فصل: حكر الحلبيّ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الخِطط المقريزية المسمى بـ «المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار» **


 حكر الحلبيّ

هذا الحكر الآن يعرف بحكر بيبرس الحاجب وهو مجاور للزهري ولبركة الشقاف من غربيها وأصله من جملة أراضي الزهري اقتطع منه وباعه القاضي مجد الدين ابن الخشاب وكيل بيت المال لابنتي السلطان الملك الأشرف خليل بن قلاون في سنة أربع وتسعين وستمائة وكان يُعرف حين هذا البيع ببستان الجمال بن جن حلوان وبغيط الكرديّ وببستان الطيلسان وببستان الفرغانيّ وحدّ هذه القطعة القبليّ إلى بكرة الطوّابين وإلى الهدير الصغير‏.‏

والحدّ البحريّ ينتهي إلى بستان الفرغانيّ وإلى بستان البواشقيّ‏.‏

والحدّ الشرقيّ إلى بركة الشقاف وإلى الطريق الموصلة إلى الهدير الصغير‏.‏

والحدّ الغربي إلى بستان الفرغانيّ‏.‏

ثم انتقل هذا البستان إلى الأمير ركن الدين بيبرس الحاجب في أيام الملك الناصر محمد بن قلاون وحكره فعرف به‏.‏

حكر البواشقيّ عرف بالأمير أزدمر البواشقيّ مملوك الرشيديّ الكبير أحد المماليك البحرية الصالحية وممن قام على الملك المعز أيبك عندما قتل الأمير فارس الدين اقطاي في ذي القعدة سنة إحدى وخمسين وستمائة وخرج إلى بلاد الروم ثم عرف الآن بحكر كرجي وهو بجوار حكر الحلبيّ المعروف بحكر بيبرس‏.‏

حكر أقبغا هذا الحكر بجوار السبع سقايات بعضه بجانب الخليج الغربيّ وبعضه بجانب الخليج الشرقيّ كان بستانًا يُعرف قديمًا بجنان الحارة ويُسلك إليه من خط قناطر السباع على يمنة السالك طالبًا السبع سقايات بالقرب من كنيسة الحمراء وكان بعضه بستانًا يُعرف ببستان المحلي وهو الذي في غربيّ الخليج وكان بستان جنان الحارة بجوار بركة قاروق وينتهي إلى حوض الدمياطيّ الموجود الآن على يمنة من سلك من خط السبع سقايات إلى قنطرة السدّ فاستولى عليه الأمير أقبغا عبد الواحد استادار الملك الناصر محمد بن قلاوون وأذن للناس في تحكيره فحُكر وبني فيه عدّة مساكن‏.‏

وإلى يومنا هذا يُجبى حكره ويصرف في مصارف المدرسة الآقبغاوية المجاورة للجامع الأزهر بالقاهرة وأوّل من عمر في حكر أقبغا هذا أستادار الأمير جنكل بن الباب فتبعه الناس‏.‏

وفي موضع هذا الحكر كانت كنيسة الحمراء التي هدمها العامّة في أيام الملك الناصر محمد بن قلاون كما ذكر عند ذكر الكنائس من هذا الكتاب‏.‏

وهي اليوم زاوية تُعرف بزاوية الشيخ يوسف العجمي وقد ذكرت في الزوايا أيضًا وهذا الحكر لما بنى الناس فيه عرف بالآدر لكثرة من سكن فيه من التتر والوافدية من أصحاب الأمير جنكل بن البابا وعمر تجاه هذا الحكر الأمير جنكل حمامين هما هنالك إلى اليوم وانتشأ بعمارة هذا الحكر بظاهره سوق وجامع وعمر ما على البركة أيضًا واتصلت العمارة منه في الجانبين إلى مدينة مصر واتصلت به عمائر أيضًا ظاهر القاهرة بعدما كان موضع هذا الحكر مخوفًا يقطع فيه الزعار الطريق على المارّة من القاهرة إلى مصر وكان والي مصر يحتاج إلى أن يركز جماعة من أعوانه بهذا المكان لحفظ من يمرّ من المفسدين فصار لما حكر كأنه مدينة كبيرة وهو إلى الآن عامر وأكثر من يسكنه الأمراء والأجناد وهذا الحكر كان يُعرف قديمًا بالحمراء الدنيا وقد ذكر خبر الحمراوات الثلاث عند ذكر خطط مدينة فسطاط مصر من هذا الكتاب وفي هذا الحكر أيضًا كانت قنطرة عبد العزيز بن مروان التي بناها على الخليج ليتوصل منها جنان الزهريّ وبعض هذا الحكر مما انحسر عنه النيل وهي القطعة التي تلي قنطرة السدّ‏.‏

