فصل: فصل: إن وطئ زوجته في دبرها‏ فلا حد عليه لأن له في ذلك شبهة ويعزر لفعله المحرم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


كتاب عشرة النساء والخلع‏:‏

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وعاشروهن بالمعروف‏}‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف‏}‏ وقال أبو زيد‏:‏ يتقون الله فيهن كما عليهن أن يتقين الله فيهم وقال ابن عباس‏:‏ إني لأحب أن أتزين للمرأة‏,‏ كما أحب أن تتزين لي لأن الله تعالى يقول‏:‏ ‏{‏ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف‏}‏ وقال الضحاك في تفسيرها‏:‏ إذا أطعن الله وأطعن أزواجهن فعليه أن يحسن صحبتها‏,‏ ويكف عنها أذاه وينفق عليها من سعته وقال بعض أهل العلم‏:‏ التماثل ها هنا في تأدية كل واحد منهما ما عليه من الحق لصاحبه بالمعروف ولا يمطله به‏,‏ ولا يظهر الكراهة بل ببشر وطلاقة ولا يتبعه أذى ولا منة لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وعاشروهن بالمعروف‏}‏ وهذا من المعروف‏,‏ ويستحب لكل واحد منهما تحسين الخلق مع صاحبه والرفق به واحتمال أذاه لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وبالوالدين إحسانا وبذي القربى‏}‏ إلى قوله ‏{‏والصاحب بالجنب‏}‏ قيل‏:‏ هو كل واحد من الزوجين وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏استوصوا بالنساء خيرا‏,‏ فإنهن عوان عندكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله‏)‏ رواه مسلم وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏إن المرأة خلقت من ضلع أعوج‏,‏ لن تستقيم على طريقة فإن ذهبت تقيمها كسرتها وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج‏)‏ متفق عليه وقال ‏(‏خياركم خياركم لنسائهم‏)‏ رواه ابن ماجه وحق الزوج عليها أعظم من حقها عليه لقول الله تعالى‏:‏ ‏{‏وللرجال عليهن درجة‏}‏ وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد‏,‏ لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهم عليهن من الحق‏)‏ رواه أبو داود وقال‏:‏ ‏(‏إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع‏)‏ متفق عليه ‏(‏وقال لامرأة أذات زوج أنت‏؟‏ قالت‏:‏ نعم قال‏:‏ فإنه جنتك ونارك وقال‏:‏ لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه‏,‏ ولا تأذن في بيته إلا بإذنه وما أنفقت من نفقة من غير إذنه فإنه يرد إليه شطره‏)‏ رواه البخاري‏.‏

فصل‏:‏

إذا تزوج امرأة مثلها يوطأ‏,‏ فطلب تسليمها إليه وجب ذلك وإن عرضت نفسها عليه لزمه تسلمها‏,‏ ووجبت نفقتها وإن طلبها فسألت الإنظار أنظرت مدة جرت العادة أن تصلح أمرها فيها‏,‏ كاليومين والثلاثة لأن ذلك يسير جرت العادة بمثله وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏لا تطرقوا النساء ليلا حتى تمتشط الشعثة‏,‏ وتستحد المغيبة‏)‏ فمنع من الطروق وأمر بإمهالها لتصلح أمرها مع تقدم صحبته لها فهاهنا أولى ثم إن كانت حرة‏,‏ وجب تسليمها ليلا ونهارا وله السفر بها لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يسافر بنسائه إلا أن يكون سفرا مخوفا‏,‏ فلا يلزمها ذلك وإن كانت أمة لم يلزم تسليمها إلا بالليل لأنها مملوكة عقد على إحدى منفعتيها فلم يلزم تسليمها في غير وقتها‏,‏ كما لو أجرها لخدمة النهار لم يلزم تسليمها بالليل ويجوز للمولى بيعها ‏(‏لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن لعائشة في شراء بريرة وهي ذات زوج ولا ينفسخ النكاح بذلك‏,‏ بدليل أن بيع بريرة لم يبطل نكاحها‏)‏‏.‏

