فصل: فتح عمرو مصر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الخِطط المقريزية المسمى بـ «المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار» **


وقال ابن لهيعة عن يحيى بن ميمون الحضرمي‏:‏ لما

 فتح عمرو مصر

صالح عن جميع من فيها من الرجال من القبط ممن راهق الحلم إلى ما فوق ذلك ليس فيهم امرأة ولا شيخ ولا صبي فأحصوا بذلك على دينارين دينارين فبلغت عدتهم ثمانية آلاف ألف قال‏:‏ وشرط المقوقس للروم أن يخيروا فمن أحب منهم أن يقيم على مثل هذا أقام على ذلك لازمًا له مقترضًا عليه ممن أقام بالإسكندرية وما حولها من أرض مصر كلها ومن أراد الخروج منها إلى أرض الروم خرج وعلى أن للمقوقس الخيار في الروم خاصة حتى يكتب إلى ملك الروم ويعلمه ما فعل فإن قبل ذلك ورضيه جاز عليهم وإلا كانوا جميعًا على ما كانوا عليه وكتبوا به كتابًا وكتب المقوقس إلى ملك الروم كتابًا يعلمه بالأمر كله‏.‏

فكتب إليه ملك الروم‏:‏ يقبح رأيه ويعجزه ويرد عليه ما فعل ويقول في كتابه‏:‏ إنما أتاك من العرب اثنا عشر ألفًا وبمصر من بها من كثرة عدد القبط ما لا يحصى فإن كان القبط كرهوا القتال وأحبوا الجزية إلى العرب واختاروهم علينا فإن عندك بمصر من الروم وبالإسكندرية ومن معك أكثر من مائة ألف معهم العدة والقوة والعرب وحالهم وضعفهم على ما قد رأيت فعجزت عن قتالهم ورضيت أن تكون أنت ومن معك من الروم في حال القبط أذلاء فقاتلهم أنت ومن معك من الروم حتى تموت أو تظهر عليهم فإنهم فيكم على قدر كثرتكم وقوتكم وعلى قدر قلتهم وضعفهم كاكلة ناهضهم القتال ولا يكن لك رأي غير ذلك وكتب ملك الروم بمثل ذلك كتابًا إلى جماعة الروم فقال المقوقس لما أتاه كتاب ملك الروم‏:‏ والله أعلم إنهم على قلتهم وضعفهم أقوى وأشد منا على قوتنا وكثرتنا إن الرجل الواحد منهم ليعدل مائة رجل منا وذلك أنهم قوم الموت أحب إلى أحدهم من الحياة يقاتل الرجل منهم وهو مستقبل يتمنى أن لا يرجع إلى أهله ولا بلده ولا ولده ويرون أن لهم أجرًا عظيمًا فيمن قتلوه منا ويقولون أنهم إن قتلوا دخلوا الجنة وليس لهم رغبة في الدنيا ولا لذة إلا قدر بلغة العيش من الطعام واللباس ونحن قوم نكره الموت ونحب الحياة ولذتها فكيف نستقيم نحن وهؤلاء وكيف صبرنا معهم واعلموا معشر الروم والله إني لا أخرج مما دخلت فيه ولا صالحت العرب عليه وإني لأعلم أنك سترجعون غدًا إلى قولي ورأيي وتتمنون أن لو كنتم أطعتموني وذلك أني قد عاينت ورأيت وعرفت ما لم يعاين الملك ولم يره ولم يعرفه أما يرضى أحدكم أن يكون آمنًا في دهره على نفسه وماله وولده بدينارين في السنة‏.‏