حكر الست حدق هذا الحكر يعرف اليوم بالمريس وكان بساتين من بعضها بستان الخشاب فعرف بالست حدق من أجل أنها أنشأت هناك جامعًا كان موضعه منظرة السكرة فبنى الناس حوله وأكثر من كان يسكن هناك السودان وبه يتخذ المزور مأوى أهل الفواحش والقاذورات وصار به عدّة مساكن وسوق كبير يحتاج محتسب القاهرة أن يقيم به نائبًا عنه للكشف عما يباع فيه من المعايش وقد أدركنا المريس على غاية من العمارة إلاّ أنه قد اختلّ منذ حدثت الحوادث من سنة ست وثمانمائة وبه إلى الآن بقية من فساد كبير‏.‏

حكر الست مسكة‏:‏ هذا الحكر بسويقة السباعين بقرب جوار حكر الست حدق عرف بالست مسكة لأنها أنشأت به جامعًا وهذا الحكر كان من جملة الزهريّ ثم أفرد وصار بستانًا تنقل إلى جماعة كثيرة فلما عمرت الست مسكة في هذا الحكر الجامع بنى الناس حوله حتى صار متصلًا بالعمارة من سائر جهاته وسكنه الأمراء والأعيان وأنشأوا به الحمّامات والأسواق وغير ذلك‏.‏

وكانت حدق ومسكة من جواري السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون نشأتا في داره وصارتا قهرمانيتن لبيت السلطان يُقتدى برأيهما في عمل الأعراس السلطانة والمهمات الجليلة التي تعمل عمرها وصار لهما من الأموال الكثيرة والسعادات العظيمة ما يجلّ وصفه وصنعا برًّا ومعروفًا كبيرًا واشتهرتا وبعد صيتهما وانتشر ذكرهما‏.‏

حكر طقزدمر‏:‏ هذا الحكر كان بستانًا مساحته نحو الثلاثين فدّانًا فاشتراه الأمير طقزدمر الحمويّ نائب السلطنة بديار مصر ودمشق وقلع أخشابه وأذن للناس في البناء عليه فحركوه وأنشأوا به الدور الجليلة واتصلت عمارة الناس فيه بسائر العمائر من جهاته وأنشأ الأمير طقزدمر فيه أيضًا على الخليج قنطرة ليمرّ عليها من خط المسجد المعلق إلى هذا الحكر وهو مما عمر في أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون ومات طقزدمر في ليلة الخميس مستهلّ جمادى الآخرة سنة ست وأربعين وسبعمائة‏.‏

اللوق‏:‏ يُقال لاق الشيء يلوقه لوقًا ولوّقه ليّنه‏.‏

وفي الحديث الشريف لا آكل إلاّ ما لوّق لي ولواق أرض معروفة‏.‏

قاله ابن سيدة‏:‏ فكأن هذه الأرض لما انحسر عنها ماء النيل كانت أرضًا لينة وإلى الآن في أراضي مصر ما إذا نزل عنها ماء النيل لا تحتاج إلى الحرث للينها بل تلاق لوقًا فصواب هذا المكان أن يقال فيه أراضي اللُق بضم اللام ويجوز أن يكون من اللق بضم اللام وتشديد القاف‏.‏

قال ابن سيده‏:‏ واللق كل أرض ضيقة مستطيلة واللق الأرض المرتفعة ومنه كتاب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج لا تدع خقًا ولا لقًا إلا زرعته حكاه الهوريّ في الغريبين‏.‏

