فصل: فصل: الشرط الرابع: أن لا تزيد زيادة متصلة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المغني **


فصل‏:‏

فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه‏,‏ مثل اختصاصه بحاجة أو زمانة أو عمى‏,‏ أو كثرة عائلة أو اشتغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل أو صرف عطيته عن بعض ولده لفسقه‏,‏ أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله أو ينفقه فيها‏,‏ فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك لقوله في تخصيص بعضهم بالوقف‏:‏ لا بأس به إذا كان لحاجة وأكرهه إذا كان على سبيل الأثرة والعطية في معناه ويحتمل ظاهر لفظه المنع من التفضيل أو التخصيص على كل حال لكون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يستفصل بشيرا في عطيته والأول أولى إن شاء الله لحديث أبي بكر ولأن بعضهم اختص بمعنى يقتضي العطية‏,‏ فجاز أن يختص بها كما لو اختص بالقرابة وحديث بشير قضية في عين لا عموم لها وترك النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الاستفصال يجوز أن يكون لعلمه بالحال فإن قيل‏:‏ لو علم بالحال لما قال‏:‏ ‏"‏ ألك ولد غيره‏؟‏ ‏"‏ قلنا‏:‏ يحتمل أن يكون السؤال ها هنا لبيان العلة‏,‏ كما قال عليه السلام للذي سأله عن بيع الرطب بالتمر‏:‏ ‏(‏أينقص الرطب إذا يبس‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏:‏ قال‏:‏ فلا إذا‏)‏وقد علم أن الرطب ينقض لكن نبه السائل بهذا على علة المنع من البيع كذا ها هنا‏.‏

فصل‏:‏

ولا خلاف بين أهل العلم في استحباب التسوية‏,‏ وكراهة التفضيل قال إبراهيم‏:‏ كانوا يستحبون أن يسووا بينهم حتى في القبل إذا ثبت هذا فالتسوية المستحبة أن يقسم بينهم على حسب قسمة الله تعالى الميراث فيجعل للذكر مثل حظ الأنثيين وبهذا قال عطاء‏,‏ وشريح وإسحاق ومحمد بن الحسن قال شريح لرجل قسم ماله بين ولده‏:‏ ارددهم إلى سهام الله تعالى وفرائضه وقال عطاء‏:‏ ما كانوا يقسمون إلا على كتاب الله تعالى وقال أبو حنيفة‏,‏ ومالك والشافعي وابن المبارك‏:‏ تعطى الأنثى مثل ما يعطى الذكر لأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال لبشير بن سعد‏:‏ ‏"‏ سو بينهم ‏"‏ وعلل ذلك بقوله‏:‏ ‏(‏أيسرك أن يستووا في برك‏؟‏ قال‏:‏ نعم قال‏:‏ فسو بينهم‏)‏ والبنت كالابن في استحقاق برها‏,‏ وكذلك في عطيتها وعن ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏سووا بين أولادكم في العطية ولو كنت مؤثرا لأحد لآثرت النساء على الرجال‏)‏ رواه سعيد في ‏"‏ سننه ‏"‏ ولأنها عطية في الحياة فاستوى فيها الذكر والأنثى‏,‏ كالنفقة والكسوة ولنا أن الله تعالى قسم بينهم فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين وأولى ما اقتدى بقسمة الله‏,‏ ولأن العطية في الحياة أحد حالي العطية فيجعل للذكر منها مثل حظ الأنثيين كحالة الموت يعني الميراث يحققه أن العطية استعجال لما يكون بعد الموت‏,‏ فينبغي أن تكون على حسبه كما أن معجل الزكاة قبل وجوبها يؤديها على صفة أدائها بعد وجوبها وكذلك الكفارات المعجلة‏,‏ ولأن الذكر أحوج من الأنثى من قبل أنهما إذا تزوجا جميعا فالصداق والنفقة ونفقة الأولاد على الذكر والأنثى لها ذلك‏,‏ فكان أولى بالتفضيل لزيادة حاجته وقد قسم الله تعالى الميراث ففضل الذكر مقرونا بهذا المعنى فتعلل به‏,‏ ويتعدى ذلك إلى العطية في الحياة وحديث بشير قضية في عين وحكاية حال لا عموم لها وإنما ثبت حكمها فيما ماثلها‏,‏ ولا نعلم حال أولاد بشير هل كان فيهم أنثى أو لا‏؟‏ ولعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد علم أنه ليس له إلا ولد ذكر ثم تحمل التسوية على القسمة على كتاب الله تعالى ويحتمل أنه أراد التسوية في أصل العطاء لا في صفته‏,‏ فإن القسمة لا تقتضي التسوية من كل وجه وكذلك الحديث الآخر ودليل ذلك قول عطاء‏:‏ ما كانوا يقسمون إلا على كتاب الله تعالى وهذا خبر عن جميعهم على أن الصحيح من خبر ابن عباس أنه مرسل‏.‏

