فصل: ما صارت إليه القاهرة بعد استيلاء الدولة الأيوبية عليها

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الخِطط المقريزية المسمى بـ «المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار» **


 ما صارت إليه القاهرة بعد استيلاء الدولة الأيوبية عليها

قد تقدم أن القاهرة إنما وضعت منزل سكنى للخليفة وحرمه وجنده وخواصه ومعقل قتال يتحصن بها ويلتجأ إليها وإنها ما برحت هكذا حتى كانت السنة العظمى في خلافة المستنصر ثم قدم أمير الجيوش بدر الجمالي وسكن القاهرة وهي يباب دائرة خاوية على عروشها غير عامرة فأباح للناس من العسكرية والملحية والأرمن وكل من وصلت قدرته إلى عمارة بأن يعمر ما شاء في القاهرة مما خلا من فسطاط مصر ومات أهله فأخذ الناس ما كان هناك من أنقاض الدور وغيرها وعمروا به المنازل في القاهرة وسكنوها فمن حينئذ سكنها أصحاب السلطان إلى أن انقرضت الدولة الفاطمية باستيلاء السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شادي في سنة سبع وستين وخمسمائة‏.‏

فنقلها عما كانت عليه من الصيانة وجعلها مبتذلة لسكن العامة والجمهور وحط من مقدار قصور الخلافة وأسكن في بعضها وتهدم البعض وأزيلت معالمه وتغيرت معاهده فصارت خططًا وحارات وشوارع ومسارك وأزقة ونزل السلطان منها في دار الوزارة الكبرى حتى بنيت قلعة الجبل فكان السلطان صلاح الدين يتردد إليها ويقيم بها وكذلك ابنه الملك العزيز عثمان وأخوه الملك العادل أبو بكر فلما كان الملك الكامل ناصر الدين محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب تحول من دار الوزارة إلى القلعة وسكنها ونقل سوق الخيل والجمال والحمير إلى الرميلة تحت القلعة وسكنها ونقل سوق الخيل والجمال والحمير إلى الرميلة تحت القلعة فلما خرب المشرق والعراق بهجوم عساكر التتر منذ كان جنكيزخان في أعوام بضع عشرة وستمائة إلى أن قتل الخليفة المستعصم ببغداد في صفر سنة ست وخمسين وستمائة كثر قدوم المشارقة إلى مصر وعمرت حافتي الخليج الكبير وما دار على بركة الفيل وعظمت عمارة الحسينية فلما كانت سلطنة الملك الناصر محمد بن قلاوون الثالثة بعد سنة إحدى عشرة وسبعمائة واستجد بقلعة الجبل المباني الكثيرة من القصور وغيرها حدثت فيما بين القلعة وقبة النصر عدة ترب بعدما كان ذلك المكان فضاء يعرف‏:‏ بالميدان الأسود وميدان القبق وتزايدت العمائر بالحسينية حتى صارت من الريدانية إلى باب الفتوح وعمر جميع ما حول بركة الفيل والصليبة إلى جامع ابن طولون وما جاوره إلى المشهد النفيسي وحكر الناس أرض الزهري وما قرب منها وهو من قناطر السباع إلى منشأة المهراني ومن قناطر السباع إلى البركة الناصرية إلى اللوق إلى المقس فلما حفر الملك الناصر محمد بن قلاون الخليج الناصري اتسعت الخطة فيما بين المقس والدكة إلى ساحل النيل وأنشأ الناس فيها البساتين العظيمة والمساكن الكثيرة والأسواق والجامع والمساجد والحمامات الشون وهي من المواضع التي من باب البحر خارج المقس إلى ساحل النيل المسمى ببولاق ومن بولاق إلى منية الشيرج ومنه في القبلة إلى منشأة المهراني وعمر ما خرج عن باب زويلة يمنة ويسرة من قنطرة الخرق إلى الخليج ومن باب زويلة إلى المشهد النفيسي وعمرت القرافة من باب القرافة إلى بركة الحبش طولًا ومن القرافة الكبرى إلى الجبل عرضًا حتى أنه استجد في أيام الناصر بن قلاون بضع وستون حكرًا ولم يبق مكان يحكر واتصلت عمائر مصر والقاهرة فصارا بلدًا واحدًا يشتمل على البساتين والمناظر والقصور والدور والرباع والقياسر والأسواق والفنادق والخانات والحمامات والشوارع والأزقة والدروب والخطط والحارات والأحكار والمساجد والجوامع والزوايا والربط والمشاهد والمدارس والترب والحوانيت والمطابخ والشون والبرك والخلجان والجزائر والرياض والمنتزهات متصلًا جميع ذلك بعضه ببعض من مسجد تبر إلى بساتين الوزير قبلي بركة الحبش ومن شاطئ النيل بالجيزة إلى الجبل المقطم وما زالت هذه الأماكن في كثرة العمارة وزيادة العدد تضيق بأهلها لكثرتها وتختال عجبًا بهم لما بالغوا في تحسينها وتأنقوا في جودتها وتنميقها إلى أن حدث الفناء الكبير في سنة تسع وأربعين وسبعمائة فخلا كثير من هذه المواضع وبقي كثير أدركناه فلما كانت الحوادث من سنة ست وثمانمائة وقصر جري النيل في مده وخربت البلاد الشامية بدخول الطاغية تيمورلنك وتحريقها وقتل أهلها وارتفاع أسعار الديار المصرية وكثرة الغلاء فيها وطول مدته وتلاف النقود المتعامل بها وفسادها وكثرة الحروب والفتن بين أهل الدولة وخراب الصعيد وجلاء أهله عنه وتداعى أسفل أرض مصر من البلاد الشرقية والغربية إلى الخراب واتضاع أمور ملوك مصر وسوء حال الرعية واستيلاء الفقر والحاجة والمسكنة على الناس وكثرة تنوع المظالم الحادثة من أرباب الدولة بمصادرة الجمهور وتتبع أرباب الأموال واحتجاب ما بأيديهم من المال بالقوة والقهر والغلبة وطرح البضائع مما يتجر فيه السلطان وأصحابه على التجار والباعة بأغلى الأثمان إلى غير ذلك مما لا يتسع لأحد ضبطه ولا تسع الأوراق حكايته كثر الخراب بالأماكن التي تقدم ذكرها وعم سائرها وصارت كيمانًا وخرائب موحشة مقفرة يأويها البوم والرخم أو مستهدمة واقعة أو آيلة إلى السقوط والدثور سنة الله التي قد خلت في عباده ولن تجد لسنة الله تبديلًا‏.‏