ثم أقبل المقوقس إلى عمرو فقال له‏:‏ إن الملك قد كره ما فعلت وعجزني وكتب إلي وإلى جماعة الروم‏:‏ أن لا نرضى بمصالحتك وأمرهم بقتالك حتى يظفروا بك أو تظفر بهم ولم أكن لأخرج عما دخلت فيه وعاقدتك عليه وإنما سلطاني على نفسي ومن أطاعني وقد تم صلح القبط فيما بينك وبينهم ولم يأت من قبلهم نقض وأنا متم لك على نفسي والقبط متمون لك على الصلح الذي صالحتهم عليه وعاقدتهم وأما الروم فأنا منهم بريء وأنا أطلب إليك أن تعطيني ثلاث خصال لا تنقض بالقبط وأدخلني معهم وألزمني ما لزمهم وقد اجتمعت كلمتي وكلمتهم على ما عاقدتك عليه فهم متمون لك على ما تحب وأما الثانية إن سألك الروم بعد اليوم أن تصالحهم فلا تصالحهم حتى تجعلهم فيئًا وعبيدًا فإنهم أهل ذلك لأني نصحتهم فاستغشوني ونظرت لهم فاتهموني وأما الثالثة‏:‏ أطلب إليك إن أنا مت أن تأمرهم أن يدفنوني بجسر الإسكندرية فأنعم له عمرو بذلك وأجابه إلى ما طلب على أن يضمنوا له الجسرين جميعًا ويقيموا لهم الأنزال والضيافة والأسواق والجسور ما بين الفسطاط إلى الإسكندرية ففعلوا‏.‏

وصارت لهم القبط أعوانًا كما جاء في الحديث وقال ابن وهب في حديثه عن عبد الرحمن بن شريح‏:‏ فسار عمرو بمن معه حتى نزل على الحصن فحاصرهم حتى سألوه أن يسير منهم بضعة عشر أهل بيت ويفتحوا له الحصن ففعل ذلك ففرض عليهم عمرو لكل رجل من أصحابه دينارًا وجبة وبرنسًا وعمامة وخفين وسألوه‏:‏ أن يأذن لهم أن يهيئوا له ولأصحابه صنيعًا ففعل وأمر عمرو أصحابه فتهيئوا ولبسوا البرود ثم أقبلوا فلما فرغوا من طعامهم سألهم عمرو‏:‏ كم أنفقتم قالوا‏:‏ عشرين ألف دينار قال عمرو‏:‏ لا حاجة لنا بصنيعكم بعد اليوم أدوا إلينا عشرين ألف دينار فجاءه النفر من القبط فاستأذنوه إلى قراهم وأهليهم فقال لهم عمرو‏:‏ كيف رأيتم أمرنا قالوا‏:‏ لم نر إلا حسنًا فقال الرجل الذي قال في المرة الأولى‏:‏ إنكم لن تزالوا تظهرون على كل من لقيتم حتى تقتلوا خيركم رجلًا فغضب عمرو وأمر به فطلب إليه أصحابه وأخبروه أنه لا يدري ما يقول حتى خلصوه‏.‏

فلما بلغ عمرًا قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه أرسل في طلب ذلك القبطي فوجدوه قد هلك فعجب عمرو من قوله ويقال‏:‏ إن عمرو بن العاص قال‏:‏ فلما طعن عمر بن الخطاب قلت هو ما قال القبطي فلما حدثت أنه إنما قتله أبو لؤلؤة رجل نصراني قلت‏:‏ لم يعن هذا إنما عنى من قتله المسلمون فلما قتل عثمان عرفت أن ما قال الرجل حق فلما فرغ القبط من صنيعهم أمر عمرو بن العاص بطعام فصنع لهم وأمرهم أن يحضروا لذلك فصنع لهم الثريد والعراق وأمر أصحابه بلباس الأكسية واشتمال الصماء والقعود على الركب فلما حضرت الروم وضعوا كراسي الديباج فجلسوا عليها وجلست العرب إلى جوانبهم فجعل الرجل من العرب يلتقم القمة العظيمة من الثريد وينهش من ذلك اللحم فيتطاير على من إلى جنبه من الروم فبشعت الروم ذلك وقالت‏:‏ أين أولئك الذين كانوا أتونا قبل فقيل لهم‏:‏ أولئك أصحاب المشورة وهؤلاء أصحاب الحرب‏.‏

وقال الكندي‏:‏ وذكر يزيد بن أبي حبيب‏:‏ أن عدد الجيش الذين كانوا مع عمرو بن العاص خمسة عشر ألفًا وخمسمائة وذكر عبد الرحمن بن سعيد بن مقلاص‏:‏ أن الذي جرت سهمانهم في الحصن من المسلمين اثنا عشر ألفًا وثلثمائة بعد من أصيب منهم في الحصار بالقتل والموت ويقال‏:‏ إن الذين قتلوا في هذا الحصار من المسلمين دفنوا في أصل الحصن‏.‏

