فصل: باب الباء مع الذال

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النهاية في غريب الحديث **


 باب الباء مع الدال

‏{‏بَدأ‏}‏ * في أسماء اللّه تعالى <المبدئ> هو الذي أنشأ الأشياء واخْتَرعها ابتداء من غير سابق مثال‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي الحديث <أنه نَفَّل في البَدْأة الرُّبعَ وفي الرّجْعَة الثلثَ> أراد بالبَدْأة ابْتِداء الغَزْو، وبالرجعة القُفُول منه‏.‏ والمعنى‏:‏ كان إذا نَهَضت سريّة من جملة المعسكَر المقْبل على العدوّ فأوْقَعت بهم نَفَّلَها الربع مما غنِمت، وإذا فعلت ذلك عند عود العسكَر نفلها الثلث، لأن الكَرَّة الثانية أشَقّ عليهم والخَطَرَ فيها أعظم، وذلك لقُوّة الظَّهْر عند دخولهم وضعفه عند خروجهم، وهم في الأوّل أنشَط وأشْهَى للسير والإمعان في بلاد العدوّ، وهم عند القُفول أضعف وأفتَر وأشْهَى للرجوع إلى أوطانهم فزادَهم لذلك‏.‏

ومنه حديث علي رضي اللّه عنه <واللّه لقد سمعْتُه يقول: ليَضْرِبُنكم عَلى الدِّين عَوْداً، كما ضَرَبْتُمُوهم عليه بَدْءًا> أي أوَّلا، يعني العَجم والموَالي‏.‏

ومنه حديث الحديبية <يكون لهم بَدْوُ الفُجور وثناه> أي أوّله وآخره‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <مَنَعت العراقُ درْهَمها وقَفِيزَها، ومنعت الشام مُدْيَها ودينَارَها، ومنعت مصْر إرْدَبَّها، وعدتم من حيث بدَأتم> هذا الحديث من معجزات النبي صلّى اللّه عليه وسلم لأنه أخبر بما لم يكن وهو في علم اللّه كائن، فخرّج لفظه على لفظ الماضي، ودلَّ به على رضاه من عمر بن الخطاب بما وظَّفه على الكفرة من الجِزية في الأمصار‏.‏

وفي تفسير المنع وجهان‏:‏ أحدهما أنه علم أنهم سيُسْلمون ويسقط عنهم ما وُظِّف عليهم، فصاروا بإسْلامِهم مانعين، ويدل عليه قوله‏:‏ وعُدْتم من حيث بَدَأتم، لأن بَدْأهم في علم اللّه تعالى أنهم سيُسْلمون، فعادُوا من حيث بدأوا‏.‏ والثاني أنهم يَخْرجُون عن الطاعة ويَعْصُون الإمام فيمنعون ما عليهم من الوظائف‏.‏ والمُدْيُ مكيال أهل الشام، والقَفِيز لأهل العراق، والإرْدَبُّ لأهل مصر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي الحديث <الخيل مُبْدَّأة يوم الوِرْد> أي يُبْدأ بها في السَّقي قبل الإبل والغنم، وقد تحذف الهمزة فتصير ألفاً ساكنة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عائشة رضي اللّه عنها <أنها قالت في اليوم الذي بُدئ فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: وارَأسَاه> يقال متى بُدِئ فلان‏؟‏ أي متى مرض، ويُسأل به عن الحيّ والميت‏.‏

وفي حديث الغلام الذي قتله الخَضِر <فانطلق إلى أحدهم بَادِي الرأي فقتله> أي في أوّل رَاي رآه وابْتَدأ به، ويجوز أن يكون غير مهموز؛ من البُدُوّ‏:‏ الظهور، أي ظاهر الرأْي والنَّظر‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث ابن المسيّب في حَرِيم البئر <البَدِئ خمس وعشرون ذراعا> البَدِئ - بوزن البَدِيع -‏:‏ البئر التي حُفِرت في الإسلام وليست بعَاديَّة قديمة‏.‏

‏{‏بدج‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الزبير <أنه حَمل يوم الخنْدق على نَوفل بن عبد اللّه بالسَّيف حتى شقه باثْنَتَيْن وقَطع أُبْدُوجَ سَرْجه> يعني لِبْدَه‏.‏ قال الخطابي‏:‏ هكذا فسره أحَد رُواته‏.‏ ولسْت أدْري ما صحَّته‏.‏

‏{‏بدح‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث أم سلمة <قالت لعائشة رضي اللّه عنهما: قد جَمَع القرآن ذَيْلَكِ فلا تَبْدَحيه> من البَدَاح وهو المتَّسِعُ من الأرض، أي لا تُوسّعيه بالحركة والخروج‏.‏ والبَدْح‏:‏ العَلانية‏.‏ وبَدَح بالأمر‏:‏ باح به‏.‏ ويروى بالنون، وسيذكر في بابه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث بكر بن عبد اللّه <كان أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم يتَمازَحون ويَتَبَادَحُون بالبِطِّيخ، فإذا جاءت الحقَائق كانوا هُم الرجالَ> أي يتَرامَوْن به‏.‏ يقال بَدَح يَبْدَح إذا رمَى‏.‏

‏{‏بد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث يوم حُنين <أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أبدَّ يَدَه إلى الأرض فأخذ قَبْضَة> أي مدّها‏.‏

ومنه الحديث <أنه كان يبِدُّ ضَبْعَيْه في السجود> أي يَمُدُّهُما ويُجافِيهما‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث وفاة النبي صلى اللّه عليه وسلم <فأبدَّ بصَره إلى السّواك> كأنه أعطاه بُدّته من النَّظر، أي حَظه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <دخلت على عمر وهو يُبِدّني النَّظر استعجالا لخَبَر ما بَعثَني إليه>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <اللهم أحْصِهم عدداً، واقتلهم بَدَداً> يروى بكسر الباء جمع بُدّة وهي الحِصَّة والنصيب، أي اقتُلهم حِصَصا مقسَّمة لكل واحد حصَّته ونَصِيبه‏.‏ ويروى بالفتح أي متفرّقين في القتل واحدا بعد واحد، من التَّبْديد‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عِكْرمة <فَتبدّدُوه بينهم> أي اقْتَسموه حِصَصا على السَّواء‏.‏‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث خالد بن سنان <أنه انتهى إلى النار وعليه مِدْرعَة صُوف، فجعل يفرّقُها بعصاه ويقول: بدًّا بدًّا> أي تَبَدّدي وتفرّقي‏.‏ يقال بَدَدْت بَدًّا، وبَدّدت تبديدا‏.‏ وهذا خالد هو الذي قال فيه النبي صلى اللّه عليه وسلم <نبيٌّ ضيَّعه قومه>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث أم سلمة <أن مساكين سألوها، فقالت: يا جارية أبدّيهم تَمْرة تمرة> أي أعْطِيهم وفَرّقي فيهم‏.‏

ومنه الحديث <إن لي صِرْمَة أُفْقِر منها وأُطْرق (الذي في اللسان وتاج العروس: <وقال رجل من العرب: إن لي صرمة أبد منها وأقرن>‏.‏ والصرمة هنا القطيع من الإبل من العشرين إلى الثلاثين والأربعين‏.‏ ومعنى قوله أبد‏:‏ أي أعطي واحداً واحداً، ومعنى أقرن‏:‏ أي اعطي اثنين اثنين‏.‏ هكذا فسره أبو عبيد‏.‏ اه