طرف مما قيل في القاهرة ومنتزهاتها قال أبو الحسن عليّ بن رضوان الطيب‏:‏ ويلي الفسطاط في العظم وكثرة الناس القاهرة وهي في شمال الفسطاط وفي شرقيها أيضًا الجبل المقطم يعوق عنها ريح الصبا والنيل منها أبعد قليلًا وجميعها مكشوفًا للهواء وإن كان عملًا فوق ربما عاق عن بعض ذلك وليس ارتفاع الأبنية بها كارتفاع الفسطاط لكن دونها كثيرًا وأزقتها وشوارعها بالقياس إلى أزقة الفسطاط وشوارعها أنظف وأقل وسخًا وأبعد عن العفن وأكثر شرب أهلها من مياه الآبار إذا هبت ريح الجنوب أخذت من بخار الفسطاط على القاهرة شيئًا كثيرًا وقرب مياه آبار القاهرة من وجه الأرض مع سخافتها موجب ضرورة ان تكون يصل إليها بالرشح من عفونة الكتف شيئًا ما وبين القاهرة والفسطاط بطائح تمتلئ من رشح الأرض في أيام فيض النيل ويصيب فيها بعض خرارات القاهرة ومياه البطائح هذه رديئة وسخة أرضها وما يصيب فيها من العفونة يقتضي أن يكون البخار المرتفع منها على القاهرة والفسطاط زائدًا في رداءة الهواء بهما ويطرح في جنوب القاهرة قذر كثير نحو حارة الباطلية وكذلك يطرح في وسط حارة العبيد إلا أنه إذا تأملنا حال القاهرة كانت بالإضافة إلى الفسطاط أعدل وأجود هواء واصلح حالًا لأن أكثر عفوناتهم ترمى خارج المدينة والبخار ينحل منها أكثر وكثير أيضًا من أهل القاهرة يشرب من ماء النيل وخاصة في أيام دخوله الخليج وهذا الماء يستقى بعد مروره بالفسطاط واختلاطه بعفوناتها‏.‏

قال‏:‏ وقد اقتصر أمر الفسطاط والجيزة والجزيرة فظاهر أن أصح أجزاء المدينة الكبرى‏:‏ القرافة ثم القاهرة والشرف وعمل فوق مع الحمراء والجيزة وشمال القاهرة أصح من جميع هذه لبعده من بخار القسطاط وقربه من الشمال وأرقى موضع في المدينة الكبرى هو ما كان من الفسطاط حول الجامع العتيق إلى ما يلي النيل والسواحل وإلى جانب القاهرة من الشمال الخندق وهو في غور فهو يتغير أبدًا لهذا السبب فأما المقس فمجاورته للنيل تجعله أرطب‏.‏

وقال ابن سعيد في كتاب المعرب في حلي المغرب عن البيهقي‏:‏ وأما مدينة القاهرة فهي الحالية الباهرة التي تفنن فيها الفاطموين وأبدعوا في بنائها واتخذوا وطنًا لخلافتهم ومركزًا لأرجائها فنسي الفسطاط وزهد فيه بعد الاغتباط‏.‏

