فصل: 6- بيع الدين بالدين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.6- بيع الدين بالدين:

كأن يشتري الرجل شيئاً إلى أجل، فإذا حل الأجل لم يجد ما يقضي به، فيقول لصاحب الدين: بعنيه إلى أجل آخَر بزيادة مائة مثلاً، فيبيعه.
وهذا البيع باطل ومحرم؛ لأنه ربا مضاعف.

.حكم بيع الدين على الغير:

الأصل عدم جواز بيع الدين في الصرف؛ لأنه يؤدي إلى الربا، وأما في غير الصرف والسلم فبيع الدين على المدين نفسه جائز؛ لحصول القبض من قبل، وأن يبيعه بسعر وقته.
وإن باعه على غير المدين، فإن كان بثمن عين فيجوز إن كان الدين مستقراً، والمدين ملياً، ومقراً به؛ لعدم الغرر والضرر، وإمكان التسليم والقبض.
وأما بيع الدين لغير المدين بالدين، فإنه لا يجوز غالباً؛ لما فيه من الجهالة والغرر، وعدم القدرة على التسليم.

.7- بيع بيعتين في بيعة:

وصورته: أن يقول بعتك هذا الثوب نقداً بعشرة، ونسيئة بخمسة عشر، ثم يفترقان وهو لم يختر أحدهما، أو يبيعه السلعة بمائة مؤجلة، ثم يشتريها منه بثمانين حالة.
فهذه صورة البيعتان في بيعة.
فهذا البيع باطل؛ لما فيه من الربا، وحيلة الربا، والجهالة والغرر.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ. أخرجه أحمد والترمذي.

.بيع التقسيط:

بيع التقسيط: هو أن يبيعه سلعة حاضرة بثمن مؤجل يدفعه المشتري على دفعات معلومة المقدار والوقت.

.حكم بيع التقسيط:

1- بيع التقسيط صورة من بيع النسيئة، وهو عقد جائز.
فبيع النسيئة مؤجل لأجل واحد، وبيع التقسيط مؤجل لآجال متعددة.
2- تجوز الزيادة في ثمن السلعة لأجل التأجيل أو التقسيط، كأن يبيعه سلعة قيمتها مائة حالَّة بمائة وعشرين مؤجلة لأجل واحد، أو آجال محددة، بشرط ألا تكون الزيادة فاحشة، أو يستغل حاجة المضطرين.
3- البيع إلى أجل، أو بالتقسيط، يكون مستحباً إذا قصد به الرفق بالمشتري، والإحسان إليه، وبذلك يثاب فيه البائع على إحسانه، إذا لم يزد في الثمن من أجْل الأجَل.
ويكون مباحاً إذا قصد به الربح والمعاوضة، فيزيد في الثمن لأجْل الأجَل، ليسدد له المشتري بالتقسيط المؤجل.
4- لا يجوز للبائع أن يأخذ من المشتري زيادة على الدين إذا تأخر في دفع الأقساط؛ لأن ذلك ربا محرم، لكن له رهن المبيع حتى يستوفي دينه من المشتري.
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ المُسْلِمِينَ» زَادَ أَحْمَدُ: إِلاَّ صُلْحاً أَحَلَّ حَرَاماً أَوْ حَرَّمَ حَلاَلاً، وَزَادَ سُلَيْمَانُ ابْنُ دَاوُدَ، وَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ».
أخرجه أبو داود.

.3- البيوع المحرمة بسبب الضرر والخداع:

.1- بيع النجش:

وهو أن يزيد الإنسان في ثمن السلعة وهو لا يريد شراءها، بل ليوقع غيره فيها، أو يمدح المبيع بما ليس فيه ليروِّجه.
ويقع ذلك غالباً بمواطأة مع البائع فيشتركان في الإثم، ويقع ذلك أحياناً بغير علم البائع فيأثم الناجش وحده.
وبيع النجش باطل وحرام؛ لما فيه من خديعة المسلم، وأكل المال بالباطل.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ النَّجْشِ. متفق عليه.

.2- بيع الرجل على بيع أخيه:

وهو أن يقول الإنسان لمن اشترى سلعة في مدة الخيار: افسخ هذا البيع، وأنا أبيعك مثله أو أجود منه بأرخص من ثمنه.
أو يقول للبائع في مدة الخيار: افسخ هذا البيع، وأنا أشتريه منك بأكثر من هذا الثمن، أو يسوم بأكثر بعد استقرار البيع.
وهذا البيع والشراء باطل وحرام؛ لما فيه من الضرر والإفساد على المسلم، ولما يسببه من التدابر والتحاسد.
1- عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَبِعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أخِيهِ، وَلا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أخِيهِ، إِلا أنْ يَأْذَنَ لَهُ». متفق عليه.
2- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَسُمِ المُسْلِمُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ». متفق عليه.

