فصل: ثم ولي: موسى بن عيسى

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الخِطط المقريزية المسمى بـ «المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار» **


 ثم ولي‏:‏ موسى بن عيسى

بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس من قبل الرشيد على الصلاة فأذن للنصارى في بنيان الكنائس التي هدمها علي بن سليما فبنيت بمشورة الليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة ثم صرف لأربع عشرة خلت من رمضان سنة اثنتين وسبعين ومائة فكانت ولايته سنة وخمسة أشهر ونصفًا‏.‏

ثم ولي‏:‏ مسلمة بن يحيى بن قرة بن عبيد الله البجلي من أهل جرجان من قبل الرشيد على الصلاة ثم صرف في شعبان سنة ثلاث وسبعين فوليها أحد عشر شهرًا‏.‏

ثم ولي‏:‏ محمد بن زهير الأزدي على الصلاة والخراج لخمس خلون من شعبان فبادر الجند لعمر بن غيلان صاحب الخراج فلم يدفع عنه فصرف بعد خمسة أشهر في سلخ ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين ومائة‏.‏

فولي‏:‏ داود بن يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة وقدم هو وإبراهيم بن صالح بن علي فولى داود الصلاة وبعث بإبراهيم لإخراج الجند الذين ثاروا من مصر فدخل لأربع عشرة خلت من المحرم سنة أربع وسبعين ومائة فأخرجت الجند العديدة إلى المشرق والمغرب في عالم كثير فساروا في البحر فأسرتهم الروم وصرف لست خلون من المحرم سنة خمس وسبعين فكانت ولايته سنة ونصف شهر‏.‏

ثم ولي‏:‏ موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس على الصلاة والخراج من قبل الرشيد فدخل لسبع خلون من صفر سنة خمس وسبعين وصرف لليلتين بقيتا من صفر سنة ست وسبعين ومائة فولي سنة واحدة‏.‏

ثم ولي‏:‏ إبراهيم بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس ثانيًا من قبل الرشيد فكتب إلى عسامة بن عمرو فاستخلفه ثم قدم نصر بن كلثوم خليفته على الخراج مستهل ربيع الأول وتوفي عسامة لسبع بقين من ربيع الآخر فقدم روح بن روح بن زنباع خليفة لإبراهيم على الصلاة والخراج ثم قدم إبراهيم للنصف من جمادى الأولى وتوفي وهو وال لثلاث خلون من شعبان فكان مقامه بمصر شهرين وثمانية عشر يومًا وقام بالأمر بعده ابنه صالح بن إبراهيم مع صاحب شرطته خالد بن يزيد‏.‏

ثم ولي‏:‏ عبد الله بن المسيب بن زهير بن عمرو الضبي من قبل الرشيد على الصلاة لإحدى عشرة بقيت من رمضان سنة ست وسبعين ومائة وصرف في رجب سنة سبع وسبعين ومائة‏.‏

فولي‏:‏ إسحاق بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس من قبل الرشيد على الصلاة والخراج مستهل رجب فكشف أمر الخراج وزاد على المزارعين زيادة أجحفت بهم فخرج عليه أهل الحوف فحاربهم فقتل كثير من أصحابه فكتب إلى الرشيد بذلك فعقد لهرثمة بن أعين في جيش عظيم وبعث به فنزل الحوف فتلقاه أهله بالطاعة وأذعنوا فقبل منهم واستخرج الخراج كله فكان صرف إسحاق في رجب سنة ثمان وسبعين ومائة‏.‏

فولي‏:‏ هرثمة بن أعين من قبل الرشيد على الصلاة والخراج لليلتين خلتا من شعبان ثم سار إلى إفريقية لثنتي عشر خلت من شوال فأقام بمصر شهرين ونصفًا‏.‏

ثم ولي‏:‏ عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس من قبل الرشيد على الصلاة والخراج فلم يدخل مصر واستخلف عبد الله بن المسيب بن زهير الضبي وصرف في سلخ سنة ثمان وسبعين ومائة‏.‏

فولي‏:‏ عبيد الله بن المهدي محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عبد الله بن عباس من قبل الرشيد على الصلاة والخراج في يوم الاثنين لثنتي عشرة خلت من المحرم سنة تسع وسبعين ومائة فاستخلف ابن المسيب ثم قدم لإحدى عشرة خلت من ربيع الأول وصرف في شهر رمضان فولي تسعة أشهر وخرج من مصر لليلتين خلتا من شوال‏.‏

