو مثله من الناس، يحتاج إلى إيمان أقوى يحجزه عن الظلم لغيره.
ولحسن المعاشرة مع من دونه، يحتاج إلى إيمان أقوى يحجزه عن الظلم لمن دونه، كالرجل مع أهله، والحاكم مع رعيته.
وهكذا.. كلما زاد الإيمان، زادت الطاعات، وقلّت المعاصي، وصار العبد يؤدي حق الله وحقوق عباده.
وكلما زاد اليقين زاد العمل الصالح، وتنوع، واستمر، وصار صاحبه حسن الخلق مع الخالق ومع المخلوق.
فهذا بأرفع المنازل في الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [69] ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا [70]} [النساء:69- 70].
وقال الله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [285]} [البقرة:285].

.أعلى أهل الإيمان:

إيمان الملائكة ثابت لا يزيد ولا ينقص.
وأما البشر فهم درجات متفاوتة.
فإيمان الأنبياء والرسل أعلى من غيرهم، وإيمان الصحابة أعلى من إيمان غيرهم، وإيمان الصالحين المتقين ليس كإيمان الفاسقين.
وهذا التفاوت العظيم بحسب ما في القلب من العلم بالله وأسمائه وصفاته.
وأعرف الخلق بالله أشدهم حباً له.
ولهذا كانت الأنبياء والرسل أعظم الناس حباً لله، وتعظيماً له، وإيماناً به، وعبادة له.
ومحبة الله لذاته وإحسانه وجماله وجلاله أصل العبادة.
وكلما قوي العلم بالله قوي الإيمان بالله، ثم قويت المحبة، وكلما قويت المحبة كانت الطاعة أتم، والتعظيم أوفر، والأنس بالله أكمل.
قال الله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ [253]} [البقرة: 253].

.عمل المؤمن:

الإنسان آلة العمل، وكل عبد سائر لا واقف.
فإما إلى فوق وإما إلى أسفل.. وإما إلى أمام وإما إلى خلف.. وإما إلى يمين وإما إلى شمال.
وليس في الطبيعة ولا في الشريعة وقوف البتة.
فكل عبد ما هو إلا مراحل تطوى أسرع طي إلى الجنة أو إلى النار، فمسرع ومبطئ، ومتقدم ومتأخر، وصاعد ونازل، ومستقل ومستكثر.
وليس في الطريق وقوف البتة، وإنما يتخالف الناس في جهة المسير، وفي السرعة والبطء.
فمن لم يتقدم إلى الجنة بالإيمان والأعمال الصالحة، فهو متأخر إلى النار بالكفر والأعمال السيئة.
وشعب الإيمان تزيد الإيمان، والعبادات، والأخلاق، وشعب الكفر تزيد ضدها.
قال الله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ [18] أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [19] وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ [20]} [السجدة:18- 20].
وقال الله تعالى: {نَذِيرًا لِلْبَشَرِ [36] لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ [37]} [المدَّثر:36- 37].

.وَعْد الله على الإيمان:

.وَعَد الله المؤمنين بخيرات كثيرة في الدنيا والآخرة.

موعودات المؤمنين في الدنيا كثيرة منها:
الفلاح كما قال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [1]} [المؤمنون:1].
الهداية كما قال سبحانه: {وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [54]} [الحج: 54].
العزة كما قال سبحانه: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ [8]} [المنافقون: 8].
النصر كما قال سبحانه: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [47]} [الروم:47].
الخلافة في الأرض كما قال سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [55]} [النور:55].
الدفاع عنهم كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ [38]} [الحج:38].
الأمن كما قال سبحانه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ [82]} [الأنعام:82].
النجاة من المهالك كما قال سبحانه: {ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ [103]} [يونس:103].
الرحمة الخاصة كما قال سبحانه: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا [43]} [الأحزاب: 43].
الحياة الطيبة كما قال سبحانه: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [97]} [النحل:97].
حصول البركات كما قال سبحانه: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [96]} [الأعراف:96].
المعية الخاصة كما قال سبحانه: {وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ [19]} [الأنفال:19].
عدم تسلط الكفار عليهم كما قال سبحانه: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [141]} [النساء:141].
الطمأنينة كما قال سبحانه: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [28]} [الرعد:28].
ولاية الله لهم كما قال سبحانه: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [257]} [البقرة:257].
هذه بعض البركات والخيرات والصفات والكرامات التي يكرم الله بها عباده المؤمنين في الدنيا.
أما موعودات المؤمنين في الآخرة فهي:
دخول الجنة.. والخلود فيها.. ورؤية ربهم.. والقرب منه.. وسماع كلامه.. ورضوانه عليهم.
قال الله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [72]} [التوبة:72].
وقال الله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ [22] إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [23]} [القيامة: 22- 23].
وقال الله تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ [54] فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ [55]} [القمر: 54- 55].
وقال الله تعالى: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا [44]} [الأحزاب:44].

