فصل: 1- الإيمان بالله:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.1- الإيمان بالله:

الإيمان بالله: هو التصديق بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله.
أركان الإيمان بالله:
أركان الإيمان بالله أربعة:

.الأول: الإيمان بوجود الله:

ويدل على ذلك أمور:
أن الله قد فطر كل مخلوق على الإيمان بخالقه.
قال الله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [30]} [الروم:30].
ودل العقل على أن لهذا الكون خالقاً.
فهذه المخلوقات لم تخلق نفسها، ولا وجدت صدفة، فتعين أن يكون لها خالق خلقها، وهو الله رب العالمين.
قال الله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [35] أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ [36]} [الطور: 35- 36].
ودل الحس على وجود الله سبحانه.
فتقليب الليل والنهار، وخَلْق المخلوقات، وتدبير الكائنات، ورِزْق الإنسان والحيوان، كل ذلك يدل دلالة قاطعة على وجود رب قادر حكيم عليم.
قال الله تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ [31] فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ [32]} [يونس: 31- 32].
إجابة الداعين، وإعطاء السائلين، وإغاثة المكروبين، كل ذلك يدل على وجود رب سميع قادر كريم.
قال الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ [9]} [الأنفال: 9].
وقال الله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [83] فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ [84]} [الأنبياء: 83- 84].
وقال الله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [87]} [الأنبياء:87].
تأييد الأنبياء، والرسل بآيات ومعجزات رآها الناس، أو سمعوا بها، وهي أمور خارجة عن قدرة البشر يؤيد الله بها رسله، وهذا برهان قاطع على وجود مرسلهم وهو الله جل جلاله.
ومن ذلك:
أن الله جعل النار برداً وسلاماً على إبراهيم عليه السلام.. وفلق البحر والحجر لموسى عليه السلام.. وأحيا الموتى لعيسى عليه السلام.. وشق القمر لمحمد صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ [67] وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [68]} [الشعراء: 67- 68].
ودل الشرع على وجود الله سبحانه.
فالأحكام الشرعية المتضمنة لمصالح العباد، والتي أنزلها عز وجل في كتبه على أنبيائه ورسله، دليل قاطع على أنها من رب حكيم قادر، عليم بمصالح عباده.
قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [2]} [الجمعة:2].

.الثاني: الإيمان بأن الله هو الرب وحده لا شريك له:

والرب هو الملك الذي له الخلق والأمر في الكون كله.
فلا خالق إلا الله.. ولا مالك إلا الله.. والأمر كله لله.
قال الله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [1]} [المُلك:1].
وقال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [54]} [الأعراف:54].
وقال الله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [26] تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [27]} [آل عمران: 26- 27].

.معرفة الرب:

