فصل: أبواب القصر الكبير الشرقي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الخِطط المقريزية المسمى بـ «المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار» **


 أبواب القصر الكبير الشرقي

وكان لهذا القصر الكبير الشرقي تسعة أبواب أكبرها وأجلها‏:‏ باب الذهب ثم باب البحر ثم باب الريح ثم باب الزمرذ ثم باب العيد ثم باب قصر الشوك ثم باب الديلم ثم باب تربة الزعفران ثم باب الزهومة‏.‏

باب الذهب‏:‏ وهو باب القصر الذي تدخل منه العساكر وجميع أهل الدولة في يومي الاثنين والخميس للموكب المقدم ذكره بقاعة الذهب‏.‏

قال ابن أبي طيء عن المعز لدين الله‏:‏ أنه لما خرج من بلاد المغرب أخرج أموالًا كانت له ببلاد المغرب وأمر بسبكها أرحية كأرحية الطواحين وأمر بها حين دخل إلى مصر فألقيت على باب قصره وهي التي كان الناس يسمونها‏:‏ الحشرات ولم تزل على باب القصر إلى أن كان زمن الغلاء في أيام الخليفة المستنصر بالله فلما ضاق بالناس الأمر أذن لهم أن يبردوا منها بمبارد فاتخذ الناس مبارد حادة وغرهم الطمع حتى ذهبوا بأكثرها فأمر بحمل الباقي إلى القصر فلم تر بعد ذلك‏.‏

وقال ابن ميسر‏:‏ إن المعز لما قدم إلى القاهرة كان معه مائة جمل عليها الطواحين من الذهب وقال غيره‏:‏ كانت خمسمائة جمل على كل جمل‏:‏ ثلاثة أرحية ذهبًا وإن عمل عضادتي الباب من تلك الأرحية واحدة فوق أخرى فسمي‏:‏ باب الذهب‏.‏

جلوس الخليفة في الموالد بالمنظر علو باب الذهب‏:‏ قال ابن المأمون في أخبار سنة ست عشرة وخمسمائة‏:‏ وفي الثاني عشر من المحرم كان المولد الآمري واتفق كونه في هذا الشهر يوم الخميس وكان قد تقرر أن يعمل أربعون صينية خشكنانج وحلوى وكعك وأطلق برسم المشاهد المحتوية على الضرائح الشريفة لكل مشهد سكر وعسل ولوز ودقيق وشيرج وتقدم بأن يعمل خمسمائة رطل حلوى وتفرق على المتصدرين والقراء والفقراء للمتصدرين ومن معهم في صحون وللفقراء على أرغفة السميد ثم حضر في الليل المذكورة القاضي والداعي والشهود وجميع المتصدرين وقراء الحضرة وفتحت الطاقات التي قبلي باب الذهب وجلس الخليفة وسلموا عليه ثم خرج متولي بيت المال بصندوق مختوم ضمنه عينًا مائة دينار وألف وثمانمائة وعشرون درهمًا برسم أهل القرافة وساكنيها وغيرهم وفرقت الصواني بعدما حمل منها للخاص وزمام القصر ومتولي الدفتر خاصة وإلى دار الوزارة والأجلاء الأخوة والأولاد وكاتب الدست ومتولي حجبة الباب والقاضي والداعي ومفتي الدولة ومتولي دار العلم والمقرئين الخاص وأئمة الجوامع بالقاهرة ومصر وبقية الأشراف‏.‏

قال‏:‏ وخرج الآمر يعني في سنة سبع عشرة وخمسمائة بإطلاق ما يخص المولد الآمري برسم المشاهد الشريفة من شكر وعسل وشيرج ودقيق وما يصنع مما يفرق على المساكين بالجامعين الأزهر بالقاهرة والعتيق بمصر وبالقرافة خمسة قناطير حلوى وألف رطل دقيق وما يعمل بدار الفطرة ويحمل للأعيان والمستخدمين من بعد القصور والدار المأمونية صينية خشكنانج وحضر القاضي والداعي والمستخدمون بدار العيد والشهود في عشية اليوم المذكور وقطع سلوك الطريق بين القصرين وجلس الخليفة في المنظرة وقبلوا الأرض بين يديه والمقرئون الخاص جميعهم يقرؤون القرآن وتقدم الخطيب وخطب خطبة وسع القول فيها وذكر الخليفة والوزير ثم حضر من أنشد وذكر فضيلة الشهر والمولود فيه ثم خرج متولي بيت المال ومعه صندوق من مال النجاوي خاصة مما يفرق على الحكم المتقدم ذكره‏.‏