فصل‏:‏

وللزوج إجبار زوجته على الغسل من الحيض والنفاس مسلمة كانت أو ذمية حرة كانت أو مملوكة لأنه يمنع الاستمتاع الذي هو حق له‏,‏ فملك إجبارها على إزالة ما يمنع حقه وإن احتاجت إلى شراء الماء فثمنه عليه لأنه لحقه وله إجبار المسلمة البالغة على الغسل من الجنابة لأن الصلاة واجبة عليها ولا تتمكن منها إلا بالغسل فأما الذمية ففيها روايتان‏:‏ إحداهما‏,‏ له إجبارها عليه لأن كمال الاستمتاع يقف عليه فإن النفس تعاف من لا يغتسل من جنابة والثانية ليس له إجبارها عليه وهو قول مالك والثوري لأن الوطء لا يقف عليه‏,‏ فإنه مباح بدونه وللشافعي قولان كالروايتين وفي إزالة الوسخ والدرن وتقليم الأظفار وجهان بناء على الروايتين في غسل الجنابة وتستوي في هذا المسلمة والذمية لاستوائهما في حصول النفرة ممن ذلك حالها وله إجبارها على إزالة شعر العانة إذا خرج عن العادة‏,‏ رواية واحدة ذكره القاضي وكذلك الأظفار وإن طالا قليلا بحيث تعافه النفس ففيه وجهان وهل له منعها من أكل ما له رائحة كريهة‏,‏ كالبصل والثوم والكرات‏؟‏ على وجهين أحدهما له منعها من ذلك لأنه يمنع القبلة وكمال الاستمتاع والثاني‏,‏ ليس له منعها منه لأنه لا يمنع الوطء وله منعها من السكر وإن كانت ذمية لأنه يمنع الاستمتاع بها فإنه يزيل عقلها ويجعلها كالزق المنفوخ‏,‏ ولا يأمن أن تجني عليه وإن أرادت شرب ما لا يسكرها فله منع المسلمة لأنهما يعتقدان تحريمه وإن كانت ذمية لم يكن له منعها منه نص عليه أحمد لأنها تعتقد إباحته في دينها وله إجبارها على غسل فمها منه ومن سائر النجاسات ليتمكن من الاستمتاع بفيها ويتخرج أن يملك منعها منه لما فيه من الرائحة الكريهة‏,‏ وهو كالثوم وهكذا الحكم لو تزوج مسلمة تعتقد إباحة يسير النبيذ هل له منعها منه‏؟‏ على وجهين ومذهب الشافعي على نحو من هذا الفصل كله‏.‏

فصل‏:‏

وللزوج منعها من الخروج من منزله إلى ما لها منه بد سواء أرادت زيارة والديها أو عيادتهما‏,‏ أو حضور جنازة أحدهما قال أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة‏:‏ طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها وقد روى ابن بطة‏,‏ في ‏"‏ أحكام النساء ‏"‏ عن أنس ‏(‏أن رجلا سافر ومنع زوجته من الخروج فمرض أبوها‏,‏ فاستأذنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عيادة أبيها فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اتقي الله ولا تخالفي زوجك فمات أبوها‏,‏ فاستأذنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حضور جنازته فقال لها‏:‏ اتقي الله ولا تخالفي زوجك فأوحى الله إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- إني قد غفرت لها بطاعة زوجها‏)‏ ولأن طاعة الزوج واجبة‏,‏ والعيادة غير واجبة فلا يجوز ترك الواجب لما ليس بواجب ولا يجوز لها الخروج إلا بإذنه ولكن لا ينبغي للزوج منعها من عيادة والديها‏,‏ وزيارتهما لأن في ذلك قطيعة لهما وحملا لزوجته على مخالفته وقد أمر الله تعالى بالمعاشرة بالمعروف‏,‏ وليس هذا من المعاشرة بالمعروف وإن كانت زوجته ذمية فله منعها من الخروج إلى الكنيسة لأن ذلك ليس بطاعة ولا نفع وإن كانت مسلمة‏,‏ فقال القاضي‏:‏ له منعها من الخروج إلى المساجد وهو مذهب الشافعي وظاهر الحديث يمنعه من منعها لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏لا تمنعوا إماء الله مساجد الله‏)‏ وروي أن الزبير تزوج عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل فكانت تخرج إلى المساجد وكان غيورا‏,‏ فيقول لها‏:‏ لو صليت في بيتك فتقول‏:‏ لا أزال أخرج أو تمنعني فكره منعها لهذا الخبر وقال أحمد في الرجل تكون له المرأة أو الأمة النصرانية يشتري لها زنارا‏؟‏ قال‏:‏ لا بل تخرج هي تشتري لنفسها فقيل له‏:‏ جاريته تعمل الزنانير‏؟‏ قال‏:‏ لا‏.‏