وذكر القضاعي‏:‏ أ مصر فتحت يوم الجمعة مستهل المحرم سنة عشرين وقيل‏:‏ فتحت سنة ست عشرة وهو قول الواقدي وقيل‏:‏ فتحت والإسكندرية سنة خمس وعشرين والأكثر على أنها فتحت قبل عام الرمادة وكانت الرمادة في آخر سنة سبع عشرة وأول ثمان عشرة‏.‏

مصر هل فتحت بصلح أو عنوة ما قيل في مصر هل فتحت بصلح أو عنوة وقد اختلف في فتح مصر فقال قوم‏:‏ فتحت صلحًا وقال آخرون‏:‏ إنما فتحت عنوة فأما الذين قالوا كان فتح مصر بصلح فإن حسين بن شفي قال‏:‏ لما فتح عمرو بن العاص الإسكندرية بقي من الأسارى بها ممن بلغ الخراج وأحصي يومئذ ستمائة ألف سوى النساء والصبيان فاختلف الناس على عمرو في قسمهم فكان أكثر المسلمين يريد قسمها فقال عمرو‏:‏ لا أقدر على قسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين فكتب إليه يعلمه بفتحها وشأنها وأن المسلمين طلبوا قسمها فكتب إليه عمر رضي الله عنه‏:‏ لا تقسمها وذرهم يكون خراجهم فيئًا للمسلمين وقوة لهم على جهاد عدوهم فأقرها عمرو وأحصى أهلها وفرض عليهم الخراج فكانت مصر كلها صلحًا بفرضية‏:‏ دينارين دينارين إلا أنه يلزم بقدر ما يتوسع فيه من الأرض والزرع إلا الإسكندرية فإنهم كانوا يؤدون الخراج والجزية على قدر ما يرى من وليهم لأن الإسكندرية فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد ولم يكن لهم صلح ولا ذمة‏.‏

وقال الليث عن يزيد بن أبي حبيب‏:‏ مصر كلها صلح إلا الإسكندرية فإنها فتحت عنوة‏.‏

وقال عبد الله بن أبي جعفر‏:‏ حدثني رجل ممن أدرك عمرو بن العاص قال‏:‏ للقبط عهد عند فلان وعهد عن فلان فسمي ثلاثة نفر وفي رواية‏:‏ إن عهد أهل مثر كان عند كبرائهم وفي رواية‏:‏ سألت شيخًا من القدماء عن فتح مصر قلت له‏:‏ فإن ناسًا يذكرون أنه لم يكن لهم عهد فقال‏:‏ ما يبالي أن لا يصلي من قال‏:‏ إنه ليس لهم عهد فقلت‏:‏ فهل كان لهم كتاب فقال‏:‏ نعم كتب ثلاثة‏:‏ كتاب عند ظلما صاحب إخنا وكتاب عند قرمان صاحب رشيد وكتاب عند بحنس صاحب البرلس قلت‏:‏ كيف كان صلحهم قال‏:‏ دينارين على كل إنسان جزية وأرزاق المسلمين قلت‏:‏ فتعلم ما كان من الشروط قال‏:‏ نعم ستة شروط‏:‏ لا يخرجون من ديارهم ولا تنزع نساؤهم ولا كفورهم ولا أراضيهم ولا يزاد عليهم‏.‏

وقال يزيد بن أبي حبيب عن أبي جمعة مولى عقبة قال‏:‏ كتب عقبة بن عامر إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه‏:‏ يسأله أرضًا يسترفق بها عند قرية عقبة فكتب له معاوية‏:‏ بألف ذراع في ألف ذراع فقال له مولى له كان عنده‏:‏ انظر أصلحك الله أرضًا صالحة فقال له عقبة‏:‏ ليس لنا ذلك إن في عهدهم شروطًا ستة لا يؤخذ من أنفسهم شيء ولا من نسائهم ولا من أولادهم ولا يزاد عليهم ويدفع عنهم موضع الخوف من عدوهم وأنا شاهد لهم بذلك‏.‏