فأعاد الرشيد موسى بن عيسى وولاه مرة ثالثة على الصلاة فقدم ابنه يحيى بن موسى خليفة له لثلاث خلون من رمضان ثم قدم آخر ذي القعدة وصرف في جمادى الآخرة سنة ثمانين ومائة‏.‏

فولى الرشيد عبيد الله بن المهدي ثانيًا على الصلاة فقدم داود بن حباش خليفة له لسبع خلون من جمادى الآخرة ثم قدك لأربع خلون من شعبان وصرف لثلاث خلون من رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة‏.‏

فولي‏:‏ إسماعيل بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس على الصلاة لسبع خلون من رمضان فاستخلف عون بن وهب الخزاعي ثم قدم لخمس بقين منه‏.‏

قال ابن عفير‏:‏ ما رأيت على هذه الأعواد أخطب من إسماعيل بن صالح ثم صرف في جمادى الآخرة سنة اثنتين وثمانين ومائة‏.‏

فولي‏:‏ إسماعيل بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس من قبل الرشيد على الصلاة فقدم لأربع عشرة بقيت من جمادى الآخرة وصرف في رمضان‏.‏

فولي‏:‏ الليث بن الفضل البيوردي من أهل بيورد على الصلاة والخراج وقدم لخمس خلون من شوال ثم خرج إلى الرشيد لسبع بقين من رمضان سنة ثلاث وثمانين ومائة بالمال والهدايا واستخلف أخاه الفضل بن علي ثم عاد في آخر السنة وخرج ثانيًا بالمال لتسع بقين من رمضان سنة خمس وثمانين واستخلف هاشم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج وقدم لأربع عشرة خلت من المحرم سنة ست وثمانين فكان كلما غلق خراج سنة وفرغ من حسابها خرج بالمال إلى أمير المؤمنين هارون الرشيد ومعه الحساب ثم خرج عليه أهل الحوف وساروا إلى الفسطاط فخرج إليهم في أربعة آلاف ليومين بقيا من شعبان سنة ست وثمانين ومائة واستخلف عبد الرحمن بن موسى بن علي بن رباح على الجند والخراج فواقع أهل الحوف وانهزم عنه الجند فبقي في نحو المائتين فحمل بهم وهزم القوم من أرض الجب إلى غيفة وبعث إلى الفسطاط بثمانين رأسًا وقدم فرجع أهل الحوف ومنعوا الخراج فخرج ليث إلى الرشيد وسأله أن يبعث معه بالجيوش فإنه لا يقدر على استخراج الخراج من أهل الأحواف إلا بجيش فرفع محفوظ بن سليمان أنه يضمن خراج مصر عن آخره بغير سوط ولا عصا فولاه الرشيد الخراج وصرف ليثًا عن الصلاة والخراج وبعث أحمد بن إسحاق على الصلاة مع محفوظ وكانت ولاية ليث أربع سنين وسبعة أشهر‏.‏

فولي‏:‏ أحمد بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن عباس من قبل الرشيد على الصلاة والخراج وقدم لخمس بقين من جمادى الآخرة سنة سبع وثمانين ثم صرف لثمان عشرة خلت من شعبان سنة تسع وثمانين فولى سنتين وشهرًا ونصفًا‏.‏

ثم ولي‏:‏ عبيد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس على الصلاة واستخلف لهيعة بن عيسى بن لهيعة الحضرمي ثم قدم للنصف من شوال وصرف لإحدى عشرة بقيت من شعبان سنة تسعين ومائة وخرج واستخلف هاشم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية ين خديج‏.‏

وولي‏:‏ الحسين بن جميل من قبل الرشيد على الصلاة وقدم لعشر خلون من رمضان ثم جمع له الخراج مع الصلاة في رجب سنة إحدى وتسعين وخرج أهل الحوف وامتنعوا من أداء الخراج وخرج أبو النداء بأيلة في نحو ألف رجل فقطع الطريق بأيلة وشعيب ومدين وأغار على بعض قرى الشام وضوى إليه من جذام جماعة فبلغ من النهب والقتل مبلغًا عظيمًا فبعث الرشيد من بغداد جيشًا لذلك وبعث الحسين بن جميل من مصر‏:‏ عبد العزيز بن الوزير بن صابي الجروي في عسكر فالتقى العسكران بأيلة فظفر عبد العزيز بأبي النداء وسار جيش الرشيد إلى بلبيس في شوال سنة إحدى وتسعين ومائة فأذعن أهل الحوف بالخراج وصرف ابن جميل لثنتي عشرة خلت من ربيع الآخر سنة اثنتين وتسعين ومائة‏.‏