ومعنى أفقر في روايتنا‏:‏ أعير‏.‏ ويقال‏:‏ أطرقني فحلك، أي أعرني فحلك ليضرب في إبلي‏.‏ فهذا معنى أطرق في روايتنا‏)‏ وأُبِدُّ> أي أعْطِي‏.‏

وفي حديث علي رضي اللّه عنه <كنا نَرى أن لنا في هذا الأمر حقا فاسْتَبْدَدْتم علينَا> يقال استبدّ بالأمر يستَبِدّ به اسْتِبْدَاداً إذا تَفَرَّد به دُون غيره‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن الزبير <أنه كان حسن الْبَادّ إذا ركب> البَادُّ أَصل الفخذ، والبَادَّانِ أيضا - من ظهر الفرس - ما وقع عليه فَخِذ الفارس، وهو من البدَد‏:‏ تبَاعِد ما بين الفخذين من كثرة لحمهما‏.‏

‏{‏بدر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث المبعث <فَرجَع بها ترجُف بوَادِرُه> هي جمع بادِرَة وهي لَحمة بين المَنْكِب والعُنق‏.‏ والبَادِرَة من الكَلام‏:‏ الذي يَسْبق من الإنسان في الغَضب‏.‏ ومنه قول النابغة‏:‏

ولا خَيْرَ في حِلْمٍ إذا لم تكُن له ** بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أن يكَدَّرَا

‏(‏س‏)‏ وفي حديث اعتزال النبي صلى اللّه عليه وسلم نساءه <قال عمر: فابْتَدَرَت عَيْنايَ> أي سَالتَا بالدموع‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث جابر رضي اللّه عنه <كنا لا نَبيعُ التَّمر حتى يَبْدُر> أي يَبْلُغ‏.‏ يقال بَدَر الغلام إذا تمَّ واسْتدار‏.‏ تَشْبيهاً بالبَدْر في تمامه وكماله‏.‏ وقيل إذا احْمرّ البُسْر قيل له أبْدَر‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <فأُتي بِبَدْرٍ فيه بُقُول> أي طَبَق، شُبّه بالبَدْر لاسْتِدارته‏.‏

‏{‏بدع‏}‏ * في أسماء اللّه تعالى <البديع>، هو الخالق المختَرع لا عن مِثال سابق، فَعِيل بمعنى مُفْعِل‏.‏ يقال أبدَع فهو مُبْدِع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <أن تِهَامه كبَدِيع العسَل، حلو أوَّله حلو آخره> البديع‏:‏ الزِّقُ الجَدِيد شَبَّه به تِهَامه لطيب هوائها، وأنه لا يتغيَّر كما أن العسل لا يتغير‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث عمر رضي اللَه عنه في قيام رمضان <نِعْمَت البِدْعة هذه> البدعة بِدْعَتَان‏:‏ بدعة هُدًى، وبدعة ضلال، فما كان في خلاف ما أمَر اللّه به ورسوله صلى اللّه عليه وسلم فهو في حَيِّز الذّم والإنكار، وما كان واقعا تحت عُموم ما نَدب اللّه إليه وحَضَّ عليه اللّه أو رسوله فهو في حيز المدح، وما لم يكن له مثال موجود كنَوْع من الجُود والسخاء وفعْل المعروف فهو من الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما وَردَ الشرع به؛ لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم قد جَعل له في ذلك ثوابا فقال<من سَنّ سُنة حسَنة كان له أجْرها وأجرُ من عَمِل بها> وقال في ضِدّه <ومن سنّ سُنة سيّئة كان عليه وزْرُها وَوِزْرُ من عَمِل بها> وذلك إذا كان في خلاف ما أمر اللّه به ورسوله صلى اللّه عليه وسلم‏.‏ ومن هذا النوع قولُ عمر رضي اللّه عنه‏:‏ نِعْمَت البدعة هذه‏.‏ لمَّا كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدَحها؛ لأن النبي صلى اللّه عليه وسلم لم يَسَنَّها لهم، وإنما صلاّها لَياليَ ثم تَركَها ولم يحافظ عليها، ولا جَمع الناسَ لها، ولا كانت في زمن أبي بكر، وإنما عمر رضي اللّه عنه جمع الناس عليها ونَدَبهم إليها، فبهذا سمّاها بدعة، وهي على الحقيقة سُنَّة، لقوله صلى اللّه عليه وسلم <عليكم بسُنَّتي وسنَّة الخلفاء الراشِدين من بعْدي> وقوله <اقتدُوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر> وعَلَى هذا التأويل يُحمل الحديث الآخر <كل مُحْدَثة بدعةٌ> إنما يريد ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السُّنَّة‏.‏ وأكثر ما يُستعمل المبْتدَع عُرفا في الذمّ‏.‏

وفي حديث الهَدْي <فأزْحَفَت عليه بالطريق فَعيَّ بشَأنِها إنْ هي أبْدَعَت> يقال أبْدَعت الناقة إذا انْقَطعت عن السَّير بِكَلاَل أو ظَلْع، كأنه جعَل انقطاعها عما كانت مستمرة عليه من عادة السَّير إبداعا، أي أنْشاء أمْرٍ خارج عما اعْتِيد منها‏.‏

ومنه الحديث <كيف أصْنَع بما أُبْدِع عليّ منها> وبعضهم يرويه أبْدَعَت‏.‏ وأُبْدع على مالم يسم فاعله‏.‏ وقال‏:‏ هكذا يُستعمل‏.‏ والأول أوجه وأقيس‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <أتاه رجل فقال إنّي أُبْدِعَ بي فاحمِلْني> أي انْقُطِع بي لكَلال راحلَتي‏.‏

‏{‏بدل‏}‏ ‏[‏ه‏]‏ في حديث رضي اللّه عنه <الأبْدال بالشام> هُم الأولياء والعُبَّاد، الواحد بِدْل كحِمْل وأحمال، وبَدَل كجمل، سُمُّوا بذلك لأنهم كلما مات واحد منهم أُبْدِل بآخرَ‏.‏

‏{‏بدن‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لا تُبَادِرُوني بالركوع والسُّجود، إنِّي قد بَدُنْت> قال أبو عبيد هكذا روي في الحديث بَدُنت، يعني بالتخفيف، وإنما هو بَدَّنت بالتشديد‏:‏ أي كبِرت وأسْننْتْ، والتخفيف من البَدَانة وهي كثرة اللحم، ولم يكن صلّى اللّه وسلم سميناً‏.‏ قلتُ‏:‏ قد جاء في صفته صلى اللّه عليه وسلم في حديث ابن أبي هالة‏:‏ بادِنٌ مُتَماسك، والبادِن الضَّخم، فلما قال بادن أرْدَفَه بِمُتَماسِك، وهو الذي يُمْسك بعضُ أعضائه بعضا، فهو مُعتدل الْخَلْق‏.‏

ومنه الحديث <أتُحِبّ أن رجُلا بادِناً في يومٍ حارّ غسل ما تحْت إزَارِه ثم أعطَاكَهُ فشربْته>‏.‏

وفي حديث علي <لما خطب فاطمة رضي اللّه عنهما، قيل: ما عندك؟ قال: فَرسي وبَدَني> البَدَن الدرْع من الزَّرَد‏.‏ وقيل هي القصيرة منها‏.‏

ومنه حديث سَطِيح‏.‏

أبْيَضُ فَضْفَاضُ الرِّدَاء والبَدَن*

أي واسع الدرْع‏.‏ يُريد به كثرة العطاء‏.‏ومنه حديث مسْح الخفَّين <فأخرج يدَه من تحت بَدَنِه> استعار البَدَن ها هنا للجُبّة الصغيرة، تشبيها بالدرع‏.‏ ويحتمل أن يُريد به من أسفل بدَن الجُبة، ويشهد له ما جاء في الرواية الأخرى <فأخرج يدَه من تحت البدَن>

