فصل: حارة العطوفية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الخِطط المقريزية المسمى بـ «المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار» **


 حارة العطوفية

هذه الحارة تنسب إلى طائفة من طوائف العسكر يقال لها العطوفية وقال ابن عبد الظاهر‏:‏ العطوفية منسوبة لعطوف أحد خدّام القصر وهو عطوف غلام الطويلة وكان قد خدم ستّ الملك أخت الحاكم قال‏:‏ وسكنت - يعني الطائفة الجيوشية - بحارة العطوفية بالقاهرة ولله درّ الأديب إبراهيم المعمار إذ يقول مواليًا يشتمل على ذكر حارات بالقاهرة وفيها تورية‏:‏ في الجودرية رأيت صورة هلالية للباطليّة تميل لا للعطوفية لها من اللؤلؤة ثغرين منشيّة إن حرّكوا وجهها بنت الحسينيّة وكانت العطوفية من أجلّ مساكن القاهرة وفيها من الدور العظيمة والحمامات والأسواق والمساجد ما لايدخل تحت حصر وقد خربت كلّها وبيعت أنقاضها وبيوتها ومنازلها وأضحت أوحش ن وتد عير في قاع‏.‏

وعطوف هذا كان خادمًا أسود قتله الحاكم بجماعة من الأتراك وقفوا له في دهليز القصر واحتزّوا رأسه في يوم الأحد لإحدى عشرة خلت من صفر سنة إحدى وأربعمائة قاله المسبِّحي‏.‏

حارة الجّوّانية كان يقال لهذه الحارة أولًا حارة الروم الجوّانية ثمّ ثقل على الألسنة ذلك فقال الناس الجوانية وكان أيضًا يقال لها حارة الروم العليا المعروفة بالجوّانية‏.‏

وقال المسبِّحي‏:‏ وقد ذكرما كتبه أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله من الأمانات في سنة خمس وتعسين وثلثمائة فذكر أنه كتب أمانًا للعرافة الجوّانية فدلّ أنّه كان من جملة الطوائف قوم يعرفون بالجوّانية قال ابن عبد الظاهر‏:‏ قال لي مؤلّف القاضي زيد الدين وفقه الله‏:‏ إن الجوّانية منسوبة للأشراف الجوّانيين منهم الشريف النسابة الجوّاني‏.‏

قال مؤلفه رحمه الله‏:‏ فعلى هذا يكون بفتح الجيم فإن الجوّاني بفتح الجيم وتشديد الواو وفتحها وبعد الواو ألف ساكنة ثمّ نون نسبة إلى جوّان - على وزن حَرّان - وهي قرية من عمل مدينة طيبة على صاحبها أفضل الصلاة والسلام‏.‏

وعلى القول الأوّل تكون الجوّانية بفتح الجيم أيضًا مع فتح الواو وتشديدها فإن أهل مصر يقولون‏:‏ لما خرج من المدينة أو الدار بَرّا ولمّا دخل جُوّا بضم الجيم - وهو خطأ - ولهذا كان الورّاقون يكتبون حارة الروم البرّانية لأنها من خارج القصر يكتبون حارة الروم الجوّانية لأنّها من داخل القاهرة ولا يصار إليها إلا بعد المرور على القصر‏.‏

وكان موضعها إذ ذاك من وراء القصر خلف دار الوزارة والحُجَر فكأنها في داخل البلد ولذلك أصل‏.‏

قال ابن سيده في مادة ‏)‏ج و‏(‏ من كتاب المحكم‏:‏ وجَوّا البيت داخله لفظة شاميّة فتعيّن فتح الجيم من الجوّنية ولا عبرة بما تقوله العامّة من ضمّها‏.‏

وقال الشريف محمد بن أسعد الجوّاني ابن الحسن بن محمد الجواني ابن عبيد الله الجواني بن حسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وقيل لمحمد بن عبد الله الجوّانيّ بسبب ضيعة من ضياع المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام يقال لها الجوّانية وكانت تسمّى البصرة الصغرى لخيراتها وغِلالها لا يطلب شيء إلا وجد بها وهي قريبة من صرار ضيعة الإمام أبي جعفر محمد بن علي الرضى‏.‏

وكانت الجوّانية ضيعة لعبيد الله فتوفي عنها فورثها بعده ولده وأزواجه فاشترى محمد الجوّاني ولده بما حصل له بالميراث الباقي من الورثة فحصلت له كاملة فعرف بها فقيل‏:‏ الجوّاني‏.‏