انتهى‏.‏

والخُقّ بضم الخاء المعجمة وتشديد القاف الغدير إذا جف‏.‏

وقيل الخُق ما اطمأنّ من الأرض واللق ما ارتفع منها وأراضي اللوق هذه كانت بساتين ومزروعات ولم يكن بها في القديم بناء البتة ثم لما انحسر الماء عن منشأة الفاضل عمر فيها كما ذكر في موضعه من هذا الكتاب ويُطلق اللوق في زمننا على الكمان الذي يُعرف اليوم بباب اللوق المجاور لجامع الطباخ المطلّ على بركة الشقاف وما يسامته إلى الخليج الذي يُعرف اليوم بخليج فم الخور وينتهي اللوق من الجانب الغربيّ إلى منشأة المهرانيّ ومن الجانب الشرقيّ إلى الدكة بجوار المقس وكان القاضي الفضل قد اشترى قطعة كبيرة من أراضي اللوق هذه من بيت المال وغيره بجمل كبيرة من المال ووقفها على العين الزرقاء بالمدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم وعُرفت هذه الأرض ببستان ابن قريش وبعضها دخل في الميدان الظاهريّ وعوّض عنها أراض بأكثر من قيمتها وكان متحصل هذا الوقف يحمل فم الخور المعروف اليوم بحكر ابن الأثير وبسويقة الموقف وموردة الملح وساحل بولاق وكله فإنه محدث عُمّر بعد سنة سبعمائة كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى قريبًا‏.‏

فإنّ النيل كان يمرّ من ساحر الحمراء بغربيّ الزهري على الأراضي التي لما انحسر عنها عُرفت بأراضي اللوق وإلى أن ينتهي إلى ساحل المقس وكانت طاقات المناظر التي بالدكة تُشرف على النيل الأعظم ولا يحول بينها وبين رؤية برّ الجيزة شيء ويمرّ النيل من الكدة إلى المقس ويمتدّ إلى زريبة جامع المقس الذي هوالآن على الخليج الناصريّ‏.‏

فلما انحسر ماء النيل عن أراضي اللوق اتصلت بالمقص وصارت عدّة أماكن تعرف بظاهر اللوق وهي بستان ابن ثعلب ومشأة ابن ثعلب وباب اللوق وحكر قردمية وحكر كريم الدين ورحبة التبن وبستان السعيديّ وبركة قرموط وخور الصعبيّ وصار بين اللوق وبين منشأة المهرانيّ التي هي بأوّل برّ الخليج الغربيّ منشأة الفاضل والمنشأة المستجدّة وحكر الخليليّ وحكر الساباط ويُعرف بحكر بستان القاصد وحكر كريم الدين الصغير وحكر المطوع وحكر العين الزرقاء‏.‏

وفي غربيّ هذه المواضع على شاطىء النيل زريبة قوصون وموردة البلاط وموردة الجبس وخط الجامع الطيبرسيّ وزريبة السلطان وربع بكتمر‏.‏

وأوّل ما بنيت الدور للسكن في اللوق ايام الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداريّ وذلك أنه جهز كشافه من خواصه مع الأمير جمال الدين الرومي السلاح دار والأمير علاء الدين أق سنقر الناصريّ ليعرف أخبار هولاكو ومعهم عدّة من العربان فوجدوا طائفة من التتر مستأمنين وقد عزموا على قصد السلطان بمصر وذلك أن الملك بركة خان ملك التتركان قد بعثهم نجدة لهولاكو فلما وقع بينهم كتب إليهم بركة يأمرهم بمفارقة هولاكو والمصير إليه فإن تعذر عليهم ذلك صاروا إلى عسكر مصر فإنه كان قد ركن إلى الملك الظاهر وتردّدت القصّاد بينهم بعد واقعة بغداد ورحيل هولاكو عن حلب فاختلف هولاكو مع ابن عمه بركة خان وتواقعا فقتل ولد هولاكو في المصاف وانهزم عسكره وفرّ إلى قلعة في بحيرة أذربيجان فلما وردت الأخبار بذلك إلى مصر وكتب السلطان إلى نوّاب الشام بإكرامهم وتجهيز الإقامات لهم وبعث إليهم بالخلع والإنعامات فوصلوا إلى ظاهر القاهرة وهم نيف على مائتي فارس بنسائهم وأولادهم في يوم الخميس رابع عشري ذي الحجة سنة ستين وستمائة فخرج السلطان يوم السبت سادس عشرية إلى لقائهم بنفسه ومعه العساكر فلم يبق أحد حتى خرج لمشاهدتهم فاجتمع علم عظيم تبهر رؤيتهم العقول وكان يومًا مشهودًا‏.‏