فولي‏:‏ مالك بن دلهم بن عمير الكلبي على الصلاة والخراج وقدم لسبع بقين من ربيع الآخر وفرغ يحيى بن معاذ أمير جيش الرشيد من أمر الحوف وقدم الفسطاط لعشر بقين من جمادى الآخرة فكتب إلى أهل الأحواف أن اقدموا حتى أوصي بك مالك بن دلهم فدخل الرؤساء من اليمانية والقيسية فأخذت عليهم الأبواب وقيدوا وسار بهم للنصف من رجب وصرف مالك لأربع خلت من صفر سنة ثلاث وتسعين ومائة‏.‏

فولي‏:‏ الحسن بن التختاح بن التختكان على الصلاة والخراج فاستخلف العلاء بن عاصم الخولني وقدم لثلاث خلون من ربيع الأول ثم مات الرشيد واستخلف ابنه محمد الأمين فثار الجند بمصر ووقعت فتنة عظيمة قتل فيها عدة وسير الحسن مال مصر فوثب أهل الرملة وأخذوه وبلغ الحسن عزله فسار من طريق الحجاز لفساد طريق الشام لثمان بقين من ربيع الأول سنة أربع وتسعين ومائة واستخلف عوف بن وهب على الصلاة ومحمد بن زياد بن طبق القيسي على الخراج‏.‏

فولي‏:‏ حاتم بن هرثمة بن أعين من قبل الأمين على الصلاة والخراج وقدم في ألف من الأبناء فنزل بلبيس فصالحه أهل الأحواف على خراجهم وثار عليه أهل تنو وتمي وعسكروا فبعث إليهم جيشًا فانهزموا ودخل حاتم إلى الفسطاط ومعه نحو مائة من الرهائن لأربع خلون من فولي‏:‏ جابر بن الأشعث بن يحيى الطائي من قبل الأمين على الصلاة والخراج لخمس بقين من جمادى الآخرة وكان لينًا فلما حدثت فتنة الأمين والمأمون قام السري بن الحكم غضبًا للمأمون ودعا الناس إلى خلع الأمين فأجابوه وبايعوا المأمون لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وأخرجوا جابر بن الأشعث وكانت ولايته سنة‏.‏

فولي‏:‏ عباد بن محمد بن حيان أبو نصر من قبل المأمون على الصلاة والخراج لثمان خلون من رجب بكتاب هرثمة بن أعين وكان وليله على ضياعه بمصر في الثامن من رجب سنة ست وتسعين فبلغ الأمين ما كان بمصر فكتب إلى ربيعة بن قيس بن الزبير الجرشي رئيس قيس الحوف بولاية مصر وكتب إلى جماعة بمعاونته فقاموا ببيعة الأمين وخلعوا المأمون وساروا لمحاربة أهل الفسطاط فخندق عباد وكانت حروب فقتل الأمين وصرف عباد في صفر سنة ثمان وتسعين ومائة فكانت ولايته سنة وسبعة أشهر‏.‏

فولي‏:‏ المطلب بن عبد الله بن مالك الخزاعي من قبل المأمون على الصلاة والخراج فدخل من مكة للنصف من ربيع الأول فكانت في أيامه حروب وصرف في شوال بعد سبعة أشهر‏.‏

فولي العباس بن موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس من قبل المأمون على الصلاة والخراج فقدم ابنه عبد الله ومعه الحسين بن عبيد بن لوط الأنصاري في آخر شوال فسجنا المطلب فثار الجند مرارًا فمنعهم الأنصاري أعطياتهم وتهددهم وتحامل على الرعية وعسفها وتهدد الجميع فثاروا وأخرجوا المطلب من الحبس وأقاموه لأربع عشرة خلت من المحرم سنة تسع وتسعين ومائة وأقبل العباس فنزل بلبيس ودعا قيسًا إلى نصرته ومضى إلى الجروي بتنيس ثم عاد فمات في بلبيس لثلاث عشرة بقيت من جمادى الآخرة ويقال‏:‏ إن المطلب دس إليه سمًا في طعامه فمات منه وكانت حروب وفتن فكانت ولاية المطلب هذه سنة وثمانية أشهر‏.‏