قال‏:‏ ولم تزل أجداد مؤلّفه ببغداد إلى حين قدوم ولده أسعد النحويّ مع أبيه من بغداد إلى مصر ومولده بالموصل في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة‏.‏

حارة البستان ويقال لها حارة بستان المصموديّ وحارة الأكراد أيضًا وهي الأن من جملة الوزيرية التي تقدّم ذكرها‏.‏

هذه الحارة عرفت بالطائفة المرتاحية إحدى طوائف العسكر‏.‏

قال ابن عبد الظاهر‏:‏ حطّ باب القنطرة يعرف في كتب الأملاك القديمة بالمرتاحية‏.‏

حارة الفرحية بالحاء المهملة كانت سكن الطائفة الفرحية وهي بجوار حارة المرتاحية فإلى يومنا هذا فيما بين سُويَقة أمير الجيوش وباب القنطرة زقاق يعرف بدرب الفرحية والفرحية كانت طائفة من جملة عبيد الشراء وكانت عبيد الشراء عدّة طوائف وهم‏:‏ الفرحية والحسينية والميمونية ينسبون إلى ميمون وهو أحد الخدّام‏.‏

حارة فرج بالجيم‏:‏ كانت تعرف قديمًا بدرب النميري ثمّ عرفت بالأمير جمال الدين فرج من أمراء بني أيوب‏.‏

وهي الآن داخلة في درب الطفل من خط قصر الشوك‏.‏

حارة قائد القوّاد هذه الحارة تعرف الآن بدرب ملوخيا وكانت أوّلًا تعرف بحارة قائد القوّاد لأن حسين بن جوهر الملقّب قائد القوّاد كان يسكن بها فعرفت به‏.‏

وهو حسين بن القائد جوهر أبو عبد الله الملقّب بقائد القوّاد‏.‏

لما مات أبوه جوهر القائد خلع العزيز بالله عليه وجعله في رتبة أبيه ولقّبه بالقائد بن القائد ولم يتعرّض لشيء مما تركه جوهر فلمّا مات العزيز وقام من بعده ابنه الحاكم استدناه ثم إنه قلّده البريد والإنشاء في شوّال سنة ستّ وثمانين وثلثمائة وخلع عليه وحمله على فرس بموكب وقاد بين يديه عدّة أفراس وحمل معه ثيابًا كثيرة‏.‏

فاستخلف أبا منصور بشر بن عبيد الله بن سورين الكاتب النصرانيّ على كتابة الإنشاء واستخلف على أخذ رقاع الناس وتوقيعاتهم أمير الدولة الموصلي‏.‏

ولما تقلّد برجوان النظر في تدبير الأمور وجلس للوساطة بعد ابن عمّار‏.‏

كان الكافة يلقونه في داره ويركبون جميعًا بين يديه مندارهإلى القصر ا خلا القائد الحسين ومحمدبن النعمان القاضي فإنهما كانا يسلّمان عليه بالقصر فقط‏.‏

فلما قتلَ الحاكمُ الأستاذَ برجوان كما تقدم خلع على القائد حسين لثلاث عشرة ليلة خلت من جمادى الولى سنة تسعين وثلثمائة ثوبًا أ مر وعمامة زرقاء مذهّبة وقلّده سيفًا محلّى بذهب وحمله على فرس بسرج ولجام من ذهب وقاد بين يديه ثلاثة أفراس بمراكبها وحمل معه خمسين ثوبًا صحاحًا من كلّ نوع وردّ إليه التوقيعات والنظر في أمرو النار وتدبير المملكة كما كان برجوان ولم يطلق عليه اسم وزير فكان يبكّر إلى القصر ومعه خليفته الرئيس أبو العلاء فهد بن إبراهيم النصراني - كاتب برجوان - فينظران في الأمور ثمّ يدخلان وينهيان الحال إلى الخليفة فيكون القائد جالسًا وفهد في خلفه قائمًا‏.‏