قال‏:‏ واستهل ربيع الأول ونبدأ بما شرف به الشهر المذكور وهو ذكر مولد سيد الأولين والآخرين محمد صلى الله عليه وسلم لثلاث عشرة منه وأطلق ما هو برسم الصدقات من مال النجاوي خاصة ستة آلاف درهم ومن الأصناف من دار الفطرة أربعون صينية فطرة ومن الخزائن برسم المتولين والسدنة للمشاهد الشريفة التي بين الجبل والقرافة التي فيها أعضاء آل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوز عسل وشيرج لكل مشهد وما يتولى تفرقته‏:‏ سنا الملك ابن ميسر أربعمائة رطل حلاوة قال‏:‏ وكان الأفضل بن أمير الجيوش قد أبطل أمر الوالد الأربعة‏:‏ النبوي والعلوي والفاطمي والإمام الحاضر وما يهتم به وقدم العهد به حتى نسي ذكرها فأخذ الأستاذون يجددون ذكرها للخليفة الآمر بأحكام الله ويرددون الحديث معه فيها ويحسنون له معارض الوزير بسببها وإعادتها وإقامة الجواري والرسوم فيها فأجاب إلى ذلك وعمل ما ذكر‏.‏

وقال بن الطوير‏:‏ ذكر جلوس الخليفة في الموالد الستة في تواريخ مختلفة وما يطلق فيها وهي مولد النبي صلى الله عليه وسلم ومولد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ومولد فاطمة عليها السلام ومولد الحسن ومولد الحسين عليهما السلام ومولد الخليفة الحاضر ويكون هذا الجلوس في المنظرة التي هي أنزل المناظر وأقرب إلى الأرض قبالة دار فخر الدين جهاركس والفندق المستجد فإذا كان اليوم الثاني عشر من ربيع الأول تقدم بأن يعمل في دار الفطرة عشرون قنطارًا من السكر اليابس حلواء يابسة من طرائفها وتعبى في ثلثمائة صينية من النحاس وهو مولد النبي صلى الله عليه وسلم فتفرق تلك الصواني في أرباب الرسوم من أرباب الرتب وكل صينية في قوارة من أول النهار إلى ظهره‏.‏

فأول أرباب الرسوم قاضي القضاة ثم داعي الدعاة ويدخل في ذلك القراء بالحضرة والخطباء والمتصدرون بالجوامع بالقاهرة وقومة المشاهد ولا يخرج ذلك مما يتعلق بهذا الجانب بدعو يخرج منن دفتر المجلس كما قدمناه فإذا صلى الظهر ركب قاضي القضاة والشهود بأجمعهم إلى الجامع الأزهر ومعهم أرباب تفرقة الصواني فيجلسون مقدار قراءة الختمة الكريمة ثم يستدعي قاضي القضاة ومن معه فإن كانت الدعوة مضافة إليه وإلا حضر الداعي معه بنقباء الرسائل فيركبون ويسيرون إلى أن يصلوا إلى آخر المضيق من السيوفيين قبل الابتداء بالسلوك بين القصرين فيقفون هناك وقد سلكت الطريق على السالكين من الركن المخلق ومن سويقة أمير الجيوش عند الحوض هناك وكنست الطريق فيما بين ذلك ورشت بالماء رشًا خفيفًا وفرش تحت المنظرة المذكورة بالرمل الأصفر‏.‏

ثم يستدعى صاحب الباب من دار الوزارة ووالي القاهرة ماض وعائد لحفظ ذلك اليوم من الازدحام على نظر الخليفة فيكون بروز صاحب الباب من الركن المخلق هو وقت استدعاء القاضي ومن معه من مكان وقوفهم فيقربون من المنظرة يترجلون قبل الوصول إليها بخطوات فيجتمعون تحت المنظرة دون الساعة الزمانية بسمت وتشوف لانتظار الخليفة فتفح إحدى الطاقات فيظهر منها وجهه وما عليه من المنديل وعلى رأسه عدة من الأستاذين المحنكين وغيرهم من الخواص منهم ويفتح بعض الأستاذين طاقة ويخرج منها رأسه ويده اليمنى في كمه ويشير به قائلًا‏:‏ أمير المؤمنين يرد عليكم السلام فيسلم بقاضي القضاة أولًا بنعوته وبصاحب الباب بعده كذلك وبالجماعة الباقية جملة جملة من غير تعيين أحد فيستفتح قراء الحضرة بالقراءة ويكونون قيامًا في الصدر وجوههم للحاضرين وظهورهم إلى حائط المنظرة فيقدم خطيب الجامع الأنور المعروف بجامع الحاكم فيخطب كما يخطب فوق المنبر إلى أن يصل إلى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيقول‏:‏ وإن هذا يوم مولده إلى ما من الله به على ملة الإسلام من رسالته ثم يختم كلامه بالدعاء للخليفة ثم يؤخر ويقدم خطيب الجامع الأزهر فيخطب كذلك ثم خطيب الجامع الأقمر فيخطب كذلك والقراء في خلال خطابة الخطباء يقرؤون‏.‏