ثم ولي السري بن الحكم بن يوسف من قوم الزط ومن أهل بلخ بإجماع الجند عليه عند قيامه على المطلب في مستهل رمضان سنة مائتين‏.‏

ثم ولي سليمان بن غالب بن جبريل البجلي على الصلاة والخراج بمبايعة الجند له لأربع خلون من ربيع الأول سنة إحدى ومائتين فكانت حروب ثم صرف بعد خمسة أشهر‏.‏

وأعيد السري بن الحكم ثانيًا من قبل المأمون على الصلاة والخراج فذمت ولايته وأخرجه الجند من الحبس لثنتي عشرة خلت من شعبان وتتبع من حاربه وقوي أمره ومات وهو وال لانسلاخ جمادى الأولى سنة خمس مائتين فكانت ولايته هذه ثلاث سنين وتسعة أشهر وثمانية عشر يومًا‏.‏

فولي ابنه محمد بن السري أبو نصر أول جمادى الآخرة على الصلاة والخراج وكان الجروي قد غاب على أسفل الأرض فجرت بينهما حروب ثم مات لثمانخلون من شعبان سنة ست ومائتين وكانت ولايته أربعة عشر شهرًا‏.‏

ثم ولي عبيد الله بن السري بن الحكم بمبايعة الجند لتسع خلون من شعبان على الصلاة والخراج فكانت بينه وبين الجروي حروب إلى أن قدم عبد الله بن طاهر وأطعن له عبيد الله في آخر صفر سنة إحدى عشرة ومائتين‏.‏

فولي عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب من قبل المأمون على الصلاة والخراج فدخل يوم الثلاثاء لليلتين خلتا من ربيع الأول سنة إحدى عشرة ومائتين وأقام في معسكره حتى خرج عبد الله بن السري إلى بغداد للنصف من جمادى الأولى ثم سار إلى الإسكندرية مستهل صفر سنة اثنتي عشرة واستخلف عيسى بن يزيد الجلودي فحصرها بضع عشرة ليلة ورجع في جمادى الآخرة وأمر يالزيادة في الجامع العتيق فزيد فيه مثله وركب النيل متوجهًا إلى العراق لخمس بقين من رجب وكان مقامه بمصر واليًا سبعة عشر شهرًا وعشرة أيام‏.‏

ثم ولي عيسى بن يزيد الجلودي باستخلاف ابن طاهر على صلاتها إلى سابع عشر ذي القعدة سنة ثلاث عشرة فصرف ابن طاهر وولي الأمير أبو إسحاق بن هارون الرشيد مصر فأقر عيسى على الصلاة فقط وجعل على الخراج‏:‏ صالح بن شيرازاد فظلم الناس وزاد عليهم في خراجهم فانتفض أهل أسفل الأرض وعسكروا فبعث عيسى بابنه محمد في جيش فحاربوه فانهزم وقتل أصحابه في صفر سنة أربع عشرة‏.‏

فولي عمير بن الوليد التميمي باستخلاف أبي إسحاق بن الرشيد على الصلاة لسبع عشرة خلت من صفر وخرج ومعه عيسى الجلودي لقتال أهل الحوف في ربيع الآخر واستخلف ابنه محمد بن عمير فاقتتلوا وكانت بينهم معارك قتل فيها عمير لست عشرة خلت من ربيع الآخر فكانت مدة إمرته ستين يومًا‏.‏

فولي عيسى الجلودي ثانيًا لأبي إسحاق على الصلاة فحارب أهل الحوف بمنية مطر ثم انهزم في رجب فأقبل أبو إسحاق إلى مصر في أربعة آلاف من أتراكه فقاتل أهل الحوف في شعبان ودخل إلى مدينة الفسطاط لثمان بقين منه وقتل أكابر الحوف ثم خرج إلى الشام غرة المحرم سنة خمس عشرة ومائتين في أتراكه ومعه جمع من الأسارى في ضر وجهد شديد‏.‏