ومنع القائد الناس أن يلقوه في الطريف أويركبوا إليه في داره وأنّ من كان له حاجة فليبلغه إياها بالقصر ومنع الناسمن مخاطبته في الرقاع بسيدنا وأمر أن لا يخاطب ولا يكاتب إلا بالقائد فقط وتشدّد في ذلك لخوفه من غيرة الحاكم حتّى أنّه رأى جماعة من القوّاد الأتراك قيامًا على الطريق ينتظرونه فأمسك عنان فرسه ووقف وقال لهم‏:‏ كلّنا عبيد مولانا صلوات الله عليه ومماليكه ولست والله أبرح من موضعي أو تنصرفوا عنّي ولا يلقاني أحد إلا في القصر فانصرفوا وأقام بعد ذلك خادمًا من الصقالبة الطرّادين على الطريق بالنوبة لمنع الناس المجيء إلى داره ومن لقائه إلا في القصر وأمر أبا الفتوح مسعود الصقلبي صاحب الستر أن يوصل الناس بأسرهم إلى الحاكم وأن لا يمنع أحدًا عنه‏.‏

فلما كان في سابع عشر جمادى الآخرة قرىء سجل على سائر المنابر بتلقيب القائد حسين بقائد القوّاد وخلع عليه ومازال إلى يوم الجمعة سابع شعبان سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة فاجتمع سائر أهل الدولة في القصر بعدما طلبوا وخرج الأمر إليه أن لا يقام لأحد وخرج خادم من عند الخليفة فأسرّ إلى صاحب الستر كلامًا فصاح‏:‏ صالح بن عليّ فقام صالح بن عليّ الرودباذي متقلّد ديوان الشام فأخذ صاحب الستر بيده وهو لا يعلم هو ولا أحد ما يراد به فأدخل إلى بيت المال وأخرج وعليه درّعة مصمتة وعمامة مذهّبةً ومعه مسعود فأجلسه بحضرة قائد القوّاد وأخرج سجلًا قرأه ابن عبد السميع الخطيب فإذا فيه ردّ سائر الأمور التي نظر فيها قائد القواد حسين بن جوهر إلي‏.‏

فعندما سمع من السجل ذكره قام وقبّل الأرض‏.‏

فلما انتهت قراءة السجلّ قام قائدج القوّاد وقبّل خدّ صالح وهنأه‏.‏

وانصرف فكان يركب إلى القصر ويحضر الأسمِطة إلى اليوم الثالث من شوّال أمره الحاكم أن يلزم داره هو وصهره قاضي القضاة عبد العزيز بن النعمان وأن لا يركباهما وسائر أولادهما فلبسا الصوف ومُنع الناس من الاجتماع بهما وصاروا يجلسون على حُصْر‏.‏

فلمّا كان في تاسع عشر ذي القعدة عفا عنهما الحاكم وأذن لهما في الركوب فركبا إلى القصر بزيّهما من غير حلق شعر ولا تغيير حال الحزن فلمّا كان في حادي عشر جمادة الآخرة سنة تسع وتسعين وثلاثمائة قبض على عبد العزيز بن النعمان وطلب القاهرة وأسواقها فأفرج عنه ونودي أن لا يغلق أحد فرّدَّ حسين بعد ثلاثة أيام بابنيه وتمثلوا بحضرة الحاكم فعفا عنهم وأمرهم بالمسير إلى دورهم بعد أن خلع على حسين وعلى صهره عبد العزيز وعلى أولادهما وكُتب لهما أمانان ثمّ أعيد عبد العزيز في شهر رمضان إلى ما كان يتقلّده من النظر في المظالم ثم رَدّ الحاكم في شهر ربيع الأوّل سنة أربعمائة على حسين بن جوهر وأولاده وصهره عبد العديز ما كان لهم من الإقطاعات وقرىء لهم سجل بذلك‏.‏

فلما كان ليلة التاسع من ذي القعدة فرّ حسين بأولاده وصهره وميع أموالهم وسلاحهم فسير الحاكم الخيل في طلبهم نحو دجوة فلم يدركهم وأوقع الحوطة على سائر دورهم وجعلت للديوان المفرد وهو ديوان أحدثه الحاكم يتعلّق بما يقبض من أموال من يسخط عليه وحمل سائر ما وجد لهم بعدما ضبط وخرجت العساكر في طلب حسين ومن معه وأشيع أنّه قد صار إلى بني قرّة بالبحيرة فأنفدت إليه الكتب بتأمينه واستدعائه إلى الحضور فأعاد الجواب بأنه لا يخل ما دام أبو نصر ابن عبدون النصرانيّ الملقّب بالكافي ينظر في الوساطة ويوقّع عن الخليفة فإنّي أحسنت إليه أيام نظري فسعى بين إلى المحرّم سنة إحدى وأربعمائة وقدم حسين بن جوهر ومعه عبد العزيز بن النعمان وسائر من خرج معهما فخرج جميع أهل الدولة إلى لقائ وتلقّته الخلع فأُفيضت عليه وعلى أولاده وصهره وقيّد بين أيديهم الدواب فلمّا وصلوا إلى باب القاهرة ترجّلوا ومشرواومشى الناس بأسرهم إلى القصر فصاروا بحضرة الحاكم ثمّ خرجوا وقد عفا عنهم وأذن لحسين أن يكاتّب بقائد القوّاد ويكون اسمه تاليًا للقبه وأني خاطب بذلك‏.‏