فإذا انتهت خطابة الخطباء أخرج الأستاذ رأسه ويده في كمه من طاقته ورد على الجماعة السلام ثم تغلق الطاقتان فتنفض الناس ويجري أمر الموالد الخمسة الباقية على هذا النظام إلى حين فراغها على عدتها من غير زيادة ولا نقص انتهى‏.‏

وهذا الباب صار بعد زال الدولة الفاطمية يقابل دار الأمير فخر الدين جهاركس الصلاحي التي عرفت بعد ذلك بالدار القطبية وهي الآن المارستان المنصوري وصار موضع هذا الباب محراب مدرس الظاهر ركن الدين بيبرس‏.‏

باب البحر‏:‏ هو من إنشاء الحاكم بأمر الله أبي علي منصور وهدم في أيام الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري وشوهد فيه أمر عجيب‏.‏

قال جامع السيرة الظاهرية‏:‏ لما كان يوم عاشوراء يعني من سنة اثنتين وسبعين وستمائة رسم بنقض علو أحد أبواب القصر المسمى بباب البحر قبالة المدرسة دار الحديث الكاملية لأجل نقل عمدة فيه لبعض العمائر السلطانية فظهر صندوق في حائط مبني عليه فللوقت أحضرت الشهود وجماعة كثيرة وفتح الصندوق فوجد فيه صورة من نحاس أصفر مفرغ على كرسي شبه الهرام ارتفاعه قدر شبر له أربعة أرجل تحمل الكرسي والصنم جالس متوركًا وله يدان مرفوعتان ارتفاعًا جيدًا يحمل صحيفة دورها‏:‏ قدر ثلاثة أشبار وفي هذه الصحيفة أشكال ثابتة وفي الوسط صورة رأس بغير جسد ودائرة مكتوب كتابة بالقبطي والقلفطيريات وإلى جانبها في الصحيفة شكل له قرنان يشبه شكل السنبلة وإلى الجانب الآخر شكل آخر وعلى رأسه صليب والآخر في يده عكاز وعلى رأسه صليب وتحت أرجلهم أشكال طيور وفوق رؤوس الأشكال كتابة ووجد مع هذا الصنام في الصندوق لوح من ألواح الصبيان التي يكتبون فيها بالمكاتب مدهون وجهه الواحد أبيض ووجهه الواحد أحمر وفيه كتابة قد تكشط أكثرها من طول المدة وقد بلي اللوح وما بقيت الكتابة تلتئم ولا الخط يفهم‏.‏

وهذا نص ما فيه وأخليت مكان كتابته التي تكشطت وأما الوجه الأبيض‏:‏ فهو مكتوب بقلم الصحيفة القبطي والمكتوب في الوجه الأحمر على هذه الصورة‏:‏ السطر الأول بقي منه مكتوبًا الإسكندر‏.‏

‏.‏

‏.‏

‏.‏

السطر الثاني‏:‏ الأرض وهبها له السطر الثالث‏:‏ وجرب لكل السطر الرابع‏:‏ أصحاب‏.‏

‏.‏

‏.‏

‏.‏

السطر الخامس‏:‏ وهو يحرس السطر السادس‏:‏ واحترازه بقوة السطر السابع‏:‏ الملك مرجو وأبواب السطر الثامن غير بيته سبعة السطر التاسع‏:‏ عالم حكيم عالم في عقله السطر العاشر‏:‏ وصفها فلا تفسد السطر الحادي عشر‏:‏ طارد كل سوء والذي صاغها النساء السطر الثاني‏:‏ عشر سد أيضًا كل آثار أسدية بيبرس وهي أحد السطر الثالث عشر‏:‏ بيبرس ملك الزمان والحكمة كلمة الله عز وجل هذا صورة ما وجد في اللوح مما بقي منن الكتابة والبقية قد تكشط‏.‏

وقيل‏:‏ إن هذا اللوح بخط الخليفة الحاكم وأعجب ما يه اسم السلطان وهو بيبرس ولما شاهد السلطان ذلك‏:‏ أمر بقراءته فعرض على قراء الأقلام فقرئ وذلك بالقلم القبطي ومضمونه طلسم عمل للظاهر بن الحاكم واسم أمه رصد وفيه أسماء الملائكة وعزائم ورقي وأسماء روحانية وصور ملائكة أكثره حرس لديار مصر وثغورها وصرف الأعداء عنها وكفهم عن طروقهم إليها وابتهال إلى الله تعالى بأقسام كثيرة لحماية الديار المصرية وصونها من الأعداء وحفظها من كل طارق من جميع الأجناس وتضمن هذا الطلسم‏:‏ كتابة بالقلفطيريات وأوفاقًا وصورًا وخواص لا يعلمها إلا الله تعالى وحمل هذا الطلسم إلى السلطان وبقي في ذخائره‏.‏