فأنزلهم السلطان في دور كان قد أمر بعمارتها من أجلهم في أراضي اللوق وعمل لهم دعوة عظيمة هناك وحمل إليهم الخلع والخيول والأموال وركب السلطان إلى الميدان وأركبهم معه للعب الأكرة وأعطى كبراءهم أمريات فمنهم دون ذلك ونزل بقيتهم من جملة البحرية وصار كل منهم من سعة الحال كالأمير في خدمته الأجناد والغلمان وأفرد لهم عدّة جهات برسم مرتبهم وكثرت نعمهم وتظاهروا بدين الإسلام فلما بلغ التتار ما فعله السلطان مع هؤلاء وفد عليه منهم جماعة بعد جماعة وهو يقابلهم بمزيد الأحسان فتكاثروا بديار مصر وتزايدت العمائر في اللوق وما حوله وصار هناك عدّة أكال عامرة آهلة إلى أن خربت شيئًا بعد شيء وصارت كيمانًا وفيها ما هو عامر إلى يومنا هذا ولما قدمت رسل القان بركة في سنة إحدى وستين وسبعمائة أنزلهم السلطان الملك الظاهر باللوق وعمل لهم فيه مهمًا وصار يركب في كل سبت وثلاثاء للعب الأكرة باللوق في الميدان‏.‏

وفي سادس ذي الحجة من سنة إحدى وستين قدم من المغل والبهادرية زيادة على الف وثلثمائة فارس فانزلوا في مساكن عمرت لهم باللوق بأهاليهم وأولادهم وفي شهر رجب سنة إحدى وستين وسبعمائة قدمت رسل الملك بركة ورسل الأشكري فعملت لهم دعوة عظيمة باللوق‏.‏

فأما بستان ابن ثعلب فإنه كان بستانًا عظيم القدر مساحته خمسة وسبعون فدانًا فيه سائر الفواكه بأسرها وجميع ما يزدرع من الأشجار والكروم والنرجس والهليون والورد والنسرين والياسمين والخوخ والكمثري والنارنج والليمون التفاحيّ والليمون الراكب والمختن والجميز والقراصيا والرمان والزيتون والتوت الشاميّ والمصريّ والمرسين والتامر حنا وألبان تعرف اليوم ببكرة قرموط والأرض التي تعرف اليوم بالخور قبالة الأرض المعروفة بالبيضاء بجوار بستان السراج وبستان الزهريذ وبستان البورجي فيما بين هذه البساتين وبين خليج الدكة والمقس وكان على بستان ابن ثعلب سور مبنيّ وله باب جليل‏.‏

وحدّه القبليّ إلي منشأة ابن ثعلب وحدّه البحريّ إلى الأرض المجاورة للميدان السلطانيّ الصالحيّ وإلى أرض الجزائر وفي هذا الحدّ أرض الخور وهي في حقوقه‏.‏

وحدّ الشرقيّ إلى بستان الدكة وبستان الأمير قراقوش وحدّه الغربيّ إلى الطريق المسلوك فيها إلى موردة السقائين قبالة بستان السراج وموردة السقائين هذه موضع قنطرة الخرق الآن‏.‏