وانصرف إلى داره فكان يوما عظيمًا وحمل إليه جميع ما قبض له من مال وعقار وغيره وأنعم عليه وواصل الركوب هو وعبد العزيز بن النعمان إلى القصر ثم قبض عليه وعلى عبد العزيز واعتقلا ثلاثة أيام ثمّ حلفا أنّهما لا يغيبان عن الحضرة وأشهدا على أنفسهما بذلك وأفرج عنهما وحلف لهما الحاكم في أمان كتبه لهما‏.‏

فلما كان في ثاني عشر جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعمائة ركب حسين وعبد العزيز على رسمهما إلى القصر فلمّا خر للسلام على الناس قيل للحسين وعبد العزيز وأبي علي أخي الفضل‏:‏ أجلسوا لأمر تريده الحضرة منكم فجلس الثلاثة وأنصرف الناس فقبض عليهم وقتلوا في وقت واحد وأحيد بأموالهم وضياعهم ودورهم وأخذت الأمانات والسجلات التي كتبت لهم‏.‏

واستدعي أولاد عبد العزيز بن النعمان وأولاد حسين بن جوهر ووُعدوا بالجميل وخلع عليهم وجملوا والله يفعل ما يشاء‏.‏

حارة الأمراء ويقال لها أيضًا حارة الأمراء الأشراف الأقارب وموضعها يعرف بدرب شمس الدولة وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى‏.‏

حارة الطوارق ويقال لها أيضًا حارة صبيان الطوارق وهم من جملة طوائف العسكر كانوا معدّين لحمل الطوارق‏.‏

وموضع هذه الحارة في طريق من سلك من الرقيق سوق الخلعيين داخل باب زويلة طالبًا الباطلية بالزقاق الطويل الضيّيق الذي يقال له اليوم حلق الجمل السالك إلى درب حارة الشرابية عرفت بذلك لأنّها كانت موضع سكن الغلمان الشرابية أحدى طوائف العسكر وكانت فيما بين الباطلية وحارة الطوارق‏.‏

حارة الدميري وحارة الشاميين هما من جملة العطوفية‏.‏

حارة المهاجرين وموضعها الان من جملة المكان الذي يعرف بالرقيق المعدّ لسوق الخلعيين بجوار باب زويلة وكان بعد ذلك سوق الخشّابين ثمّ هو الان سوق الخلعيين‏.‏

وموضع هذه الحارة بجوار الخوخة التي كانت تعرف بالشيخ السعيد بن فشيرة النصرانيّ الكاتب‏.‏

وهي الخوخة التي يسلك إليها من الزقاق المقابل لحمام الفاضل المعدّ لدخول النساء ويتوصل منها إلى درب كوز الزير بحارة الروم وقد صارت هذه الحارة تعرف بدرب ابن المجندار وسيتي ذكره إن شاء الله‏.‏

حارة العدوية قال ابن عبد الظاهر‏:‏ العدوية هي من باب الخشيبة إلى أوّل حارة زويلة عند حمّام الحسام الجلدكي الآن منسوبة لجماعة عدويين نزلوا هناك وهذا المكان اليوم هو عبارة عن الموضع الذي تلقاه عند خروجك من زقاق حمّام خشيبة الذي يتوصّل إليه من سوق باب الزُهومة فإذا انتهيت إلى أخر هذا الزقاق وأخذت على يمينك صرتّ في حارة العدويّة‏.‏

وموضعها الآن من فندق بلال المغيثي إلى باب سر المارستان وتدخل في العدوية رحبة بيبرس التي فيها الآن فند الرخام عن يمينك إذا خرجت في الرحبة المذكورة التي صارت الآن دربًا إلى باب سرّ المارستان وما عن يسارك إلى حمّام الكريك وحمام الجوينيّ الذي تقول له العامّة الجهينيّ وإلى سوق الزجاجيين‏.‏

وكلّ هذه المواضع هي من حقوق العدويّة وكانت العدية قديمًا وقاعة فيما بين الميدان الذي يعرف اليوم بالخرشتف وحارة زويلة وبين سقيفة العداس والصاغة القديمة التي صار موضعها الآن سوق الحريريين الشرابشيين برأس الوراقين وسوق الزجاجيين‏.‏