وفيه <أُُتِي رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بخَمْس بَدَنات> البَدَنَة تقع على الجمل والناقة والبقرة، وهي بالإبل أشبه‏.‏ وسميت بدَنةً لِعِظَمِها وسِمْنَها‏.‏ وقد تكررت في الحديث‏.‏ومنه حديث الشعبي <قيل له إن أهل العراق يقولون إذا أعتق الرجل أمَتَه ثم تزوّجها كان كمن يَرْكَب بَدَنَتَهُ> أي إنّ من أعتق أمته فقد جعلها محررّة للّه، فهي بمنزلة البّدنة التي تُهْدَى إلى بيت اللّه تعالى في الحج، فلا تُركَب إلاّ عن ضرورة، فإذا تزوّج أمته المعْتَقة كان كمن قد ركب بَدَنَتَه المُهْداة‏.‏

‏{‏بدَه‏}‏ ‏(‏س‏)‏ قي صفته صلى اللّه عليه وسلم <من رآه بَديهةً هَابَه> أي مُفاجأة وبَغْتة، يعني من لَقِيه قبل الاختلاط به هَابَه لِوَقاره وسكونه، وإذا جالسه وخالطه بَان له حسْن خُلُقِه‏.‏

‏{‏بدا‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <كان إذا اهْتَمَّ لشيء بدا> أي خرج إلى البَدْو‏.‏ يَشْبه أن يكون يفعل ذلك ليَبْعُد عن الناس ويَخْلوَ بنفسه‏.‏

ومنه الحديث <أنه كان يَبْدُو إلى هذه التّلاع>‏.‏

والحديث الآخر <مَنْ بَدَا جَفَا> أي من نزل البادِية صار فيه جفاء الأعراب‏.‏

‏(‏ه‏)‏ والحديث الآخر <أنه أراد البَدَاوة مرّة> أي الخروج إلى البادِية‏.‏ وتُفتح باؤها وتكسر‏.‏

وحديث الدعاء <فإنَّ جار البَادِي يتحوّل> هو الذي يكون في البادية ومسْكَنه المضارب والخيام، وهو غير مُقيم في موضعه، بخلاف جار المقام في المُدن‏.‏ ويروى النّضادِي بالنُّون‏.‏

ومنه الحديث <لا يَبِعْ حاضر لبَادٍ> وسَيجيء مشروحا في حرف الحاء‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الأقرع والأبرص والأعمى <بَدَا للّه عز وجَلَّ أن يَبْتَلِيَهم> أي قَضَى بذلك، وهو مَعْنى البَداء ها هنا، لأن القضاء سابق‏.‏ والبَداءُ اسْتِصْواب شيء عُلم بعدَ أن لم يُعْلَم، وذلك على اللّه عز وجل غير جائز‏.‏ومنه الحديث <السلطان ذُو عُدْوان وذٌو بُدْوَان> أي لا يزال يَبْدُو لَهُ رأيٌ جديد‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث سلمة بن الأكوع <خرَجْت أنا ورباح مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ومعي فرس طلحة أُبْدِيه مع الإبل> أي أُبْرِزُه معها إلى مواضع الكلأ، وكل شيء أظهرته فقد أبْدَيته وبَدَّيته‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <أنه أُمرَ أن يُبادِيَ الناس بأمْره> أي يُظْهره لهم‏.‏

ومنه الحديث <من يُبْدِ لنَا صفحَته نُقِمْ عليه كتاب اللّه> أي من يُظْهر لنا فعله الذي كان يَخفيه أقمنا عليه الحدّ‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه‏:‏

باسْم الإِلَهِ وَبِه بَدِينَا ** ولَوْ عبَدْنا غيره شَقِينا ‏(‏هو لعبد اللّه بن رواحة، كما في تاج العروس‏.‏ وبعده‏:‏

وحبَّذا رَبَّا وحَبّ دِينا*‏)‏

يقال بَدِيت بالشيء - بكسر الدال - أي بَدأت به، فلما خَفَّف الهمزة كسر الدال فانقلبت الهمزة ياء، وليس هو من بنَات الياء‏.‏

وفي حديث سعد بن أبي وقاص <قال يوم الشورى:الحمد للّه بَديًّا> البَدِيّ بالتشديد الأوّل، ومنه قولهم‏:‏ افعل هذا بادِيَ بَدِيٍّ، أي أوّل كل شيء‏.‏

وفيه <لا تجوز شهادة بَدوِيٍّ على صاحب قَرْية> إنما كَرِه شهادة البدويّ لما فيه من الجفاء في الدّين والجهالة بأحكام الشرع؛ ولأنهم في الغالب لا يَضْبِطون الشهادة على وجهها، وإليه ذهب مالك، والناس على خلافه‏.‏

وفيه ذكر <بَدَا> بفتح الباء وتخفيف الدال‏:‏ موضع بالشام قرْب وَادِي القُرى، كان به مَنْزل عليّ بن عبد اللّه بن العباس وألاَدِه‏.‏

 باب الباء مع الذال

‏{‏بذأ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث الشعبي <إذا عظُمت الخِلقة فإنما هي بَذَاء ونَجاء> البَذاء‏:‏ المُبَاذَاة، وهي المفاحَشَة، وقد بَذُوَ يَبْذو بَذَاءة، والنَّجَاء‏:‏ المُنَاجَاة‏.‏ وهذه الكلمة بالمعتَلّ أشبه منها بالمهموز، وسيجيء مبينا في موضعه‏.‏

‏{‏بذج‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <يؤتى بابن آدم يوم القيامة كأنه بَذَجٌ من الذُّلّ> البَذج‏:‏ ولد الضأن وجمعه بِذْجان‏.‏

‏{‏بذخ‏}‏ * في حديث الخليل <والذي يتخذها أشَراً وَبَطَراً وبَذَخاً> البَذَخ - بالتحريك - الفَخْر والتَّطَاوُل‏.‏ والبَاذَخ العالي، ويجمع على بُذَّخ‏.‏

ومنه كلام علي <وحَمل الجبال البُذَّخ على أكتافها>‏.‏

‏{‏بذذ‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <البَذّاذَة من الإيمان> البذاذة رَثَاثة الْهيئة‏.‏ يقال‏:‏ بّذُّ الْهيئة وبَاذُّ الهيئة‏:‏ أي رَثُّ اللِّبْسة‏.‏ أراد التواضع في اللباس وترك التَّبَجُّح به‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي الحديث <بَذَّ القائلين> أي سَبقهم وغَلَبهم، ويَبُذُّهم بَذًّا‏.‏

ومنه في صفة مَشْيه صلى اللّه عليه وسلم <يمشي الهُوَينا يَبُذُّ القوم> إذا سَارَع إلى خَيْر ومشَى إليه‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏بذر‏}‏ * في حديث فاطمة رضي اللّه عنها عند وفاة النبي صلى اللّه عليه وسلم <قالت لعائشة رضي اللّه عنهما: إني إذَنْ لَبَذِرَة> البَذِر‏:‏ الذي يُفْشي السّرَّ ويُظْهر ما يَسْمعه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث علي رضي اللّه عنه في صفة الأولياء <ليسُوا بالمَذاييع البُذْر> جَمْع بَذٌور‏.‏ يقال بَذَرتُ الكلام بين الناس كما تُبذر الحبوب‏:‏ أي أفْشَيَتُه وفَرّقته‏.‏