قال‏:‏ وسميت القاهرة لأنها تقهر من شذ عنها ورام مخالفة أميرها وقدروا أن منها يملكون الأرض ويستولون على قهر الأمم وكانوا يظهرون ذلك ويتحدثون به‏.‏

قال ابن سعيد‏:‏ هذه المدينة اسمها أعظم منها وكان ينبغي أن تكون في ترتيبها ومبانيها على خلاف ما عاينته لأنها مدينة بناها المعز اعظم خلفاء العبيديين وكان سلطانه قد عم جميع طول المغرب من أول الديار المصرية إلى البحر المحيط وخطب له في البحرين من جزيرة عند القرامطة وفي مكة والمدينة وبلاد اليمن وما جاورها وقد علت كلمته وسارت مسير الشمس في كل بلدة وهبت الريح في البئر والبحر لاسيما وقد عاين مباني أبيه المنصور في مدينة المنصورية التي إلى جانب القيروان وعاين المهدية مدينة جده عبيد الله المهدي لكن الهمة السلطانية ظاهرة على قصور الخلفاء بالقاهرة وهي ناطقة إلى الآن بألسن الآثار ولله در القائل‏:‏ هم الملوك إذا أرادوا ذكرها من بعدهم فبألسن البنيان إن البناء إذا تعاظم شأنه أضحى يدل على عظيم الشأن واهتم من بعد الخلفاء المصريون بالزيادة في تلك القصور وقد عاينت فيها إيوانًا يقولون‏:‏ إنه بني على قدر إيوان كسرى الذي بالمدائن وكان يجلس فيه خلفاؤهم ولهم على الخليج الذي بين القسطاط والقاهرة مبانٍِ عظيمة جليلة الآثار وأبصرت في قصورهم حيطانًا عليها طاقات عديد من الكلس والجبس ذكر لي أنهم كانوا يجددون تبيضها في كل سنة والمكان المعروف في القاهرة بين القصرين هو من الترتيب السلطاني لأن هناك ساحة متسعة للعسكر والمتفرجين ما بين القصرين ولو كانت القاهرة عظيمة القدر كاملة الهمة السلطانية ولكن ذلك أمد قليل ثم تسير منه إلى أمد ضيق وتمر في ممر كدر حرج بين الدكاكين إذا ازدحمت فيه الخيل مع الرجالة كان ذلك ما تضيق منه الصدور وتسخن منه العيون ولقد عاينت يومًا وزير الدولة وبين يديه أمراء الدولة وهو في موكب جليل ولقد لقي في طريقه عجلة بقر تحمل حجارة وقد سدت جميع الطرق بين يدي الدكاكين ووقف الوزير وعظم الازدحام وكان في موضع طباخين والدخان في وجه الوزير وعلى ثيابه وقد كان يهلك المشاة وكدت أهلك في جملتهم‏.‏

وأكثر دروب القاهرة ضيقة مظلمة كثيرة التراب والأزبال والمباني عليها من قصب وطين مرتفعة قد ضيقت مسلك الهواء والضوء بينهما ولم أر في جميع بلاد المغرب أسوأ حالًا منها في ذلك ولقد كنت إذا مشيت فيها يضيق صدري ويدركني وحشة عظيمة حتى أخرج إلى بين القصرين‏.‏