حارة العيدانية كانت تعرف أوّلًا بحارة البديعيين ثم قيل لها بعد ذلك الحبّانية من أجل البستان الذي يعرف بالحبانية الجاري في وقف الخانقاه الصلاية سعيد السعداء ويتوصّل إلى هذه الحارة من تاه قنطرة آق سنقر وبعض دورها الآن يشرف على بستان الحبانية وبعضها يطل على بركة الفيل‏.‏

حارة الحمزيين كانت أوّلًا تعرف بالحبانية ثمّ قيل لها حارة الحمزيين من أجل أن جماعة من الحمزيين نزلوا بها منهم الحاج يوسف بن فاتن الحمزي والحمزيون أيضًا ينسبون إلى حمزة بن أدركة الساري خرج بخراسان في أيام هارون بن محمد الرشيد فعاث وأفسد وفضّ جموع عيسى بن عليّ عامل خراسان وقتل منهم خلقًا وانهزم عيسى إلى بابل ثمّ غرق حمزة بوادٍ في كرمان فعرفت طائفته بالحمزية‏.‏

وأخوه ضرغام بن فاتن بن ساعد الحمزي والحاج عوني الطحان ابن يونس بن فاتن الحمزي ورضوان بن يوسف بن فاتن الحمزيّ الحمامي وأخوه سالم بن يوسف بن فاتن الحمزيّ وكان هؤلاء بعد سنة ستّمائة وهذه الحارة خارج باب زويلة‏.‏

ومن بلاد أفريقية قرية يقال لها حمزي ينسب إليها محمد بن حمد بن خلف القيسيّ الحمزيّ من أهل القرية وقاضيها توفي سنة تسع وثلاثين وخمسمائة ولا يبعد أن تكون هذه الحارة نسبت إلى أهل قرية حمزة هذه لنزولهم بها كنزول بني سوس وكتامة وغيرهم من المواضع التي نُبست إليهم‏.‏

حارة بني سوس عرفت بطائفة من المصامدة يقال لهم بنو سوس كانوا يسكنون بها‏.‏

حارة اليانسية تعرف بطائفة من طوائف العسكر يقال لها اليانسية منسوبة لخادم خصيّ من خدّام العزيز بالله يقال له أبو الحسن يأنس الصقليّ خلفه على القاهرة فلما مات العزيز أقرّه ابنه الحاكم بأمر الله على خلافة القصور وخلع عليه وحمله على فرسين فلمّا كان في المحرم سنة ثمان وثمانين وثلثمائة سار لولاية برقة بعدما خلع عليه وأُعطي خمسة آلاف دينار وعدّة من الخيل والثياب‏.‏

قال ابن عبد الظاهر‏:‏ اليانسية خارج باب زويلة أظنها منسوبة ليأنس وزير الحافظ لدين الله الملقب بأمير الجيوش سيف الإسلام ويعرف بيانس الفاصد وكان أرمنّي الجنس وسمّي القاصد لأنه فصد الأمير حسن بن الحافظ وتركه محلولًا فصاده حتّى مات‏.‏

وله خبر غريب في وفاته كان الحافظ قد نقم عليه أشياء طلب قتله بها باطنًا فقال لطبيبه‏:‏ اكفني أمره بمأكل أو مشرب فأبى الطبيب ذلك خوفًا أني صير عند الحافظ بهذه العين وربما قتله بها والحافظ يحثّه على ذلك فاتّفق ليانس الوزير المذكور أنه مرض بزّحير وإن الحافظ خاطب الطبيب بذلك فقال‏:‏ يا مولاي قد أمكنتك الفرصة وبلغتَ مقصودك ولو أنّ مولانا عادة في هذه المرضة اكتسب حسن أحدوثة وهذه المرضة ليس دواؤه منها إلاّ الدعة والسكون ولا شيء أضرّ عليه من الانزعاج والحركة فبمجرّد ما سمع بقصد مولانا له تحرّك واهتمّ بلقاء مولانا وانزعج وفي ذلك تلاف نفسه‏.‏