وفي حديث وقف عُمر <ولِوَليّه أن يأكل منه غيرَ مُبَاذِر> المبَاذِر والمبَذّر‏:‏ المُسْرف في النَّفَقة‏.‏ بَاذَرَ وبَذَّر مُبَاذَرة وتَبذِيرا‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏بذعر‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث عائشة رضي اللّه عنها <ابْذَعَرّ النّفاق> أي تفَرّق وتبدّد‏.‏

‏{‏بذق‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <سَبق محمدٌ البَاذَقَ> هو بفتح الذال الخمر؛ تعريب بَاذَه، وهو اسم الخمر بالفارسية، أي لم تكن في زمانه، أو سَبق قولُه فيها وفي غيرها من جنسها‏.‏

‏{‏بذل‏}‏ * في حديث الاستسقاء <فخرج مُتَبذّلاً مُتَخَضّعاً> التَّبَذُّلُ‏:‏ ترك التزيُّن والتَّهيُّئ بالهيئة الحسَنة الجميلة على جِهة التواضع‏.‏

ومنه حديث سلمان <فرأى أم الدَّرداء مُتَبَذِّلة> وفي رواية مُبْتَذِلة، وهما بمعنى‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏{‏بذا‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <البَذاء من الجفاء> البَذَاء بالمد‏:‏ الفُحش في القول‏.‏ وفلان بَذِيُّ اللسان‏.‏ تقول منه بَذَوْت على القوم وأبْذَيْت أبْذُو بَذَاءً‏.‏

ومنه حديث فاطمة بنت قيس <بَذَت على أحْمائها> وكان في لسَانها بَعْض البَذاء‏.‏ ويقال في هذا الهمز، وليس بالكثير‏.‏ وقد سبق في أوّل الباب‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

 باب الباء مع الراء

‏{‏برأ‏}‏ * في أسماء اللّه تعالى <البارئ> هو الذي خلَق الخلْق لا عَنْ مثال‏.‏ ولهذه اللفظة من الاختصاص بخَلْق الحيوان ما ليس لها بغيره من المخلوقات، وقلَّما تَستَعمل في غير الحيوان، فيقال بَرأ اللّه النسَمَة، وخلَق السموات والأرض‏.‏ وقد تكرر ذكر الْبرْءِ في الحديث‏.‏

وفي حديث مرضِ النبي صلى اللّه عليه وسلم <قال العباس لعليّ رضي اللّه عنه: كيف اصبح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ فقال: اصْبَح بحمد اللّه بَارِئا> أي مُعافاً‏.‏ يقال برَأْتُ من المرض أبْرَأُ بَرْءًا بالفتح، فأنا بارِئ، وأبْرَأني اللّه من المرض، وغير أهل الحجاز يقولون‏:‏ بَرِئت بالكسر بُرْءاَ بالضم‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه قول عبد الرحمن بن عوف لأبي بكر رضي اللّه عنهما <أراك بارئا>‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث في اسْتِبْراء الجارية <لا يمسُّها حتى يَبْرأ رَحِمُها> ويتبَيَّن حالها هل هي حامل أم لا‏.‏ وكذلك الاستِبراء الذي يُذكر مع الاستنجاء في الطهارة، وهو أن يَسْتَفْرِغ بقيَّة البَول ويُنَقّي موضعه ومجْرَاه حتى يُبْريهما منه، أي يُبينَه عنهما كما يَبْرأ من المرض والدَّين، وهو في الحديث كثير‏.‏

وفي حديث الشرب <فإنه أرْوَى وأبْرَا> أي يَبْريه من ألَم العطش، أو أراد أنه لا يكون منه مَرض؛ لأنه قد جاء في حديث آخر <فإنه يُرث الكُبَاد> وهكذا يُرْوَى الحديث <أبر> غير مهموز لأجل أرْوى‏.‏

وفي حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه <لمَّا دعاه عُمر إلى العمَل فأبَى، فقال عمر: إن يوسف قد سأل العَمَل، فقال: إن يوسف مِنّي بَرِيء وأنا منه بَراء> أي بَرِيء عن مُساواته في الحُكم، وأنْ أُُقَاسَ به، ولم يُرِد بَراءة الْوِلاَيَة والمحبَّة؛ لأنه مأمور بالإيمان به، والبَراء والبَرِيء سواء‏.‏

‏{‏بربر‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث علي رضي اللّه عنه <لما طَلَب إليه أهْل الطائف أن يكتُب لهم الأمَان على تَحْلِيل الرّبَا والخمر فامتنع قاموا ولهم تَغزْمُرٌ وبَرْبَرَة> البَرْبَرة‏:‏ التخليط في الكلام مع غَضب ونَفور‏.‏

ومنه حديث أحُدٍ <أخَذَ اللّواء غلام فنَصبه وبَرْبر>‏.‏

‏{‏بربط‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث علي بن الحسين <لا قُدِّسَتْ أُمّة فيها البَرْبَطُ> البَرْبَط مَلْهاة تُشْبه العُود، وهو فارسي معرّب‏.‏ وأصله بَرْبَت؛ لأن الضارب به يضَعُه على صدره، واسم الصَّدر‏:‏ بَر‏.‏

‏{‏برث‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <يبعث اللّه تعالى منها سبعين ألفا لا حسابَ عليهم ولا عذاب، فيما بين البَرْثِ الأحْمرِ وَبَين كذا> البَرْث‏:‏ الأرض اللّينة، وجمعُها بِراثٌ، يُريد بها أرضا قريبة من حِمْص، قُتِل بها جماعة من الشهداء والصالحين‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث الآخر <بَيْن الزَّيْتُون إلى كَذَا بَرْثٌ أحْمرُ>‏.‏

‏{‏برثم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث القبائل <سئل عن مُضَر فقال: تميم بُرْثُمتُها وجُرْثُمتُها> قال الخطابي‏:‏ إنما هو بُرْثُنَتُها بالنون، أي مخالبها، يُريد شَوْكتها وقوّتها‏.‏ والنون والميم يتعاقبان، فيجوز أن تكون الميم لغة، ويجوز أن تكون بدلا، لازْدِواج الكلام في الْجُرثُومة، كما قال الغَدايا وَالعَشايا‏.‏

‏{‏بَرْثان‏}‏ * هو بفتح الباء وسكون الراء‏:‏ وَادٍ في طريق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى بدر‏.‏ وقيل في ضبطه غير ذلك‏.‏

‏{‏برج‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في صفة عمر رضي اللّه عنه <طُوَال أدْلَم أبْرَج> البَرَج بالتحريك‏:‏ أن يكون بياض العين مُحدِقا بالسّواد كله لا يغيب من سوادها شيء‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <كان يكره للنساء عَشْر خِلال، منها التَّبَرُّج بالزِينة لغير مَحلّها> التَّبرُّج‏:‏ إظهار الزّينة للناس الأجانب وهو المذموم، فأما للزوج فلا، وهو معنى قوله لغير محلّها‏.‏

‏{‏برجس‏}‏ * في حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما <أن النبي صلى اللّه عليه وسلم سئل عن الكواكب الخُنَّس فقال: هي البِرْجِيس وزُحَل وعُطاردُ وبَهْرامُ والزُّهَرة> البِرْجِيس‏:‏ المشْترِي، وبَهْرام‏:‏ المِرِّيخ‏.‏

‏{‏برجم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <من الفِطرة غَسْل البَراجِم> هي العُقَد التي في ظهور الأصابع يَجْتمع فيها الوَسَخ، الواحدة بُرْجُمة بالضم‏.‏ وقد تكرر في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الحجاج <أمِنْ أهل الرَّهْمَسة والبَرْجَمة أنت؟> البَرْجَمة بالفتحِ‏:‏ غِلظ الكلام‏.‏