وولي على مصر عبدويه بن جبلة من الأبناء على الصلاة فخرج ناس بالحوف في شعبان فبعث إليهم وحاربهم حتى ظفر بهم ثم قدم الإفشين حيدر بن كاوس الصفدي إلى مصر لثلاث خلون من ذي الحجة ومعه علي بن عبد العزيز الجروي لأخذ ماله فلم يدفع إليه شيئًا فقتله وصرف وولي عيسى بن منصور بن موسى بن عيسى الرافعي فولي من قبل أبي إسحاق أول سنة ست عشرة على الصلاة فانتقضت أسفل الأرض عربها وقبطها في جمادى الأولى وأخرجوا العمال لسوء سيرتهم وخلعوا الطاعة فقدم الإفشين من برقة للنصف من جمادى الآخرة ثم خرج هو وعيسى في شوال فأوقعا بالقوم وأسرا منهم وقتلا ومضى الإفشين ورجع عيسى فسار الإفشين إلى الحوف وقتل جماعتهم وكانت حروب إلى أن قدم أمير المؤمنين عبد الله المأمون لعشر خلون من المحرم سنة سبع عشرة ومائتين فسخط على عيسى وحل لواءه فأخذه بلباس البياض ونسب الحدث إليه وإلى عماله وسير الجيوش وأوقع بأهل الفساد وسبى القبط وقتل مقاتلتهم ثم رحل لثمان عشرة خلت من صفر بعد تسعة وأربعين يومًا‏.‏

وولي كيدر وهو نصر بن عبد الله أبو مالك الصفدي فورد كتاب المأمون عليه بأخذ الناس بالمحنة في جمادى الآخرة سنة ثمان عشرة والقاضي بمصر يومئذ هارون بن عبد الله الزهري فأجاب وأجاب الشهود ومن وقف منهم سقطت شهادته وأخذ بها القضاة والمحدثون والمؤذنون فكانوا على ذلك من سنة ثمان عشرة إلى سنة اثنتين وثلاثين ومات المأمون في رجب سنة ثمان عشرة وبويع أبو إسحاق المعتصم فورد كتابه على كيدر ببيعته ويأمره بإسقاط من في الديوان من العرب وقطع العطاء عنهم ففعل ذلك فخرج يحيى بن الوزير الجروي في جمع فولى ابنه المظفر بن كيدر باستخلاف أبيه وخرج إلى يحيى بن وزير وقاتله وأسره في جمادى الآخرة ثم صرفت مصر إلى أبي جعفر أشناس فدعي له بها وصرف مظفر في شعبان‏.‏

فولي موسى بن أبي العباس ثابت من قبل أشناس على الصلاة مستهل شهر رمضان سنة تسع عشرة وصرف في ربيع الآخر سنة أربع وعشرين ومائتين فكانت ولايته أربع سنين وسبعة أشهر‏.‏

فولى مالك بن كيدر بن عبد الله الصفدي من قبل أشناس على الصلاة وقد لسبع بقين من ربيع الآخر وصرف لثلاث خلون من ربيع الآخر سنة ست وعشرين فولى سنتين وأحد عشر يومًا وتوفي لعشر خلون من شعبان سنة ثلاث وثلاثين ومائتين‏.‏

فولي علي بن يحيى الأرمني من قبل أشناس على صلاتها وقدم لسبع خلون من ربيع الآخر سنة ست وعشرين ومائتين ومات المعتصم في ربيع الأول سنة سبع وعشرين وبويع‏:‏ الواثق بالله فأقره إلى سابع ذي الحجة سنة ثمان وعشرين ومائتين فكانت ولايته سنتين وثلاثة أشهر‏.‏

ثم ولي عيسى بن منصور الثانية من قبل أشناس على صلاتها فدخل لسبع خلون من المحرم سنة تسع وعشرين ومائتين ومات أشناس سنة ثلاثين وجعل مكانه إيتاخ فأقر عيسى ومات الواثق وبويع المتوكل فصرف عيسى للنصف من ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين مائتين وقدم علي بن مهرويه خليفة هرثمة بن النضر ثم مات عيسى في قبة الهواء بعد عزله لإحدى عشرة خلت من ربيع الآخر‏.‏

فولي هرثمة بن نضر الجبلي من أهل الجبل لإيتاخ على الصلاة وقدم لست خلون من رجب سنة ثلاث وثلاثين ومائتين فورد كتاب المتوكل يترك الجدال في القرآن لخمس خلون من جمادى الآخرة سنة أربع وثلاثين ومائتين ومات هرثمة وهو وال لسبع بقين من رجب سنة أربع واستخلف ابنه حاتم بن هرثمة‏.‏