الله عز وجل هو العليم بكل شيء.. عالم الغيب والشهادة.. يعلم ما في السماوات وما في الأرض.. ويعلم مثاقيل الجبال.. ويعلم مكاييل البحار.. ويعلم عدد قطر الأمطار.. ويعلم عدد ذرات الرمال.. ويعلم عدد ورق الأشجار، ويعلم بكل ما في العالم العلوي.. ويعلم بكل ما في العالم السفلي.. ويعلم ما في البر والبحر والجو كما قال سبحانه: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [59]} [الأنعام:59].
والله جل جلاله هو العظيم وحده لا شريك له، وهو الواحد القهار، الكبير المتعال، خلق الخلائق بإرادته، وقهر المخلوقات بقوته، وأمسك السماء بقدرته، ودحا الأرض بمشيئته، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.
وهو سبحانه القوي العزيز الجبار المتكبر، الذي خضعت الأعناق لعظمته، وخشعت الأصوات لهيبته، وذل كل مخلوق لقوته وجبروته.
وهو المَلِك الذي بيده المُلك.. القوي الذي بيده القوة.. الغني الذي بيده كل شيء، وعنده خزائن كل شيء.. الرزاق الذي بيده الرزق.
قال الله تعالى: {سهُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [24]} [الحشر:24].
وقال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [21]} [الحِجر:21].
والله جل جلاله هو الكريم الذي قدر فعفا، وعاهد ووفّى، ولا يبالي كم أعطى ولمن أعطى.
يعطي من يطيعه ويعصيه.. ومن سأله ومن لم يسأله.. ويعطي الثواب الجزيل على العمل القليل، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، وهو الغني وحده، وكل ما سواه فقير إليه.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [15]} [فاطر:15].
والله سبحانه هو القادر على كل شيء.
أحاط بكل شيء علماً، وأحصى كل شيء عدداً، الخلائق كلها في قبضته، والأمور كلها بيده، هو القادر وحده، وكل ما سواه عاجز.
قال الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [67]} [الزُّمَر:67].
والله سبحانه هو الخالق الذي خلق كل شيء، ولا يعجزه شيء، يستوي عنده خلق الكبير والصغير، والجبل والذرة، والبحر والقطرة.
قال الله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [24]} [الحشر:24].
وقال الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [62] لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [63]} [الزُّمَر:62- 63].
والله جل جلاله كل يوم هو في شأن.
يدبر الأمر.. ويرسل الرياح.. ويرسل الصواعق.. وينزل الغيث.. ويحي الأرض بعد موتها.. ويحيي ويميت.. يعز من يشاء.. ويذل من يشاء..
ويهدي من يشاء.. ويضل من يشاء.. ويعطي ويمنع.. ويرفع ويخفض.
قال الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [164]} [البقرة:164].
وقال الله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [26] تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [27]} [آل عمران:26- 27].
والله وحده عنده خزائن كل شيء، ويملك خزائن كل شيء، فكل شيء في الوجود فخزائنه عند الله.
خزائن السماوات.. وخزائن الأرض.. وخزائن الرياح.. وخزائن المياه.. وخزائن النبات.. وخزائن الحيوان.. وخزائن التراب.. وخزائن المعادن.. وخزائن العذاب.. وخزائن الرحمة.. وخزائن الهداية.. وخزائن القوة.. وخزائن العزة.
فكل هذه الخزائن وغيرها عند الله.. وبيد الله.. وملك لله.
قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ [21]} [الحِجر:21].
وقال الله تعالى: {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ [7]} [المنافقون: 7].
إذا علمنا ذلك كله، وتيقنا على كمال قدرة الله، وكمال عظمة الله، وكمال علم الله، وكمال قوة الله، وكمال كبرياء الله، وكمال رحمة الله، وكمال كرم الله، وعظمة خزائن الله، عرفنا ربنا بأسمائه وصفاته، وأنه وحده له الأسماء الحسنى، والصفات العلا.
فإذا حصلت هذه المعرفة بالله وأسمائه وصفاته أقبلت القلوب إليه.. وانشرحت الصدور لعبادته.. وانقادت الجوارح لطاعته.. ولهجت الألسن بذكره.. واجتمعت الألسن والقلوب على تكبيره وتوحيده وتسبيحه وحمده.
فلا تسأل إلا إياه، ولا تستعين إلا به، ولا تتوكل إلا عليه، ولا تحب إلا هو، ولا تخاف إلا منه، ولا تعبد إلا إياه.
قال الله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [102]} [الأنعام:102].
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [21] الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [22]} [البقرة:21- 22].

.الثالث: الإيمان بألوهية الله سبحانه:

فنعلم ونتيقن أن الله هو الإله الحق وحده لا شريك له، وأنه وحده المستحق للعبادة دون سواه.
فنعبده وحده بما شرع، مع كمال الحب له، وكمال التعظيم له، وكمال الذل له.
قال الله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [163]} [البقرة:163].
ونعلم ونتيقن أن الله كما أنه واحد في ربوبيته لا شريك له، فكذلك هو واحد في ألوهيته لا شريك له.
فنوحده في الخلق والأمر، ونوحده في الطاعة والعبادة.
قال الله تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [3]} [يونس:3].
وقال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [25]} [الأنبياء:25].
ونعلم ونتيقن أن الله وحده هو المعبود الحق، وأن كل معبود من دون الله فألوهيته باطلة، وعبادته باطلة.
قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ [62]} [الحج:62].
وقال الله تعالى: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [17]} [العنكبوت:17].

.الرابع: الإيمان بأسماء الله وصفاته:

ويتضمن ذلك أموراً:

.1- فهمها، وحفظها، والتصديق بها:

والعمل بمقتضاها، والتعبد لله بها فمعرفة أسماء وصفات العظمة لله والكبرياء والمجد والجلال تملأ القلوب هيبة لله، وخشية منه، وتعظيماً له.
ومعرفة أسماء وصفات العزة والقدرة والجبروت تملأ القلوب ذلاً وخضوعاً وانكساراً بين يدي ربها.
ومعرفة أسماء وصفات الرحمة والبر والجود والكرم تملأ القلوب رغبة وطمعاً في فضل الله وإحسانه وجوده.
ومعرفة أسماء وصفات العلم والإحاطة توجب للعبد مراقبة ربه في حركاته وسكناته.
ومجموع هذه الأسماء والصفات تقود العبد إلى ربه، وتجذبه إليه، وتوجب له محبة الله، والشوق إليه، والأنس به، والتوكل عليه، والاستعانة به، والخوف منه، والرجاء له، والثناء عليه، والحمد له، والتقرب إليه، وعبادته وحده لا شريك له.
قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ [19]} [محمد:19].
وقال الله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [12]} [الطلاق:12].