قال‏:‏ ورأيت في كتاب عتيق رث سماه مصنفه‏:‏ وصية الإمام العزيز بالله والد الإمام الحاكم بأمر الله لولده المذكور وقد ذكر فيه الطلسمات التي على أبواب القصر ومن جملتها‏:‏ إن أول البروج‏:‏ الحمل وهو بيت المريخ وشرف الشمس وله القوة على جميع سلطان الفلك لأنه صاحب السيف واسفهسلارية العسكر بين يدي الشمس الملك وله الأمر والحرب والسلطان والقوة والمستولي لقوة روحانيته على مدينتنا وقد أقمنا طلسمًا لساعته ويومه لقهر الأعداء وذل المنافقين في مكان أحكمناه على إشرافه عليه والحصن الجامع لقصر مجاور الأول باب بنيناه هذا نص ما رأيته انتهى‏.‏

ولعل معنى كتابة بيبرس في هذا اللوح إشارة إلى أن هدم هذا الباب يكون على زمان بيبرس فإن القوم كانت لهم معارف كثيرة وعنايتهم بهذا الفن وافرة كبيرة والله أعلم وموضع باب البحر هذا اليوم يعرف‏:‏ بباب قصر بشتاك قبالة المدرسة الكاملية‏.‏

باب الريح‏:‏ كان على ما أدركته تجاه سور سعيد السعداء على يمنة السالك من الركن المخلوق إلى رحبة باب العيد وكانا بابًا مربعًا يسلك فيه من دهليز مستطيل مظلم إلى حيث المدرسة السابقية ودار الطواشي سابق الدين وقصر أمير السلاح وينتهي إلى ما بين القصرين تجاه حمام البيسري وعرف هذا الباب في الدولة الأيوبية‏:‏ بباب قصر ابن الشيخ وذلك أن الوزير‏:‏ الصاحب معين الدين حسين بن شيخ الشيوخ وزير الملك الصالح نجم الدين أيوب‏:‏ كان يسكن بالقصر الذي في داخل هذا الباب ثم قيل له في زمننا‏:‏ باب القصر وكان على حالة له عضادتان من حجارة ويعلوه اسكفة حجرة مكتوب فيها نقرًا في الحجر عدة أسطر بالقلم الكوفي لم يتهيأ لي قراءة ما فيها وكان دهليز هذا الباب عريضًا يتجاوز عرضه فيما أقدر‏:‏ العشرة أذرع في طول كبير جدًا ويعلو هذا الباب دور للسكنى تشرف على الطريق وما زال على ذلك إلى أن أنشأ الأمير الوزير المشير جمال الدين يوسف الاستادار مدرسته برحبة باب العيد واغتصب لها أملاك الناس وكان مما اغتصب ما بجوار المدرسة من الحوانيت والرباع التي فوقها وما جاوز ذلك وهدمها ليبنيها على ما يريد فهدم هذا الباب في صفر سنة إحدى عشرة وثمانمائة وبنى في مكانه ومكان الدهليز المظلم الذي كان ينتهي بالسالك فيه من هذا الباب إلى المدرسة السابقية‏:‏ هذه القيسارية الكبيرة ذات الحوانيت والسقفية والأبواب الجديدة ودخل فيها بعض مما كان بجانبي هذا الباب من الحوانيت وعلوها ولما هدم هذا الباب ظهر في داخل بنيانه شخص وبلغني ذلك فسرت إلى الأمير المذكور وكان بيني وبين صحبة لأشاهد هذا الشخص المذكور والتمست منه إحضاره فأخبرني أنه أحضر إليه شخص من حجارة‏:‏ قصير القامة إحدى عينيه أصغر من الأخرى فقلت‏:‏ لا بد لي من مشاهدته فأمر بإحضاره الموكل بالعمارة وأنا معه إذ ذاك في موضع الباب وقد هدم ما كان فيها من البناء فذكر أنه رماه بين أحجار العمارة وأنه تكسر وصار فيما بينها ولا يستطيع تمييزه منها فأغلظ عليه وبالغ في الفحص عنه فأعياهم إحضاره‏.‏فسألت الرجل حينئذ فقال لي‏:‏ إنهم لما انتهوا في الهدم إلى حيث كان هذا الشخص إذا بدائرة فيها كتابة وبوسطها شخص قصير صغير إحدى العينين من حجارة وهذه كانت صفة جمال الدين فإنه كان قصير القامة إحدى عينيه أصغر من الأخرى ويشبه والله أعلم أن يكون قد عين في تلك الكتابة التي كانت حول الشخص أن هذا الباب يهدمهمن هذه صفته كما وجد في باب البحر اسم بيبرس الذي هدم على يديه وبأمره وقد ظفر جمال الدين هذا بأموال عظيمة وجدها في داخل هذا القصر لما أنشأ داره الأولى في الحدرة من داخل هذا الباب في سنة ست وتسعين وسبعمائة وكان لكثرة هذا المال لا يستطيع كتمانه ومن شدة خوفه يومئذ من الظاهر برقوق أن يظهر عليه لا يقدر أن يصرح به فكان يقول لأصحابه وخواصه‏:‏ وجدت في هذا المكان سبعين قفة من حديد‏.‏