.3- بيع الصفقة:

هو البيع المشتمل على حلال وحرام، أو معلوم ومجهول، أو مملوك وغير مملوك، أو صحيح وفاسد، أو طيب وخبيث.
وهذا البيع باطل ومحرم؛ لما فيه من الضرر والخداع، وأكل أموال الناس بالباطل.

.4- بيع الاحتكار:

وهو أن يشتري ما يحتاجه الناس كالطعام في وقت الغلاء للتجارة، ولا يبيعه في الحال، بل يدخره ليغلو ثمنه أكثر ثم يبيعه، فهذا الاحتكار محرم؛ دفعاً للضرر عن الناس.
عَنْ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَحْتَكِرُ إلاّ خَاطِىءٌ». أخرجه مسلم.

.5- بيع تَلَقِّي الجَلَب أو الركبان أو السلع:

وهو أن يقوم بعض الناس بالخروج لتَلَقِّي السلع قبل ورودها إلى السوق، وقبل أن يعرف أصحابها الأسعار، فيخبروهم أن السعر ساقط، والسوق كاسدة، فيخدعونهم ويشترون بضاعتهم بأقل مما تستحق.
وهذا البيع باطل ومحرم؛ لما فيه من الضرر والخداع لأصحاب السلع.
عَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلا تَلَقَّوُا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِهَا إِلَى السُّوقِ». متفق عليه.

.6- بيع الحاضر للباد:

هو أن يخرج السمسار-وهو متولي البيع والشراء لغيره- إلى جالب السلعة، ويقول له: ضعه عندي لأبيعه لك على التدريج بأغلى من هذا السعر، فيضر بالناس، ويستغل حاجتهم.
وهذا البيع محرم وباطل؛ للنهي عنه، والنهي يقتضي الفساد، ولما فيه من الإضرار بالمسلمين.
1- عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقِ اللهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ». أخرجه مسلم.
2- وعَنْ طَاوس عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ». قالَ: فَقُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ: «لا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ». قال: لا يَكُونُ لَهُ سِمْسَاراً. متفق عليه.

.7- بيع فضل الماء:

وهو أن يكون للإنسان بئر في الفلاة، وفيها ماء فاضل عن حاجته، فيمنعه من احتاج إليه من الناس والمواشي إلا بعوض، ولا يكون هناك سوى هذه البئر، أو يمنع الناس من ماء العين أو النهر من الشرب إلا بعوض.
فهذا البيع محرم؛ لما فيه من الضرر على الناس والمواشي.
1- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «ثَلاثَةٌ لا يَنْظُرُ اللهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ: رَجُلٌ كَانَ لَهُ فَضْلُ مَاءٍ بِالطَّرِيقِ فَمَنَعَهُ مِنِ ابْنِ السَّبِيلِ، وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَاماً لا يُبَايِعُهُ إِلا لِدُنْيَا، فَإِنْ أعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ، وَرَجُلٌ أقَامَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ العَصْرِ فَقال: وَالله الَّذِي لا إِلَهَ غَيْرُهُ، لَقَدْ أعْطَيْتُ بِهَا كَذَا وَكَذَا، فَصَدَّقَهُ رَجُلٌ». ثُمَّ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا}. متفق عليه.

.8- بيع الغش والمكر والكذب:

وهذا النوع يكون بالقول والفعل، وله صور كثيرة:
1- إخفاء العيب عن الناس:
بوضع الجيد في الأعلى والرديء في الأسفل، وطلاء الأثاث والآلات القديمة لتظهر أنها حديثة، وتغيير عدّاد السيارة ليظهر أنها قليلة الاستعمال، وبيع المصراة بحبس لبنها في ضرعها ليوهم المشتري أنها غزيرة اللبن ونحو ذلك.
وكل هذا البيع باطل ومحرم؛ لأنه غش وخداع وإضرار بالناس.
1- عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ، فَأدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أصَابِعُهُ بَلَلا، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟» قال: أصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ الله! قال: «أفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ؟ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي». أخرجه مسلم.
2- وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لا تَلَقَّوُا الرُّكْبَانَ، وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَلا تَنَاجَشُوا، وَلا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلا تُصَرُّوا الغَنَمَ، وَمَنِ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أنْ يَحْتَلِبَهَا: إِنْ رَضِيَهَا أمْسَكَهَا، وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ». متفق عليه.
2- كتمان الحقيقة والكذب:
كأن يمدح السلعة بما ليس فيها، ويكتم البائع ما فيها من عيب، كتصدع في جدران المنزل، وكسر في محرك الآلة، ومرض في الدابة المباعة ونحو ذلك.
وكل ذلك محرم؛ لما فيه من الغش والكذب.
أو يمدح السلعة بما ليس فيها ليغري الناس بشرائها، كأن يقول: هذه السيارة أو الدار تساوي أكثر، أو لا مثيل لهذه البضاعة في السوق، أو دُفِع لي بها أكثر فلم أقبل ونحو ذلك من المغريات الكاذبة.
وكل ذلك محرم؛ لما فيه من الكذب والغش وأكل أموال الناس بالباطل.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء:29].

.9- بيع الإكراه والاضطرار:

كأن يهدده شخص بقتله، أو قطع أحد أعضائه، أو ضربه إذا لم يفعل ما يطلبه منه، أو يضطر إلى البيع لتهريب أمواله من وجه ظالم يريد أخذها، أو يكتب عقداً ويتظاهر بالبيع كذباً من غير نية.
فهذا البيع كله باطل لا يصح؛ لوجود الإكراه، وفقد التراضي والكذب، وهو محرم.
أما الإكراه بحق فجائز كما لو أكرهه الحاكم على بيع ماله لوفاء دينه.
قال الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [188]} [البقرة:188].

.4- البيوع المحرمة لذاتها:

.1- بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام.

1- قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ} [المائدة:3].
2- وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [90]} [المائدة:90].
3- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عَامَ الفَتْحِ، وَهُوَ بِمَكَّةَ: «إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ وَالمَيْتَةِ وَالخِنْزِيرِ وَالأصْنَامِ». فَقِيلَ: يَا رَسُولَ الله، أرَأيْتَ شُحُومَ المَيْتَةِ، فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ، وَيُدْهَنُ بِهَا الجُلُودُ، وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقال: «لا هُوَ حَرَامٌ». ثُمَّ قال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ: «قَاتَلَ اللهُ اليَهُودَ إِنَّ اللهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ، ثُمَّ بَاعُوهُ، فَأكَلُوا ثَمَنَهُ». متفق عليه.

.2- بيع الدم والسِّنَّوْر والكلب:

1- عَنْ أبِي جُحَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: رَأيْتُ أبِي اشْتَرَى حَجَّاماً فَأمَرَ بِمَحَاجِمِهِ فَكُسِرَتْ، فَسَألْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، قال إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الدَّمِ وَثَمَنِ الكَلْبِ، وَكَسْبِ الأمَةِ، وَلَعَنَ الوَاشِمَةَ وَالمُسْتَوْشِمَةَ، وَآكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ، وَلَعَنَ المُصَوِّرَ. أخرجه البخاري.
2- وَعَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: سَأَلْتُ جَابِراً عَنْ ثَمَنِ الكَلْبِ وَالسِّنَّوْرِ؟ قَالَ زَجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ. أخرجه مسلم.

.حكم اقتناء الكلاب:

يحرم اتخاذ الكلاب واقتناؤها إلا كلب صيد أو ماشية أو زرع.
1- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنِ اتَّخَذَ كَلْباً إِلا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ صَيْدٍ، أَوْ زَرْعٍ انْتَقَصَ مِنْ أَجْرِهِ، كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ». متفق عليه.
2- وَعَنْ ابنِ عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا أَهْلِ دَارٍ اتَّخَذُوا كَلْباً إِلا كَلْبَ مَاشِيَةٍ، أَوْ كَلْبَ صَائِدٍ، نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِمْ، كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ». متفق عليه.