ومن عيوب القاهرة‏:‏ أنها في ارض النيل الأعظم ويموت الإنسان فيها عطشًا لبعدها عن مجرى النيل لئلا يصادرها ويأكل ديارها واحتاج الإنسان إلى فرجة في نيلها مشى في مسافة بعيدة بظاهرها بين المباني التي خارج السور إلى موضع يعرف‏:‏ بالمقس وجوهًا لا يبرح كدرًا بما تثيره الأرجل من التراب الأسود وقد قلت فيها حين اكثر علي رفاقي من الحض على العود فيها‏:‏ يقولون سافر إلى القاهرة وما لي بها راحة ظاهره زحام وضيق وكرب وما تثير بها الأرجل السائره وعندما يقبل المسافر عليها يرى سورًا أسود كدرًا وجوًا مغبرًا فتنقبض نفسه ويفر أنسه وأحسن موضع في ظواهرها للفرجة أرض البطالة لا سيما أرض القرط والكتان فقلت‏:‏ سقى الله أرضًا كلما زرت أرضها كساها وحلاها بزينته القرط تجلت عروسًا والمياه عقودها وفي كل قطر من جوانبها قرط وفيها خليج لا يزال يضعف بين حضرتها حتى يصير كما قال الرصافي‏:‏ ما زالت الأنحال تأخذه حتى غدا كذؤابة النجم وقلت في نوار الكتان على جانبي هذا الخليج‏:‏ أنظر إلى النهر والكتان يرمقه من جانبيه بأجفان لها حدق رأته سيفًا عليه للصبا شطب فقابلته بأحداق بها أرق وأصبحت في يد الأرواح تنسجها حتى غدت حلقًا من فوقها حلق وأعجبني في ظاهرها بركة الفيل لأنها دائرة كالبدر والمناظرة فوقها كالنجوم وعادة السلطان أن يركب فيها بالليل وتسرج أصحاب المناظر على قدر همتهم وقدرتهم فيكون بذلك لها منظر عجيب وفيها أقول‏:‏ انظر إلى بركة الفيل التي اكتنفت بها المناظر كالأهداب للبصر كأنما هي والأبصار ترمقها كواكب قد أداروها على القمر ونظرت إليها وقد قابلتها الشمس بالغدو فقلت‏:‏ انظر إلى بركة الفيل التي نحرت لها الغزالة نحرًا من مطالعها وخل طرفك مجنونًا ببهجتها تهيم وجدًا وحبًا في بدائعها والفسطاط أكثر أرزاقًا وأرخص أسعارًا من القاهرة لقرب النيل من الفسطاط فالمراكب التي تصل بالخيرات تحط هناك ويباع ما يصل فيها بالقرب منها وليس يتفق ذلك في ساحل القاهرة لأنه بعيد عن المدينة والقاهرة هي أكثر عمارة واحترامًا وحشمة من الفسطاط لأنها أجل مدارس وأضخم خانات وأعظم دثارًا لسكنى الأمراء فيها لأنها المخصوصة بالسلطنة لقرب قلعة الجبل منها فأمور السلطنة كلها فيها أيسر وأكثر وبها الطراز وسائر الأشياء التي تتزين بها الرجال والنساء إلا أن في هذا الوقت لملا اعتنى السلطان الآن ببناء قلعة الجزيرة التي أمام الفسطاط وصيرها سرير السلطنة عظمت عمارة الفسطاط وانتقل إليها كثير من الأمراء وضخمت أسواقها وبنى فيها للسلطان أمام الجسر الذي للجزيرة قيسارية عظيمة تنقل إليها من القاهرة سوق الأجناد التي يباع فيها الفراء والجوخ وما أشبه ذلك‏.‏

ومعاملة القاهرة والفسطاط بالدراهم المعروفة بالسواداء كل درهم منها ثلث من الدرهم الناصري وفي المعاملة بها شدة وخسارة في البيع والشراء ومخاصمة مع الفريقين وكان بها في القديم الفلوس فقطعها الملك الكامل فبقيت إلى الآن مقطوعة منها وهي في الإقليم الثالث وهواءها رديء لا سيما إذا هب المريسي من جهة القبلة وأيضًا رمد العين فيها كثير والمعايش فيها متعذرة نزرة لا سيما أصناف الفضلاء وجوامك المدارس قليلة كدرة وأكثر ما يتعيش بها اليهود والنصارى في كتابة الخراج والطب والنصارى بها يمتازون بالزنار في أوساطهم واليهود بعلامة صفراء في عمائمهم ويركبون البغال ويلبسون الملابس الجليلة ومآكل أهل القاهرة الدميس والصير والصحناة والبطارخ ولا تصنع النيدة وهي حلاوة القمح إلا بها وبغيرها من الديار المصرية وفيها جوار طباخات أصل تعليمهن من قصور الخلفاء الفاطميين لهن في الطبخ صناعة عجيبة ورياسة متقدمة ومطابخ السكر والمطابخ التي يصنع فيها الورق المنصوري مخصوصة بالفسطاط دون القاهرة ويصنع فيها من الأنطاع المستحسنة ما يسفر إلى الشام وغيرها ولها من الشروب الدمياطية وأنواعها ما اختصت به وفيها صناع للقسي كثيرون متقدمون ولكن قسي دمشق بها يضرب المثل وإليها النهاية ويسفر من القاهرة إلى الشام ما يكون من أنواع الكمرانات وخرائط الجلد والسيور وما أشبه ذلك وهي الآن عظيمة آهلة يجبى إليها من الشرق والغرب والجنوب والشمال ولا ترسيمًا وعذابًا ولا يطلب برفيق له إذ مات فيقال له‏:‏ ترك عندك مالًا فربما سجن في شأنه أو ضرب وعصر والفقير المجرد فيها مستريح من جهة رخص الخبز وكثرته ووجود السماعات والفرج في ظواهرها ودواخلها وقلة الاعتراض عليه فيما تذهب إليه نفسه يحكم فيها كيف شاء من رقص في السوق أو تجريد أو سكر من حشيشة أو غيرها أو صحبة المردان وما أشبه ذلك بخلاف غيرها من بلاد المغرب وسائر الفقراء لا يعترضون بالقبض للأسطول إلا المغاربة فذلك وقف عليهم لمعرفتهم بمعاناة البحر فقد عم ذلك من يعرف من معاناة البحر منهم ومن لا يعرف وهم في القدوم عليها بين حالين إن كان المغربي غنيًا طولب بالزكاة وضيقت عليه أنفاسه حتى يفر منها وإن كان مجردًا فقيرًا حمل إلى السجل حتى يجيء وقت الأسطول وفي القاهرة أزاهير كثيرة غير منقطعة الاتصال وهذا الشأن في الديار المصرية تفضل به كثيرًا من البلاد وفي اجتماع النرجس والورد فيها أقول‏:‏ أما ترى الورد غدًا قاعدًا وقام في خدمته النرجس وأكثر ما فيها من الثمرات والفواكه‏:‏ الرمان والموز والتفاح وأما الإجاص فقليل غال وكذلك الخوخ وفيها الورد والنرجس والنسرين واللينوفر والبنفسج والياسمين والليمون الأخضر والأصفر وأما العنب والتين فقيل غال ولكثرة ما يعصرون العنب في أرياف النيل لا يصل منه إلا القليل ومع هذا فشراؤه عندهم في نهاية الغلاء وعامتها يشربون المزر الأبيض المتخذ من القمح حتى أن القمح يطلع عندهم سعره بسببه فينادي المنادي من قبل الوالي بقطعه وكسر أوانيه ولا ينكر فيها إظهار أواني الخمر ولا آلات الطرب ذوات الأوتار ولا تبرج النساء العواهر ولا غير ذلك مما ينكر في غيرها من بلاد المغرب وقد دخلت في الخليج الذي بين القاهرة ومصر ومعظم عمارته فيما يلي القاهرة فرأيت فيه من ذلك العجائب وربما وقع فيه قتل بسبب السكر فيمنع فيه الشرب وذلك في بعض الأحيان وهو ضيق عليه في الجهتين مناظر كثيرة العمارة بعالم الطرب والتهكم والمخالفة حتى إن المحتشمين والرؤساء لا يجيزون العبور به في مركب وللسرج في جانبيه الليل منظر فتان وكثيرًا ما يتفرج فيه أهل الستر بالليل وفي ذلك أقول‏:‏ لا تركبن في خلج مصر إلا إذا أسدل الظلام فقد علمت الذي عليه من عالم كلهم طغام يا سيدي لا تسر إليه إلا إذا هوم النيام والليل ستر على التصابي عليه من فضله لثام والسرج قد بددت عليه منها دنانير لا ترام وهو قد امتد والمباني عليه في خدمة قيام لله كم دوحًا جنينا هناك أثمارها الآثام انتهى‏.‏