وعن يزيد بن أبي حبيب عن عوف بن حطان‏:‏ أنه كان لقريات من مصر منهن‏:‏ أم دنين وبلهيت عهد وإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما سمع بذلك كتب إلى عمرو يأمره أن يخبرهم فإن دخلوا في الإسلام فذاك وإن كرهوا فارددهم إلى قراهم وقال يحيى بن أيوب وخالد بن حميد‏:‏ ففتح الله أرض مصر كلها بصلح غير الإسكندرية وثلاث قريات ظاهرت الروم على المسلمين سلطيس ومصيل وبلهيت فإنه كان للروم جمع فظاهروا الروم على المسلمين فلما ظهر عليها المسلمون استحلوها وقالوا‏:‏ هؤلاء لنا فيء مع الإسكندرية فكتب عمرو بن العاص بذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فكتب إليه عمر‏:‏ أن يجعل الإسكندرية وهؤلاء الثلاث قريات ذمة للمسلمين ويضربون عليهم الخراج ويكون خراجهم وما صالح عليه القبط كله قوة للمسلمين لا يجعلون فيئًا ولا عبيدًا ففعلوا ذلك إلى اليوم‏.‏

وقال آخرون‏:‏ بل فتحت مصر عنوة بلا عهد ولا عقد‏.‏

قال سفيان بن وهب الخولاني‏:‏ لما افتتحنا مصر بغير عهد ولا عقد قام الزبير بن العوام فقال‏:‏ اقسمها يا عمرو بن العاص فقال عمرو‏:‏ والله لا أقسمها فقال الزبير‏:‏ والله لنقسمنها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فقال عمرو‏:‏ والله لا أقسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين فكتب إلى عمر فكتب إليه عمر‏:‏ أقرها حتى يغزو منها حبل الحبلة وصولح الزبير على شيء أرضي به وقال ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة‏:‏ إن مصر فتحت عنوة وعن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم قال‏:‏ سمعت أشياخنا يقولون‏:‏ إن مصر فتحت عنوة بغير عهد ولا عقد منهم أبي يحدثنا عن أبيه وكان فيمن شهد فتح مصر وعن أبي الأسود عن عروة‏:‏ إن مصر فتحت عنوة وعن عمرو بن العاص أنه قال‏:‏ لقد قعدت مقعدي هذا وما لأحد من قبط مصر علي عهد ولا عقد إلا أهل أنطابلس كان لهم عهد يوفي به إن شئت قبلت وإن شئت خمست وإن شئت بعت‏.‏

وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن‏:‏ أن عمرو بن العاص فتح مصر بغير عهد ولا عقد وأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حبس درها وضرعها أن يخرج منه شيء نظرًا للإسلام وأهله‏.‏

وعن يزيد بن أسلم قال‏:‏ كان تابوت لعمر بن الخطاب فيه كل عهد كان بينه وبين أحد ممن عاهده فلم يوجد فيه لأهل مصر عهد فمن أسلم منهم أقامه ومن أقام منهم قومه وكتب حيان بن شريح إلى عمر بن عبد العزيز يسأله أن يجعل جزية موتي القبط على أحيائهم فسأل عمر عراك بن مالك فقال عراك‏:‏ ما سمعت لهم بعهد ولا عقد وإنما أخذوا عنوة بمنزلة العبيد فكتب عمر إلى حيان‏:‏ أن يجعل جزية موتي القبط على أحيائهم وقال يحيى بن عبد الله بن بكير‏:‏ خرج أبو سلمة بن عبد الرحمن يريد الإسكندرية في سفينة فاحتاج إلى رجل يجذف فسخر رجلًا من القبط فكلم في ذلك فقال‏:‏ إنما هم بمنزلة العبيد إن احتجنا إليهم‏.‏

وقال ابن لهيعة عن الصلت بن أبي عاصم‏:‏ إنه قرأ كتاب عمر بن عبد العزيز إلى حيان بن وعن عبيد الله بن أبي جعفر‏:‏ أن كاتب حيان حدثه‏:‏ أنه احتيج إلى خشب لصناعة الجزيرة فكتب حيان إلى عمر بن عبد العزيز يذكر ذلك له وأنه وجد خشبًا عند بعض أهل الذمة وأنه كره أن يأخذها منهم حتى يعلمه فكتب إليه عمر‏:‏ خذها منهم بقيمة عدل فإني لم أجد لأهل مصر عهدًا أفي لهم به وقال عمر بن عبد العزيز لسالم‏:‏ أنت تقول ليس لأهل مصر عهد قال‏:‏ نعم‏.‏