‏{‏برح‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أنه نهى عن التَّوْلِيه والتَّبْرِيح> جاء في متن الحديث أنه قَتْلُ السُّوء للحيوان، مثل أن يُلْقي السمكَ على النار حَيًّا‏.‏ وأصل التّبريح المشقَّة والشدة، يقال بَرَّح به إذا شقَّ عليه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <ضرْباً غيرَ مُبَرِّح> أي غير شاقٍ‏.‏

والحديث الآخر <لَقِينا منه البَرْحَ> أي الشدّة‏.‏

‏(‏س‏)‏ وحديث أهل النهروان <لَقُوا بَرْحاً>‏.‏

‏(‏س‏)‏ والحديث الآخر <بَرَّحتْ بي الحُمَّى> أي أصابني منها البُرَحَاء، وهو شِدّتها‏.‏‏(‏س‏)‏ وحديث الإفك <فأخذه البُرَحاء> أي شدّة الكَرْب من ثِقَل الوَحْي‏.‏

وحديث قتل أبي رافع اليهودي <بَرَّحَتْ بنا امْرَأتُهُ بالصّياح>‏.‏

وفيه <جاء بالكُفر بَرَاحاً> أي جِهاراً، من بَرِحَ الْخَفاءُ إذا ظهر، ويُروَى بالواوِ، وسيجيء‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <حِنَ دَلَكَتْ بَرَاحِ> بَراحِ بوزن قَطامِ من أسماء الشمس‏.‏ قال الشاعر‏:‏

هذَا مَقَامُ قدمي رَبَاحِ * غُدْوَة حَتَّى دَلَكَتْ بَرَاحِ

دُلُوك الشمس‏:‏ غُروبها وزوالُها‏.‏ وقيل إن الباء في براح مكسورة، وهي باء الجرّ‏.‏ والراحُ جمع رَاحَة وهي الكَفُّ‏.‏ يعني أن الشمس قد غَرَبَت أو زالت، فهم يَضَعون راحاتِهم على عُيونهم ينظرون هل غَرَبَت أو زالت‏.‏ وهَذانِ القولان ذكرهما أبو عبيد والأزهري والهروي والزمخشري وغيرهم من مفسِّري اللغة والغَرِيب‏.‏ وقد أخذ بعض المتأخرين القول الثاني على الهروي، فظنّ أنه قد انْفَرد به وخطأه في ذلك، ولم يعلم أن غيره من الأئمة قبله وبعده ذهب إليه‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أبي طلحة <أحَبُّ أمْوالِي إليَّ بَيْرَحَى> هذه اللفظة كثيرا ما تختلف ألفاظ المحدِّثين فيها، فيقولون بَيرَحَاء بفتح الباء وكسرها، وبفتح الراء وضمها والمدّ فيهما، وبفَتْحِهما والقصْر، وهي اسم مالٍ ومَوْضع بالمدينة‏.‏ وقال الزمخشري في الفائق‏:‏ إنها فَيْعَلَى من البَراح، وهي الأرض الظاهرة‏.‏

وفي الحديث <بَرِح ظَبْيٌ> هو من البارِح ضِدّ السَّانح، فالسَّانح مَا مَرّ من الطَّير والوحش بين يديك من جهَة يَسارك إلى يمينك، والعرَب تَتَيمَّن به لأنه أمكنُ للرَّمْي والصيد‏.‏ والبَارِح ما مَرَّ من يَمينك إلى يَسارك، والعَرب تَتَطيَّر به لأنه لا يُمكنك أن تَرميَه حتى تَنْحرِف‏.‏

‏{‏برد‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <من صَلَّى البَرْدَيْن دَخَل الجنة> البَرْدَانِ والأبْرَدان الغداة والعشيُّ‏.‏ وقيل ظِلاَّهما‏.‏

ومنه حديث ابن الزبير <كان يسير بنا الأبرَدَيْن>‏.‏

وحديثه الآخر مع فَضالة بن شَريك <وسِرْ بها البَرْدَين>‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وأما الحديث الآخر <أبْرِدُوا بالظُّهر> فالإبْراد‏:‏ انْكِسار الوهَج والحرّ، وهو من الإبْرَاد‏:‏ الدُّخول في البَرْد‏.‏ وقيل معناه صلُّوها في أوّل وقتها، من بَرد النهار وهو أوّله‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <الصوم في الشتاء الغنِيمة البارِدةُ> أي لا تَعب فيه ولا مَشقَّة، وكل محبوب عندهم بارد‏.‏ وقيل معناه الغنيمة الثابتة المسْتَقرَّة، من قولهم بَرَدَ لِي على فلان حَقٌّ، أي ثَبت‏.‏

ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <وَدَدْت أنه بَرَدَ لَنا عملُنا>‏.‏

وفيه <إذا أبْصَر أحدُكم امْرأةً فلْيأت زَوْجَتَه فإن ذلك بَرْدُ ما في نفسه> هكذا جاء في كتاب مسلم بالباء الموحدة من البَرْد، فإن صحَّت الرّواية فمعناه أنّ إتيانه زوجَتَه يَبَرِّدُ ما تَحرَّكَت له نفسُه من حَرّ شهوة الجماع، أي يُسَكّنه ويجعله باردا‏.‏ والمشهور في غيره <فإن ذلك يَرُدُّ ما في نفْسه> بالياء من الردّ، أي يعْكسه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه <أنه شرب النَّبيذ بعد مَا بَرد> أي سَكَن وفَتر‏.‏ يقال جَدّ في الأمر ثم برَدَ، أي فتَرَ‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه <لما تَلقَّاه بُرَيدَة الأسْلمي قال له: من أنت؟ قال: أنا بُرَيْدة، فقال لأبي بكر رضي اللّه عنهما: بَرَد أمْرُنَا وصَلُح> أي سَهُل‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <لا تُبَرِّدُوا عن الظالم> أي لا تَشْتموه وتدْعوا عليه فتُخَففوا عنه من عقوبة ذَنْبه‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمر <فهَبَره بالسيف حتى بَردَ> أي مات‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث أمّ زرع <بَرُودُ الظّل> أي طيّب العِشْرة‏.‏ وفَعُول يَسْتوي فيه الذَّكَر والأنثى‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الأسْود <أنه كان يكتَحل بالبَرُود وهو محرِم> البرود بالفتح‏:‏ كحل فيه أشياء باردة، وبرَدتُ عيْني مُخَفَّفاً‏:‏ كَحَلْتها بالبَرُود‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه <أصْل كلّ داء البَرَدَة> هِي التُّخَمة وثِقل الطعام على المَعِدة، سميت بذلك لأنها تُبْرد المعدة فلا تَستمرِئ الطعام‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي الحديث <إنّي لا أخِيسُ بالعَهد ولا أحْبسُ البُرْد> أي لا أحبس الرسُل الوارِدين عليَّ‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ البُرْد - يعني ساكنا - جمع بريد وهو الرسُول، مُخَفَّف من بُرُد، كرُسْل مخفف من رُسُل، وإنما خفَّفه ها هنا ليُزاوج العَهد‏.‏ كلمة فارسية يُرادُ بها في الأصل البَغلُ، وأصلها بريده دم، أي محذوف الذَّنَب، لأن بغال البَرِيد كانت محذوفة الأذناب كالعَلاَمة لها، فأعْرِبت وخُفّفَت‏.‏ ثم سمي الرسول الذي يركبه بريدا، والمسافةُ التي بَيْن السّكَّتَين بريداً، والسكةُ موضع كان يَسْكنُه الفُيوج المرتَّبون من بيت أو قبَّة أوْ رِباط، وكان يُرتِّب في كل سكة بِغال‏.‏ وبُعْد ما بين السكتين فرسخان وقيل أربعة‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <لا تُقْصَر الصلاة في أقَلِّ من أربعة بُرُد> وهي ستة عشر فرسخا، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف ذراع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <إذا أبْرَدْتُم إليّ بريدا> أي أنفَذْتُم رسولا‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفيه ذكر <البُرْد والبَرْدة> في غير موضع من الحديث، فالبُرد نوع من الثياب معروف، والجمع أبراد وبُرُود، والبُرْدة الشَّمْلَةُ المخطَّطة‏.‏ وقيل كِساء أسود مُرَبَّع فيه صورٌ تَلْبسه الأعراب، وجمعها بُرَدٌ‏.‏