أخبرني اثنان رئيسان من أعيان الدولة عنه‏:‏ إنه قال لهما هذا القول وكنت إذ ذاك أيام عمارته لهذه القاعة أتردد لشيخنا سراج الدين عمر بن الملقن رحمه الله تعالى بالمدرسة السابقية وبها كان يسكن فتعرفت بجمال الدين منه وكان يومئذ من عرض الجند ويعرف‏:‏ باستادار نحارس فاشتهر هناك أنه وجد حال هدمه وعمارته القاعة والرواق بالحدرة مكانًا مبنيًا تحت الأرض مبيض الحيطان فيه مال فما كان عندي شك أنه من أموال خبايا الفاطميين فإنه قد ذكر غير واحد من الإخباريين أن السلطان صلاح الدين لما استولى على القصر بعد موت العاضد لم يظفر بشيء من الخبايا وعاقب جماعة فلم يوقفوه على أمرها‏.‏

باب الزمرد‏:‏ سمي بذلك لأنه كان يتوصل منه إلى قصر الزمرذ وموضعه الآن المدرسة الحجازية بخط رحبة باب العيد‏.‏

باب العيد‏:‏ هذا الباب مكانه اليوم في داخل درب السلامي بخط رحبة باب العيد وهو عقد محكم البناء ويعلوه قبة قد عملت مسجدًا وتحتها حانوت يسكنه سقاء ويقابله مصطبة وأدركت العامة وهم يسمون هذه القبة بالقاهرة ويزعمون أن الخليفة كان يجلس بها ويرخي كمه فتأتي الناس وتقبله وهذا غير صحيح وقيل لهذا الباب‏:‏ باب العيد لأن الخليفة كان يخرج منه في يومي العيد إلى المصلى بظاهر باب النصر فيخطب بعد أن يصلي بالناس صلاة العيد كما ستقف عليه عند ذكر المصلى إن شاء الله تعالى وفي سنة إحدى وستين وستمائة‏:‏ بنى الملك الظاهر بيبرس خانًا للسبيل بظاهر مدينة القدس ونقل إليه باب العيد هذا باب قصر الشوك‏:‏ وهو الذي كان يتوصل منه إلى قصر الشوك وموضعه الآن تجاه حمام عرفت بحمام الإيدمري ويقال لها اليوم‏:‏ حمام يونس عند موقف المكارية بجوار خزانة البنود على يمنة السالك منها إلى رحبة الإيدمري وهو الآن زقاق ينتهي إلى بئر يسقى منها بالدلاء ويتوصل من هناك إلى المارستان العتيق وغيره وأدركت منه قطعة من جانبه الأيسر‏.‏

باب الديلم‏:‏ وكان يدخل منه إلى المشهد الحسيني وموضعه الآن درج ينزل منها إلى المشهد تجاه الفندق الذي كان دار الفطرة ولم يبق لهذا الباب أثر البتة‏.‏

باب تربة الزعفران‏:‏ مكانه الآن بجوار خان الخليلي من بحريه مقابل فندق المهمندار الذي يدق فيه ورق الذهب وقد بني بأعلاه طبقة ورواق ولا يكاد يعرفه كثير من الناس وعليه كتابة بالقلم الكوفي وهذا الباب كان يتوصل منه إلى تربة القصر المذكورة فيما تقدم‏.‏

باب الزهومة‏:‏ كان في آخر ركن القصر مقابل خزانة الدرق التي هي اليوم‏:‏ خان مسرور وقيل له‏:‏ باب الزهومة لأن اللحوم وحوائج الطعام التي كانت تدخل إلى مطبخ القصر الذي للحوم إنما يدخل بها من هذا الباب‏.‏

فقيل له‏:‏ باب الزهومة يعني باب الزفر وكان تجاهه أيضًا درب السلسلة الآتي ذكره إن شاء الله تعالى‏.‏

وموضعه الآن‏:‏ باب قاعة الحنابلة من المدارسة الصالحية تجاه فندق مسرور الصغير ومن بعد باب الزهومة المذكور باب الذهب الذي تقدم ذكر المنحر وكان بجوار هذا القصر الكبير‏:‏ المنحر وهو الموضع الذي اتخذه الخلفاء لنحر الأضاحي في عيد النحر وعيد الغدير وكان تجاه رحبة باب العيد وموضعه الآن يعرف‏:‏ بالدرب الأصفر تجاه خانقاه بيبرس وصار موضعه ما في داخل هذا الدرب من الدور والطاحون وغيرها وظاهره تجاه رأس حارة برجوان يفصل بينه وبين حارة برجوان الحوانيت التي تقابل باب الحارة ومن جملة المنحر الساحة العظيمة التي عملت لها خوند بركة أم السلطان الملك الأشرف شعبان بن حسين البوابة العظيمة بخط الركن المخلق بجوار قيسارية الجلود التي عمل فيها حوانيت الأساكفة وكان الخليفة إذا صلى صلاة عيد النحر وخطب ينحر بالمصلى ثم يأتي المنحر المذكور وخلفه المؤذنون يجهرون بالتكبير ويرفعون أصواتهم كلما نحر الخليفة شيئًا وتكون الحربة في يد قاضي القضاة وهو بجانب الخليفة ليناوله إياها إذا نحر وأول من سن منهم إعطاء الضحايا وتفرقتها في أولياء الدولة على قدر رتبهم‏:‏ العزيز بالله نزار‏.‏