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‏:‏ أ عمرو بن العاص كتب إلى عمر بن الخطاب في رهبان يترهبون بمصر فيموت أحدهم وليس له واره فكتب إليه عمر‏:‏ أن من كان منهم له عقب فادفع ميراثه إلى عقبه فإن لم يكن له عقب فاجعل ماله في بيت مال المسلمين فإن ولاءه للمسلمين‏.‏

وقال ابن شهاب‏:‏ كان فتح مصر بعضها بعهد وذمة وبعضها عنوة فجعلها عمر بن الخطاب رضي الله عنه جميعها ذمة وحملهم على ذلك فمضى ذلك فيهم إلى اليوم واشترى الليث بن سعد شيئًا من أرض مصر لأنه كان يحدث عن يزيد بن أبي حبيب‏:‏ أ مصر صلح وكان مالك بن أنس ينكر على الليث ذلك وأنكر عليه أيضًا عبد الله بن لهيعة ونافع ين يزيد لأن مصر عندهم كانت عنوة‏.‏

من شهد فتح مصر من الصحابة رضي الله عنهم قال ابن عبد الحكم‏:‏ وكان من حفظ من الذين شهدوا فتح مصر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قريش وغيرهم وممن لم يكن له برسول الله صلى الله عليه وسلم صحبة الزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وعمرو بن العاص وكان أمير القوم وعبد الله بن عمرو وخارجة ابن حذافة العدوي وعبد الله بن عمر بن الخطاب وقيس بن أبي العاص السهمي والمقداد بن الأسود وعبد الله بن أبي سعد بن أبي سرح العامري ونافع بن عبد قيس الفهري ويقال‏:‏ بل هو عقبة بن نافع وأبو عبد الرحمن يزيد بن أنيس الفهري وأبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عبدة وابن عبد الرحمن وربيعة ابنا شرحبيل بن حسنة ووردان مولى عمرو بن العاص وكان حامل لواء عمرو بن العاص وقد اختلف في سعد بن أبي وقاص فقيل‏:‏ إنما دخلها بعد الفتح وشهد الفتح من الأنصار عبادة بن الصامت وقد شهد بدرًا وبيعة العقبة ومحمد بن مسلمة الأنصاري وقد شهدبدرًا وهو الذي بعثه عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مصر فقاسم عمرو بن العاص ماله وهو أحد من كان صعد الحصن مع الزبير بن العوام ومسلمة بن مخلد الأنصاري يقال له‏:‏ صحبة وأبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري وأبو الدرداء عويمر بن عامر وقيل‏:‏ عويمر بن زيد ومن أحياء القبائل أبو نصرة جميل بن نصرة الغفاري وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري وشهد الفتح مع عمرو بن العاص‏:‏ هبيب بن معقل وإليه ينسب وادي هبيب الذي بالمغرب وعبد الله ابن الحارث ابن حزء الزبيدي وكعب بن ضبة العبسي ويقال‏:‏ كعب بن يسار بن ضبة وعقبة بن عامر الجهني وهو كان رسول عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص حين كتب إليه يأمره أن يرجع إن لم يكن دخل أرض مصر وأبو زمعة البلوي وبرح بن حسكل ويقال‏:‏ برح بن عسكر وشهد فتح مصر واختط بها وجنادة بن أبي أمية الأزدي وسفيان بن وهب الخولاني وله صحبة ومعاوية بن خديج الكندي وهو كان رسول عمر بن العاص إلى عمر بن الخطاب بفتح الإسكندرية وقد اختلف فيه فقال قوم‏:‏ له صحبة وقال آخرون‏:‏ ليست له صحبة وعامر مولى حمل الذي يقال له‏:‏ عامر حمل شهد الفتح وهو مملوك وعمار بن ياسر ولكن دخل بعد الفتح في أيام عثمان وجهه إليها في بعض أموره‏.‏

وقال ابن عبد الحكم‏:‏ منهم من اختط بالبلد فذكرنا خطته ومنهم من لم يذكر له خطة قال‏:‏ فاختط عمرو بن العاص داره التي عند باب المسجد بينهما الطريق وداره الأخرى اللاصقة إلى جنبها وفيها دفن عبد الله بن عمرو فيما زعم بعض مشايخ البلد لحدث كان يومئذ في البلد والحمام الذي يقال له حمام الفار وإنما قيل له‏:‏ حمام الفار لأن حمامات الروم كانت ديماسات كبارًا فلما بني هذا الحمام ورأوا صغره قالوا‏:‏ من يدخل هذا هذا حمام الفار‏.‏