وفيه تحامل كثير‏.‏

وقال زكي الدين الحسين من رسالة كتبها من مصر في شهر رجب سنة اثنتين وستين وسبعمائة إلى أخيه وهو بدمشق يتشوق إليها ويذكر ما فيها من المواضع والمنتزهات ويذم من مصر بقوله‏:‏ فكيف يبقى لمن حل في جنة النعيم ورياضها ويرتع في ميادين المسرات وغياضها تلفت إلى من سلمته يد الأقدار إلى أرض ليست بذات قرار وبدلوا بجنتهم ذات البان المتفاوح والورق المتصادح والنشر المتقادح والماء المطلق المسلسل والنسيم الصحيح العليل جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل وتقصدتهم يد القضاء فأخذتهم بالبأساء والضراء وأوقعتهم بمصر وشموسها وحميمها وغمومها وحزونها ووعورها وحرورها وزفيرها وسعيرها وكيمانها ونيرانها وسودانها وفلاحيها وملاحيها ومشاربها ومساربها ومسالكها ومهالكها وصحناتها وعصفورها وبوريها وصقورها ومخاوف نوروها وحرارة تموزها ودارس طلولها ورائس أسطولها وتعكر مائها وتكدر هوائها فلو تراهم في أرجائها القصوى كالأباعر الهمل وهم يصطخرون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحًا غير الذي كنا نعمل‏.‏