ما كان يعمل في عيد النحر‏:‏ قال المسبحي‏:‏ وفي يوم عرفة يعني من سنة ثمانين وثلثمائة حمل يانس صاحب الشرط السماط وحمل أيضًا علي بن سعد المحتسب سماطًا آخر وركب العزيز بالله يوم النحر فصلى وخطب على العادة ثم نحر عدة نوق بيده وانصرف إلى قصره فنصب السماط والموائد وأكل ونحر بين يديه وأمر بتفرقة الضحايا على أهل الدولة وذكر مثل ذلك في باقي السنين‏.‏

وقال ابن المأمون في عيد النحر من سنة خمس عشرة وخمسمائة‏:‏ وأمر بتفرقة عيد النحر والهبة وجملة العين ثلاثة آلاف وثلثمائة وسبعون دينارًا ومن الكسوات مائة قطعة وسبع قطع برسم الأمراء المطوقين والأستاذين المحنكين وكاتب الدست ومتولي حجبة الباب وغيرهم من المستخدمين وعدة ما ذبح‏:‏ ثلاثة أيام النحر في هذا العيد وعيد الغدير‏:‏ ألفان وخمسمائة وأحد وستون رأسًا‏.‏

تفصيله‏:‏ نوق مائة وسبعة عشر رأسًا بقر أربعة وعشرون رأسًا جاموس عشرون رأسًا هذا الذي ينحره ويذبحه الخليفة بيده في المصلى والنحر وباب الساباط ويذبح الجزارون من الكباش ألفين وأربعمائة رأس والذي اشتملت عليه نفقات الأسمطة في الأيام المذكورة خارجًا عما يعمل بالدار المأمونية من الأسمطة وخارجًا عن أسمطة القصور عند الحرم وخارجًا عن القصور الحلواء والقصور المنفوخ المصنوعة بدار الفطرة‏:‏ ألف وثلثمائة وستة وعشرون دينارًا وربع وسدس دينار ومن السكر برسم القصور والقطع المنفوخ أربعة وعشرون قنطارًا‏.‏

تفصيله عن قصرين في أول يوم خاصة اثنا عشر قنطارًا المنفوخ عن ثلاثة الأيام اثنا عشر قنطارًان وقال في سنة ست عشرة وخمسمائة‏:‏ وحضر وقت تفرقة كسوة عيد النحر ووصل ما تأخر فيها بالطراز وفرقت الرسوم على من جرت عادته خارجًا عما أمر به من تفرقة العين المختص بهذا العيد وأضحيته وخارجًا عما يفرق على سبيل المناخ ومن باب الساباط مذبوحًا ومنحورًا ستمائة دينار وسبعة عشر دينارًا وفي التاسع من ذي الحجة جلس الخليفة الآمر بأحكام الله على سرير الملك وحضر الوزير وأولاده وقاموا بما يجب من السلام واستفتح المقرئون وتقدم حامل المظلة وعرض ما جرت عادته من المظال الخمسة التي جميعها مذهب وسلم الأمراء على طبقاتهم وختم المقرئون وعرضت الدواب جميعها والعماريات والوحوش وعاد الخليفة إلى محله فلما أسفر الصبح‏:‏ خرج الخليفة وسلم على من جرت عادته بالسلام عليه ولم يخرج شيء عما جرت به العادة في الركوب والعود وغير الخليفة ثيابه ولبس ما يختص بالنحر وهي البدلة الحمراء بالشدة التي تسمى‏:‏ بشدة الوفار والعلم الجوهر في وجهه بغير قضيب ملك في يده إلى أن دخل المنحر وفرشت الملاءة الديبقي الحمراء وثلاث بطائن مصبوغة حمر ليتقي بها الدم مع كون كل من الجزارين بيده مكبة صفاف مدهونة يلقي بها الدم عن الملاءة وكبر المؤذنون ونحر الخليفة أربعًا وثلاثين ناقة وقصد المسجد الذي آخر صف المنحر وهو مغلق بالشروب والفاكهة المعبأة فيه بمقدار ما غسل يديه ثم ركب من فوره وجملة ما نحره وذبحه الخليفة خاصة في المنحر وباب الساباط دون الأجل الوزير المأمون وأولاده وإخوته في ثلاثة الأيام ما عدته‏:‏ ألف وتسعمائة وستة وأربعون رأسًا‏.‏