وفيه <أنه أمر البُرْديّ في الصدقة> هو بالضم نوع من جَيِّد التمر‏.‏

‏{‏برر‏}‏ * في أسماء اللّه تعالى <البَرُّ> هو العَطوف على عباده ببِرّه ولطفه‏.‏ والبَرّث والبارّ بمعنى، وإنما جاء في أسماء اللّه تعالى البَرُّ دُون البارّ‏.‏ والبِرُّ بالكسر‏:‏ الإحسان‏.‏

ومنه الحديث في <برّ الوالدَين> وهو في حقهما وحق الأقْربِينَ من الأهل ضدّ العُقُوق، وهو الإساءة إليهم والتَّضْييع لحقّهم‏.‏ يقال بَرَّ يَبَرُّ فهو بارٌّ، وجمعه بَرَرَة، وجمع البّرّ أبرار، وهو كثيرا ما يُخَص بالأولياء والزهاد والعبَّاد‏.‏ومنه الحديث <تمسَّحوا بالأرض فإنها بكم بَرّة> أي مُشْفقة عليكم كالوالدة البَرّة بأولادها، يعني أن منها خَلْقكم، وفيها مَعاشكُم، وإليها بَعْد الموت كِفَاتكم‏.‏

ومنه الحديث <الأئمة من قريش، أبْرارُها أمَراء أبْرارِها، وفُجَّارُها أمَراء فُجَّارِها>، هذا على جهة الإخبار عنهم لا عَلى طريق الحُكْم فيهم، أي إذا صَلُح الناس وبَرُّوا وَليَهُم الأخيار، وإذا فسدوا وفجروا وليهم الأشرار‏.‏ وهو كحديثه الآخر <كما تكونون يُوَلَّى عليكم>‏.‏

وفي حديث حكيم بن حزام <أرأيتَ أمورا كنتُ أتَبَرَّرُ بهَا> أي أطلب بها البِرَّ والإحسان إلى الناس والتقرّب إلى اللّه تعالى‏.‏

وفي حديث الاعتكاف <البِرُّ يُرِدْنَ> أي الطاعةَ والعبادة‏.‏

ومنه الحديث <ليس من البِر الصيامُ في السفر>‏.‏

وفي كتاب قريش والأنصار <وأن البِرَّ دُون الإثم> أي أن الوفاء بما جعل على نفسه دون الغَدْر والنكث‏.‏

وفيه <الماهر بالقرآن مع السَّفَرة الكِرام البَرَرة> أي الملائكة‏.‏

‏(‏ه س‏)‏ وفيه <الحج المَبْرور ليس له ثواب إلا الجنة> هو الذي لا يخالطه شيء من المآثِم‏.‏ وقيل هو المقبول المقَابَلُ بالبِرّ وهو الثواب‏.‏ يقال بَرَّ حَجُّه، وبُرَّ حَجُّه وبَرَّ اللّه حجَّه، وأبَرَّه بِرًّا بالكسر وإبْراراً‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه الحديث <بَرَّ اللّه قَسَمه وأبرَّه> أي صدَّقه‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث أبي بكر رضي اللّه عنه <لم يخرج من إلٍّ ولا بِرٍّ> أي صِدْق‏.‏

ومنه الحديث <أمِرْنا بسبع منها إبْرَارُ المُقْسِم>‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <أن رجلا أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: إنّ ناضِجَ آلِ فلان قد أبَرَّ عليهم> أي اسْتَصعَب وّغَلبهم، من قولهم أبرَّ فلانٌ على أصحابه أي عَلاهُم‏.‏

وفي حديث زمزم <أتاه آتٍ فقال احْفِر بَرَّة> سماها بَرَّة لكثرة منافعها وسَعَة مائها‏.‏

وفيه <أنه غَيَّر اسْم امرأة كانت تُسَمَّى بَرَّة فسماها زينب> وقال‏:‏ تُزكّي نفسَها‏.‏ كأنه كَرِه لها ذلك‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث سَلمانَ <من أصلح جَوَّانِيَّه أصلح اللّه بَرَّانِيَّه> أراد بالبرَّاني العَلانِيةَ، والألف والنون من زيادات النَّسَب كما قالوا في صَنْعاء صَنْعانِيّ‏.‏ وأصله من قولهم خرج بَرًّا أي خرج إلى البَرّ والصَّحراء‏.‏ وليس من قديم الكلام وفَصيحه‏.‏وفي حديث طَهْفة <ونَسْتَعْضد البَرِير> أي نَجْنيه للأكل‏.‏ والبَرِير ثَمَر الأراك إذا اسْودّ وبلغ‏.‏ وقيل هو اسم له في كلّ حال‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث الآخر <ما لنا طعام إلا البَرِير>‏.‏

‏{‏برز‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ في حديث أمّ معبد <وكانت بَرْزَة تَحْتَبِي بِفناء القُبَّة> يقال امرأة بَرْزَة إذا كانت كهْلة لا تَحْتَجب احْتِجاب الشَّوابّ، وهي مع ذلك عفيفة عاقلة تَجْلس للناس وتُحدّثهم، من البرُوز وهو الظُّهور والخُروج‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه الحديث <كان إذا أراد البَراز أبْعَد> البَراز بالفتح اسم للفَضاء الواسع، فكنَّوا به عن قَضاء الغائط كما كَنوا عنه بالخلاء، لأنهم كانوا يتبرَّزُون في الأمكنة الخالية من الناس‏.‏ قال الخطّابيّ‏:‏ المحدّثون يَروُونه بالكسر وهو خطأ، لأنه بالكسر مصدر من المبارزة في الحرب‏.‏ وقال الجوهري بخلافه، وهذا لفظه‏:‏ البِرازُ المبارَزة في الحرب، والبِراز أيضا كناية عن ثُفْل الغِذاء وهو الغائط، ثم قال‏:‏ والبَراز بالفتح الفَضاء الواسع، وتَبَرَّز الرجُل أي خرج إلى البَراز للحاجة‏.‏ وقد تكرر المكسور في الحديث‏.‏

ومن المفتوح حديث يعلى <أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رأى رجلا يغتسل بالبَراز> يُريد الموضع المنْكشِف بغير سُترة‏.‏

‏{‏برزخ‏}‏ * في حديث المبعث عن أبي سعيد <في بَرْزَخ ما بين الدنيا والآخرة> البرزخ‏:‏ ما بين كل شيئين من حاجز‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث علي <أنه صلى بقوم فأسْوَى بَرْزَخا> أي أسْقَط في قِراءته من ذلك الموضع إلى الموضع الذي كان انتهى إليه من القرآن‏.‏