فصل‏:‏

وليس عليه التسوية بين سائر أقاربه‏,‏ ولا إعطاؤهم على قدر مواريثهم سواء كانوا من جهة واحدة كإخوة وأخوات وأعمام وبني عم‏,‏ أو من جهات كبنات وأخوات وغيرهم وقال أبو الخطاب المشروع في عطية الأولاد وسائر الأقارب أن يعطيهم على قدر ميراثهم‏,‏ فإن خالف وفعل فعليه أن يرجع ويعمهم بالنحلة لأنهم في معنى الأولاد فثبت فيهم مثل حكمهم ولنا أنها عطية لغير الأولاد في صحته‏,‏ فلم تجب عليه التسوية كما لو كانوا غير وارثين ولأن الأصل إباحة تصرف الإنسان في ماله كيف شاء وإنما وجبت التسوية بين الأولاد بالخبر‏,‏ وليس غيرهم في معناهم لأنهم استووا في وجوب بر والدهم فاستووا في عطيته وبهذا علل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين قال‏:‏ ‏(‏أيسرك أن يستووا في برك‏؟‏ قال‏:‏ نعم قال‏:‏ فسو بينهم‏)‏ ولم يوجد هذا في غيرهم ولأن للوالد الرجوع فيما أعطى ولده‏,‏ فيمكنه أن يسوي بينهم باسترجاع ما أعطاه لبعضهم ولا يمكن ذلك في غيرهم ولأن الأولاد لشدة محبة الوالد لهم‏,‏ وصرف ماله إليهم عادة يتنافسون في ذلك ويشتد عليهم تفضيل بعضهم ولا يباريهم في ذلك غيرهم‏,‏ فلا يصح قياسه عليهم ولا نص في غيرهم ولأن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد علم لبشير زوجة‏,‏ ولم يأمره بإعطائها شيئا حين أمره بالتسوية بين أولاده ولم يسأله هل لك وارث غير ولدك‏؟‏‏.‏

فصل‏:‏

والأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد كالأب لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم‏)‏ ولأنها أحد الوالدين‏,‏ فمنعت التفضيل كالأب ولأن ما يحصل بتخصيص الأب بعض ولده من الحسد والعداوة يوجد مثله في تخصيص الأم بعض ولدها‏,‏ فثبت لها مثل حكمه في ذلك‏.‏

فصل‏:‏

وقول الخرقي‏:‏ ‏"‏ أمر برده ‏"‏ يدل على أن للأب الرجوع فيما وهب لولده وهو ظاهر مذهب أحمد سواء قصد برجوعه التسوية بين الأولاد أو لم يرد وهذا مذهب مالك‏,‏ والأوزاعي والشافعي وإسحاق‏,‏ وأبي ثور وعن أحمد رواية أخرى‏:‏ ليس له الرجوع فيها وبها قال أصحاب الرأي والثوري‏,‏ والعنبري لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏العائد في هبته كالعائد في قيئه‏)‏ متفق عليه وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال‏:‏ من وهب هبة يرى أنه أراد بها صلة رحم أو على وجه صدقة‏,‏ فإنه لا يرجع فيها ومن وهب هبة أراد بها الثواب فهو على هبته‏,‏ يرجع فيها إذا لم يرض منها رواه مالك في ‏"‏ الموطأ ‏"‏ ولأنها هبة يحصل بها الأجر من الله تعالى فلم يجز الرجوع فيها‏,‏ كصدقة التطوع ولنا قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لبشير بن سعد‏:‏ ‏"‏ فاردده ‏"‏ وروى‏:‏ ‏"‏ فأرجعه ‏"‏ رواه كذلك مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن‏,‏ عن النعمان فأمره بالرجوع في هبته وأقل أحوال الأمر الجواز وقد امتثل بشير بن سعد في ذلك فرجع في هبته لولده‏,‏ ألا تراه قال في الحديث‏:‏ فرجع أبي فرد تلك الصدقة وحمل الحديث على أنه لم يكن أعطاه شيئا يخالف ظاهر الحديث لقوله‏:‏ تصدق على أبي بصدقة وقول بشير‏:‏ إني نحلت ابني غلاما يدل على أنه كان قد أعطاه وقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏"‏ فاردده ‏"‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ فأرجعه ‏"‏ وروى طاوس‏,‏ عن ابن عمر وابن عباس يرفعان الحديث إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال‏:‏ ‏(‏ليس لأحد أن يعطي عطية‏,‏ فيرجع فيها إلا الوالد فيما يعطي ولده‏)‏ رواه الترمذي وقال‏:‏ حديث حسن وهذا يخص عموم ما رووه ويفسره وقياسهم منقوض بهبة الأجنبي فإن فيها أجرا وثوابا فإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ندب إليها وعندهم له الرجوع فيها‏,‏ والصدقة على الولد كمسألتنا وقد دل حديث النعمان بن بشير على الرجوع في الصدقة لقوله‏:‏ تصدق على أبي بصدقة‏.‏