تفصيله‏:‏ نوق مائة وثلاث عشرة ناقة نحر منها في المصلى عقيب الخطبة ناقة وهي التي تهدي وتطلب من آفاق الأرض للتبرك بلحمها ونحر في المناخ مائة ناقة وهي التي يحمل منها للوزير وأولاده وأخوته والأمراء والضيوف والأجناد والعسكرية والمميزين من الراجل وفي كل يوم يتصدق منها على الضعفاء والمساكين بناقة واحدة وفي اليوم الثالث من العيد تحمل ناقة منحورة للفقراءة في القرافة وينحر في باب الساباط ما يحمل إلى من حوته القصور وإلى داره الوزارة وإلى الأصحاب والحواشي اثنتا عشرة ناقة وثماني عشرة بقرة وخمس وعشرون جاموسة ومن الكباش ألف وثمانمائة رأس ويتصدق كل يوم في باب الساباط بسقط ما يذبح من النوق والبقر‏.‏

وأما مبلغ المنصرف على الأسمطة في ثلاثة الأيام خارجًا عن الأسمطة بالدار المأمونية فألف وثلثمائة وستة وعشرون دينارًا وربع وسدس دينار ومن السكر برسم قصور الحلاوة والقطع المنفوخ المصنوعة بدار الفطرة خارجًا عن المطابخ ثمانية وأربعون قنطارًا‏.‏

وقال ابن الطوير‏:‏ فإذا انقضى ذو القعدة وأهل ذو الحجة اهتم بالركوب في عيد النحر وهو يوم عاشره فيجري حاله كما جرى في عيد الفطر من الزي والركوب إلى المصلى ويكون لباس الخليفة فيه‏:‏ الأحمر الموشح ولا ينخرم منه شيء وركوبه ثلاثة أيام متولية فأولها‏:‏ يوم الخروج إلى المصلى والخطابة كعيد الفطر وثاني يوم وثالثه إلى المنحر وهو المقابل لباب الريح الذي في ركن القصر المقابل لسور دار سعيد السعداء الخانقاه اليوم وكان براحًا خاليًا لا عمارة فيه فيخرج من هذا الباب الخليفة بنفسه ويكون الوزير واقفًا عليه فيترجل ويدخل ماشيًا بين يديه بقربه هذا بعد انفصالهما من المصلى ويكون قد قيد إلى هذا المنحر أحد وثلاثون فصيلًا وناقة أمام مصطبة مفروشة يطلع عليها الخليفة والوزير ثم أكابر الدولة وهو بين الأستاذين المحنكين فيقدم الفراشون له إلى المصطبة رأسًا ويكون بيده حربة من رأسها الذي لا سنان فيه ويد قاضي القضاة في أصل سنانها فيجعله القاضي في نحر النحيرة ويطعن بها الخليفة وتجر من بين يديه حتى يأتي على العدة المذكورة فأول نحيرة هي التي تقدد وتسير إلى داعي اليمن وهو الملك فيه فيفرقها على المعتقدين من وزن نصف درهم إلى ربع درهم ثم يعمل ثاني يومكذلك فيكون عددما ينحر‏:‏ سبعًا وعشرين ثم يعمل في اليوم الثالث كذلك وعدة ما ينحر ثلاث وعشرون‏.‏

هذا‏:‏ وفي مدة هذه الأيام الثلاثة يسير رسم الأضحية إلى أرباب الرتب والرسوم كما سيرت الغرة في أول السنة من الدنانير بغير رباعية ولا قراريط على مثال الغرة من عشرة دنانير إلى دينار وأما لحم الجزور فإنه يفرق في أرباب الرسوم للتبرك في أطباق مع أدوان الفراشين وأكثر ذلك تفرقة قاضي القضاة وداعي الدعاة للطلبة بدار العلم والمتصدرين بجوامع القاهرة ونقباء المؤمنين بها من الشيعة للتبرك فإذا انقضى ذلك خلع الخليفة على الوزير ثيابه الحمر التي كانت عليه ومنديلًا آخر بغير السمة والعقد المنظوم من القصر عند عود الخليفة من المنحر فيركب الوزير من القصر بالخلع المذكورة شاقًا القاهرة فإذا خرج من باب زويلة انعطف على يمينه سالكًا على الخليج فيدخل من باب القنطرة إلى دار الوزارة وبذلك انفصال عيد النحر‏.‏

وقال ابن أبي طي‏:‏ عدة ما يذبح في هذا العيد في ثلاثة أيام النحر وفي يوم عيد الغدير‏:‏ ألفان وخمسمائة وأحد وستون رأسًا تفصيله‏:‏ نوق مائة وسبعة عشر رأسًا بقر أربعة وعشرون رأسًا جاموس عشرون رأسًا هذا الذي ينحره الخليفة ويذبحه بيده في المصلى والمنحر وباب الساباط ويذبح الجزارون بين يديه من الكباش ألفًا وأربعمائة رأس‏.‏