فأجابه من دمشق بكتاب من جملته على لسان دمشق كأنها تخاطبه‏:‏ ويا أيها الولد العزيز كيف سمحت فطرتك السليمة ومروءتك الكريمة وسيرتك المستقيمة وصبرك المحافظ ودينك المراقب الملاحظ بذم من جنيت نعمها وسكنت حرمها وقلت مصر وشموسها وسقت عليها القول من كل جانب واستعرت لها التكدير حتى في المشارب والمسارب وهلا ذكرتها وقد باكرها نيل نيل النعيم بمغيثة بليل النسيم بكأس من تسنيمه وطما البحر عليها زاخرًا فأغناها عن بكاء السحاب وتجهميه وعم معظم أرضها وعب عبابه في طولها وعرضها حتى كاد يعلو رفيع قصورها ويتسور بسورته شامخ سورها ومع ذا لا تراه جسورًا على ضعاف جسورها وقد طبق التهائم والأنجاد وغرق الآكام والوهاد وعلا أعلى الصعيد والصعاد وأعاد البر سلطانه بحرًا بالازدياد فإذا ارتوى أوام أكباد البلاد وروى السهل والوعر والهضاب والوهاد وذهب إملاق الأرض بكل ملقة وخليج وانجاب عنها فاهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج بدت روضة نضرة بأملاق مقطعة كزمردة أخضر بلآل مرصعة فكم من غدير مستدير كبدر منير ودقيق مستطيل كسيف صقيل وكم من قليب قلاب بماء كجلاب وكم من عظيم بركة حركها النسيم بلطفه وطيبها عبير عنبرها فضمخها بكفه وزهت بزهو نيلوفرها فعرفها بعرفه وكم ترى من ملقة لبقة عليها عيون النرجس محدقة كصحن خد عروس منمقة والنوار قد دارت بمدام الندى كؤوسه وجالت في مراح الأفراح نفوسه ونجم نجمه وابتسم عروسه وسامره الرذاذ المنهل وباكره الطل فكلله بلؤلؤه وقلده وزاره النسيم المعتل فأقامه وأقعده ونمق أرضه وروضه فذهبه وفضضه قد تاهت برياضها الغناء وزهت بزخرفها وزينتها الحسناء وامتد بساطها الزمردي وانبسط مدادها الزبرجدي فلا يدرك أقصاه ناظر مسافر ولا يحيط بمنتهاه خيال ولا خاطر فلله درها من روضة مرن وكعبة حسن ومقطعات بماء غير آسن وحرم بحر لحجاج طيره آمن آتاها حجيج الطير من كل فج عميق ملبيًا داعي حسنها من كل مكان سحيق قد امتطى ركبها متون الرياح وعلا جثمانها عالم الأرواح ووصلن الإدلاج بالصباح وقطعن أجناح الليل بخفاق الجناح كأنهن الدراري السواري أو المنشآت الجواري أو المطايا المهاري‏:‏ تواصل من جو حوائض نيله صعود على حكم الطريق نزول رفاق تعاهدن على الوفاء وتحالفن على النعماء والبلاء خرجن مهاجرات من الأوطان ألوفًا وقدمن صافات كالمصلين صفوفًا يقدمهن دليل كأنه إمام قد قتل طرق الآفاق خبرًا واستوى لديه الإضواء والإظلام أبصر من زرقاء اليمامة وأطير من الورقاء والهامة وأهدى من النجم وأشد من السهم يتناجين بلغات أعجميات سبحات بألحان مطربات فطفن في حرمها الآمن واعتمرن بتلك المحاسن فتراها عند إقبال نوها وحومها في جوها ما تستقيم خطًا مستقيمًا وإن كانت تصطف صفًا عظيمًا فمنها ما يستهل هلالًا ومنها ما يحكي بنات نعس حالًا ومنها ما ينثني بإدلاله دالًا ومنها ما يخط نونًا نونًا فيحكي حاجبًا مقرونًا ومنها ما يكتب زينًا فيعيدها عينًا ومنها ما يصور ميم الهجاء فيشاهد مبسم السماء ومنها مايأتي زرافات ووحدانًا فيبدع في إعجابه حسنًا وإحسانًا فكم من حبل أوز معلق بالسماء يحلق إلى ذلك الماء وأوانس عريسات أنيسات كيسات وصور صور كأمثال حور وطير لغلغ مكتس بديباج مصبغ وجليل حبرج كعلج متوج وكركي عريض طويل كبعير كبير جميل وغرير غر مغرر متغير وسبيطر شديد شويطر وكم ضخم الدسيعة جوال ككوهي بالقوة المنيعة صوال ورخام مرزم كذل إمرة محتشم وجلالة نسر في الشائع الذائع والحاضر الواقع أبهى من النسر الطائر والواقع وعظم عقاب تم الحسن بحسنه وكل الصيد في ضمنه وكم من خضاري وحرمان وبلشون وشهرمان صنوان وغير صنوان وكم من بط على شط وخلط وقطقط منقط وغر وغرنوق وكرسوغ ممشوق ونورس مستأنس وقد امتلأت بهن الآفاق وتكللت بنجومهن الأملاق وشربن من جريالها فأسكرهن الاصطباح والاغتباق فكم من مسود كخال بخد وأزرق كلازورد وأشقر كزهر ورد أحمر ناصع وأصفر فاقع وأبيض ذي خضاب عندمي بلطيف منقار بقمي ومبرقش ومبقع ومعمم ومقتنع وأشقر