فولي حاتم بن هرثمة بن النضر باستخلاف أبيه له على الصلاة وصرف لست خلون من رمضان‏.‏

فولي علي بن يحيى بن الأرمني الثانية من قبل إيتاخ على الصلاة لست خلون من رمضان وصرف إيتاخ في المحرم سنة خمس وثلاثين واستصفيت أمواله بمصر وترك الدعاء له ودعي للمنتصر مكانه وصرف علي في ذي الحجة منها‏.‏

فولي إسحاق بن يحيى بن معاذ بن مسلم الجبلي من قبل المنتصر ولي عهد أبيه المتوكل على الله على الصلاة والخراج فقدم لإحدى عشرة خلت من ذي الحجة فورد كتاب المتوكل والمنتصر بإخراج الطالبيين من مصر إلى العراق فأخرجوا ومات إسحاق بعد عزله أول ربيع فولي خوط عبد الواحد بن يحيى بن ممنصور بن طلحة بن زريق من قبل المنتصر على الصلاة والخراج فقدم لتسع بقين من ذي القعدة سنة ست وثلاثين ومائتين وصرف عن الخراج لتسع خلون من صفر سنة سبع وثلاثين وأقر على الصلاة ثم صرف سلخ صفر سنة ثمان وثلاثين بخليفته عنبسة على الصلاة والشركة في الخراج مستهل ربيع الأول‏.‏

فولي عنبسة بن إسحاق بن شمر عبس أبو جابر من قبل المنتصر على الصلاة وشريكًا لأحمد بن خالد الضريقسي صاحب الخراج فقدم لخمس خلون من ربيع الآخر سنة ثمان وثلاثين ومائتين وأخذ العمال برد المظالم وأقامهم للناس وأنصف منهم وأظهر من العدل ما لم يسمع بمثله في زمانه وكان يروح ماشيًا إلى المسجد الجامع من العسكر وكان ينادي في شهر رمضان السحور وكان يرمى بمذهب الخوارج وفي ولايته نزل الروم دمياط وملكوها وما فيها وقتلوا بها جمعًا كثيرًا من الناس وسبوا النساء والأطفال فنفر إليهم يوم النحر من سنة ثمان وثلاثين في جيشه وكثير من الناس فلم يدركهم وأضيف له الخراج مع الصلاة ثم صرف عن الخراج أول جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وأفرد بالصلاة وورد الكتاب بالدعاء للفتح بن خاقان في ربيع الأول سنة اثنتين وأربعين فدعا له وعنبسة هذا آخر من ولي مصر من العرب وآخر أمير صلى بالناس في المسجد الجامع وصرف أول رجب منها فقدم العباس بن عبد الله بن دينار خليفة يزيد بن عبد الله بولاية يزيد وكانت ولاية عنبسة أربع سنين وأربعة أشهر وخرج إلى العراق في رمضان سنة أربع وأربعين‏.‏

فولي يزيد بن عبد الله بن دينار أبو خالد من الموالي ولاه‏:‏ المنتصر على الصلاة فقدم لعشر بقين من رجب سنة اثنتين وأربعين فأخرج المؤنثين من مصر وضربهم وطاف بهم ومنع من النداء على الجنائز وضرب فيه وخرج إلى دمياط مرابطًا في المحرم سنة خمس وأربعين ورجع في ربيع الأول فبلغه نزول الروم الفرما فرجع إليها فلم يلقهم وعطل الرهان وباع الخيل التي تتخذ للسلطان فلم تجر إلى سنة تسع وأربعين وتتبع الروافض وحملهم إلى العراق وبنى مقياس النيل في سنة سبع وأربعين وجرت على العلويين في ولايته شدائد ومات المتوكل في شوال وبويع ابنه محمد المنتصر ومات الفتح بن خاقان فأقر المنتصر يزيد على مصر ثم مات المنتصر في ربيع الأول سنة ثمان وأربعين وبويع المستعين فورد كتابه بالاستسقاء لقحط كان بالعراق فاستسقوا السبع عشرة خلت من ذي القعدة واستسقى أهل الآفاق في يوم واحد وخلع المستعين في المحرم سنة اثنتين وخمسين وبويع المعتز فخرج جابر بن الوليد بأرض الإسكندرية وكانت هناك حروب ابتدأت من ربيع الآخر فقدم مزاحم بن خاقان من العرق معينًا ليزيد في جيش كثيف لثلاث عشرة بقيت من رجب فواقعهم حتى ظفر بهم ثم صرف فولي مزاحم بن خاقان بن عرطوج أبو الفوارس الترك لثلاث خلون من ربيع الأول سنة ثلاث وخمسين ومائتين على الصلاة من قبل المعتز وخرج إلى الحوف فأوقع بأهله وعاد ثم خرج إلى الجيزة فسار إلى تروجة فأوقع بأهلها وأسر عدة من أهل البلاد وقتل كثيرًا وسار إلى الفيوم فطاش سيفه وكثر إيقاعه بسكان النواحي وعاد‏.‏