وابن ثعلب هذا هو الشريف الأمير الكبير فخر الدين إسماعيل بن ثعلب الجعفريّ الزينبيّ أحد أمراء مصر في أيام الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب وغيره وصاحب المدرسة الشريفية بجوار درب كركامة على رأس حارة الجودرية من القاهرة وانتقل من بعده لى ابنه الأمير حصن الدين ثعلب فاشتراه منه الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب بن شادي بثلاثة آلاف دينار مصرية في شهر رجب سنة ثلاث وأربعين وستمائة وكان باب هذا البستان في الموضع الذي يُقال له اليوم باب اللوق وكان هذا البستان ينتهي إلى خليج الخور وآخر من المشرق ينتهي إلى الدكة بجوار المقس ثم انقسم بعد ذلك قطعًا وحكرة أكثر أرضه وبنى الناس عليها الدور وغيرها وبقيت منه إلى الآن قطعة عرفت ببستان الأمير أرغون النائب بديار مصر أيام الملك الناصر ثم عرف بعد ذلك ببستان ابن غراب وهو الآن على شاطىء الخليج الناصريّ على يمنة من سلك من قنطرة قدادار بشاطىء الخليج من جانبه الشرقي إلى بركة قرموط وبقيت من بستان ابن ثعلب قطعة تعرف ببستان بنت الأمير بيبرس إلى الآن وهو وقف ومن جملة بستان ابن ثعلب أيضًا الموضع الذي يعرف ببركة قرموط والموضع المعروف بفم الخور‏.‏

وأما منشأة ابن ثعلب‏:‏ فإنها بالقرب من باب اللوق وحكرت في أيام الشريف فخر الدين بن ثعلب المذكور فعرفت به وهي تُعرف اليوم بمنشأة الجوّانية لأنّ جوّانية الفم‏.‏

كانوا يسكنون فيها فعرفت بهم وأدركتها في غاية العمارة بالناس والمساكن والحوانيت وغيرها وقد اختلت بعد سنة ست وثمانمائة وأكثرها الآن زرائب للبقر‏.‏

وأما باب اللوق‏:‏ فإنه كان ناك إلى ما بعد سنة أربعين وسبعمائة بمدّة باب كبير عليه طوارق حربية مدهونة على ما كانت العادة في أبواب القاهرة وأبواب القلعة وأبواب بيوت الأمراء وكان يقال له باب اللوق فلما أنشأ القاضي صلاح الدين بن المغربيّ قيساريته التي بباب اللوق وجعلها البيع غزل الكتان هدم هذا الباب وجعله في الركن من جدار القيسارية القبليّ مما يلي الغربيّ وهذا هو باب الميدان الذي أنشأه الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل لم اشترى بستان ابن ثعلب وقد ذكر خبر هذا الميدان عند ذكر الميادين من هذا الكتاب‏.‏

وأما حكر قردمية‏:‏ فإنه على يُمنة من سلك ن باب اللوق المذكور إلى قنطرة قدادار وكان من جملة بستان ابن ثعلبة فحكر وصار أخيرًا بيد ورثة الأمير قوصون وكان حكرًا عامرًا إلى ما بعد سنة تسع وأربعين وسبعمائة فخرب عند وقوع الوباء الكبير بمصر وحفرت أراضيه وأخذ طينها فصارت بركة ماء عليها كيمان خلف الدور التي على الشارع المسلوك فيه إلى قنطرة قدادار‏.‏

وأما حكر كريم الدين‏:‏ فإنه على يُسرة من سلك من باب اللوق إلى رحبة التبن وإلى الدكة وكان يُعرف قبل كريم الدين بحكر الصهيونيّ وهذا الحكر الآن آيل إلى الدثور‏.‏

وأما رحبة التبن‏:‏ فإنها في بحري منشأة الجوانية شاعرة في الطريق العُظمى التي يُسلك فيها إلى قنطرة الدكة من رحبة باب اللوق عُرفت بذلك لأنه كانت أحمال التبن تقف بها لتباع هناك فإن القاهرة كانت توقر من مرور أحمال التبن والحطب ونحوهما بها‏.‏

ثم اختطت من جملة ما اختط في غربيّ الخليج وصار بها عدّة مساكن سوق كبير وقد أدركته غاصًا بالعمارة وإنما اختلّ هذا الخط من سنة ست وثمانمائة‏.‏