تسمية مدينة مصر بالفسطاط قال ابن عبد الحكم عن يزد بن أبي حبيب‏:‏ أن عمرو بن العاص لما فتح الإسكندرية ورأى بيوتها وبناءها مفروغًا منها هم أن يسكنها وقال‏:‏ مساكن قد كفيناها فكتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستأذنه في ذلك فسأل عمر الرسول‏:‏ هل يحول بيني وبين المسلمين ماء قال‏:‏ نعم يا أمير المؤمنين إذا جرى النيل فكتب عمر إلى عمرو‏:‏ إني لا أحب أن تنزل بالمسلمين منزلًا يحول الماء بيني وبينهم في شتاء ولا صيف فتحول عمرو من الإسكندرية إلى الفسطاط قال‏:‏ وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى سعد بن أبي وقاص وهو نازل بمدائن كسرى وإلى عامله بالبصرة وإلى عمرو بن العاص وهو نازل بالإسكندرية‏:‏ أن لا تجعلوا بيني وبينكم ماءً متى أردت أن أركب إليكم راحلتي حتى أقدم عليكم قدمت فتحول سعد من مدائن كسرى إلى الكوفة وتحول صاحب البصرة من المكان الذي كان فيه فنزل البصرة وتحول عمرو بن العاص من الإسكندرية إلى الفسطاط‏.‏

قال‏:‏ وإنما سميت الفسطاط لأن عمرو بن العاص لما أراد التوجه إلى الإسكندرية لقتال من بها من الروم أمر بنزع فسطاطه فإذا فيه يمام قد فرخ فقال عمرو‏:‏ لقد تحرم منا بمتحرم فأمر به فأقر كما هو وأوصى به صاحب القصر فلما قفل المسلمون من الإسكندرية قالوا‏:‏ أين ننزل قالوا‏:‏ الفسطاط لفسطاط عمرو الذي كان خلفه وكان مضروبًا في موضع الدار التي تعرف اليوم بدار الحصار عند دار عمرو الصغيرة‏.‏

قال الشريف محمد بن أسعد الجواني‏:‏ كان فسطاط عمرو عند درب حمام شمول بخط الجامع وقال ابن قتيبة في كتاب غريب الحديث في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏ عليكم بالجماعة فإن يد الله على الفسطاط ‏"‏ يرويه سويد بن عبد العزيز عن النعمان بن المنذر عن مكحول عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم‏.‏

والفسطاط‏:‏ المدينة وكل مدينة‏:‏ فسطاط ولذلك قيل لمصر‏:‏ فسطاط‏.‏

وقال البكري‏:‏ الفسطاط بضم أوله وكسره وإسكان ثانيه‏:‏ اسم لمصر ويقال‏:‏ فسطاط وبسطاط‏.‏

قال المطرزي‏:‏ وفصطاد وفستاد وبكسر أوائل جميعها فهي عشر لغات‏.‏

وقال ابن قتيبة‏:‏ كل مدينة فسطاط وذكر حديث‏:‏ عليكم بالجماعة فإن يد الله على الفسطاط وأخبرني أبو حاتم عن الأصمعي أنه قال‏:‏ حدثني رجل من بني تميم قال‏:‏ قرأت في كتاب رجل من قريش‏:‏ هذا ما اشترى فلان بن فلان من عجلان مولى زياد اشترى منه خمسمائة جريب حيال الفسطاط يريد البصرة ومنه قول الشعبي في الآبق إذا أخذ في الفسطاط عشرة وإذا أخذ خارجًا عن الفسطاط أربعون وأراد أن يد الله على أهل الأمصار وأن من شذ عنهم وفارقهم في الرأي فقد خرج عن يد الله وفي ذلك آثار والله أعلم‏.‏

الخطط التي كانت بمدينة الفسطاط اعلم‏:‏ أن الخطط التي كانت بمدينة فسطاط مصر بمنزلة الحارات التي هي اليوم بالقاهرة فقيل لتلك في مصر‏:‏ خطة وقيل لها في القاهرة‏:‏ حارة‏.‏