ومنه حديث عبد اللّه <وسُئل عن الرجل يجد الوسْوَسة فقال: تلك بَرازخ الإيمان> يُريد ما بين أوّله وآخره‏.‏ فأوّله الإيمان باللّه ورسوله، وأدناه إماطة الأذَى عن الطريق‏.‏ وقيل أراد ما بين اليَقِين والشك‏.‏ والبَرازخ جَمْع بَرْزخ‏.‏

‏{‏برزق‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <لا تقوم الساعة حتى يكون الناس بَرازِيقَ> ويُروى بَرازِق، أي جماعات، واحده بِرْزاق وبَرْزق‏.‏ وقيل أصل الكلمة فارسية معرّبة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث زياد <ألم تكن منكم نُهاة تَمنع الناس عن كذا وكذا وهذه البَرازِيق>‏.‏

‏{‏برس‏}‏ * في حديث الشَّعْبِيّ <هو احَلُّ من ماء بُرْس> بُرس‏:‏ أجَمة معروفة بالعراق، وهي الآن قرية‏.‏

‏{‏برش‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الطِّرِمّاح <رأيت جَذيمة الأبرش قصيرا أُبَيْرِش> هو تصغير أبْرَش‏.‏ والبُرْشَة لَونٌ مختلط حُمرة وبياضا، أو غيرهما من الألوان‏.‏

‏{‏برشم‏}‏ * في حديث حذيفة <كان الناس يسألون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشَّرِّ فبَرْشَمُوا له> أي حدّقوا النَّظر إليه‏.‏ والبَرْشَمة إدامة النظر‏.‏

‏{‏برض‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <ماء قليل يَتَبَرَّضُه الناس تَبَرُّضاً> أي يأخذونه قليلا‏.‏ والبَرْضُ الشيء القليل‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث خزيمة وذكر السنة المُجْدِبة <أيْبَستْ بَارِضَ، الْوَدِيس> البارض‏:‏ أوّل ما يَبْدو من النبات قبل أن تعرَف أنواعه، فهو ما دام صغيرا بَارِضٌ، فإذا طال تبيَّنت أنواعه‏.‏ والوَدِيسُ‏:‏ ما غَطَّى وجه الأرض من النبات‏.‏

‏{‏بَرْطَش‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <كان عمر في الجاهلية مُبَرْطِشاً> وهو السَّعي بين البائع والمُشْتري، شِبه الدَّلاَّل، ويُروَى بالسين المهملة بمعناه‏.‏

‏{‏بَرْطَل‏}‏ * في قصيد كعب بن زهير‏:‏

مِن خَطْمِها ومن اللَّحْيَيْنِ بِرْطِيلُ*

البِرْطِيل‏:‏ حَجَر مُسْتَطيل عظيم، شبه به رأس الناقة‏.‏

‏{‏برطم‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث مجاهد <في قوله تعالى وأنتم سامِدون، قال: هي البَرْطَمَة> وهو الانْتِفاخ من الغضب‏.‏ ورجل مُبَرْطِم مُتكبِّر‏.‏ وقيل مُقَطّب مُتَغَضِّبٌ‏.‏ والسامد‏:‏ الرافع رأسَه تكبُّرًا‏.‏

‏{‏برق‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <أبْرِقُوا فإنَّ دم عَفْراء أزكى عند اللّه من دَم سَوْدَاوَيْن> أي ضَحُّوا بالبَرْقاء، وهي الشاة التي في خِلال صُوفها الأَبيض طاقات سُود‏.‏ وقيل معناه اطلبوا الدَّسم والسِّمنَ‏.‏ من برَقْتُ له إذا دسَّمتَ طعامه بالسَّمْن‏.‏

وفي حديث الدجال <إن صاحب رايته في عَجْب ذَنَبه مثلُ أَلْية البَرَق، وفيه هُلْبات كهلْبات الفَرس> البَرق بفتح الباء والراء‏:‏ الحَمَل، وهو تعريب برَه بالفارسية‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث قتادة <تسُوقهم النار سَوْق البَرَق الكَسِير> أي المكسور القوائم‏.‏ يعني تسُوقهم النار سَوْقا رَفيقاً كما يُساق الحَملُ الظَّالع‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث عمرو <أنه كتب إلى عُمر: إن البحر خلق عظيم يركبه خَلق ضَعيف، دُودٌ عَلَى عُود، بين غَرَق وبَرَق> البَرق بالتحريك‏:‏ الحَيْرة والدَّهَش‏.‏

‏[‏ه‏]‏ ومنه حديث ابن عباس <لكل داخل بَرْقةٌ> أي دهْشَة‏.‏

ومنه حديث الدعاء <إذا بَرِقَت الأبصار> يجوز كسر الراء وفتحها، فالكسر بمعنى الحيرة، والفتح من البَرِيق‏:‏ اللُّمُوع‏.‏

وفيه <كفى بِبَارقة السُّيوف على رأسه فتنةً> أي لمعانُها‏.‏ يقال‏:‏ برَق بسيفه وأبْرق إذا لَمع به‏.‏

‏(‏ه‏)‏ ومنه حديث عمار <الجنة تحت البَارِقة> أي تحت السيوف‏.‏

وفي حديث أبي إدريس <دخلت مسجد دِمَشق فإذا فَتى بَرّاق الثَّنايا> وصَف ثناياه بالحسن والصفاء، وأنها تَلْمع إذا تبسَّم كالبرق، وأراد صِفة وجْهه بالبشْر والطلاَّقة‏.‏

ومنه الحديث <تَبْرُق أسارير وَجْهه> أي تَلْمع وتستنير كالبَرْق‏.‏ وقد تكررت في الحديث‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث المعراج ذكر <البُراق> وهي الدَّابة التي ركبها صلى اللّه عليه وسلم ليلة الإسراء‏.‏ سُمِّي بذلك لِنُصُوع لَوْنه وشِدة بَرِيقه‏.‏ وقيل لسُرعة حركته شَبَّهَهُ فيهما بالبَرق‏.‏

وفي حديث وحْشِيّ <فاحْتَمله حتى إذا بَرِقَت قدَماه رمى به> أي ضعُفتا، وهو من قولهم برِق بصرُه أي ضَعُف‏.‏

وفيه ذكر <بُرْقة>، هو بضم الباء وسكون‏:‏ موضع بالمدينة به مالٌ كانت صدقات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم منها‏.‏

‏{‏برك‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم <وبارِكْ على محمد وعلى آل محمد> أي أثْبتِ وأدِمْ ما أعطَيْته من التشريف والكرامة، وهو من بَرَك البعيرُ إذا ناخ في موضع فَلزِمَه‏.‏ وتُطلق البَرَكة أيضا على الزيادة‏.‏ والأصلُ الأوّلُ‏.‏

وفي حديث أمّ سُليم <فحنّكه وبَرَّك عليه> أي دَعَا لَهُ بالبَرَكة‏.‏

وفي حديث علي <ألْقَت السّحاب بَرْكَ بوَانِيها> البَرْك‏:‏ الصَّدْر، والبَوَاني‏:‏ أركان البِنْيَة‏.‏

وفي حديث علْقمة <لا تَقْرَبَهُم فإنّ على أبوابهم فِتَناً كمبارك الإبل> هو الموضع الذي تَبْرُك فيه، أراد إنها تُعْدِي، كما أن الإبل الصحاح إذا أُنِيخَت في مبارك الجَرْبَى جَرِبَتْ‏.‏