فصل‏:‏

وظاهر كلام الخرقي أن الأم كالأب‏,‏ في الرجوع في الهبة لأن قوله‏:‏ ‏"‏ وإذا فاضل بين أولاده ‏"‏ يتناول كل والد ثم قال في سياقه‏:‏ ‏"‏ أمر برده ‏"‏ فيدخل فيه الأم وهذا مذهب الشافعي لأنها داخلة في قوله‏:‏ ‏"‏ إلا الوالد فيما يعطي ولده ‏"‏ ولأنها لما دخلت في قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏سووا بين أولادكم‏)‏ ينبغي أن يتمكن من التسوية والرجوع في الهبة طريق في التسوية‏,‏ وربما تعين طريقا فيها إذا لم يمكن إعطاء الآخر مثل عطية الأول ولأنها لما دخلت في المعنى في حديث بشير بن سعد فينبغي أن تدخل في جميع مدلوله لقوله‏:‏ ‏"‏ فاردده ‏"‏ وقوله‏:‏ ‏"‏ فأرجعه ‏"‏ ولأنها لما ساوت الأب في تحريم تفضيل بعض ولدها ينبغي أن تساويه في التمكن من الرجوع فيما فضله به‏,‏ تخليصا لها من الإثم وإزالة للتفضيل المحرم كالأب والمنصوص عن أحمد أنه ليس لها الرجوع قال الأثرم‏:‏ قلت لأبي عبد الله‏:‏ الرجوع للمرأة فيما أعطته ولدها كالرجل‏؟‏ قال‏:‏ ليس هي عندي في هذا كالرجل لأن للأب أن يأخذ من مال ولده‏,‏ والأم لا تأخذ وذكر حديث عائشة‏:‏ ‏(‏أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه‏)‏ أي كأنه الرجل قال أصحابنا‏:‏ والحديث حجة لنا فإنه خص الوالد‏,‏ وهو بإطلاقه إنما يتناول الأب دون الأم والفرق بينهما أن للأب ولاية على ولده ويحوز جميع المال في الميراث‏,‏ والأم بخلافه وقال مالك‏:‏ للأم الرجوع في هبة ولدها ما كان أبوه حيا فإن كان ميتا فلا رجوع لها لأنها هبة ليتيم وهبة اليتيم‏,‏ لازمة كصدقة التطوع ومن مذهبه أنه لا يرجع في صدقة التطوع‏.‏

فصل‏:‏

ولا فرق فيما ذكرنا بين الهبة والصدقة وهو قول الشافعي وفرق مالك وأصحاب الرأي بينهما‏,‏ فلم يجيزوا الرجوع في الصدقة بحال واحتجوا بحديث عمر‏:‏ من وهب هبة وأراد بها صلة رحم‏,‏ أو على وجه صدقة فإنه لا يرجع ولنا حديث النعمان بن بشير فإنه قال‏:‏ تصدق على أبي بصدقة وقال‏:‏ فرجع أبي‏,‏ فرد تلك الصدقة وأيضا عموم قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏(‏إلا الوالد فيما يعطي ولده‏)‏ وهذا يقدم على قول عمر ثم هو خاص في الوالد وحديث عمر عام‏,‏ فيجب تقديم الخاص‏.‏ /// 4 ///