.2- أن نعلم ونتيقن أن الله وحده له الأسماء الحسنى، والصفات العلا، وندعوه بها:

قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [180]} [الأعراف:180].
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله قَالَ: «إِنَّ لله تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً، مِائَةً إِلا وَاحِداً، مَنْ أحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ». متفق عليه.

.3- أن نثبت لله من الأسماء والصفات ما أثبته لنفسه:

أو: أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم، وننفي عنه ما نفاه عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم.
ونؤمن بأسماء الله وصفاته، وبما دلت عليه من المعاني والآثار:
فنؤمن بأن الله رحيم وأنه ذو رحمة، وأنه يرحم من يشاء، وهكذا في بقية الأسماء والصفات.
ونثبت لله الأسماء والصفات على ما يليق بجلاله من غير تحريف ولا تعطيل، ولا تكييف ولا تمثيل على حد قوله سبحانه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [11]} [الشورى: 11].
فكما أن ذاته لا تشبه ذوات الخلق، فكذلك أسماؤه وصفاته لا تشبه أسماء وصفات الخلق كما قال سبحانه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [1] اللَّهُ الصَّمَدُ [2] لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ [3] وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [4]} [الإخلاص:1- 4].

.4- أسماء الله من حيث الحكم تنقسم إلى قسمين:

الأول: ما لا يصح إطلاقه إلا على الله كالخالق، والله ونحوهما.
الثاني: ما يصح إطلاقه على الله وعلى المخلوق، ولكلٍ حكمه، وهي الأسماء المشتركة كالحكيم والعليم والعلي والرحيم ونحوها.

.5- الصفات أوسع من الأسماء:

والأفعال أوسع من الصفات، ولهذا وصف الله نفسه بصفات ولم يتسم بها، وأطلق على نفسه أفعالاً لم يتسم بها مثل يريد، ويشاء، ويُحدث ولم يسم نفسه بالمريد والشائي والمحدث.
كما لم يسم نفسه بالصانع والفاعل والمتقن، وغير ذلك من الأسماء التي أطلق أفعالها على نفسه ولم يسمّ نفسه بها مثل يمكر، ويستهزئ، وفتن ونحوها.
وأسماء الله كلها حسنى تدل على المدح، وكل اسم ينقسم إلى كامل وناقص فلا يدخل في أسمائه الحسنى، وإن كان يوصف الله به كالمريد والمتكلم، فالله يريد ويتكلم، لكن لا يسمى بذلك.

.6- الفرق بين الأسماء والصفات بما يلي:

الصفات مشتقة من الأسماء، فكل اسم يؤخذ منه صفة كالرحمة من الرحيم، والقوة من القوي، والعلم من العليم.
أسماء الله كلها دالة على ذاته.
وصفاته نوعان: ذاتية كالحياة والعلم والقدرة، وفعلية كالمجيء، والنزول.
التعبيد في أسماء المخلوقين في الأسماء في لا في الصفات، فيقال عبد الله، ولا يقال عبد العلم، أو عبد الوجه.

.7- وصفات الله عز وجل تنقسم إلى قسمين:

.1- الصفات الثبوتية:

وهي كل ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله من صفات الكمال كالحياة، والعلم، والقدرة، والرحمة، والنزول، والاستواء ونحو ذلك كالوجه، واليدين.

.2- الصفات السلبية:

وهي كل ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله من صفات النقص كالموت، والنوم، والعجز، والتعب، والجهل، والنسيان، والغفلة، والظلم ونحو ذلك.
فهذه الصفات يجب نفيها عن الله عز وجل، وإثبات ضدها على الوجه الأكمل، والصفات الثبوتية أكثر بكثير من الصفات السلبية.
وكل ما نفاه الله عن نفسه فالمراد به إثبات كمال ضده كما قال سبحانه: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ [58]} [الفرقان: 58].