وقال ابن عبد الظاهر‏:‏ كان الخليفة ينحر بالمنحر‏:‏ مائة رأس ويعود إلى خزانة الكسوة فيغير قماشه ويتوجه إلى الميدان وهو الخرنشف بباب الساباط للنحر والذبح ويعود بعد ذلك إلى الحمام ويغير ثيابه للجلوس على الأسمطة وعدة ما يذبحه ألف وسبعمائة وستة وأربعون رأسًا‏:‏ مائة وثلاث عشر ناقة والباقي بقر وغنم‏.‏

قال ابن الطوير‏:‏ وثمن الضحايا على ما تقرر ما يقرب من ألفي دينار وكانت تخرج المخلقات إلى الأعمال بشائر بركوب الخليفة في يوم عيد النحر‏.‏

فمما كتب به الأستاذ البارع أبو القسم علي بن منجيب بن سليمان الكاتب المعروف‏:‏ بابن الصيرفي المنعوت‏:‏ بتاج الرياسة أما بعد‏:‏ فالحمد لله الذي رفع منار الشرع وحفظ نظامه ونشر راية هذا الدين وأوجب إعظامه وأطلع بخلافة أمير المؤمنين كواكب سعوده وأظهر للمؤالف والمخالف عزة أحزابه وقوة جنوده وجعل قرعه ساميًا ناميًا وأصله ثابتًا راسخًا وشرفه على الأديان بأسرها وكان لعراها فاصمًا ولأحكامها ناسخًا يحمده أمير المؤمنين أن الزم طاعته الخليقة وجعل كراماته الأسباب الجديرة بالإمارة الخليقة ويرغب إليه في الصلاة على جده محمد الذي حاز الفخار أجمعه وضمن الجنة لمن آمن به واتبع النور الذي أنزل معه ورفعه إلى أعلى منزلة تخير له منها المحل وأرسله بالهدى ودين الحق فزهق الباطل وخمدت ناره واضمحل صلى الله عليه وعلى أخيه وابن عميه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب خير الأمة وإمامها وحبر الملة وبدر تمامها والموفي يومه في الطاعات على ماضي أمسه ومن أقامه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المباهلة مقام نفسه واختصه بأبعد غاية في سورة براءة فنادى في الحج بأولها ولم يكن غيره ينفذ نفاذه ولا يسد مكانه لأنه قال‏:‏ ‏"‏ لا يبلغ عنى إلا رجل من أهل بيتي ‏"‏ عملًا في ذلك بما أمر الله به سبحانه وعلى الأئمة من ذريتهما خلفاء الله في أرضه والقائمين في سياسة خلقه بصريح الإيمان ومحضه والمحكمين من أمر الدين ما لا وجه لحله ولا سبيل إلى نقضه وسلم عليهم أجمعين سلامًا يتصل دوامه ولا يخشى انصرامه ومجد وكرم وشرف وعظم وكتاب أمير المؤمنين هذا إليك يوم الأحد عيد النحر من سنة ست وثلاثين وخمسمائة الذي تبلج فجره عن سيئات محصت ونفوس من آثار الذنوب خلصت ورحمة امتدت ظلالها وانتشرت ومغفرة هنأت ونشر وكان من خبر هذا اليوم‏:‏ أن أمير المؤمنين برز لكافة من بحضرته من أوليائه متوجهًا لقضاء حق هذا العيد السعيد وأدائه في عترة راسخة قواعدها متمكنة وعساكر جمة تضيق عنها ظروف الأمكنة ومواكب تتوالى كتوالي السيل وتهاب هيبة مجيئه في الليل بأسلحة تحسر لها الأبصار وتبرق وترتاع الأفئدة مناه وتفرق فمن مشرفي إذا ورد تورد ومن سمهري إذا قصد تقصد ومن عمد إذا عمدت تبرأت المغافر من ضمانها ومن قسي إذا أرسلت بنانها وصلت إلى القلوب بغير استئذانها ولم يزل سائرًا في هدي الإمامة وأنوارها وسكينة الخلافة ووقارها إلى أن وصل إلى المصلى قدام المحراب وأدى الصلاة إذ لم يكن بينه وبين التقبيل حجاب ثم علا المنبر فاستوى على ذروته ثم هلل الله وكبر وأثنى على عظمته وأحسن إلى الكافة بتبليغ موعظته وتوجه إلى ما أعد من البدن فنحره تكميلًا لقربته وانتهى في ذلك إلى ما أمر الله عز وجل وعاد إلى قصوره المكرمة ومنازله المقدسة قد رضي الله عمله وشكر فعله وتقبله أعلمك أمير المؤمنين بذلك لتشكر الله على النعمة فيه وتذيعه قبلك على الرسم مما تجاريه فاعلم هذا واعمل به إن شاء الله تعالى‏.‏