ففعل الخليفة ذلك وأطال الجلوس عنده فمات‏.‏

وهذا الخبر فيه أوهاممنها أنه جعل اليانسية منسوبة ليانس الوزير وقد كانت اليانسية قبل يانس هذا بمدّة طويلة ومنها أنه ادّعة أن حسن بن الحافظ مات من فصادة وليس كذلك وإنما مات مسمومًا ومنها أنه زعم أن يأنس تولّى فصده وليس كذلك بل الذي توّلى قتله بالسم أبو سعدي ابن فرقة ومنها أن الذي نقم عليه الحافظ من الأمراء فخانه في ابنه حسن إنما هو الأمير المعظّم جلال الدين محمد المعروف بجلب راغب وهذا نص الخبر فنزه بالك والله تعالى أعلم‏.‏

وزارة أبي الفتح ناصر الجيوش يأنس الأرمني وكان من خبر ذلك أن الخليفة الآمر بأحكام الله أبا عليّ منصورًا لما قتله النزارية في ذي القعدة سنة أربعوعشرين وخمسمائة أقام هِزّبْرُ الملوكِ جوامردُ العادلَ برغشَ الأمير أبا الميمون عبد المجيد في الخلافة كفيلًا للحمل الذي تركه الآمر ولقّب بالحافظ لدين الله ولبس هزبرُ الملوكِ خلعَ الوزارة فثار الجند وأقاموا أبا عليذ أحمد الملقب بكتيفات ولدًا لأفضل ابن أمير الجيوش في الوزارة وقُتل هزبر الملوك واستولى كتيفات على الآمر وقبض على الحافظ وسجنه بالقصر مقيّدًا إلى أن قُتل كتيفات في المحرّم سنة ستّ وعشرين وخمسمائة‏.‏

وبادر صبيان الخاص الذين تولّوا قتله إلى القصر ودخلوا ومعهم الأمير يأنس متولّي الباب إلى الخزانة التي فيها الحافظ وأخرجوه إلى الشبّاك وأجلسوه في منصب الخلافة وقالوا له‏:‏ والله ما حَرّكَنا على هذا إلا الأمير يأنس فجازاه الحافظ بأن فوّض إليه الوزارة في الحال وخلع عليه فباشرها مباشرة جيّدة‏.‏

وكان عاقلًا مهابًا متمسّكًا متحفّظًا لقوانين الدولة فلم يُحدث شيئًا ولا خرج عمّا يعيّنه الخليفة له إلا أنه بلغه عن أستاذ من خواصّ الخليفة شيء يكرهه فقبض عليه من القصر من غير مشاورة الخليفة وضرب عنقه بخزانة البنود فاستوحش منه الخليفة وخشي من زيادة معناه‏.‏

وكانت هذه الفعلة غلطة منه ثمّ إنه خاف من صبيان الخاصّ أن يفتكوا به كما فتكوا بكتيفات فتنكّر لهم وتخوّفوه أيضًا فركب في خاصّته وأركب العسكر وركب صبيان الخاص فكانت بينهما وقعة قبالة باب التبّانين بين القصرّين قوي فيها يأنس وقتل من صبيان الخاصً ما يزيد على ثلثمائة رجل من أعيانهم فيهم قَتَلَة أبي علي كتيفات وكانوا نحو الخمسمائة فارس فانسكرت شوكتهم وضعف جانبهم واشتد بأس يأنس وعظم شأنه فثقل على الخليفة‏.‏

وتحيّل منه فأحسّ بذلك فأخذ كلّ منهما في التدبير على الآخر فأعجل يأنس وقبض على حاشية الخليفة ومنهم قاضي القضاة وداعي الدعاة أبو الفخر وأبو الفتح بن قادوس وقتلهما فاشتدّ ذلك على الحافظ ودعا طبيبه وقال‏:‏ اكفني امرَ يأنس‏!‏ فيقال أنّه سمّة في ماء المستراح فانفتح دُبُره واتّسع حتّى ما بقي يقدر على الجلوس فقال الطبيب‏:‏ يا أمير المؤمنين قد أمكنتكّ الفرصة وبلغتَ مقصودك فلو أنّ مولانا عاده في هذه المرضة اضر من الحركة والانزعاج وهو إذا سمع بقصد مولانا له تحرك واهتمّ للقاء وانزعج وفي ذلك تلاف نفسه‏.‏

فنهض لعيادته وعندما بلغ ذلك يأنس قام ليلقاه ونزل عن الفراش وجلس بين يدي الخليفة فأطال الخليفة جلوسه عنده وهو يحادثه فلم يقم حتّى سقطت أمعاء يأنس ومات من ليلته في سادس عشري ذي الحجة سنة ستّ وعشرين وخمسمائة وكانت وزارته تسعة أشهر وأيامًا وترك ولدّيْن كفلهما الحافظ وأحسن إليهما‏.‏