قال القضاعي‏:‏ لما رجع عمرو من الإسكندرية ونزل موضع فسطاطه انضمت القبائل بعضها إلى بعض وتنافسوا في المواضع فولى عمرو على الخطط‏:‏ معاوية بن خديج التجيبي وشريك بن سمي الغطيفي وعمرو بن قحزم الخولاني وحيويل بن ناشزة المغافري وكانوا هم الذين أنزلوا الناس وفصلوا بين القبائل وذلك في سنة إحدى وعشرين‏.‏

خطة أهل الراية‏:‏ أهل الراية جماعة من قريش والأنصار وخزاعة وأسلم وغفار ومزينة وأشجع وجهينة وثقيف ودوس وعبس بن بغيض وحرش من بني كنانة وليث بن بك والعتقاء منهم إلا أن منزل العتقاء في غير الراية وإنما سموا أهل الراية ونسبت الخطة إليهم لأنهم جماعة لم يكن لكل بطن منهم من العدد ما ينفرد بدعوة من الديوان فكره كل بطن منهم أ يدعى باسم قبيلة غير قبيلته فجعل لهم عمرو بن العاص راية ولم ينسبها إلى أحد فقال‏:‏ يكون موقفكم تحتها فكانت لهم كالنسب الجامع وكان ديوانهم عليها وكان اجتماع هذه القبائل لما عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم من الولاية بينهم وهذه الخطة محيطة بالجامع من جميع جوانبه ابتدأوا من المصف الذي كانوا عليه في حصارهم الحصن وهو باب الحصن الذي يقال له‏:‏ باب الشمع ثم مضوا بخطتهم إلى حمام الفار وشرعوا بغربيها إلى النيل فإذا بلغت إلى النحاسين فالجانبان لأهل الراية إلى باب المسجد الجامع المعروف‏:‏ بباب الوراقين ثم يسلك على حمام شمول وفي هذه الخطة زقاق القناديل إلى تربة عفان إلى سوق الحمام إلى باب القصر الذي بدأنا بذكره‏.‏

خطة مهرة‏:‏ بن حيدان بن عمرو بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير‏:‏ وخطة مهرة هذه قبلي خطة الراية واختطت مهرة أيضًا على سفح الجبل الذي يقال له‏:‏ جبل يشكر مما يلي الخندق إلى شرقي العسكر إلى جنان بني مسكين ومن جملة خطة مهرة الموضع الذي يعرف اليوم بمساطب الطباخ واسمه حمد ويقال‏:‏ إن الخطة التي لهم قبلي الراية كانت حوزًا لهم يربطون فيها خيلهم إذا رجعوا إلى الجمعة ثم انقطعوا إليها وتركوا منازلهم بيشكر‏.‏

خطة تجيب‏:‏ وتجيب هم بنو عدي وسعد ابني الأشرس بن شبيب بن السكن بن الأشرس بن كندة فمن كان من ولد عدي وسعد يقال لهم‏:‏ تجيب وتجيب‏:‏ أمهم وهذه الخطة تلي خطة وخطط لخم في موضعين‏:‏ فمنها خطة لخم بن عدي بن مرة بن أدد ومن خالطها من جذام فابتدأت لخم بخطتها من الذي انتهت إليه خطة الراية وأصعدت ذات الشمال وفي هذه الخطة سوق بربر وشارعه مختلط فيما بين لخم والراية ولهم خطتان أخريان إحداهما منسوبة إلى بني رية بن عمرو بن الحارث بن وائل بن راشدة من لخم وأولها شرقي الكنيسة المعروفة‏:‏ بمكائيل التي عند خليج بني وائل وهذا الموضع اليوم وراقات يعمل فيها الورق بالقرب من باب القنطرة خارج مصر والخطة الثانية‏:‏ خطة راشدة بن أدب بن جزيلة من لخم وهي متاخمة للخطة التي قبلها وفي هذه الخطة جامع راشدة وجنان كهمس بن معمر الذي عرف‏:‏ بالمادراني ثم عرف بجنان الأمير تميم وهو اليوم يقال له‏:‏ المعشوق بجوار الآثار النبوية ولهم مواضع مع اللفيف وخطط أيضًا بالحمراء‏.‏