وأما بستان السعيديّ‏:‏ فإنه يُشرف على الخليج الناصريّ في هذا الوقت وأدركنا ما حوله عامرًا وقد خربت الدور التي كانت هناك من جهة الطريق الشارع من باب اللوق إلى الدكة وأما بركة قرموط‏:‏ فإنها من حقوق بستان ابن ثعلب ولما حفر الملك الناصر محمد بن قلاون الخليج الناصريّ رمى فيها ما خرج عند حفره من الطين وأدركناها من أعمر بقعة في أرض مصر وهي الآن خراب كما ذكر عند ذكر البرك من هذا الكتاب‏.‏

وما الخور‏:‏ فإن الخور في اللغة مصبّ الماء وهو هنا اسم للأرض التي ما بين الخليج الناصريّ والخليج الذي يُعرف بفم الخور وجميع هذه الأرض من جلة بستان ابن ثعلبة وكان يُعرف بالخور الصعبيّ لأنه كانت به مناظر تعرف بمناظر الصعبيّ تُشرف على النيل وكان على شاطىء الخليج الكبير في هذا الجانب الغربيّ الذي نحن في ذكره بجوار بستان الخشاب الذي كان يتوصل إليه من قنطرة السدّ وبعضه الآن الميدان السلطانيّ بستان يُعرف بالجزيرة المعروف بالعصبيّ وكان من البساتين الجليلة‏.‏

وهذا الصعبيّ‏:‏ هو الشيخ كريم الدولة عبد الواحد بن محمد بن عليّ الصعبيّ مات في شهر رمان سنة ثلاث وستمائة بمصر وكان له أخ يُعرف بعبد العظيم بن محمد الصعبيّ‏.‏

ولما أنحسر ماء النيل عن الرملة التي قيل لها منية بولاق تجاه المقس وعمرت هناك الدور اتصلت من قبليها بالخور وأنشيء بشاطىء النيل الذي بالخور دور تجلّ عن الوصف وانتظمت صفًا واحدًا من بولاق إلى منشأة المهرانيّ وموردة الحلفاء ومن موردة الحلفاء على ساحل مصر الجديد إلى دير الطين غربيّ بركة الحبش لو أُحصي ما أنفق على بناء هذه الدور لقام بخراج مصر أيام كانت عامرة وقد خرب معظمها من سنة ست وثمانمائة وقد تقدّم ذكر منشأة الفاضل‏.‏

وأما حكر الساباط وحكر كريم الدين الصغير وحكر المطوع وحكر المطوع وحكر العين الزرقاء فإنها بالقرب من الميدان الكبير السلطانيّ وقد خربت بعدما كانت عامر بالدور والمنتزهات‏.‏

بستان العدّة‏:‏ هذا المكان من جملة الأحكار التي في غربيّ الخليج وهو بجوار قنطرة الخرق وبجوار حكر النوبيّ قريب من باب اللوق تجاه الدور المطلة على الخليج من شرقيه المقابلة لباب سعادة وحارة الوزيرية‏.‏

كان بستانًا جليلًا وقفه الأمير فارس المسلمين بدر بن رزيك أخو الصالح طلائع بن رزيك صاحب جامع الصالح خارج باب زويلة ثم أنه خرب فحكر وبُني عليه عدّة مساكن وحكره يتعاطاه ورثة فارس المسلمين‏.‏

حكر جوهر النوبي‏:‏ هذا الحكر تجاه الحارة الوزيرية من برّ الخليج الغربيّ في شرقيّ بستان العدّة ويُسلك منه إلى قنطرة أمير حسين من طريق تجاه باب جامع أمير حسين الذي تعلوه المئذنة وما زال بستانًا إلى نحو سنة ستين وستمائة فحكر وبني فيه الدور في أيام الظاهر بيبرس وعُرف بجوهر النوبيّ أحد الأمراء في الأيام الكاملية وقد تقدّم بديار مصر تقدّمًا زائدًا‏.‏