.وجود الموعودات:

ما وعد الله به المؤمنين في الدنيا ليس موجوداً كله، بل لا يكاد يوجد منه إلا القليل، وذلك لضعف الإيمان واليقين على ذات الله وأسمائه وصفاته، وضعف اليقين على الصفات والأعمال الصالحة.
ولا سبيل للحصول على تلك الموعودات إلا بتقوية الإيمان الموجود بالإيمان المطلوب، ولزوم الأعمال الصالحة والتقوى، فإذا جاء التوحيد والإيمان واليقين جاءت الخيرات والبركات في الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ [208]} [البقرة:208].
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا [136]} [النساء:136].
وقال الله تعالى: {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [137]} [البقرة:137].

.2- الإيمان بالملائكة:

الإيمان بالملائكة: هو التصديق الجازم بأن لله ملائكة موجودين.
نؤمن بمن سمى الله منهم كجبريل عليه السلام وغيره، ومن لم نعلم اسمه منهم نؤمن بهم إجمالاً، ونؤمن بما علَّمنا الله ورسوله من صفاتهم وأعمالهم.

.حكم الإيمان بالملائكة:

الإيمان بالملائكة أحد أركان الإيمان الستة.
قال الله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [285]} [البقرة:285].
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا [136]} [النساء:136].

.عدد الملائكة:

الله عز وجل وحده هو الذي يعلم من خلق، وعدد من خلق، والملائكة خلق عظيم، وعددهم كثير لا يحصيهم إلا الذي خلقهم.
منهم حملة العرش.. والذين يطوفون حول العرش.. وكل سماء مملوءة بالملائكة.. بل ليس فيها موضع شبر إلا وفيه ملك يعبد الله..
ومنهم خزنة الجنة.. ومنهم خزنة النار.. ومنهم الحفظة والكتبة.. وغيرهم كثير لا يعلمهم ولا يحصيهم إلا الله وحده..
يصلي منهم كل يوم في البيت المعمور فوق السماء السابعة سبعون ألف ملك، ولكثرتهم يصلون فيه مرة واحدة، ثم يأتي غيرهم.
ففي قصة المعراج أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أتى السماء السابعة قال: «فَرُفِعَ لِيَ البَيْتُ المَعْمُورُ، فَسَألْتُ جِبْرِيلَ فَقال: هَذَا البَيْتُ المَعْمُورُ، يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ، إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ». متفق عليه.

.أسماء الملائكة:

الملائكة خلق كثير لا يحصيهم إلا الله.
منهم من أعلمنا الله باسمه وعمله.. ومنهم من نعلم عمله دون اسمه.. ومنهم من لا نعلم اسمه ولا عمله.
الملائكة الذين أعلمنا الله بأسمائهم وأعمالهم منهم:
جبريل: وهو الموكل بالوحي إلى الأنبياء والرسل ونصرتهم.
ميكائيل: وهو الموكل بالماء والنبات.
إسرافيل: وهو الموكل بالنفخ في الصور.
وهؤلاء من أعظم الملائكة، وهم موكلون بأسباب الحياة.
فجبريل موكل بالوحي الذي به حياة القلوب.
وميكائيل موكل بالقطر الذي به حياة الأرض.
وإسرافيل موكل بالنفخ في الصور الذي به حياة الخلق بعد الموت.
مالك: وهو الموكل بالنار.
رضوان: وهو الموكل بالجنة.
منكر ونكير: وهما موكلان بسؤال كل ميت في قبره.
قال الله تعالى: {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ [98]} [البقرة: 98].
وقال الله تعالى: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ [77] لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ [78]} [الزُّخرُف: 77- 78].
وَعَنْ عَائشَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كَان إذا قَامَ مِنَ الليلِ قَال: «اللَّهُمَّ! رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» أخرجه مسلم.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله: «إِذَا قُبِرَ المَيِّتُ أَوْ قَالَ أَحَدُكُمْ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لأَِحَدِهِمَا المُنْكَرُ وَالآخَرُ النَّكِيرُ» أخرجه الترمذي.
الملائكة الذين علَّمنا الله بأعمالهم دون أسمائهم منهم:
جميع الملائكة يسبحون الليل والنهار لا يفترون.
منهم حملة العرش.. وملك الموت، والموكلون بقبض الأرواح.. وخزنة الجنة والنار.. والموكلون بحفظ كل إنسان وعمله وكتابته.. ومنهم ملك الجبال.. ومنهم الموكلون بالأجنة في الأرحام الذين يكتبون رزقه وعمله وأجله وشقي أو سعيد.
ومنهم الموكل بالإنسان دائماً، ومنهم ملائكة يتعاقبون بالليل والنهار، ومنهم ملائكة يتبعون مجالس الذكر.
وغيرهم كثير مما لا يعلمه ولا يحصيه إلا الله الذي أحصى كل شيء عدداً.
قال الله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ [7]} [غافر:7].
قال الله تعالى: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ [11]} [السجدة:11].
وقال الله تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ [10] كِرَامًا كَاتِبِينَ [11]} [الانفطار:10- 11].
الملائكة الذين لا نعلم أسماءهم ولا أعمالهم:
وهؤلاء لا يعلمهم إلا عالم الغيب والشهادة: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} [المدَّثر: 31].