منقش وأرقش مرشش وعودي وهندي وصيني مسني وعينين كياقوتتين قد رصعتا في لجين وكم من طائر أبهى من قمر سائر بفرق مثل صبح سافر فتراهن في الماء صموتًا وقوفًا صفوفًا عكوفًا كصور أصنام أو حجارة مبددة في آكام وكم من أطيار ظراف ملاح لطاف ذوات ألحان ونضرة وألوان وخلق وأخلاق ونطق وأطواق وإيناس مع شماس قد ازدانت الأرض بأصواتها واختلاف لغاتها وعجائب صفاتها فبرزت بأنواع الأعاجيب وتجلت بأجمل الجلابيب وأبدعت في صور الإحسان وتصورت في بدائع الألوان فإذا بدت زرقاء في زهر كتانها مذهبة بأزهار لبسانها مفضضة بنجوم أقحوانها خلعت السماء عليها خلعة جميل أردانها وإذا فاح نشر نوار قرطها شممت المسك الذكي من مرطها ورأيت لآلئ سمطها مبسوط على خضر بسطها ومغالاتها بغالية نور فولها وهزاتها إذا رفل النسيم في ذيولها قد رصعت أغصانه بفصوص لجينها ونقطته من حسنها بسواد عينها فعيونه كعيون غزلانها في فتكها وأحداقه كأحداث ولدانها من تركها وكم لها من طرة معتبرة وجبهة منورة ووجنة مزعفرة وملاءة منشورة معصفرة وحد مورد وطرف مهند ولماها صيغ من عقيق الشقيق وسكرها من ذلك الريق على التحقيق وأين بزوغ بشنينها وامتداد يقطينها وأين حلاوة عرائس نخلاتها وطلاوة أوانس قاماتها بمشابهتها في صفاتها وغرائس فسيلاتها وأين نضيد طلعها وحميد فرعها ومديد جذعها وفر جمارها عن غرة جمارها واخضرار أكمامها واحمرار لثامها وورد واديها ومنحناهان وندي ندها وتمرحناها وآسي آسها وطبيب طيب أنفاسها وتبرجها بأترجها وتهرجها بنارنجها وتختمها بمختمها وتبسمها عن بلسمها وتشقق أبرادها عن نهود كبادها وتضاعف أرجها بمضعف بنفسجها وجلالة مقدارها إذا فتحت أزرارها عن جل نارها وطيب شميمها من أشمومها ونسيمها ووسيمها بأوسيمها وجنان قليوبها وحرمان قليبها وأحواضها ببهنيها ورياضها وطربتها بمطريتها ونفيس أنسها بمقسها وغريب غرسها ببلقسها وعظيم آسها بمحلق مقياسها وكريم تحيتها من قبل اليمن هبوب أنفاسها واجتماع أسعدها وارتفاع رصدها وسواقيها الحنانة في سجعها الهتانة بسكبها من دمعها وجنة قولهان ولجة بولاقها وبركة فيلها من بركة نيلها وجزيرة ذهبها وقلعة الجزيرة بذهبها من عجبها عكت فكلها في حرها وأحكمت مملكتها في برها وعظم جللها بقلعة جبلها واتلاء أعلامها ببناء أهرامها وإذا نظرت إلى سعود صعودها إلى سعيد صعيدها واغتباطها بانحطاطها إلى صوب سكندريتها ودمياكها ألهتك عن حسن الثريا ومناطها ولا تنس الجواري المنشآت في البحر كالأعلام التي تسبق عند طياب الرياح مفوقات السهام وإعجابها بغربانها البحرية وحراقاتها الحربية وشوانيها وحول مبانيها وجلال شكلها وجمال معانيها تبدو موشاة بالنضار الأحمر منقشة باللون الأفخر فهي كالأرقم المنمر أو كمتلون الثمر أو الطاوس الذكر أو الناوس لبني الأصفر معمرة بيأس الحديد والأحجار محمولة على سيح الماء التيار مشحونة بالرجال منصورة عند القتال مصونة بالمجن والنبال تبرز مذكرة بالآية النوحية وتضمن إحراز الهمة العلية الفتحية حصون أمنع من أعز قلاع تطير إذا فتح لها جناح القلاع فتسبق وفد الريح عند الإسراع وتفوق سرقة السحاب عند الاتساع فهن مع العقبان في النيق حوم وهن مع البنيان في البحر عوم لو أقسم من رآها ولو قال مشاهد معناها إن الله نفخ فيها الروح فأحياها لبر في يمينه التي أقسم وتلاها وكم من مركب لحسنه معجب وكم من سفين قوي أمين وخضاري جليل وعشاري طويل ومسماري طويل جميل وفستراوي عكاوي ولكنة ودرمونة ومعدية مكينة وسلور دقيق وشختور رشيق وقرقور رقيق وزورق ذي زواريق وطريدة بخيل الطراد معمورة دهماء بحمل الجياد والأجناد مشعورة ومخلوف في الآفاق بالمعروف معروف وما أحلى بنان رطبها المخضب ورشيق قامة قصبها المقصب وبهجة فوزما بطلح موزها وخضر أعلام أوراقها وصفر كرام إعلاقها فلا البلاغة تبلغ من إحصاء فضلها مرامًا ولا الفصاحة تصوغ لوصف تشبيهها كلامًا فنسأل الله تعالى أن يكنفها بركنه الذي لا يرام ويحرسها بعينه التي لا تنام بمنه وكرمه‏.‏