وكان خصيًا وهو ممن ثار على الملك العادل أبي بكر بن الكامل وخلع فلما كان ملك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل بعد أخيه العادل قبض على جوهر في سنة ثمان وثلاثين وستمائة‏.‏

حكر خزائن السلاح‏:‏ هذا الحكر كان يعرف قديمًا بحكر الأوسية وهو فيما بين الدكة وقنطرة الموسكي وقفه السلطان الملك العادل أبو بكر بن أيوب على مصالح خزائن السلاح وهو وعدّة أماكن بمدينة مصر مع مدينة قليوب وأراضيها في جمادى الآخرة سنة أربع عشرة وستمائة وظهر كتاب الوقف المذكور من الخزائن السلطانية في جمادى الأولى سنة خمس عشرة وسبعمائة في أيام الملك الناصر محمد بن قلاون وقد خرب أكثر هذا الحكر وصار كيمانًا‏.‏

حكر تكان‏:‏ هذا الحكر بجوار سويقة العجميّ الفاصلة بينه وبين حكر خزائن السلاح وكان يُعرف قديمًا بحرك كوبيج‏.‏

وحدّه القبليّ ينتهي إلى حكر ابن الأسد جفريل والحدّ البحري ينتهي إلى حكر العلائيّ والحدّ الشرقيّ ينتهي إلى حكر البغدادية والحدّ الغربيّ ينتهي إلى حكر خزائن السلاح وسويقة العجميّ‏.‏

وتكان هو المير سيف الدين تكان ويقال تكام بالميم عوضًا عن النون وهذا الحكر استقرّ أخيرًا في أوقاف خواندارد وتكين ابنه نوكيه السلاح دار زوجة الملك الأشرف خليل بن قلاون على تربتها التي أنشأتها خارج باب القرافة التي تعرف اليوم بتربة الست وقد خرب هذا الحكر وبيعت أنقاضه في أعوام بضع وتسعين وسبعمائة وجعل بعضه بستانًا في سنة ست وتسعين وسعبمائة‏.‏

حكر ابن الأسد جفريل‏:‏ هذا الحكر في قبليّ حكر تكان كان بستانًا فحكر وعُرف بالأمير شمس الدين موسى بن الأمير أسد الدين جفريل أحد أمراء الملك الكامل محمد بن العادل ابي بكر بن أيوب بمصر‏.‏

حكر البغدادية‏:‏ هذا الحكر بجوار خليج الذكر كان من أعظم البساتين في الدولة الفاطمية فأزال الملك العزير عثمان بن صلاح الدين يوسف بن أيوب أشجاره ونخله وجعله ميدانًا‏.‏

ثم حُكر وصارت فيه عدّة مساكن وهو الآن خراب يباب لا يأوي إلاّ البوم والرخم‏.‏

حكر خطلبا‏:‏ هذا الحكر حدّه القبليّ إلى الخليج وحدّه البحريّ إلى الكوم الفاصل بينه وبين حكر الأوسية المعروف بالجاوليّ وحدّه الشرقيّ إلى بستان الجليس الذي عرف بابن منقذ والحدّ الغربيّ إلى زقاق هناك‏.‏

وكان هذا الحكر بستانًا اشتراه جمال الدين الطواشيّ من جمال الدين عمر بن ناصح الدين داود بن إسماعيل الملكيّ الكامليّ في سنة ست عشرة وستمائة‏.‏

ثم ابتاعه منه الطواشيّ محي الدين صندل الكامليّ في سنة عشرين وستمائة وباعه الأمير بالفارس صارم الدين خطلبا الكامليّ في سنة إحدى وعشرين وستمائة فعرف به‏.‏