وفي حديث الهجرة <لو أمَرْتَنا أن نَبْلُغ معك بها بَرْك الغِماد> تُفْتح الباء وتُكْسر، وتُضَمّ الغَين وتُكِسر، وهو اسم موضع باليمن‏.‏ وقيل هو موضع وراء مكة بِخِمْس ليال‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث الحسين بن علي ‏(‏في ا، واللسان‏:‏ وفي حديث علي بن الحسين‏)‏ <ابْترَك الناس في عثمان> أي شَتَمُوه وتَنَقَّصُوه‏.‏

‏{‏برم‏}‏ ‏(‏ه‏)‏ فيه <من اسْتَمع إلى حديث قوم وهُم له كارهون صُبّ في أُذُنَيه البَرَمُ> هو الكُحل المذاب‏.‏ ويروى البَيْرَم، وهُو هُو، بزيادة الياء، وقيل البَيْرم عَتَلَة النجَّار‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث وفد مَذْحِج <كِرَامٌ غيرُ أبْرَام> الأبْرَام اللئام، واحدهم بَرَم بفتح الراء، وهو في الأصل الذي لا يَدْخل مع القوم في المَيْسر، ولا يُخْرج فيه معهم شيئا‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث عمرو بن معدي كرب <قال لِعُمًر:أأبْرَامٌ بَنُو المُغِيرة؟ قال: ولم؟ قال: نزلْتُ فيهم فما قَرَوْني غيرَ قَوْس وثَوْر وكعب، فقال عمر: إن في ذلك لشِبَعاً> القَوْس ما يَبْقى في الجُلّة من التّمْر، والثَّورُ‏:‏ قطعة عظيمة من الأَقِط، والكعب‏:‏ قطعة من السَّمْن‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث خزيمة السلمي <أيْنَعَت العَنَمة وسقطت البرَمَة> هي زَهْر الطَّلْح، وجمعها بَرَم، يعني أنها سقَطَت من أغصانها للجَدْب‏.‏

وفي حديث الدعاء <السلام عليك غير مُوَدَّع بَرَماً> هو مصدر بَرِم به - بالكسر - يَبْرَم بَرَماً بالتحريك إذا سَئِمَه وملَّه‏.‏

وفي حديث بَريرة <رأى بُرْمَةً تفُور> البُرْمَة‏:‏ القِدر مطلقا، وخمعها بِرَام، وهي في الأصل المتّخَذة من الحجر المعروف في الحجاز واليمن، وقد تكررت في الحديث‏.‏

‏{‏برنس‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث عمر <سقط البُرنُس عن رأسي> هو كل ثوب رأسُه منه مُلْتَزق به، من دُرّاعة أو جَبّة أو مِمْطَرٍ أو غيره‏.‏ وقال الجوهري‏:‏ هو قَلَنْسُوَة طويلة كان النُّساَك يلبَسونها في صدر الإسلام، وهو من البِرْس - بكسر الباء - القُطْن، والنون زائدة‏.‏ وقيل إنه غير عربي‏.‏

‏{‏برهوت‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث عليّ <شَرُّ بئر في الأرض بَرَهَوتٌ> هي بفتح الباء والراء‏:‏ بئر عميقة بحضْرموت لا يُستطاع النزول إلى قعْرها‏.‏ ويقال بُرْهُوتٌ بضم الباء وسكون الراء، فتكون تاؤها عَلى الأوّل زائدة، وعلى الثاني أصلية، أخرجه الهروي عن علي، وأخرجه الطبراني في المعجم عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم‏.‏

‏{‏برهن‏}‏ * فيه <الصَّدَقة برْهان> البُرهان‏:‏ الحجة والدليل، أي أنها حجة لطالب الأجر من أجْل أنها فَرْض يجازي اللّه به وعليه، وقيل هي دليل على صِحة إيمان صاحبها لطيب نفسه بإخراجها، وذلك لِعَلاَقَة ما بين النفْس والمال‏.‏

‏{‏بره‏}‏ ‏(‏س‏)‏ في حديث ابن عباس <أهْدَى النبي صلى اللّه عليه وسلم جملا كان لأبي جهل في أنفه بُرَةٌ من فِضّةَ يغيظ بذلك المشركين> الْبُرَة‏:‏ حَلْقَة تُجْعل في لَحْم الأنف، ورُبما كانت من شَعَر‏.‏ وليس هذا موضعها، وإنما ذكرناها على ظاهر لفظها؛ لأن أصلها بَرْوَة، مثل فَرْوَة، وتُجْمَع على بُرًى، وبُرات، وبُرِينَ بضم الباء‏.‏

‏(‏س‏)‏ ومنه حديث سلمة بن سُحَيم <إنّ صاحباً لنا ركب ناقة ليست بِمُبْرَاة فسقط، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: غَرّر بنَفْسه> أي ليس في أنْفِها بُرَة‏.‏ يقال أبْرَيْتُ الناقة فهي مُبْرَاة‏.‏

‏{‏بَرَهْرَهة‏}‏ * في حديث المبعث <فأخرج منه عَلقَة سَوْداء، ثم أدخل فيه البَرَهْرَهَة> قيل هي سِكّينة بَيْضاء جديدة صافية، من قولهم امرأة بَرَهْرَهَة كأنها تَرْعُد رُطَوبة‏.‏ ويُرْوَى رَهْرَهَة، أي رحرحة واسِعة‏.‏ قال الخطابي‏:‏ قد أكثرت السؤال عنها فلم أجِدْ فيها قولا يُقطَع بصحَّته، ثم اختار أنها السِّكّين‏.‏

‏{‏برا‏}‏ ‏(‏س‏)‏ فيه <قال رجل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: يا خير البَرِيَّة> البرية‏:‏ الخَلْق، وقد تكرر ذكرها في الحديث‏.‏ تقول‏:‏ بَرَاه اللّه يَبْرُوه بَرْواً، أي خلقه، ويُجمع على البرايا والبَرِيَّات، من البَرَى التُّراب، هذا إذا لم يُهْمز، ومَن ذهب إلى أنّ أصله الهمز أخذه من برَأ اللّه الخلق يَبْرَؤهم، أي خَلقهم، ثم تُرك فيها الهمز تخفيفا ولم تُسْتعمل مَهْمُوزة‏.‏

‏(‏ه‏)‏ وفي حديث علي بن الحسين <اللهم صل على محمد عدد الثَّرى والبَرَى والْوَرَى> البَرى التُّراب‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفي حديث حليمة السعدية <أنها خَرَجَت في سنة حَمراء قَدْ بَرت المال> أي هَزَلَت الإبل وأخذَت من لحمهَا، من البَرْي‏:‏ القطع‏.‏ والمالُ في كلامهم أكثر ما يُطْلقونه على الإبِل‏.‏

وفي حديث أبي جحيفة <أبْرِي النَّبل وأرِيشُها>، أي أنحتُها وأُصْلحها وأعمل لها رِيشا لتَصير سِهَاماً يُرْم بها‏.‏

‏(‏س‏)‏ وفيه <نَهى عن طعام المُتبَارِيَيْن أنْ يُؤكل> هما المُتعَارِضَان بِفِعْلِهما ليُعْجِز أحدهما الآخر بصَنِيعه‏.‏ وإنما كَرِهه لما فيه من المباهاة والرِّياء‏.‏

ومنه شعر حسان‏:‏

يُبَارِينَ الأعِنَّة مُصْعِداتٍ ** على أكْتَافها الأَسَلُ الظِّمَاءُ

المُباراة‏:‏ المجاراةُ والمُسَابَقَة، أي يُعارِضُها في الجذب لقُوّة نفُوسها، أو قُوّة رؤوسها وعَلْكِ حدائدِها‏.‏ ويَجُوز أن يريد مشابَهتها لها في اللَّين وسرعة الانْقِياد‏.‏