وولي الشرطة أرجوز فمنع النساء من الحمامات والمقابر وسجن المؤنثين والنوائح ومنع من الجهر بالبسملة في الصلاة بالجامع في رجب سنة ثلاث وخمسين ولم يزل أهل مصر الجهر بها في الجامع منذ الإسلام إلى أن منع منها‏:‏ أرجوز وأخذ أهل الجامع بتمام الصفوف ووكل بذلك رجلًا من العجم يقوم بالسوط من مؤخر المسجد وأمر أهل الحلق بالتحول إلى القبلة قبل إقامة الصلاة ومنع من المساند التي يستند إليها ومن الحصر التي كانت للمجالس في الجامع وأمر أن تصلى التراويح في رمضان خمس تراويح ولم يزل أهل مصر يصلونها ستًا إلى شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين ومائتين ومنع من التثويب وأمر بالأذان يوم الجمع في مؤخر المسجد وأن يغلس بصلاة الصبح ونهى أن يشق ثوب على ميت أو يسود وجه أو يحلق شعر أو تصيح امرأة وعاقب في ذلك وشدد فيه ثم مات مزاحم لخمس مضين من المحرم سنة أربع وخمسين‏.‏

فاستخلف ابنه أحمد بن مزاحم فولي باستخلاف أبيه على الصلاة إلى أن مات لسبع خلون من ربيع الآخر فكانت ولايته شهرين ويومًا فاستخلف أرجوز بن أولع طرخان التركي على الصلاة فولي خمسة أشهر ونصفًا وخرج أول ذي القعدة بعد أن صرف بأحمد بن طولون في شهر رمضان سنة أربع وخمسين ومائتين وإليه كان أمر البلد جميعه من أيام مزاحم وفي أيام ابنه أحمد أيضًا والله تعالى أعلم‏.‏

القطائع ودولة بني طولون اعلم‏:‏ أن القطائع قد زالت آثارها ولم يبق لها رسم يعرف وكان موضعها‏:‏ من قبة الهواء التي صار مكانها قلعة الجبل إلى جامع ابن طولون وهذا أشبه أن يكون طول القطائع وأما عرضها‏:‏ فإنه من أول الرميلة تحت القلعة إلى الموضع الذي يعرف اليوم بالأرض الصفراء عند مشهد الرأس الذي يقال له الآن‏:‏ زين العابدين وكانت مساحة القطائع ميلًا في ميل فقبة الهواء كانت في سطح الجرف الذي عليه قلعة الجبل‏.‏

وتحت قبة الهواء‏:‏ قصر ابن طولون وموضع هذا القصر‏:‏ الميدان السلطاني تحت القلعة والرميلة التي تحت القلعة مكان سوق الخيل والحمير والجمال‏.‏

كانت بستانًا ويجاورها الميدان في الموضع الذي يعرف اليوم‏:‏ بالقبيبات فيصير الميدان فيما بين القصر والجامع الذي أنشأه أحمد بن طولون وبحذاء الجامع‏:‏ دار الأمارة في جهته القبلية ولها باب من جدار الجامع يخرج منه إلى المقصورة المحيطة بمصلى الأمير إلى جوار المحراب وهناك أيضًا دار الحرم والقطائع‏:‏ عدة قطع تسكن فيها عبيد ابن طولون وعساكره وغلمانه وكل قطيعة لطائفة فيقال‏:‏ قطيعة السودان وقطيعة الروم وقطيعة الفراشين ونحو ذلك فكانت كل قطيعة لسكنى جماعة بمنزلة الحارات التي بالقاهرة وكان ابتداء عمارة هذه القطائع وسببها‏:‏ أن أمير المؤمنين المعتصم بالله أبا إسحاق محمد بن هارون الرشيد لما اختص بالأتراك ووضع من العرب وأخرجهم من الديوان وأسقط أسماءهم ومنعهم العطاء وجعل الأتراك أنصار دولته وأعلام دعوته كان من عظمت عنده منزلته قلده الأعمال الجليلة الخارجة عن الحضرة فيستخلف على ذلك العمل الذي تقلده من يقوم بأمره ويحمل إليه ماله ويدعى له على منابره كما يعدى للخليفة وكانت مصر عنده بهذه السبيل‏.‏