.3- بيع الصور:

يحرم تصوير كل ذي روح، ويحرم بيع تلك الصور، وشراؤها واقتناؤها، واهداؤها، وإعارتها؛ لما فيها من مضاهاة خلق الله، وحصول الفتن، ومنع دخول الملائكة، ونشر الفساد، سواءكانت في ثوب، أو بساط، أو إناء، أو درهم أو غير ذلك، وسواء كان لها ظل أو لا ظل لها.
1- عَنْ عَبْدِالله بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إِنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَذَاباً عِنْدَ الله يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ». متفق عليه.
2- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالتْ: حَشَوْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وِسَادَةً فِيهَا تَمَاثِيلُ، كَأنَّهَا نُمْرُقَةٌ، فَجَاءَ فَقَامَ بَيْنَ البَابَيْنِ، وَجَعَلَ يَتَغَيَّرُ وَجْهُهُ، فَقُلْتُ: مَا لَنَا يَا رَسُولَ الله، قال: «مَا بَالُ هَذِهِ الوِسَادَةِ». قالتْ: وِسَادَةٌ جَعَلْتُهَا لَكَ لِتَضْطَجِعَ عَلَيْهَا، قال: «أمَا عَلِمْتِ أنَّ المَلائِكَةَ لا تَدْخُلُ بَيْتاً فِيهِ صُورَةٌ، وَأنَّ مَنْ صَنَعَ الصُّورَةَ يُعَذَّبُ يَوْمَ القِيَامَةِ، يَقُولُ: أحْيُوا مَا خَلَقْتُمْ». متفق عليه.
3- وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ أبِي الحَسَنِ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبّاسٍ، فَقَالَ: إِنّي رَجُلٌ أُصَوّرُ هََذِهِ الصّوَرَ، فَأَفْتِنِي فِيهَا، فَقَالَ لَهُ: ادْنُ مِنّي، فَدَنَا مِنْهُ، ثُمّ قَالَ: ادْنُ مِنّي، فَدَنَا حَتّىَ وَضَعَ يَدَهُ عَلَىَ رَأْسِهِ، قَالَ: أُنَبّئُكَ بِمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «كُلّ مُصَوّرٍ فِي النّارِ، يَجْعَلُ لَهُ بِكُلّ صُورَةٍ صَوّرَهَا نَفْساً فَتُعَذّبُهُ فِي جَهَنّمَ». متفق عليه.

.4- بيع آلات اللهو والعزف والطرب:

يحرم استعمال آلات اللهو والمعازف والطرب، ويحرم بيعها وشراؤها ولا يصح؛ لما فيها من الضرر على الأمة، وإفساد أحوالهم، والغفلة عن الله وشرعه، والصد عن سبيل الله، فإذا صاحَبَها الغناء كانت حرمتها أشد، وعقوبتها أعظم.
1- قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ [6] وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [7]} [لقمان:6- 7].
2- وَعَنْ أبِي مَالِكٍ الأشْعَرِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أقْوَامٌ، يَسْتَحِلُّونَ الحِرَ وَالحَرِيرَ، وَالخَمْرَ وَالمَعَازِفَ، وَلَيَنْزِلَنَّ أقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ، يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ، يَأْتِيهِمْ-يَعْنِي الفَقِيرَ- لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ: ارْجِعْ إِلَيْنَا غَداً، فَيُبَيِّتُهُمُ اللهُ، وَيَضَعُ العَلَمَ، وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ». أخرجه البخاري معلقاً ووصله أبو داود.

.5- بيع الدخان والمخدرات:

الدخان والمخدرات كلها محرمة بجميع أنواعها، والتجارة فيها محرمة، وزراعتها، واستعمالها، وتصنيعها، كل ذلك محرم؛ لما فيها من الخبث، والأضرار الكثيرة، وإضاعة الأموال والأوقات، وتعطيل الأعمال، وإفساد الأبدان، والله عز وجل إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه.
فعلى من وقع في شيء من ذلك التوبة إلى الله، وحفظ أمواله وأوقاته فيما يعود عليه بالنفع في الدين والدنيا.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «قَاتَلَ اللهُ يَهُودَ، حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَبَاعُوهَا وَأكَلُوا أثْمَانَهَا». متفق عليه.

.حكم المحرم لذاته:

يحرم البيع والشراء والانتفاع بالمحرم لذاته كالخمر والخنزير ونحوهما، ويجوز الانتفاع بالمحرم للحاجة كلبس الحرير لمن به حكة، أو لضرورة كشرب الخمر لدفع الغصة، وأكل الميتة للمضطر.
قال الله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [3]} [المائدة:3].

.5- البيوع المحرمة لغيرها:

.1- البيع عند أذان الجمعة الثاني:

يحرم على من تلزمه الجمعة البيع والشراء عند أذان الجمعة الثاني؛ لما في ذلك من التشاغل عن الخطبة والصلاة.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [9] فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [10]} [الجمعة:9- 10].