وهو خطلبا بن موسى الأمير صارم الدين الفارسيّ التبتي الموصليّ الكامليّ استقرّ في ولاية القاهرة سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة في أيام السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب ثم أضيفت له ولاية الفيوم في سنة سبع وسبعين وخمسمائة ثم صرف عنها وصار متسلمه إلى اليمن ليتسلمها فتسلمها في جمادى الأولى وسار هو في سادس شوال منها واليًا على مدينة زبيد باليمن ومعه خمسمائة رجل ورفيقه الأمير باخل فبلغت النفقة عليه عشرين ألف دينار وكتب للطواشية بنفقة عشرة دنانير لكل منهم على اليمن فأقام باليمن مدّة ثم قدم إلى القاهرة وصار من أصحاب الأمير فخر الدين جهاركس وتأخر إلى أيام الملك الكامل وصار من أمرائه بالقاهرة إلى أن مات في ثالث شعبان سنة خمس وثلاثين وستمائة‏.‏

حكر ابن منقذ‏:‏ هذا الحكر خارج باب القنطرة بعدوة خليج الذكر وكان بستانًا يُعرف ببستان الشريف الجليس ويُعرف أيضًا بالبطائحيّ ثم عرف بالأمير سيف الدولة مبارك بن كامل بن منقذ نائب الملك المعز سيف الإسلام ظهير الدين طفتكين بن نجم الدين أيوب بن شادي على ملكة اليمن وانتقل بعد ابن منقذ إلى الشيخ عبد المحسن بن عبد العزيز بن عليّ المخزوميّ المعروف بابن الصيرفيّ فوقفه على جهات تؤول أخيرًا إلى الفقراء والمساكين المقيمين بمشهد السيدة نفيسة والفقراء والمساكين المعتقلين في حبوس القاهرة في سنة ثلاث وأربعين وستمائة ثم أزيلت أنشاب هذا البستان وحكرت أرضه وبنيت الور والمساكن عليها وهو الآن خراب‏.‏

حكر فارس المسلمين بدر بن رزيك‏:‏ هذا الحكر الوظائف الخاصة بالخليفة‏.‏

صبح الأعشى البركة المعروفة ببطن البقرة ثم نحكر وبني فيه وأكثره الآن خراب‏.‏

حكر شمس الخواص مسرور‏:‏ هذا الحكر فيما بين خليج الذكر وحكر ابن منقذ كان بستانًا لشمس الخواص مسرور الطواشي أحد الخدّام الصالحية مات في نصف شوال سنة سبع وأربعين وستمائة بالقاهرة ثم حكر وبني فيه الدور وموضعه الآن كيمان‏.‏

حكر العلائي‏:‏ هذا الحكر يجاور حكر تكان من بحري وكان بستانًا جليل القدر ثم حكر وصار بعضه وقف تذكاريي خاتون ابنة الملك الظاهر بيبرس وقفته في سنة أربع وثلاثين وسبعمائة على نفسها ثم من بعدها على الرباط الذي أنشأته داخل الدرب الأصفر تجاه خانقاه بيبرس وهو الرباط المعروف برواق البغدادية وعلى المسجد الذي بحكر سيف الإسلام خارج باب زويلة وعلى تربتها التي بجوار جامع ابن عبد الظاهر بالقرافة وصار بعض هذا الحكر في وقف الأمير سيف الدين بهادر العلائي متولى البهنساء وكان وقفه في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة فعرف بالحكر العلائي المذكور وأدركت هذا الحكر وهو من أعمر الأحاكر وفيه درب الأمير عز الدين أيدمر الزرّاق أمير جاندار ووالي القاهرة وداره العظيمة ومساكنه الكثيرة فلما حدثت فلما حدثت المحن منذ سنة ست وثمانمائة خرب هذا الحكر وأُخذت أنقاضه وبقيت دار الزرّاق إلى سنة سبع عشرة وثمانمائة فشرع في الهدم فيها لأجل أنقاضها الجليلة‏.‏

حكر الحريري‏:‏ هذا الحكر بجوار حكر العلائيّ المذكور من حدّه البحريّ وهو من جملة الأرض المعروفة بالأرض البيضاء وكان بستانًا ثم حكر وصار في وقف خزائن السلاح وأدركناه عامرًا وفيه سوق يُعرف بالسويقة البيضاء كانت بها عدّة حوانيت وقد خرب هذا الحكر وهذا الحريريّ هو الصاحب محيي الدين‏.‏