وقصد المعتصم ومن بعده من الخلفاء بذلك العمل مع الأتراك محاكاة ما فعله الرشيد بعبد الملك بن صالح والمأمون بطاهر بن الحسين ففعل المعتصم مثل ذلك بالأتراك فقلد أشناس وقلد الواثق إيتاخ وقلد المتوكل نقا ووصيف وقلد المهتدي ماجور وغير من ذكرنا من أعمال الأقليم ما قد تضمنته كتب التاريخ فتقلد باكباك مصر وطلب من يخلفه عليها وكان أحمد بن طولون قد مات أبوه في سنة أربعين ومائتين ولأحمد عشرون سنة منذ ولد من جارية كانت تدعى قاسم وكان مولده في سنة عشرين ومائتين وولدت أيضًا أخاه موسى وحبسية وسمانة وكان طولون من الطغرغر مما حمله نوح بن أسد عامل بخارى إلى المأمون فيما كان موظفًا عليه من المال والرقيق والبراذين وغير ذلك في كل سنة وذلك في سنة مائتين فنشأ أحمد بن طولون نشأ جميلًا غير نشء أولاد العجم فوصف بعلو الهمة وحسن الأدب والذهاب بنفسه عما كان يترامى إليه أهل طبقته وطلب الحديث وأحب الغزو وخرج إلى طرسوس مرات ولقي المحدثين وسمع منهم كتب العلم وصحب الزهاد وأهل الورع فتأدب بآدابهم وظهر فضله فاشتهر عند الأولياء وتميز على الأتراك وصار في عداد من يوثق به ويؤتمن على الأموال والأسرار فزوجه ماجور ابنته وهي أم ابنه العباس وابنته فاطمة‏.‏

ثم إنه سأل الوزير عبيد الله بن يحيى أن يكتب له برزقه على الثغر فأجابه وخرج إلى طرسوس فأقام بها وشق على أمه مفارقته فكاتبته بما أقلقه فلما قفل الناس إلى سر من رأى سار معهم إلى لقاء أمه وكان في القافلة نحو خمسمائة رجل والخليفة إذ ذاك‏:‏ المستعين بالله أحمد بن المعتصم وكان قد أنفذ خادمًا إلى بلاد الروم لعمل أشياء نفيسة فلما عاد بها وهي‏:‏ وقر بغل إلى طرسوس خرج مع القافلة وكان من رسم الغزاة أن يسيروا متفرقين فطرق الأعراب بعض سوادهم وجاء الصائح‏:‏ فبدر أحمد بن طولون لقتالهم وتبعوه فوضع السيف في الأعراب ورمى بنفسه فيهم حتى استنفذ منهم جميع ما أخذوه وفروا منه وكان من جملة ما استنفذ من الأعراب البغل المحمل بمتاع الخليفة فعظم أحمد بما فعل عند الخادم وكبر في أعين القافلة فلما وصلوا إلى العراق وشاهد المستعين ما أحضره الحادم أعجب به وعرفه الخادم خروج الأعراب وأخذهم البغل بما عليه وما كان من صنع أحمد بن طولون فأمر له بألف دينار وسلم عليه مع الخادم وأمره أن يعرفه به إذا دخل مع المسلمين ففعل ذلك وتوالت عليه صلاة الخليفة حتى حسنت حاله ووهبه جارية اسمها‏:‏ مياس استولدها ابنه خمارويه في النصف من المحرم سنة خمسين ومائتين فلما خلع المستعين وبويع المعتز أخرج المستعين إلى واسط واختار الأتراك أحمد بن طولون أن يكون معه فسلم إليه ومضى به فأحسن عشرته وأطلق له التنزه والصيد وخشي أن يلحقه منه احتشام فألزمه كاتبه أحمد بن محمد الواسطي وهو إذ ذاك غلام حسن الشاهد حاضر النادرة فأنس به المستعين‏.‏