فصل‏:‏

وللرجوع في هبة الولد شروط أربعة‏:‏ أحدها أن تكون باقية في ملك الابن فإن خرجت عن ملكه ببيع أو هبة أو وقف أو إرث أو غير ذلك‏,‏ لم يكن له الرجوع فيها لأنه إبطال لملك غير الوالد وإن عادت إليه بسبب جديد كبيع أو هبة أو وصية أو إرث ونحو ذلك لم يملك الرجوع فيها لأنها عادت بملك جديد لم يستفده من قبل أبيه‏,‏ فلا يملك فسخه وإزالته كالذي لم يكن موهوبا له وإن عادت إليه بفسخ البيع لعيب‏,‏ أو إقالة أو فلس المشتري ففيه وجهان أحدهما يملك الرجوع لأن السبب المزيل ارتفع‏,‏ وعاد الملك بالسبب الأول فأشبه ما لو فسخ البيع بخيار المجلس أو خيار الشرط والثاني لا يملك الرجوع لأن الملك عاد إليه بعد استقرار ملك من انتقل إليه عليه فأشبه ما لو عاد إليه بهبة فأما إن عاد إليه للفسخ بخيار الشرط‏,‏ أو خيار المجلس فله الرجوع لأن الملك لم يستقر عليه‏.‏

فصل‏:‏

الثاني أن تكون العين باقية في تصرف الولد بحيث يملك التصرف في رقبتها‏,‏ فإن استولد الأمة لم يملك الأب الرجوع فيها لأن الملك فيها لا يجوز نقله إلى غير سيدها وإن رهن العين أو أفلس وحجر عليه‏,‏ لم يملك الأب الرجوع فيها لأن في ذلك إبطالا لحق غير الولد فإن زال المانع من التصرف فله الرجوع لأن ملك الابن لم يزل وإنما طرأ معنى قطع التصرف مع بقاء الملك‏,‏ فمنع الرجوع فإذا زال زال المنع والكتابة كذلك عند من لا يرى بيع المكاتب وهو مذهب الشافعي وجماعة سواه فأما من أجاز بيع المكاتب‏,‏ فحكمه حكم المستأجر والمزوج وأما التدبير فالصحيح أنه لا يمنع البيع فلا يمنع الرجوع وإن قلنا‏:‏ يمنع البيع منع الرجوع وكل تصرف لا يمنع الابن التصرف في الرقبة‏,‏ كالوصية والهبة قبل القبض فيما يفتقر إليه والوطء والتزويج والإجارة والكتابة والتدبير إن قلنا‏:‏ لا يمنع البيع‏,‏ والمزارعة عليها وجعلها مضاربة أو في عقد شركة‏,‏ فكل ذلك لا يمنع الرجوع لأنه لا يمنع تصرف الابن في رقبتها وكذلك العتق المعلق على صفة وإذا رجع وكان التصرف لازما كالإجارة والتزويج والكتابة‏,‏ فهو باق بحاله لأن الابن لا يملك إبطاله فكذلك من انتقل إليه وإن كان جائزا كالوصية والهبة قبل القبض‏,‏ بطل لأن الابن يملك إبطاله وأما التدبير والعتق المعلق بصفة فلا يبقى حكمهما في حق الأب ومتى عاد إلى الابن‏,‏ عاد حكمهما فأما البيع الذي للابن فيه خيار إما لشرط أو عيب في الثمن‏,‏ أو غير ذلك فيمنع الرجوع لأن الرجوع يتضمن فسخ ملك الابن في عوض المبيع ولم يثبت له ذلك من جهته وإن وهبه الابن لابنه‏,‏ لم يملك الرجوع فيه لأن رجوعه إبطال لملك غير ابنه فإن رجع الابن في هبته احتمل أن يملك الأب الرجوع في هبته حينئذ لأنه فسخ هبته برجوعه فعاد إليه الملك بالسبب الأول ويحتمل أن لا يملك الأب الرجوع لأنه رجع إلى ابنه بعد استقرار ملك غيره عليه‏,‏ فأشبه ما لو وهبه ابن الابن لأبيه فصل‏:‏ الثالث أن لا يتعلق بها رغبة لغير الولد فإن تعلقت بها رغبة لغيره مثل أن يهب ولده شيئا فيرغب الناس في معاملته‏,‏ وأدانوه ديونا أو رغبوا في مناكحته فزوجوه إن كان ذكرا‏,‏ أو تزوجت الأنثى لذلك فعن أحمد روايتان أولاهما ليس له الرجوع قال أحمد‏,‏ في رواية أبي الحارث في الرجل يهب لابنه مالا‏:‏ فله الرجوع إلا أن يكون غر به قوما‏,‏ فإن غر به فليس له أن يرجع فيها وهذا مذهب مالك لأنه تعلق به حق غير الابن ففي الرجوع إبطال حقه‏,‏ وقد قال عليه السلام‏:‏ ‏(‏لا ضرر ولا ضرار‏)‏ وفي الرجوع ضرر ولأن في هذا تحيلا على إلحاق الضرر بالمسلمين ولا يجوز التحيل على ذلك والثانية‏,‏ له الرجوع لعموم الخبر ولأن حق المتزوج والغريم لم يتعلق بعين هذا المال فلم يمنع الرجوع فيه‏.‏