خطط اللفيف‏:‏ إنما سموا بذلك لالتفاف بعضهم ببعض وسبب ذلك‏:‏ أن عمرو بن العاص لما فتح الإسكندرية أخبر أ مراكب الروم قد توجهت إلى الإسكندرية لقتال المسلمين فبعث عمرو بعمرو بن جمالة الأزدي الحجري ليأتيه بالخبر فمضى وأسرعت هذه القبائل التي تدعى اللفيف وتعاقدوا على اللحاق به واستأذنوا عمرو بن العاص في ذلك فأذن لهم وهم جمع كثير فلما رآهم عمرو بن جمالة استكثرهم وقال‏:‏ تالله ما رأيت قومًا قد سدوا الأفق مثلكم وإنكم كما قال الله تعالى‏:‏ ‏"‏ فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفًا ‏"‏ ‏"‏ الإسراء 104 ‏"‏ فبذلك سموا من يومئذ اللفيف وسألوا عمرو بن العاص‏:‏ أن يفرد لهم دعوة فامتنعت عشائرهم من ذلك فقالوا لعمرو‏:‏ فأنا نجتمع في المنزل حيث كنا فأجابهم إلى ذلك فكانوا مجتمعين في المنزل متفرقين في الديوان إذا دعي كل بطن منهم انضم إلى بني أبيه‏.‏

قال قتادة ومجاهد والضحاك بن مزاحم في قوله‏:‏ ‏"‏ جئنا بكم لفيفًا ‏"‏ ‏"‏ الإسراء 104 ‏"‏ قال‏:‏ جميعًا وكان عامتهم من الأزد من الحجر ومن غسان ومن شجاعة والتف بهم نفر من جذام ولخم والزحاف وتنوخ من قضاعة فهم مجتمعون في المنزل متفرقون في الديوان وهذه الخطة أولها مما يلي الراية سالكًا ذات الشمال إلى نقاشي البلاط وفيها دار ابن عشرات إلى نحو من سوق وردان‏.‏

خطط أهل الظاهر‏:‏ إنما سمي هذا المنزل بالظاهر لأن القبائل التي نزلته كانت بالإسكندرية ثم قفلت بعد قفول عمرو بن العاص وبعد أن اختط الناس خططهم فخاصمت إلى عمرو فقال لهم معاوية بن خديج‏:‏ وكان ممن يتولى الخطط يومئذ أرى لكم أن تظهروا على أهل هذه القبائل فتتخذوا منزلًا فسمي الظاهر بذلك وكانت القبائل التي نزلت الظاهر العتقاء وهم جماع من القبائل كانوا يقطعون على أيام النبي صلى الله عليه وسلم فبعث إليهم فأتى بهم أسرى فأعتقهم فقيل لهم‏:‏ العتقاء وديوانهم مع أهل الراية وخطتهم بالظاهر متوسطة فيه وكان فيهم طوائف من الأزد وفهم وأول هذه الخطة من شرقي خطة لخم وتتصل بموضع العسكر ومن هذه الخطة سويقة العراقيين وعرفت بذلك ون زيادًا لما ولاه معاوية بن أبي سفيان البصرة غرب جماعة من الأزد إلى مصر وبها مسلمة بن مخلد في سنة ثلاث وخمسين فنزل منهم هنا نحو من مائة وثلاثين فقيل لموضعهم من خطة الظاهر‏:‏ سويقة العراقيين‏.‏

خطط غافق‏:‏ هو غافق بن الحارث بن عك بن عدنان عبد الله بن الأزد وهذه الخطة تلي خطة لخم إلى خطة الظاهر بجوار درب الأعلام‏.‏

خطط الصدف‏:‏ واسمه مالك بن سهل بن عمرو بن قيس بن حمير ودعوتهم مع كندة‏.‏

خطط الفارسيين‏:‏ واستبد بخطة خولان من حضر فتح مصر من الفارسيين وهم بقايا جند باذان عامل كسرى على اليمن قبل الإسلام أسلموا بالشأم ورغبوا في الجهاد فنفروا مع عمرو بن العاص إلى مصر فاختطوا بها وأخذوا في سفح الجبل الذي يقال له‏:‏ جبل باب البون وهذا الجبل اليوم شرقي من وراء خطة جامع ابن طولون تعرف أرضه بالأرض الصفراء وهي من جملة العسكر‏.‏