وكان يأنس هذا مولى أرمنيًّا لباديس جدّ عبّاس الوزير فأهداه إلى الأفضل بن أمير الجيوش وترقّى في خدمته إلى أن تأمّر ثمّ ولي الباب وهي أعظم رتب الأمراء وكُنّي بأبي الفتح ولقّب بالأمير السعيد ثم لمّا ولي الوزارة نعت بناصر الجيوش سيف الإسلام وكان عظيم الهمّة بعيد الغور كثير الشّر شديد الهيبة‏.‏

الأمير حسن بالخليفة الحافظ ولمّا مات الوزير يأنس تولّى الخليفة الحافظ الأمور بنفسه ولم يستوزر أحدًا وأحسن السيرة‏.‏

فلمّا كان في سنة ثمان وعشرين وخمسمائة عهد إلى ولده سليمان وكان أسنّ أولاده وأحبّهم إليه وأقامه مقام الوزير فمات بعد شهرين من ولاية العهد فجعل مكانه أخاه حيدرة في ولاية العهد ونصّبه للنظر في المظالم فشق ذلك على أخيه الأمير حسن - وكان كثير المال متّسع الحال له عدّة بلاد ومواشي وحاشية وديوان مفرد - فسعى في نقض ذلك بأنْ أوقع الفتنة بين الطائفة الجيوشية والطائفة الريحانية وكانت الريحانية قويّة الشوكة مُهابة مخوفة الجانب فاشتعلت نيران الحرب بين الفريقين وصاح الجند‏:‏ يا حسن يا منصور ياللحسينية والتقى الفريقان فقتل بينهما ما يزيد على خمسة آلاف نفس فكانت هذه الوقعة أوّل مصائب الدولة الفاطمية من فقد رجالها ونقص عساكرها فلم يبقَ من الطائفة الريحانية إلا مَن نجا بنفسه من ناحية المقس وألقى نفسه في بحر النيل‏.‏

واستظهر الأمير حسن وقام بالإمر وانضمّ إليه أوباش الناس ودعَارهم ففرق فيهم الزَرَد وسمّاهم صبيان الزَرَد وجعلهم خاصّته فاحتفوا به وصاروا لا يفارقونه فإن ركب أحاطوا به وإن نزل لازموا داره فقامت قيامة الناس منهم‏.‏

وشرع فيه تتبّع الأكابر فقبض على ابن العسّاف وقتله وقصد أباه الخليفة الحافظ وأخاه حيدرة بالضرر حتّى خافا منه وتغيّبا فجد في طلب أخيه حيدرة وهتك بأوباشه الذين أختارهم حرمة القصر وخرق ناموسه وسلّطهم يفتّشون القصر في طلب الخليفة الحافظ وابنه حيدرة واشتدّ بأسهم وحسّنوا له كلّ رذيلة وجرّوه على الأذى فلم يجد الحافظ بُدًّا من مداراة حسن وتلافي أمره عساه ينصلح وكتب سجلًا بولايته العهد وأرسله إليه فقرىء على الناس فما زاده ذلك إلا جرأة عليه وإفسادًا له وشدّد في التضييق على أبيه وأخذ بأنفاسه‏.‏

فبعض حينئذٍ الخليفة بالأستاذ ابن إسعاف إلى بلاد الصعيد ليجمع من يقدر عليه من الريحانيّة فمضى واستصرخ الناس لنصرة الخليفة على ولده حسن وجمع أممًا لايحصيها إلا الله وسار بهم فبلغ ذلك حسنًا فزجّ عسكر اللقاء إسعافُ فالتقيا وكانت بينهما وقعة هبّت فيها ريح سوداء على عسكر إسعاف حتّى هزمتهم وركبهم عسكر حسن فلم ينجُ منهم إلا القليل وغرق أكثرهم في البحر وأُخذ إسعاف أسيرًا فحمل إلى القاهرة على جمل وفي رأسه طُرطور لَبَد أحمر‏.‏

فلمّا وصل بين القصرين رُشق بالنشّاب حتّى هلك ورُمي من القصر الغربي بأستاذ آخر فقتل وقتل الأمير شرف الدين‏.‏