فصل‏:‏

وليس على المرأة خدمة زوجها من العجن والخبز‏,‏ والطبخ وأشباهه نص عليه أحمد وقال أبو بكر بن أبي شيبة وأبو إسحاق الجوزجاني‏:‏ عليها ذلك واحتجا ‏(‏بقصة علي وفاطمة فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- قضى على ابنته فاطمة بخدمة البيت وعلى على ما كان خارجا من البيت من عمل‏)‏ رواه الجوزجاني من طرق قال الجوزجاني‏:‏ وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏(‏لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد‏,‏ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ولو أن رجلا أمر امرأته أن تنقل من جبل أسود إلى جبل أحمر أو من جبل أحمر إلى جبل أسود‏,‏ كان عليها أن تفعل‏)‏ ورواه بإسناده قال‏:‏ فهذه طاعته فيما لا منفعة فيه فكيف بمؤنة معاشه‏؟‏ ‏(‏وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر نساءه بخدمته فقال‏:‏ يا عائشة اسقينا يا عائشة أطعمينا‏,‏ يا عائشة هلمي الشفرة واشحذيها بحجر‏)‏ وقد روي ‏(‏أن فاطمة أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تشكو إليه ما تلقى من الرحى وسألته خادما يكفيها ذلك‏)‏ ولنا - أن المعقود عليه من جهتها الاستمتاع‏,‏ فلا يلزمها غيره كسقي دوابه وحصاد زرعه فأما قسم النبي -صلى الله عليه وسلم- بين علي وفاطمة‏,‏ فعلى ما تليق به الأخلاق المرضية ومجرى العادة لا على سبيل الإيجاب‏,‏ كما قد روي عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تقوم بفرس الزبير وتلتقط له النوى‏,‏ وتحمله على رأسها ولم يكن ذلك واجبا عليها ولهذا لا يجب على الزوج القيام بمصالح خارج البيت ولا الزيادة على ما يجب لها من النفقة والكسوة‏,‏ ولكن الأولى لها فعل ما جرت العادة بقيامها به لأنه العادة ولا تصلح الحال إلا به ولا تنتظم المعيشة بدونه‏.‏

فصل‏:‏

فإن وطئ زوجته في دبرها‏,‏ فلا حد عليه لأن له في ذلك شبهة ويعزر لفعله المحرم وعليها الغسل لأنه إيلاج فرج في فرج‏,‏ وحكمه حكم الوطء في القبل في إفساد العبادات وتقرير المهر ووجوب العدة وإن كان الوطء لأجنبية‏,‏ وجب حد اللوطي ولا مهر عليه لأنه لم يفوت منفعة لها عوض في الشرع ولا يحصل بوطء زوجته في الدبر إحصان إنما يحصل بالوطء الكامل‏,‏ وليس هذا بوطء كامل والإحلال للزوج الأول لأن المرأة لا تذوق به عسيلة الرجل ولا تحصل به الفينة ولا الخروج من العنة لأن الوطء فيهما لحق المرأة‏,‏ وحقها الوطء في القبل ولا يزول به الاكتفاء بصمتها في الإذن بالنكاح لأن بكارة الأصل باقية‏.‏

فصل‏:‏

ولا بأس بالتلذذ بها بين الأليتين من غير إيلاج لأن السنة إنما وردت بتحريم الدبر فهو مخصوص بذلك ولأنه حرم لأجل الأذى‏,‏ وذلك مخصوص بالدبر فاختص التحريم به‏.‏

فصل‏:‏

والعزل مكروه ومعناه أن ينزع إذا قرب الإنزال‏,‏ فينزل خارجا من الفرج رويت كراهته عن عمر وعلي‏,‏ وابن عمر وابن مسعود وروي ذلك عن أبي بكر الصديق أيضا لأن فيه تقليل النسل وقطع اللذة عن الموطوءة‏,‏ وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على تعاطي أسباب الولد فقال‏:‏ ‏(‏تناكحوا تناسلوا‏,‏ تكثروا‏)‏ وقال‏:‏ ‏(‏سوداء ولود خير من حسناء عقيم‏)‏ إلا أن يكون لحاجة مثل أن يكون في دار الحرب‏,‏ فتدعوه حاجته إلى الوطء فيطأ ويعزل ذكر الخرقي هذه الصورة‏,‏ أو تكون زوجته أمة فيخشى الرق على ولده أو تكون له أمة‏,‏ فيحتاج إلى وطئها وإلى بيعها وقد روى عن علي رضي الله عنه أنه كان يعزل عن إمائه فإن عزل من غير حاجة كره ولم يحرم ورويت الرخصة فيه عن علي‏,‏ وسعد بن أبي وقاص وأبي أيوب وزيد بن ثابت‏,‏ وجابر وابن عباس والحسن بن علي‏,‏ وخباب بن الأرت وسعيد بن المسيب وطاوس‏,‏ وعطاء والنخعي ومالك‏,‏ والشافعي وأصحاب الرأي وروى أبو سعيد قال‏:‏ ‏(‏ذكر - يعني - العزل‏,‏ عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ ولم يفعل ذلك أحدكم‏؟‏ ولم يقل‏:‏ فلا يفعل فإنه ليس من نفس مخلوقة إلا الله خالقها‏)‏ متفق عليه وعنه ‏(‏أن رجلا قال‏:‏ يا رسول الله إن لي جارية‏,‏ وأنا أعزل عنها وأنا أكره أن تحمل وأنا أريد ما يريد الرجال‏,‏ وإن اليهود تحدث أن العزل الموءودة الصغرى قال‏:‏ كذبت يهود لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه‏)‏ رواه أبو داود‏.‏