فصل‏:‏

الرابع أن لا تزيد زيادة متصلة‏,‏ كالسمن والكبر وتعلم صنعة فإن زادت فعن أحمد روايتان إحداهما لا تمنع الرجوع وهو مذهب الشافعي لأنها زيادة في الموهوب فلم تمنع الرجوع‏,‏ كالزيادة قبل القبض والمنفصلة والثانية تمنع وهو مذهب أبي حنيفة لأن الزيادة للموهوب له لكونها نماء ملكه‏,‏ ولم تنتقل إليه من جهة أبيه فلم يملك الرجوع فيها كالمنفصلة‏,‏ وإذا امتنع الرجوع فيها امتنع الرجوع في الأصل لئلا يفضي إلى سوء المشاركة وضرر التشقيص‏,‏ ولأنه استرجاع للمال بفسخ عقد لغير عيب في عوضه فمنعه الزيادة المتصلة كاسترجاع الصداق بفسخ النكاح‏,‏ أو نصفه بالطلاق أو رجوع البائع في المبيع لفلس المشتري ويفارق الرد بالعيب من جهة أن الرد من المشتري وقد رضي ببدل الزيادة وإن فرض الكلام فيما إذا باع عرضا بعرض‏,‏ فزاد أحدهما ووجد المشتري الآخر به عيبا قلنا‏:‏ بائع المعيب سلط مشتريه على الفسخ‏,‏ ببيعه المعيب فكأن الفسخ وجد منه ولهذا قلنا فيما إذا فسخ الزوج النكاح لعيب المرأة قبل الدخول‏:‏ لا صداق لها‏,‏ كما لو فسخته وعلى هذا لا فرق بين الزيادة في العين كالسمن والطول ونحوهما أو في المعاني‏,‏ كتعلم صنعة أو كتابة أو قرآن أو علم أو إسلام أو قضاء دين عنه وبهذا قال محمد بن الحسن وقال أبو حنيفة‏:‏ الزيادة بتعليم القرآن وقضاء الدين عنه لا تمنع الرجوع ولنا أنها زيادة لها مقابل من الثمن‏,‏ فمنعت الرجوع كالسمن وتعلم الصنعة وإن زاد ببرئه من مرض أو صمم منع الرجوع‏,‏ كسائر الزيادات وإن كانت زيادة العين أو التعلم لا تزيد في قيمته شيئا أو ينقص منها‏,‏ لم يمنع الرجوع لأن ذلك ليس بزيادة في المالية وأما الزيادة المنفصلة كولد البهيمة وثمرة الشجرة‏,‏ وكسب العبد فلا تمنع الرجوع بغير اختلاف نعلمه والزيادة للولد لأنها حادثة في ملكه ولا تتبع في الفسوخ‏,‏ فلا تتبع ها هنا وذكر القاضي وجها آخر أنها للأب وهو بعيد فإن كانت الزيادة ولد أمة لا يجوز التفريق بينه وبين أمه‏,‏ منع الرجوع لأنه يلزم منه التفريق بينه وبين أمه وذلك محرم إلا أن نقول إن الزيادة المنفصلة للأب‏,‏ فلا يمنع الرجوع لأنه يرجع فيهما جميعا أو يرجع في الأم ويتملك الوالد من مال ولده‏.‏