فاشتدّ ذلك على الحافظ وخاف على نفسه فكتب ورقة - وكادّ ابنه بأن ألقى إليه تلك الورقة - وفيها‏:‏ ياولدي أنت على كلّ حال ولدي ولو عمل كلّ منّا لصاحبه ما يكره الآخر ما أراد أن يصيبه مكروه ولا يحملني قلبي وقد انتهى الأمر إلى أمراء الدولة وهم فلان وفلان وقد شدّدت وطْأتك عليهم وخافوكَ وهم معوّلون على قتلك فخذ حذرك ياولدي‏.‏

فعندما وقف حسن على الورقة غضب ولم يتأنّ وبعث إلى أولئك فلمّا صاروا إليه أمر صبيان الزرد بقتلهم فقتلوا عن آخرهم وكانوا عدّة من أعيان الأمراء وأحاط بدورهم وأخذ سائر ما فيها فاشتدّت المصيبة وعظمت الرزيّة وتخوّف من بقي من الجند ونفروا منه فإنّه كان جريئًا مفسدًا شديد الفحص عن أحوال الناس والاستقصاء لأخبارهم يريد إقلاب الدولة وتغييرها ليقدّم أوباشه وأكثر من مصادرة الناس وقتل قاضي القضاة أبا الثريّا نجم لأنه كان من خواصّ أبيه وقتل جماعة من الأعيان وردّ القضاء لابن ميسّر وتفاقم أمره وعظم خطبه واشتدّت الوحشة بينه وبين الأمراء والأجناد وهمّوا بخلع الحافظ ومحاربة ابنه حسن وصاروا يدًا واحدة واجتمعوا بين القصرين وهم عشرة آلاف ما بين فارس وراجل وسيرّوا إلى الحافظ يشكون ما هم فيه من البلاء مع ابنه حسن ويطلبون منه أن يزيله من ولاية العهد فعجز حسن عن مقاومتهم فإنه لم يبق معه سوى الراجل من الطائفة الجيوشة ومن يقول بقولهم من الغزّ الغرباء فتحيّر وخاف على نفسه فالتجأ إلى القصر وصار إلى أبيه الحافظ فما هو إلا أن تمكّن منه أبوه فقبض عليه وقيّده وبعث إلى الأمراء يخبرهم بذلك فأجمعوا على قتله فردّ عليهم أنه قد صرفه عنهم ولا يمكّنه أبدًا من التصرّف ووعدهم بالزيادة في الأرزاق والإقطاعات وأن يكفّوا عن طلب قتله فألحّوا في قتله وقالوا‏:‏ إمّا نحن وإمّا هو‏.‏

اشتدّ طلبهم إياه حتّى أحضروا الأحطاب والنيران ليحرقوا القصر وبالغوا في التجرّؤ على الخليفة فلم يجد بدًّا من إجابتهم إلى قتله وسألهم أن يمهلوه ثلاثًا فأناخوا بين القصرين وأقاموا على حالهم حتّى تنقضي الثلاث فما وسع الحافظ إلا أن استدعى طبيبيه وهما أبو منصور اليهوديّ وابن قرقة النصرانيّ وبدأ بأبي منصور وفاوضه في عمله سقية قاتله فامتنع من ذلك وحلف بالتوراة أنه لا يعرف عمل شيء من ذلك فتركه وأحضر ابن قرقة وكلّمه في هذا فقال‏:‏ الساعة ول يتقطّع منها جسده بل تفيض النفس لا غير‏.‏

فأحضر السقية من يومه فبعثها إلى حسن مع عدّة من الصقالبة وما زالوا يكرهونه على شربها حتّى فعل ومات في العشرين من جمادى الآخرة سنة تسع وعشرين وخمسمائة فبعث الحافظ إلى القوم سرًّا يقول‏:‏ قد كان ما أردتم فامضوا إلى دوركم فقالوا‏:‏ لا بدّ أن يشاهده منّا من نثق به وندبوا منهم أميرًا معروفًا بالجرأة والشرّ يقال له المعظّم جلال الدين محمد ويعرف بجلب راغب الآمري فدخل إلى القصر وصار من جنب حسن فإذا به قد سجّي بثوب فكشف عن وجهه وأخرج من وسطه آلة من حديد وغرزه بها في عدّة مواضع من بدنه إلى أن تيقّن أنه قد مات وعاد إلى القوم وأخبرهم فتفرّقوا‏.‏

وعندما سكنت الدهماء حقد الحافظ لابن قرفة وقتله بخزانة البنود وأنعم بجميع ما كان له على أبي منصور اليهودي وجعله رئيس الأطباء فهذا ما كان من خبر يأنس وكيفيّة موته وخبر حسن والخبر عن قتله‏.‏