وقال الرئيس شهاب الدين أحمد بن يحيى بن فضل الله العمري كاتب السر‏:‏ لمصر فضل باهر بعيشها الرغد النضر في كل سفح يلتقي ماء الحياة والخضر وقال إبراهيم بن القاسم الكاتب الملقب بالرشيق يتشوق إلى مصر وقد خرج عنها في سنة ست وثمانين وثلثمائة من قصيدة‏:‏ هل الريح إن سارت مشرقة تسري تؤدي تحياتي إلى ساكني مصر فما خطرت إلا بكيت صبابة وحملتها ما ضاق عن حمله صدري لأني إذا هبت قبولًا بنشرهم شممت نسيم المسك من ذلك النشر فكم لي بالأهرام أو دير نهية مصايد غزلان المطايد والقفر إلى جيزة الدنيا وما قد تضمنت جزيرتها ذات المواخر والجسر وفي بئر دوس مستراد وملعب إلى دير محنا إلى ساحل البحر فكم بين بستان الأمير وقصره إلى البركة النضراء من زهر نضر تراها كمرآة بدت في رفارف من السندس الموشى تنشر للتجر وكم ليلة بالقرافة خلتها لما نلت من لذاتها ليلة القدر وقال أحمد بن رستم بن إسفهسلار الديلمي‏:‏ يخاطب الوزير نجم الدين أبا يوسف بن الحسين المجاور وتوفي في رابع عشر ذي الحجة سنة إحدى وعشرين وستمائة‏:‏ حي الديار بشاطئي مقياسها فالمقسم الفياح بين دهاسها فالروضتين وقد تضوع عرفها أرج البنفسج في غضارة أسها فمنازل العين المنيفة أصبحت يغني سناها عن سنا نبراسها فخليجها لذاته مطلوبة تسمو محاسنه علًا بأناسها حافاته محفوفة بمنازل نزلت بها الآرام دون كناسها وقال العلامة جلال الدين محمد الشيرازي المعروف بإمام منكلي بغا‏:‏ حيا الحيا مصرًا وسكانها وباكر الوسمي كثبانها كم أيقظتني في ذرا دوحها عجماء لا تفقه ألحانها وكم نعيم قد تخيلته فيها وكم غازلت غزلانها وعاينت عيني بها أغيدا منعس المقلة وسنانها تسحر بالتفتير ألحاظه كأن من بابل شيطانها وكم شجت قلبي بها غادة قد كحلت بالغنج أجفانها إذا دعت صبا إلى حبها لا يستطيع الصب عصيانها وكم ليال لي بها قد مضت تسحب بالإعجاب أردانها وألهف نفسي كيف شطت بها حوادث قوضن بنيانها فارقتها لا عن قلى صدني عنها فارق الروح جسمانها واعتضت عن غزلانها والمها نعاج جيرون وثيرانها يا سائلي عن حالتي بعدها ها أنا ذا أذكر عنوانها ما حال من فارق أصحابه وفارق الدنيا وجيرانها حي ربا مصر وجناتها وحورها العين وولدانها ودورها الزهر وساحاتها وبين قصريها وميدانها وأرضها المخصب أرجاؤها ونيلها الزاهي وخلجانها والروضة الفيحاء تلك التي تجلو عن الأنفس أحزانها ومنية الشيرج لا تنسها وقرطها الأحوى وكتانها والتاج الخمس وجوه التي أضحت من الأعين إنسانها وحي يا برق وجد بالحيا جزيرة الفيل وغيطانها وبانها الغض ونسرينها ووردها البكر وريحانها وظلها الضافي وأزهارها وماءها الصافي وغدرانها والمعهد المأنوس من ربعها وحي أهليها وسكانها لم أنس لا أنسى اصطباحي بها ولا اغتباقاتي وإبانها ولا أويقات التصابي ولا تلك الخلاعات وأزمانها ودوحتي ناضرة غضة تعطف ريح اللهو أغصانها حاشاي أن أنقض عهدًا لها حاشاي أن أصبح خوانها حاشا أن أهجرها قاليًا حاشاي أن أحدث سلوانها حاشاي أن أرضى بديلًا بها روابي الشام وقيعانها وماءها الثج وحصباءها وصخرها الصلد وصوانها قد تاقت النفس إلى الفها وحثت الأشواق أظعانها وادكرت في البعد أحبابها فهيج التبريح أشجانها وما لها غيرك من ملتجا يا أوحد الدنيا وإنسانها